التسميات

الأحد، 15 سبتمبر 2013

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الخامس ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الخامس
ليبيا اليوم - ليبيا 2025 رؤية استشرافية- 18/11/2008

4 موضعة المشهد الليبي

4.1.أدوات الموضعة 

تبين من قراءة المسرح العولمي أن هناك مجموعة من المؤشرات التي يتعين أن تتم موضعة المشهد الليبي وفقها، بحيث يتسنى تحديد قدراته على مواكبة ما يحدث في العالم من تطورات حاسمة على مختلف الأصعدة، ورصد التحديات والفرص التي تهيئها البيئة المحلية والمعولمة. تتحدد هذه المؤشرات في التالي: 
درجة عالية من التنافسية تفرض مقاييسها في الجودة والتميز، والتجديد المستمر في الأفكار، وسرعة الوصول إلى الأسواق العالمية؛
تعرض الدولة إلى عمليات تشكيل مستمرة تحدث تغييرات في وظائفها التقليدية، وتعزز دور القطاع الخاص؛
حصول مؤسسات المجتمع المدني على استقلاليتها واتساع مشاركتها المجتمعية والسياسية الفاعلة؛
توقف حصول النظام السياسي على شرعيته المحلية والدولية على منجزاته في التنمية المستدامة والإصلاح الديمقراطي، بما يشترطانه من سيادة للقانون ومشاركة اجتماعية وتعددية في السلطات والتنظيمات والأفكار ومنابر الرأي؛
قيام مجتمع معرفي تتاح فيه للجميع فرصة الحصول على المعلومات اللازمة لبناء القدرات وغدو تقنية المعلومات مصدر القوة الأساسي، اقتصاديا وأمنيا.

4.2 الفجوة الفاصلة

من شأن الثروة المعرفية أن تجعل من يمتلكها قادرا على توظيف ما لديه من موارد مهما ندرت وشحّت، بل إنها سوف توفر له إمكان اكتشاف موارد جديدة لا تستنزف الطاقات القليلة الباقية. وعلى العكس سيكون البعيدون عن مجتمع المعرفة فقراء في الموارد، ومستنزفين لها حد الإهدار، ومن ثم  سوف يزدادون فقراً وبؤساً.
أصبحت المعرفة حقا من حقوق المواطنة يتيح للجميع الدراية بكل ما يخص حياة المجتمع السياسية والاقتصادية الاجتماعية، وهذا يعني قدرا أكبر من الشفافية وسيطرة أوسع على الفساد والانحراف .
تتمثل شروط قيام مجتمع المعرفة في أركان هي:
توسيع مساحة حرية الرأي والتعبير والتنظيم وضمانها بالحكم الرشيد.
نشر كامل للتعليم راق، وإيلاء عناية خاصة بطرفي المتصل التعليمي، وللتعليم المستمر مدى الحياة.
تأسيس نموذج معرفي مبني على توطين العلم، وبناء قدرة ذاتية في البحث والتطوير التقني في جميع الأنشطة المجتمعية، واستقطاب العقول المهاجرة.
التحول الحثيث نحو نمط إنتاج المعرفة في البنية الاجتماعية والاقتصادية.
المنافسة المفتوحة على العالم هي ما يحكم ويغير قرننا الحالي، والمعلومات مجال هذه المنافسة، فمن يملك المعلومة، ويعرف كيف يستخدمها هو الأقدر على إيفاء استحقاقات التنافسية.
أصبحت المعرفة عماد الاقتصاد الحديث، والمحرك الأساسي للنمو، سواء للمنظمات أو الدول، ولذا عرف الاقتصاد السائد باقتصاد المعرفة، الذي يعتمد على التعليم والتدريب والبحث العلمي والاستثمار في التقانة، وعلى علاقة أوثق  بين الجامعات ومراكز البحوث، ومجتمع الأعمال والشراكات .
لم تحقق خطة التعليم التوازن المطلوب بين مخرجاتها واحتياجات البلاد الاقتصادية والاجتماعية إذ اتسم النظام التعليمي بالتوسع الأفقي والكمي مع الافتقار إلى الجودة، بدليل أن ترتيب ليبيا كان 110 من بين 111 دولة تمت دراستها من حيث الجودة الاحتمالية لنظام التعليم العام.
هناك فجوة بين النظام التعليمي ومستجدات العصر، خاصة معطيات العولمة وتقنية المعلومات والاتصالات، ما يعني وجود فجوة رقمية قي نظام التعليم، ويجعل نظام التعليم في مواجهة غير مسبوقة مع هذه المستجدات.
اعتمدت منظمة اليونسكو (1995) أربعة مبادئ أساسية بوصفها فلسفة للتعليم والتعلم مدى الحياة في القرن الحادي والعشرين تمثلت في: تعلم لتعرف، تعلم لتكون، تعلم لتعمل، وتعلم لتعيش مع الآخرين؛ غير أن هذه المبادئ لا تعبر عن قيم تحكم الخطط الاستراتيجية التي تخطط لمستقبل التعليم في بلادنا.
هناك تدن في نوعية المعلمين، وقد تجاوز نصيب المعلم من التلاميذ المعدل الدولي الذي يتراوح بين 20_25 تلميذاً لكل معلم، ليصل إلى ما يزيد عن خمسين تلميذاً في معظم المدارس.
أدى التطور الذي طرأ على مختلف العلوم الطبيعية والإنسانية إلى استحداث فروع تخصصية دقيقة على نحو أوجب مواجهة المؤسسات المعنية بتدريس هذه العلوم إشكالية الكم الهائل من المعارف والمهارات التي يفترض أن يكتسبها طلابها قبل تخرجهم. "التعليم الجامعي العام" برنامج استحدث خصيصا لحل هذه الإشكالية، وهو عبارة عن سلال من المواد تغطي مجالات متنوعة يطالب كل خريج بدراسة عدد بعينه منها، أيا كان تخصصه الدقيق. هكذا يدرس الطالب الجامعي في كثير من جامعات العالم المتقدم ما لا يقل عن 45 ساعة معتمدة من مجموع الساعات المطالب بها (حوالى 132 ساعة) في تخصصات مغايرة لتخصصه الدقيق؛ وقد يصل هذا العدد في بعض الجامعات إلى 66 ساعة، أي ما يعادل ساعات التخصص.
أما في ليبيا، فإن نسبة عدد الساعات التي تخصص للمواد الثقافية العامة فلا تتجاوز 10%، وهي مواد في الفكر الجماهيري واللغة العربية والدراسات الإسلامية.
هناك أيضا غياب واضح لبرامج التعليم المستمر والتعلم مدى الحياة، وهي برامج تشكل مكونا أساسيا من مكونات العملية التعليمية في المجتمع المعرفي.
تتمثل الفجوة الرقمية في خطاب التنمية المعلوماتية في الفجوة الفاصلة بين الدول المتقدمة والنامية في النفاذ إلى مصادر المعلومات والمعرفة والقدرة على استثمارها. وفي الوقت الراهن، تتضاعف المعرفة كل 8 سنوات، وفي عام 2025 سوف تتضاعف كل 76 يوما. أيضا فإن اختراعات ومنتجات التقنية الحديثة وليدة جهود مراكز بحثية يوجد أكثر من 93% منها في الدول الصناعية المتقدمة. 
هناك مجموعة من المؤشرات المعتمدة في قياس الفجوة الرقمية، منها: مؤشر الكثافة الاتصالية، مؤشر التقدم التقني، مؤشر الإنجاز التقني، مؤشر الجاهزية الشبكية، مؤشر استخدام وسائل الإعلام، مؤشر مقياس الذكاء المعلوماتي، ومؤشر الرقم القياسي للنفاذ الرقمي، فضلا عن مؤشر مدى الانخراط في حركة العولمة.
تحديدا؛ تقاس الفجوة المعرفية طبقا للمؤشرات التالية: عدد مراكز البحوث والتطوير؛ الجودة الأكاديمية؛ حجم الإنفاق على أعمال البحوث والتطوير؛ عدد براءات الاختراع، حجم إنتاج الكتب المؤلفة والمترجمة؛ نسبة وسائل الإعلام (الصحف والراديو والتلفزيون) لكل 1000 شخص.
يبين معدل استخدام شبكة المعلومات تقدم دول الخليج، الإمارات تحديدا، عن باقي الدول  العربية، كما يبين الفارق الكبير بين المتوسط العالمي والمتوسط العربي. أما ليبيا فتأتي في المرتبة الرابعة عشرة بين الدول العربية.
قامت دول عربية بعدة مبادرات مشجعة، رغم أن الإمكانات والموارد الليبية أفضل من إمكاناتها ومواردها؛ ومثال ذلك برنامج الأردن لزيادة جاهزية المجتمع الأردني لدخول عصر المعلومات؛ نجاح تونس والمغرب في إنشاء بيئة تمكينية لتشجيع القطاع الخاص المحلي والأجنبي على الاستثمار في مجال المعلومات مما زاد من مؤشر الجاهزية الشبكية. 
ينفق العالم العربي على البحوث والتطوير 2 في الألف من إجمالي الناتج المحلي، أي معدل سبع المتوسط العالمي (14 في الألف)؛ نسبة البلدان العربية من النشر العالمي لا تتجاوز 7 في الألف، رغم أن العرب يشكلون 45 في الألف من سكان العالم؛ إنتاج العرب من الكتب لا يتجاوز 11 في الألف من الإنتاج العالمي، كما أن ما ترجمه العرب منذ العصر العباسي حتى الآن لا يزيد عن 11000 كتاب، وهو مجموع ما تترجمه أسبانيا كل عام؛ معدل الإنفاق على البحوث والتطوير لكل نسمة 6 دولارات، مقابل 953 في الولايات المتحدة و40 دولارا في الصين؛ عدد براءات الاختراع العربية المسجلة خلال التسعينيات لا تتجاوز 300 براءة، في مقابل 16328 في كوريا الجنوبية، و7652 في إسرائيل؛ معدل عدد الصحف لكل ألف شخص أقل من 53، مقابل 285 في البلدان المتقدمة. أيضا فإنه ليست هناك جامعة عربية ضمن قائمة أفضل 500 جامعة في العالم، وعلى مستوى أفريقيا، جاء ترتيب جامعة قاريونس 82 ضمن أفضل مائة جامعة في هذه القارة.
يتضح من هذه الإحصائيات الضعف الشديد الذي تعاني منه البلدان العربية وفق مؤشرات الفجوة المعرفية؛ وبطبيعة الحال، فإن الأوضاع على المستوى المحلي، رغم عدم وجود إحصائيات كافية في هذا الخصوص، ليست أفضل حالا.
وبالنظر إلى ما تنفقه بعض الدول العربية والأجنبية على برامج البحث العلمي، نسبة إلى إجمالي الناتج القومي، نستطيع أن نستوضح مدى الاهتمام الذي توليه كل دولة للبحث العلمي والتطوير التقني.
الدولة
مصر
الأردن
ليبيا
إسرائيل
اليابان
الولايات المتحدة
بريطانيا
سويسرا
السويد
أسبانيا
ألمانيا
النسبة
0.34
0.28
0.01
2.94
3.00
2.75
2.08
2.86
2.90
2.87
2.66

وتشير هذه النسب إلى أن ما تنفقه ليبيا لا يتجاوز 0.01%، في حين يصل المتوسط العالمي حوالى 2% من إجمالي الدخل القومي. ومن المعروف أن الدول التي تنفق أقل من 1% من دخلها القومي، يكون البحث العلمي فيها ضعيفاً ، ولا يرقى إلى المستوى الذي يمكنه من تطوير القطاعات الإنتاجية والخدمية.
تفيد الإحصاءات، بأن العرب ينفقون سنوياً زهاء 5 مليار دولار على الشعوذة، وأن هناك حوالى 250,000 شخص يمارسون مهنة الشعوذة. ورغم عدم وجود إحصاءات محلية، فإنه لا سبيل لإنكار ظاهرة اللجوء إلى المشعوذين في حالة الأمراض النفسية بوجه خاص.
هناك أيضا نقص في الخبرات والكفاءات العلمية الفنية المتخصصة في المجالات العلمية في الدول العربية حيث لا تتجاوز 7% مقارنة بكوريا مثلاُ التي تصل إلى 20%.
يستلزم تضييق الفجوة الرقمية بوصفه هدفا متحركا نظرة استشرافية متجددة للتطورات التقنية المتوقعة على المدى القصير والمتوسط.
وفي حالة المجتمع الليبي، أسهمت عدة عوامل في إحداث هذه الفجوة تتمثل في: تدني مستوى التعليم، وعدم توافر فرص التعلم، الأمية المعلوماتية، الجمود المجتمعي، والعوائق التنظيمية والتشريعية، وغياب الثقافة العلمية_التقنية.
ثمة مؤشرات تشي بهزال الإنتاج المعرفي والثقافي وتعرقل من ثم بناء المجتمع المعرفي، نذكر منها: بحوث أكاديمية دون منتجات استثمارية، ترقيات أكاديمية دون ارتقاء علمي، ارتفاع عدد الجامعات دون أن تحدث نوعا من التطور المحسوس في حركة المجتمع العلمية والثقافية، وإبداع محدود، رغم تميزه، يواجه العقبات في توصيله جماهيريا وتداوله عربيا؛ انفصال شبه تام بين العلوم والفنون وإهمال شبه تام للمعرفة العلمية الكامنة وراء الفنون؛ فضلا عن هجرة متنامية للعقول في شتى المجالات.
هناك في المجال الاقتصادي تدهور واضح في ظروف الطلب في السوق الليبي، حيث تتدنى مستويات الجودة وحماية المستهلك والتنوع السلعي، الأمر الذي يستبان من حقيقة أن ترتيب ليبيا جاء ضمن الـ 20% الأدنى وفق مؤشرات ظروف الطلب في الأسواق العالمية. نلحظ أيضا تدني مؤشر جاذبية مناخ الاستثمار، حيث تحتل ليبيا المرتبة 172 من بين 184، فيما تحتل المرتبة 18 من بين مجموع الدول العربية (عام 2003)؛ كما يوضح مؤشر الحرية الاقتصادية أن ترتيب ليبيا هو 17 من بين الدول العربية و153 من بين 161 دولة على مستوى العالم (عام 2003)، ثم تحسن حتى أصبح 88 من بين 110 دولة (عام 2006)؛ ورغم هذا التحسن، فإن القطاع الاستثماري يظل ضعيفا.
أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي ( دافوس) تصنيفا لمدى تأثير تقنية المعلومات على تطوير القدرة التنافسية للعام2007_2008. وقد استند هذا التصنيف إلى مدى تكامل واندماج التقنية في قطاع الأعمال والبنية التحتية والسياسات التي تنتهجها الحكومات لتطوير الابتكار واستخدام تقنية المعلومات. ويبين الجدول التالي تصنيف ليبيا وفقاً لهذه المعايير من بين 127 دولة.
الدولة
النقاط
التصنيف (عالميا)
التصنيف (عربيا)
الدانمارك
5.78
الأول
-
السويد
5.72
الثاني
-
سويسرا
5.53
الثالث
-
الولايات المتحدة
5.49
الرابع
-
سنغافورة
5.49
الخامس
-
فنلندا
5.47
السادس
-
هولندا
5.44
السابع
-
أيسلندا
5.44
الثامن
-
كوريا الجنوبية
5.43
التاسع
-
النرويج
5.38
العاشر
-
الإمارات العربية
4.35
التاسع والعشرون
الأول
قطر
4.33
الثلاثون
الثاني
تونس
4.23
التاسع والثلاثون
الثالث
البحرين
4.13
الخامس والأربعون
الرابع
الأردن
4.08
السابع والأربعون
الخامس
السعودية
4.07
الثامن والأربعون
السادس
الكويت
4.01
الثاني والخمسون

السابع
سلطنة عمان
3.97
الثالث والخمسون
الثامن
مصر
3.74
الثالث والستون
التاسع
المغرب
3.67
الرابع والسبعون
العاشر
الجزائر
3.38
الثامن والثمانون
الحادي عشر
ليبيا
3.10
الخامس بعد المائة
الثاني عشر
        

أيضا، يشير مؤشر البيئة المستدامة 2005 إلى أن ليبيا تحتل الترتيب 36 من 40 دولة أفريقية حيث سجلت قيمة 42.3  وهي قيمة متدنية. لا يعتمد هذا المؤشر على معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي أو على القدرة التنافسية  فقط، بل  يأخذ بعين الاعتبار أهدافا أخرى أهمها الأداء البيئي. ويستخدم 21 معيارا، مما يجعله أحد الأدوات الجيدة  لرسم السياسات الوطنية للتحكم  في الملوثات و إدارة  الموارد الطبيعية. 
تشير مؤشرات الشفافية العالمية إلى أن ترتيب ليبيا 131 من أصل 160 دولة، وذلك وفقا للتقرير الذي نشرته منظمة الشفافية الدولية حول مستويات الفساد في العالم عام 2007، فيما تشير مؤشرات الإدارة الرشيدة لعام 2002 إلى أن ترتيب ليبيا في المشاركة السياسية 18 من أصل 19 دولة، وفي الاستقرار السياسي جاء ترتيبها 13، وفي فاعلية الحكومة 15، وتطور البيئة الإجرائية 18، وسيادة القانون 16، ومحاربة الفساد 17. أما مؤشر الاستدامة البيئية فيشير إلى أن ترتيب ليبيا بين الدول العربية هو 10 من أصل 16، وعلى المستوى العالمي 126 من أصل 193، وذلك وفقا لبيانات 2004.
تشكل المرأة ما يقارب من 50% من حجم السكان، لكن مشاركتها في النشاط الاقتصادي لا تزال محدودة إذ بلغت حوالى 23% في عام 2003، في حين بلغت مشاركة المرأة في بعض الدول المتقدمة حوالى 45%.
تشير تقديرات عام (2005) إلى أن معدل البطالة هو 30% من مجمل السكان العاملين اقتصاديا، وهذه النسب تعتبر مرتفعة جدا مقارنة مع معدلات البطالة المقبولة التي لا تتجاوز 5%.
هناك ما يقرب من مليون ليبي يعانون من الفقر وهذا الرقم التقديري يعني أن نسبة الفقر في ليبيا تبلغ حوالى 20% من السكان، وهذه نسبة جد مرتفعة مقارنة بالموارد المتاحة.
تدني معدل نصيب الفرد من المياه في ليبيا (500 متر مكعب) مقارنة بالمعدل العالمي. 
إجمالي ما يصرف على قطاع الخدمات الصحية عن كل فرد أكثر من 10% بقليل مقارنة بالدول المتقدمة. وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية بشأن ليبيا إلى انخفاض نسبة الإنفاق إلى الناتج المحلي الإجمالي من نحو (3.7%) في عام 1998 إلى نحو (3.5%) في عام 1999 إلى (2.9%) في عام 2001. اقتصرت نسبة الإنفاق في الخدمات الصحية كنسبة من الإنفاق الإجمالي العام على (5%) في عام 2001 مقارنة بنسبة (15.1%) في تونس و(32.5%) في الإمارات. وبلغ متوسط نصيب الفرد من الإنفاق في الخدمات الصحية (143) دولار عام 2001 مقارنة بـ (843) دولار في الإمارات العربية.
إن هذه البيانات تبين حجم الفجوة الفاصلة في المجال الصحي، وتستوجب أن يثبت العنصر الطبي الليبي القدرة على المنافسة من خلال امتلاكه المهارات والتأهيل العالي والتدريب المستمر حيث تبرز المظاهر التالية: ضعف القيود المفروضة على انتقال العمالة الطبية، والهجرة المكثفة التي ميزت التطور المعاصر في قطاع الخدمات الصحية على المستوى العالمي؛ وشيوع ظاهرة الأطباء الزائرين، وفى ذات الوقت هجرة العديد من الأطباء الليبيين للعمل بالخارج وبنسب كبيرة, مما سيؤثر في نوعية الكوادر العاملة وفي استقرارها؛ نسب عالية من حالات تلقي العلاج في الخارج بسبب التدهور والتدني في مستوى الخدمات الصحية بالداخل وانعدام ثقة المواطنين بها.

4.3 تحديات مستقبلية

هناك مجموعة من الظواهر تشكل في مجملها عوائق أمام تأسيس ثقافة النهوض وتنفيذ برامج التنمية المستدامة، وتشكل هذه الظواهر تحديات بعضها عام وبعضها الآخر يخص قطاعات بعينها. 

4.31 تحديات عامة
هيمنة الأيدولوجيا على مختلف القطاعات والسياسات العامة.
حالة الإحباط العام والعزوف عن المشاركة.
تخلف الأطر الإدارية والمؤسسية والقانونية.
عدم جاهزية البنية التحتية في مختلف القطاعات.
تشكل شريحة مجتمعية مستفيدة من الأوضاع الراهنة.
هيمنة عقلية وسلوك القطاع العام بالرغم من تقليل حجمه ونفوذه.
شيوع ثقافة الفساد.
سطوة الولاء القبلي على حساب الانتماء الوطني وضعف مؤسسات المجتمع المدني.
تردد القطاع الخاص في خوض غمار الاستثمار والإنتاج.
ضعف هيكل القوى العاملة الوطنية، وعدم قدرتها على المنافسة في السوق العالمي.

4.32 تحديات ثقافية

التنمية الشاملة عملية تحويل للوجود الاجتماعي للأفراد تمكنهم من استيفاء استحقاقات المواطنة وتيسر لهم فرص امتلاك المعرفة وممارسة الحرية والمشاركة في القرارات المصيرية المتصلة بحياتهم؛ ولذا يبدو أن هناك حاجة ماسة إلى نسق قيمي بديل ينتج إطارا نهضويا محابيا للتقدم، ويعزز ثقافة منتجة تسهم في تقدم المجتمع وانفتاحه على الآخر والإفادة من تجاربه. 
التوجهات المتطرفة التي تتبنى العنف من ضمن الظواهر التي تشكل تحديات لتطوير الثقافة، وهي تؤثر بشكل مباشر في التنمية الشاملة وفي سبل الانفتاح على الآخر. إن فهم ظاهرة العنف الديني والسياسي إنما يبدأ من الداخل، عبر دراسة ظروف تشكلها وآلياتها وعوامل تطورها، كما أن التعامل معها يستدعي تأسيس خطاب سلمي مدني ينحاز إلى الإنسان ويستند إلى مرجعية قيمية متأصلة في تراثنا الديني تعلي من قيمة الإنسان وتكرم آدميته.
ينبئ ظهور أسماء مهمة في مختلف حقول الثقافة والعلوم بإمكانات المجتمع الليبي البشرية، لكنه ينبه أيضا إلى خطر ظاهرة عطالة الكثير من العقول الوطنية وتوقفها عن الإسهام في تنمية المجتمع المحلي، إما بسبب الهجرة إلى الخارج أو بسبب وضعها على هامش الفعل في الداخل، ويوجب من ثم تهيئة مناخ أقدر على استيعاب طموحاتها وقدراتها.
وباعتبار أن الأطفال ركيزة أساسية في أية رؤية مستقبلية، تشكل أساليب التنشئة وتعدد مصادر المعرفة وآليات تفكيك البنية الأبوية للمجتمع مجموعة من التحديات. غير أن التعامل مع من سوف يقودون المجتمع خلال الفترة الأخيرة من الحقبة التي تستشرف الرؤية طبيعتها ليس باليسر الذي قد يبدو عليه. ثمة مفاهيم في حاجة إلى إعادة صياغة، مثل اللعب والتأدب وثقافة الجنس وحقوق الأطفال. يبدو أيضا أن طفولة أطفالنا تسرق منهم، عبر التعجل في إلحاقهم بمؤسسات التعليم، وفرض وصاية مستمرة على خياراتهم، وتحميلهم بأعباء دراسية لا طاقة لهم بها. حرية الأطفال في التعبير عن أنفسهم تظل أيضا محدودة، كما أن أدب الأطفال وصحافتهم ومسرحهم لا تلقى العناية التي تجعلها تسهم في تحرير قدراتهم الإبداعية.    
قللت سيطرة القطاع العام لفترة طويلة من مراكمة خبرة القطاع الخاص وأضعفت من روح المبادرة، والتحدي المستقبلي في هذا السياق إنما يتعين في العمل على تعويض هذا الفاقد، والبحث فيما إذا كانت ثقافة المجتمع تشكل تربة خصبة لمبادرات العمل الأهلي، وما إذا كان بالمقدور تخلي الدولة فجأة وكلية عن دعمها للقطاع الثقافي. 
أسهمت المؤتمرات الشعبية في خلق مناخ للحوار أقحمت فيه قطاعات كبيرة من المواطنين، غير أن فرض القضايا المطروحة للنقاش، والتلكؤ في تنفيذ التوصيات التي تخلص إليها هذه المؤتمرات، أفقدت الثقة في جدوى ثقافة الحوار والمشاركة، وانعكس هذا بدوره على فاعلية المجتمع المدني، ما يثير تحدي استعادة هذه الثقة، والرهان على أهمية التفاعل بين الرؤى المختلفة.
هناك أيضا التحدي المتعلق بقابلية البيئة المحلية لتوسل أساليب جديدة في البحث والتحليل والنقد في تناول الموضوعات الحضارية الأساسية: الثقافة الشعبية، والتراث الشفهي، قيم الحواضر، والخطاب الديني السائد، فضلا عن تحدي تجديد الثقافة عبر تقصي تاريخها، وإعادة بنائها وتحديثها، والتماس وجوه من الفهم والتأويل لمسارها على نحو يسمح بربط الحاضر بالماضي في اتجاه المستقبل.
وأخيرا ليس هناك ما ينبئ بمحاولة توظيف القيم التراثية الإيجابية في إنتاج ثقافة محابية للنهوض، كما أنه ليس هناك وعي حقيقي بالتحديات التي تفرضها ضغوطات العولمة على التراث وسائر مقومات الهوية الوطنية.

4.33 تحديات سياسية وأمنية

يتضح أن أية مقاربة للأمن لا بد أن تأخذ في الاعتبار جملة من التحديات والتهديدات التي تواجه ليبيا على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية. ترتبط هذه التحديات والتهديدات بالمفهوم الشامل للأمن ويمكن عرضها فيما يلي.
التحديات الداخلية: وتنقسم بدورها إلى تحديات سياسية تتعين في مأسسة العملية الديمقراطية وتطوير الآليات السياسية على نحو يسهل من عملية إدماج النظام السياسي في البيئة العولمية وتعزيز استحقاقات الشرعية؛ وتحديات أمنية تتعين في:
ظهور الجماعات المتطرفة التي تتوسل العنف على الساحة الليبية في منتصف التسعينيات من نهاية القرن الماضي، بما تشكله من تهديد للأمن الوطني. 
التهديدات الناجمة عن المقيمين بصورة غير قانونية على البيئة والصحة، فهم يتواجدون بكثافة سكانية كبيرة حول المدن في شكل أحياء عشوائية وخاصة في الجنوب، ومع مرور الوقت قد تُفرض سياسة الأمر الواقع، ويصبح تواجدهم راهنا جغرافياً وقانونياً. ونظراً لظروف إقامة العمالة غير الشرعية وعدم وجود رقابة صحية صارمة، هناك خطر نشر الأمراض المعدية مثل الوباء الكبدي ونقص المناعة المكتسبة وتحويل هذه المجتمعات السكنية للمهاجرين إلى مناطق موبوءة وهو ما يشكل خطراً على البيئة والصحة العامة والأمن الوطني.
تحدي الأقليات الإثنية والثقافية التي قد تمثل تهديدا للوحدة الوطنية، وقد تشكل ذريعة للتدخل الأجنبي.
التحديات الإقليمية: وهي تحديات متشابكة ومتداخلة تتعلق بجوانب عدة، لعل أبرزها تحديات المشكلات الحدودية مع دول الجوار، والتحديات السكانية، وتحديات الهجرة غير الشرعية، وتحديات الصراع العربي_الإسرائيلي:
تحديات الحدود الجغرافية مع دول الجوار؛ وهي مشكلات يمكن رصدها علي مستويين: يتعلق الأول بمشكلات الحدود البرية، فيما يتعلق الثاني بالمناطق البحرية الليبية، ويتصل بمشكلات تداخل مناطق الصيد وما يعرف بالمناطق الاقتصادية ومناطق الجرف القاري مع مثيلاتها من دول الجوار البحري سواء كانت ذات سواحل متاخمة أو سواحل متقابلة.
تحديات سكانية: يتوقع أن يبلغ عدد سكان العالم عام 2025 نحو 8 بلايين ونصف وعدد سكان المنطقة العربية نحو نصف بليون، أي أن واحدا تقريبا من كل 17 شخصا في العالم سيكون عربيا. وسيحتل المصريون الذين سوف يبلغ عددهم آنذاك 93 مليونا المرتبة الأولي في العالم العربي، فيما سيحتل السودانيون الذين سيزيد عددهم علي 60 مليونا المرتبة الثانية، وتأتي الجزائر( 51 مليونا) في المرتبة الثالثة وبعدها المغرب (47 مليونا) في المرتبة الرابعة، وتونس ( 12 مليونا) في المرتبة الخامسة،  فيما تأتي ليبيا في المرتبة السادسة (8 ملايين). وإذا أضفنا أن عدد سكان تشاد يبلغ نحو 9 ملايين حسب آخر إحصاء عام 1982 وأن عدد سكان النيجر حسب إحصاء عام 2005 قدر بـ  11 مليون تقريبا؛ فإنه يمكننا الوقوف علي حجم التحدي السكاني الذي يواجه ليبيا ودورها الإقليمي في المنطقة. إن ليبيا هي الدولة الأصغر بين دول الجوار من الناحية السكانية، ويزداد هذا التحدي إذا ما عرفنا أن مساحة ليبيا هي الأكبر بعد السودان والجزائر، وبكثافة سكانية قدرت بـ 2.3 كم²، ويتضاعف هذا التحدي في ضوء الأوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية التي تعصف بدول الجوار الجغرافي. ويكفي أن نشير هنا إلي أن حدود ليبيا السياسية والجغرافية تتماس مع أفقر دولة في العالم، حسب تقارير التنمية البشرية، وهي النيجر، كما أن معدلات البطالة مرتفعة في دول الجوار الجغرافي  (مصر 11 %، تونس 13%، الجزائر 15% في العام 2006 م) وهو الأمر الذي يهدد الأمن الوطني الليبي إذ تبدو ليبيا منطقة جذب شديد.
تحديات الهجـرة غـير الشرعـية: منابع الهجرة غير الشرعية إلى ليبيا كثيرة، حيث تشكل دول الجوار المصدر الرئيس لهذه الهجرة، وغالبا ما يتخذ هؤلاء المهاجرون ليبيا محطة عبور نحو أوربا، ومعظم المهاجرين يأتون من جنوب الصحراء عبر الحدود الليبية المشتركة مع تشاد والنيجر والسودان إضافة إلى بعض المهاجرين القادمين من مصر وتونس والجزائر والمغرب.  وبطبيعة الحال، لا يمكن تجاهل خطر هذه الهجرة على ليبيا، وهي أخطار سياسية واقتصادية واجتماعية، حيث لا يمكن لأي مجتمع أن يخطط أو يستقر أو يحقق الأمن في ظل تدفق غير معروف للمهاجرين.
وهناك أيضا الصراع العربي الإسرائيلي الذي يشكل تحديا للسياسة الخارجية الليبية وعلاقاتها مع الدول الكبرى، خاصة فيما يتعلق بالموقف الليبي من تطورات القضية الفلسطينية وعملية السلام، وعضوية ليبيا في الترتيبات الدولية المختلفة، فضلا عن التهديد الذي يشكله تنامي القوة العسكرية الإسرائيلية.
التحديات الدولية؛ التي تتعين مكامنها في العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وحلف شمال الأطلسي، والاتحاد الأوربي. 
في غياب تعدد الأقطاب السياسية الدولية ووجود الولايات المتحدة الأمريكية على رأس القوى العظمى، من المهم إيجاد مقاربة للتهديدات الدولية على هذا الأساس؛ أي من خلال الأفكار والمفاهيم المحددة للسياسة الخارجية الأمريكية التي تغيرت جوهرياً بعد 11 سبتمبر 2001.
من الضروري إدراك حقيقة الأوضاع العالمية وبشكل خاص إستراتيجية حلف شمال الأطلسي الذي ينظر إلى جنوب المتوسط في إطار استراتيجي ذي علاقة بالأبعاد الجيوبوليتكية والاقتصادية وببعد الدفاع حول حوض البحر المتوسط وما بين هذه الأبعاد من تداخل واعتماد متبادل.
أما المواضيع التي تمثل جوهر الخلافات يبين الاتحاد الأوروبي وليبيا والتي قد يتطور أي منها من خلاف دبلوماسي إلى عمل عسكري فتنحصر في مسألة الهجرة غير الشرعية، ومسألة المناطق البحرية، ومسألة التدخل باسم حقوق الإنسان والديمقراطية، والتدخل لحماية الجاليات في حالة عدم الاستقرار أو حدوث نزعات مسلحة داخلية.

4.34 تحديات اقتصادية

لأن العولمة تعني تطور النظام الاقتصادي الدولي، ثمة حاجة إلى استنفار همم الاقتصاد الوطني واستنهاض آلياته حتى يستقيم أداء وإنتاجا قبل أن يعبر الحدود منافسًا في الأسواق الخارجية.
تقدمت ليبيا بطلب لعضوية منظمة التجارة العالمية، ويتوقع أن تبدأ مراحل التفاوض قريبا، ومن شأن هذا أن يضع ليبيا في مواجهة تحدي التواؤم مع متطلبات الانضمام إلى هذه المنظمة، وأن يمنح للمنتجين المحليين فرصا أكبر، لكنه سوف يجعلهم أكثر عرضة لتحديات المنافسة الدولية.
الاقتصاد الليبي اقتصاد مستورد صاف للخدمات، إذ يصل العجز إلى ما يقرب من 2.8 مليار دينار حسب إحصائيات 2005، ومن شأن انتشار وتبني الاقتصاد المعرفي أن يفرض عليه الالتزام بمتطلبات هذا النوع من الاقتصاد، خصوصا فيما يتعلق بالملكية الفكرية. 
سوف يواجه القطاع الخاص منافسة غير متكافئة مع الشركات الأجنبية، خصوصا بمقتضى محدودية خبرته، والتغيرات المتوقعة في دور الدولة وإعادة الهيكلة الاقتصادية وتقلص نطاق السياسات الحمائية. 
سوف يتعرض سوق العمل في الاقتصاد الليبي إلى مشكلة هيكلية تتمثل في عدم تناسب التركيب النوعي للقوى العاملة الليبية مع متطلبات الاقتصاد العالمي، خاصة فيما يتعلق بالمهارات المعرفية، التي أصبحت استحقاقا ومحددا رئيسا للاندماج في هذا الاقتصاد.
تبلغ درجات الانفتاح أو الانكشاف في الاقتصاد الليبي إلى مستويات مرتفعة وصلت حوالى 70% عام 2005. وحيث إن الاندماج في الاقتصاد العالمي سوف يزيد من درجة الانفتاح، فإن هذا يضع الاقتصاد الليبي أمام تحد يتطلب القيام بإصلاحات جذرية في المجالات الاقتصادية كافة.
هناك ضعف في مؤسسات التمويل الوطنية، وتخلف في أدواتها المالية، فضلا عن عدم القدرة على تنويع مجالات الاستثمار بالرغم من توفر فوائض سيولة.
تبرز ظاهرة شيوع الشركات الفردية والعائلية في ليبيا، بوصفها إحدى السمات البارزة في هيكل القطاع الخاص، كما أن معظم نشاط القطاع الخاص الليبي يتوجه نحو الأسواق المحلية. ونظرا إلى صغر هذه الأسواق، فإن ذلك يشكل قيدا أمام القدرة التنافسية لهذه الشركات.

4.35 تحديات التنمية البشرية

يعتبر التفاوت في توزيع الكثافة السكانية من العوامل المؤثرة في طبيعة التنمية البشرية. وفي حين أن معدل التفاوت العالمي في حدود 0.5%، فإنه يقترب في ليبيا من 1%، فحوالى 80% من السكان يقطنون في مساحة لا تتجاوز ربع مساحة البلاد (تتمثل في الشريط الساحلي)، كما أن 62% من مراكز التجمعات السكانية الكبرى التي يزيد عدد سكانها عن 100000 تقع في خمس شعبيات فقط كلها في الشريط الساحلي، فيما يمثل التشتت الديموغرافي، وانخفاض الكثافة السكانية، تهديدا ديموغرافيا خاصة في الجنوب.
تجدر الإشارة أيضا إلى أن هناك عدة عوامل مرتبطة بالهيكل السكاني تجعلنا نتوقع تفاقم مشكلة البطالة في المستقبل إن لم توضع الحلول المناسبة، حيث تبلغ نسبة السكان ممن تقل أعمارهم عن العشرين نحو 50%، ويتوقع دخولهم لسوق العمل عما قريب (انظر الشكل). كما أن معدل الزيادة  السنوية في القوى العاملة يعد معدلا مرتفعا حيث يبلغ 3.3%. من جهة أخرى  من المتوقع أن ترتفع نسبة مساهمة المرأة في المجموع الكلي للقوى العاملة. كما أن الاتجاه نحو الخصخصة سوف يؤدي إلى إعادة توزيع أعداد متزايدة من العاملين بالخدمة العامة إلى القطاع الخاص، مما يزيد من مشكلة البطالة خلال الفترة المقبلة.

يشكل التنامي الكمي لمعدلات الجريمة تهديدا للأمن الوطني إذ يعد المعدل المحلي عالياً بالمقارنة بغيره من المعدلات الدولية والعربية، إذ بلغ العدد(865) جريمة لكل(100000) نسمة من السكان الليبيين. وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه، فإن معدل الجريمة سيصل عام 2025 إلى (1807) جريمة لكل (100000) نسمة من السكان. وهذا يعني ارتفاع نسبة الجريمة إلى 77% عما كانت عليه عام 2005.
وأخيرا، يتوقع زيادة الهجرة من الريف إلى المدن، وزيادة معدلات قدوم السواح والعاملين، بما يؤدي إلى مضاعفة الطلب على الخدمات الصحية ويثير المزيد من التحديات أمام القطاع الصحي.

4.36 تحديات الأمن المائي والبيئي

تعاني ليبيا من قلة الموارد المائية حيث لا تزيد المساحة الواقعة فوق خط المطر عن 5%، ولذا فإن المصدر الرئيسي للمياه هو المياه الجوفية وتمثل حوالى 97%  من إجمالي المياه المستهلكة في ليبيا الذي  يقدر بحوالى 4.8 مليار متر مكعب سنويا. ولأن المصادر غير المتجددة تشكل 87% من إجمالي المياه المستغلة حاليا في ليبيا، هناك إحساس متزايد بأهمية المياه خاصة مع الارتفاع الملحوظ في عدد السكان وازدياد الطلب على المياه، وفي ظل التطور الحضاري السريع. لذلك من المتوقع أن يكون هناك عجز مائي ربما أعلى من التقديرات السابقة (انظر الشكل) مما يتطلب ضرورة التنسيق في رسم السياسات المائية خاصة في ضوء ما أشار إليه تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سنة 2006 من أن قضية المياه تعتبر من القضايا الهامة والمرشحة أن تكون قضية عدم استقرار على المستوى العالمي. 
العجز في مصادر المياه في ليبيا حتى عام 2025
العجز في مصادر المياه في ليبيا حتى عام 2025

أصبحت الاشتراطات البيئية تمثل جواز سفر لمرور السلع حيث تتطلب العديد من الدول معرفة دورة حياة المنتج بالكامل. ولهذا تخشى الكثير من الدول، ومنها ليبيا، أن تؤدي هذه الإجراءات إلى فرض المزيد من القيود غير الجمركية على صادراتها إلى الدول المتقدمة حيث يصعب على الكثير من الدول خاصة النامية إيفاء تلك الاشتراطات. 

4.4 فرص سانحة

الوعي هو القادر على إحالة الموارد إلى إمكانات قابلة لأن تستثمر في تنمية المجتمع وتطويره وفي استغلال الفرص التي يتيحها ما قد يطرأ على منظومة القيم من تغيرات إيجابية. الموارد في النهاية وسائل، والوسائل لا تحقق الغايات إلا حال توسلها على النحو الذي يجب. 
ظلت ليبيا عبر التاريخ ملتقى العديد من الحضارات الإنسانية، استوعب الموروث الثقافي المحلي بعض نتاجاتها، الأمر الذي أسهم في تنوعه وهيأه للتفاعل مع المزيد من الخبرات الوافدة، فيما أكدت تعاليم الدين الإسلامي قيم التسامح والوسطية والتعامل بالحسنى مع الآخر بنية التعايش معه، فأتاحت بذلك فرصا أخرى للتفاعل. 
كون ليبيا جزءا من عالم يشكل التفاعل فيه مع مختلف الثقافات منطقة خصبة للحوار وتبادل الخبرات يمكّن من فتح آفاق رحبة للعلاقة مع الآخر، ويوجب تطوير تصور تجسده مؤسسات تعي استحقاقات هذه العلاقة، وتسهم في خلق مكون معرفي مشترك، وتتبنى خطابا نهضويا يدرك طبيعة ما يعتمل في العالم من تواصل وتنافس حضاري وثقافي.
ثمة تنوع يسم الموروث الثقافي في ليبيا حدا يجعله قادرا على أن يثري فكر المجتمع ووجدانه، ويقترح العديد من الخيارات الجمالية والقيمية لصياغة مستقبل ثقافي وإبداعي يستلهم الخصائص المحلية وينفتح على ثقافات العالم.
تحفل البلاد بالعديد من المواقع الأثرية، وبطبيعة متنوعة، صحراوية وجبلية وساحلية، كما توجد بها العديد من المدن القديمة، تشكل ذاكرة لحضارات إنسانية مختلفة، إضافة إلى الفنون الشعبية البصرية والحرف اليدوية التقليدية، وكل هذه موارد تمثل إسهاما متميزا في مجال إثراء الثقافة والتراث على مستوى العالم، ويمكن استثمارها في تأسيس صناعة للسياحة ذات قيمة متميزة.
كون الليبيين مولعين فطريا بتجميل محيطهم وزخرفته، معتمدين على ثقافة بصرية مستقاة من جماليات المكان ومفردات البيئة، إنما يخصب من إمكانات الثقافة الليبية ويفتح أمامها آفاقا جمالية أرحب.
ظهور أسماء مهمة في مختلف حقول الثقافة والعلوم يؤكد بدوره القدرات البشرية التي تزخر بها البلاد وتنبئ بقدرات إبداعية وفكرية ذات قدرات تنافسية متميزة. 
هناك أيضا إسهامات ليبية في الموروث الديني (الصوفي بوجه خاص)، بمضامينه الروحية والأخلاقية وحتى الجمالية والإبداعية، وهو يشكل موردا ثقافيا ثريا، كما أنه يطرح تساؤلا حول إمكان وسبل استثمار قيمه التسامحية والإفادة من طاقاته الروحية.
هكذا فإن ليبيا، بحكم ثراء موروثها وعمقها التاريخي، إضافة إلى إمكاناتها البشرية والمادية، قادرة على المساهمة بشكل فعال في إثراء الرصيد الثقافي البشري.
ولأن وسائل الاتصال التي تخضع للإشراف الحكومي المباشر عاجزة عن الوفاء بحاجة الجماهير إلى القدر الكافي من المعلومات والتنوع المطلوب في مصادرها، ولأن احتكار السلطة السياسية للنشاط الإعلامي غالبا ما يؤدي إلى تأثيرات سلبية على المستويين المهني والمعرفي، فإن هناك دورا كبيرا وفاعلا في انتظار القطاع الخاص في المجتمع المعرفي الذي تفرضه العولمة.
تشكل  الفئة العمرية التي لا تتجاوز 20 عاما ما يقرب من نصف السكان، ما يعني أن لدينا  ثروة بشرية تعد موردا مهما، وركيزة أساسية من ركائز التنمية البشرية بوجه عام، خصوصا أن هذه الفئة هي الأكثر قابلية لاستخدام تقنية المعلومات والإفادة من وسائل الاتصال والإنتاج الحديثة، فإن هذا يوفر فرصة تمكينهم وتنمية مهاراتهم ورفع مقدرتهم التنافسية.
هناك أيضا فرصة زرع نواة العلوم البينية في مراكز البحوث وأقسام الدراسات العليا بالجامعات، وهو توجه عملي ما زال حديثا ويمكن اللحاق به.
وفي حالة تهيئة المناخ المناسب، هناك فرصة الإفادة من كفاءة العقول المهاجرة التي أثبتت جدارتها على مستويات متميزة. 
أتاحت تقنية المعلومات فرصا عديدة للمساهمة محليا وعالميا تتمثل في: عودة إلى الكيانات الصغيرة لإنتاج العلم (سنغافورة نموذجا)، وفرة موارد المعلومات العلمية، والمشاركة العلمية عن بعد، رخص أدوات إنتاج العلم نسبيا، وانفصال المعرفي عن التقني (إدارة المعرفة).
أيضا فإن الاستقرار السياسي والأمني يوفر فرصة لجذب الاستثمارات الأجنبية، بما يسهم في تحقيق طموحاتنا التنموية.
وبالنظر إلى توجه بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى نقل وتوطين صناعاتها في مناطق أخرى من العالم بسبب محدودية القوى العاملة بها، فإن هذا يتيح فرصة للاقتصاد الليبي استقطاب بعض من هذه الصناعات عبر تأسيس البنية التحتية وتسهيل الإجراءات الجمركية وتأمين الجودة والتكاليف المنخفضة والعمالة الماهرة. 
بسبب ارتفاع أسعار النفط، يمتاز الاقتصاد الليبي بتحقيق فائض في ميزان مدفوعاته، ومن المنتظر أن يزداد هذا الفائض كثيرا بالنظر إلى الاحتياطات الهائلة من النفط والغاز المتوقع اكتشافها، حيث قدرت الاحتياطيات غير المكتشفة بحوالى 20% من الاحتياطيات المعروفة حاليا. وسوف يوفر هذا الفائض مصدرا لتمويل تنمية القطاعات غير النفطية والاستثمار في الأسواق العالمية. 
يمتلك الاقتصاد الليبي ميزة تنافسية كامنة تتمثل في تنمية القطاع التجاري الخدمي المرتبط بالموقع الجغرافي المتميز للبلاد، ويمكن أن يتخذ النشاط التجاري الخدمي عدة أشكال، مثل المناطق الاقتصادية الحرة وتجارة العبور والأنشطة السياحية، وبما يحقق التنوع في الناتج القومي الإجمالي.
وأخيرا، فإن تمكن ليبيا من حل بعض القضايا الدولية العالقة يوفر لها فرصة الاندماج في النظام العالمي والقيام بدور إيجابي على الصعيد الدولي.


ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الاول ....

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الثاني ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الثالث ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الرابع ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الخامس ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء السادس ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء السابع ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الثامن والأخير ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا