التسميات

السبت، 28 يوليو 2018

محـاضـرات حول مدخل إلى الاقتصاد البترول - د. أمينة مخلفي ...


محـاضـرات حول

مدخل إلى الاقتصاد البترولي

إعداد: الباحثة الدكتورة أمينة مخلفي 

للعام الجامعي 2013 - 2014م


توطئة:

  يعتبر النفط من أهم الاكتشافات التي توصل إليها الإنسان منذ 1859، فهو المصدر الأول والأساسي للطاقة، ومحور كل الإنتاج الصناعي والزراعي في العالم المعاصر، وقد أصبح عنصرا حيويا من عناصر الحياة اليومية. ولم يعد النفط أهم مصدر من مصادر الطاقة فحسب، بل أصبح أيضا مصدرا لاستخراج ما لا يقل عن أحد 1 عشر ألف سلعة صناعية مختلفة في العالم . كما لم يعد مجرد سلعة تجارية عابر ة، بل أصبح أهم سلعة في التجارة الدولية، فهو يشكل نسبة 33.2 % من التجارة العالمية للطاقة سنة 2008. ولم تستحوذ أي مادة أخرى على القدر نفسه من الأهمية التجارية والاقتصادية التي استحوذ عليها النفط. رغم المحاولات العديدة للدول الصناعية في إحلاله بطاقات أخرى سواء كانت طاقات ناضبة كالغاز والفحم والطاقة النووية أو بالطاقات المتجددة كالطاقة الشمسية والطاقة الهوائية والطاقة المائية وغيرها من الطاقات الدائمة منذ الأزمة النفطية الأولى لسنة 1973. وبسبب تعدد استخداماته ومرونة منتجاته تحول النفط الى سلعة استراتيجية تتحكم في مصير العالم واقتصاده.

  ولا ينحصر تأثير النفط في النظام الاقتصادي العالمي والتجارة الدولية، بل يتسع حتى يشمل جميع مظاهر الحضارة المعاصرة التي يصعب تخيلها مجردة من النفط. فلأستاذ "دانيال يورغن"، وهو أحد أبرز من كتب عن النفط، يقول : " إن عصرنا هو عصر النفط، واuتمعات الحديثة هي مجتمعات نفطية، والإنسان المعاصر هو 3 أساسا إنسان هيدروكربوني نسبة الى المكونات الهيدروكربونية للنفط".

   لهذا كان الاقتصاد النفطي عامة والصناعة النفطية خاصة موضوع رعاية واهتمام خاص في الأوساط العلمية والجامعية ومختلف الأطراف الممارسة لهذه الصناعة ، وتحول إلى مادة علمية مستقلة ومتخصصة لدراسته وتدريسه في العديد من الجامعات والمؤسسات العلمية كالمعهد الفرنسي للنفط Institut Français du ) IFP Pétrole ) بباريس، المعهد الأمريكي للنفط American Petroleum Institut ) API ) والمعهد العربي للنفط في الكويت وغيرها من المعاهد.

   إن الأهمية البالغة للنفط في اقتصاديات العالم، جعلت سوق النفط غير حرة بالمعنى الاقتصادي التقليدي وغير محكومة بقوانين السوق فقط، فهي متأثرة في الوقت نفسه بجملة السياسات والاستراتيجيات المتضاربة بينمصالح الدول الصناعية الكبرى المستهلكة للنفط وبين الدول النامية المنتجة للنفط وكذا بين الهيئات والمنظمات التي تمثل كل طرف.

------------------
- حافظ برجاس ومحمد اuذوب، " الصراع الدولي على النفط العربي "، بيسان للنشر والتوزيع الإعلامي، الطبعة الأولى، 2000 .، ص 19، نقلا عن أمينة مخلفي ، " أثر تطور أنظمة إستغلال النفط على الصادرات – دراسة حالة الجزائر بالرجوع إلى بعض التجارب العالمية ،" ( أطروحة دكتوراه غير منشورة، تخصص العلوم الاقتصادية ـ جامعة قاصدي مرباح ورقلة)، الجزائر، سنة 2013، ص أ .
- International Energy Agency (IEA),Repo

   وتعد الشركات العالمية الكبرى عامة والشركات الأمريكية خاصة، الطرف الأول في نشأة سوق النفط بسبب ولادة الصناعة النفطية في الولايات المتحدة الأمريكية (عند أول اكتشاف تجاري في منطقة "بنسلفانيا" في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1859)، حيث ترعرعت وتطورت هذه الصناعة في أحضان النظام الرأسمالي منذ بداية القرن العشرين والى غاية فترة الخمسينات منه . وقد سيطرت في هذه الفترة مجموعة قليلة من الشركات الاحتكارية الكبرى ( لا يتعدى عددها الثمانية ؛ خمسة منها أميركية والب واقي أوروبية والتي لقبت بالكارتل 3 العالمي) على سوق النفط العالمي ، وان تباينت هذه الصفة من مرحلة من مراحل الصناعة النفطية أو من منطقة نفطية إلى أخرى أومن مرحلة زمنية إلى أخرى بتغير نوع نظام الاستغلال السائد في كل مرحلة ومنطقة من مناطق استغلاله .

rt 2011 Key World Energy Statistics, P1.
3- Daniel Yergin, « The Epic Quest For Oil, Money and Power : Simon and Schuter , New York, 1991,P14 .
عن نقلا حافظ برجاس ومحمد اuذوب، نفس المرجع، ص.20.


    على إثر الحرب العالمية الثانية، وايار الاقتصاد العالمي ، ظهرت أطراف جديدة اقتحمت سوق النفط وممارسة الصناعة النفطية، وهي شركات النفط المستقلة إلى جانب شركات النفط الوطنية للدول النامية والمنتجة للنفط. حيث عملت هذه الأخيرة على الخروج من هيمنة وسيطرة الشركات العالمية ومن نظام استغلال  الثروة النفطية القائم على استنزاف الثروات لصالح الدول الصناعية. 

   ويعد ظهور الشركات المستقلة والوطنية، احد العوامل الرئيسية المؤثرة في إضعاف وتقليص القلة الاحتكارية لسوق النفط و في تغيير مجرى استغلال النفط للدول النامية ، خلال الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، وبشكل خاص منذ فترة الخمسينات من القرن العشرين إلى يومنا هذا ؛ الى جانب دخول بعض المتغيرات السياسية والاقتصادية وقوى جديدة لسوق النفط ( كموجة التأميمات، ونشأة منظمة الأوبك OPEC الأوابك ومنظمة م1960 سنة في ( Organization of Petroleum Exporting Countries) ( م1968 سنة في ( Organization Arabic of Petroleum Exporting Countries ) OAPEC والتي عملت على فتح سوق النفط العالمية و يتحو ل مسار الاقتصاد العالمي بتحول موازين قوى العرض والطلب ، بحيث تغيرت وضعية سوق النفط من سوق مشترين إلى سوق بائعين .

------------- 
- Chems Eddine CHITOUR, «L’Empire Américain– Le Pétrole et Les Arabes», Editions ENAG, Alger, 2006,PP 59-60. Texte adapté.
- محمد أحمد الدوري، "مبادئ اقتصاد النفط ،" دار شموع الثقافة، الزاوية، ليبيا، 2003. بتصرف
- حسين عبد الله " ، مستقبل النفط العربي ،" مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الثانية، 2006.بتصرف

   وقد نتج عن هذه المتغيرات والأطراف الجديدة أزمة نفطية عالمية، تعد الأولى من نوعها في تاريخ سوق النفط، حيث تسببت هذه الأزمة في إنشاء طرف آخر في سوق النفط ممثلا في الوكالة العالمية للطاقة AIE .1974 سنة في ( Agence Internationale de l’énergie) حولت نتائج الأزمة النفطية الأولى لسنة 1973 نوع نظام استغلال نفط الدول النامية (بتقليص عدد الشركات العالمية في أراضيها، وبتغير في مضمون العقود النفطية...وغيرها ) بما يخدم ويتماشى مع سياستها الجديدة وحتى الذهاب الى حذف بعض الأنظمة التي لم يكن لم يعد لها مبرر وجود كعقود الامتيازات التقليدية .

   ثم توالت الصدمة النفطية العكسية لسنة 1986، حيث غيرت سوق النفط من جديد من سوق عارضين الى سوق مشترين، واعتبرت نتائج الأزمة وخيمة على الدول المنتجة للنفط عامة وعلى دول أعضاء منظمة الأوبك خاصة، دفع هذه الأخيرة إلى مراجعة سياستها النفطية ونظام استغلالها بما يخدم اقتصادها، مع اعتماد التزاوج في ممارسة نشاط الصناعة النفطية بالشراكة مع الشركات العالمية المالكة لجميع شروط وخصائص هذه الصناعة.

   وبحلول نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين ، وما عاشته الدول المنتجة والمستهلكة من تغيرات وتقلبات اقتصادية وسياسية مغايرة تماما لتلك التي عرفتها في فترة الثمانينات والتسعينات، (ايار النظام الرأسمالي جراء الأزمة المالية العالمية لسنة 2007، بروز الربيع العربي، التخوف من نقص إمدادات بعض الدول العربية كليبيا بسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، زيادة الطلب على النفط خاصة من لدن الدول الأسيوية ( كالصين ) بسبب النمو الاقتصادي، عودة الثقة في صفوف دول الأوبك بفضل سياسة الرئيس الفنزويلي "Chavez و " بروز الدول الناشئة ( كالصين، والهند، وفنزويلا، ودول المشرق العربي.... . )،الخ كل عملت هذه المتغيرات على "زيادة أسعار النفط إلى أعلى مستويات هخاصة في سنة 2008 حيث وصل متوسط 2 السعر الاسمي السنوي الى 94.45$ ولم ينزل سعر النفط عن سقف $90 الى غاية شهر جوان لسنة 2012" ، وجاء هذا الارتفاع ليخدم مصالح الدول المنتجة للنفط وخاصة مصالح دول أعضاء الأوبك .

    لعبت منظمة الأوبك منذ نشأا في سنة 1960، عن طريق شركات النفط الوطنية المملوكة للدول المنتجة للنفط، الدور المحوري في تلبية احتياجات العالم من الطاقة بسبب ما تملكه من احتياطات نفطية معتبرة "، حيث قدرت احتياطات الأوبك بـ 1.193.172 مليون/ب سنة 2010 أي بنسبة 81.3% من احتياطات العالم

-------------
- منحت للشركات النفطية العالمية، فترة خمسون سنة من بداية القرن العشرين، مزايا لامثيل لها في أي استثمار في بقاع العالم، حيث بلغت مدة الامتياز قرابة القرن، غطت مساحة اقليم الدولة جلها، ولم تتجاوز عائدات الدولة المضيفة 12.5% من الأرباح المتحققة للشركات العالمية ، ولم تساهم هذه الشركات في تحقيق التنمية الاقتصادية للدولة المضيفة من جميع الجوانب.  
- OPEC: Annual Statistical Bulletin (2010-2011) Edition, P 87 .

   والمقدرة بـ 1.467.012 مليون/ب، كما حققت الأوبك نسبة 41.8% من الإنتاج العالمي للنفط أي بقيمة 29.183 1 ألف ب/ي في سنة 2010 " .

   ومن خلال هذه المقدمة يتجلى لنا دراسة محاور مقياس " مدخل الاقتصاد البترولي " أو " مدخل الاقتصاد النفطي" في جزئيين رئيسيين ، الجزء الأول يتعلق بأسس اقتصاد النفط،أما الجزء الثاني فهو خاص بالأطراف الفاعلة في سوق النفط.




للقراءة والتحميل        اضغط هنا


هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم كيف اقدر ان احصل على هذا الكتاب ارجو الرد

    ردحذف

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا