التسميات

الأحد، 15 سبتمبر 2013

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء السادس ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء السادس
ليبيا اليوم -  ليبيا 2025 رؤية استشرافية  - 26/11/2008
5 استشراف مستقبل ليبيا

5.1 الثقافة والتنمية 

يتوقف نجاح المجتمع في دخول عصر المعلومات على نجاحه في إعادة تشكيل العلاقة بين السياسي ومنظومة الثقافة والمعلومات، ومدى الدور الذي تقوم به تقنية المعلومات في إشاعة الديمقراطية وتنميتها.
في سياق تقصي علاقة الأيديولوجي بالمعرفي، والسياسي بالثقافي، نلحظ أن من ضمن سبل تحقيق الرغبة في التنافسية تنمية مجتمع الحوار والمعرفة الذي يؤسس خطابه السياسي على ركائز موضوعية تدير العداء والصداقة مع العالم وفق مقتضيات المصالح الوطنية، دون التفريط في القيم المرتبطة بمكونات الذات والهوية.
وباعتبار أن الظروف التي يتاح فيها تمايز واضح بين السياسي والثقافي غالبا ما تغتني بمشروعات ثقافية أساسية وكبيرة، تؤذن بانتقال الوعي العام إلى آفاق أبعد وأرحب، يتبدى أن صيغة التوازن تشكل الصيغة المثلى للعلاقة بين الثقافي والسياسي، كونها تتيح لكل منهما لأن ينصرف بكامل إمكانياته إلى أداء دوره ووظيفته وتحقيق إنجازه على أكمل وجه ممكن. 
يتطلب إحداث تطور جوهري في نمط الثقافة السائدة، في وعي الأفراد وطموحاتهم، وفي رؤيتهم لدورهم في الحياة، وثقتهم في إمكان إحداث التغييرات التي تقترحها المشاريع التنموية، استثمار الوعي الثقافي بوصفه طاقة تنموية فاعلة.
يوجب اعتبار الثقافة مدخلا للتنمية إعمال التناول العلمي، والاهتمام بالرساميل المعرفية والقدرات الإبداعية، وبالعدالة في توزيع الخدمات التعليمية، وتطوير الأداء التعليمي والخطاب الإعلامي، وتجديد الخطاب الديني السائد، وإشاعة مثل العدل والإخاء والتكافل الكفيلة بإفراز مجتمع حضاري يدفع بطموح التنمية قدماً ويسهم في تفعيل القيم الحضارية التي بشرت بها تعاليم ديننا الحنيف.
يتضح أثر الوعي في التنمية من حقيقة أنه في بلد يسيطر على نظامه الحس الأمني، أو يجزم أبناؤه بأن السياحة وسيلة أخرى لترويج مسلكيات مشبوهة من وجهة نظر أخلاقية، لا سبيل لقيام أية مشاريع سياحية حقيقية، مهما كانت هذه البلد غنية بالآثار والمتاحف والمواقع التاريخية. 
أما في المجال الاقتصادي، فبيّن أنه يتأسس على قيم ومعايير ترتبط بالإنتاج والاستهلاك، وتقوم فيها ثقافة الادخار وسبل التعامل التجاري ومدى الثقة في استقرار التشريعات النافذة بأدوار رئيسة في تحديد طبيعة الحراك الاقتصادي. الانفتاح الاقتصادي، حين تمارسه مؤسسات تكبلها مقولات القطاع العام وبيروقراطية آليته في التعامل، وتمتثل لذهنية ريعية تكرس ثقافات استهلاكية، قد لا ينتج سوى المزيد من العجز الاقتصادي. 
التوجهات المتطرفة، بما قد تؤدي إليه من تشويه لصورة الإسلام عند الآخر، واعتماد للعنف وسيلة للتعامل معه، توضح بدورها إلى أي حد تعد الثقافة مدخلا حقيقيا للتنمية الشاملة. ذلك أن لهذه التوجهات بعدها الثقافي العام، وعلاقتها بأساليب التنشئة الاجتماعية، كما أن لها دواعيها الاقتصادية المتمثلة تحديدا في البطالة، وفي تبعاتها الأمنية وأثرها على تفكيك وحدة البنية الأسرية.
أيضا، فإن القيم والتوجهات التي تهيئ لخلق مناخ ثقافي منتج يدفع بالطاقات الكامنة الملبية لرغبة الرفاه، وتؤكد قدرات الابتكار والإبداع والتنافسية وتحتكم إلى الكفاءة معيارا للأداء وتسعى إلى إحداث التحول الاجتماعي الذي يمكن من تنفيذ برامج التنمية المستدامة، من ضمن الركائز التي تنهض عليها ثقافة النهوض. 
يتعين أن تولى القيم الجمالية العناية التي تليق بأهميتها، وأن يقام اعتبار خاص للحس الجمالي في الأداء العام والخطط التنموية الشاملة، وذلك للدور الذي يقوم به في تشكيل ذائقة المجتمع وسلوكه، ولكونه من أهم مؤشرات الحضارة البشرية في عمومها.
العمل الثقافي، وإن ظل في حاجة لأن يمد جذوره في الثقافة الشعبية، يبقى في النهاية عملا نخبويا، ما يوجب الدفع بالنخب الثقافية والعلمية المترابطة عضويا كي تسهم في حراك اجتماعي يؤسس لوعي شامل لاستحقاقات التنمية الشاملة.

5.11 ثقافة النهوض

إن التهديد الذي يتعرض له النسيج الثقافي الوطني كان قد نتج عن ضغوط ثقافية وقيمية كثيفة من الخارج، وعن إخفاقات ذاتية منيت بها من الداخل مؤسسات إنتاج الرموز والقيم بسبب تكلس بناها وعجزها عن التكيف الإيجابي مع التحولات الثقافية العالمية.
من ضمن الغايات التي تشكل استحقاقا رئيسا لثقافة النهوض، تطوير خطاب ثقافي منفتح ومتنوع يرسخ قيم التسامح والاختلاف وحرية التعبير، ويعزز الهوية ويفيد من الخبرات الإنسانية. 
على ذلك، لا تقل حاجتنا إلى تجديد ثقافتنا وإغناء هويتنا ومقابلة التهديد الذي يمارسه صناع العلم والتقانة ومالكوها، عن حاجتنا إلى اكتساب الأسس والأدوات اللازمة لممارسة التحديث ودخول عصر العلم والتقانة، دخول الذوات الفاعلة المستقلة، عوضا عن دخول الموضوعات المنفعلة.
غير أن تحقيق هذه الغاية يتطلب توسل آليات نذكر منها:
توفير الشروط الملائمة والمحفزة على الخلق والإبداع وإزالة العراقيل أمام وجود مؤسسات إعلامية تكفل فيها حقوق التعبير وتلغى الرقابة على المصنفات الفنية والأدبية.
توسيع المشاركة في الحياة الثقافية، والدفع بمنظمات المجتمع المدني المعنية بمجالات الثقافة والحريات، وتوسيع هامش الثقة، والعمل على فتح قنوات للتواصل الإقليمي والدولي وتبادل الخبرات بين مؤسسات المجتمع المدني الثقافية.
تضافر الجهود في القضاء على ظاهرة العنف الديني والسياسي، وإبداء اهتمام خاص بهذه الظاهرة، عبر إقامة المؤتمرات والندوات المعنية بمعالجتها، وتقويم وتحديث مواد وأساليب تدريس التنشئة الدينية والسياسية والاجتماعية في التعليم العام والمدارس الدينية وعبر مختلف وسائل الإعلام.  
تعزيز قيم الاعتدال والوسطية في الثقافة الدينية وتوظيف الطاقات الإيمانية ـ عبر توسيع رقعة المجتمع المدني ـ في خدمة المجتمع التطوعية والإسهام في تنميته.
تشجيع الإبداع الأدبي والفني والعلمي والتقني والتعريف بالمبدعين ودفعهم للمشاركة في الحوارات والملتقيات الثقافية محليا، وعربيا، وعالميا.
ثمة ثلاثة محاور رئيسة تشكل في مجملها استحقاقات ثقافة النهوض، هي العقد الاجتماعي، والمجتمع المدني، ومجتمع المعرفة.

أولا: العقد الاجتماعي

الدول جميعاً متقدمة كانت أم نامية في حاجة إلى عقد اجتماعي جديد يتفق مع اتجاهات عصر العولمة. غير أن هذا العقد الاجتماعي العام الذي من شأنه أن يغير من طبيعة ووظائف كل الدول، لا يغني عن إبرام عقد اجتماعي جديد داخل كل دولة.
تنبع الحاجة إلى هذا العقد في ضوء تغير دور الدولة من أول جزء أساسي من وظائفها التنموية في ظل الخصخصة المتزايدة بل وانسحابها أيضاً من التزامات دولة الرعاية الاجتماعية بحكم الأزمات المالية المزمنة التي أصابت الدول نتيجة عوامل وظروف عديدة ومتنوعة.
لا تستند شرعية الدولة التي تضمن أمنها على المقاربة الأمنية بل على تزايد قدراتها على تأدية وظائفها الأساسية والمتمثلة في الاستخراج والتوظيف الأمثل للإمكانات المادية والبشرية في المجتمع والتوزيع العادل والكفء لثروات المجتمع والتنظيم الفعال للمجتمع ومؤسساته والتحديد الواضح لحقوق ووجبات المواطن المدنية والسياسية والقدرة على استيعاب مطالب مختلف الفئات الاجتماعية للمشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية بصورة فعالة وديمقراطية. باختصار، فإن هذه الشرعية، ضامنة الأمن، إنما ترتهن في النهاية بالتنمية المستدامة والإصلاح السياسي.
وفق هذا، ثمة حاجة إلى صياغة دستور يحدد اختصاصات مؤسسات الدولة بما يحقق مصلحة الوطن ويكفل التوازن بين حقوق المواطن وحرياته وتحقيق الأمن والسلامة والاستقرار الوطني والمجتمعي.
يتعين أن ينهض هذا الدستور على عقد اجتماعي يقوم على حوار وطني تسهم فيه مختلف الشرائح المجتمعية.
يتضمن الدستور تأكيد مختلف مستويات الهويات والقيم المشتركة للمجتمع السياسي، وتحديد قواعد الانتماء إليه (المواطنة)؛ منح الدولة حق احتكار الاستخدام الشرعي للقوة في المجتمع، وبذلك يوفر الأمن والآمان الجسدي والنفسي والعاطفي للمواطنين؛ تحديد اختصاصات السلطات المختلفة للدولة؛ ضمان مشاركة المواطنين في شؤون الدولة وكيفيتها؛ وضمان الحماية القانونية للتعاملات الخاصة بين الأفراد.
تحديدا، فإن الدستور الذي ينهض على العقد الاجتماعي هو ضامن سيادة القانون وحقوق المواطنة:

 (أ) سيادة القانون 

وجود دستور مؤسس على عقد اجتماعي شرط ضروري لكنه ليس كافيا لسيادة القانون، إذ يتوجب وضع الآليات التي تضمن احترام الحقوق التي يتضمنها. ومن هذه الآليات وجود سلطة قضائية مستقلة، تضمن المساواة أمام القانون وعدالة الإجراءات. 
ومن الأشياء التي يجب توفرها عند وجود دستور حق المراجعة الدستورية للقوانين والقرارات التي تصدر عن مختلف مؤسسات الدولة، وحق المواطن في التقاضي إذا ما انتهكت حقوقه الدستورية.
وفضلا عن استقلالية القضاء، يتعين أن تسهم مؤسسات المجتمع المدني والوسائط الإعلامية المستقلة في تهيئة مناخ يعزز ثقافة التسامح وقبول الآخر وثقافة احترام القانون وسيادته.
إن خضوع الإدارة للشرعية في دولة القانون معناه أن تكون تصرفاتها متفقة مع أحكام القانون، كما أن مبدأ المشروعية يلزم الإدارة ليس فقط باتباع القواعد القانونية بل يلزمها أيضا بتحقيق الصالح العام بوصفه أحد القواعد السلوكية التي تتعلق بالغاية من السلوك الإداري.

(ب) حقوق المواطنة

لبناء مجتمع المواطنة السليمة يتعين ضمان تمتع الأفراد والجماعات بحقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية.
المواطنون أحرار متساوون في الحقوق والواجبات الأساسية، ولكل مواطن الحق في ممارسة حقوقه السياسية دون قيد أو شرط.
المواطنون متساوون أمام القانون، ولا يجوز التمييز بينهم بسبب الدين أو المذهب أو الجنس أو العنصر أو اللغة أو الثروة أو الانتماء الاجتماعي.
لكل مواطن الحق في اللجوء إلى القضاء لحماية حقوقه ومصالحه المشروعة. 
لكل مواطن الحق في التعبير عن آرائه والجهر بها وإذاعتها بكل الوسائل بما في ذلك الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى.
للمواطنين الحق في تكوين الاتحادات والنقابات والروابط المهنية والجمعيات الأهلية للدفاع عن حقوقهم وتنظيم مصالحهم، وللتعبير عن آرائهم تجاه القضايا والسياسات العامة.
للمواطن الحق في التنقل وفي التجمع السلمي بالطريقة التي يحددها القانون.
التعليم والمعرفة حق للمواطنين جميعاً تكفله الدولة بإقامة مختلف المؤسسات التربوية والثقافية وهو مجاني في مراحله الأساسية الإلزامية والثانوية.
الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز نزعها إلا لأغراض المنفعة العامة.
لكل مواطن الحق في العمل الذي يختاره لنفسه في حدود النظام العام، ولا يجوز فرض أي عمل جبراً على المواطن إلاَّ في الأحوال التي يبينها القانون لأداء خدمة عامة.
لكل مواطن الحق في الرعاية الصحية الأساسية وفي الغذاء الضروري والسكن الملائم والضمان الاجتماعي.
لكل طفل الحق في الحماية والرعاية الضرورية لرفاهيته وتطوره الأخلاقي، وأن يكون متحرراً من الاستغلال بمختلف أشكاله.  
لكل مواطن الحق في الحصول على المعلومات المتوفرة لدى مؤسسات الدولة ما لم يكن الحصول عليها ضاراً بالأمن الوطني.
وأخيرا، فإن توفير بيئة خالية من التلوث وتوفير مياه صالحة للشرب حق شرعي من حقوق المواطن.

ثانيا: المجتمع المدني

يشكل وجود مجتمع مدني قوي وفاعل قاعدة مهمة لوجود دولة قوية، لأن مثل هذه الدولة سوف تؤسس على قواعد ذات قبول عام في المجتمع، ومن ثم سيكون هذا المجتمع أكثر استعداداً لمساندتها في جميع المجالات.    
إن استقلالية منظمات المجتمع المدني ليست ضرورية لتوفير وسيلة ضغط للمطالبة بتغيير سياسات معينة فحسب، بل من المهم أيضاً أن تكون هذه المنظمات قادرة على تحديد وتطوير أهدافها، سواء كانت متطابقة أم غير متطابقة مع أهداف أجهزة الدولة وأهداف الفاعلين الآخرين داخل المجتمع. إن الاستقلالية تسمح لهذه المنظمات باختيار قياداتها، بدلاً من أن تقوم الجهات الإدارية بفرض معايير وشروط معينة لاختيارها على شاكلة شرط الولاء السياسي أو الالتزام الإيديولوجي. كذلك، فإن الاستقلالية تعني قدرة منظمات المجتمع المدني على تحديد شكل وأسلوب التنظيم الذي يناسبها، بالإضافة إلى حريتها في مناقشة القضايا العامة والتعبير عن وجهات نظرها تجاه توجهات وسياسات المجتمع. 
لكي تكتسب منظمات المجتمع المدني في ليبيا شرعيتها ومصداقيتها وفاعليتها، يجب أن تستقل تنظيمياً وتمويلياً عن الدولة وأجهزتها، غير أن المعضلة تتمثل في أن العقود الطويلة من خضوع هذه المنظمات لهيمنة الدولة واعتمادها شبه الكامل على تمويل الخزينة العامة، يصعّب من تأمين تمويل نشاطاتها من مصادر ذاتية ومستقلة. 
إذا توفرت القناعة بأن وجود مجتمع مدني مستقل وقوي ضروري لتعزيز الديمقراطية وتوسيع المشاركة السياسية، وأن قوة المجتمع المدني من قوة الدولة، وإذا ساد الإدراك بأن الدولة الليبية، بوصفها المالك الوحيد للموارد الاقتصادية الرئيسة، تتحمل مسؤولية توفير البنية الأساسية من تعليم وصحة وأمن ورفاه اقتصادي، فإنه يصبح لزاماً عليها، شرعياً وأخلاقياً، أن تصدر تشريعات تسهل من حصول منظمات المجتمع المدني على موارد مالية، حتى تتمكن من المشاركة في تنمية المجتمع الليبي وضمان ديمقراطية وشفافية العملية السياسية ومشاركة مختلف فئات المجتمع فيها.
لن تختفي القبلية ولن تنتهي الجهوية إلا بوجود مؤسسات المجتمع المدني، فهي التي تؤدي في النهاية إلي صهر النعرات القبلية والتوجهات الجهوية ضمن بوتقة العمل الوطني الأهلي.
سوف يكون في انتظار المجتمع المدني مهام تشمل دوره في تعزيز مفاهيم المواطنة والحقوق والواجبات، وترسيخ مشاعر الهوية والانتماء، وتنمية وعي يسمح بخلق ثقافة تتأسس على قيم الاختلاف والشفافية ومشاركة المواطن في ضمان أمنه وأمن مجتمعه وتبني قيم حقوق الإنسان والحريات العامة.
غير أن هذا يتطلب تطوير التشريعات المنظمة التي تسمح بقيام مؤسسات مستقلة، وحرية حركتها.

ثالثا: مجتمع المعرفة 

الثقافة والعلوم، بما يتأتى عنها، أنشطة بالغة الأهمية في المجتمع وفي عملية التنمية، إذ لم يعد ممكنا إنجاز أية نهضة شاملة إلا بجعل المعرفة العلمية والأداء الثقافي المتفتح ضمن مسلمات الحياة المعاصرة وعوامل تشكيل الذهنية الحاكمة للسلوك الاجتماعي. وهكذا فإن التعددية الثقافية وتوطين العلم ركيزتان أساسيتان من ركائز المجتمع القادر على البقاء والمساهمة في عالمنا المعاصر.
إن توظيف العلم في وضع الخطط الاستشرافية والتنموية والتأسيس عليه مطلب عملي ينهض على نزعة العلم التنويرية وارتباطه بالملكات العقلية والنقدية، قدر ما يتأسس على التصورات المعرفية والإنجازات التقنية التي راكمها عبر تاريخه المديد.
الوعي المؤسس علميا أقدر على الإسهام في التنمية الشاملة من الوعي المؤسس على الخرافة وأحكام البداهة والحكمة السائدة؛ والوعي المنفتح على مختلف الثقافات وصنوف المعرفة والأدب والفن، الوعي المستريب والباحث دوما عن الاختلالات التي قد تعاني منها أحكامه، أقدر من الوعي الواثق والمنكفئ على ذاته، المتيقن من أحكامه، والقاطع بها حدا يختلس فضيلة البحث. لكن هذا يعني أنه كلما كان صاحب الوعي أكثر إطلاعا على ثقافات الآخرين وأشد تسامحا معها، كان أكثر وعيا.
تتضافر العلوم والثقافة في تشكيل البيئة المناسبة لاستحقاقات التنمية الشاملة. غير أن تشكيل هذه البيئة يستلزم صياغة رؤية عامة تضع العلوم والثقافة في خدمة القطاعات الأخرى التي لا يمكن أن تنجز طموحاتها إلا عبر استثمار القدرات الابتكارية (العلمية) والإبداعية (الثقافية)، وتهيئة البيئة الاجتماعية المناسبة ضمن فضاء من الحوار والتسامح. 
يتحقق توطين العلم عبر زرعه في صلب الثقافة المحلية بحيث يصبح مصدرا لثروات متجددة لا تنضب بالاستخدام وعنصرا مهما في حماية المجتمع من التخلف. إنه إدماج للمعرفة العلمية والتقنية في نسيج الثقافة الوطنية على نحو يمكنها من إنتاج المعارف والتقنيات، وإعداد الشرائح العلمية المتخصصة في مختلف المجالات.
تتميز معرفة عصر المعلومات بكونها معرفة سريعة دائمة التجدد، تحفظ للعقل حيويته وقدرته على المفاجأة؛ معرفة تقبل الاختلاف ولا ترى في التعارض دليلا على الخطأ، ولا في التوافق دليلا على الصواب. إنها معرفة تعمل بطبيعة تركيبتها على تخليصنا من ثقافة الانفصال: انفصال الغايات عن الوسائل، والتربية عن التعليم، والنظري عن العملي، والأكاديمي عن المهني، والثقافي عن الاقتصادي، والاجتماعي عن التقني، والنخبة عن العامة، والمدينة عن الريف.
تتطلب التنمية المعلوماتية حشدا اجتماعيا يحتاج بدوره إلى محتوى معلوماتي يساعد على الشفافية وفاعلية الحوار وزيادة القدرة على التصويب الذاتي باعتبار المعلومات أداة التغذية المرتدة التي يتحدد بناء عليها مدى الحيود بين ما افترضه المخططون وما يجري على أرض الواقع.
تقنية المعلومات والاتصالات فعالة ومستدامة، لكن نجاحها يرتبط عضويا بخطة شاملة للتنمية الاجتماعية، وهي لا تحدث التغيير بل تعمل على تهيئة البيئة التي تمكن العنصر البشري من أن يقوم بدوره في إحداث التغيير.
إن السبب وراء نجاح شبكة المعلومات في وقت قصير إنما يكمن في أن التقنية لا تحقق أهدافها إلا إذا انصهرت في الكيان المجتمعي وأصبحت متاحة لجميع الفئات على اختلاف قدرات أفرادها.
يشمل مجتمع المعرفة جميع الأنشطة والموارد والتدابير والممارسات المرتبطة بالمعلومات إنتاجا وتنظيما واستثمارا؛ فيما يشمل إنتاج المعلومات تحديدا أنشطة البحث على اختلاف مناهجها وتنوع مجالاتها، فضلا عن الجهود التي تبذل في عمليات التطوير والابتكار، والجهود الإبداعية الموجهة لخدمة الأهداف التعليمية والتثقيفية والتطبيقية، بما تسفر عنه هذه الجهود من تحسين عام للقدرات التنافسية.
يرتهن التنافس في الأسواق العالمية بالوعي بالاقتصاد العولمي، آلياته وتوجهاته، لكنه يرتهن أيضا بتيسّر عملية تدفق المعلومات وتعزيز القدرات المهنية والمهارات الإنتاجية وإتقان استخدام التقنيات الحديثة، وتوسّل النهج العلمي في حل المشاكل وتؤكد الحاجة إلى تنمية الوعي العلمي على المستويين الفردي والجمعي. 
يحتاج نظام إدخال الحكومة الإلكترونية إلى عملية إصلاح واسعة تشمل إعادة هيكلة معظم المؤسسات الحكومية وربطها بالاستراتيجيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
يتأثر محتوى الحكومة الإلكترونية باعتبارات الأمن الإنساني والاستقرار السياسي وكفاءة التنظيمات والتشريعات ومدى الالتزام بسلطة القانون والمشاركة المجتمعية ومستوى الأداء الديمقراطي.
تقوم تقانة الحكومة الإلكترونية بدور مهم في إحداث مستوى عال من الشفافية وتوفير وسائل الرقابة الذكية لضبط الأداء العام بتطبيق مبدأ اتخاذ الإجراءات الوقائية والمكافحة الاستباقية لمظاهر الفساد والتسيب وضغط الإنفاق الحكومي والتصدر لمظاهر إهدار المال العام.

5.12 التنمية المستدامة 

جاء مفهوم التنمية المستدامة تلبية لحاجة الحفاظ على الموارد الطبيعية القابلة للنضوب، وعلى البيئة والتوازنات الجوهرية في الأنظمة البيئية.
لكي تؤدي السياسات التنموية إلى إنماء قابل للاستمرار، يجب أن تحترم مقومات البيئة التي يعيش فيها الإنسان، وأن تقوم على مشاركة كل الفئات الاجتماعية.
المقصود من التنمية المستدامة استخدام الموارد الطبيعية المتجدّدة بطريقة لا تؤدي إلى فنائها أو تدهورها، أو تؤدي إلى تناقص جدواها بالنسبة للأجيال القادمة، مع المحافظة على رصيد ثابت من الموارد الطبيعية مثل التربة، والمياه الجوفية، والكتلة البيولوجية؛ كما يتطلب الإدارة المثلى للموارد الطبيعية من خلال التركيز على الحصول على الحد الأقصى من منافع التنمية الاقتصادية بشرط المحافظة على خدمات الموارد الطبيعية، ونوعيتها.
تفضي مقاربة معطيات التنمية البشرية في سياق التأطير لرؤية ليبيا 2025، إلى القـول بأهمية تطوير رؤية مستقبلية، تأخذ في الاعتبار حاضر الإنسان الليبي وتؤكد حق الأجيـال القادمة في التنمية واستدامتهـا. وهكذا، فإن هذه المقاربـة تلزم بضرورة التحول، دون القطيعة، من حسابات النمو الاقتصادي، إلى تعزيز مكانة الإنسان وتحسين مستوى معيشته وأدائه، وتوسيع فرص التعليم والتعلم مدى الحياة والعمل والرفاه.
إن تحديات العولمة تتيح الفرصة لتطوير رؤية وطنية للتنمية البشرية، تستوعب معطيات الواقع ومستجدات العصر، بما يحقق فاعلية وتمكين الإنسان الليبي ورفع درجة تنافسيته محلياً وعالمياً، ليكون شريكاً فاعلاً في التنمية واستدامتها. أيضا، فإنها تتيح فرصة مماثلة لاستثمار الموارد المادية.

أولا: دور جديد للدولة

هناك أسئلة حاسمة يتعين أن تتخذ منها الرؤى الاستشرافية موقفا أيديولوجيا لا مجال لتبريره وفق أسس موضوعية صرفة. من بينها السؤال المتعلق بتحديد دور الدولة، في مقابل دور القطاع الخاص، الذي يثار في سياق ما يعرف بالحوكمة أو الحكم الرشيد.
لقد دار عبر التاريخ جدل حول الأولوية التي يتعين أن تحظى بها كل من قيمتي العدالة والحرية. وفي حين أنه ليست هناك منظومة قيمية تنكر أهمية أي منهما، يظل بالمقدور دوما التمييز بين المنظومات وفق موقفها من الأهمية النسبية التي تعزوها إلى كل منهما.
ولأنه يفترض أن القطاع العام آلية في كفل استحقاقات العدالة الاجتماعية، فيما يفترض أن القطاع الخاص آلية في كفل حرية أفراد المجتمع وضمان استقلاليتهم، تم اختزال السؤال القديم: "أيهما أهم، العدالة أو الحرية؟"، إلى السؤال الجديد: "أيهما أقدر على خلق المجتمع الذي نرجو، القطاع العام أو الخاص؟"
وبدءا من العقود الأخيرة في القرن الفائت، شرعت الضغوط العولمية تفرض اشتراطاتها في حسم هذه المسألة عبر تكريس حقيقة أن المجتمع الذي يهمين فيه القطاع العام لم يعد قادرا على المنافسة أو حتى البقاء. في البيئة العولمية الجديدة، مآل الرهان على هذا القطاع أن يسلب المجتمع المراهن قدراته التنافسية.
ساد لفترة اعتقاد مؤداه أنه في حين أن الديمقراطية تستلزم أداء حكوميا جيدا، فإن الأداء الحكومي الجيد لا يشترط وجود نظام ديمقراطي، وقد تأسس هذا الاعتقاد على تجربة العديد من البلدان، خصوصا في شرق آسيا، حيث تبين أن الأداء الحكومي الجيد ممكن في ظل التسلطية السياسية. غير أنه اتضح أن الأوضاع السياسية المتخلفة في البلدان النامية هي سبب تخلفها الاقتصادي، ما يعني أن هناك حاجة إلى تضمين البعد السياسي في مفهوم الحوكمة. فضلا عن ذلك، فإن كون الأداء الحكومي الجيد ممكنا في ظل أنظمة استبدادية، لا يحول دون أن يكون الأداء الحكومي أفضل في ظل أنظمة ديمقراطية.
من منحى آخر، لم تعد قوة الدولة ترتهن بقدرتها على فرض إرادة مؤسساتها على المجتمع بالقوة المادية، بل بقدرتها على تحديد الأولويات والتنسيق بين القوى الفاعلة في المجتمع طلبا لتحقيق هذه الأولويات. الدولة الأقل هيمنة هي الأقدر على تحقيق الأهداف المجتمعية بسبب قدرتها على التكيف والاستجابة لاستحقاقات العولمة، وإيجاد الوسائل الكفيلة لممارسة سلطانها عبر تنفيذ مشاريع تنموية حقيقية. يضاف إلى ذلك أن المجتمع الدولي أصبح يتردد في التعامل مع أي مجتمع محلي لا تسود فيه قيم الشفافية والمساءلة والمبادرة وحرية التعبير، بل إن شرعية النظام الذي لا يسهم في تعزيز هذه القيم أصبحت موضع اشتباه وقد تكون في المستقبل القريب موضع تهديد.
هكذا طرأ تغير حاسم على مفهوم القوة، التي يركن إليها النظام السياسي في فرض سيطرته على مقاليد الحكم وإدارة شؤون المجتمع والتفاعل مع البيئة العولمية. لم تعد القوة بمعناها المادي الحكم الفيصل في ضمان هذه السيطرة، بل شرعت القدرة على مراكمة الثروة والقوة الرمزية أو اللينة، التي تتعين في المجتمع المعرفي والثقافة المنفتحة التي تؤكد المشترك الإنساني، والقيم السياسية التي لا تطبق معايير مزدوجة، والسياسات الخارجية المعترف بشرعيتها والناهضة على اعتبارات أخلاقية، تمارس دورها في تحديد طبيعة القوة الحقيقية والفاعلة على المستويين المحلي والعالمي.
كل هذه المفاهيم، دور الدولة ودور القطاع الخاص، المجتمع المدني، المجتمع المعرفي، والقوة اللينة، تسهم بدورها في تشكيل منظومة الحوكمة، ويبدو أن هذه المنظومة قد شرعت تدريجيا تفتئت على حق الأيديولوجيا في اتخاذ مواقف قيمية، وهي ممارسة تجلت تحديدا في مجموعة من المؤشرات التي وضعها البنك الدولي: درجة المشاركة والمساءلة، والاستقرار السياسي واستخدام العنف، فعالية مؤسسات الدولة وكفاءة الأجهزة الحكومية وجودة الخدمات العامة، سيادة القانون، والسيطرة على الفساد. وبطبيعة الحال، فإن مجرد التعامل مع القيم السياسية والاجتماعية في شكل مؤشرات إنما ينبئ بمحاولة تفريغها من شحنتها القيمية. 
في النهاية، لم يعد السؤال الأهم، أيهما أهم، العدالة أو الحرية، القطاع الخاص أو العام، بل أيهما أقدر على كفل البقاء في عالم تتدافع فيه شركات متعدية الجنسية وتصنع مقاديره مؤشرات تنافسية صرفة.
وفق هذا التأسيس التنظيري، تقترح الرؤية دورا للدولة وللقطاع الخاص ينوط بهما مهام من شأنها أن تعظم من قدرات المجتمع التنافسية، ولكن دون الجور على حقوق المواطنة أو التنصل من مسؤولية توفير السلع ذات الجدارة الاجتماعية.  

(أ) الدولة والقطاع الخاص

تبين من قراءة المسرح العالمي أن دور الدولة يتعرض إلى عمليات إعادة تشكيل مستمرة، من شأنها أن تحدث تغييرا حاسما في وظائفها التقليدية، وأن تؤثر على المفهوم السابق للسيادة الوطنية، فبالرغم من أن الدولة حققت في السنوات الماضية تحسنا متواضعا في بعض المجالات وفي الحد من التفاوت الاجتماعي، إلا أن هيمنتها أدت إلى إضعاف قدراتها التنافسية والتواؤم مع الاستحقاقات العولمية المتجهة إلى الانفتاح وتوسيع قاعدة المشاركة. إن من شأن كل هذا أن يقوي من دور القطاع الخاص، وأن يجعل المواطن أقوى في توجيه شؤون الوطن؛ وفي النهاية قد تصبح الدولة المالكة دولة منظٍّمة يقتصر دورها على الإشراف والتنسيق. 
وفق هذا، يلزم رسم دور جديد للدولة ومؤسساتها، لا تهيمن فيه على النشاط الاقتصادي،  بل يقتصر دورها على وضع السياسات الكلية التي تؤدي إلى تحرير الاقتصاد، وتهيئ المناخ والبيئة القانونية والاقتصادية الملائمة للقطاع الخاص، وبما يمكن الأفراد من الإقبال بكل طمأنينة وثقة على خوض غمار الاستثمار والمشاركة في ظل وجود سياسة واضحة للائتمان، وتهيئة الظروف التي تمكن من وجود منافسة بين المؤسسات الاقتصادية المختلفة، ورقابة فعالة على أي احتكار، مع وجود سياسات واضحة لتشجيع الاستثمار المحلي والخارجي. 
تحديدا تتعين مهام الدولة في التالي:
التخطيط والمتابعة والأشراف والرقابة على كافة الخدمات الصحية والتعليمية واستحداث التشريعات القانونية الضامنة لجودة واعتماد الخدمات والمرافق الصحية والتعليمية. 
تعديل القوانين الاقتصادية القائمة، واستحداث قوانين جديدة بما يحقق قيام بنية قانونية ملائمة للنشاط الاقتصادي.
وضع سياسات اقتصادية، مالية ونقدية وتجارية، مرنة ومستقرة وواضحة المعالم والأهداف.
تفعيل وتطوير القوانين والتشريعات بما يضمن الانضباط والمحاسبة والشفافية والاستقرار المؤسسي.
دعم برامج البحث والتطوير والتحديث في المؤسسات الاقتصادية (الإنتاجية والخدمية) والإدارية لتواكب المستجدات في الأسواق العالمية.
ضمان وحماية حقوق الملكية الفردية حافزاً لمشاركة الأفراد في برامج التنمية.
وضع برامج وتبني أساليب للخصخصة تتناسب مع طبيعة المؤسسات الاقتصادية، ووضع الحلول والبرامج للمشاكل الناجمة عن عملية الخصخصة.
وضع برامج جادة للإصلاح الإداري، مع اعتبار معيار الكفاءة أساساً لتولي المهام الإدارية.
تحري الرشد في الإنفاق العام، بما يحقق الاستخدام الأفضل للموارد العامة.
حماية البيئة، بما يحقق تحسن واضح في نوعية الحياة لأفراد المجتمع.
الحد من الاحتكار والاتجاهات الاحتكارية، وتعزيز المنافسة، وتهيئة المناخ المناسب لإعمالها.
ضمان حسن استخدام الموارد الاقتصادية. 
ضمان العدالة وتقليل التفاوت في توزيع الدخل.
توفير البنية التحتية اللازمة لتنفيذ برامج التنمية المستدامة.
فضلا عن ذلك، فإن كون الدولة المالك الوحيد لأهم موارد الدخل يلزمها بتوفير السلع العامة ذات الجدارة الاجتماعية (من صحة وتعليم ومرافق وضمان اجتماعي تحقيقا للعدالة الاجتماعية والمساواة بين الأفراد)؛ والحفاظ على أمن المجتمع واستقراره بما يتوافق مع متطلبات الأمن الإنساني؛ وتمويل المشاريع ذات الصبغة الاستراتيجية التي يعجز القطاع الخاص لأسباب فنية أو اقتصادية عن القيام بها.
أيضا فإن الإحساس العام بأهمية التوجه إلى تفعيل القطاع الخاص في عديد المجالات، قد يفتح فضاء لاستقلالية الوسائط الثقافية، ويعزز من ثم حرية التعبير والنقد والإبداع، كما يتوقع أن تسهم الروح التنافسية المرتبطة بهذا القطاع في تأسيس قاعدة للبحث العلمي، وفي تكثيف الجذب السياحي، بما يترتب عنه من استثمار للموروث وتطوير لنتاجاته. فضلا عن ذلك، سوف يسهم هذا التفعيل في خلق حوافز لعودة العقول المهاجرة، ومشاركتها في الحقلين الثقافي والعلمي.
من شأن فتح المجال للقطاع الخاص المحمي بتشريعات ضامنة أن يعيد ثقة الفرد في نفسه، وأن يتيح أفقا أوسع للمشاركة المجتمعية، بما يعزز مبدأ الشرعية ويكرس قيمة المبادرة، ويقلص من ثقافة الاستهلاك والاستباح التي كرستها هيمنة القطاع العام. 
يجب أن تتوفر الرعاية الصحية في مستوياتها المتعارف عليها "الأولية والثانية والثالثة" للمواطن بسهولة ويسر، وأن يتحقق ثباتها وتوفر كوادرها العاملة والمؤهلة واستقرار مواردها المالية بالتنسيق مع شركاء التنمية المستدامة. 
معظم دول العالم غير قادرة على تغطية نفقات الخدمات الصحية والتعليمية بالكامل، وقد أصبحت المجانية في ضوء الزيادة المفرطة في التكاليف والناتجة عن التطور التقني والعلمي تشكل عبئاً كبيراً لا يمكن الوفاء به، ولكن يجب ألا يتحمل المواطن أعباء مالية للحصول على الخدمات، وأن تتبع أساليب أخرى في إيجاد التمويل اللازم، بعد أن تتحمل الخزانة العامة مسئوليتها وتدفع حصتها الكاملة والمناسبة بالقياس مع النسب الدولية من الناتج المحلي والدخل العام عن طريق شراء الخدمة وتمويل المؤسسات والمرافق الخدمية المختلفة. مثال ذلك، المساهمة في تمويل الخدمات الصحية من خلال أنظمة تجميع المخاطر بطرق الاشتراك السنوي والتكافل الصحي أو التأمين الصحي، إلى جانب مساهمة المؤسسات الراعية والوحدات الاقتصادية وأدوات الاستثمار والتمويل المتاحة من القطاعين الخاص والعام.
تتعين أيضا مشاركة القطاعات الأخرى كالضمان الاجتماعي والجامعات والجمعيات الأهلية كالهلال الأحمر الليبي والمؤسسة العسكرية والأمنية وغيرها في  تقديم الخدمات الصحية بغاية توزيع التكلفة وتعدد قنوات الخدمة وإتاحتها للجميع. 
تهتم الدولة بتوفير الرعاية الصحية الأولية ونظام طبيب الأسرة كما تتولى تقديم برامج طب الطوارئ والكوارث، فضلا عن الإشراف على إجراءات التسجيل الوطني لضمان جودة الأدوية والمعدات والمستلزمات الطبية، فيما يتولى القطاع الخاص تقديم الخدمات الصحية في مستوياتها الثانية والثالثة، ويتم الدفع به لتحمل مسئولية أكبر من خلال إشراكه وتشجيعه وتعزيز فرص الاستثمار في مجال الخدمات الصحية مع الالتزام بالمعايير والضوابط وأسس الاعتماد.
هناك حاجة إلى تفعيل دور القطاع الخاص في المشاركة في تمويل التعليم والتدريب خاصة في مجال مبادرات المشاريع الصغرى والمتوسطة لما لذلك من أهمية في إتاحة فرصة أكبر لربط مخرجات التعليم والتدريب باتجاهات الاقتصاد ومؤسساته الخاصة والعامة.
باعتبار أن الشراكة المجتمعية ضرورية في التعامل مع القضايا البيئية، هناك حاجة لمساهمة الدولة والقطاع الخاص والأهلي في الحفاظ على البيئة المحلية، وإتاحة فرصة للقطاع الخاص بالاستثمار في إعادة تدوير النفايات الصلبة وإدارة معالجة مياه الصرف الصحي. 

(ب) السياسات العامة

يتعين وضع سياسات اقتصادية تركز على جانبي العرض والطلب تكون واضحة المعالم والأهداف، وتضفي المصداقية والجدية على الجهود المبذولة نحو الإصلاح الاقتصادي وتعزيز دور القطاع الخاص، وإعادة الثقة لدى المواطن في المؤسسات المسؤولة عن رسم السياسات الاقتصادية وتنفيذها.
وفق هذا هناك حاجة إلى وضع:
سياسة نقدية فعالة هدفها خلق الاستقرار الاقتصادي، وتحقيق إصلاح حقيقي في النظام النقدي والمصرفي، بما يعزز القيمة الحقيقية للعملة ويضمن استقلالية المصرف المركزي، وتطوير أدوات السياسة النقدية ورفع كفاءة أداء الجهاز المصرفي.
سياسة مالية تُحدث تغيرات هيكلية في الجهاز المالي، وتحقق التعديلات المرغوبة في النظام الضريبي، وتنمي الإيرادات العامة، وترشد الإنفاق العام وترفع عوائده.
سياسة تجارية تُسهم في دعم وتنشيط حركة التجارة الداخلية والخارجية، عبر تفعيل الإجراءات اللازمة لدعم نشاط التصدير والاستيراد، بما يحقق الاستقرار الاقتصادي، وحماية المنتجات الوطنية، وتدفع باتجاه اندماج الاقتصاد الوطني في منظمة التجارة العالمية وفق أسس متكافئة.
سياسات استثمارية فعالة تخلق قيمة مضافة بالقطاعات الاقتصادية الواعدة غير النفطية، التي تتميز بوجود إمكانيات لتطوير ميزة تنافسية واضحة، مثل قطاع الخدمات المالية والنقل والتأمين وتجارة العبور والثروة البحرية، والسياحة، وخلق وتطوير المناطق الحرة، وبما يؤدي إلى تنويع مصادر الدخل القومي وتنويع هيكل الصادرات الليبية.
سياسات لترشيد الاستثمار بقطاعي الصناعة والزراعة، بحيث يتم تركيز الاستثمار الصناعي على الصناعات الصغرى والمتوسطة بواسطة المستثمر الخاص المحلي والأجنبي، مع تقديم التسهيلات والعناية اللازمة. أما الاستثمار الزراعي فيتعين أن يرتكز على دراسة إمكانية تطوير مشاريع إستراتيجية ذات جدوى اقتصادية مع نقل إدارتها للقطاع الخاص المحلي أو الأجنبي بما يساهم في تحقيق الأمن الغذائي. 
زيادة معدلات النمو في القطاعات غير النفطية حتى يمكن استيعاب القوى العاملة الجديدة، والتي يتوقع أن تصل إلى نحو 40 ألف عامل سنوياً في المتوسط، حيث إن استيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل الليبي يتطلب تحقيق معدل للنمو في القطاعات غير النفطية يبلغ 4.5%، في حين يتطلب تخفيض معدل البطالة إلى النصف خلال العشر سنوات القادمة تحقيق معدل للنمو في القطاعات المذكورة يبلغ 6.5%.
رفع نسبة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي من نحو 5.3% إلى نسبة تقترب من 20% كحد أدنى في عام 2025، أي بحيث يصبح خمس الناتج غير النفطي على الأقل يأتي من القطاع الصناعي.
وفيما يختص بالتعليم، يتعين تبني السياسات التالية:

ضمان جودة النظام التعليمي على مختلف مستوياته عاماً كان أم خاصاً، وتحديث  المؤسسات التربوية والمهنية عبر إحداث تغييرات حاسمة وايجابية في مناهج التعليم ووسائله، وربطه باحتياجات المجتمع ومتطلبات العصر واستحقاقات التنافسية، وتعزيز التعلم المستمر وضمان حرية تداول المعلومات. 
تأسيس علاقات التوأمة والتعاون مع الجامعات العالمية المرموقة، وطرح البرامج التعليمية المشتركة على المستوى الأكاديمي التدريسي والبحثي، وتبادل الأساتذة الزوار.
وضع التشريعات الضامنة لاستقلالية مؤسسات التعليم والبحث العلمي بما يدعم الحرية الأكاديمية.
تأسيس علاقة شراكة وتعاون مع جهات العمل للتأكد من ملاءمة المناهج والبرامج لاحتياجات سوق العمل، وتزويد الطلاب بالمهارات اللازمة التي تؤمن تميّزهم بالإبداع والانتماء للعمل.
المساعدة في تقدم المعارف ونقلها، من خلال التدريب والتحضير والتعاون من أجل تقدم المعرفة العلمية والتقنية، وإدخال تقنية المعلومات في المراحل الدراسية المختلفة.
استحداث تخصصات بينية وأساليب جديدة في التعلم الذاتي والمستمر، استجابة لتشابك وتعقد الظواهر الطبيعية والإنسانية، وحاجة السوق إلى تعددية في مهارات مخرجات التعليم.
تحديث آليات صنع سياسات التنمية البشرية وأدوات تنفيذها بما يضمن توظيف العمالة في المهن المناسبة وتعزيز القدرة التنافسية.
إعداد خطط تعليمية طويلة المدى تستوعب طاقات الأفراد وطموحاتهم وتوفر فرص عمل مناسبة للتقليل من نسب البطالة وتضمن الحماية الاجتماعية المناسبة.
تهيئة المناخ المناسب لاستيعاب القدرات العلمية المهاجرة.
الإفادة من التقنيات والمناهج الحديثة في تأهيل وتنمية مهارات ذوي الاحتياجات الخاصة لتمكينهم من المشاركة في التنمية.
توفير الأجهزة والمعدات والمواد والمكتبات والمعامل والمباني والمرافق التعليمية، والمحافظة عليها وتطويرها بما يتفق والمواصفات العلمية العالمية في هذا الخصوص.
إعداد الكوادر التعليمية الكفؤة وتأهيل المعلمين لتأمين سير العملية التعليمية على المستوى المطلوب.
وبخصوص الوضع المائي، بلغ إجمالي الكمية المتاحة من المياه عام 2005  حوالى 4 مليار م3 /سنة، بينما تجاوز الطلب 5 مليار م3 /سنة، الأمر الذي أدى إلى تدنى الميزان المائي بأكثر من مليار م3 في السنة، ومن المتوقع أن يكون إجمالي العرض المتاح من المياه عام 2025 حوالى  4 مليار م3 /سنة، بينما يتوقع أن يرتفع الطلب إلى حوالى 8 مليار م3 /سنة، مما ينعكس في عجز بالميزان المائي يتجاوز 4 مليار م3/سنة.  
إن هذا يتطلب وضع سياسات مائية تؤدي إلى تقليص العجز من خلال عكس أنماط الاستهلاك ووضع أسس لتنمية مستدامة، ترتكز على: 

الإدارة الرشيدة للموارد المائية. 
إعادة النظر في السياسات الزراعية بما يؤدي إلى ترشيد استخدام المياه.
تبني طرق للري أكثر كفاءة بما يرفع إنتاجية وحدة المياه ويقلل الفاقد.
تقليص كميات المياه المستخدمة للأغراض الصناعية وفق برامج توعية وترشيد ومراعاة الأولويات. 
التوسع في برامج تحلية المياه خاصة في تغطية الطلب الاستهلاكي الحضري. 
العمل على توفير المياه الكامنة من خلال استيراد المنتجات الزراعية التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه. 
تنمية الوعي فيما يتعلق باستهلاك المياه في الأغراض المنزلية.
أما فيما يتعلق بالسياسات الصحية، ووفق ما ينص عليه إعلان المآتا العالمي للرعاية الصحية من ضرورة تحقيق العدالة والمساواة في توفير الخدمة وتوزيع مواردها، يتعين توفير خدمة متميزة وقريبة، يسهل الوصول إليها من خلال خدمات إسعاف متطورة ووجود شبكة مواصلات واتصالات جيدة، ومن خلال استخدام التقنيات الحديثة وإمكانيات التطبب عن بعد. وتفيد المؤشرات المحلية بأن الانتشار الأفقي للمرافق الصحية يصل إلى كل المناطق والأنحاء، ولكن ينقص ذلك نوع الخدمة وجودتها وانعدام نظام الإحالة بين مستوياتها.
قد لا يتأتى توفير الخدمة المتكاملة في المناطق الصغيرة والنائية بسبب الاحتياج إلى التخصصات المتعددة، وإذا وضعنا التجهيزات وتكلفتها العالية جانباً، فإن وجود القدرات البشرية المؤهلة أمر صعب التحقيق، وإذا توفر العدد الكافي فإنهم لن يجدوا الحالات المرضية التي تتيح لهم اكتساب الخبرة وتطوير قدراتهم، وكل هذا إنما يستدعي الحاجة إلى تبني نظام الإحالة والاعتماد على خارطة صحية توفر التكامل المطلوب.
وفيما يتعلق بالسياسات البيئية، يتعين الاهتمام بنشر الوعي البيئي وإرهاف الحس الجمالي لدى الناشئة، وإعادة النظر في التشريعات البيئية الراهنة بما يستجيب لعالمية ظواهر عمليات الهدر والاستنزاف البيئي وتأثيراتها المحلية، والتحكم في الانبعاثات وفق الحدود المسموح بها محليا ودوليا، ووضع سياسات تؤمن إدارة متكاملة للموارد سبيلا للحفاظ على البيئة، وأساسا لرفاهية الأجيال الحاضرة وضمان حق الأجيال القادمة، والقيام باستثمارات تعويضية تحافظ على رأس المال الطبيعي والتنوع البيئي، خصوصا المهدد بالانقراض، وإدارة النفايات الصلبة والسائلة بشكل متكامل، وتعزيز التوجه نحو استخدام الطاقات النظيفة، والاهتمام بالتخطيط البيئي ضمن الخطط العمرانية والاستراتيجية، ومراقبة ورصد ومتابعة جودة المياه والهواء والبيئة المحلية بشكل دوري مستمر.
وفي مجال الثقافة والعلوم، يتعين أن يتم تبني السياسات التالية:

تطوير خطاب ثقافي معتدل ومتنوع يرسخ قيم التسامح والاختلاف وحرية التعبير، ويعزز الهوية الوطنية، وينفتح على مختلف الثقافات والخبرات الإنسانية.
توطين العلم في الثقافة السائدة وتوسل مناهجه في حل مشاكل المجتمع، وتنمية الروح الإبداعية في الإنتاج الثقافي، وتيسير الخطاب العلمي والأكاديمي بحيث يسري في الحياة الاجتماعية والثقافية عوضا عن أن يبقى متحصنا بعصمته الأكاديمية (ما يعرف بالثقافة الثالثة).
تنويع مهارات مخرجات التعليم بحيث تسهم في رفد الحركة الثقافية.
دعم ميزانية البحث العلمي بوصفه أداة أساسية من أدوات تطوير الثقافة.
دعم المنابر الثقافية العامة والخاصة (المجلات، الدوريات، الفضائيات المتخصصة،..).
تطوير التشريعات النافذة في مختلف المؤسسات الثقافية بما يتناسب مع ثقافة حقوق الإنسان (قانون الصحافة، قانون الجمعيات الأهلية، وقوانين النقابات والاتحادات الثقافية، قانون الرقابة على المطبوعات والمصنفات الفنية،...).
استحداث مؤسسات توكل إليها مهمة ترجمة أهم المنشورات في مختلف المجالات العلمية والأدبية تنمية قدرات المنتسبين إلى مجالات الصحافة والمسرح والفنون التشكيلية.
الاهتمام بثقافة الأطفال، بما تستدعيه من إدراك لأهمية دور تنشئتهم في تشكيل وعيهم، والعناية بمسرح وصحافة وأدب الأطفال. 
وفيما يتعلق بالأمن الوطني، يتعين وضع سياسات:
تضمن أمن الوطن واستقراره وتفعيل دور الدولة القومي والإقليمي والعالمي في تشكيل فضاءات سياسية واقتصادية واجتماعية أقدر على التعامل مع التوجهات العولمية؛
تعزز هيبة الدولة وسلطتها بما يكفل حرمة المال العام، وسيادة القانون وقدسيته واحترامه من الجميع، بوصفه مصدرا رئيسا للحقوق والواجبات.
تؤدي إلى تحديث ومأسسة آليات صنع السياسة العامة وأدوات تنفيذها.
توسع دائرة النشاط الأهلي وتفعل مؤسسات المجتمع المدني وتطور التشريعات المنظمة له على نحو يعزز مفهوم الانتماء والمواطنة.
تعزز دور المؤسسات العلمية ومراكز الدراسات الإستراتيجية في دراسة الجوانب الأمنية المختلفة وإعداد البحوث وإقامة الندوات والمؤتمرات ذات العلاقة بمحاربة الفساد ونبذ العنف، تعزيزاً للأمن الوطني والمجتمعي.
تعدل التشريعات القائمة وتصدر تشريعات جديدة تعزز استقلالية القضاء ونزاهته وتضمن المساواة أمام القانون وعدالة الإجراءات.
تحدّث المؤسسات الأمنية وتعيد صياغة دورها بما يعزز هيبة الدولة وأمنها ونزاهتها واحترامها لحقوق الإنسان، بما يتماشى مع روح العصر ومقتضياته.
تعالج عوز التوازن السكاني المتمثل في انخفاض معدل النمو السكاني تركز الكثافة السكانية على الشريط الساحلي وهجرة الليبيين إلى الخارج.
تنظم التعاون مع دول الجوار في مختلفة الجوانب الأمنية خاصة فيما يتعلق بمسائل الدخول والخروج من ليبيا، بشكل يضمن سلامة الوطن و حقوق المواطنين وحقوق الرعايا الأجانب على حد سواء.
تعزز التعاون على المستوى الإقليمي والدولي من أجل خلق مجتمع عالمي يسوده السلم وتتضاءل فيه فرص استخدامات العنف والصراعات المسلحة والتهديد بها، يلتزم بقيم المساواة والحرية و العدالة.
تضع البرامج الكفيلة بتطوير البنية التحتية للأمن من مراكز شرطة ومؤسسات إصلاح وتأهيل، وتوفير الإمكانات اللازمة، وتزويدها بالتقنية المعاصرة.

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الاول ....

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الثاني ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الثالث ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الرابع ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الخامس ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الثامن والأخير ...ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء السابع ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا