التسميات

الجمعة، 5 يوليو 2019

العلاقة المكانية والزمانية بين الخصائص المناخية والسياحة والَترفية - أ.د. علي صاحب طالب الموسوي



العلاقة المكانية والزمانية

بين الخصائص المناخية والسياحة والَترفية


أ.د. علي صاحب طالب الموسوي

 وقائع المؤتمر العلمي الدولي الأول لكلية الدراسات الإنسانية الجامعة - 19-20 نيسان / 2016
المقدمة
يعد المناخ بعناصره كافة أحد العوامل الأساسية في إقامة وتطور السياحة والترفيه سواء أكانت كل منهما داخلية أم خارجية، إذ أن اقامة أي مشروع سياحي أو ترفيهي لا يمكن أن يتم إلا بعد دراسة علمية له لكونه العنصر الرئيس من عناصر الجذب السياحي، فضلا عن كونه عاملا في تحديد البعد المكاني وألزماني للعلاقات المرتبطة بالسفر والاقامة أولا، وتحديد مدى الاستفادة من المصادر السياحية الطبيعية ثانيا، إذأان جميع المظاهر الطبيعية (تضاريس، موارد مائية سطحية، عيون، مساقط، شلالات، غابات) يمكن تطويرها وجعلها مناطق جذب سياحي تحت مظلة المناخ.

ووفق هذا التأثير المناخي فقد عمدت دول العالم السياحية إلى تطوير السياحة مناخيا لما يعكسه هذا النشاط من مردود اقتصادي وتوفير فرص عمل لعدد كبير من سكانها وخاصة في الدول النامية ومنها العراق، لذا فان تنمية السياحة والترفيه مناخيا وجعلها أحد ألانشطة ألاقتصادية شأنها شأن ما يعتمد في التنمية الزراعية والصناعية، لذا فأن ذلك يتطلب دراسة العلاقة المكانية والزمانية بين الخصائص المناخية والسياحة والترفيه وما يعكسه ذلك من تأثير في تطوير واقع السياحة والترفيه، ولتحديد طبيعة المناخ السياحي الملائم، لقد جاء بحثنا ليسلط الضوء على طبيعة هذه العلاقة وكيف يمكن إستغلال خصائص عناصر المناخ في خلق(مناخ سياحي) يكون عامل جذب سياحي،ولتحقيق هدفنا هذا فقد تم وضع دليل نظري للبحث يتضمن صياغة المشكلة العلمية بشكل دقيق على شكل سؤال رئيسي هو: (هل للخصائص المناخية تأثير مباشر أم غير مباشر في إقامة وتطوير للأنشطة السياحية والترفيهية؟), وتتفرع من هذه المشكلة مشاكل فرعية منها: (ما طبيعة الخصائص المناخية التي توفر مناخا سياحيا ملائما للجذب السياحي؟)، و(هل أن تطور صناعة السياحة مرتبط بما موجود من خصائص لعناصر الطقس والمناخ؟).
أما فرضية البحث فيمكن صياغتها بالاتي: (تؤثر عناصر المناخ منفردة أم مجتمعة في تحديد أنسب المناطق الملائمة لقيام وتطور نشاطي السياحة والترفيه)، وللاجابة عن ما طرح أعلاه فقد تم تبويب البحث في ثلاثة مباحث يتضمن الاول منها: المفاهيم المعتمدة في تحديد كل من: (السياحة, السائح،الترفيه، الترويج، وانواع السياحة بشكل عام)، وما ورد لها من مفاهيم جغرافية، أما المبحث الثاني فسيركز على المناخ السياحي وعناصره، وإبراز تأثير كل عنصر مناخي في هذين النشاطين، في حين يركز المبحث الثالث على أهم المعادلات التي إعتمدتها دول العالم السياحية في تحديد المناخ السياحي في الدول التي تقع خارج حدود دوائر العرض التي تقع في ضمنها الدول النامية أولا، والمعادلات التي تم تعديلها في تحديد المناخ السياحي النموذجي الذي يتلاءم مع الخصائص المناخية في الدول النامية بشكل عام والعراق بشكل خاص ثانيا، والذي يسهم في تطور وإنعاش نشاط السياحة والترفيه، وليكون أحد وأهم العناصر المستقبلية في إقامة صناعة السياحة والتي سترفد اقتصادنا الوطني وتسهم في تطوره.
المبحث الاول
السياحة وصناعة السياحة
1- مفهوم السياحة والسائح وصناعة السياحة جغرافياً
‌أ-         مقدمة:
         شهدت حركة السياحة تطوراً كبيراً واهتماماً متزايداً من مختلف دول العالم الى حد بادرت الكثير من الدول إلى إجراء مسح لما يتوفر فيها من إمكانات سياحية، وقد تكونت منظمات وطنية ودولية اخذت على عاتقها تنظيم وتنمية السياحة والقيام بنشر البيانات والدراسات عنها، تركت وتترك السياحة تأثيراتها الايجابية في سكان دول العالم المختلفة، إذأنها توفر للسكان أوقاتا للراحة بعد العمل أو توفير ظروف لأنشطة تنهي متاعب العمل أو جوانب علاجية او ترفيهية، في حين تعكس تأثيراتها على إقتصادياتها من خلال ما تحصل عليه من عملة صعبة والمحافظة على التراث وصيانة البيئة، ولم تقتصر اهمية السياحة في كونها أصبحت تمثل مصدراً هاماً من مصادر دخل عدد من بلدان العالم، وانما تجاوز ذلك الى تأثيرات إيجابية تعكس تأثيراتها على الانشطة المرتبطة بها بشكل مباشر وغير مباشر من خلال توفير فرص عمل لعدد كبير من سكانها.
         وتشير الدراسات في هذا الجانب إلى أن الانشطة المرتبطة بالسياحة قد وفرت ما قيمته (1,5 مليون) او(6%) من مجموع فرص العمل في إنجلترا عام (1990م)([1])، وتجدر الاشارة الى ان طبيعة تعدد وتنوع الانشطة المرتبطة بالسياحة (ترفيه، مواصلات، اتصالات، اسكان، تجارة،) تزيد من المردود الاقتصادي سياحيا وتكون دافعاً لتحقيق تنمية قطاعية اخرى اكثر شمولية، فضلا عن ما يرتبط بالسياحة من فوائد اخرى، تتمثل بتبادل المعارف والثقافات، وفي جوانب لا تقل اهمية عن ذلك، فقد اصبح للسياحة تأثير فاعل في التنمية السياحية ببعديها الحضري والريفي، عندما تتم تنميتها في المدن، والريف، عندما تتم تنميتها في الأرياف وفق الإمكانات السياحية المناسبة، ومن هنا فقد ازداد التوجه الى تصنيف السياحة ضمن قطاعات صناعية من خلال توفير السلع والخدمات المرتبطة بها والذي يمر عبر عمليات انتاجية مختلفة، مع ملاحظة ان صناعة السياحة تختلف عن الصناعات التقليدية وذلك لان عدد كبير من السائحين يفدون الى المواقع السياحية وينفقون مبالغ كبيرة لمتطلبات التنقل ام بشراء واستهلاك السلع والاستفادة من الخدمات ذوات العلاقة وهذا يتطلب استعمال السياحة كوسيلة فعالة من وسائل الاعلام لذلك، ولغرض ابراز أهمية النشاط السياحي لابد إن نذكر هنا بان حركة السياحة الدولية قد ازداد عدد الافراد الذين يسجلون فيها من (25مليون سائح) عام 1950 ووصل الى (300 مليون) سائح عام 1984م وازداد العدد الى اكثر من (500مليون) سائح في عام 2000م، ورافق ذلك زيادة في الايرادات التي توفرها السياحة من (1,2 مليار دولار) الى اكثر من (100 مليار) دولار خلال تلك المدة.
 واصبحت السياحة والترفيه ذات أهمية كبيرة للسكان بعد إن بدأت معظم دول العالم في تطبيق قوانين العمل التي حددت من خلالها ساعات العمل بين (6 – 8 ساعة) والذي وفر وقتاً خلال ساعات اليوم فضلاً عن العطل الرسمية أيضاً، مما يدفع ذلك بالسكان الى البحث عن كيفية استغلال هذا الوقت، وبدأ الناس يبحثون عن مناطق تقع خارج حدود المنزل أو المنطقة توفر لهم الراحة والاستجمام ومنها المناطق السياحية، وترتبط هذه المناطق بالخصائص المناخية بشكل رئيسي مما دفع بالمتخصصين البحث عن تلك المناطق وتطويرها واستغلآلها سواء أكانت طبيعية أم اصطناعية.
         وتحدد الظروف الطقسية والمناخية المناطق التي يمكن ان تتركز وتتطور فيها صناعة السياحة،اذ يعد الطقس والمناخ مورداً مهماً للسياحة، لذا يتم استغلال الامكانات المناخية لتطوير السياحة لكي تكون عوامل جذب لأكبر عدد من السياح سواء في مناطق المشاتي التي يتوفر فيها جومشمس ودفء في الحرارة خلال الفصل البارد كما في منطقة (اريزونا) في الولايات المتحدة، كما إن توفر عدد من ساعات شروق الشمس كما في المناطق الصحراوية يعد عامل جذب لعدد من السياح الذين يتوافدون من المناطق الباردة للاستمتاع بالإشعاع الشمسي، أما في المناطق التي تتوفر فيها درجات حرارية معتدلة خلال فصل الصيف كما في المناطق الجبلية والساحلية فقدأصبحت مناطق جذب سياحي لاعتدال درجات الحرارة بسبب ارتفاع الارض في الاولى، ولقرب الثانية من المسطحات المائية مقارنة مع مناخ المدن.
ب- مفهوم السياحة والترفيه جغرافياً:
         يعود أصل كلمة السياحة Tourism في اللغات الاوربية إلى الكلمة اليونانية (Tornos) وهو أسم (لالة) تشبه شكل (الفرجار) وترجمت الى اللغة اللاتينية حيث يقصد بها (المسار الدائري) الذي يعكس حركة السياحة التي تنطلق من نقطة لتعود اليها مرة اخرى الامر الذي يعني ان الابتعاد عن مكان الاقامة مؤقتاً يعكس الاقامة الدائمة التي تنجم عن الهجرات البشرية وهو الاساس في مفهوم السياحة([2])، أما في اللغة العربية فهي مشتقة من ألفعل (ساح)، والسياحة في معجم الوفير مثلاً تعني التنقل من بلد لآخر، ويتضمن هذا حركة الافراد او الجماعات من مكان الاقامة الدائم الى مكان آخر ثم العودة الى المكان الأصلي، وتشير الدراسات في هذا الجانب الى البعد المكاني (Spatial Dimensiom)، إذ تؤكد السياحة على أن إنتقال فرد أم مجموعة من مواقع سكناها إلى مسافات محددة و يعني إرتباط ذلك بالمسافة والمكان واللذان يقطعهما أم المجموعة.
         وحددت مفوضية السياحة الوطنية الامريكية المعروفة اختصاراً (USNTRRC) بأن السياحة هي: (نشاط يتضمن إنتقال الفرد أو الافراد مسافة لا تقل عن (50%) عن مكانه باستثناء النشاط الفرعي الذي ينطوي على ذهاب الفرد الى مكان عمله)، ولم تأخذ المفوضية الوقت بعين الاعتبار، وأضاف مكتب الاحصاء السكاني الامريكي (USCB) الى ذلك مسافة (100 ميلاً) وبزمن ليلة او اكثر بعيداً عن المسكن، وقد قدم العالم (ماكنتوش وزملاؤه) عام       (1995م) تعريفاً للسياحة ينص على أنها: (عبارة عن مجموعة الظواهر والعلاقات الناتجة عن عمليات التفاعل بين السياح ومنشآت الاعمال والدول والمجتمعات المضيفة وذلك بهدف استقطاب واستضافة هؤلاء السياح والزائرين)([3])، لذا تتضمن السياحة خطوة اولى هي تغير في المكان (place) والخطوة الزمنية (pace) بحثاً عن المتعة والتسلية والراحة، وجاءت كلمة سياحة من الألفاظ المعروفة في اللغة العربية، إذ تعددت مفاهيمها في القرآن الكريم كقول الله عز وجل (براءةٌ من الله ورسوله الى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وان الله مخزي الكافرين) (سورة التوبة الاية 1،2)، كما ذكرت في عدد من معاجم اللغة العربية، منها ما ذكر في المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية بمعنى (التنقل من بلد الى بلد طلباً للتنزه او الاستطلاع والكشف)، واما مفهوم السياحة في العصر الحديث فقد حدد من قبل منظمة السياحة الدولية عام (1995م) بانها:(جميع الانشطة الناتجة عن سفر الافراد واقامتهم في اماكن بعيدة عن مقر عملهم وسفرهم المعتاد لمدة لا تزيد عن (12 شهراً ) بهدف ممارسة الترويح والتجارة وغيرها من النشاطات المعتادة")، كما تعني ايضا بانها "عملية مركبة تتضمن انتقال الانسان من مكان اقامته الدائمة الى مكان اخر يبعد عن موطنه الاصلي لأكثر من يوم لأغراض متعددة خلاف العمل").
         وحدد العالم ((Leiper عام 1999) السياحة بأنها (نظام مفتوح يتألف من خمسة عناصر تتفاعل مع بعضها بعلاقات متبادلة التأثير هي: (العنصر البشري والعناصر الجغرافية وبلد السائح الاصلي والدول التي يتوقف عندها السائح في أثناء زيارته وجهة القصد والعنصر الاقتصادي وصناعة السياحة)، ويعود مفهوم السياحة الى كلمة رحلة (Tour) المشتقة من الكلمة اللاتينية Tourno، إذ أستعمل مفهوم (Tourism) لأول مرة عام (1643م) ليدل على السفر والتجول من مكان إلى اخر، وهذا يتطابق مع الكلمة الانكليزية فنجد بان((Tour تعني (يتجول) أو(يدور)، اما كلمة Tourism على وفق هذا المفهوم الاشتقاقي هي (الانتقال أو الدوران)، كما يقصد بها الحركة سيراً على الاقدام بقصد النزهة.
         ويشير قاموس لونجمان Longman الى ان (Tour) اصل (Tourist) عبارة عن رحلة يتم خلالها زيارة عدد من الاماكن تشكل محط اهتمام السائح، وان السياحة Tourism تعني(ممارسة السفر من أجل المتعة خلال العطل)، وورد في قاموس Websters بأن السياحة تعني(السفر من أجل المتعة)، والسياحة Tourism شكل من اشكال قضاء وقت الفراغ بعيداً عن مكان الاقامة والعمل ولفترة زمنية لا تقل عن اربع وعشرين ساعة او ليلة واحدة لا تتجاوز سنة كاملة في المكان المقصود لقضاء وقت الفراغ([4]).
         وحددت السياحة Tourism من قبل العالمHunziker&Krape: بانها (مجموع الظواهر والعلاقات الناشئة عن السفر والاقامة للسائحين طالما ان ذلك لا يؤدي الى اقامة دائمة لهم ولا يرتبط بممارسة انشطة اقتصادية([5]) والبقاء بعيداً عن الموطن الاصلي، بقاء غير دائم وغير مرتبط بأي نشاط للكسب) كما يدخل هذا المفهوم في الحركة المؤقتة للسكان (كفرد او مجموعة) لمناطق معينة خارج مناطق سكناهم واقامتهم الدائمة وهذا يعني بأنها نوع من انواع السفر الذي يختلف عن رحلة العمل اليومية او الهجرة او التسوق او الاقامة الدائمة([6]).
         وتختلف السياحة عن الهجرة التي تعني بقاء السكان مدة طويلة في منطقة ما يصحبها تغير لمحل الاقامة، لذا فأن الجمعية البريطانية حددت للسياحة عام1976 مفهوماُ للسياحة بأنها الحركة الموسمية القصيرة المدى الى المناطق السياحية البعيدة عن محل الاقامة والعمل الدائمين, وتتظمن الحركة لكل الاغراض، وغالباً ما يترادف مصطلح السياحة Tourism مع مصطلح وقت الفراغ Leisure، اما مصطلح الترويح Recreation والذي يعني إعادةالخلق والبناء والتجديد للإنسان بمفهوم الراحة النفسية والعقلية والجسدية له، ويتطلب الانسان الراحة بعد إن يبذل جهوداُ مضنية في عمله اليومي والشهري أو السنوي, من في السفر للسياحة والترفيه والذي يوفر الظروف الطقسية والمناخية بعيداً عن خصائص الطقس والمناخ الذي هو فيه سواء في السكن او العمل، فوقت الفراغ يقاس للوقت او الوقت المتبقي بعد العمل والنوم والمشاركة المنزلية وانه الوقت الصالح للعمل ويعرف بانه وقت اختياري, أما الترويح: فهو نشاط واسع الاختلاف يمارس من خلال, وقت الفراغ، لذا فان السياحة تعني التحرك في رحلة من اجل المتعة وليس لكسب المال او الاقامة الدائمة والترفيه ً والتسلية وتجديد النشاط وتغيير الجو والمتعة واستعادة حيوية الفكر والذهن([7]).
         اما السائح Tourist فهو (الشخص الذي يقوم برحلة أو عدد من الرحلات لغرض السياحة الترويح والتصييف، أو من أجل الاهتمامات الخاصة أو لكون منطقة الاستقبال مفضلة لديه)، ويحدد الشخص السائح جغرافيا بأنه(الشخص الذي يسافر الى بلد آخر غير موطنه ويقيم فيه مدة تزيد على اربع وعشرين ساعة دون ان تطول مدة اقامته الى الحد الذي يُعد فيه البلد الاجنبي موطناً له([8])). وورد مفهوم اخر للسائح (Tourist) عند عدد من ألجغرافيين: بانه شخص يزور بلداً غير بلد الإقامة لمدة لا تقل عن 24 ساعة، ويتضمن هذا المفهوم المسافرون للمتعة والترويح او لاسباب صحية او عائلية، والمسافون لاجتماعات او ممثلين لهيئات (علمية، ادارية، دبلوماسية، دينية، رياضية) والمسافرون لاغراض تجارية.
         وعرف (أوجلفيOgilvie 1933م)السائح بأنه:(الشخص الذي تتسم حركته بسمتين الاولى في البعد عن المنزل الدائم لمدة قصيرة نسبياً والثانية ان ما ينفقه السائح من مال خلال مدة بقائه، ما لم يكتسبه من منطقة الاستقبال)، ويركز هذا التعريف على الجانب الاقتصادي, فالسائح هنا مستهلك وليس منتج، وكما جاء في مؤتمر (روما)ولنفس العام بأن السائحين هم (مجموعة من الافراد يقومون بالانتقال من محل اقامتهم الدائمة الى اية جهة ولاي غرض كان عدا العمل وبقائهم في ذلك المكان مدة لا تقل عن 24 ساعة ولا تزيد عن سنة وان تطوى مدة اقامته الى الحد الذي يعد فيه البلد الاجنبي موطناً له([9])).
         وورد في قاموس روبرت الفرنسي Robert بان مصطلح السائح تم تناوله منذ عام (1841م) وهو مشتق من الكلمة الانكليزية Touriste اذ ان السائح الشخص الذي يقوم بالسفر من اجل المتعة او المعرفة ([10])، كما عرفت الامم المتحدة عام (1963م) السائح (بأنه الشخص الذي يزور أية دولة غير موطنه الاصلي لأي سبب من الاسباب ماعدا الاهتمام بالعمل ويغطي هذا التعريف فئتين من الزائرين:
1- السياح  Touristsوهم زوار مؤقتون يمكثون اربع وعشرين ساعة على الاقل بغرض قضاء وقت الفراغ والترويح او زيارة الاسر, او لقضاء مهام معينة او للمقابلات.
2- المتنزهون Excursionists وهم زوار مؤقتون يقضون مدة تقل عن اربع وعشرين ساعة وتشمل هذه الفئة المسافرين العابرين.
             وحدد كل من (ماثسيون و(وال) Mathieson & Wall) السياح بانهم (الاشخاص اللذين يكونون في حركة مؤقتة للافراد الى جهات بعيدة عن اماكن عملهم واقامتهم العادية والى حيث وأخذ الحمامات الشمسية وركوب الخيل والتجول في المتنزهات تقدم لهم التسهيلات التي توفر حاجاتهم) ولذلك فأن (مجموع الاشخاص الذين يزورون الاصدقاء والاقارب ويرتاحون في العطل ويقضون الوقت جيداً، ويمكنهم أن يمارسوا في وقت الفراغ مختلف انواع الرياضة، والقراءة والحديث ويستطيعون أن يستمتعوا بالعالم المحيط تغطي المفهوم العام للسائحين)، كما يتضمن المفهوم الجمعي للسائح (جميع الاشخاص الذين يشاركون في المؤتمرات آو في المنتديات او اشكال النشاط العملي والمهني ويسافرون في الجولات التعليمية أو يقومون بالأبحاث, الناس الذين يشعرون ويحسون بالاحتياجات النفسية والفيزيائية الذين تحدد طبيعتهم اتجاهات واشكال مشاركتهم في النشاط السياحي، وتمثل السياحة نمطاً من أنماطالنشاط الحيوي للإنسان وهو (الراحة والتسلية الفعالة والرياضة ومعرفة العالم المحيط او للعلاج).
         أما جغرافياً فأن السياحة تدخل في ضمن جغرافية السياحة فتعني(العلم الذي يهتم أساساً بالبعد المكاني (spatialdimension) والزماني للعلاقات والظواهر الناجمة عن سفر لقضاء وقت الفراغ)، وحدد العالم الفرنسي (بيررParrier.m) المكونات الرئيسة لجغرافية السياحة وهي:
1-    الأنماط المكانية للعرض السياحي.
2-    الأنماط المكانية للطلب السياحي.
3-    المنتجعات التي تتباين انماطها وفق الخصائص الطبيعية والبشرية.
4-    تيارات حركة السياحة الدولية 
5-    الأثار الناجمة عن السياحة.
6-    النماذج المكانية للسياحة([11]).
         وتتناول جغرافية السياحة المنظومات المكانية السياحية، وهي منظومة جغرافية بشرية تتألف من منظومات فرعية مترابطة بعضها مع البعض وهي المجمعات الطبيعية والثقافية، المنشأت الهندسية، طاقم الخدمة، الهيئات الادارية وأخيراً السياح، ووفق ماتقدم فأن السياحة هي الانتقال المؤقت للأشخاص من مكان إقامتهم الدائم الى بلد آخر أو مكان آخر ضمن حدود دولتهم ام خارج تلك الحدود في وقت الفراغ بقصد الحصول على المتعة والراحة والصحة والضيافة والمعرفة، وتقسم على:
1-     السياحة الداخلية (interior Tourism): وتعني الانتقال المؤقت للفرد او الافراد داخل الحدود السياسية لوطنهم بهدف الحصول على المنافع الناجمة عن القيام بأنشطة ترويحية معينة.
2-     السياحة الدولية أو الخارجية (international tourism): ويقصد بها انتقال الافراد من الدولة التي تعد الموطن الاصلي لهم الى دولة اخرى اجنبية وبغض النظر عن القرب او البعد عن الوطن الاصلي, كما في انتقال مواطن في دولة ما كما في سويسرا الى دولة مجاورة مثل فرنسا وايطاليا او المانيا لغرض السياحة والترويح ولاي سبب من الاسباب باستثناء العمل او الدراسة.
         فضلاً عن ما تقدم أعلاه فتوجد السياحة الوطنية التي تتضمن مجمل ألانشطة في مجال السياحة الداخلية والخارجية، أي خدمة السياح من سكان الدولة،كما يوجد ما يطلق عليه بالسياحة المنهجية المنظمة وهي شكل من أشكال السياحة التي يعدها منظموا السياحة (الشركات السياحية) والسياحة الفردية التي هي شكل آخر من أشكال النشاط السياحي الاجتماعي الذي يمارس على أساس ختياري وذاتي (هواية)، وتعتمد على نشاط المؤسسات والاتحادات والنوادي أـلسياحية الطوعية, أما السياحة الاجتماعية فهي أحد أنواع السياحة التي تعتمد على الإعانات من الأموال المخصصة للاحتياجات الاجتماعية من أجل خلق ظروف لسفر الطلاب والشباب، المتقاعدين، العجزة، المحاربين القدماء، أما سياحة الاستجمام (الراحة) فهي السياحة التي يستفاد منها في إعادة قوى الانسان (الفيزياوية، العقلية، الذهنية، الانفعالية)، او الاستفادة من القوى الانتاجية للإنسان، أم في كونها نشاط موجه نحو إعادة التأهيل، وألإستجمام كجزء من وقت الفراغ المرتبط باستفادة قوى الانسان في منطقة مخصصة غالباً خارج حدود مكان السكن، ولكي تصبح الراحة إستجماماً يجب أن يغادر حدود مكان السكن المباشر والانتقال الى مكان مخصص لذلك من أجل ألاستفادة من قوى ألانسان ألانتاجية.
ه- صناعة السياحة:
           يقصد بصناعة السياحة بانها (عبارة عن مجمل وسائل المبيت ووسائل النقل ومنشآت الاطعام والتسلية والمنشآت المعرفية والعملية والصحية والرياضة ومنشآت اخرى، وكذلك الهيئات التي تقوم بالأنشطة الخاصة بالعمل السياحي والوكالات السياحية، فضلاً عن المؤسسات التي تقدم خدمات تنظيم الرحلات وتقديم خدمات المرشدين والمترجمين)، كما (انها تمثل احد الانشطة الاقتصادية التي تعتمد على عناصر المناخ في جذب السائحين من اجل المتعة والراحة لمدة زمنية لا تقل عن (24ساعة) وتضم ثلاثة عناصر هي (حركة السياح بوسائل نقل متعددة، الاستقرار لمدة معينة داخل الموقع السياحي، والنتائج الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على العنصرين السابقين)([12]).
         وتتطلب صناعة السياحة معلومات طقسية ومناخية بشكل كبير، إذ يعد الطقس والمناخ أحد وأهم عناصر البيئة واللذان يشكلان مورداً مهماً للسياحة، ولاهمية السياحة في إقتصاد الدول فلابد من أستغلال كل الامكانيات ومنها(المناخ) لتطوير قطاع السياحة، وتعمل كثير من الدول على إبراز أهمية مناخها الذي قد يكون متعة لعدد كبير من السائحين، وتحدد المناطق ذات الخصائص المناخية الملائمة للجذب السياحي بالاتي:
‌أ-     المشاتي: وهي المناطق الاكثر تشمساً وحرارة في فصل الشتاء، وهي مناطق جذب لسكان المناطق الباردة الذين يرغبون بالتخلص من البرودة، ومن الأمثلة على ذلك (أريزونا) في الولايات المتحدة، و(الاغوار) في فلسطين والاردن، وأن زيادة عدد ساعات ظهور الشمس، كما في المناطق الصحراوية يعد عامل جذب لكثير من السياح الذين يأتون من مناطق العرض العليا الباردة للاستمتاع بالإشعاع الشمسي (التشمس)، ولكن المناطق الباردة، كالمناطق الجبلية التي تتراكم عليها الثلوج تزدهر فيها أنواع الرياضة الجليدية كما في جبال الألب وجبال كولورادو.
‌ب-    المصايف: تعد المناطق المعتدلة التي تتميز باعتدال احوال الطقس في فصل الصيف كما في المناطق الجبلية والساحلية وهما مناطق مؤهلة لانشاء المصايف كما في المناطق الجبلية التي تنتشر فيها الغابات والتي تعد مناطق جذب للسياح لأنها تتميز باعتدال درجة الحرارة والرطوبة، فضلا عن كونها توفر مناظر من الاشجار الجميلة، وتعد المناطق الساحلية (الشواطئ) من المناطق الاكثر جذباً للسياح في فصل الصيف لتأثير البحر في اعتدال مناخها، فتكون مناطق مرغوبة عند ارتفاع درجة الحرارة، في حين إن ارتفاع درجة الحرارة في المدن تجعلها مناطق مزعجة فيتجه السكان نحو المناطق الريفية والشواطئ والمرتفعات الاكثر اعتدالاً.
         ويعتمد المروجون للسياحة توظيف الخصائص المناخية للمكان في الدعاية السياحية ففي الدعاية السياحية، يؤكد الاداريون على الجوانب الطقسية والمناخية المشجعة والجاذبة للسياح وذلك باعتماد على مصطلحات مناخية مثل (الشواطئ المشمسة)، (جو جميل ممتع)، (جو مشمس)، و(أحسن طقس في العالم) والى آخره من الدعاية المناخية، اذ ان من صميم اهدافهم الراحة البدنية والذهنية والنفسية والاطلاع ومعرفة الجديد والمشاهدة لكسب المعلومات عن الشعوب والبلدان، وترتبط كل من السياحة والترفيه بعدد كبير من نقاط الارتباط بشكل جعلهما يتداخلان ويرتبطان في الروح والجوهر:
1-      ترتبط السياحة والترفيه بوقت الفراغ.
2-      ترتبط السياحة والترفيه بما تحققانه من متعة ومعرفة.
3-      يعتمدان على عناصر متشابهة في مقدمتها العناصر المناخية والمظاهر الطبيعية والتسهيلات المقدمة.
4-      ويتشابهان في تباين انظمتهما الموسمية.
وتختلف في:
(1)    تزيد المسافة التي يقطعها السائح عن المسافة التي يقطعها من اجل الترفيه.
(2)    تتطلب في الغالب السياحة زمناً اطول عما هو عليه في الترفيه.
(3)    تسهم متطلبات اقامة المراكز السياحية استثماراً كبيراً وربما كبيراً للدولة مقارنة بالترفيه.
(4)    يرتبط مع عملية صناعة السياحة الربح المادي، في حين يهدف نشاط الترفيه اشباع الحاجات المعنوية والذاتية.
(5)    ان اكثر ما يرتبط بالسياحة الجوانب الاقتصادية في حين ان الترفيه يرتبط بالجانب الاجتماعي.
(6)    غالباً ما يرتبط بالسياحة تجاوز الحدود والعبور الى دول اخرى ويتطلب ذلك وسائط النقل برية وجوية وبحرية، في حين لا يتطلب مثل ذلك في القصد الترفيهي([13]).

المبحث الثاني
المناخ السياحي: مفهومه وعناصره
‌أ-        مقدمة:
         يحدد المناخ السياحي الذي يتناسب مع الحركة السياحية بأن يكون معتدلاً ولا يتصف بالحرارة العالية والبرودة الشديدة خلال السنة او خلال الموسم السياحي الذي يتميز بوجود عدد كبير من الايام المشمسة، الا انها يجب ان لا تكون مرتفعة الحرارة بدرجة كبيرة، كما و يجب ان يتميز المناخ السياحي بالهواء النقي وانعدام الرياح القوية المزعجة([14]).
         وتعد خصائص عناصر المناخ احد واهم العوامل المؤثرة في وجود وتنمية وتطور السياحة وتوجيه حركتها بفرعيها الرئيسين (الداخلية منها والخارجية (الدولية) سواء أكانت بشكل التنزه أم في الاستجمام، وقد لخص (روبنسون) منذ عام 1976م عناصر الجذب السياحي التي هي الاساس في تطوير السياحة في الاتي:
1-   الطقس الجميل plecsing weathers ([15]).
2-   المناطق الطبيعية الجذابة scenic Attrections.
3-   العوامل التاريخية والثقافية Historical and cattural factors.
4-   سهولة الوصول Accessibility.
5-   وسائل الترفيه Amemities.
6-   توفير احتياجات الحياة الاساسية للسائح.
           أعطى (روبنسون) للطقس والمناخ الاولوية في عملية الجذب السياحي،في حين اعتبر المناظر الطبيعية الجاذبة هي العامل الثاني في السياحة، وتشير الدراسات الى ان ما يزيد عن (90%) من السائحين يحركهم المناخ لذا اطلق على السياحة بالسياحة المناخية Chemiatic Tourism او يطلق عليها اخرون اسم السياحة البيئية Environmemtal Tourism.
         ويعد المناخ بعناصره المختلفة ذو تأثير مزدوج على السياحة، اذ انه يؤثر بصورة مباشرة في انشطة السياحة والترويح بما توفره خصائص عناصر المناخ من عوامل جذب سياحي سواء على طول ايام واشهر السنة ام خلال مدة محددة من السنة كأن تكون فصلية، اما من اجل التمتع الكامل بأشعة الشمس ومما توفره الحرارة من عوامل جذب، فضلا عن الاستفادة من نسيم الجبل والوادي او نسيم البر والبحر، او تأثير في تصميم المنشآت السياحية وتحديد شكلها. اما التأثير غير المباشر في مجال السياحة فيظهر دور عناصر المناخ في تحديد خصائص المواقع السياحية سواء أكانت (شواطئ) ام مرتفعات ام نطاقات غابية.
         وعلى وفق ذلك فأن العلاقة ألمكانية والزمانية بين المناخ والسياحة تظهر في وجود نمطين رئيسين للخصائص المناخية هما:
1.       مناخات هادئة تتصف بقلة التباين او التقلب في عناصر المناخ فيها مثلما هو عليه الحال في مناخ البحر المتوسط ومناخ الغابات او السفوح الجبلية وتكون عناصر المناخ اقل تطرفاً بحيث تسهم مثل هذه المناخات في انتعاش السياحة وعدم تعرض منشآتها او المرفقات الخدمية لاية اضرار.
2.       اقاليم مناخية تتصف بظهور تباين كبير وتقلب واضح في عناصر المناخ كأن تنخفض الحرارة الى أقل من ألصفر ألمؤي يرافقها تساقط الثلوج وانهيارات جليدية في عدد من الاقاليم الجبلية، أو تعرض عدد من المناطق لهبوب الرياح الشديدة والاعاصير, وأن مثل هذه الخصائص المناخية تعيق انشطة السياحة، فضلاً عن دورها كعامل مؤثر على المنشآت السياحية او الطرق وقطع الاتصالات او الاسلاك الكهربائية.
         ويختلف تقويم دور المناخ في مجال السياحة على وفق دوائر العرض الحرارية المحددة له وكالاتي:
(أ‌)   يفضل سكان العروض الحارة السياحة الى المناطق التي تتوفر فيها المنتجعات البحريةوالمرتفعات والشواطئ التي توفر لهم درجات حرارية معتدلة تساعد على ممارسة انشطة الترويح والاستجمام التي يشعر الانسان فيها بالراحة. كما في: المصايف الجبلية في كل من العراق، لبنان، سوريا (الهند، تايلند، المغرب العربي، جنوب شرقي تونس).
(ب) ويحبذ سكان العروض الباردة والاماكن الدفيئة السياحة في المناطق التي تتوافر فيها أشعة الشمس لذلك فيتجه سكان غربي وشمال أوربا باتجاه جنوب القارة او شمال غربي افريقيا حيث يتوفر عنصرا الحرارة الدفيئة والشمس الساطعة، لذلك فأن المناخ يمثل مجالاً استثمارياً في عناصره لصناعة السياحة وتطورها.
         ويعد المناخ من العوامل الاساسية التي تسهم في تطور النشاط السياحي في الوطن العربي اذ ان الخصائص المناخية ألتي لا تشهد تطرفاً كبيراً في عناصر المناخ والتي تؤثر على الحركة السياحية فتكون مناطق للأنشطة السياحية كما هو عليه الحال في مناطق واسعة من الوطن العربي والتي تشهد إقامة المنتجعات والمصايف واقامة المهرجانات والاحتفالات والتي تزيد من عوامل الجذب السياحي، وتنشط السياحة التي تتم على مدار العام نتيجة لملاءمة الظروف المناخية، وأن كانت تتعاظم في عدد من أشهر ألسنة، حيث يكون المناخ ملائما أولا، ووجود عوامل جذب سياحي أخرى (بحار وبحيرات) لممارسة أنشطة مختلفة ثانيا، ووجود معالم جذب تاريخية ودينية، كما هو الحال في جنوب مصر وسواحل البحر الاحمر في مصر وسيناء وشمال العراق ثالثا، وهي من العوامل ألتي تسهم في تطور ألنشاط ألسياحي، وتظهر مقومات السياحة الدائمة مناخياً في العروض المدارية وشبه المدارية وبخاصة في المناطق البحرية والجزرية ومن الامثلة عن مناطق السياحة الدائمة نذكر، جزر هواي، وفلوريدا، ومجموعة جزر الكاريبي، وبرمودا، وحوض البحر المتوسط، الاجزاء المرتفعة من اندونيسيا.
         وأهتم الجغرافيون المناخيون بدراسة العلاقة بين المناخ والسياحة والترفيه وبالشكل الذي أسهم في تطوير ما يتعلق بصناعة السياحة مناخياً، وذلك من خلال تحليل الجوانب المناخية المختلفة (عناصر المناخ) وفي مناطق متعددة في العالم، وبالاعتماد على مصادر متعددة منها آلهيئات العامة للانواء الجوية والنشرات الجوية والتي تقدم معلومات هامة عن خصائص الطقس والمناخ بشكل ساعاتي او يومي والتي تعد اساسية في الرحلات اليومية السياحية او الموسمية بحيث يلجأ السياح الى الاستماع للنشرات الجوية اليومية لتحديد المكان المناسب مناخياً لقضاء العطلة اليومية او الفصلية، وتعد عناصر المناخ وتباينها مكانيا من عوامل الجذب لسياحي في مختلف المناطق الداخلية في الدولة الواحدة أو بين دول العالم، فالمناخ بحد ذاته عنصر أساسي في قيام أي نشاط سياحي، فهو من ألعناصر ألرئيسة في الجذب السياحي, لذا تستغل معظم دول العالم التباين في العناصر المناخية في تطوير السياحة بأنواعها، كما انه عامل محدد لامكانية الاستفادة من المصادر لجذب السكان أليها وبشكل يؤثر في تحويلها الى صناعة سياحية كمصدر من مصادر تطور اقتصاديات بلدانها، فضلا عن ذلك فان المناخ من اكثر عناصر وعوامل البيئة الطبيعية تأثيراً على تطور الموارد السياحية ، وعليه يمكن التخطيط للأجازات ومن خلاله يمكن أن تتم أو لا تتم ،وتظهر دراسة تيارات السياحة العالمية مناخيا بأنها تتجه من اقاليم المناخات الباردة والسحب الدائمة الى الاقاليم الدافئة والمشمسة الدائمة، أم من المناطق ألحارة باتجاه المناطق ألمعتدلة خلال أشهر الفصل ألحار, وتؤثر الاختلافات في الخصائص المناخية على السياحة من وجوه عديد منها:
(1) يشكل المناخ عاملاً مهما من عوامل الجذب لأي منطقة اذ يكون من المفضل قضاء الاجازات في المناطق التي تتسم بدرجات حرارة معتدلة وسطوع شمسي منتظم ودائمي مع قلة الامطار.
(2) ويمثل المناخ بانه رأس المال غير المنظور لعدد من مواضع ومواقع الاستجمام، ويختلف ذلك باختلاف اقاليم العالم المناخية، فالأقاليم ذوات الشتاء الجاف والشمس الساطعة قد اكتسبت أهميتها في خصائصها المناخية ومن امثلة ذلك شبه جزيرة فلوريدا التي اكتسبت أهميتها كمنتجع شتوي لتمتعها بشتاء دافئ، لذا اصبحت منطقة جذب لآلاف الأمريكيين أليها تجنباً من برودة شتاء الشمال، وتنسحب الاهمية نفسها على سواحل البحر الاحمر وشبه جزيرة سيناء في مصر.
(3) يتحدد تركز المنتجعات في المناطق شبه المدارية الرطبة على وفق الخصائص المناخية، كما هو الحال في المنتجعات الشاطئية اليابانية وجزر فيجي ومنطقة (دربان) في جنوب افريقيا وشواطئ اوروجواي بالقرب من مونت فيديو، والمنطقة الساحلية الممتدة بين (برسبين) الى جنوب (سيدني) في استراليا، في حين ان المناطق ذوات الصيف الجاف، فتكثر فيها المنتجات الشاطئية وهي تنتشر على السواحل المواجهة للشمس في (الريفييرا) الفرنسية والايطالية، والساحل (الدالماشي) في يوغسلافيا (السابقة) ومنطقة (القرم) في الاتحاد السوفيتي (السابق)، وجميعها تمثل مناطق ملاعب الاستجمام الرئيسية في اوروبا، وتنسحب الخصائص نفسها على كاليفورنيا التي تشكل مناطق للاستجمام كملاعب في قارة أمريكا الشمالية.
(4) فضلاً عن ذلك فأن للمناخ دوره الكبير في تطور السياحة في الاقاليم المدارية لاسيما في المناطق المرتفعة فيها، إذ تتركز في عدد من المناطق الجبلية مناطق للسياحة كما هو الحال في (سملا) في الهند وفي الشرق الاقصى وتتركز في المناطق الباردة الاشكال الاكثر تخصصا في السياحة كما في الرياضة الشتوية التي تعتمد على العناصر المناخية بالدرجة الاولى والتي تسهم في تطوير اقتصادها مثل هذه المناطق.
عناصر المناخ السياحي:
1-      الاشعاع الشمسي:
         يعد الطقس المعتدل في درجات الحرارة احد عوامل الجذب السياحي، اذ يبحث السائح عن السواحل المشمسة في قضاء اجازة نهاية الاسبوع أو تزداد عن ذلك وفقاً لحاجة السائحيين، وتعكس اهمية سطوع الشمس وطول مدة الاشعاع الشمسي في رحلات السياحة الداخلية، إذ يقدم الاف من السياح من الاوربيين (البريطانيين) الى منطقة البحر المتوسط وذلك لتوفر اشعة الشمس الساطعة بحثاً عن تغير لون بشرتهم.
         ويسهم الاشعاع الشمسي في النشاط العلاجي وفقاً لدرجة سطوعها ومدة وقيم الاشعاع ألشمسي إذ أنه عامل اساسي في تنقية الجو من الميكروبات ومعالجة امراض (لين العظام) والكساح، اذ ان فيتامين (D) يساعد الجلد عند تعرضه له على تكوين البروتين وتؤثر اشعة الشمس على تكوين (البروتين) وفي افراز العصير المعدي وضغط الدم وزيادة (الهيموجلوبين والكالسيوم والفسفور)، كما تزيد من مقاومة جسم الانسان ضد الامراض، وتعد الاشعة الشمسية من العناصر المناخية المؤثرة على السياحة بغض النظر عن الحرارة وراحة الانسان باختلاف أنواعها، إذ أن الاشعة تحت الحمراء Infra – red rays التي يمتصها جسم الانسان مباشرة او من خلال ملابسه تعمل على رفع حرارة الجسم الداخلية فيقصد أما في مناطق الظل حيث الغابات والاشجار فتقل الاشعة كما في المناخ البارد فتقل الاشعة المكتسبة، كما ان تركز هذه الاشعة قد تصيب الانسان بالعمى(Blindness) وتسبب له الصداع (Hcadaches) مما يقلل ذلك من راحة الانسان.
          ويؤثر الاشعاع الشمسي على السياحة من خلال توفيره لظروف طقسية ملائمة، ففي الجزر البريطانية إذا ما مرت سنة دون صيف مشمس فأن الحركة السياحية الطبيعية تتناقص،حيث تسمى الرحلات السياحية فيها بـ (Sandsun and sea)، وتقع مثل هذه المنتجات الساحلية في إنكلترا على السواحل الجنوبية الاكثر دفئاً مثل سواحل(برايتون Briton)، أو في ضمن السواحل الشرقية الاكثر تمتعاً بالشمس، حيث أن الاشعة (فوق البنفسجية Ultaviolet rays) والتي يتطلبها جسم الانسان في صناعة فيتامين (D) هي الاساس الرئيس في بناء العظام وقوتها، كما ان هذه الاشعة لها دورها في اصابة جلد الانسان بالتقرح والسرطان إذا ما وصلت بصورة مباشرة الى الجسم ولم يقلل من وصولها غاز (الاوزون O3) الذي يمتص الجزء الاكبر منها، وأن هذه الاشعة تصيب العين بأمراض مختلفة، ويشكل سطوع الشمس وأزدياد مدة (التشميس)، أحد عوامل الجذب السياحي، ولقد حظيت العروض المدارية وشبه المدارية والمناطق ذوات المناخ الذي يتمثل بمناخ البحر المتوسط بنصيب وفير من السطوع الشمسي والتشمس في نصف السنة الشتوي، مما جعل مناطق عديدة منها مشاتي سياحية هامة يتوافد اليها سنوياً الملايين من السياح والمتنزهين، كما هو الحال في(الريفييرا الفرنسية) على ساحل البحر المتوسط، و(السواحل الاسبانية المتوسطية)، وجزر(البليارد الاسبانية) و(مالوركا ومنيوركا وابيزاوفورمنتر)، و(جزر الكناري الاطلسية) مقابل الساحل المغربي، والساحل (الادرياتيكي) في ايطاليا ويوغسلافية، كما أن شتاء المنطقة العربية وفير بسطوعه الشمسي ودفئه النسبي الذي لا يعيق الحركة السياحية لذلك يتجه نحوها سنوياً أعداد كبيرة من السياح الشماليين من أوربا وامريكا الشمالية واليابان وغيرها والذين تزداد أعدادهم خلال نصف السنة الشتوي.
         أما خلال الفصل الحار من السنة في مناطق البحر المتوسط حيث يتوفر الاشعاع الشمسي خلال النهار خلال أيام اشهر الصيف الثلاثة، فأن ذلك يعيق الحركة السياحية لارتفاع درجات الحرارة المتفرقة بالرطوبة العالية خاصة في سواحل المتوسط الجنوبية والشرقية، لذا يلجأ السياح المصطافون الى مياه البحر للتخفيف من الضغط الحراري ليستمتعوا وقتاً من النهار بالاستلقاء على رمال الشاطئ تحت اشعة الشمس، ونتيجة لوفرة السطوع الشمسي شتاء في جنوب السواحل لأمريكا الشمالية كما في (فلوريدا، جنوب كاليفورنيا) فقد ازدادت المنتجعات الشتوية، في حين ازدهرت سياحة الاصطياف في شمال كاليفورنيا، ومما لا شك فيه، فأن شتاء جزر البحر الكاريبي (بورتوريكو، جمايكا، بهاما، باربادوس...الخ) وسواحل المكسيك، والتي تتمتع بالدفء ووفرة في السطوع الشمسي وأن ذلك كان سبباً في جذب ملايين السياح من الولايات المتحدة وأوروبا وبخاصة أوروبا الغربية،ومما يؤكد أهمية وفرة السطوع الشمسي وزيادة التشميس في الجذب السياحي هو زيادة نسبة التشمس في منتجعات (الالب الرئيسية) في سويسرا والنمسا وايطاليا وفرنسا، رغم سمك الجليد الذي يغطي الارض وبرودة الشتاء ألا ان زرقة السماء والشمس الساطعة، وجفاف الهواء تشكل عوامل هامة في تدفق السياح وممارسة رياضتهم الشتوية، فضلاً عما تقدم فان زيادة التغيم وسقوط الامطار يشكلان عوامل تعيق السياحة والاستجمام، خاصة اذا ما كانت السحب من النوع المزني الغزير الأمطار، وما يرافق ذلك من ظواهر طقسية ومناخية ، لذا نجد إن عدداً من مناطق العالم بالرغم من تمتعها بظروف حرارية ملائمة للسياحة والاستجمام، الا أن زيادة التغيم ووفرة سقوط الأمطار يشكل عائقاً في وجهة حركة السياحة والاستجمام والترفيه.

(1)   الحرارة الملائمة Temperature optemum
         تعد درجة الحرارة من اهم العناصر المناخية سياحياً لما لها من علاقة مع راحة الانسان ونشاطاته ومن ثم فهي عنصر جذب سياحي هام محرك للسياح في محيط دائرة سياحتهم، اذ ان المناطق الشديدة البرودة والمرتفعة الحرارة تعد طاردة للسائحين بالاتجاه الى المناطق المعتدلة التي توفر للانسان الشعور بالراحة الجسدية والنفسية اذ تعد درجة الحرارة بين (18- 35مْ) هي الحرارة المثلى لراحة الانسان وانشطته المختلفة، وان مثل هذه الدرجات الحرارية لا تتوفر على مدار السنة الا في مناطق المرتفعات المدارية التي يتراوح الارتفاع فيها بين (500 – 2000 متراً)، وتعد درجات الحرارة الاعلى من (28م) والاقل من (15مْ) عامل اعاقة للسياحة وتزداد الاعاقة مع زيادة التطرف الحراري خاصة التطرف في ارتفاعها عن ألمعدل، والتي تكون غير ملائمة حراريا للسياحة والتي يشعر بها السائح والناتجة عن الحرارة المتولدة في اجسامهم بفعل عملية التمثيل الغذائي الذي يتزايد مع الحركة.
         وتعد الظروف المناخية المفضلة لأي نشاط استجمامي وسياحي عندما تتوفر في مواسم معينة وتمثل احد العلاقات المفضلة في أي منطقة، فضلاً عن ان طول الموسم يساعد على زيادة الفائدة بالنسبة للتجهيزات السياحية وبالتالي توفر عوائد مادية كبيرة في مقابل رأس المال المستثمر ويكون ذلك اكثر أهمية في المناطق التي تتمتع بأكثر من موسم، وتظهر الموسمية بصورة واضحة في المنتجعات التي تعتمد على العناصر المناخية عنها في اماكن الجذب التاريخية والاثرية وفي المدن الكبرى، وتؤثر الخصائص المناخية في زيادة النفقات من خلال إقامة أوتطوير عدد من المنتجعات لاسيما في جانب التشييد والبناء، كما ان هناك تكاليف مضاعفة تحدث عندما تزداد او تقل درجات الحرارة، مما يتطلب ذلك التزود بأجهزة التدفئة او التبريد المركزية، كما هو الحال في منتجع (لابلانLa plagne) الفرنسي، اذ يعتمد التكامل الطبيعي فيها على تدفئة المنازل المقامة على ارتفاع(2000متر)، وتعد الخصائص المناخية الفجائية ذوات تأثير كبير في تحديد نوع السياحة القائمة فهي تسبب عوائق أمام التسهيلات الاستجمامية، ففي المنتجعات الجبلية تؤدي الرياح الشديدة الى غلق خطوط الكابلات، فضلاً عن إن العواصف المدمرة تحدد من ركوب البحر والتنزه فيه، كما تؤدي العواصف الرملية الى طمس معالم الطرقات وتعرية الابنية في المنتجعات الشاطئية، وتودي موجات الضباب الى اعاقة حركة الموصلات، واخيراً فأن فترة النشاط الاستجمامي تحددها وبقوة الأنظمة والنماذج المناخية الحارة والباردة.
         وقد أهتم عدد من الجغرافيين بدراسة العلاقة بين المناخ والسياحة،وقد تمثل دورهم في تحديد المناطق التي تصلح للأنواع المختلفة من هذه الانشطة، وتحديد الظروف التي تصلح لممارستها، لأن عدداً من فرص الاستجمام، وبصفة خاصة خلال ايام العطل السنوية المخطط لها والتي تتم بعيداً عن ألمساكن، وفي هذه الحلة فأن السائح يكون بحاجة الى معلومات متقدمة وكافية عن الخصائص المناخية المحتملة،وكانت إولى المحاولات للجغرافيين تمثلت (بتحديد الظروف المناخية المثالية للراحة والاصطياف)، ضمن المناخات المعتدلة التي تتصف بحرارة معتدلة وشمس مشرقة ورطوبة منخفضة مع حركة نسيم خفيفة للهواء، وتتوفر مثل هذه الخصائص المناخية المثالية للسياحة خلال فصل او في مدة معينة، وقد حددت درجة الحرارة التي لا تزيد عن (25م5) ورطوبة النسبية لا تتعدى (60%) هي التي توفر المناخ السياحي المثالي، وتعد عناصر المناخ من اشعاع شمسي ودرجات حرارية معتدلة وهواء نقي ورطوبة متوسطة ذوات تأثير على تحديد المنطقة سياحياً وعامل جذب للسكان، إذ يمكن تحديد الماخ السياحي المثالي في ضوء ما تقدم بأنه (المناخ المعتدل الذي لا يتصف بالحرارة والبرودة الشديدتين خلال السنة او خلال الموسم السياحي، والذي لا يتصف بالتقلبات الحرارية الكبيرة خلال الليل والنهار او خلال فترة قصيرة، فضلا عن كونه يتصف بوجود عدد كبير من الايام المشمسة ولكنها ليست حارة بدرجة كبيرة والهواء النقي وانعدام الرياح الشديدة السرعة).
         ويتحدد نوع النشاط السياحي والترفيهي على نوع المناخ السائد في الاقاليم المناخية، فالمناخ المفضل سياحيا هو(المناخ الذي تقل فيه عدد الايام التي تتذبذب فيه خصائص عناصر المناخ عن معدلاتها الطبيعية وألذي تكيف عليه السكان، وتعد المناطق ذوات الخصائص المناخية) المتطرفة التي تتمثل بحرارة مرتفعة، رياح شديدة إمطار غزيرة، تساقط الثلوج وما يرافقها من تأثير على ألمنشآت السياحية،والطرق المؤدية لها وقطع الاتصالات، الكهرباء، انهيارات جليدية، تجعل منها مناطق طاردة للنشاط السياحي، لذا فالمناخ هو عصب النشاط السياحي والترفيهي والترويحي، فلكل نشاط سياحي مناخ مناسب له ويشكل مورداً طبيعياً يمكن إستغلآله والتكيف معه، مما يوفر الراحة للسائحين اولاً ويعود بالنفع والربح للمنشآت السياحية ثانياً، لذا لابد من دراسة تأثير المناخ على الحركة السياحية، اخذين بنظر الاعتبار تغيرات الطقس التي تسود لمدة ما، وبخاصة تلك التغيرات المفاجئة التي لها دورها المهم في تنشيط حركة السياح أو الاقلال منها، فموجة حارة في الفصل الحار ستنشط من حركة السياح والمتنزهين تجاه البحار والبحيرات والاماكن الجبلية والحدائق، في حين أن موجة برد شديدة تحدد من حركة السياح خاصة اذا ما ترافقت بأحداث جوية مضطربة من عواصف مطرية أو ثلجية أو ريحية، لذلك فأن هذه التغيرات الجوية لها أثرها في تحديد النشاط السياحي والاستجمام الذي يمكن ممارسته.
         ويعد التطرف في درجة الحرارة في حديه الادنى و الأعلى عامل يدفع بالانسان بصورة غير ارادية الى محاولةالتوازن الحراري للجسم والذي يعتمد مباشرةً على مقدار ما يمتصه او يفقده في العلاقة مع درجة حرارة الهواء، ويتطلب اعادة التوازن الحراري جهوداً كيمياوية وفيزياوية يقوم بها جسم الانسان واذا ما استمرت يكون ذلك على حساب صحة الانسان وطاقة جسمه ويعرضه للاصابة بعدد كبير من الامراض كالنحول ألعام والتهاب العينين واصفرار الوجه، ووهن الجسم، لذلك فالدرجة الحرارية المثالية للهواء هي تلك الدرجة التي تقترب كثيراً من حرارة الانسان الداخلية Core Temperature والتي حددت الظروف المناخية لاقامة المراكز السياحية والترفيهية بحيث لا تزيد فيها درجة الحرارة عن (25م5) وبرطوبة نسبية لا تزيد عن (60%).
         وتعد درجة الحرارة أهم العناصر المناخية سياحياً لما لدرجة الحرارة من تأثير مهم في راحة الانسان ونشاطه وبالتالي فهي عنصر جذب سياحي مهم ومحرك للسياح في محيط دائرة سياحتهم ولهذا نجد ان المناطق الشديدة البرودة والمرتفعة الحرارة غير جاذبة للسياح، وإنما طاردة لهم الى مناطق الاعتدال الحراري التي يشعر فيها الانسان بالراحة الجسدية والنفسية، حيث تعد درجة الحرارة بين (18 – 25 م5) المثلى لراحة الانسان ونشاطه، وأن مثل هذا الحد الحراري لا يكون متوفراً على مدار السنة، إلا في مرتفعات المناطق المدارية بين ارتفاع (500 – 2000م)، في حين تعد الاجزاء المنخفضة من المناطق المدارية وبشكل خاص المنطقة الاستواية غير الملائمة حرارياً حيث أن متوسط الحرارة اليومي يتجاوز باستمرار (25م5).
         ويكاد يتفق معظم العلماء في المناخ بان درجة الحرارة (25م5) هي العتبة الحدية العليا للراحة البشرية،في حين العتبة الحدية الدنيا تختلف باختلاف الموطن البشري والنشاط الممارس وطبيعة الطعام والشراب، بغض النظر عن اللباس وهي تتراوح بين (10 – 15م5) ولقد حلل باول (Paul) (1974) مستوى المشاركة اليومية في ثمانية انشطة من انشطة الاستجمام الخارجي في ثلاث مناطق مناخية في كندا خلال صيف عام (1969م) ووجد أن تأثير الطقس، يختلف بشكل ملحوظ باختلاف نموذج الاستجمام الممارس،فالأنشطة الشاطئية والسباحة تعتمد بصورة رئيسية على درجة الحرارة العظمى اليومية وعدد ساعات سطوع الشمس، في حين ترتبط انشطة التنزه في الحدائق والتجول وقيادة السيارة ارتباطاً ثانوياً بظواهر الطقس.
         ويوضح الشكل (1) العلاقات بين خمسة اشكال من الاستجمام الخارجي ودرجة الحرارة العظمى اليومية على ضوء النتائج المستندة من البيئة الكندية، إذ يتضح من الشكل بأنه في حال إنخفاض درجة الحرارة العظمى اليومية دون (16م5) فأن أنشطة التنزه المتعددة في الحدائق ورياضة (الجولف gulf) والتنس وزيارة الاماكن الخاصة كحدائق الحيوانات والمناطق ذات التركيب الجيولوجي المختلفة تستطيع جذب أعداد كبيرة من السياح والمصطافين، ويزداد الاقبال على انشطة التنزه السابقة الى الحد الاقصى اذا ما بلغت درجة الحرارة (27م5)، في حين تصل ذروة رياضة الجلف والتنس وزيارة الاماكن الخاصة عند درجة حرارة (24م5) وتصبح انشطة السباحة والاستجمام الشاطئية اكثر شعبية بين انشطة الاستجمام الخارجية اذا ما تجاوزت درجة الحرارة (21م5). شكل (1).


شكل (1)
العلاقة بين خمسة اشكال من الاستجمام الخارجي ودرجة الحرارة العظمى اليومية في كندا
المصدر: علي صاحب طالب الموسوي، عبد الحسن مدفون ابو رحيل، علم المناخ التطبيقي، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة الكوفة، ط 1، 2011، ص 395.
         ويؤثر التطرف الحراري وارتفاع الحرارة خاصة بالنسبة للسياحة التي تتم في الهواء الطلق والتي تتطلب من السياح الحركة، إذ تضاف الى درجة حرارة الجو التي يحس بها السائح درجة حرارية تنتج من خلالها الحركة المتولدة في اجسادهم بفعل عملية الاستقلاب الغذائي التي تتزايد مع الحركة، لذا فأن حدود الراحة تتناقص في حالة الحركة، مما يتطلب من السائح عند انخفاض   الحرارة الشديد الاستعانة بالملابس الكافية لحماية نفسه،غير إن هنالك مناطق عديدة من العالم تتوفر فيها الحدود الحرارية الملائمة سياحياً في فترات من السنة وألتي تشجع ظروفها الحرارية على السياحة الموسمية، وتشكل درجات الحرارة الاعلى من (28م5) والأقل من (15م5) عامل إعاقة للسياحة وتزداد درجة الاعاقة مع زيادة التطرف الحراري.
         وتؤدي درجات الحرارة المرتفعة الى اصابة الانسان بما يطلق عليه بضربة الشمس اذا ما تجاوزت درجة حرارة الانسان الطبيعية (37مْ)، واذا ما اقترنت الحرارة المرتفعة مع الرطوبة فأن الانسان يشعر بعدم الراحة، إذ أن جسم الانسان يستطيع تحمل درجات حرارية الى (36مْ)، وان ارتفاعها مع انخفاض الرطوبة النسبية كما في المناخ الصحراوي فأن الانسان يشعر بالجفاف وتقشر الجلد، ويبرز تأثير درجات الحرارة في مدى الشعور بالراحة من عدمه وان درجة الاحساس بالحرارة يتوقف على مدى استيعاب الرطوبة، فإذا ما ارتفعت نسبة الرطوبة الى اكثر من (70%) فهذا يعني ان الهواء لا يستطيع امتصاص رطوبة الجسم الناتجة من ارتفاع الحرارة، وبذلك يكون الاحساس بعدم الراحة وارتفاع حرارة الجو، أما إذا انخفضت الحرارة أقل من درجة حرارة جسم الانسان فأن ذلك يقلل من إندفاع الدم للجلد في جسم الانسان، ولذلك تنخفض درجة حرارة الجلد في كل من (الايدي والاقدام)، وسيقل نشاط الانسان وفق ذلك سياحياً، مما يتطلب منه بذل جهود كبيرة في ظل هذه الظروف المناخية الحرارية غير المريحة سياحياً([16]).
         وعلى وفق ذلك يظهر لنا بأن الانشطة السياحية تتناسب مع درجات الحرارة والرطوبة، وأن أي أي إختيار لمناطق لان تكون سياحية، يجب أن يكون وفق أقتران درجات الحرارة مع الرطوبة، اذ يشكل اقتران الحرارة العالية مع الرطوبة العالية طقساً غير ملائم لأقامة أية أنشطة سياحية، وهذا قد حدد بأن تكون المناطق الاستوائية غير مناسبة للتنمية السياحية، فضلا عن ذلك فأذا ما أقترنت الحرارة المرتفعة مع تناقص كبير للرطوبة فأن ذلك يجعل من المناخ حارا وجافا جداً فتصبح المناطق هذه غير ملائمة للسياحة ايضاً كما في المناطق الصحراوية ما عدا ما يوجد فيها من واحات، أو مرتفعات تعدل من حرارتها، ويمكن حيئذ أن تكون مناطق جذب سياحي للسكان في مثل هذه المناطق.
         تسود الحرارة العالية لأكثر من نصف السنة في معظم المناطق المنخفضة في الوطن العربي، وعلى الرغم من ان شهري (تموز وآب) من أكثر أشهر ألسنة حرارة، إلاّ أن ألمدة الممتدة من شهر (نيسان) الى شهر (تشرين اول) تتراوح الحرارة فيها ما بين دافئة الى حارة في معظم انحاء الوطن العربي، فقد سجلت درجة الحرارة في وسط وادي النيل وداخل شبه الجزيرة العربية (38م) خلال بداية شهر اذار، مع أمكانية استمرار تسجيل مستوى درجة الحرارة هذا خلال شهر تشرين الثاني أيضاً، كما أن البيئات الصحراوية العربية المنخفضة عرضة لهبوب هواء دافئ يرافقه تسجيل معدلات لدرجة حرارة مرتفعة (32 مئوية) في العراق وشبه جزيرة العرب، فسماء الصحاري العربية الصافية خلال الفصل الحار تسهم في ارتفاع درجات الحرارة خلال النهار، ففي محطة (أبقين) التي تقع شرقي المملكة العربية السعودية وألتي تبعد مسافة (43 كم) عن ساحل الخليج، سجلت درجة الحرارة فيها (37 م) خلال شهري تموز وآب، وفي ذات المحطة (أبقين) سجلت درجة الحرارة العظمى بعد الظهر في شهر تموز (44°مئوية)، وفي آب (45°مئوية)، وفي شهر تشرين اول (45,5°مئوية)، مما يجعل منها مناطق طرد للسكان خلال الفصل الحار والبحث عن مناطق للسياحة.
وبالرغم من سيادة درجة الحرارة المرتفعة في الوطن العربي صيفاً، فإن درجة حرارة المناطق الداخلية منه معتدلة بفعل تأثير ألأرتفاع عن مستوى سطح البحر، فتشير تسجيلات درجة حرارة أيام منتصف أشهر الفصل ألحار تتجاوز (38 م) في دمشق وعمان، مع ان معدل درجة حرارة اكثر الأشهر دفئاً فيها تكون معتدلة. ففي هذه المناطق الداخلية العالية يتم اشعاع الحرارة المتراكمة فيها نهاراً وخلال الليل، إذ تكون السماء صافية، مما يخفض من درجة حرارة ما قبل الفجر الى مستوى يتراوح ما بين (20-21م) دون درجة الحرارة العظمى المسجلة بعد الظهر.
          وتنتشر في عدد من النطاقات الجبلية في لبنان وسوريا والاردن وتونس والجزائر والمملكة المغربية والعراق منتجعات سياحية جاذبة ليس فقط للسياح المحليين وانما لعدد كبير من سياح دول الخليج العربي والدول الاجنبية، فالمنتجعات الجبلية ألمقامة خلف مدينة بيروت تزدحم بالسياح خلال الفصل الحار،كما كان ذلك قبل نشوب الحرب الاهلية اللبنانية والتي عادت الى سابق عهدها حالياً. وكذلك الامر بالنسبة للمنتجعات الجبلية السورية التي تزدحم بالسياح العرب والاجانب في الوقت الراهن، كما تعد مدينة الطائف في السعودية منتجعاً سعودياً صيفياً يؤمه عدد كبير من السياح السعوديين وغير السعوديين، فضلا عن ما تشهده المنطقة ألشمالية من ألعراق وخاصة في المصايف المقامة في كل من أربيل والسليمانية ودهوك وغيرها، والتي تزدحم بالسائحين من داخل العراق والدول المجاورة.
3- الرياح وتأثيراتها السياحية:
         تعد خصائص الرياح من العناصر المناخية المؤثرة على السياحة، إذ تعد سرع الرياح وألتي لا تزيد سرعتها عن (5 م/ثا) من عوامل الجذب السياحي، وذلك لأنها تقلل من شعور الانسان بالحرارة المرتفعة وإذا ما اقترنت بالرطوبة، وذلك لأن الرياح هنا تكون عامل تبريد للجسم البشري، أذ أن قلة حركة الرياح، عندما يكون الهواء في حالة سكون، فأن ذلك يجعل من انتقال الحرارة لجسم الانسان تكون بصورة مباشرة، لذا فأن افضل هبوب للهواء هو عندما يكون بصورة نسيم بسرعة تتراوح سرعته بين (3,0 – 5,1 م/ثا)، أو بشكل نسيم خفيف (1,1-3,3م/ثا)، وتكون يشكل نسيم خفيف بين (4,3-5,1م/ثا)، ويشكل عام فأن سرع نسيم البحر على شواطئ البحار والبحيرات وعلى ضفاف الانهار الكبرى لا تزيد حركة الهواء (5م/ثا) والتي تتطلبها مناطق الجذب السياحي،وتعد الرياح عنصراً مناخياً وعاملا مؤثرا على السياحة في آن واحد، فالرياح تؤثر على الحرارة والرطوبة والتساقط المطري والتبخر، في حين ان الرياح ذات السرع العالية تسهم في ظهور الامتدادات الرملية، أو العمل على تكوينها في حالة جرف كميات ضخمة من الرمال، وفي أحيان اخرى تتحمل الرياح بذرات الرمال وفتات الصخور الناتجة من عمليات التعرية الصحراوية، ووفق ذلك فأن استقرار الجو وظهور حركة خفيفة للهواء بشكل نسيم تكون من عناصر الجذب السياحي في كافة دول ومناطق العالم السياحية، اذ أن السياحة والتنزه تتطلبان اجواء ملائمة لكونهما يمارسان في الهواء الطلق، لذا تقل حركة السياحة والتنزه في المناطق السياحية التي تشهد فيها حركة وسرع الرياح، أو تكثر فيها العواصف بكافة اشكآلها وأنواعها، ويرافق عدم استقرار الهواء وظهور الاضطراب عوامل أساسية محددة للنشاط السياحي ومنها:-
‌أ-       التغير السريع في درجات الحرارة والذي يرتبط بنوعية الكتل الهوائية المؤثرة والتغير في درجة تغيم السماء.
‌ب-   وتشكل المنخفضات الجوية الجبهوية أكثر تلك التغيرات المرافقة للتغير في الحرارة، لذلك فأن مثل هذه التغيرات التي تحدث خلال السنة والتي يكثر تردد تلك المنخفضات فيها على عدد من مناطق العالم السياحية، تتميز بأنها تتعرض للتغيرالواضح في درجات حرارتها واضطراب ملحوظ في جوها.
‌ج-    طبيعة الضغط الجوي: يقترن الاضطراب الجوي وتغيره من خلال الاختلاف في قيم الضغط الجوي زيادة حركة الرياح الافقية أو حركة الهواء الرأسية والافقية،وما يرافقها من ظواهر جوية مثل تلبد السماء بالسحب، أو نشاط الظواهر الغبارية، وكذلك حركة الكتل الهوائية، وإذا ما كانت رطبة يرافقها حدوث التساقط مما يعيق ذلك من نشاط وحركة السياحة والاصطياف.
‌د-      العواصف والاعاصير:تشكل العواصف بمختلف انواعها عوامل محددة للحركة السياحية، إذ أن زيادة سرع الرياح بشكل تتجاوز فيه السرعة (17م/ثا)، فأن ذلك سيعيق أي نشاط سياحي، كما ان الرياح ذوات السرع التي تتراوح بين (10 – 17م/ثا) تقلل من نشاط حركة السياح، وعلى الرغم من ان معظم العواصف الريحية تحدث في المدة المضطربة جوياً من السنة (نصف السنة الشهري)، فهي أحد العوامل المؤثرة على عدد من المشاتي في العالم، إلا أن الصيف فصل السياحة والاستجمام على شواطئ البحار يشهد احياناً عدد من العواصف نذكر على سبيل المثال العاصفة التي تعرض لها شاطئ البحر الاسود في رومانيا عام (1986م) في (24تموز)، فقد وصلت سرع الرياح الى (24م/ثا) والعواصف الترابية والرملية اشد اعاقة من العواصف الريحية ألتي ترافقها رياح شديدة السرعة محملة بالأتربة والرمال، والتي تحد من الرؤية الى اقل من(1000م)،وتزداد هذه العواصف في المناطق الجافة وشبه الجافة في الفصلين الانتقاليين، وفي الفصل الحاربشكل يؤثر على السياحة والتنزه خلال مدة هبوبها، وأن العواصف المطرية التي تحدث الفيضانات والسيول، والعواصف الثلجية اقل اعاقة للسياحة، إلا أن ألأكثر خطراً على السياحة هي الاعاصير المدمرة والتي تتمثل بالاعاصير المدارية التي تجتاح بعض المناطق السياحية الشتوية والصيفية آلهامة في نصف السنة الصيفية، كما هو الحال في منطقة خليج المكسيك الامريكية بما في ذلك (فلوريدا وجزر الكاريبي) التي يندر ان تمر سنة دون ان تصاب بأذى اعصار مداري، وكذلك جنوب شرق الصين وفيتنام والفيليبين وجنوب اليابان التي تتعرض للأعاصير ومناطق اخرى من العالم في العروض المدارية وشبه المدارية من شرقي القارات.
          وتهب على الوطن العربي وفي شمال حوض البحر الاحمر في الشتاء رياح شمالية شرقية تدعى باسم (الرياح الموسمية الشمالية الشرقية)، وفي جنوبه تهب عليه رياح (موسمية جنوبية غربية) خلال اشهر فصل الصيف، وتهب خلال شهر حزيران وبداية شهر تموز على الطرف الاخر من شبه جزيرة العرب وحوض الخليج العربي وحوض الرافدين رياح شمالية جافة ذات سرع تتراوح ما بين (40-50 كم/ساعة)، وغالباً ما تحمل تلك الرياح معها الرمال من المناطق المتصحرة في حوض الرافدين قبل ان تنخفض سرعتها لتتراوح ما بين (25-32 كم في الساعة) في نهاية الفصل الحار من السنة.
         وتتحرك في مقدمة المنخفضات الجوية المارة في حوض البحر المتوسط رياح دافئة او جافة بحيث تختلف في اتجاهاتها واوقات هبوبها، فمنها يبدأ هبوبه في أواخر الفصل البارد، وبعضها الاخر يظهر في الربيع واوائل الفصل الحار، وتسمى هذه الرياح المحلية الجافة والحارة بتسميات مختلفة في اقطار الوطن العربي المختلفة، ففي مصر تعرف باسم (رياح الخماسين)، وفي ليبيا تعرف بأسم (رياح القبلي)، وفي المملكة المغربية تدعى بأسم (السولانو) او (السيركو)، وفي السودان تعرف بأسم (رياح الهبوب)، وتعرف باسم الشرقية (ألشرجي) في العراق وفي لبنان وسوريا والاردن وفلسطين، ورياح (القوس) في الخليج العربي و(السموم) في شبه الجزيرة العربية، ويطلق عليها (بالطوز) في الكويت، ويصاحب تلك الرياح المحلية في الوطن العربية تغيرات سريعة في درجة الحرارة بمعدل يتراوح ما بين (10-15مْ) مئوية مع تناقص الرطوبة النسبية مما تؤثر فتعمل على جفاف اوراق النبات وثماره (تعمل على هلاك المحاصيل الزراعية)، كما يتعرض عدد من النباتات الى الحرائق فضلاً عن تأثيرها على الانسان من خلال صعوبة التنفس أولاً، وما يرافقها من ظواهر غبارية (عواصف، غبار متصاعد، غبار عائق) والتي يكون تأثيرها على الانسان وانشطته المختلفة الزراعية والصناعية، ومن جهة اخرى فأن الزيادة عن المعدل الطبيعي للرياح لراحة الانسان يسبب حالة الشعور بالضيق لدى الانسان وتسبب الرياح الشديدة المصاحبة للاعاصير تدمير العديد من المنتجعات وتسبب خسائر بمليارات الدولارات كل عام.
4- الرطوبة الجوية وتأثيراتها السياحية:
          تعد الرطوبة النسبية احد العناصر المناخية ذوات الأهمية الكبيرة في السياحة لما لها من دور فعال في راحة الانسان وانشطته، ويبرز تأثيرها في تحديد القيمة الفعلية للحرارة حيث ان العلاقة بينها علاقة قوية جداّ يصعب الفصل بينهما في مجال تأثيرها الحيوي على الانسان، فضلاً عن كونها عنصراً مناخياً يعتمد في معالجة الاشخاص المرضى بعدد من الامراض، اذ ينصح الاطباء عدداً من المرضى بالذهاب الى المناطق التي يكون الهواء فيها نقياً اولاً،وذو رطوبة جوية منخفضة ثانياً، وهذا ما يتوفر عموماً في المناطق الجبلية وخاصة الجبال الداخلية البعيدة عن تأثير المسطحات المائية.
         وتشير الدراسات في هذا الجانب ىأن الرطوبة الجوية الملائمة هي التي تتراوح نسبتها بين (40- 60%) هي الاكثر ملائمة لجسم الانسان فاعلية، وتوفر درجة حرارية مزعجة لجسم الانسان، في حين اذا ما تجاوزت (70%) خلال الفصل البارد او الحار([17])، فأن الانسان سيشعر بالبرد شتاءً، خاصة إذا ما كانت درجة الحرارة قريبة من التجمد بين (صفر - 5م) ازداد احساسه بالدفء صيفاً مع ارتفاع الحرارة والرطوبة على جسمه، أي اذا كانت الرطوبة المطلقة مرتفعة لازدياد ضغط بخار الماء وتتناقص قيم التعرق نتيجة ذلك اولاً، وتناقص التبريد لسطح الجسم بسبب ذلك ثانياً، أما في حالة تناقص الرطوبة النسبية الى اقل من (40%) والتي تنخفض في المناطق الجافة صيفاً الى دون (10%) مع ارتفاع الحرارة فيكون الجو عندئذ حاراً لا فحاً، إلا أنه يكون اقل ازعاجاً من الجو الشديد الحرارة والمرتفع في الرطوبة، الا أن إقتران الرطوبة النسبية المنخفضة مع تناقص درجة الحرارة والتي تصل إلى أقل من (5م)، فأن ذلك سيجعل الشعور بالظروف المناخية باردة وغير مريحة.
ويظهر ذلك بشكل واضح عند الانتقال نهاراً خلال فصل الصيف الحار من ايام شهر تموز من مدينة تصل الحرارة فيها الى (38م5) والرطوبة النسبية (20%) الى مدينة بحرية تكون فيها درجة الحرارة (32م5) والرطوبة النسبية (70%)، وهذا التغير المناخي يكون واضحاً من خلال الفرق بين الخصائص المناخية بين المدينتين، إذ يكون الاحساس بالراحة في المدينة الاولى وعدم الشعوربالراحة في المدينة الثانية اذ يكون ارتفاع الحرارة مقترن بالرطوبة العالية. ويتحدد دور الرطوبة الجوية في المنطقة سياحياً من خلال تأثيرها المباشر على راحة الانسان وصحته، اذ انها تمثل قيم بخار الماء الموجود فعلاً في حجم معين من الهواء (3غم/م3) وتزداد قيم بخار الماء في المناطق ذوات الخصائص المناخية الحارة القريبة من (المسطحات المائية) حيث تصل قيم بخار الماء في المتر المكعب من الهواء البحري والذي درجة حرارته (30م5) الى (30غ)، في حين تصل الى اقل من نصف ذلك في المناطق التي تصل الحرارة فيها (15م5)، وعلى وفق ذلك تصبح الظروف المناخية في المناطق الجبلية المعتدلة البرودة صيفاً ذات رطوبة مطلقة اقل بكثير مما هو عليه الحال في الخصائص المناخية البحرية وهذا يدفع بعدد كبير من السياح الى البحث عن تلك المناطق الجبلية القليلة الرطوبة والنقية الهواء والمعتدلة حرارياً والتي تمثل مناطق للسياحة حيث يكون المناخ ملائما للأستشفاء من عدد من الامراض كالربو والطفح الجلدي والتدرن الرئوي، وهذه الظروف تسهم في وجود المصحات في المناطق الجبلية التي اصبحت مناطق للسياحة والاصطياف مقارنة مع غيرهامن المناطق الاخرى.
         وتعد طبيعة الهواء ونقاوته مناخياً من العوامل المؤثرة على صحة الانسان والجذب السياحي، فضلاً أن كونه عاملاً رئيساً في تحيد مواقع المنتجعات والمصايف في المناطق الجبلية بالدرجة الاولى،إذ أن عامل الارتفاع يجعل الهواء نقياً من الغبار ومن ثاني اوكسيد الكاربون، والشوائب، وبالتالي تقل فيه عملية امتصاص الهواء للحرارة، وهذا ما يفسر تركز المصايف والمشاتي على السفوح الجبلية المتوسطة الارتفاع بين الوديان وقمم الجبال، فالوديان كما هو معروف تصبح مستودعاً للهواء البارد ليلاً او شتاءً والهواء الدافئ، نهاراً أو صيفاً مما له اثره في اختلاف مراكز الضغط الجوي وبالتالي ظهور حركة للهواء يومياً بين قمم الجبال وبطون الاودية عبر السفوح المتوسطة الارتفاع، مما يجعل من مثل هذه المناطق ملائمة للاصطياف، حيث يظهر بشكل بارز في المناطق المرتفعة التي تقع ضمن المنطقة الاستوائية والتي تتميز بأن معدل حرارتها السنوي بحدود (10م5) اولاً وقلة المدى الحراري اليومي والسنوي كما في مدينة (كيتو) عاصمة الاكوادور والتي تقع على ارتفاع (9350 قدماً) حيث أصبحت منطقة جذب للسكن والاصطياف لما تتمتع به من هواء نقي من الغبار والشوائب.
المبحث الثالث
المعادلات المعتمدة في تحديد المناخ السياحي
         وعلى وفق ما تقدم يظهر لنا بأن لكل من عناصر المناخ تأثيره على السياحة والاصطياف، كما يظهر للتداخل بين عناصر المناخ، مما ادى ذلك الى تعدد المحاولات من قبل العلماء لتحيد المنطقة الملائمة سياسياً أو إصطيافياً أو حتى علاجياً، فمنهم من أعتمد على عنصر واحد من عناصر المناخ، في حين أعتمد اخرون على عنصرين أو أكثر لتقويم المنطقة سياحياً، ومن هذه المحاولات ألتي قام بها(ديفز Devies) بتقويم مناخ المملكة المتحدة للأغراض السياحية معتمدا على الفكرة السابقة ومطبقاً معادلته المشهورة وهي:
Io =10Tx +10S1-7R1
إذ أن:
I= دليل السياحة الصيفي ،  Tx= معدل الحرارة اليومي بالدرجات الفهرنهايتية
S1= المعدل اليومي لسطوع الشمس بالساعات ، R1= مجموع المطر بالانجات([18])
وتطبق هذه المعادلة في المناطق التي يقل فيها الجفاف، كما في دول اوروبا التي يسود فيها المناخ البارد المغطى معظم ايام السنة بالثلوج، واما في المناطق الجافة وشبه الجافةوالتي تكون فيهه اشعة الشمس عاملا معوقا لنشاط الانسان السياحي فقد تم تعديل المعادلة لتلائم مثل هذه المناطق، ويمكن اعتمادها في العراق ايضا وصيغتها المعدلة هي:  Io =S20 - 7Rh +T
حيث ان: Io: دليل السياحة في العراق، T: معدل درجة الحرارة بالفهرنهايتي
S: المعدل اليومي لسطوع الشمس بالساعات ، Rh: مجموع المطر بالانجات
فكلما زادت قيمة Io كان المناخ سياحياً.
         كما حاول العالم (كورى Corowe) في تصنيف الاطراف الشمالية الغربية لكندا، حيث استند الى ثلاثة اسس لكل فصل من الفصلين الرئيسيين للأستجمام، خلال فصل الشتاء اعتمد على طول فصل النشاط ودرجة الحرارة والرياح، أما خلال فصل الصيف فقد اعتمد درجة الحرارة وكمية السحب والرياح، ثم حدد لكل منها قيمة مثالية معلومة، وانتهى على اساسها الى استخلاص فئات اربع من انشطة الاستجمام، وكانت المحاولة الاخرى التي قام بها (داي واخرون Day et al) في دراستهم للعناصر المناخية المناسبة للممارسة الرياضية الشتوية والصيفية في المنتزه القومي في خليج (فندي)، وقد اعتمدت دراستهم على اربعة معايير عند تصنيفاتهم لمناطق الرياضة الشتوية وهي (درجة الحرارة وسرع الرياح والتساقط ومعدل الرؤية) وتوصلوا الى ان المناطق التي توصف بالجودة هي ما تتمثل بها هذه العناصر الاربعة بصورة موجبة أما المناطق الاقل ملائمة فهي ما تمتلك عنصراً واحداً او التي لا يتوفر منها إي من هذه العناصر المناخية.
         فضلاً عن ذلك فقد أوضح (باولpoul) مستوى المشاركة اليومية في ثمانية من انشطة الاستجمام الخارجي بثلاثة اقاليم مناخية مختلفة في كندا خلال فصل الصيف عام 1969م ووجد بأن عناصر المناخ تحدد الفائدة من الاستجمام فمثلاً انشطة التجول والتنزه ترتبط ارتباطاً ثانوياً بعناصر الطقس،ويضح الشكل (2) مستويات المشاركة حي أنه مع درجة الحرارة العظمى التي تقل عن (16م5)، تزدهر أنشطة التنزه ورياضة الجولف وزيادة الأماكن الخاصة، أما اذا ارتفعت درجة الحرارة عن ذلك، فأن أنشطة التنزه تصل الى اقصى حد لها عند درجة 27مئوية وتصل أنشطة التنس والجولف والأماكن الخاصة ذروتها عند درجة 24مئوية، أما الأنشطة الشاطئية فتصبح أكثر تقبلاً عند درجة الحرارة(21م5).
         وبالرغم من ان المناخ المثالي للأستجمام لا يمكن الوصول له في أية منطقة في مكان في العالم،الا ان هناك عددا من المحاولات التي بذلت من اجل تحديده، لتحديد النشاط السياحي والاستجمامي، وذلك من خلال تطبيق عدد من المعدلات(البايومناخية) تسمح بإجراء المقارنات في الزمان والمكان.

شكل (2)
متوسط درجة الحرارة القصوى عند (باول) وعلاقتها في عدد من الانشطة الاستجمامية
المصدر: علي صاحب طالب الموسوي، عبد الحسين مدفون ابو رحيل، علم المناخ التطبيقي، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة الكوفة، ط 1، 2011، ص 400.
ووضع العالم (توم Thom) عام(1959)علاقة لتحديد درجة راحة الانسان في ظل ظروف مناخية معينة بالاعتماد على درجة الحرارة والرطوبة النسبية او درجة الحرارة الجافة ودرجة الحرارة الرطبة ونقطة الندى وصياغة علاقته كالاتي([19]):
 [THI (DI)= 0.4 ( T+Tw)+4.8]
حيث ان:
THI: قرينة الحرارة والرطوبة (قرينة الانزعاج) DI ،  T: درجة الحرارة الجافة (مْ)
Tw : درجة الحرارة الرطبة (مْ).
وباستخدام درجة الحرارة (ف) بدلاً من (م) تأخذ العلاقة الصياغة الاتية:
 [THI (DI)= 0.4 ( T+Tw)+15]
ويمكن صياغة العلاقة نفسها بطريقة اخرى باستخدام الرطوبة النسبية بدلاً من درجة الحرارة الرطبة وذلك كالاتي:
 THI = T - (055 +055h )  (T- 58)
حيث ان:
T: درجة الحرارة الجافة (ف) ،  h: الرطوبة النسبية (%)
وباستخدام درجة الحرارة (مْ) بدلاً من الدرجة الفهرنهيتية فأن العلاقة تكون:
  THI (DI) = T - 055  (1 - h )   (T - 14.5  )
وحدد (توم) اذا ما كانت قرينة الحرارة – الرطوبة النسبية اقل من (21) فان جميع السكان يشعرون بالراحة، واذا كانت القرينة بين (21-24) فعدد من الناس يشعرون بعدم الراحة حيث يشعر نحو (50%) من الناس بعدم الراحة عند قيم القرينة (24)، ويزداد الشعور بعدم الراحة عندما تصبح قيم القرينة بين (24-27) وحينئذ يكون كافة الناس يشعرون بعدم الراحة عند القرينة (26) وعندما تتجاوز قيم القرينة (27) فأن الانزعاج يكون كبيراً وخطراً ويشعر الانسان بالاجهاد عندما تصل قيم القرينة بين الحرارة والرطوبة (29)([20]).
 واعتمد العالم توم (Thom) مقياسا لراحة الجسم،أطلق عليه مقياس الحرارة والرطوبة،وقد طبق ذلك في الولايات المتحدة،وقد توصل الى وضع صيغة للمعادلة التالية:
ح ر = 04,0 (س+ص) + 15
حيث س= درجة حرارة الترمومتر الجاف ،  ص = درجة حرارة الترمومتر المبلل
وقد توصل من خلاله انه حينما يكون ناتج المعادلة (70) عندئذ فأن حوالي(10%) من الافراد في غير راحة،وأذا كان ناتج المعادلة (75) فأن حوالي (50%) من الافراد سيشعرون بعدم الراحة، اما اذا ما بلغ الناتج (79) فأن كل الافراد لا يشعرون بالراحة.
وأعتمد (أوليفر Oliver) مقياساً أخر يقوم على العلاقة بين الحرارة والرطوبة وعلى وفق ما يأتي:
 معامل الحرارة والرطوبة = 55،1 × درجة حرارة الترمومتر الجاف + 2,0 × نقطة الندى + 5,17 وأعتمد في ذلك على درجة حرارة الترمومتر الجاف ونقطة الندى.
كما أعتمد معامل أخر يتمثل بـ:
معامل الحرارة والرطوبة = درجة حرارة الترمومتر الجاف – (55،0+55،0 × الرطوبة النسبية)
(درجة حرارة الترمومتر الجاف – 85)
وأستند في ذلك على درجة حرارة الترمومتر الجاف (فهرنهيتية) والرطوبة النسبية.
وتوصل (أولفر) في تطبيقه للمعادلتين أعلاه الى انه عندما يكون الناتج بين (60 – 65) عندئذ يكون الجو مريحا لكل الافراد، اما اذا كان ناتج المعادلة (75) فان نصف الافراد يشعرون بعد الراحة، وحينما تكون القيمة اكبر من (80) فأن جميع الافراد لا يشعرون بالراحة.
يمكن توضيح تطبيق المعادلة بالشكل الاتي إذا كانت درجة الحرارة (85ف) ونسبة الرطوبة (20%) فان ناتج المعادلة يكون على النحو الاتي:
المعامل = 85-(55,0-55,0 ×20,0) (85 -58)= 85- (44,0 ×27)
=73 تقريباً وهو ما يعني ان معظم الافراد يشعرون بالراحة عند هذا الحد من الرطوبة.
ويمكن مقارنة ناتج المعادلة عند درجة الحرارة نفسها مع زيادة الرطوبة الى (85%)
 المعامل = 85- (55,0-55,0 ×85,0)(85-58)
     = 85- (1,0×27) = 82 تقريباً الرطوبة النسبية يعد السبب في عدم الشعور بالراحة عند الافراد للظروف المناخية السائدة.
وأعتمد أخرون معايير أخرى في تحديد أنسب الخصائص المناخية للسياحة منها مقياس برودة الرياحWind chill index والذي وضعه كل من (بازل وسمبلPassel and Simple) عام 1945 في تحديد اثر الرياح في الشهور بأغراض الحرارة، ويقدم هذا المقياس مستويات الاحساس بالبرودة عند حدود معينة من سرع الرياح ودرجة الحرارة،إذ يشعر الانسان بشدة البرودة،إذا ما وصلت درجة الحرارة (-26مئوية) وذلك في الجو الساكن، أما إذا كانت درجة الحرارة (2مئوية) وكانت سرع الرياح (15ميل / ساعة) فأن الانسان يشعر بالبرودة نفسها،وتم وضع معادلة برودة الرياح
حيث ان: K= قوة تبريد الهواء بالكيلومتر سعره/م2/ساعة، V= سرعة الرياح متر/ الثاني
ta = درجة الحرارة (مْ)([21])
         ويعد تطبيق المعادلة ألسابقة وما تتوصل له من نتائج كما في الجدول (3) والشكل (3) والذي يتم من خلاله تحديد الشعور التقريبي بالراحة والاستجمام، والذي يعبر عن شعور الاشخاص بتأثير الرياح، فإذا ما زادت قيمة خارج المعادلة عن(200) تكون برودة الطقس غير مريحة، و أمكن من خلال ذلك الوصول الى عدد من الثوابت من حيث شعور الجسم بالراحة وذلك من خلال نتائج المعادلة وتحديد درجة الإحساس بالراحة كما في الجدول(3) والشكل (3) ويمكن ان تصل قيمة قرينة التبريد (K) الى (1400) كيلو/م2/ساعة ضمن الحالات الاتية:درجة الحرارة (- 7م) وسرعة الرياح 70 كم/ساعةدرجة الحرارة (- 7م) وسرعة الرياح 70 كم/ساعة درجة الحرارة (- 7م) وسرعة الرياح 70 كم/ساعة11 كم/ساعةدرجة الحرارة (- 40مْ) وسرعة الرياح 13 كم/ساعة([22]).جدول(3).

جدول (3) الدليل الرقمي لمعادلة برودة الرياح وتحديد المناخ السياحي والاحساس بالراحة
ناتج تطبيق المعادلة
درجة
ألاحساس بالراحة
تكملة
ناتج المعادلة
درجة
الاحساس بالراحة
اقل من (500)
حار
800-1000
قارس جداً (بارد جداً)
50-100
دافئ
1000-1200
قارس البرودة
100-200
منعش (لطيف)
1200-1400
تجمد الاجزاء المكشوفة من الجلد
200-400
مائل للبرودة
1400-2000
تجمد الاجزاء المكشوفة في دقيقة
400-600
اميل للبرودة
اكثر من 2000
لا يطاق
600-800
قارس (بارد)



المصدر: علي احمد غانم، المناخ التطبيقي، ط1، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، عمان 2010م،ص73.


شكل (3)
نتائج تطبيق معادلة سرع الرياح والشعور بالراحة
المصدر: علي صاحب طالب الموسوي، عبد الحسن مدفون ابو رحيل، علم المناخ التطبيقي، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة الكوفة، ط 1، 2011، ص 402، ووفق ما تقدم أمكن تحديد أهم مناطق السياحة الشتوية والصيفية في نصف الكرة الشمالي. جدول (4)
جدول (4).
أهم مناطق السياحية الشتوية والصيفية في النصف الشمالي من الكرة الارضية

         وتحدد فترات السياحة في ضمن فترتين تمثل الاولى بالفترة الملائمة مناخياً للسياحة والتي تحدد الموسم السياحي الذي يتحكم فيه:
1- الخصائص المناخية الطاردة للسياح في اماكن الاقامة الاساسية(منطقة المصدر).
2- الخصائص المناخية الجاذبة للسياح في منطقة الهدف.
         فضلاً عن تلك فأن حدود الراحة المناخية المثلى تختلف نسبياً وفق خصائص المناخية لمنطقة سكن السائح اولاً، والدافع والغاية من السياحة ثانياً،فاذا كانت المنطقة المقصودة للسياحة في العروض شبه المدارية، كما هو الحال في دول حوض البحر المتوسط،فأن تحرك السائحين اليها تكون خلال نصف السنة الشتوي بالنسبة للسياح الوافدين أليها من مناطق العروض الباردة، حيث تكوناهدافهم مناخية وثقافية،ويزداد عدد السائحين خلال في فترتي الاعتدال المناخي (الخريف والربيع) بينما ينشط التحرك السياحي باتجاه تلك المنطقة كمثال من العروض الادفئ في نصف السنة الصيفي ويكون الهدف حينئذ الأستجمام والترويح.
         وتتمثل الفترة الثانية بالفترة اليومية لتحرك السائحين داخلياً وهذه تختلف باختلاف دوافع السياح وغاياتهم،الا أن الفترات اليومية لنشاط السياح وتحركهم بتحديد خلال فترتين من اليوم، فتمثل الاولى خلال ساعات الصباح بين (شروق الشمس وحتى الساعة العاشرة) في حين تكون الثانية خلال الساعات بعد الظهيرة بين (الساعة الرابعة وحتى غروب الشمس)، وتظهر مناطق سياحية ذوات خصائص مناخية ملائمة طوال ساعات النهار تقريباً للحركة والنشاط، كما هو الحال في أماكن الاصطياف في دوائر العرض الباردة، يضاف الى ما تقدم ممارسة بعض السياح الأنشطة بعد غروب الشمس (رياضة المشي والجري،والاستلقاء على شواطئ البحر، ارتياد أماكن الترفيه والتسلية).
             ونظراً لأن ساعات اليوم تختلف في ما يكون منها مريحة مناخياً للأنسان ومناسبة للممارسة انشطة السياحة والاستجمام، وأن الاعتماد على المتوسط اليومي للحرارة (العظمى والمتوسط اليومي للحرارة والصغرى) لا يمثلان الحالة الحرارية لليوم بنهاره وليلة وما ينطبق على الحرارة ينطبق على سائر العناصر المناخية، لذا فأنه تحديد المنطقة من وجهة نظر المناخ الفزيولوجي،تتطلب تطبيق قرائن الراحة المناخية على ساعات اليوم بكاملها، او باخذ اكثر من وقتين ممثلين وليكن(8) اوقات بفاصل ثلاث ساعات بين الوقت والاخر ليعطي صورة دقيقة عن الوضع المناخي الفيزيولوجي خلال اليوم، ويمكن بذلك من حساب النسبة المئوية لعدد ساعات الراحة، وبالتالي الامكانية المناخية للسياحة والاستجمام، مما يساعد على تخطيط المنطقة، وقد طبقت عدد من الدراسات التطبيقية على مستوى اليوم بساعاته الدراسة التي قام بها (انغوريدكيس، ماكرو غينيس) عام 1982م على مدينة ثيسالونيكي (Thessaloniki) اليونانية الواقعة عند (درجة عرض(375) (405) شمالاً) وخط طول (27و22 5 شرقاً) وبتطبيق قرينة (توم) ساعياً خلال اشهر السنة، كما تم تطبيق ذلك في الدراسة التي قامت بها اكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا المصرية عام (1990م) وغطت اهم مناطق مصر.
             وأستعملت طرائق أخرى لتحديد راحة الانسان السياحية والمناخ السياحي منها ما يطلق عليها بالمؤثر المركب الذي يحدد تأثير درجة الحرارة والرطوبة (بدرجة الحرارة الفعالة ET)، ودرجة الحرارة والرطوبة وسرع الرياح بدرجة الحرارة الفعالة المكافئة EET، فضلاً عن درجة الحرارة والرطوبة وسرع الرياح واشعة الشمس والذي يطلق عليها مصطلح درجة الحرارة الاشعاعية المكافئة (درجة الراحة المناخية Ret) ووفق ذلك فقد حددت منطقة الراحة التي تقع بالنسبة لكثير من الناس بحدود بين (17 – 23م5)، ولكن يمكن ان تتغير منطقة الراحة ضمن حدود واسعة تبعاً للحالة الصحية والبعد عن مكان الاقامة الدائمة والفصل. جدول (5)
             ويشعر الانسان خارج منطقة الراحة أما بالبرودة وأما بالحرارة، تقع (منطقة الراحة) لدى المستجمعين النشطاء ضمن حدود بين (12 – 16 درجة EET).
جدول (5)الشعور الجيد بالارتياح في الاقتران التالي لدرجة الحرارة - الرطوبة
الحرارة بالدرجة (م5)
الرطوبة النسبية(%)
20
85
52
60
30
44
35
33
             وتوضح معطيات الجدول اعلاه انه من السهولة تحمل درجات الحرارة المرتفعة مع الهواء الجاف،وتشير حسابات درجة الحرارة الاشعاعية المكافئة الى مقدار تسخين اشعة الشمس لجسم الانسان،أن وصول الطاقة الشمسية الى مقدار (7,0 وحدة حرارية)صغرى على(1سم) في الدقيقة يجعلنا نشعر بما يعادل زيادة درجة الحرارة بمقدار (3م5)، ويصنف الطقس الملائم على أساس مورفولوجي ويتضمن التصنيف (16 صنفاً) للطقس منها ما يدخل في ضمن مجموعة في الطقس غير القارس البرودة (8 أصناف)، والطقس الذي تتجاوز فيه درجة حرارة الهواء (0م5) (صنفان) والطقس القارس (6 أصناف)، ومجموعة الطقس غير القليل التأثير فيتمثل بــ:
1- جو مشمس، حار جداً وجاف جداً، درجة الحرارة اليومية الوسطى < 22م5.
2- مشمس، حار جاف  3- مشمس، رطوبة معتدلة.
4- مشمس، رطوبة معتدلة ورطب، وغائم ليلاً. 5- غائم نهاراً.
6-غائم. 7ــــــممطر 8- حار جداً، ورطب جداً، متوسط درجة الحرارة اليومية (< 22م°).
             ويطلق على طقس الصنف الاول بالطقس الحار والجاف، أما الصنف 6 فيسمى الاستوائي اي الرطب، وتدخل في مجموعة الطقس الذي تتجاوز فيه درجة حرارة الهواء الدرجة (صفر) مئوية الأصناف الاتية:
1-غائم نهاراً.  2ـــــ مشمس نهاراً 
وتتميز مجموعة الطقس البارد القارس1 :ــــــــــ قليل2:ــــــــــــ معتدل
                  3- كثير البرودة (بارد).   4- قوي(شديد البرودة)
                  5 - قارس(قارس).      6- طقس قارس جداً
             ويحدد لكل صنف من اصناف الطقس القارس عن الاخر بفواصل درجة الحرارة اليومية الوسطى للهواء بمقدار (10م5) للطقس القارس بشكل(ضعيف) ودرجة حرارة يومية وسطى ضمن حدود بين (0م - 4,2م5)، كما يقسم كل صنف من أصناف الطقس القارس (باستثناء الصنف6) الى طقس (مع الرياح) و(دون الرياح) ويقسم ايضاً الى طقس (مع نهار مشمس) و(مع نهار غائم)، وان فرز الطقس (مع الرياح) ضروري لأن الرياح تؤدي خلال درجات الحرارة السلبية الى عدم الإحساس بالدفء عند الانسان،وأن اكثر أصناف الطقس ملاءمة لراحة الانسان هي التي تدخل في ضمن الأصناف التي يكون نهارها مشمساً(الاصناف 1، 2، 3، 5)، وان وصول الاشعة المرئية كبير حداً ً والانارة جيدة والارض أو سطح الارض المحيط يشكل عامل جذب سياحي.
             وتظهر حالة الشعور بالراحة من خلال الإحساس بالدفء وذلك عندما لا يشعر الانسان بارتفاع الحرارة أو إنخفاضها ويكون متوسط درجة الحرارة الوسطى المقاسة للجلد بين (31 – 33م5)، وفي هذه الظروف فأن تحديد المناخ السياحي الملائم في جذب السكان للسياحة، مما يتطلب ذلك استعمال الاساليب والطرائق التي تحدد غلى وفق الخصائص المناخية وبالشكل الذي يدفع بالدولة الى تحديد ذلك واستغلال مثل هذه الخصائص المناخية التي توجد في ضمن اراضيها كاحد العناصر الاساسية في قيام صناعة سياحية متطورة تسهم في تطوير اقتصادها الوطني.
المصادر:
1-     ابو حجر، آمنة، الجغرافية السياحية، ط1، دار اسامة للنشر والتوزيع، الاردن، عمان، 2011م،.
2-     امين،ازاد محمد، الامكانات السياحية الطبيعية في محافظة البصرة، موسوعة البصرة الحضارية، المورد الجغرافي، 1986م.
3-     امين، ازاد محمد، المعوقات الجغرافية الطبيعية لنشوء وتطور السياحة في المنطقة الجبلية من العراق، مجلة كلية التربية، جامعة البصرة، 1979م.
4-     بظاظو، ابراهيم، السياحة البيئية واسس استدامتها، ط1، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، 2010م.
5-     الراوي، عادل سعيد وقصي عبد المجيد السامرائي، المناخ التطبيقي، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، بغداد، 1990م.
6-     الرواس، رهف محمد، المناخ واثره على السياحة في محافظة اللاذقية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة دمشق، 2006 م.
7-     روبنسون. هـ.، جغرافية السياحة، ترجمة محبات امام، القاهرة، 1985م.
8-     الطائي، حميد عبد النبي، اصول صناعة السياحة، ط1، مؤسسة الوراق، عمان، الاردن، (2001).
9-     العبودي، قاسم صويح حلبوت، خصائص المناخ السياحي في مدينتي النجف وكربلاء، رسالة ماجستير (غير منشورة)، كلية الاداب، جامعة الكوفة، 2014 م.
10-   غانم، علي احمد، المناخ التطبيقي، ط1، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، عمان 2010م.
11-  غنيم، عثمان محمد، وبنيتا نبيل سعد، التخطيط السياحي، دار صفاء، عمان، 1999م.
12- كامل، محمود، السياحة الحديثة علماً وتطبيقاً، القاهرة، آلهيئة المصرية العامة للكتاب، (1975).
13- اللطيف، بشير ابراهيم واخرون، خدمات المدن – دراسة في الجغرافية التنموية، الطبعة الاولى، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس، لبنان، (2009م).
14- الموسوي، علي صاحب طالب، عبد الحسين مدفون ابو رحيل، علم المناخ التطبيقي، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة الكوفة، ط 1، 2011.
15-  موسى، علي حسن،المناخ الحيوي، دمشق، 2002م.
16-  موسى، علي حسن، المناخ والسياحة مع نموذج تطبيقي (سورية ومسر)، ط1، دار الانوار للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، 1997.

17-  Faniran, A. &Ogo,O,Mans physical Environment,London, 1980.
18-                Heinlzeman, O.H &Highsmith, R.H،World Regional Geography,New Delhi، 1965.
19-   Longman; A live study dictionary of English, London, 1992.
20-                Mather, Climatology, Fundamentals and Applications. McGraw hill, New Yourk. 1974.
21-  Murph p., 1991. Tourism. A community Approach. Methuess, New York, USA.
22-   Oliver،J.E.،Climatology،Selected Applications,Londan,1981.
23-    Pearce،D.((1981, Op. cit.
24-   Pigram, J. Outdoor Recreation and Resources Management, New York. 1983.
25-  The oxford English Dictionary,second Edition, prepared by Simpson.J.A & Weiner. E.S.C.Vol. Xviii.oxford.1989.
26-   Thom. EC. The Dis Comfort Index "weather wise(1)، 1959. 12.
27- Webester's Ninth New collegiate Dictionary, Merriam – Webster inc, publishers, spring field, massaxhusetts, U.S.A. ; 1986.
  


([1])Murph p., 1991. Tourism. A community Approach. Methuess, New York, USA, P. 2.
([2]) ابراهيم بظاظو، السياحة البيئية واسس استدامتها، ط1، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، 2010م، ص24.
([3]) حميد عبد النبي الطائي، اصول صناعة السياحة، ط1، مؤسسة الوراق، عمان، الاردن، (2001)، ص 20
(2)Longman,activestudydictionaryofenglissh.london,1992,p.641-642                         
([4]) علي حسن موسى، المناخ والسياحة مع نموذج تطبيقي (سورية ومسر)، ط1، دار الانوار للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، 1997، ص13.
([5]) آمنة ابو حجر، الجغرافية السياحية، ط1، دار اسامة للنشر والتوزيع، الاردن، عمان، 2011م، ص66.
([6]) عثمان محمد غنيم، وبنيتا نبيل سعد، التخطيط السياحي، دار صفاء، عمان، 1999م، ص24.
([7]) بشير ابراهيم اللطيف واخرون، خدمات المدن – دراسة في الجغرافية التنموية، الطبعة الاولى، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس، لبنان، (2009م)، ص135.
([8]) محمود كامل، السياحة الحديثة علماً وتطبيقاً، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، (1975)، ص19.
([9]) ازاد محمد امين، المقومات الجغرافية الطبيعية لنشوء وتطور السياحة في المنطقة الجبلية من العراق، مجلة كلية التربية، جامعة البصرة، 1979م، ص54.
([10])Webester's Ninth New collegiate Dictionary, Merriam – Webster inc, publishers, spring field, massaxhusetts, U.S.A. ; 1986, p. 1927.
([11])امنة ابو حجر، الجغرافية السياحية، مصدر سابق، ص53
([12])ابراهيم بظاظو، السياحة البيئية واسس استدامتها، مصدر سابق،ص 38ــــ39.
([13]) بشير ابراهيم الطيف واخرون، خدمات المدن- دراسة في الجغرافية التنموية، ط1، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس، لبنان، 2009م، ص136.
([14])آزاد محمد امين، المقومات الجغرافية الطبيعية لنشوء وتطور السباحة في المنطقة الجبلية من العراق، مصدر سابق، ص54.
([15])روبنسون. هـ.، جغرافية السياحة، ترجمة محبات امام، القاهرة، 1985م، ص85.
([16]) رهف محمد الرواس، المناخ واثره على السياحة في محافظة اللاذقية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة دمشق، 2006 م، ص 64.
([17]) قاسم صويح حلبوت العبودي، خصائص المناخ السياحي في مدينتي النجف وكربلاء، رسالة ماجستير (غير منشورة)، كلية الاداب، جامعة الكوفة، 2014 م، ص 51.
([18]) عادل سعيد الراوي وقصي عبد المجيد السامرائي، المناخ التطبيقي، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، بغداد، 1990م، ص208.
([19])Thom. EC. The Dis Comfort Index "weather wise(1)، 1959. 12. Pp. 57-66.
([20]) علي حسن موسى، المناخ الحيوي، دمشق، 2002م، ص58.
([21])Mather, Climatology, Fundamentals and Applications. McGraw hill, New Yourk. 1974. P. 245.
([22]) علي حسن موسى، المناخ الحيوي، دمشق، 2002م، ص50.


للتحميل اضغط   هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا