الخـدمات في المناطق السكنية
بين المفهـوم النظـري والواقع الحالي والتصور المستقبلي
إعـداد
م. علاء الدين السعيد عطا الله مرجان
ماجستير في التخطيط العمراني
قسم التخطيط العمراني، كليـة الهندسة، جامعـة الأزهـر،
القاهـرة، جمهورية مصـر العربية.
alamorgan77@yahoo.com
بحث مقدم إلى مؤتمر الإسكان العربي الثالث - مدن سكانية متكاملة الخدمات : حلول إسكانية - عمان - المملكة الأردنية الهاشمية - يومي 17-18 كانون أول /ديسمبر 2014:
ملخـص البحـث
تعتبر الخدمات العامة أحد أهم مكونات المناطق السكنية في المـدن، وترتبط بها ارتباطاً مباشراً، باعتبارها المجال الذي توجه إليه الخدمة والذي أُنشئت من أجله. ويتزايد الاهتمام بالخدمات وأنشطتها بشكل كبير، وهو ما يُعد انعكاساً للنمو المتزايد في أنواعها ومستوياتها وأحجامها والعاملين فيها، سواء في الدول المتقدمة أو الدول النامية، وتحظى الخدمات باهتمام الباحثين في مختلف العلـوم وخصوصاً علوم التخطيط والتنمية والاقتصاد والاجتماع والإدارة، حيث أنها ذات تشعب كبير وتنوع واسع؛ فللخدمات جوانب اقتصادية، واجتماعية، وتخطيطية، وجغرافية، وصناعية (إنتاجية)، وسياسية.
وتأتي أهمية البحث من حيث تناوله لأحد الموضوعات الهامة؛ وهي الخدمات العامة في المناطق السكنية، والتي تُعـد من أهم عناصر استعمالات الأراضي، والتي تظهر بوضوح بحكم ما تُشكله من مساحات كبيرة مقارنة بباقي الاستعمالات الأخرى. كما أن توافر الخدمات يعتبر من المؤشرات الحضرية الهامة التي تعكس جودة الحياة لسكان المدن. وتستمد المناطق السكنية أهميتها وكفاءتها من مدى توافر الخدمات بها وملائمتها لاحتياجات السكان. ولتوافر الخدمات أهمية كبرى في أي تجمع عمراني، حيث يجب توافرها في جميع المستويات العمرانية. وينبغي دراستها بعناية نظراً لما تمثله من عبء على ميزانية الدول يقع على عاتق الحكومات وعبء ضريبي على كاهل المواطنين، حتى لا يحدث إهدار للموارد.
ويهدف البحث إلى دراسة المفهوم النظري للخدمات من خلال التعرف على مفهوم الخدمات والخدمات العامة، وأهمية الخدمات في حياة الإنسان، وخصائص الخدمات، وأقسامها، وجوانبها المختلفة، كما يهدف البحث إلى التعرف على العوامل التي يجب مراعاتها عند اختيار موقع الخدمة، وأهم المعوقات التي تحول دون توفير الخدمات بشكل جيد. بالإضافة إلى دراسة التصور المستقبلي للخدمات في المدن؛ من خلال التعرف على التأثير المتوقع لثورة المعلومات والاتصالات على الخدمات العامة في المدن، حيث يُتوقع حدوث تأثيرات لثورة المعلومات والاتصالات على المدن في المستقبل بشكل عام والخدمات بشكل خاص.
محاور البحث: يتم تناول البحث في إطار المحاور الثلاثة الرئيسية التالية:
حيث يتناول المحور الأول: دراسة للمفهوم النظري للخدمات.
بينما يتناول المحور الثاني: الخـدمات العـامة في التجمعات العمرانية.
أما المحور الثالث فيتناول: التصور المستقبلي للخدمات في المدن.
ويناقش المحور الأول دراسة المفهوم النظري للخـدمات
حيث يتناول التعرف على مفهوم الخدمات؛ من خلال توضيح التعاريف المختلفة للخدمات، ثم التعرف على مفهوم الخدمات في حياة الإنسان؛ حيث أن الخدمات تعتمد اعتماداً رئيسياً على المستهلك وهو الإنسان، ثم يتناول بعض التعريفات التي توضح مفهوم الخدمات العامة، ثم يتعرض للخدمات في المدن عبر التاريخ؛ حيث يتم فهم الدور الخدمي لقطاع الخدمات وعلاقته الوثيقة بالإنسان من خلال المدينة عبر تطورها التاريخي، ثم توضيح لأهمية الخدمات في حياة السكان، بعد ذلك يتم تناول أهمية دراسة الخدمات؛ حيث أن دراستها لها أهمية كبرى وذلك بسبب ارتباطها ارتباطاً مباشراً بالمناطق السكنية، وعرض لأهم خصائص الخدمات التي تميزها، وأقسام الخدمات؛ من خلال التعرف على التقسيمات المختلفة للخدمات، وأخيراً يتم تناول الجوانب المختلفة للخدمات.
1- 1 مفهـوم الخـدمات
يُعـد مفهوم الخدمات من المفاهيم التي حظيت باهتمام كبير في الآونة الأخيرة بسبب تزايد حاجة السكان لتلك الخدمات، وخاصة بعد تطور التقنيات والأساليب المستخدمة في توفير تلك الخدمات، ويتم الاهتمام بدراسة الخدمات لأنها تتعلق بحياة الفرد اليومية، وتمثل إحدى المعايير الأساسية لقياس تطور المجتمعات، فمن خلال نوعية وكمية وكفاءة الخدمات يمكن قياس التطور الحضاري والتطور التكنولوجي، فالتطور الحضاري يعني تطور أسلوب حياة الإنسان ومعرفته وثقافته، أما التطور التكنولوجي فيعني التطور الصناعي. وقد نتج عن الاهتمام المتزايد بالخدمات أن أخذت بعض التخصصات على عاتقها دراسة الخدمات من عدة جوانب ومنها نوع الخدمة وطريقة التوزيع والكفاءة والتطور بما يحقق الكفاءة العالية في توفير تلك الخدمات لجميع السكان دون تمييز. وقد كان الاهتمام بدراسة الخدمات مقتصراً على الجوانب التصميمية، أما في مجال تخطيط المدن فيتم تناولها من حيث توزيعها على الأرض لمعرفة المساحة التي تشغلها الخدمات مقارنة بباقي الاستعمالات الأخرى.
وقد اهتم الباحثون والمتخصصون بوضع عدة تعاريف لمفهوم الخدمات بشكل عام، وفيما يلي عرض لأبرز هذه التعريفات(1):
تعريف فيليب كوتر (Philip cotter): أي نشاط أو منفعة يستطيع طرف ما أن يقدمها للطرف الآخر، وتكون غير ملموسة، أي غير مادية ولا ينتج عنها تملك أي شيء، ولا يرتبط توفيرها بإنتاج مادي".
تعريف كرونروس (Cornrows): " الخدمات عبارة عن أنشطة تدرك بالحواس وقابلة للتبادل، وتقدمها شركات أو مؤسسات معينة تكون مختصة بتلك الخدمات باعتبارها مؤسسات خدمية".
كما عرفها لوفيلوك (Lovelock) على أنها عبارة عن: (منفعة مدركة بالحواس، قائمة بحد ذاتها، أو مرتبطة بشيء مادي ملموس، وتكون قابلة للتبادل ولا يترتب عليها ملكية، وهي في الغالب غير ملموسة)، وهناك العديد من الأمثلة التي توضح أن الخدمات غير ملموسة؛ فالجامعات مثلا تبيع خدمة التعليم وليس مقاعد الدراسة في الجامعات، وشركات الطيران تبيع خدمة النقل وليس مقاعد على الطائرة، وشركات التأمين تبيع خدمات الحماية والأمان وليس ورقة أو عقد يحتوي على عدد من التوقيعات، والمستشفيات تبيع خدمة الصحة وليس أسِرة في المستشفى والبنوك تبيع خدمة الأمان المالي وليس دفاتر شيكات وحسابات وشركات عرض وإنتاج الأفلام تبيع خدمة الترفيه وليس أشرطة الأفلام. وهذه الأمثلة السابقة تؤكد أن هذه الشركات تعمل في مجال الخدمات التي يمكن امتلاكها أو تخزينها أو نقلها(2). ويوضح الشكل (1-1) التالي أمثلة لبعض الخـدمات (جامعات –شركات طيران – مستشفيات – بنوك)
شكل (1-1) : أمثلة لبعض الخـدمات (جامعات –شركات طيران – مستشفيات – بنوك)
ومن أبرز التعريفات أيضاً ما وضعته الجمعية الأمريكية للتسويق، والتي عرفت الخدمة بأنها : "النشاطات أو المنافع التي تعرض للبيع أو التي تعرض لارتباطها بسلعة معينة"، إلا أن هذا التعريف يتسم بكونه ضعيفا فضلاً عن عدم تمييزه بصورة كافية بين السلعة والخدمة. فالخدمات عبارة عن نشاط أو مجموعة من الأنشطة التي تمارسها الدولة أو القطاع الخاص، لتوفير منافع معينة لإشباع حاجات السكان ورغباتهم دون تحقيق مكاسب مادية ملموسة لهم. والتي يكون الهدف منها هو تحقيق رضى العميل، وقد ترتبط عملية إنتاجها بمنتج مادي، وقد لا ترتبط حيث يوجد فيها اٍنتقال الملكية.
فالخدمات الغير مادية مثل : (مراجعة الطبيب – المحامي – المكتبة – حضور ندوة – مباراة - ....إلخ).
والعينية (الحصول على أشياء مقابل ثمن) مثل: (المياه – الكهرباء – الخدمات التجارية – الطعام - ....إلخ). وبشكل عام فإن الخدمات غير المادية تنتمي إلى البيئة غير الإنتاجية، في حين تنتمي الخدمات المادية إلى البيئة الإنتاجية.
كما يمكن تعـريف الخدمـات أيضاً بأنهـا: (الأنشطة أو المنافع التي تعرض للبيع أو تشكل جزء كبير من السعة المباعة). وطبقاً لهذا التعـريف فإن مفهـوم الخـدمات يشمل الجوانب التالية(3):
· المنفعة غير الملموسة والتي تعرض بصورة مستقلة عن أي سلع أو خـدمات أخري، مثل خدمات المحاماة، والتأمين.
· الأنشطة غير الملموسة والتي تتطلب استخدام سلع ملموسة، مثل: تأجير مسكن، وخدمات النقل.
· الأنشطة غير الملموسة والمرتبطة بمنتجات أو أنشطة أخرى غير ملموسة، مثل: الائتمان، الصيانة، تدريب رجال البيع.
كما يمكن تعريف الخدمات كما يلي(4): (الخدمات عبارة عن نشاط أو أداء غير ملموس يحدث من خلال عملية تفاعل تهدف إلى إرضاء العملاء وتلبية احتياجاته، وقد تكون هذه العملية مقترنة بمنتج مادي ملموس لكن إنتاجها يكون غير ملموس، وعند عملية الاستفادة منها ليس بالضرورة أن ينتج عنها نقل الملكية). فالعديد من النشاطات يمكن تسميتها خدمات، كالتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والصيانة والكهرباء والاتصالات والنقل ....إلخ. وبعض هذه الخدمات تمارسها مؤسسات هادفة للربح مثل المحلات التجارية، والمستشفيات الخاصة، والجامعات الخاصة، بينما أنواع أخري تمارسها مؤسسات غير هادفة للربح مثل المدارس والجامعات الحكومية، والجمعيات الخيرية، والمستشفيات العامة،.... وفي كل الأنواع فإن تقديم الخدمة ذات نوعية ممتازة واحترام العميل وإرضاؤه هو أساس النجاح.
1-2 مفهوم الخدمات في حياة الإنسان
من الواضح أن الخدمات تعتمد اعتماداً رئيسياً على المستهلك وهو الإنسان، فحاجات الإنسان ورغباته تُسهم في تطور مفهوم الخدمات. فيرى بعض الباحثين أن الخدمة عبارة عن إشباع لحاجات الأفراد ولا تدخل ضمن التداول في الأسواق ولا التعامل النقدي. في حين يرى آخرون أن كل ما يطلبه الإنسان من أجل التنعم بالحياة يُعد خدمة. أما البعض الآخر فيذهب إلى أنها كل ما ينتج سلعاً غير مادية، في حين وجد بعضهم أن مفهوم الخدمات يتمثل في أنها عبارة عن النشاطات العامة التي تحقق مصلحة أو منفعة أو خدمة عامة تهم سكان المجتمع المحلي. وهي عند باحثين آخرين مجموعة الفعاليات والأنشطة الاقتصادية التي تمتاز بالتباين الكبير، حيث يميل بعضها إلى استخدام رأس المال بصورة كثيفة، والبعض الآخر يميل إلى استعمال العمل بشكل كثيف، بينما هناك خدمات تميل إلى الموازنة بين استخدام هذين المجالين(5).
1-3 مفهـوم الخدمات العامة
تُعَرف الخدمات العامة وفقاً للقانون الإداري الفرنسي؛ بأنها تلك التي تُعد تقليدياً خدمة فنية تزود بصورة دائمة، بواسطة منظمة عامة استجابة لحاجة عامة ويتطلب توفيرها أن يحترم القائمين علي إدارتها مبدأ المساواة والاستمرارية والتكيف لتحقيق الصالح العام(6).
كما تم تعريف الخدمات العامة في اللائحة التنفيذية لقانون البناء الموحد الصادر في مصر برقم 119 لسنة 2008م كما يلي(7): (الخدمات العامة عبارة عن الخدمات اليومية أو الشهرية أو الموسمية التي يحتاجها المواطن والواردة بالمخططات الاستراتيجية العامة للمدن والقرى مثل الخدمات التعليمية الصحية الاجتماعية الدينية التجارية الثقافية، الإدارية الترفيهية وما إلى ذلك من قبيله).
1-4 الخدمات في المدن عبر التاريخ
لا يمكن أن يفهم الدور الخدمي لقطاع الخدمات وعلاقته الوثيقة بالإنسان إلا من خلال المدينة عبر تطورها التاريخي والإنساني، فالبابليون في نظرتهم للنظام الحضري آنذاك جعلوا مدنهم مراكز لتقديم العديد من الخدمات الأساسية للسكان، مثل خدمات الأمن والدفاع وذلك من خلال الأسوار التي كانت تحيط بمدنهم من جميع الجهات فضلاً عن خدمات السلطة والحكم (الجانب الإداري) والخدمات الدينية. إذ ضمت مدنهم المعابد والأديرة المخصصة لهذا الغرض، وتعدى الأمر إلى أبعد من ذلك لدى السومريين في جنوب العراق في بنائهم وتخطيطيهم لمدينة (أور) الأثرية التي امتازت بالتخطيط الحضري والإداري المتمثل في القصور والمعابد فضلاً عن تنظيم خدمات الطرق والبوابات الرئيسية للمدينة، إلى جانب ذلك اتسمت المدن السومرية ومعظم مدن بلاد الرافدين المتأخرة بالتقسيم الإداري والخدمي للمدينة، إذ تتكون بلاد الرافدين من ثلاث أقسام رئيسية: (حيث أن القسم الأول؛ يكون عبارة عن المدينة الخاصة، والذي يعني الجزء القديم من المدينة، ويكون في الغالب مسوراً يضم بداخله المعابد والقصور ومقرات الحُكم. أما القسم الثاني؛ فهو ما يعرف بالأطراف أو الضاحية والتي تعني الأجزاء الخارجية – عن المراكز والتي تضم دور الفلاحين وعامة الشعب والمزارع وحظائر الحيوانات. أما القسم الثالث من المدينة؛ فهو عبارة عن التوابع والفضاءات التي تضم المساحات الزراعية والمناطق المحيطة بالمدينة بشكل عام).
ويفهم من خلال تنظيم المدينة القديمة أن نوع الخدمة هو العامل الأساسي في فلسفة تخطيطها المكاني، فخدمات الدين والحكم تقع في قلب المدينة القديمة، أما خدمات السكن والزراعة والإنتاج فتوضع في الأطراف، كما في مدينة أورونيبور وبابل وأنور ونينوي، كما اهتم المصريون القدامى بخدمات الإدارة والسلطة بشكل ملفت للنظر حتى أسست في بداية حكم الأسرات في مصر عام (3200 ق.م) مدناً عرفت بالمدن العاصمية ذات النفوذ الإداري كممفيس Memphis، وميت رهينة بالجيزة، وأبيدوس، وغيرها.
في حين كانت تركيبة المدن الإغريقية أكثر تميزاً في عملية تنظيم الخدمات داخل المدينة، فقد لعبت الخدمات السياسية والدفاعية الدور الأكثر تحديداً لدى مدن الإغريق وتحديداً في العصر الهيليني (800 ق.م) وتلتمس جانباً من هذا التنظيم في مدينة جرونيا، فيما أسست مدينة أثينا للدين وخدمات التجارة، وقد امتازت فلسفة الحضارة العمرانية عند الإغريق عن سابقاتها من الحضارات القديمة في إنشاء العديد من المدن مع مراعاة تحديد الحجم لكل مدينة يتم إنشاؤها بالقدر الذي يتلاءم وما تقدمه من سلع وخدمات، يتضح لنا ذلك من خلال تتبع آراء فلاسفة الإغريق، أمثال أفلاطون وأرسطو في حجم المدينة وعلاقتها بالأرض والسكان فكان عدد سكان المدينة عند أفلاطون لا يزيد عن (5) آلاف نسمة، أما أرسطو فيضيف لهذا العدد نسب أكبر. وكان حجم ما تقدمه المدينة من خدمات يكون وفقاً لأعداد ساكنيها.
وقد استفاد الرومان بشكل كبير من أفكار الإغريق في تضمين مدنهم العديد من الخدمات الحضرية، فكانت روما نموذجاً رائداً في تنظيم استعمالات الأراضي الخدمية والتي لا تكاد تختلف عن كثيراً عن استعمالات الأرض في مدننا اليوم، فقد ضمت المحاكم والملاعب والطرق والشوارع المخططة والمعابد والقصور والقلاع فضلاً عن المسارح والنصب التذكارية والحمامات العامة، وشهدت المدن الرومانية اهتماماً أكبر في جانب الخدمات كما في مدينة ايوستا، وتورينو، ويوسي، وغيرها.
أما مدن العصور الوسطى في أوروبا فقد امتازت هي الأخرى بتخطيط الجانب الخدمي فوسائل النقل والطرق وأنظمة الشوارع، فضلاً عن احتواء المدينة في تلك الفترة على أغلب المرافق الخدمية العامة، من ساحات وحدائق ودور العرض والمتاحف فضلاً عن خدمات الكنيسة والمحاكم والمدارس ونظم الإدارة والعلاقات الإقليمية الواسعة، والتي تكاد لا تختلف عن حالها في الوقت الحاضر، إلا في مستوى الدقة وتنوع منطومة الخدمات وتعدد أصنافها واختلاف المستوى الحضاري والثقافي للإنسان مما تميزت به المدن المعاصرة. ومع تقدم خبرات الإنسان معتمداً على إنجازاته وخبراته ازداد حجم الخدمات وذلك مع زيادة مستوى التحضر بشكل كبير، حيث أصبحت علاقة الدولة بمستوى الخدمات علاقة وثيقة مرتبطة بشكل مباشر بمستوياتها الاقتصادية أو العلمية فالدولة اليوم هي القادرة على تقديم أكبر حجم من الخدمات لمواطنيها مع تنوعها في آن واحد. ويتضح من خلال ما سبق أن أهمية الخدمات تأتي بسبب كونها نشأت وتأسست مع نشأة العمران وارتبطت به ارتباطاً وثيقاً(8).
1-5 أهمية الخدمات في حياة السكان
إن أهمية الخدمات في حياة سكان المدن والتجمعات العمرانية تظهر من خلال قدرة هذه التجمعات على الاحتفاظ بسكانها، ومن خلال أهميتها في القيام بمختلف الأنشطة والتخفيف من صعوبة الحياة ورفع مستوى حياة السكان في هذه المدن والتجمعات العمرانية، ويمكن إيجاز أهمية الخدمات في حياة سكان المدن والتجمعات العمرانية بما يلي(9):
· إن الإنسان يحتاج إلى جميع الخدمات على اختلاف أنواعها (تعليمية، صحية، دينية، ثقافية، إدارية، تجارية، ترفيهية، ....) منذ ولادته وحتى بعد الممات.
· كثيراً ما تُسهم الخدمات في زيادة أوقات الفراغ لدى السكان، لأنها توفر لهم الوقت وتحررهم من أعمال كثيرة كانوا يقومون بها قبل وجود هذه الخدمات مثل: (المطاعم، المدارس، رياض الأطفال، الأسواق، البريد الإلكتروني ، ...). حيث تُساهم الخدمات في تحسين جودة الحياة للسكان، خاصة في المدن والمراكز العمرانية الحضرية الكبيرة، وبالتالي فهي من المؤشرات الأساسية على التقدم والرقي.
· إن توافر الخدمات يساعد السكان على زيادة تحركاتهم وسفرهم إلى خارج مدنهم للترويح والسياحة، وتساعد في ممارسة هواياتهم وإيجاد فرص أكثر للترفيه والثقافة. مما يجعل الفرد يشعر أن حياته أصبحت أسهل وأكثر إنتاجاً مما ينعكس إيجابياً على المجتمع.
· تدعم الخدمات الجانب النفسي والروحي والإبداعي للأفراد، فعن طريقها يستطيع الفرد الارتقاء بمستواه العلمي والحضاري نحو الأفضل، ومن خلال تنوع منظومة إنتاج وتقديم الخدمات يستفيد المستهلك من هذه المنظومة إيجابياً في تنمية قدراته وطاقاته الإبداعية والتكنولوجية، وما تشهده الدول المتقدمة في تنامي خبراتها وإنتاجها العلمي من العطاء والتقدم لم يتحقق ذلك بدون زيادة في رصيدها في جانب الخدمات.
· يساهم قطاع الخدمات في تنمية الجوانب الحضرية في حياة السكان فارتفاع الدور الحضاري وزيادة مستوياته عالمياً من خلال اتساع الأنشطة والوظائف والعلاقات الإقليمية المختلفة بين المدن والأقاليم وحتى الدول، يُعد دليلاً كافياً على ارتكازها على بنية خدمية قوية ساهمت في تدعيم النهضة العمرانية وترسيخ الحياة المدنية في عموم أنحاء العالم.
1-6 أهمية دراسة الخدمات
لدراسة الخدمات أهمية كبرى وتأتي أهميتها بسبب ارتباطها ارتباطاً مباشراً بالمناطق السكنية، باعتبارها المجال الذي توجه إليه الخدمة والذي أُنشئت من أجله، فلولا المساكن وما تحتويه من سكان ما كان هناك حاجه لإنشاء هذه الخدمات. ومن الملاحظ وجود اهتمام متزايد بالخدمات وأنشطتها مما يُعد انعكاساً طبيعياً للنمو المتزايد في أنواعها ومستوياتها وأحجامها والعاملين فيها، سواء في الدول المتقدمة أو الدول النامية، وقد ظهر ذلك بشكل واضح، حيث أصبحت الخدمات اليوم ظاهرة واضحة تحظى باهتمام الباحثين في مختلف العلوم وخصوصاً علوم التخطيط والتنمية والاقتصاد والاجتماع والإدارة. وإذا كانت آراء بعض الباحثين قد تفاوتت بشأن أوجه الاهتمام والدراسة والتحليل للخدمات، فإنهم جميعاً اتفقوا على أهمية أن تكون في متناول الجميع(10). ويُشكل قطاع الخدمات واحداً من أهم فعاليات المدينة الأساسية، فلولاه لما استطاعت المدينة أن تصبح البيئة الحضرية المناسبة لتجمع السكان بأعدادهم الهائلة والتي تصل إلى المدن المليونية وأكثر من ذلك. وبذلك فإن قطاع الخدمات يمثل أحد الجوانب الديناميكية في المدن التي يجب الاهتمام بها ودراستها(11). وتعتمد الخدمات اعتماداً رئيسياً على المستهلك وهو الإنسان، حيث أن حاجات الإنسان ورغباته تسهم في تطورها. وتأتي دراسة الخدمات في إطار تحسين مستوى المعيشة، وتحسين مؤشرات التنمية البشرية، ذلك بسبب ارتباطها بالتنمية والتخطيط التنموي.
وتحتل الخدمات موقعها المتميز على شبكة الطرق بالمدينة وترتبط بها ارتباطاً وثيقاً. وتتركز في نطاقات مختلفة حسب أنواعها ومستوياتها، فالخدمات التجارية تختلف في مواقعها عن الخدمات التعليمية أو الصحية أو الترفيهية أو الإدارية وهكذا. وتعتبر تلك المناطق وجهة لكثير من سكان المدينة إن لم يكن جميعهم سواء كان ذلك للحصول على الخدمات أو لقضاء المصالح أو للعمل. وبناءاً على الكم والنوع الذي تحتويه المدينة من الخدمات، تتحدد درجة مركزيتها بين التجمعات العمرانية بالإقليم. فالخدمات التي توجد بالعاصمة تختلف عنها في المدن الصغيرة كما تختلف أيضاً عنها القرى والمناطق الريفية وهكذا.
1-7 خصائص الخـدمات
تتميز الخدمات بعدد من الخصائص تميزها عن غيرها، وقد تناولها عدد من الباحثين في عدد من المجالات التي تتعلق بالخدمات بشيء من التفصيل، ويمكن إيجازها فيما يلي(12):
· أن الخدمات شيء غير ملموس، والمقصود بذلك عدم إمكانية المستهلك النهائي أو المشتري من تذوق الخدمة أو رؤيتها أو لمسها قبل شرائها.
· عدم انفصال الخدمة عن الشخص الذي يقدمها (صعوبة الفصل بين الخدمة ومن يقوم بتقديمها)، حيث يتم إيجاد الخدمة وتسويقها في نفس الوقت.
· عدم التجانس في تقديم الخدمات.
· فنائية الخدمة (تلاشي الخدمة بعد تقديمها)، بالإضافة إلى تذبذب الطلب عليها (موسمية).
· حيث أنه لا يتم ملكية في بيع الخدمات، فإن العلاقة بين البائع والمشتري تصبح لا حدود لها.
· السلع تُنتج ثم تُباع ثم تُستهلك، إلا أن الخدمات تُباع ثم تُنتج وتُستهلك في نفس الوقت.
1-8 أقسـام الخدمات
يمكن تقسيم الخدمات بعدة طرق، فتنقسم بشكل عام إلى ما يلي(13)، كما بالشكل (1-2):
· خدمات البنية الأساسية (التحتية): وهي من الخدمات التي تهتم الدولة بتوفيرها والإشراف عليها، وذلك لأن توفيرها أمر ضروري لا رفاهية فيه، وتتمثل في مجموعة شبكات هي: شبكات مياه الشرب، والصرف الصحي، والزراعي، والكهرباء، والطرق، والاتصالات، ....إلخ
· الخدمات السيادية: وتأتي سيادتها من إمكانية إشرافها على قطاعات الخدمات كافة، حيث تضم الخدمات الأمنية والإدارية، إضافة إلى الخدمات التعليمية، ويُعلل سيادتها بأنها مسؤولة عن بناء عقول الأفراد وتأهيلهم لتأدية ما عليهم من واجبات، فضلاً عن محاولة الدول في نشر التعليم على أنه حق مكفول للجميع.
· الخدمات الاقتصادية والرعاية الإنسانية: وتتمثل في الأسواق وتجارة التجزئة، والخدمات الصحية والاجتماعية، وتشمل جميع السلع الاستهلاكية والإنتاجية غير الملموسة ، والتي غالباً ما تستهلك في نفس الوقت التي تنتج فيه مثل خدمات التعليم والنقل وغيرها. وهي تشكل في مجملها العناية برفاهية الإنسان ورفع مستواه.
شكل (1-2) : أقسـام الخدمات
كما يمكن تقسيم الخدمات من حيث النوع إلى عدة أقسام كما يلي(14):
· الخدمات الدينية: تُعتبر الخدمات الدينية ممثلة في المساجد أهم الخدمات العامة في المدينة الإسلامية، وذلك لكونها مركز الإشعاع الديني والثقافي والاجتماعي، يؤمها المسلمون خمس مرات يومياً لأداء الصلاة، حيث يعتبر المسجد من أهم ما يميز المدينة الإسلامية، ووجود الخدمات الدينية يعنى توفير الآثار الروحية والنفسية والاجتماعية والحضارية. وتشمل الخدمات الدينية المساجد على اختلاف مستوياتها: (مسجد محلي، مسجد جامع، مصلى عيد). ويوضح الشكـل (1-3) تصنيف الخدمات الدينية (المساجد) حسب مستوياتها.
شكل (1-3) : تصنيف المساجد حسب مستوياتها
· الخدمات التعليمية: تعتبر الخدمات التعليمية من أكثر الخدمات أهمية، ويعتبر التعليم أحد المؤشرات الهامة المستخدمة لقياس مدى التقدم الثقافي والاجتماعي والحضاري للمجتمع، إذ يؤثر في عملية التنمية بمختلف مجالاتها. وفي معدلات النمو السكاني، كما أن التعليم يُُعد من أهم المرتكزات الأساسية في اكتشاف الطاقات الفكرية والذهنية للطلاب. وتشمل الخدمات التعليمية العديد من الخدمات مثل: (دور الحضانة – رياض الأطفال – المدرسة الابتدائية – الإعدادية (المتوسطة) – الثانوية – الجامعات والمعاهد العليا). ويوضح الشكل (1-4) تصنيف الخدمات التعليمية حسب مستوياتها.
شكل (1-4) : تصنيف الخدمات التعليمية حسب مستوياتها
· الخدمات الصحية: تهدف الخدمات الصحية إلى المحافظة على صحة الإنسان وسلامته والسيطرة على الأوبئة والأمراض، حيث يعكس تطور الخدمات الصحية في أي دولة مستوى تطورها ومدى سيطرتها على الأوبئة الفتاكة وسيادة مفهوم الصحة العامة بين أبنائها، مما ينعكس إيجابياً على تقدمها اقتصادياً وحضارياً. لذا فقد اهتم العديد من الباحثين بالخدمات الصحية ودراستها. وتشمل الخدمات الصحية عدد من الخدمات أهمها: (المستشفيات العامة والتخصصية – مراكز الرعاية الصحية – مراكز طب الأسنان – مراكز الإسعاف والهلال الأحمر).
· الخدمات الاجتماعية: تهدف الخدمة الاجتماعية إلى تنمية المجتمعات بتفادي الأضرار المهددة لها أفراداً وجماعات. وقد عرفها بعض الباحثين بأنها "نوع من الخدمة تهدف من ناحية إلى مساعدة الإنسان أو الأسرة التي تعاني مشكلات لتتمكن من الوصول المرحلة العادية المناسبة"، وهي عبارة عن طريقة علمية لخدمة الإنسان، ونظام اجتماعي يساعد على حل مشكلاته وتنمية قدراته. وتشمل الخدمات الاجتماعية العديد من الخدمات مثل: (جمعيات رعاية الأمومة والطفولة، جمعيات رعاية وتنظيم الأسرة، جمعيات المساعدات الاجتماعية، جمعيات رعاية الفئات الخاصة، وغيرها).
· الخدمات الثقافية: إن مفهوم الثقافة يشتمل على المعرفة والعقائد والفنون والأخلاق والتقاليد والتي يكتسبها الإنسان من حيث كونه عضواً في المجتمع. ويزداد الطلب على الخدمات الثقافية بزيادة نمو السكان وزيادة نسبة الشباب وزيادة أوقات الفراغ، ولم تعد الثقافة مقصورة على الأشكال الأدبية التقليدية فحسب، بل توسعت بحيث أصبحت عنصراً مهماً من عناصر التنمية الاقتصادية والاجتماعية خاصة مع الثورة المعلوماتية الهائلة التي تسود العالم. وتشمل الخدمات الثقافية العديد من الخدمات أهمها: (المكتبات العامة، والمراكز الثقافية، والمسارح، ودور السينما، وقصور الثقافة).
· الخدمات الترفيهية (الحدائق والملاعب): لقد حظيت الدراسات المتعلقة بالترفية باهتمام كبير على المستويات العالمية والمحلية وقد أولت الهيئات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية لهذا الجانب عناية خاصة، لما تمثله من أهمية كبيرة للسكان. والترفيه هو التسلية وتجديد النشاط والمتعة واستعادة حيوية الفكر والذهن. تهتم الخدمات الترفيهية بمجموعة الأنشطة والفعاليات التي تعمل علي إشباع رغبات الإنسان وراحته النفسية والذهنية بما يتناسب مع عمره وثقافته. وتشمل الخدمات الترفيهية عدد من الخدمات مثل: (النوادي والمراكز الرياضية، والمراكز الترفيهية، بالإضافة إلي الحدائق العامة على اختلاف مستوياتها، والمنتزهات).
· الخدمات التجارية: اصطلح إطلاق لفظ (خدمات) على التجارة باعتبارها تُشبع واحدة من أهم حاجات السكان وهي الغذاء بالإضافة إلى عدد آخر من السلع كالملابس والأثاث ...إلخ. ورغم أن للتجارة جانبها الآخر باعتبارها نشاطاً أو استثماراً اقتصادياً يتبعه عائد وربح، وهذا يجعلها تتخير مواقعها في مناطق أكثر شهرة وأسهل منالاً وأقوى ظهوراً، وبالتالي تتقارب الخدمات التجارية المتكاملة وقد تتجمع كلها في محل واحد متعدد السلع. ويلاحظ أن المناطق التجارية تتمثل في مركز المدينة، الذي يأخذ موقعاً متميزاً في مكان مرموق وغالباً ما يكون هذا الموقع أكثر مناطق المدينة قدماً.
· الخدمات الإدارية والأمنية: تُعد الخدمات الإدارية من أبرز الخدمات المجتمعية الموجودة بالمدن، وتأتي أهميتها من خلال الدور الوظيفي والخدمي الذي تلعبه في تقديم خدماتها المختلفة للسكان على اختلاف مستوياتهم العمرية والحضارية. ويعزو البعض الدور الأساسي لهذا النوع من الخدمات في تشكيل وقيام الكثير من المدن في العالم. لأن العامل الإداري المركزي من أهم عوامل نشأة التجمعات العمرانية وتطورها قديماً وحديثاً، وعادة ما تضم هذه الخدمات الوحدات الإدارية للحكم والإدارة ومؤسسات الحكم ألمحلي، فيما يلحق بها العديد من الخدمات ذات البعد الإداري كخدمات الأمن والعدالة ودور القضاء (المحاكم) وأقسام الشرطة والدفاع المدني وبعض الخدمات الأخرى. ويوضح الشكل (1-5) التالي أنواع الخدمات.
شكل (1-5) : أنواع الخـدمات
وتنقسم الخدمات حسب درجة إلحاح السكان عليها، كما هو موضح بالشكل (1-6)، إلى ما يلي(15):
· خدمات يومية: يحتاجها السكان ويترددون عليها بصورة يومية، سواء أكانت مسجداً للصلوات الخمس أو دار للحضانة أو مدرسة ابتدائية أو محلات للبقالة الصغيرة وغيرها.
· خدمات أسبوعية أو شهرية: يتردد عليها السكان بصفة أسبوعية، كالجمعيات التعاونية ومحلات بيع الأغذية أو الأدوات المنزلية أو مسجد الجمعة أو الوحدات الصحية وغيرها.
· خدمات موسمية: وهي مجموعة الخدمات التي يحتاج إليها السكان مرة كل موسم أو كل عام أو حسب الحاجة، كالمحلات المتخصصة (معارض السيارات، محلات الأثاث، الذهب ، ...) أو المتاحف والمعارض والإدارات الحكومية والمكاتب الإدارية العامة أو الخاصة على حد سواء.
شكل (1-6) : تقسيم الخـدمات حسب درجة الإلحاح
1-9 الخدمات وجوانبها المختلفة
من خلال دراسة الخدمات يتضح أنها ذات تشعب كبير وتنوع واسع، والدراسات التي تقوم على جميع النواحي التي تتصل بعلاقة الخدمة بالسكان، فللخدمات جوانب اقتصادية، واجتماعية وتخطيطية وجغرافية وصناعية (إنتاجية) وسياسية، كما هو موضح بالشكل (1-7) التالي. هذه النواحي المتعددة تجعل الدارسين يختلفون في تناولهم لدراسة مبدأ الخدمة. فالبحث الاقتصادي للخدمة يأتي من المزايا الإنتاجية ومعادلة العرض والطلب على السلع والخدمات ومردوداتها الاقتصادية، بينما ينطلق البحث الاجتماعي لقطاع الخدمات من مسألة تماس السكان وعلاقاتهم بهذا القطاع من خلال وسائل إنتاجها وطرق عرضها ومدى استهلاكها وإشباعها لرغباتهم وعلاقة الذوق ونوعية الإنتاج وتطور وسائل العرض بالمستهلك ونواح اجتماعية وحضرية وفكرية أحياناً، في حين يتعرض الجانب التخطيطي لإمكانية خلق مراكز جديدة تؤدي دورها بنجاح قائمة على أسس خطة عمرانية متكاملة للمدينة ومنشآتها الخدمية(16).
شكل (1- 7) : الجوانب المختلفة للخـدمات
المحور الثاني: الخـدمات العـامة في التجمعات العمرانية
حيث يتناول هذا المحور نبذة عن الخدمات العامة بالمناطق السكنية، مع توضيح التدرج الهرمي للخدمات على مستويات التجمعات العمرانية، ثم يتناول التدرج الهرمي التفصيلي للتجمعات السكنية، مع إسقاط كل خدمة في مستواها الذي توجد فيه، ثم يتعرض لأهم العوامل التي يجب مراعاتها عند اختيار موقع الخدمة، بعد ذلك يتم تناول الخدمات وتوزيعها في المدن، ثم ذكر لأهم المعوقات التي تحول دون توفير الخدمات، ثم يتناول معايير تقديم الخدمات العامة، ثم الاتجاهات الحديثة في دراسة الخدمات، وأخيراً يتم التعرض لأهمية توفير الخدمات العامة لجميع السكان.
2-1 الخدمات العامة بالمناطق السكنية
كما ذكر سابقاً عن التعرض لأقسام الخدمات (1-8)، أن الخدمات العامة تنقسم حسب النوع إلى عدد من الأقسام: (دينية – تعليمية – صحية – اجتماعية – ثقافية – ترفيهية – تجارية – إدارية وأمنية). وتتواجد كل من هذه الخدمات حسب مستواها في كل تجمع عمراني، حيث يتم توزيعها طبقاً لمستوياتها؛ فبعضها يتواجد على مستوى إقليم المدينة، والبعض الآخر على مستوى المدينة ككل، وبعضها على مستوى القطاع السكني، وبعضها على مستوى الحي السكني، وبعضها على مستوى المجاورات السكنية، وبعضها على مستوى المجموعة السكنية. ويوضح الشكل (2-1) التالي التدرج الهرمي للخدمات علي مستويات التجمعات العمرانية.
شكل (2-1) التدرج الهرمي للخدمات علي مستويات التجمعات العمرانية
يتضح من خلال الشكل السابق (2-1) أن الخدمات تتدرج بدءاً من المجموعة السكنية ومروراً بالمجاورة السكنية، فالحي السكني، فالقطاع السكني (مجموعة الأحياء السكنية)، فالمدينة وأخيراً نطاق المدينة (الإقليم).
كما يوضح الشكل (2-2) التالي تدرج الخدمات التعليمية والصحيـة بالتجمعات العمرانية بمستوياتها.
شكل (2-2) تدرج الخدمات التعليمية والصحيـة بالتجمعات العمرانية بمستوياتها
يتضح من خلال الشكل السابق (2-2) أن الخدمات التعليمية التي تتواجد على مستوى المجاورة السكنية تشمل : (دار الحضانة، المدرسة الابتدائية)، وعلى مستوى الحي السكني تشمل : (المدرسة الإعدادية أو مدرسة تعليم أساسي)، وعلى مستوى القطاع السكني (مجموعة الأحياء) تضم (مدارس عامة أو مدارس ثانوية على اختلاف مسمياتها)، وأخيراً فإن الخدمات التعليمية التي تتواجد على مستوى المدينة تشمل: (المعاهد العليا والجامعات). أما بخصوص الخدمات الصحية التي تتواجد على مستوى المجاورة السكنية فتشمل : (الوحدة الصحية)، وعلى مستوى الحي السكني تشمل: (مراكز الأمومة والطفولة)، وعلى مستوى القطاع السكني تضم (مركز صحي)، وأخيراً فإن الخدمات الصحية التي تتواجد على مستوى المدينة تشمل: (المستشفى العام والمستشفى التخصصي والمستشفى المركزي).
ويوضح الشكل (2-3) توزيع الخدمات التعليمية بالتجمعات العمرانية.
شكل (2-3) توزيع الخدمات التعليمية بالتجمعات العمرانية(17).
يوضح الشكل السابق (2-3) تصنيف التجمعات العمرانية بدءاً من عاصمة الإقليم (التي يزيد عدد سكانها عن 500 ألف نسمة)، ومروراً بالمدن الرئيسية (التي تشتمل على 200-500ألف نسمة) ، ثم المدن الفرعية (التي تشتمل على (25-200 ألف نسمة)، ثم القرى الكبيرة (التي تضم 10آلاف نسمة فأكثر)، والقرى المتوسطة (التي تضم 5 -10 آلاف نسمة) ، وأخيراً القرى الصغيرة (التي يقل عدد سكانها عن 5 آلاف نسمة). وتتوزع الخدمات التعليمية على هذه التجمعات كما يلي:
· القرى المتوسطة: تشتمل على مدرسة تعليم أساسي.
· القرى الكبيرة: تشتمل على مدرسة ثانوي عام ومدرسة تعليم أساسي.
· المدن الفرعية : تشتمل على مارس ثانوي فني، بالإضافة إلى ما سبق,
· المدن الرئيسية وعاصمة الإقليم: تشتمل على المعاهد والكليات والجامعات، بالإضافة إلى ما سبق.
2-2 التدرج الهرمي للتجمعات السكنية
تتدرج التجمعات السكنية تدرجاً هرمياً؛ بدءً من وحدة الأسرة؛ التي هي أساس أي مجتمع، وانتهاءً بإقليم المدينة، وهذه التجمعات السكنية تتضمن ما يلي(18):
· الأسـرة : تتكون من خمسة (5) أفراد في المتوسط. وهي الخلية الأولى في المجتمع، ويجب أن يتوفر لها مسكن خاص يتوفر فيه التهوية والإضاءة وضوء الشمس والراحة والهدوء.
· المجموعة الأسرية : 20 – 50 أسرة (100-250 نسمة)؛ أساسها مساحة مفتوحة للعب الأطفال من سن 5 – 7 سنوات.
· المجموعة السكنية : 4 – 6 تجمعات أسرية (250-500 نسمة)؛ أساسها حديقة للعب الأطفال في سن 7 – 10 سنوات – سوق تجاري صغير.
· المجاورة الصغرى : 2 – 3 مجموعات سكنية (800-1200 نسمة)؛ أساسها مدرسة حضانة – مصلى – سوق تجاري – نادي صغير - عيادة.
· الوحدة المجاورة : 3 – 4 مجاورات صغرى (3000-4000 نسمة)؛ أساسها المدرسة الإبتدائية وتمثل وحدة سكنية مستقلة يتوفر بها مسجد صغير - سوق تجاري.
· المجاورة الكبرى : 2 – 4 مجاورات صغرى (10000-15000 نسمة)؛ أساسها مدرستين إعداديتين – مركز خدمات رئيسي - سوق تجاري – مركز رياضي – مكتب بريد وتليفون.
· المنطقة السكنية : 2 – 4 مجاورات كبرى (30000-60000 نسمة)؛ أساسها مدرسة ثانوية أو أكثر – خدمات مركزية رئيسية – مستشفى عام – مراكز للتجارة والصناعة، يمكن أن تكون جزء من مدينة أو مدينة مركزية.
· الحي أو المدينة المتوسطة : عدد 2 منطقة (60000-100000 نسمة)؛ أساسها خدمات تعليمية ثانوية وفنية وتجارية.
· المدينة الكبرى : أكثر من حي – عدد السكان غير محدد يبدأ من 150000 نسمة.
تختلف الخدمات تبعاً لحجم المدينة:(معاهد عليا أو معاهد – فروع للجامعات – جامعة مستقلة).
· الإقليم : 2000000 – 3000000 نسمة؛ أساسها جامعة – فروع لجامعة إقليمية – خدمات إقليمية سياسية واجتماعية واقتصادية. والأقاليم أنواع : (زراعي لمساحة زراعية متجانسة - صناعي يضم مجموعة من المدن الصناعية - عمراني مدينة كبرى والمناطق المحيطة بها).
ويوضح الشكل (2-4) التالي التدرج الهرمي للتجمعات السكنية.
شكل (2-4) التدرج الهرمي للتجمعات السكنية
2-3 عوامل اختيار موقـع الخـدمة
هناك عوامل ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار عن اختيار موقع الخدمة، كما هو موضح بالشكل (2-5) التالي، وهذه العوامل يمكن إيجازها فيما يلي:
· طبيعة الموقع: حيث تؤثر طبيعة الموقع تأثيراً مباشراً عند اختيار موقع الخدمة.
· محددات بيئية: يجب مراعاة البعد البيئي عند اختيار موقع الخدمة.
· محدددات اقتصادية: يعتبر العامل الاقتصادي عاملاً فاعلاً يجب مراعاته عند اختيار موقع الخدمة.
· محددات مرتبطة بنوعية وطبيعة الخدمة: فلكل خدمة خصائصها التي تميزها عن غيرها، فينبغي العمل على مراعاة طبيعة كل خدمة ومتطلباتها عند اختيار الموقع.
شكل (2-5) : عوامل اختيار موقع الخدمة
ويوضح الشكل (2-6) التالي الاستعمالات المرغوب فيها والغير مرغوب فيها بجوار الخدمات الصحية.
شكل (2-6) الاستعمالات المرغوب فيها
والغير مرغوب فيها بجوار الخدمات الصحية(19).
2-4 الخدمات وتوزيعها في المـدن
يعتبر الاهتمام بسهولة الوصول من الأمور الهامة للانتفاع بالخدمة على الوجه الأكمل، ويعرف سهولة الوصول بأنه: الفرص النسبية من الاتصال والتفاعل المكاني والزماني. وقد أشار بعض الباحثين إلى أهمية الموقع النسبي بوصفه من المفاهيم المكانية.
ويجب التركيز على مواقع الخدمات وأماكن إقامة السكان، وبالتالي معرفة المسافات اللازمة للوصول إلى تلك المواقع. وتُعد تأثيرات المسافة بمثابة مكاسب أو فوائد للموقع وتتلخص في استخدام خدمة جيدة منخفضة التكاليف. ومن الملاحظ أن تكلفة السفر تزيد بزيادة المسافة واستخدام الخدمات ينخفض بزيادة التكلفة، وقد أوضح أحد الباحثين الجوانب المثلى لتوزيع مراكز الخدمات بالشكل الذي يحقق تطلعات الدول ورغبات السكان ومن هذه الجوانب(20):
· التوسط في توزيع الخدمة: أي أن تكون المسافة بين موقع كل خدمة وأخرى مدروسة ومقننة، بحيث تكون الخدمة مناسبة لجميع السكان وتقترب من أماكن توزيعهم وكثافتهم العالية، بحيث يستطيع جميع السكان الحصول على تلك الخدمات بأقصر المسافات واقل التكاليف.
شكل (2-7) : التوسط في توزيع الخدمة
· إمكانية الوصول إلى الخدمات: بحيث يكون موقع الخدمة في مكان يسهل الوصول إليه بسهولة الوقت والتكلفة، حتى لا تشكل إمكانية الوصول عائقاً أمام السكان لاستخدام تلك الخدمات.
· ملائمة موقع الخدمة: وتعني مدى ملاءمة موقع الخدمة لكي تؤدي وظيفتها علي الوجه الأكمل. بمعني أن يكون الموقع مناسباً لجميع السكان.
· اللامركزية في توزيع الخدمة: وهي التي تحقق مفهوم عدالة توزيع مراكز الخدمات، بحيث لا تركز علي مواقع معينة وتهمل المواقع الأخرى. وذلك حتي لا تكون الخدمة مقتصة علي نسبة من السكان دون غيرهم.
2-5 معوقات توفير الخدمات
هناك عدد من العوامل التي يمكن أن تحول دون وصول الخدمات إلى المستهلك، مما يجعل عملية تقديمها غير اقتصادية وغير مجدية في الوقت نفسه، ويمكن تلخيص هذه العوامل بما يلي(21):
· العوامل الاقتصادية: تلعب العوامل الاقتصادية دوراً فاعلاً في الخدمة، حيث يقف سعر الخدمة المقدمة للسكان في مقدمة هذه العوامل، حيث يحدد سعر الخدمة مقدار الطلب عليها واستهلاكها بدرجة كبيرة، فكلما زاد سعر الخدمة المقدمة زاد عزوف المستهلكين عن اقتنائها، وتحديداً البضائع والسلع الثمينة والخدمات عالية المستوى. كما أن التكلفة الاقتصادية للحصول على الخدمة تُشكل جانباً آخر من الجوانب المؤثرة على تحرك السكان نحو الخدمة، فكلما زادت المسافة الفاصلة بين المركز الخدمي وبين الكثافات السكانية زادت التكلفة الاقتصادية على حجم الخدمات.
· العوامل الاجتماعية: تتكون العوامل الاجتماعية من عدة منظومات مكونة وعادات وتقاليد معينة تعمل على عزوف السكان عن استخدام أنواع مختلفة من الخدمات وتداولها، وتقف العوامل الدينية في مقدمة هذه المؤثرات حيث ينعكس على سلوكيات الأفراد؛ (كالرياضة النسائية – دور السينما – الرقص – العروض الغنائية – الأزياء – ......). بالإضافة إلى بعض العادات والأعراف الاجتماعية مثل التردد على بعض المراكز الخدمية، شراء بعض الأشياء، ضرورة اقتناء الخدمة، ضرورة أم كمالية.
· العوامل التكنولوجية: في ظل التطور الكبير في ثورة الاتصالات والمعلومات وتعدد وسائل الاتصالات والذي أثر بشكل كبير على حركة الخدمات والسلع دولياً ومحلياً، حيث ظهرت العديد من الوسائل التكنولوجية الحديثة كالأسواق الإلكترونية عبر الإنترنت، مفهوم التجارة الإلكترونية، وتصل نسبة من يستخدمون الانترنت بشكل مستمر من سكان العالم إلى أكثر من 22%. مما أدى إلى وجود العديد من الخدمات المعروضة والمتداولة إلى الكثير من السكان في مختلف أنحاء العالم.
· عوامل تخطيطية تخص كفاءة الخدمة: هناك العديد من العوامل غير المباشرة والتي تعمل كمقوم هام من مقومات إشباع الخدمات منها عوامل تخص الجوانب التخطيطية للخدمة الموجهة للسكان، حيث يلعب الموقع الجغرافي للخدمة ومميزاته دوراً في غاية الأهمية بالنسبة للكفاءة وتقديم الخدمات وإيصالها للمستهلك بسهولة ويرتبط هذا العامل بمعامل النقل الحضري، فكلما كان مركز الخدمات مرتبطاًً بشبكة من الطرق والنقل الجيدة، كلما زادت وظائفه وأنشطته الحضرية فضلاً عن المركزية التي يجب أن تتوفر في تخطيط المركز الخدمي، ولا تعني المركزية وقوع المركز في مركز المدينة فحسب، وإنما تعني قدرته على تقديم خدماته إلى المستهلكين بأقل تكاليف ومجهود.
· مشاكل البنية التحتية: تزداد سرعة فرص الحصول على الخدمات بتزايد تنمية معدلات البنية التحتية والأراضي بشكل عام، حيث تساهم خدمات البنية التحتية مساهمة فاعلة في عملية إنجاح وسائل تقديم الخدمات؛ فمشاريع الطرق والكهرباء وشبكة مياه الشرب والصرف الصحي والوقود والطاقة فضلاً عن مشاريع الخدمات المصرفية والقروض المالية وغيرها تمثل الركائز الأساسية لعمل أي مشروع على اختلاف بيئته الجغرافية.
2-6 معايير تقديم الخدمات العامة:
يتطلب أداء الخدمات العامة أن يؤخذ في الاعتبار عدة معايير تتصل بالتكلفة والكفاءة والفعالية والعدالة، وهذه المعايير هي التي تحدد إلى أي مستوى سيتم إنتاج الخدمات العامة، كما تحدد في نفس الوقت من المستفيد من تلك الخدمات وبأي مستوى، وفيما يلي بيان لتلك المعايير(22):
· معيار التكلفة : في جميع الأحوال يرغب مستهلكي الخدمات أن تكون تلك الخدمات مجانية، باعتبارهم يدفعون ثمنها حال دفعهم للضرائب، العملاء الذين يدفعون مقابل هذه الخدمات مباشرة، يريدون أن تكون الأسعار منخفضة. وهناك اهتمام متزايد بتكلفة الخدمات، وتجنب الفاقد، والتخلص من الخدمات التي لا تقدم منفعة لمن يحصلون عليها ودفع ذلك، وهناك حدود دنيا أساسية يجب ألا تنخفض مستويات الخدمات العامة عنها.
· معيار الفعالية : ينبغي أن تكون الخدمات فعالة، بحيث تحقق إجراء مكاسب ملموسة. وعندما يكون هناك إجراء فعال فيجب أن يقدم دون انتظار.
· معيار الكفاءة: يجب أن يتحقق للخدمات العامة الكفاءة الاقتصادية والفنية، فإذا كان من الممكن تقديم خدمة ما على نفس المستوى من الكفاءة بطرق مختلفة فإنه يتم اختيار الأرخص.
· العـدالة: هناك الكثير يرغبون أن تكون الخدمات التي تدفع مقابلها (وتقدمها موزعة بالعدل)، بمعني أن يتلقى المواطنين ذوو الحاجات المتماثلة خدمات متماثلة، وأن تتساوى المعاملة مع المواطنين ذوي الخلفيات العرقية المختلفة، وأن تتساوى الفرص بغض النظر عن محل الإقامة. ولكن العدالة لا تعني المساواة ، إذ أن المساواة تعني تلقي أنصبة متساوية من سلعة أو خدمة. كما أنه قد يتناقض هدف العدالة مع الأهداف الأخرى.
· الأمـان : ففي حالة الخدمات الصحية تعني شعور المواطن بأن الخدمات الصحية بكفاءة وفعالية بما يضمن له التخلص من المرض (أي نوع من المرض)، حالة وقوعه، ولا يقتصر معيار الأمان الصحي على مجرد شعور الفرد بتوافر خدمة صحية كفؤة وفعالية، ولكن أن يشعر كذلك بأن تكاليف تلك الخدمات تكون في مستوى قدرته على الدفع.
2-7 الاتجاهات الحديثة في دراسة الخدمات
أشار بعض الباحثين إلى أن هناك أربعة مكونات رئيسية ينبغي التعرف عليها عند دراسة الخدمات، وهذه المكونات هي(23):
· الغرض: حيث أن الخدمة ليست خدمة فردية ولكنها خدمة بيئية، اجتماعية وسياسية.
ويجب دراسة الغرض من الخدمة هل هي لتحسين حياة المواطنين، وهل الخدمة حق لكل مواطن أم منحة. وعلى ذلك فينبغي التعرض لما يلي عند دراسة الغرض من الخدمة:
(الغرض من الخدمة – لمن توجه – كيف يتم توزيعها – من المستفيدون منها – ما هو تأثيرها على المجتمع – هل هي ملك للجميع – أم أن هناك ضوابط وأسس في منحها – كيف نحافظ على ديمومة الخدمة – من المسؤول عن كل ذلك؟). وتختلف الخدمات في الغرض من تقديمها:
o خدمات تقدم لجميع السكان: (الخدمات البلدية).
o خدمات تقدم بمقابل: (الاتصالات البريدية – الهاتفية – المياه – الكهرباء - ....).
· البناء / التركيب: ويهتم بإدارة الخدمات ونظم البرامج الخدمية وآلية توزيع الخدمة من خلال طبيعة التوزيع، هل توزيع الخدمات يتم بطريقة مركزية أم لامركزية. ليتم تحديد حجم الخدمة – ومعدلات السكان المستفيدين منها، وبالتالي مقدار الضغط الذي قد يؤثر على هذه الخدمة.
· التقييم: يُعد التقييم أحد أهم تلك المكونات، بسبب كونه يهتم بقياس مدي فاعلية الخدمات بالنسبة للسكان، كما أنه يركز على إبراز مدى نجاح الخدمات في أداء عملها، وبيان مدى كفاءتها وكفايتها للسكان، والعمل على إعادة بناء أو توزيع الخدمة. ومدي الحاجة إلى خدمات جديدة بسبب عدم كفاية الخدمات الفعلية والعمل على تحسين مستوى الأداء وزيادة الفعالية.
· تحديد المواقع: من أهم الموضوعات التي يهتم بها دارسو الخدمات والمخططون، حيث يلعب الموقع دوراً كبيراً في التأثير على مدى جاذبية الخدمة للسكان وفاعليتها وسهولة الوصول إليها. إن تقديم الخدمات للسكان يمكن أن تؤثر على حجم الاستخدام.
2-8 أهمية توفير الخدمات العامة
لا شك أن تأمين الخدمات العامة لجميع السكان يمكن أن يساهم في بناء كفاءات في المجتمع عبر سبل عديدة، ويمكن أن يكون قوة فاعلة في المجتمع، كما يمكن أن يحد من الفوارق في التعليم بين كافة طوائف المجتمع (أطفال الأسر الميسورة وأطفال الأسر الفقيرة)، بالإضافة إلى نقل الخبرات عبر الأجيال، فارتفاع مستوى التعليم في الأسرة، يمكن أن يؤدي إلى إيجاد عدد من الفوائد التي لا حصر لها. كما أن تقديم الخدمات العامة لجميع السكان يُعد بمثابة تمكين كل فرد، فيحيا الحياة التي ينشدها، ويحصل على مقومات الحياة الكريمة، بصرف النظر عن قدرته على دفع التكلفة أم لا. ومن أسس خطة التنمية المستدامة لما بعد عام 2015م هو تحقيق الحياة الكريمة للجميع. وهناك عدد من الفوائد التي تنتج عن توفير الخدمات العامة لعل من أهمها هو الحد من الفقر(24). كما يؤدي توفير الحصول على التعليم عالي الجودة إلى حدوث تحسن في قيمة دليل التنمية البشرية بنمو الإنفاق على التعليم. فقد شهدت البلدان التي يرتفع لديها الإنفاق الحكومي على الصحة والتعليم مستويات تقدم مرتفعة في التنمية البشرية. كما أن الحصول على رعاية صحية عالية الجودة يتطلب النهوض بالدعم الصحي، أكثر من مجرد تقديم خدمات صحية ذات نوعية جيدة(25).
المحور الثالث: التصور المستقبلي للخدمات العامة في المدن
يتناول هذا المحور التصور المستقبلي المتوقع للخدمات في المدن من خلال التعرض لتأثير ثورة المعلومات على الخدمات؛ حيث أن ثورة المعلومات والاتصالات لها تأثير كبير على الخدمات، ومن المتوقع أن يزداد هذا التأثير في المستقبل، ثم يتناول التطـور الذي حدث في استخدام تكنولوجيا المعلومات، ثم يتم التعرض إلى الخدمات الإلكترونية والتي تقدم من خلال التطبيقات الإلكترونية؛ والتي تشمل العديد من الخدمات التعليمية والصحية والتجارية وغيرها، مع تناول بعض هذه الخدمات بشئ من التوضيح، ثم يتناول تصنيف الخدمات حسب النسق الإلكتروني؛ فهناك خدمات يمكن أن تتم إلكترونياً، وهناك خدمات لا يمكنها ذلك، ثم بيان خصائص الخدمات التعليمية الإلكترونية، وأخيراً يتم تناول إيجابيات وسلبيات الخدمات الإلكترونية.
3-1 تأثير ثورة المعلومات على الخدمات
من المعروف أن ثورة المعلومات والاتصالات كان لها تأثير كبير في العديد من المجالات، ويظهر أثرها في العديد من المجتمعات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، على المستوى القريب أو على المستوى البعيد، ومن المتوقع أن يزداد هذا التأثير في المستقبل. وتُعـد الخدمات أحد أبرز المجالات التي تتأثر بثورة المعلومات؛ حيث تتأثر بالتطور الحادث في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لما يوجد من ارتباط وثيق بينهما، ومن المتوقع أن يحدث تغيير كبير في نمط المدينة في المستقبل وشكلها بوجه عام والخدمات بوجه خاص، وذلك بسبب اختلاف شكل الحياة والاعتماد على أنظمة المعلومات، ودخول الأجهزة الإلكترونية إلى جميع المجالات الحياتية. ومن المعلوم أن التقدم الحضاري الذي يحدث في العالم حالياً في جميع المجالات ومنها الخدمات يرتبط ارتباطاً مباشراً بالتطور الحادث في مجال المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات، ويمكن أن يُقاس مدى تقدم أي مجتمع من خلال اعتماده على نظم المعلومات. ومن المتوقع أن يؤدي التطور المتوقع في مجال الخدمات ودخول أنظمة المعلومات بقوة إلى التغلب على العديد من المشكلات التي تواجه الخدمات في المدن، فقد أدي ارتفاع معدلات النمو السكاني والعمراني إلى حدوث العديد من السلبيات على الخدمات؛ تتمثل في النقص الحاد في مباني الوحدات الخدمية، واختيار مواقعها عشوائياً، كما أن أحجامها ومساحات مواقعها لا تتناسب مع الأحجام السكانية التي تخـدمها.
3-2 التطـور في استخدام تكنولوجيا المعلومات
من الواضح وجود تطور كبير في مجال الحاسبات الآلية وتكنولوجيا المعلومات؛ فبعد أن كان الحاسب الآلي يعمل لخدمة الإنسان في ترتيب المعلومات وحفظها وعرضها بالطرق المختلفة، تطور هذا بعد ظهور الإنترنت، إلى العديد من المجالات والخدمات الجديدة. ومن الواضح ارتفاع معدل النمو السنوي في استخدام الإنترنت فقد بلغ هذا المعدل في الفترة من (2000-2010م) إلى نسبة تتجاوز 30%، في 60 بلداً نامياً. كما بلغ عدد الهواتف المحمولة في إندونيسيا عام 2010م (220 مليون هاتف) من عدد السكان البالغ عددهم (240مليون نسمة)، وتبلغ نسبة من يملكون الهواتف المحمولة من البالغين حوالي 85%. كما بلغت نسبة من يحصلون على خدمة الإنترنت عام 2008م (13 مليون)، زادت إلى (55 مليون) عام 2011م. وقد حولت خدمة الإنترنت إلى أولوية وطنية. وتُعد إندونيسا من البلدان التي يتواصل فيها الوزراء مع ناخبيهم عبر تويتر، حيث تحتل المرتبة الثالثة في العالم من حيث عدد المسجلين في تويتر. ويتضح أن فوائد الثورة الرقمية قد بدت واضحة على التنمية البشرية في إندونيسيا، حيث تتيح الهواتف النقالة لسكان الريف إمكانية الحصول على معلومات عن الصحة العامة، والخدمات المصرفية، والأسواق الزراعية (26).
3-3 الخدمات الإلكترونية
نتيجة للتطورات الحديثة في مجال تكنولوجيا المعلومات ظهرت أساليب جديدة لتقديم الخدمات الإلكترونية من خلال التطبيقات الإلكترونية ودون الحاجة إلى الانتقال لمسافات طويلة، وهي تلك الخدمات التي تُقدم من خلال الاتصال الإلكتروني بين مُقدم الخدمة والمستفيد منها. ومن هذه الخدمات: (التجارة الإلكترونية، التعليم والعلاج عن بُعد، الحكومة الإلكترونية، والعدالة على عجل، بالإضافة إلى العديد من الأنشطة الاجتماعية والثقافية والترفيهية) (27).
3-3-1 التعليم والعلاج عن بعد: تعتبر الخدمات التعليمية والصحية من أهم الخدمات والتي يجب أن تولى عناية كبيرة نظراً لأهميتها الكبرى بالنسبة للسكان. ويمكن الاستفادة من الوسائل الحديثة وتكنولوجيا المعلومات في تحسين أداء تلك الخدمات، حيث أصبح من الممكن بناء نظم وتطبيقات تساعد في رفع مستوى تلك الخدمات، فلم يعد من الضروري وصول المستخدم إلى موقع الخدمة ويمكن توفيرها بطريق غير مباشر باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة.
فقد أصبح الإنترنت وسيلة حيوية للمدارس والجامعات في أداء رسالتها،
3-3-2 الحكومة الإلكترونية: كان لها دور كبير في تحقيق تطور في الأداء الحكومي في العديد من الدول، وذلك عن طريق الربط بين كافة أجهزة الوزارة الواحدة عن طريق الإنترنت، مما يوفر الكثير من الوقت والجهد المبذول في تحقيق الاتصال بين هذه الجهات. بالإضافة إلى الربط بين كافة الوزارات والجهات الإدارية والبنوك وغيرها، وقد أدى ذلك إلى:
- تسهيل مأمورية الشخص المتعامل مع الإدارات المختلفة.
- الإقلال من الانتقالات لموظفي الحكومة والمتعاملين معهم.
- تقليص الرحلات لإنهاء الأعمال الإدارية والحكومية مما يقلل الضغط على الطرق وتقليل كثافات المرور وعدم الحاجة لتوفير مواقف انتظار، حيث الحصول على المعلومة من خلال الانترنت دون انتقال للمستخدم من مكانه.
ويختلف مدى ما يمكن إنجازه من خدمات باستخدام النسق الإلكتروني تبعاً لطبيعة النشاط، فهناك خدمات يمكن استخدام النسق الإلكتروني ولكن بصورة مكملة فقط، كما أن هناك خدمات أخرى لا يمكن أداؤها عن طريق النسق الإلكتروني.
3-3-3 العدالة على عجل: يمكن استخدام الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات كمحاولة للقضاء على ظاهرة بطء التقاضي وتراكم القضايا أمام المحاكم - وقد لجأت لذلك بعض الدول بالفعل – عن طريق الفصل في القضايا السريعة أولاً بأول.
ويوضح الشكل التالي (3-1) النسق التقليدي والإلكتروني للحصول على الخدمة التجارية.
- النسق التقليدي للحصول على الخدمة التجارية
- النسق الإلكتروني للحصول على الخدمة التجارية
شكل (3-1) : النسق التقليدي والإلكتروني للحصول على الخدمة التجارية(28).
3-4 تصنيف الخدمات الإلكترونية
يمكن تصنيف الخدمات الإلكترونية إلى ثلاثة مجموعات من الأنشطة كما يلي، وكما هو موضح بالجدول (3-1) التالي:
· المجموعة الأولى: خدمات يمكن استخدام الأنساق الإلكترونية في استدعائها وتحصيلها (في أغلب الأحيان لا توجد ضرورة للانتقال مكانياً لأداء هذه الخدمة؛ كالخدمات الثقافية، والخدمات المالية (المصرفية)، والخدمات التعليمية (التعليم العالي)، والخدمات الترفيهية (التي تعتمد على العناصر الإعلامية)، بعض الخدمات الصحية، والخدمات التجارية، وبعض الخدمات الاجتماعية.
· المجموعة الثانية: خدمات يمكن استخدام الأنساق الإلكترونية في استدعائها وطلب تحصيلها فقط ولا تزال تحتاج إلى انتقال احد طرفيها (مزود الخدمة – المستعمل) مكانياً إلى الطرف الآخر (لا تزال هناك ضرورة للانتقال مكانياً لأداء هذه الخدمة)؛ كالخدمات الأمنية، وبعض الخدمات الصحية، وبعض الخدمات الاجتماعية، والخدمات التعليمية (التعليم الأساسي).
· المجموعة الثالثة: خدمات لا يمكن أداؤها أو حتى استدعاؤها أو طلبها عن طريق الأنساق الإلكترونية، وإنما تلعب التكنولوجيا دوراً مكملاً لها فقط؛ مثل الخدمات الدينية، والخدمات الترفيهية (التي تعتمد على الطبيعة)، والخدمات الاجتماعية (الاستضافة).
جدول (3-1) : تصنيف الخدمات وفقاً للنسق الإلكتروني(29).
1
|
خدمات يمكن استخدام الأنساق الإلكترونية في استدعائها وتحصيلها (في أغلب الأحيان لا توجد ضرورة للانتقال مكانياً لأداء هذه الخدمة.
|
الخدمات الثقافية
|
الخدمات المالية (المصرفية)
| ||
الخدمات التعليمية (التعليم العالي)
| ||
الخدمات الترفيهية
(التي تعتمد على العناصر الإعلامية)
| ||
بعض الخدمات الصحية
| ||
الخدمات التجارية
| ||
بعض الخدمات الاجتماعية
| ||
2
|
خدمات يمكن استخدام الأنساق الإلكترونية في استدعائها وطلب تحصيلها فقط ولا تزال تحتاج إلى انتقال احد طرفيها (مزود الخدمة – المستعمل) مكانياً إلى الطرف الآخر (لا تزال هناك ضرورة للانتقال مكانياً لأداء هذه الخدمة)
|
الخدمات الأمنية
|
بعض الخدمات الصحية
| ||
بعض الخدمات الاجتماعية
| ||
الخدمات التعليمية (التعليم الأساسي)
| ||
3
|
خدمات لا يمكن أداؤها أو حتى استدعاؤها أو طلبها عن طريق الأنساق الإلكترونية، وإنما تلعب التكنولوجيا دوراً مكملاً لها فقط.
|
الخدمات الدينية
|
الخدمات الترفيهية (التي تعتمد على العناصر الطبيعية)
| ||
الخدمات الاجتماعية (الاستضافة)
|
3-5 خصائص الخدمات التعليمية الإلكترونية
هناك عدد من الخصائص تتميز بها المدرسة التي تُقدم الخدمات التعليمية في عصر الثورة الرقمية عن المدرسة التقليدية، فإذا كانت المدارس الذكية تحتوي على فراغات تقليدية مع تحويل الأنشطة المدرسية فيها إلى أنشطة ذكية، فإن المدرسة الافتراضية لا تحتوي على مثل هذه الفراغات التقليدية، فالمكتبة رقمية وليس لها فراغ مادي، وكذا الفصول افتراضية، وهكذا، وعلى هذا فهي تتميز بالخصائص التالية(30):
· خاصية التخاطب المباشر بالصوت فقط، أو بالصوت والصورة عن طريق الكاميرات الرقمية التي تنقل التفاعل عبر الإنترنت.
· المحادثة الكتابي.
· السبورة الإلكترونية.
· المشاركة المباشرة للأنظمة والبرامج التطبيقية (بين المدرس والطلبة أو بين الطلبة)
· إرسال الملفات وتبادلها مباشرة بين المدرس وطلبته.
· متابعة المدرس وتواصله مع كل طالب على حده أو مع مجموع الطلبة في آن واحد.
· خاصية استخدام برامج العرض الإلكتروني.
· خاصية استخدام عرض الأفلام التعليمية.
· خاصية توجيه الأسئلة المكتوبة والتصويت عليها.
· خاصية توجيه أوامر المتابعة لما يعرضه المدرس للطلبة.
· خاصية إرسال توصيلة لأي متصفح لطالب واحد أو أكثر.
· خاصية السماح لدخول أي طالب أو إخراجه من الفصل.
· خاصية السماح بالكلام أو عدمه.
· خاصية السماح بالطباعة.
· خاصية تسجيل المحاضرة (الصوتية والكتابية).
3-6 إيجابيات وسلبيات الخدمات الإلكترونية
للخدمات الإلكترونية العديد من الإيجابيات أو المميزات، كما أن لها العديد من السلبيات، فمن أهم المميزات ما يلي(31):
· تقليص عامل المكان والزمان كمحدد للنشاط؛ حيث تتيح الأساليب الإلكترونية إمكانية أداء الأنشطة في أي مكان وأي زمان، حيث لم يعد من الضروري التقاء طرفي النشاط.
· توافر المعلومات كماً وكيفاً؛ مما ينعكس على فعالية أداء النشط وسهولته.
· المرونة؛ حيث تتوفر عدد من البدائل يتم توظيفها وفقاً للظروف المحيطة.
· إمكانية الحصول على الخدمة من أي مكان وفي أي وقت، وخصوصاً في المناطق النائية التي لا تتوفر فيها الخدمات العامة.
· توفير الوقت والجهد المهدر في الوصول إلى أماكن الخدمة وخصوصاً في المناطق المزدحمة.
· توفير الكثير من الأموال التي تستخدم في البناء المادي للخدمات، بسبب تقلص الفراغات المادية ويمكن الاستفادة منها في التجهيزات المختلفة للخدمات الإلكترونية.
· في حالة الخدمات التعليمية سهولة مراقبة التلاميذ والطلاب من قبل القائمين على العملية التعليمية وكذا أولياء الأمور، وبالتالي التغلب على مشكلة التسرب وخصوصاً في مراحل التعلم الأولية.
كما أن لها عدد من التحديات أو السلبيات التي تواجهها تتمثل فيما يلي:
· قصور التشريعات والضوابط القانونية؛ حيث أن الطبيعة الإلكترونية لا تتلاءم مع القوانين والتشريعات التقليدية التي اعتاد عليها الإنسان من قبل.
· الحاجة إلى تنميط نظم التكنولوجيا المستخدمة آلية عمل البرمجيات؛ مما يتيح اندماج وتكامل أنسق الأنشطة ببعضها البعض، الأمر الذي يحقق الكفاءة والفعالية.
· ثقافة المستخدم وسلوكياته لم تحقق التوافق الكامل مع الأنساق الجديدة، ولذلك فينبغي العمل على التثقيف الرقمي للمستخدمين.
· ارتفاع تكلفة التجهيزات الرقمية والافتراضية حالياً.
· عدم مناسبة تقنيات الخدمات الإلكترونية في بعض المناطق حالياً.
النتائج والتوصيات
يتعرض البحث لمناقشة أحد الموضوعات الهامة وهو الخدمات في المناطق السكنية، وقد حاولت هذه الدراسة إلقاء الضوء على هذا الموضوع ومناقشته، وفيما يلي عرض لأهم نتائج الدراسة والتوصيات المقترحة.
4-1 النتـائج
فيما يلي عرض لأهم نتائج الدراسة:
· تعتمد الخدمات اعتماداً رئيسياً على المستهلك وهو الإنسان، حيث أن حاجات الإنسان ورغباته تُسهم بشكل كبير في تطور مفهوم الخدمات.
· للخدمات أهمية كبيرة في حياة الإنسان، فالإنسان يحتاج إلى دائماً إلى الخدمات ويساعد توافرها في إيجاد فرص للترفيه والثقافة، كما أنها تخدم الجانب النفسي والروحي والإبداعي للأفراد.
· لدراسة الخدمات أهمية كبرى وتأتي أهميتها بسبب ارتباطها ارتباطاً مباشراً بالمناطق السكنية، باعتبارها المجال الذي توجه إليه الخدمة والذي أُنشئت من أجله، فلولا المساكن وما تحتويه من سكان ما كان هناك حاجه لإنشاء هذه الخدمات.
· للخدمات خصائص تميزها عن غيرها، ومن أهم هذه الخصائص: أنها غير ملموسة، ولا يمكن الفصل بين الخدمة ومُقدمها، كما أن الخدمات تتلاشى بعد تقديمها، ولا ينتج عنها نقل ملكية.
· تنقسم الخدمات إلى عدة أقسام؛ فتنقسم بشكل عام إلى: (خدمات البنية الأساسية، والخدمات السيادية، والخدمات الاقتصادية والرعاية الإنسانية). وتنقسم حسب النوع إلى: (الخدمات الدينية، والتعليمية، والصحية، والثقافية، والاجتماعية، والترفيهية، والتجارية، والإدارية والأمنية). وتنقسم حسب درجة الإلحاح إلى: (خدمات يومية، وخدمات أسبوعية أو شهرية، وخدمات موسمية).
· من خلال دراسة الخدمات يتضح أنها ذات تشعب كبير وتنوع واسع، فللخدمات جوانب اقتصادية، واجتماعية وتخطيطية وجغرافية وصناعية وسياسية.
· يتم توزيع الخدمات على التجمعات العمرانية على اختلاف مستوياتها؛ فهناك خدمات على مستوى المجموعة السكنية، وخدمات على مستوى المجاورة السكنية، وخدمات على مستوى الحي السكني، وخدمات على مستوى المدينة أو إقليم المدينة.
· عند توزيع الخدمات يجب مراعاة عدد من العوامل؛ كسهولة وإمكانية الوصول للخدمة، وتوسط الخدمة، وأن يكون الموقع ملائماً للوظيفة التي يشغلها، وتحقيق اللامركزية في توزيع الخدمات.
· هناك عدد من المعوقات التي تحول دون تقديم الخدمة بشكل مناسب وهذه المعوقات تشمل: عوامل اقتصادية، واجتماعية، وتكنولوجية، وتخطيطية، ووجود مشاكل في البنية التحتية.
· إن توفير الخدمات الأساسية عالية الجودة مثل التعليم والصحة يؤدي إلى حدوث تحسن في التنمية البشرية، وقد شهدت البلدان التي يرتفع لديها الإنفاق الحكومي على الصحة والتعليم مستويات تقدم مرتفعة في التنمية البشرية.
· كان لثورة المعلومات والاتصالات تأثير كبير في العديد من المجالات ومنها الخدمات؛ حيث تتأثر بالتطور الحادث في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لما يوجد من ارتباط وثيق بينهما، ومن المتوقع أن يحدث تغيير كبير في نمط المدينة في المستقبل وشكلها بوجه عام والخدمات بوجه خاص.
· نتيجة للتطورات الحديثة في مجال تكنولوجيا المعلومات ظهرت أساليب جديدة لتقديم الخدمات الإلكترونية، ومن هذه الخدمات: التجارة الإلكترونية، التعليم والعلاج عن بُعد، بالإضافة إلى العديد من الأنشطة الاجتماعية والثقافية والترفيهية.
· يمكن تصنيف الخدمات الإلكترونية إلى ثلاثة مجموعات من الأنشطة؛ فهناك خدمات يمكن استخدام الأنساق الإلكترونية في استدعائها وتحصيلها، وهناك خدمات يمكن استخدام الأنساق الإلكترونية في استدعائها وطلب تحصيلها فقط ولا تزال تحتاج إلى انتقال أحد طرفيها، كما أن هناك خدمات لا يمكن أداؤها أو حتى استدعاؤها أو طلبها عن طريق الأنساق الإلكترونية، وإنما تلعب التكنولوجيا دوراً مكملاً لها فقط.
· هناك عدد من الخصائص تتميز بها المدرسة التي تُقدم الخدمات التعليمية في عصر الثورة الرقمية عن المدرسة التقليدية، فإذا كانت المدارس الذكية تحتوي على فراغات تقليدية مع تحويل الأنشطة المدرسية فيها إلى أنشطة ذكية، فإن المدرسة الافتراضية لا تحتوي على مثل هذه الفراغات التقليدية، فالمكتبة رقمية وليس لها فراغ مادي، وكذا الفصول افتراضية، وهكذا...
· إن تحول الحياة إلى حياة رقمية قادم لا محالة وقد بدأ بالفعل في بعض البلدان، فخدمات اليوم لن تكون مثل الخدمات في المستقبل. سواء في المكونات أو التجهيزات.
· لاشك أنه بقدر ما تحقق الخدمات الإلكترونية من إيجابيات، والتي من أهمها تيسير الحصول على الخدمة وتوفير الوقت والجهد والمال المخصص لإنشاء البيئات المادية للخدمات، فإنه يعتريها بعض السلبيات الخاصة والتي منها الحاجة إلى تثقيف المستخدمين رقمياً، بجانب ارتفاع تكلفة التقنيات والتجهيزات حالياً.
4-2 التوصيـات
في نهاية البحث يمكن إلقاء الضوء على بعض التوصيات المقترحة فيما يلي:
· ضرورة الاهتمام بالخدمات العامة في المناطق السكنية وإعطائها أهمية كبيرة لأنها تتعلق بحياة الفرد اليومية، بالإضافة لما تمثله من أعباء مالية على كاهل الحكومات والمواطنين، وحتى لا يحدث إهدار للموارد، كما أنها تمثل أحد المعايير الرئيسية في قياس تطور المجتمعات.
· ينبغي العمل على التغلب على المعوقات التي تحول دون توفير الخدمات بشكل جيد، وتوفير العديد من البدائل للتغلب على هذه المعوقات، لاسيما إن كانت تتعلق بالنواحي الاقتصادية أو التكنولوجية أو البنية الأساسية.
· لم يعد توفير الخدمات الإلكترونية نوع من الرفاهية أو الكماليات، حيث يجب إدراك أن التغيرات التي تلازم ثورة المعلومات والاتصالات عبارة عن تغيرات حتمية ستفرض نفسها على الواقع، كما أنها موجودة بالفعل في العديد من البلدان.
· العمل على الاستفادة من التأثيرات المختلفة التي أحدثتها ثورة المعلومات والاتصالات على مختلف الخدمات، مع ضرورة الأخذ بكافة المميزات عند التفكير في مستقبل الخدمات، وعند وضع الخطط والسياسات لمختلف الخدمات. فلابد وأن تتجه السياسات نحو اعتماد التفكير في البعد الرقمي والافتراضي في الخدمات، بجانب توضيح كيفية الاستفادة من كل نوع وفقاً لكل خدمة.
- ينبغي العمل على البحث عن السبل المناسبة للاستفادة مما تحققه ثورة المعلومات والاتصالات في العديد من الخدمات المختلفة، للتغلب على الكثير من المشكلات التي تواجه الخدمات حالياً.
- ضرورة العمل على مراعاة التطور السريع في تكنولوجيا المعلومات وما تُحدثه من أثر في قطاع الخدمات، والتي تشمل مختلف الخدمات وجميع فئات السكان.
- العمل على رفع كفاءة مُقدمي الخدمات بحيث تواكب إمكاناتهم التطور التكنولوجي السريع، بجانب العمل على رفع كفاءة المواطنين في مجال التكنولوجيا، لتمكينهم من استخدام الخدمات الإلكترونية والاستفادة منها، على نطاق أوسع وبأعلى سرعة وبأقل مجهود وفي أقصر وقت ممكن.
- إدخال وسائل التكنولوجيا الحديثة على جميع الإدارات المقدمة للخدمات على جميع مستويات الدولة بحيث تقوم بتقديم الخدمات للسكان بكفاءة أعلى.
- العمل على تطوير الخدمات الإلكترونية المقدمة ورفع كفاءتها أولاً بأول من خلال تقييم الخدمة من قبل المستفيدين، والتغلب على المشاكل والصعاب التي تواجههم.
- ضرورة العمل على تطوير ودعم إيجابيات الخدمات الإلكترونية، وتقليص ومحاولة التغلب على السلبيات التي تعتريها.
المراجـع :
1- خلف حسين الدليمي، تخطيط الخدمات المجتمعية والبنية التحتية، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمـان، الأردن، 2009م.
2- http://lmdeco.moncontact.com/t1513-topic
3- محمد عبده حافظ، تسويق الخدمات، المكتب العربي للمعارف، القاهرة، مصر، أغسطس 2009م.
4- بشر إبراهيم الطيف وآخرون، خدمات المدن دراسة في الجغرافية التنموية، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، 2009م.
5- هاني حامد الضمور، تسويق الخدمات، دار وائل للنشر والتوزيع، عمـان، الأردن، 2008م.
6- المرسي السيد حجازي، اقتصاديات المشروعات العامة – النظرية والتطبيق، الدار الجامعية،الإسكندرية، مصر، 2004م.
7- جريدة الوقائع المصرية، العدد (82) تابع (أ)، الصادر في 8 أبريل 2009م.
8- بشر إبراهيم الطيف وآخرون، المصدر السابق.
9- نفس المصدر.
10- حصة محمد إبراهيم، جغرافية الخدمات التعليمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، منشورات دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، 2000م.
11- بشر إبراهيم الطيف وآخرون، المصدر السابق.
12- نفس المصدر.
13- نفس المصدر.
14- الباحث عن: عاطف حمرة حسن، تخطيط المدن أسلوب ومراحل، جامعة قطـر، قطـر، ب.ت.
15- عاطف حمرة حسن، المصدر السابق.
16- بشر إبراهيم الطيف وآخرون، المصدر السابق.
17- أحمد خالد علام وآخـرون ، التخطيط الإقليمي، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة ، 1995م.
18- وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية – الجمعية المصرية للتخطيط العمراني، دورة تدريبية في مجال التخطيط التفصيلي وتقسيم الأراضي، مصر، 2004م.
19- حازم محمد إبراهيم، المعايير التخطيطية للخدمات الصحية، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1989م
20- بشر إبراهيم الطيف وآخرون، المصدر السابق.
21- نفس المصدر.
22- الباحث عن : طلعت الدمرداش إبراهيم، اقتصاديات الخدمات الصحية، مكتبة المدينة، الزقازيق، مصر، 2000م.
23- بشر إبراهيم الطيف وآخرون، المصدر السابق.
24- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية لعام 2014 م .
25- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية لعام 2013 م .
26- نفس المصدر.
27- د. إسماعيل عبد العزيز عامر، رؤيا مستقبلية لمراكز الخدمات بالتجمعات العمرانية في عصر ثورة المعلومات والاتصالات، مجلة جمعية المهندسين المصرية ، العدد الرابع ، 2000م
28- محمد فكري محمود – محمد أنور زايد، "المدينة المعلوماتية" بحث منشور، كلية الهندسة جامعة القاهرة، مصر.
29- الباحث بتصرف، عن: محمد فكري محمود – محمد أنور زايد، المصدر السابق.
30- نوبي محمد حسن، تصميم البيئات التعليمية للأطفال والشباب. صياغة منظومية معاصرة في إطار الثورة الرقمية، مؤتمر الأطفال والشباب في مدن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- التصدي لقضايا التعليم ، دبي، الإمارات العربية المتحدة، 2005م.
31- الباحث عن :
محمد فكري محمود – محمد أنور زايد، المصدر السابق.
نوبي محمد حسن، المصدر السابق.
حمله من هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق