ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الرابع
ليبيا اليوم - ليبيا 2025 رؤية استشرافية - 10/11/2008
3.4 الأداء الاقتصادي
• لا سبيل لمناقشة أية سياسة اقتصادية بمعزل عن الإطار المؤسسي والنظام الاقتصادي الذي تعمل فيه. وعلى المستوى المحلي، تأثر الاقتصاد خلال العقود الماضية بطبيعة التوجهات الاقتصادية التي تبنتها الدولة، وبالأدوات التي استخدمتها في إدارة هذا القطاع، وقد ركزت الدولة على التوظيف المكثف لأدوات السياسة الاقتصادية.
• يعاني الاقتصاد الليبي من قصور في البنية التحتية، حيث هناك حاجة واضحة لتطويرها من خلال برنامج واسع للصيانة وتنفيذ المزيد من مشاريع البنى التحتية خصوصا فيما يتعلق بالطرق والمواصلات ووسائل الاتصال والمياه والصرف الصحي.
• يعد اكتشاف النفط، وبدء إنتاجه بكميات تجارية وتصديره، نقطة تحول هامة في الاقتصاد الليبي، إذ انتقل من أحد أفقر الاقتصادات (ثالث أفقر دولة في العالم في الخمسينيات) إلى اقتصاد ذي وفرة في رأس المال تمكن من تمويل التنمية، وتطوير الاقتصاد، وإحداث تغيرات رئيسية في هيكله. غير أنه بالرغم من هذه الوفرة المالية، يظل الاقتصاد الليبي يعاني من اختلال هيكلي واضح متمثل في الاعتماد أساسا على قطاع واحد فقط، إذ يساهم قطاع النفط بنحو 72.6% من الناتج المحلي الإجمالي، و93% مــن الإيرادات العامة، و95% من عائدات الصادرات.
• تطور إنتاج ليبيا من النفط من 1.32 مليون برميل يومياً عام 1999 إلى 1.64 مليون برميل يومياً عام 2005، ومن المتوقع أن ترتفع القدرة على إنتاج البترول الليبي إلى 2 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2010. في الوقت الحالي فإن احتياطي النفط المؤكد لدى ليبيا يصل إلى 36 بليون برميل.
• بالرغم من المحاولات المبذولة، تبين من خلال دراسة التغيرات التي شهدها هيكل الاقتصاد الليبي خلال العقود الثلاثة الماضية بقاء مساهمات القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي عند مستويات منخفضة، حيث بلغ متوسط مساهمة قطاع الزراعة خلال الفترة الماضية 2.7%، وقطاع الصناعة التحويلية 2.2%، وقطاع الخدمات العامة 22.5%. كما اتسمت معدلات النمو المحققة للقطاعات غير النفطية بالانخفاض، حيث بلغ معدل النمو بقطاع الزراعة 1.5%، وبقطاع الصناعة 0.4%، بينما بلغ معدل النمو بقطاع الخدمــات 4.0%.
• بلغ متوسط الإنفاق الاستثماري في القطاعات غير النفطية خلال الفترة الماضية 16.7% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وهذا متوسط منخفض، ويشير إلى أن الاقتصاد الليبي يعاني من تدن واضح في حجم وإنتاجية رؤوس الأموال المستثمرة في القطاعات غير النفطية ومن مشاكل تتمثل في سوء الاستخدام لمختلف الموارد، وارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض جودة المنتجات، ونقص في الكميات المتاحة منها، وظهور السوق الموازية.
• على الرغم من التوجه في السنوات الأخيرة إلى جذب الأموال والاستثمارات الأجنبية بالاقتصاد الليبي، واتخاذ خطوات مبدئية لتوفير ضمانات وحوافز للمستثمر الأجنبي، فإن تدفقات الاستثمار الأجنبي لا تزال محدودة الحجم، حيث لم تتعد 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وتتركز في قطاع النفط والغاز الذي بلغ نصيبه من تلك التدفقات 80%، فيما انعدمت تماما في مجال التنمية البشرية.
• عانى الاقتصاد الليبي خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي من تضخم واضح، فمعدل الزيادة السنوي في الأسعار بلغ 6.8% في الفترة 1980–1990. أما في الفترة 1991– 1997 فقد بلغ معدل الزيادة إلى 21.4% سنويا، وترجع أسباب التضخم إلى مجموعة من العوامل يتعلق بعضها بجانب الطلب ويتعلق بعضها آخر منها بجانب العرض، ومنها ما يتعلق بسياسة التمويل والعجز وتزايد حجم الدين العام ونسبة الاستهلاك إلى الناتج القومي والزيادة في عرض النقود. ولقد تمت معالجة مشكلة التضخم جزئيا من خلال تخفيض حاد في الإنفاق العام مما أدى إلى حدوث انكماش كبير في النشاط الاقتصادي.
• بلغ نصيب قطاع الصناعة من الاستثمار الكلي 19.7% ما يؤكد حقيقة الاهتمام بالقطاع الصناعي. غير أن الاهتمام الكمي بالاستثمار الصناعي شرط ضروري لكنه غير كاف لتحقيق التنمية الصناعية، حيث يتوجب أن يصاحب بالقدرة على إدارة هذه الاستثمارات. ولقد أدى التركيز على المشروعات الصناعية الكبرى إلى مواجهة العديد من الاختناقات الناجمة عن عدم قدرة الاقتصاد على استيعاب وإدارة مثل هذه المشروعات في مجتمع لم يصل بعد إلى الدرجة المناسبة من النضج في المجالات الإدارية والتنظيمية.
• أولت الدولة اهتماماً كبيراً بالقطاع الزراعي تمثل في الإنفاق الاستثماري الذي تجاوز 17% مـن إجمالي الإنفاق التنموي، وقيام العديد من المشاريع الزراعية الإستراتيجية، غير أن السياسات الإدارية والسياسات الزراعية، التسويقية والإنتاجية والسعرية، التي تم تبنيها في القطاع وتدخلت من خلالها الدولة بشكل مباشر في النشاط الزراعي، أدت إلى نتائج سلبية، حيث تراجعت المساحات الزراعية من نحو 1.8 مليون هكتار إلى نحو 866 آلف هكتار، كما تغير التركيب المحصولي فـي غير صالح الأهداف المتوخاة من تلك المشاريع.
• تعتبر ليبيا من الدول محدودة الموارد المائية حيث أدى الاستخدام الكثيف للمياه إلى ظهور مؤشرات تدهور الوضع المائي كماً ونوعاً، ويقدر إجمالي الاستهلاك المائي في ليبيا في الأغراض كافة بحوالى 4.98 مليار متر مكعب في السنة، فيما يصل العجز المائي إلى أكثر من 3000 مليون متر مكعب سنويا، ويتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2025.
• المساحة التي تسقط عليها معدلات أمطار تصل إلى 300 مم أو أكثر سنويا لا تتجــاوز5 % من المساحة الكلية للبلاد. وتشير البيانات المتاحة لسنة 2006 إلى أن المياه الجوفية تشكل نسبة 97 % من إجمالي مصادر المياه المستعملة في ليبيا، وأن ما نسبته 87 % من المياه الجوفية يأتي من مصادر غير متجددة، الأمر الذي يجعل معدل التغذية السنوية للخزان الجوفي لا يتجاوز 600 مليون متر مكعب.
• فضلا عن ذلك، تفتقر ليبيا إلى الأراضي الزراعية الجيدة، إذ تشكل الأراضي الصالحة للزراعة نسبـة 0.5 % من المساحة الكلية.
• تعتبر ليبيا واحدة من أقل دول العالم من حيث نصيب الفرد مـن المياه (أقل من 500م3 سنوياً)، وتعد المياه العامل المحدد لمدى قدرة البلاد على التوسع الاقتصادي في الزراعة، وبالتالي فإن النمو المستقبلي في الإنتاج الزراعي رهن بالاستخدام الأمثل للمصادر المحدودة من الأراضي والمياه.
• أما فيما يتعلق بالسكان الليبيين، فقد زاد عددهم من 2.052 مليون نسمة (1973) إلى 5.324 مليون نسمة (2006) وتراجع معدل نمو السنوي للسكان الليبيين من 4.21% إلى 1.77% خـلال الفترة الفاصلة.
• وبسبب هذا الانخفاض فإن الهيكل العمري للسكان الليبيين قد تغير خلال الفترة 1973-2006 وترتب على ذلك زيادة في الفئات العمرية ( 15 سنة ما فوق) وبالتالي زيادة في الأفراد العاملين اقتصاديا مع انخفاض في معدل الإعالة.
• ازداد عدد الأفراد العاملين بالأنشطة الاقتصادية من 423.8 ألف نسمة عام 1973 إلى 1.636 مليون نسمة عام 2006، وزادت خلال نفس الفترة نسبتهم إلى إجمالي عدد السكان الليبيين من 20.6% إلى 30.6%.
• على ذلك، توضح الإحصائيات انخفاض إنتاجية عنصر العمل في القطاعات غير النفطية، وارتفاع معدل البطالة حتى بلغ 17.3% في عام 2003، بل إن بعض الدراسات تشير إلى أن معدل البطالة يصل ما بين 25% - 33% من القوى العاملة.
• بلغت نسبة التوظف بالقطاع العام حوالى 51 % مـن إجمالي الاستخدام خلال الفترة 1993_2003، وتعود هذه النسبة المرتفعة إلى هيمنة الدولة على النشاط الاقتصادي. وبالرغم من أن قطاع النفط والغاز ساهم بأكثر من 70%من الناتج المحلي الإجمالي عام 2005، بلغ معدل الاستخدام بهذا القطاع ما نسبته 3.3% من إجمالي القوى العاملة عام 2006. وفي حين أن قطاع الزراعة يستوعب نسبة 9.8% من القوى العاملة، لم تتجاوز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي 2.8 % عام 2005. أيضا فإن القطاع الصناعي يستوعب نسبة 13.3% بينما تبلغ مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي نحو 5.3% عام 2005. وعلى الرغم من المحاولات الكثيرة لتقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية في السنوات الأخيرة فإن نسبتها تظل تشكل 13% من مجمل القوى العاملة.
• تنامت ظاهرة الأنشطة الاقتصادية خارج القطاع الرسمي (اقتصاد الظل)، ويقدر أنها تمثل ما بين 30% إلى 40% من الناتج المحلي الإجمالي، وبالرغم من الإيجابيات التي تساهم بها هذه الأنشطة من توفير لفرص العمل وخدمات وسلع للمواطنين، فإن لها آثارا سلبية من ضمنها صعوبة تطبيق أدوات السياسة الاقتصادية في توجيه الموارد والممارسات غير القانونية ذات الأثر المباشر على الدخل والإنتاج.
3.41 السياسات الاقتصادية
أولا: السياسة النقدية
• يمكن إجمال التغيرات التي طرأت على الجهاز المصرفي في عاملين رئيسين هما، التغير في الملكية، والتغير في الإدارة. فقد أدى تأميم المصارف التجارية إلى تكريس الوضع الاحتكاري للمصارف القائمة وجعلها كما لو كانت مصرفا واحدا. أيضا فإن هذا الوضع مكّن مصرف ليبيا المركزي، بصفته المالك للمصارف التجارية، من أن يصدر تعليماته لهذه المصارف بشكل مباشر، ما جعله في غنى عن استخدام أي من وسائل السياسة النقدية المعروفة، كما حدد للمصارف التجارية حجم ونوع وتكلفة الائتمان.
• أدى هذا الوضع إلى تعطيل القدرات الكامنة لإدارات المصارف، والى حرمانها من اتخاذ مبادرات مستقلة، بالإضافة إلى ذلك حُمّل المصرف المركزي بمهام خارج نطاق عمله الأصلي، كما أن أسلوب تعيين الإدارات العليا للمصارف قد حد أيضا من قدرة هذه الإدارات على الحركة، حيث ظلت ملزمة بقرارات جمعياتها العمومية التي تمثلها أمانة المالية ومصرف ليبيا المركزي.
• ينضاف إلى ذلك أن ملكية الدولة للجهاز المصرفي جعلت المصارف إحدى مجالات التوظيف بغض النظر عن العدد الأمثل من الموظفين الذين تحتاجهم هذه المؤسسات، مما أدى إلى تضخم عدد العاملين بها كغيرها من مؤسسات القطاع العام والتقليل من قدراتها التنافسية.
• وبوجه عام، كان أداء الجهاز المصرفي دون المستوى المطلوب، إذ يلاحظ تدني مستوى الخدمات المصرفية، وارتفاع نسبة السيولة المصرفية، نتيجة لإحجام إدارة المصارف عن منح تسهيلات ائتمانية للقطاع الخاص بسبب القيود التشريعية والإدارية وغياب الضمانات الكافية وسلبيات التجارب السابقة، مما يدل على عدم استخدام موارد المصارف بـطريقة كفؤة.
• لم يقم المصرف المركزي بتغيير معدل الاحتياطي المطلوب على الودائع منذ 1966 إلا في سنة 2007 وبطريقة يشوبها بعض القصور، كما لم يتغير سعر الخصم منذ ذلك الوقت إلا في سنة 2004 حيث خُفض من 5% إلى 4%، كما ظلت أسعار الفائدة ثابتة حتى ذلك الحين، وكانت وسيلة المصرف في إدارة السياسة النقدية تنحصر في التعامل في بعض أوراق الخزانة، وبعض التوجيهات الإدارية الأخرى.
• وبالرغم مما أتيح للمصرف المركزي من قدرة تمكنه من التحكم في كمية النقود والائتمان، إلا أن التوسع النقدي ظل السمة الغالبة للسياسة النقدية خلال الفترة الماضية مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض القيمة الحقيقية للدينار الليبي، حيث استمر عرض النقود يزداد بمعدلات تفوق نمو الناتج القومي الحقيقي، الأمر الذي رتب ضغوطا تضخمية.
ثانيا: السياسة المالية
• شهدت العقود الماضية استخداماً مكثفا لأدوات السياسة المالية كافة، فيما تعرضت عناصر السياسة المالية إلى تطورات هيكلية كان لها آثار مهمة على الاقتصاد الوطني.
• وتبين البيانات المتعلقة بالإنفاق العام أنه تعرض لتقلبات حادة خلال تلك الفترة. فلقد تزايد الإنفاق العام بشكل كبير خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات حتى وصل إلى أقصاه عام 1984، حيث بلغ 588.3 مليون دينار، ثم تراجع بشكل حاد حتى عام 1992 ليصل 2721 مليون دينار. أما الفترة 1992 – 2004 فقد شهدت نمواً في الإنفاق العام بالرغم مما تخللها من انخفاض في بعض السنوات.
• وترجع أسباب هذه التقلبات إلى جملة عوامل من أهمها أن الدولة الليبية تبنت سياسة تنموية طموحة وضعت لها خططا تنموية، حيث اختارت الدولة القيام بدور مباشر في تأسيس وتنفيذ كثير من مشروعات البنية الأساسية، وكذلك المشروعات الاقتصادية ذات الطبيعة الإستراتيجية. هكذا كانت الزيادة الكبيرة التي حصلت في الإنفاق العام ناتجة عن تنفيذ المشروعات التنموية التي تضمنتها تلك الخطط. كذلك فإن التغيرات التي طرأت على النظام الاقتصادي المطبق في ليبيا، وما تبعها من تغير في دور الدولة الاقتصادي أدت إلى تحول فعاليات النشاط الاقتصادي بالكامل إلى الدولة لتديرها بشكل مباشر.
• أما التراجع الذي حصل في الإنفاق العام بعد عام 1984 فقد كان مرده إلى النقص الحاد في الإيرادات العامة، الذي يرجع بدوره إلى تدهور حاد في أسعار النفط خلال عقد الثمانينيات، وإلى انخفاض حصيلة الإيرادات الضريبية الناجم عن انحسار دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
• ساهمت سياسة الإنفاق التي اتبعتها الدولة الليبية خلال العقود الثلاثة الماضية في ظهور كثير من المشاكل التـي يعاني منها الاقتصاد الليبي الآن، فالبطالة، والركود التضخمي، وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي، وتعثر عملية التنمية وتدني معدلاتها، وانخفاض مستوى المعيشة لقطاع واسع من أفراد المجتمع، وغيرها من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، إن هي إلا نتاج لهذه السياسات المالية المتقلبة التي تم تبنيها خلال تلك العقود.
• يعاني النظام الضريبي من مشكلة تدني الحصيلة الضريبية التي ترجع إلى عوامل عديدة، نذكر منها ضيق قاعدة ضريبة الدخل وانحسارها، والتهرب الضريبي، وعدم تنظيم النشاط الاقتصادي، وضعف الإدارة الضريبية، وتعدد أنواع الضرائب والمغالاة في أسعارها. أيضا فإن النظام الضريبي الليبي يفتقر إلى نصوص تشريعية تشجع بشكل صريح الادخار والاستثمار والإنتاج.
ثالثا: السياسة التجارية
• استهدفت السياسة التجارية تحقيق جملة من الأهداف من بينها تحقيق التوازن في تجارة ليبيا الخارجية، والمحافظة على انسياب السلع والخدمات إلى المستهلكين وغيرهم من الشرائح الاقتصادية، وتجنب مشكلة تذبذب وارتفاع الأسعار وآثارها السلبية على أفراد المجتمع، وكذلك تنظيم التجارة الداخلية والخارجية عن طريق تحديد الأدوات التي تمارس هذا النشاط ووضع التشريعات اللازمة، وحماية الإنتاج الوطني واستخدام الأدوات المناسبة لذلك، والمساهمة بالتنسيق مع السياسات الاقتصادية الأخرى في معالجة بعض القضايا الاقتصادية، مثل تنويع مصادر الدخل، والقضاء على البطالة والتضخم، واستقرار قيمة الدينار الليبي.
• استخدمت الدولة خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات أدوات السياسة التجارية بشكل مكثف، إلا أن ارتفاع أسعار النفط في السنوات الأخيرة أدى إلى وفرة في العملات الأجنبية، الأمر الذي أدى إلى التقليل من استخدام أدوات السياسة التجارية إلى حد كبير، حيث خففت الرقابة على الصرف الأجنبي إلى مستوى غير مسبوق، وخفضت الرسوم الجمركية على جميع السلع إلى الصفر، وألغيت القيود الكمية على الواردات، وأصبح الاستيراد لا يخضع لرخص الاستيراد ولا للموازنات الاستيرادية، كما تم السماح بتصدير جميع السلع، باستثناء عدد قليل جدا، وأنشئ مركز لتنمية الصادرات، وعقدت عدة اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف تسمح بنفاذ الصادرات الليبية إلى الأسواق الخارجية، كما تقدمت بمذكرة للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.
3.42 دور الدولة والقطاع الخاص
• بالرغم من أن هيمنة الدولة على الاقتصاد أدت في السنوات الماضية إلى تحقيق تحسن في بعض المجالات وفي الحد من التفاوت الاجتماعي، فإنها أدت إلى إضعاف قدراتها التنافسية والتواؤم مع الاستحقاقات العولمية المتجهة إلى الانفتاح وتوسيع قاعدة المشاركة.
• لقد كان أمرا طبيعيا أن يضطلع القطاع العام بدور رئيس في عملية التنمية (نظرا لملكية الدولة للموارد النفطية) من خلال الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، تمهيدا لتأسيس قاعدة لانطلاق المزيد من الاستثمارات من قبل القطاع الخاص. غير أنه تم تجميد القطاع الخاص بشكل كلي والاعتماد على القطاع العام بصورة تامة في أواخر السبعينيات، وباستخدام مؤشر الأهمية النسبية للاستثمارات التي قام بها كل من القطاعين، نجد أن القطاع العام استأثر بنحو 86% من حجم الاستثمارات الكلية، بل إن مساهماته تجاوزت هذا المتوسط في بعض القطاعات، فقد بلغت 98% في قطاع الصناعة، 93% في قطاع الزراعة، بل بلغت 100% في قطاع الخدمات. وترتب على الاعتماد شبه الكلي على القطاع العام في تنفيذ البرامج الاستثمارية عدم قدرة السياسة الاقتصادية في ليبيا على تجنيب النشاطات غير النفطية التقلبات التي تتعرض لها أسعار النفط، حيث انعكست هذه التقلبات في معدلات النمو المحققة للقطاعات غير النفطية.
• لجأت الدولة في إدارة الطلب الكلي إلى استخدام سياسة مالية انكماشية من خلال تثبيت المرتبات والأجور في القطاع العام في إطار القانون رقم 15 (1981)، والتوسع في الاستقطاعات وتقليص المزايا، وتكثيف جهود التحصيل الضريبي وإدخال بعض الإصلاح في التشريع الضريبي. وقد ساعدت هذه الإجراءات بالفعل في خفض عجز الموازنة وفي تثبيت سعر الصرف واحتواء جزئي للتضخم. غير أن هذه الجهود كانت على حساب النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، حيث أغفلت الدولة اللجوء إلى تخفيض الإنفاق الحكومي غير المنتج في سياستها المالية، كما لم تلجأ إلى السياسة النقدية، فتحمل التحصيل الضريبي كل العبء في سياسة إدارة الطلب مما أدى إلى النتائج السلبية التي يعاني منها الاقتصاد الليبي.
• وبالرغم من الإنجازات التي حققها تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، عن طريق هيمنة مؤسسات القطاع العام، إلا أن برامج وخطوات القطاع العام في عملية التنمية كانت غير فعالة إذا ما قورنت بحجم الإنفاق المنفذ. فقد بقيت المشاكل الأخرى الأساسية التي افرزها القطاع العام دون حل، وأهمها: التنظيم الهرمي البيروقراطي الذي يرزح تحته، والعمالة الفائضة، وتدني الأجور، وارتفاع التكلفة، وانخفاض الإنتاجية، وعدم القدرة على التسويق، واهتراء وتقادم أصوله الرأسمالية، ومركزية التسعير، وفقدان الحرية في التوظيف والتسريح، وأخيراً الخسائر الكبيرة التي تشكل نزيفاً لمالية الدولة.
• حاولت الدولة خصخصة بعض مؤسسات القطاع العام، وذلك في إطار تحولها نحو تشجيع المبادرات الفردية، والدفع بالقطاع الخاص لزيادة مساهمته في الأنشطة الاقتصادية. غير أن القطاع الخاص لم يولد ولادة طبيعية، ولم يتنشأ نشأة سوية، وقد تجلى هذا تحديدا في ممارسات مشبوهة من قبيل غسيل الأموال وسيطرة المتنفذين على المشاريع الخاصة الكبرى.
• بدأ هذا الاتجاه نحو الخصخصة بصدور عدد من القوانين التي فتحت العديد من المجالات للقطاع الخاص لممارسة نشاطه فيها بعد أن كانت مقصورة على المنشآت العامة. وتميز أسلوب التخصيص المتبع بنقل ملكية بعض المؤسسات العامة إلى مجموع العاملين بها دون أن يطرأ أي تغيير في نمط الإدارة، الأمر الذي نجم عنه استمرار تدني أداء هذه المؤسسات بالرغم من خصخصتها. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاختيار لم تفرضه ظروف تزايد عجز ميزان المدفوعات أو تزايد مديونية الدولة أو غيرها من الأسباب التي دفعت العديد من الدول إلى الخصخصة، بل كان نتيجة معطيات داخلية تهدف إلى تعبئة المزيد من الموارد المحلية، وتصحيح الاختلالات الإدارية والمالية والإنتاجية في الكثير من مؤسسات القطاع العام.
• تركز دعم القطاع الخاص على السماح له بدخول مجالات كانت حكراً على القطاع العام في السابق ومنحه بعض الإعفاءات الضريبية من خلال محاولات تشجيع الاستثمار. غير أن هذه المحاولات لـم تتبعها إجراءات لإقامة بيئة تنظيمية وتشريعية ملائمة، ومؤسسات مصرفية متطورة، تتلاءم مع الإصلاحات التي أجريت باتجاه نظام السوق وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص.
3.5 التنمية البشرية
• المجتمع الليبي مجتمع فتي، جله من الفئات العمرية المعتمدة على الآخرين، وهم الأطفال وطلاب المدارس والجامعات. وقد حدث انخفاض في معدل النمو السكاني لليبيين، فبعد أن كان 4.21% خـلال الفتـرة 1973-1984، انخفض إلى 2.83% خلال الفترة 1984-1995، ثم تراجع ثانية ليبلغ 1.77% خلال الفترة 1995-2006 )انظر الجدول).
• وارتبط هذا الانخفاض بعدد من العوامل المتعلقة بزيادة معدلات التحضر، وما رافقها من انخفاض في معدلات الخصوبة نتيجة الاهتمام بتنظيم الأسرة، وتحديد النسل، فضلا عن تأخر سن الزواج لدى الشباب، بسبب ارتفاع تكاليف الزواج وزيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل.
• ومن المتوقع أن تزيد نسبة عدد السكان الليبيين فوق سن 65 عاما في 2025 إلى نسبة 12%، مما سيؤدي إلى انعكاسات مهمة على التخطيط للخدمات الصحية والتعليم وتوفير حاجات المجتمع من الوظائف المطلوبة، وتحقيق توازن في برامج التنمية البشرية.
بعض المؤشرات الديموغرافية (الليبيون فقط)
المؤشــــر
|
البيــــــان
|
المدى الزمني
|
حجم السكان
|
5,323,991
|
2006
|
السكان الإناث
|
2,628,846
|
2006
|
السكان الذكور
|
2,695,145
|
2006
|
حجم الزيادة بين تعدادي 1995-2006
|
934,252
|
1995-2006
|
نسبة الزيادة المئوية
|
21.3 %
|
1995-2006
|
معدل النمو السنوي
|
1.77%
|
1995-2006
|
متوسط العمر عند الزواج الأول
|
24 سنة
|
1995
|
متوسط العمر عند الزواج الأول
|
34 سنة
|
2006
|
نسبة النوع
|
102.5 ذكر مقابل 100 أنثى
|
2006
|
عدد الأسر
|
963899
|
2006
|
عدد السكان عند 15 سنة فما فوق
|
3599278
|
2006
|
نسبة السكان عند 15 سنة فما فوق لإجمالي عدد السكان
|
67.60%
|
2006
|
السكان الذين تقل أعمارهم عن 15
|
1724713
|
2006
|
نسبة من تقل أعمارهم عن 15 سنة إلى إجمالي السكان
|
32.40%
|
2006
|
العمر المتوقع عند الولادة
|
72.5
|
2000-2006
|
الكثافة السكانية
|
3.3 شخص لكل ك م2
|
2004
|
نسبة التحضر
|
86%
|
2005
|
السكان العاملون اقتصاديا
|
1635783
|
2006
|
معدل الإعالة
|
2.7
|
2006
|
• أما فيما يتعلق بالتعليم، اتخذت ليبيا خلال مسيرة تنميتها العديد من الإجراءات لتوفير منظومة تعليمية تتماشى مع حاجات المجتمع الاجتماعية والاقتصادية. وقد تطور التعليم النظامي في ليبيا بإيقاع سريع، وتركزت الأهداف الرئيسة في التوسع في نشر التعليم من أجل بناء كوادر مؤهلة لتسيير مرافق الدولة وللتخفيف من نسبة الأمية.
• وتشير تقارير نسبة الالتحاق بالصف الأول الابتدائي إلى أنها بلغت 100%. ويبين الجدول التالي الزيادة في أعداد الطلاب في جميع المراحل الأساسية.
تطور أعداد الطلاب في مؤسسات التعليم والتدريب
(1973/1974 _ 2006/2007 )
المرحلة التعليمية
|
1973 / 1974
|
2006 / 2007
| ||||||
ذكور
|
إناث
|
المجموع
|
نسبة الإناث إلى المجموع
|
ذكور
|
إناث
|
المجموع
|
نسبة الإناث إلى المجموع
| |
المرحلة الأساسية
|
310556
(91.4)
|
204123
(96.7)
|
524079
(93.5)
|
38.9
|
648653
(64.4)
|
630666
(65.0)
|
1279319
(64.7)
|
49.3
|
المرحلة المتوسطة
|
20674
(6.0)
|
5826
(2.8)
|
26500
(4.7)
|
22.0
|
214778
(21.3)
|
191773
(19.8)
|
406551
(20.6)
|
47.2
|
المرحلة الجامعية والمعاهد العليا
|
8669
(2.6)
|
1133
(0.5)
|
9802
(1.8)
|
11.6
|
144381
(14.3)
|
147937
(15.2)
|
292318
(14.7)
|
50.6
|
المجموع
|
339899
(100)
|
211082
(100)
|
560981
(100)
|
38.3
|
1007812
(100)
|
970376
(100)
|
1978188
(100)
|
49.1
|
عدد السكان الليبيين
|
1057919
|
994433
|
2052372
|
2695145
|
2628846
|
5323991
| ||
نسبة الطلاب إلى أعدادلسكان
|
32.0
|
21.2
|
27.3
|
37.4
|
37.0
|
37.2
|
• أيضا، ازدادت المؤسسات الجامعية من جامعة واحدة أنشئت عام 1955م إلى جامعتين عام 1973 إلى 14 جامعة عام 1999، ثم أعيد تنظيم الجامعات عام 2004 فأُبقِيَ على 9 جامعات بالإضافة إلى 3 جامعات متخصصة، بلغ عدد طلابها عام 2006/2007 292,318 طالبا منهم 51% من الإناث.
• غير أن التوسع الكبير الذي شهده التعليم الجامعي والعالي منذ بداية التسعينات لم يصاحبه في الواقع تقدم مواز في التجهيزات والاستعدادات اللازمة لمؤسسات التعليم الجامعي والعالي ولاسيما فيما يتعلق بالدراسات التطبيقية.
• وتشير الإحصاءات إلى أن عدد الطلبة المنقطعين عن الدراسة قبل سنة 2002 بلغ (29062) طالبا وطالبة، كانت أعلى نسبة تسرب منهم في المرحلة الإعدادية 38.6% تليها المرحلة الثانوية 32.0% ثم الابتدائية15.7%، وأخيراً المرحلة الجامعية 13.7 %، وهذا يعني أن حوالى 86.3 % من المتسربين كانوا في مرحلتي التعليم الأساسي والمتوسط
• بلغ عدد المؤسسات التدريبية (في العام الدراسي 3/2004 ) 358 مركزا أساسيا و376 مركزا متوسطا و73 مركزاً عالياً، وبلغ عدد المتدربين في العام ذاته 7459 متدربا بالمراكز الأساسية و64664 متدربا بالمراكز المتوسطة و40207 بالمراكز العالية، منهم 16083 أنثى بنسبة 41% من الإجمالي.
• ومع ما توفر من إحصائيات وبيانات وأدبيات عن واقع التعليم والتدريب واحتياجات سوق العمل في المجتمع الليبي؛ يتضح أن نسبة الأمية قد بلغت (عام 2003) 12.6% بعد أن كانت حوالى 51.60% (عام 1973)، ويبين الجدول التالي انخفاض نسبة الأمية من 51.6% (عام 1973) إلى 12.6% (عام 2003).
السنــــة
|
نسبة الأميــة %
| ||
ذكور
|
إناث
|
المجمــــوع
| |
1973
|
32.0
|
72.90
|
51.60
|
1984
|
23.09
|
57.62
|
39.88
|
1985
|
10.45
|
27.21
|
18.69
|
2003
|
6.78
|
18.67
|
12.60
|
•
• بلغت نسبة المتعلمين في القوة العاملة 8.7% من ذوى المؤهلات الجامعية، و28.2% من خريجي التعليم الثانوي، و19.5% من خريجي التعليم الأساسي. وهذا يعني أن حوالى 45% من القوة العاملة لا يحملون أية مؤهلات علمية.
• يتسم النظام التعليمي بالعجز عن تحقيق الأداء الفعال، حيث إن حجم الإنفاق التنموي على قطاع التعليم خلال العقود الماضية التي بلغت بالمتوسط نحو 6.3% من الناتج المحلى الإجمالي لم يفلح في جعل تحسين جودة العملية التعليمية.
• يعانى النظام التعليمي من تدني مستوى خريجي معاهد التكوين المهني الأساسي والمتوسط من الناحية النوعية فيما يتعلق بإجادة المهنة وأصولها، وينعكس هذا في عزوف جهات العمل عن تشغيل هؤلاء الخريجين، واضطرار مؤسسات الشغل العامة والخاصة إلى إعادة تدريبهم إذا لم يكن هناك بد من تشغيلهم.
• يفتقر النظام التعليمي في ليبيا إلى سياسة تدريبية تؤمن اكتساب المهارات التي تتطلبها جودة الأداء المهني، سواء تعلق الأمر بالتعليم العام أو التقني. فالأول يفتقر إلى التدريب الميداني والتدريب العملي المتصل والزيارات إلى مواقع العمل الفعلية، فيما يفتقر الثاني، الذي يفترض أنه تطبيقي، إلى الورش والمعامل والتدريب المتصل في مواقع العمل الفعلية.
• شهد العقدان الماضيان توسع مشاركة القطاع الخاص في التعليم على مختلف مستوياته، فحسب تقارير الهيئة الوطنية للمعلومات والتوثيق (2005-2006) جاءت مشاركة القطاع الخاص في التعليم على النحو التالي:
مستوى التعليم
|
النسبة
|
رياض الأطفال
|
30%
|
تعليم أساسي
|
3%
|
تعليم ثانوي عام
|
1.5%
|
تعليم ثانوي تخصصي
|
0.7%
|
المعاهد والمراكز العليا
|
20%
|
الجامعات
|
5.5%
|
• وإذا ما استثنينا رياض الأطفال، يتضح من هذه التقارير أن مشاركة القطاع الخاص في التعليم تظل ضعيفة.
• كان غياب سياسة وطنية للتعليم، سبباً أساسياً في تدني مستويات الأداء في النظام التعليمي العام والخاص، إذ ليس هناك التزام بمعايير محددة، علاوة على غياب الإشراف التربوي والفني، وعدم استقرار الإدارة التعليمية، فضلا عن عدم ملاءمة المبنى التعليمي، وضعف نوعية هيئة التدريس.
• لم تمثل البطالة مشكلة جوهرية في سوق العمل الليبي حتى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، وذلك على اعتبار أن سوق العمل الليبي كان قادرا على استيعاب كافة الأفراد الباحثين عن عمل سواء كان ذلك من خريجي المؤسسات التعليمية والتدريبية أو الإفراد المتسربين من قطاعي التعليم والتدريب. ويلاحظ أن معدلات البطالة بدأت تتزايد بصورة ملحوظة منذ منتصف الثمانينيات.
• زاد معدل البطالة من 3.6% في كل من السنتين 1973 و1984 إلى 10.86% سنة 1995 وإلى 17.28% سنة 2003، وقد كانت معدلات البطالة بالنسبة للإناث أكبر من معدل الذكور في عام 2003.
• تقترن البطالة بالفقر الذي بدأت معدلاته تتصاعد منذ أواخر الثمانينيات، فهناك الآن ما يقارب من مليون ليبي يعانون من الفقر، يشكّلون (20%) من إجمالي السكان.
• تم تشجيع المرأة على تولي مناصب في النظام السياسي، إلا أن مشاركتها في السياسة والشؤون العامة ظلت محدودة مقارنة بدورها في الأنشطة الأخرى وبدور الرجل في هذا المجال.
• تطور حجم استخدام المرأة في الأنشطة الاقتصادية حيث وصل عام 2003 إلى حوالى 23% من إجمالي القوى العاملة، بعد أن كان 4% عام 1964، 14.52% عام 1984. ومن اللافت للنظر أن مشاركة المرأة في القطاع الخاص عام 1964 وصلت 13%، ثم تدنت إلى 4% فقط عام 1995، وذلك بسبب السياسات الرسمية للدولة خلال فترة الثمانينيات التي ألغت القطاع الخاص.
• تبين إحصاءات الجريمة في ليبيا أن 94% من الجرائم ارتكبها أشخاص بالغون. في الوقت نفسه، هناك زيادة في معدل الجريمة، حيث وصل عام 2005 إلى 856 لكل 100,000 نسمة، وإذا استمر الحال على ما هو عليه، فإنه سوف يصل إلى 1807 عام 2025، وبمعدل نمو سنوي لا يقل عن 3.5.
• بالرغم من النجاحات التي حققها المجتمع الأهلي التي تتركز معظمها في الأعمال الخيرية، مثل المساهمة في إنشاء جمعية الكفيف وجمعية أصدقاء المعوقين، فإن دور مؤسسات المجتمع الأهلي غير فعال بدرجة كافية في تحمل المسؤولية تجاه إعداد البرامج والأنشطة، ونشر الوعي بضرورة تنمية قدرات ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي تأسيس مناخات داعمة تعمق الشعور الوطني بأهمية الاستثمار في الرعاية المبكرة للفئات الخاصة.
3.6 الأداء الصحي
• مـرت ليبيا بعـدة تغيرات سكانية واجتماعية واقتصادية أثـرت كثيراً في الخدمات الصحية، مثل زيادة عدد السكان، والهجرة إلى المدن، ونقص عائدات النفط في بعض الفترات، كما تعرض القطاع الصحي لعدة تغيرات وتعديلات في هيكليته وأهدافه ووسائله.
• تركز الاهتمام في السنوات 1970_1979 عـلى صحة المجتمع ككل، وفي عام 1980 تم تبني شعار "الصحة للجميع" في إستراتيجية الصحة المأخوذة من قانون الصحة العامة رقم 106 لسنة 1973، حيث تم تأكيد أن الخـدمات الصحية مجانية ومن حق الجميع.
• اعتمدت إستراتيجية الصحة للجميع جزءاً لا يتجزأ من الخطة الاجتماعية والاقتصادية للـدولة وهي واضحة من النـاحية النظـرية في الخطة الخماسية 1981-1985، حيث تبنت تقـديم الخـدمات الصحية لكـل الناس، وتطـوير الخدمات الطبية وتحسين النـوعية، وتلـييب قطـاع الصحة.
• وضعت خطة الـرعاية الأولية لكل الناس منذ سنة 1984، واهتمت أمانة الصحة بشق المعلومات والتوثيق، كما استحدثت مشروع طبيب الأسرة جزءا رئيسا وعمودا فقريا للرعاية الصحية الأساسية وأضافت الصحة النفسية والصحة المهنية والصحة المدرسية والرعاية الصحية الاجتماعية لكبـار السن.
• لم تنفذ خطة 1981-1985 على أرض الواقع لعدة أسباب منها انشغال أمانة الصحة بـإعادة تـرتيب الخدمات الصحية وبالتعاقد مع الشركات العالمية للبناء والتركيب والتجهيز، وفي السنوات التالية 1986_1990 جمدت الخطة بسبب نقص عائدات النفط واستعيض عنها بالميزانيات التنموية السنوية.
• كانت هناك محاولة لوضع الخطة موضع التنفيذ في سياقها الصحيح في السنوات 1990_1995 ضمن خطة التحول، ولكن المشكلة التي صادفت التطبيق الفعلي تعينت في عدم الاستقرار الإداري والتغيرات المستمرة في هيكلية الدولة وقطاع الصحة.
• كـانت مستـويات تقديم الخـدمات الصحية كما يلي:
• المستوى الأول: وحدات الرعاية الصحية الأولية التي تقدم خدماتها لكل تجمع سكاني يتراوح عدده بين 2000 و5000.
• المستوى الثاني: مراكز الرعاية الصحية بما فيها الصحة المدرسية والتطعيمات والوقاية وتقدم خدماتها لكل 10000_50000.
• المستوى الثالث: العيادات المجمعة وتقدم خدماتها لكل 50000_60000.
• المستوى الرابع: المستشفيات العامة، وتقدم خدماتها العلاجية وتستقبل الحالات المحولة من المستوى الثاني والثالث.
• المستوى الخامس: المستشفيات المركزية وتقدم خدماتها التخصصية المتقدمة للحالات المحولة من المستوى الـرابع.
• هـذا من الناحية النظرية؛ ولكن الواقع مختلف، فكانت كل المستـويات تقدم الخدمات العلاجية وتصـرف الأدوية لمـن يتقدم إليها بتحويل أو دونه.
• تم توظيف استثمارات كبيرة من خلال خطط وميزانيات التنمية المتعاقبة، حيث تشير بيانات التخطيط إلى أن الإنفاق الاستثماري خلال الفترة 1970 _ 2006 قد بلغ (3.6) مليار دينار وبنسبة 5.7 % من إجمالي الإنفاق الاستثماري الإنمائي الموظف خلال الفترة نفسها، والبالغ حوالى (62.2) مليار دينار. وإذا ما أضيف الإنفاق التسييري خلال تلك الفترة، يرتفع الإنفاق الإجمالي إلى حوالى (11.6) مليار دينار.
• ورغم أن المؤشرات الكمية والنوعية المحققة مقارنة بالمعدلات الدولية، سواء على مستوى معدل الأطباء للسكان، وهيئات التمريض، والأسرة أو المرافق الصحية وتجهيزاتها، تظهر زيادة كمية مرتفعة مقارنة ببعض الدول العربية، إلا أن دراسة هذه المؤشرات سواء على مستوى حجم الإنفاق التسييري والإنمائي ونسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي، أو من حيث متوسط نصيب الفرد منه، تظهر اتجاه الإنفاق نحو الانخفاض خلال العقود الماضية، بمعنى أن ما تم تنفيذه من استثمارات كبيرة في المرافق الصحية وتجهيزاتها لم يواكبه إنفاق مماثل لإدامتها وتطويرها.
• لم تؤد زيادة الإنفاق على الخدمات الصحية في السنوات الثلاث الأخيرة إلى تطويرها وتحسينها، لأنه لم تتم إدارة هذا الإنفاق بما يضمن توظيفه التوظيف الأمثل وفق رؤى وأهداف محددة قابلة للقياس والتقويم، كما لم تتح الفرصة والصلاحيات اللازمة لصرف ما يخصص من ميزانيات.
• بـالرغم من كل هذه المشاكل الإدارية والصعوبات والتخبط الإداري الذي صادف مسيرة الخدمات الصحية فقد تحسنت العديد من المؤشرات الصحية (حسب الإحصائيات الرسمية للدولة):
• لسكـان يحصلون على مياه نظيفة: 95% (إحصائية 1997).
• التحصين والتطعيم للأطفال: 96%.
• ولادة بحضور ممرضة أو قابلة: 99%.
• وفـيات الأطفال تحت السنة: 21.5 في كل 1000 ولادة.
• وفـيات الأطفال تحت 5 سنوات: 27.5 في كل 1000 ولادة.
• وفيات الأمهات: 0.4 لكل 1000 ولادة.
• متوسط معدل العمر المتوقع عند الولادة: 72.5 سنة.
• عـدد الأطباء: 1.7 لكل 1000 نسمة؛ منهم أطباء الأسنان 0.27 لكل 1000 نسمة.
• نسبة الممرضين: 5 لكل 1000 نسمة؛ والصيادلة: 0.2 لكل 1000 نسمة.
• معـدل الوفيات الخام: 2.6 لكل 1000 نسمة ومعدل الولادات الخام: 20.3 في الألف نسمة.
• إجمالي خريجي الجامعات والكليات الطبية حتى عام 2006: 17006.
• على ذلك، نلحظ:
• عدم توزيع عدد الأسرّة بالتساوي حسب الكثافة السكانية.
• عدم تناسب متوسط عدد الأطباء والممرضين في مختلف الشعبيات، ففي شعبية طرابلس مثلا يبلغ المتوسط 2.4 لكل 1000 نسمة، ويبلغ في الزاوية 1.55، وفي تاجوراء 0.4، وفي غات 0.7 لكل 1000 نسمة؛ وعدد التمريض في شعبية غات 28 لكل 1000 نسمة، في حين أن عدد التمريض في شعبيتي طرابلس وبنغازي لا يتجاوز 4 لكل 1000 نسمة، وفي شعبية غدامس 13 لكل 1000 نسمة.
• تهتم هذه المـؤشرات عامة بالكم وليس بالنوع من ناحية وتعطي متوسطا للمجموع الكلي للسكان وليس لسكان الحي أو المحلة. (مثال ذلك أن عدد الأطباء يعني كل الأطباء، عامين ومتخصصين، وعدد التمريض يعني كل التمريض من خريجي معهد متوسط أو عالٍ).
• مـا زلنا في حاجة لأطباء متخصصين وتمريض عاي الكفاءة لتحسين نـوعية الخدمات وإلى برامج رفع للكفاءة والتدريب المستمر والاهتمام بالتعليم ومؤسساته.
• بالرغم من مشاركة القطاع الخاص في الخدمات الصحية فإنها تظل ضئيلة.
• لا يُستفاد مما يصرف على قطاع الخدمات الصحية رغم قلته وهو يهدر في مصاريف الإدارة وتداخل أجهزة أخرى في القطاع أو في مظاهر للفساد وزيـادة مفرطة في أسعار الأدوية والمعدات والأجهزة.
• اتسمت الأوضاع الصحية في المـرحلة السابقة بالتدهور والتدني وانعدام الثقة ويعزى ذلك إلى خمس مشـاكل رئـيسة هي:
• تخبط في الإدارة وفي الهيكلة والجمع بين التخطيط والتنفيذ والـرقابة.
• تـذبذب ونقص ما يخصص لقطـاع الصحة من أمـوال.
• هـدر الكثير من الإمكانيات البشرية والمـادية.
• فقـدان الثقة في الخدمات الصحية ولجوء العـديد من المرضى إلى العلاج في الخارج.
• غياب خطة واضحة المعالم وقابلة للتنفيذ للخدمات الصحية.
3.7 الأداء البيئي
• شهدت ليبيا خلال العقود الماضية وضع وتنفيذ عدد من الخطط والمشاريع التنموية شكلت بسبب غياب الإدارة الجيدة عبئا على البيئة، ما يستوجب مراجعة هذه التجربة وإبراز نقاط الخلل فيها وتصحيحها، لتجنب استنفاد الموارد الطبيعية وانهيار النظم البيئية الداعمة للحياة.
• ومن ضمن المشاكل التي تعاني منها البنية التحتية للبيئة:
• التلوث بالمخلفات الصلبة.
• سوء الإدارة وعدم وجود خطة شاملة أو استراتيجية لإدارة النفايات الصلبة والسائلة.
• عدم وجود مكبات تتوفر فيها الاشتراطات والمعايير البيئية.
• خلط النفايات الطبية والصناعية مع النفايات المنزلية.
• عدم توثيق البيانات والمعلومات عن كميات النفايات ومعدل تولدها.
• عدم تشجيع عملية تدوير النفايات وإعادة الاستخدام وفتح مجالات الاستثمار فيها.
• عدم وجود استراتيجية وطنية وسياسات وبرامج تنفيذية واضحة خاصة بمعالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استعمالها.
• التغير المستمر في هيكلية و تبعية الأجهزة الإدارية للشركة العامة للمياه والصرف الصحي وتعدد جهات الإشراف عليها.
• تلوث المياه والاستخدام غير المرشد.
• وبالنظر إلى الغطاء النباتي في ليبيا يستبين التدهور الشديد من حيث التنوع والكثافة. ولقد ساهمت حالة الجفاف المناخي والزحف العمراني وشق المحاجر والتلوث والرعي الجائر والتحطيب وقلع الأنواع بانتخابية دون تعويض (النباتات ذات القيمة الطبية والصناعية) في حدة التدهور.
• وإذا ما استمرت عمليات التدهور بهذه الكيفية، فسوف يؤثر ذلك في خزان بذور التربة بل سيتعدى الانحلال إلى فقدان خصوبة التربة، مما يجعل تعويضها أمراً صعبا.
• هناك أيضا تراجع وانحسار في العديد من الأنواع النادرة وغير النادرة من النباتات، خاصة في ظل الزيادة المتوقعة في عدد السكان التي سينتج عنها المزيد من التوسع الزراعي وزيادة في أعداد الماشية، وبالتالي زيادة الرعي والهجرة واستيطان أماكن جديدة على حساب الأراضي الزراعية القديمة وإتلاف للغطاء النباتي الذي يتسم بوجه عام بانخفاض حيويته وقلة كثافته وبساطة تركيبته النوعية وانخفاض معدل إنتاجيته.
• ويعاني التنوع الحيوي بدوره من العديد من الممارسات الجائرة مما يتطلب التوسع في إقامة المحميات الطبيعية والمنتزهات الوطنية من أجل الحماية والمحافظة على الموروث الطبيعي.
• أما بخصوص جودة الهواء والطاقة وظاهرة تغير المناخ، فإنه بالرغم من عدم وجود بيانات ومعلومات أو محطات مراقبة ورصد لملوثات الهواء الجوي، فإن ليبيا تعتبر من بين الدول القليلة التي لا تعاني من مشاكل حادة في تلوث الهواء تؤدي إلى تدني جودته. و يرجع السبب في ذلك إلى محدودية مصادر التلوث وكذلك للطبيعة الجغرافية للمدن الليبية الكبرى حيث تعتبر مدنا مفتوحة وقليلة الكثافة السكانية.
• وبصفة عامة، تعتبر المشاكل البيئية المتعلقة باستخدامات الطاقة في ليبيا محدودة مقارنة بالدول الصناعية ودول حوض البحر الأبيض المتوسط الأخرى، وذلك لأسباب عديدة منها اتساع المنطقة. ولهذا تكاد تنحصر الإضرار البيئية الناجمة عن استهلاك الطاقة في تلوث جزء بسيط من الشواطئ نتيجة لتسرب النفط من الناقلات أو المصافي والمواني ولا يتوقع أن يكون لمعدلات حرق الوقود الأثر الكبير سواء في تلوث الهواء أو في ظاهرة الاحتباس الحراري.
• تقدر مساحة الأراضي القابلة للتصحر بحوالى 89% من إجمالي المساحة الكلية. بينما لا تتجاوز الأراضي الصالحة للزراعة ما نسبته 0.5% من المساحة الكلية لليبيا. كما تشير البيانات إلى أن مساحة الأراضي ذات الغطاء النباتي لا تتجاوز 10% من إجمالي المساحة الكلية شاملة الغابات والمراعي، وإلى تقلص مساحات الغابات بشكل كبير عن العقود القليلة الماضية. وتشكل مساحة الأراضي الرطبة والسباخ والبحيرات الساحلية ما نسبته 0.5 % من المساحة الكلية، وهي أيضا من الأنظمة البيئية الني ينبغي حمايتها والاهتمام بها خاصة أن هناك أعدادا كبيرة من الطيور المهاجرة تقتات عليها، كما أنها ذات فوائد علمية قيمة.
• أما فيما يتعلق بالبيئة البحرية، فقد أوضحت التجارب والخبرات المكتسبة في غضون هذا العقد أن للتخلص الخاطئ من مياه الصرف الصحي غير المعالجة والنفايات الصناعية تأثيرات سلبية كبيرة على البيئة البحرية ومواردها وعلى صحة الإنسان.
• ورغم أن المواقع التي تعاني من هذا النوع من التلوث محدودة جدا، فإن الأمر يظل يتطلب المحافظة على جودة البيئة البحرية وحماية الموارد الطبيعية المهددة بها وعلى المخزون السمكي فيها.
• ورغم أن الوضع البيئي بوجه عام ليس سيئا، بل إن هناك تحسنا في مستوى الوعي بقضايا البيئة، فإن آليات العمل والسياسات المتبعة حاليا لا ترتقي إلى مستوى الاستجابة للتحولات المتسارعة ولا تتبنى أية برامج استباقية تحول دون تعرض البيئة للمزيد من المخاطر، بكل استحقاقات هذه الاستجابة على مستوى إعداد قواعد بيانات بيئية وإجراء دراسات مناخية وإصدار تشريعات ضابطة، وما إلى ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق