التوزيع المكاني للصناعات
في ناحية الرشيد محافظة بغداد- دراسة تحليلية مكانية
م.م. عبد الستار عبود كاظم
أ.م.د. عاید جسام طعمة
مجلة الجمعية الجغرافية العراقية - العدد (70) لسنة 2013م - ص ص 551 - 585:
المقدمة :
تحتل عملية تحقيق التنمية الصناعية (Industrial development) ضمن الحيز المكاني(Spatial space) للإقليم الجغرافي أهمية كبيرة في مجال تحقيق التنمية المكانية ( Spatial development) لكونها تمثل القاعدة الأساسية التي تسهم في تعزيز فرص تطوير الهيكل الاقتصادي و الاجتماعي للإقليم، مندن تحقيق الاستغلال الأمثل للمؤهلات التنموية المتاحة ضمن الحيز الجغرافي (Geographical spec)، فضلاً عن توفير فرص عمل مناسبة للقوىالعامة، والمساهمة في زيادة معدل دخول الأفراد، مما يسهم ذلك في نقل الإقليم من واقع التخلف إلى التطور الاقتصادي.
أثبيت تجارب العديد من الدول المتقدمة والنامية إن التصنيع يشكل المرتكز الأساسي للتنمية الاقتصادية الاجتماعية وعلى أساسه يمكن إقامة القاعدة الأساسية اللازمة لتطوير البنية الاقتصادية والاجتماعية والتعجيل بمعدلات النمو الاقتصادي والاجتماعي والتوسع في تلبية متطلبات المجتمع لا سيما بعد تراجع معدلات الإنتاج في القطاع الزراعي ومحدودية المساحة الزراعية لهذا ليس غريبة أن ينال التصنيع إعجاباً واهتماماً عند الكثير من الأقطار المختلفة إيماناً منها من إن التصنيع يؤدي بسهولة إلى رفع مستوى معيشة الشعب ويحرره من التخلف والتبعية(1).
ونجاح الصناعة واستقرارها يعتمد إلى حد ما على اختيار المكان المناسب لها ومن هنا تبرز أهمية مساهمة البحث الجغرافي في التخطيط الاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة على مستوى القطر والمحافظة بأفضل الطرق وأكفئها(2). وهكذا فأن موضوع الصناعة والتصنيع كان محوراً للعديد من الدراسات والبحوث ، وكان للجغرافيين دور بارز في هذا المجال من خلال دراساتهم وبحوثهم وخاصة من ناحية اهتماماتهم بالتوزيع الجغرافي للصناعة و عوامل توطنها ومن هنا تتضح أهمية المكانة والاعتبارات الجغرافية في دراسة الأنشطة الاقتصادية ومنها النشاط الصناعي وقد اعتمد الجغرافيون والاقتصاديون الأسس نفسها في تحديد الاختلافات المكانية والإقليمية التوزيع الصناعي وتميزها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ا- إبراهيم شريف، وآخرون، جغرافية الصناعة، مطبعة دار الكتب، الموصل،۱۹۸۱، ص 14.
2- عادل سعید الراوي، صناعة الجلود في العراق، رسالة ماجستير، كلية الآداب جامعة بغداد، ۱۹۷۵، ص ۱.
وخصوصاً (الوحدة المكانية)، حيث تتخذ وسيلة لتحديد الاختلافات المكانية الظواهر المختلفة وإبرازها(۱).
وإيماناً بأهمية هذا الموضوع جاءت هذه الدراسة ((العوامل المؤثرة في توزيع الصناعات في قاطع الرشيد دراسة تحليلية مكانية)) للكشف عن واقع الصناعة الإنشائية في المنطقة وإبراز خصائصها الجغرافية والمشاكل التي تواجهها، فضلاً عن تحديد اتجاهاتها المستقبلية، لغرض إيضاح الصورة التي سيكون عليها نجاح توزيع هذه الصناعة في المنطقة.
سوف نتناول في هذا الفصل مشكلة الدراسة وهي بمثابة الأساس الذي ترتكز عليه الدراسة، وكذلك الفروض التي وضعها الباحث والتي تمثل الحل الأولي لمشكلة الدراسة والتي لم تثبت صحتها ويسعى الباحث في هذه الدراسة لإثبات صحة الفرضية أو عدمها، وكذلك توضيح منطقة الدراسة وحدودها المكانية والزمانية والمبررات التي يراها الباحث ضرورية لقيام الدراسة، والمنهجية التي استخدمها الباحث.
أولا: مشكلة الدراسة
إن اختیار مشكلة البحث وتحديدها بعناية يمثل الخطوة الأولى من خطوات البحث العلمي، أن المشكلة عبارة عن سؤال غير مجاب عنه فعلاً وإن إحدى
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
۱- أميل جميل شمعان ، اختيار الموقع الصناعي في الدول النامية واستخدامات البرمجةرياضية ، مجلة الجمعية الجغرافية العراقية ، العدد ۲۱، ۱۹۸۷ ، ص ۲۵۷.
الطرق لتحديد مشكلة البحث هو طرح سؤال. إن المشكلة تتكون من عدد منالمشكلات وبجمع كل الإجابات التي تطرحها المشكلة يمكن الوصول إلى حلها. لذلك فإن المشكلة التي يسعى الباحث لحلها يمكن تتحدد بعدد من الأسئلة الآتية :
۱. هل إن مواقع الصناعات الحالية تتفق مع منطق العوامل الجغرافية ؟.
۲. هل سيكون لهذه العوامل دور في المستقبل في إقامة صناعات جديدة ؟.
ومن خلال المشكلة الرئيسة يمكن تحديد المشاكل الثانوية وكما يأتي :
• ما هو أثر العوامل الجغرافية الطبيعية في توزيع الصناعات في منطقة الدراسة ؟.
• ما هو أثر العوامل الجغرافية البشرية في توزيع الصناعات في منطقة الدراسة؟.
ثانياً: فرضية الدراسة
يعتمد البحث العلمي الرصين على فرضية عامة، كإجابة أولية لمشكلة الدراسة تشير إلى التعميم الذي لم تثبت صحتها والتي تبذل المحاولة للتحقق من
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- عبد الرزاق البطيحي، طرائق البحث الجغرافي، بيت الحكمة، بغداد ، 1988، ص 32 .
۲- محمد الصاوي محمد مبارك، البحث العلمي أسسه وطريقة كتابته، الطبعة الأولى، المكتبة الأكاديمية، القاهرة، 1992، ص 49 .
صحتها أو خطئها، وعلى العموم فإن الفرضية تمثل رأي الباحث المبدئي في حل المشكلة.
ولذلك يمكن صياغة الفرضية كما يأتي:
۱. ينبغي أن يكون التوجه في توزيع أنشطة الصناعة بشكل ينسجم مع نمط توزيع المكاني للموارد المتاحة في المنطقة أي تحقيق موازنة مكانية بين موقع المشروع الصناعي والموقع الجغرافي للخامات والمواد الأولية وفق لاعتبارات اقتصادية بحتة .
۲. تتوفر في المنطقة العديد من المقومات الجغرافية (الطبيعية والاقتصادية) والتي تسهم إسهاماً فعالاً في إقامة المزيد من هذه المشاريع الصناعية سواء عن طريقة زيادة الطاقة الإنتاجية للقائم منها، أو إقامة ص ناعة جديدة .
3. إن للعوامل الجغرافية الطبيعية دوراً فعالاً في رسم وتأسيس المواقع الصناعية وتركيزها وانتشارها.
4. إن للعوامل الجغرافية البشرية دوراً فعالاً في رسم وتأسيس المواقع الصناعية وتركيزها وانتشارها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق