التسميات

الأحد، 15 سبتمبر 2013

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء السابع ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء السابع
ليبيا اليوم - ليبيا 2025 رؤية استشرافية  - 07/12/2008

 
ثانيا: استثمار الموارد البشرية

يتعين أن تفضي أية رؤية استشرافية تهدف إلى الانتقال بالاقتصاد الليبي من النمط التوزيعي غير المنتج إلى النمط الإنتاجي الفعال إلى معالجة التشوهات والاختلالات التي تسببت بها السياسات التي اتبعت في الماضي، والتي كان من أهم نتائجها سيطرة العقلية الاتكالية التي أدت إلى الاعتماد الكلي على الدولة ومؤسساتها تعاظم النزعة الاستهلاكية. إن هذا الأمر يتطلب إعادة بناء النظام التربوي والتعليمي واتخاذ التدابير المناسبة لتعديل اتجاهات الافراد منذ الصغر نحو ثقافة العمل والإنتاج وغرس التربية المهنية في المناهج وفي الحياة المدرسية، وجعل التعليم أكثر مرونة ليستوعب مسارات تقنية وتطبيقية بالاضافة إلى الثقافة الاساسية والعامة.
يعتبر التعليم ركيزة التنمية الرئيسية في عصر العولمة فهو الذي يحدد القدرة التنافسية للاقتصاد نظراً لأن عامل المعرفة أًصبح أحد العناصر الأساسية للإنتاج ومحدداً أساسياً للإنتاجية، كما يقوم التعليم بدور رئيس في المحافظة على الهوية الثقافية والحضارية.
إن التعليم التقليدي سريعا ما يصاب بتقادم المعارف والمهارات، ويؤدي بالتالي إلى ضمور الموارد البشرية، بينما التعلم مدى الحياة عامل أساسي في التنمية المستدامة، كونه يحافظ على حيوية وتجدد التعليم ويضمن مداومة تنمية الموارد البشرية.
التعليم مطالب بتوفير القوى البشرية المؤهلة تأهيلا ًجيداً من خلال ما يجب أن  يقوم به من إمداد لهذه القوى بالمهارات والتدريب والمعارف والخبرات التي تتزايد الحاجة إليها دائماً بتطور المجتمع وتلاحق التغيرات.
أصبحت المادة المعرفية من الضخامة بحيث يستحيل تغطيتها بالمناهج الدراسية، ما يتطلب إلماما كافيا من قبل مصممي البرامج التعليمية بأسس نظرية المعرفة ومهارات استخدام مخططات المفاهيم والشبكات الدلالية وما شابه ذلك، كما يتطلب استخدام ما يعرف بالمنهج الحلزوني القائم على أساس أن أية مادة تعليمية يمكن تدريسها في مراحل العمر المختلفة مع استمرار عملية التعميق المعرفي، بدلا من طابع التلاحق والخطية في عملية تخطيط المناهج التقليدية.
كي تحقق أية رؤية في التعليم مستهدفاتها التنموية وفق ثقافة النهوض، يتعين أن تصوغ وتوظف مهام وأدوار التعليم فى المجالات الآتية:

تأكيد الهوية والثقافة العربية الإسلامية، أمام التحديات التى يفرضها السياق العالمى.
تحقيق حاجات وضرورات المشاركة بمعناها الواسع وتأكيد الحريات متطلبا للإبداع، والشفافية والديمقراطية بوصفها وسائل مجتمعية تضمن كفاءة التنظيم المجتمعى.
توسيع مدى الاستقلال والحركة والاختيار، وتأكيد النديّة فى التبادل والتنافسية بالأسواق.
تطوير وتوسيع مفهوم وأساليب التعليم والتعلم مدى الحياة. 
التطوير المؤسسى المستمر لمنظومة التعليم والثقافة.
الإعلاء من شأن المكانة الاجتماعية للعلماء والمفكرين.
ربط المنتج من التعليم باحتياجات سوق العمل وفى إطار تقسيم متوقع للعمل، وربط الكفاءة الخارجية لمنظومة التعليم بالتبارى فى توسيع قاعدة الموارد وابتكار المشروعات التنموية ودعم قطاع الأعمال الصغير والمتوسط.
العناية بثقافات وفئات فرعية خاصة، والاهتمام بالأدوار المتنامية للمرأة فى عالم التنمية للقرن الحادى والعشرين.
استجابة للتحديات التي تواجه النطام التعليمي في علاقته بالواقع الاقتصادي، والتي تتعين في ما يعانيه من ضعف في تطابق مخرجاته مع متطلبات سوق العمل، وافتقارها للمرونة الكافية للتكيف مع احتياجاته المتغيرة التي فرضتها تطورات الانفتاح على الأسواق والمنافسة الدولية، واستثمارا للفرص المتاحة، يتوجب التركيز على قضايا التنمية البشرية والتنشئة الاجتماعية التي تتيح للمجمتع فرص الاستفادة من مهارات وخبرات أبنائه.
وفق هذا يتوجب :

تحديث البنية التحتية للتعليم بما يواكب التطورات الحديثة.
اعتماد سياسة التنمية البشرية المتواصلة التي تؤمن زيادة القدرات والكفاءات والمهارات واستيعاب التقنية عند السكان وتطوير البنية التحتية في مجال المعرفة والمعلومات.
تطوير سبل الاستثمار البشري مع الاهتمام بقضايا البحث والتطوير بما يخدم السياسة التعليمية وسياسة الاستخدام وغيرها من المجالات التي ترفع من نوعية العمل ورفع إنتاجيته.
التركيز على الدور التربوي للمدرسة خصوصا في مرحلة التعليم الأساسي حيث يعتبر دورها محوريا في مسألة التنشئة الاجتماعية وفي تنمية وعي الاطفال والناشئين بهويتهم العربية والاسلامية وانتمائهم الوطني وفي ادراكهم لقضايا عصرهم ومشكلاته.
تحديث مناهج التعليم العام والفني والعالي وربط التعليم بالصناعة عن طريق انشاء الحاضنات التقنية وزيادة الاستثمار المباشر في البحث العلمي ونقل النقنية.
تطوير برامج التعليم بحيث يشمل التعليم عن بعد والتعليم الافتراضي والتدريب أثناء الخدمة وتطوير المناهج الدراسية القائمة على الحفظ والاستظهار، وتنمي القدرة على الإبداع، والتأمل، والتفكير الناقد، وتعزز الحوار والانفتاح، واحترام الرأي المغاير.
مساهمة المجتمع المدني في دعم العلميات التعليمية والمشاركة في التدريب وتنمية المهارات.
الاهتمام باللغة العربية وتطويرها والتركيز على تعليم اللغات الأجنبية الرائجة والترجمة منها وإليها.
وضع سياسات تهتم بتنمية مهارات الموهوبين من شأنها الاستفادة من قدراتهم في عملية التنمية.
وضع سياسات تهدف إلى تطوير المؤسسات المعنية بالرعاية الاجتماعية عامة ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة تحديدا حتى يتسنى إدماجهم في المجتمع ومساهمتهم في تنميته.
وضع سياسات تدريبية تستند إلى أهداف واقعية تستوفي معايير الجودة الشاملة وتسهم في اكتساب المتدربين لمهارات ومعارف جديدة تتطلبها بيئة العمل المعولمة.
تفعيل سياسات تمكين المرأة بما يرفع من نسبة مشاركتها في سوق العمل.
وضع سياسات متكاملة توفر بنية تحتية وتؤدي إلى إعداد برامج كفيلة بتنمية قدرات الأطفال والشباب وصقل مواهبهم.
وضع سياسة لمجابهة معدلات البطالة بين الشباب وارتفاع نسبة الفقر من خلال العمل على توفير فرص عمل مجزية بالقطاعين العام والخاص، ما تقليل من مخاطر معدلات البطالة وانعكاساتها على المجتمع من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية.
التقويم المستمر لأداء المتعلمين في مؤسسات التعليم، وتوفير نظم للتغذية الراجعة عبر مستويات النظام التربوي، واعتماد أساليب التقويم البديل بدلاً من اختبارات التحصيل أحادية الجانب، والانتقال من ثقافة القياس إلى ثقافة التقويم الشامل، وتوفير المصادر والمقومات اللازمة لتفعيل نماذج التقويم الأكثر شمولاً واتساعاً.
تحسين المؤشرات الكمية والأنصبة التربوية، بما ينسجم مع المعايير المعتمدة دولياً والصادرة عن منظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) لضمان جودة مدخلات وعمليات ومخرجات النظام التعليمي وموظفاته، وتوفير بيئة مدرسية داعمة للتعلم، وقائمة على التنافس بين المؤسسات التعليمية على المستويين المحلي والوطني.
وضع نظام اعتماد محلى واتباع السبل الكفيلة لضمان الجودة واثبات القدرة على المنافسة الدولية وتطبيق المعايير الدولية والاعتماد الدولي.
ترسيخ مفاهيم البيئة وحمايتها في المناهج الدراسية علي امتداد مراحل التعليم من أجل خلق أجيال واعية بقضايا البيئة وتعمل علي المحافظة عليها، ومساهمة مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الأعلام في تنمية الوعي البيئي وخلق الكوادر والقدرات اللازمة لتحقيق تلك الغاية.
الاهتمام بالتدريب وإعطاء استقلالية كاملة للمؤسسات الإنتاجية والخدمية في إعداد عناصر مستعدة وجاهزة للعمل وبحيث تعد برامج التدريب وفق الاحتياجات الواقعية.
هناك أيضا حاجة إلى الاهتمام ببرامج التنمية البشرية في المناطق النائية، ما يعرف باسم التنمية المكانية المتوازنة، بحيث لا تكون هذه المناطق بيئة طاردة، ويتم اعتماد مبدأ التخصصات المكانية أو التقسيم المكاني للعمل.
التركيز في التعليم العالي على التخصصات العلمية الحديثة التي يتطلبها اقتصاد المعرفة وتسهم في إنجاز عملية التنمية المستدامة (مثل الطاقات المتجددة، والتصحر، والطب البديل).
إن تحقيق الأمان الصحي حق من حقوق المواطنة، ونوع من الاستثمار البشري الذي يسهم في استقرار المجتمع وزيادة قدرته الإنتاجية؛ ويمكن قياس هذا الأمان باستخدام مؤشرات محورية مثل متوسط العمر المتوقع للفرد ومعدلات الوفيات بين الأطفال. 
الاستثمار البشري في جوانب الأمان الصحي يعني أن تكون الرعاية الصحية مستمرة، وشاملة للجميع، وأن تتناسب تكاليفها مع إمكانات المجتمع، بما يؤدي إلى حياة صحية أفضل. 
تشمل متطلبات الرعاية الصحية: تحسين عدالة الرعاية الصحية؛ القضاء على الأوبئة والأمراض المعدية؛ التحكم في الأمراض؛ تحسين الوصول إلى ماء نظيف صالح للشرب؛ توفير خدمات الصرف الصحي؛ ضمان توفر الغذاء والمسكن الصحي؛ والمحافظة على تدفق المعلومات عن الصحة للأفراد وللمجتمع ككل ومساندة الأبحاث.

ثالثا: استثمار الموارد المادية

(أ) تنويع مصادر الدخل

لم تفلح خطط وميزانيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية خلال الفترة الماضية في تحقيق هدف تنوع مصادر الدخل القومي رغم أن كل استراتيجياتها وبرامجها كانت موجهة نحو تقليل الاعتماد على النفط باعتباره موردا ناضبا.
يتعين أن ترتكز التنمية الاقتصادية المستدامة على توجيه الأموال والاستثمارات الليبية نحو مجالات الاستثمار غير التقليدية التي من شانها الاستفادة من الموقع الجغرافي للبلاد، والموارد الاقتصادية والطبيعية التي تتيح للاقتصاد الليبي ميزة نسبية تنافسية واضحة.  

1. الاستثمار في الأنشطة المرتبطة بالموقع الجغرافي

إذا ما توفرت الشروط الموضوعية والبيئية المناسبة، فان الاقتصاد الليبي يمتلك ميزة تنافسية كامنة تتمثل في تنمية القطاع التجاري الخدمي المرتبط بالموقع الجغرافي المتميز للبلاد، ويمكن أن يتخذ النشاط التجاري الخدمي عدة أشكال يكمل بعضها البعض الآخر، وتندرج كل هذه الأشكال تحت مظلة قطاع الخدمات، ومن بين هذه الأشكال أو المجالات ما يلي: مراكز التمويل الدولية، والسياحة، ومناطق التجارة الحرة، وتجارة العبور.
يرتبط وجود مراكز التمويل الدولية، وعلى وجــه التحديد الوحدات المصرفية الخارجية، بوجود الفوائض المالية في المنطقة. أيضا فإن إقامة مراكز مالية في الوقت الحاضر يرتبط بمتطلبات السوق، أي بمتطلبات سوق المنطقة وخارجها من الخدمات المصرفية والاستثمارية. لذلك ينبغي التعرف على مدى ما تقدمه السوق الليبية من خدمات للمنطقة المحيطة بها، خصوصا الخدمات الاستثمارية والمصرفية للمتعاملين على المستوى الإقليمي والعالمي، كما ينبغي تحديد إلى أي مدى تقوم السوق بعملية تدوير وإعادة تدوير الأرصدة المختلفة التي يتم الطلب عليها في مختلف الأسواق المالية المحلية منها والعالمية. باختصار فإن وجود الوحدات المصرفية الخارجية، يرتبط أيضا بالنشاط الاقتصادي العالمي.
هناك مجموعة من الاعتبارات التي يمكن أن تجعل من ليبيا بلداً سياحيا متميزا ضمن بلدان البحر المتوسط، من ضمنها تنوع النشاطات السياحية وتعدد أشكالها ومجالاتها ومواسمها. ويرتبط نجاح السياحة بتحقيق التنمية، حيث تلاقي الشعوب والحضارات يُثري العادات والتقاليد، بما يفضي إلى سلوكيات وأنماط معيشية جديدة. وتساعد السياحة كذلك في نمو الصناعات والحرف التقليدية اليدوية والمهددة بالانقراض من خلال استغلال الموارد الوفيرة والأيدي الماهرة بالتوارث، وكذلك تطور العلاقات الاقتصادية الدولية وتنمية التجارة والتبادل الثقافي والمعرفي.
تتوقف إقامة مناطق التجارة الحرة على جملة من الاعتبارات الفنية والاقتصادية والمالية اللازمة لإقامة كل نوع من أنواع المناطق التجارية. ويأتي في مقدمة العوامل المحددة توفير التمويل اللازم لتجهيز مرافق البنية التحتية من طرق ومواني ومطارات وشبكات اتصالية. بمعنى أن الأمر يتطلب القيام بجملة من الاستثمارات المتمثلة في بناء المساكن اللازمة للعاملين بالمنطقة الحرة ومحطات توليد الكهرباء أو توصل الكهرباء إلى المنطقة الحرة من الشبكة العامة. وبالنظر إلى المقومات المتاحة حاليا في الاقتصاد الليبي يمكننا القول إن الموقع الجغرافي والأرض المنبسطة اللازمة لإقامة المنطقة الحرة، خصوصا التجارية، يبدو متوفرا. ونشير إلى المؤشرات الأولية التي تبينت من المنطقة الحرة مصراته ومن الدراسات الأولية للمنطقة الحرة المريسة بنغازي حيث تؤكد جدوى هذا التوجه وإمكانية تنويع الدخل القومي.
يتوقف ازدهار تجارة العبور على الطاقة الاستيعابية للمطارات ومدى توفر أساليب وأدوات المناولة والتجهيز والتغليف، بالإضافة إلى المخازن والمبردات اللازمة والعمالة المدربة. ومن الواضح أن إيجاد أي من هذه المقومات يتطلب تنفيذ بعض الاستثمارات التي قد تصل إلى بناء مطارات جديدة أو التوسع في الطاقات المتاحة بالمطارات القائمة علاوة على التعامل مع معظم شركات الطيران العالمية بإتباع سياسة الأجواء المفتوحة.

  2. الاستثمار في قطاعات اقتصادية ذات أهمية وميزة نسبية

يؤدي الاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة دورا مهما في تحقيق مستهدفات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في معظم دول العالم، حيث تشكل هذه المشروعات نسبة كبيرة من المشروعات الصناعية والزراعية والخدمية وفي مجالات متنوعة، وبالتالي فهي تسهم في استيعاب أعداد كبيرة من الأيدي العاملة والتخفيف من مشكلة البطالة، كما تؤدي دورا مهما في اكتساب المهارات الفنية والتقنية، وهي كذلك صاحبة الدور الأكبر في تلبية احتياجات السكان من السلع والخدمات.
للمشروعات الصغيرة دور فاعل في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية        المتوازنة والمستدامة، فهذه المشروعات تتميز بسهولة التأسيس وصغر حجم الاستثمار المطلوب مما يجعله وعاء جيدا لجذب مدخرات صغار المستثمرين، كما تساهم في توزيع الدخل وتحقيق تنمية مكانية متوازنة، وبفضل مرونة أسس توطينها، ولعدم حاجتها لمتطلبات بنية تحتية معقدة، كما أنها تساعد على نقل وتوطين التقنية وسهولة التجاوب مع المتغيرات الاقتصادية والفنية بأقل تكلفة.
إذ ما أحسن التخطيط لقيام المشروعات الصغيرة ورعايتها ودعمها في الاقتصاد الليبي فإنها أقدر على المنافسة على المستوى المحلي والإقليمي وربما  العالمي، وهذا من شأنه زيادة الصادرات. ويمكن أن تمثل القاعدة الأساسية والنواة الحقيقية لنشوء قطاع خاص قوى وقادر على خوض غمار الاستثمار والإنتاج وتطوير الحياة الاقتصادية، والتدرج نحو قيام المشاريع الكبيرة.
تشير إحدى الدراسات إلى أن اقتصاد بعض دول الاتحاد الأوروبي يعتمد أساسا على المشروعات الصغيرة وأن هناك حوالى 16 مليون شركة صغيرة أوروبية (مصنفة على أساس أنها مشروع صغير يعمل به أقل من 250 موظفا وعاملا)، توفر أكثر من 66% من جميع فرص العمل المتاحة في تلك الدول، وتتعامل في حوالى 65% من مجموع رؤوس الأموال الأوروبية. وفي اليابان يعزى ما نسبته 50% من الابتكارات والتطور التقني إلى المشروعات الصغيرة التي تمثل 94% من إجمالي المشروعات فـــي الاقتصاد الياباني.
يحتاج الاقتصاد الليبي إلى خلق ما يقرب من 40 ألف فرصة عمل سنويا خلال الفترة القادمة، لذلك فانه من الأهمية أن يحظى قطاع المشروعات الصغيرة بالاهتمام المناسب، وأن توجه إليه الاستثمارات وتهيأ الأرضية المناسبة لانطلاقه حتى يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل.
يتيح وجود النفط والغاز في الاقتصاد الليبي استخدام المنتجات النفطية مصدرا للطاقة في مختلف الصناعات، كما أنه يمنح ميزة نسبية تنافسية في تصنيع وتصدير الكيماويات النفطية، وقد بدأت ليبيا منذ الثمانينيات في إنتاج وتصدير بعض هذه المنتجات مثل: الميثانول، واليوريا، والأمونيا، والايثيلين، والبروبلين، وخليط رباعي الكربون، وبعض هذه المواد يستعمل لإنتاج الأسمدة والبعض الآخر يستخدم في الصناعات البلاستيكية.
رغم الميزة النسبية التي تتمتع بها ليبيا في مثل هذه الصناعات، تقوم بعض بلدان المنطقة بإنتاج مثل هذه المنتجات، مما يضع الإنتاج الليبي في وضع تنافسي مع منتجات هذه الدول، الأمر الذي يتطلب العمل على تنشيط هذا القطاع وتطوير الاستثمارات به وتحسين مستويات الإدارة وقضايا التسويق لاسيما أن ليبيا تتمتع بموقع جغرافي مناسب.
ورغم أن نشاط الصيد البحري أحد الأنشطة التي تشكل ركيزة أساسية ورصيداً آنيا ومستقبليا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة من خلال إسهامه في تحقيق الأمن الغذائي، وتوفير فرص عمل للعناصر الوطنية، وإقامة صناعات ذات قيمة غذائية مضافة؛ فإنه لم يحظ بالاهتمام الذي يتناسب وطول الشاطئ الليبي والذي يبلغ حوالى 1900كم، ورصيف قاري تقدر مساحته بحوالى 55 ألف كيلومتر؛ فرغم هذه الإمكانيات لم يتجاوز الإنتاج في أحسن الظروف 35_ 40 ألف طن سنوياً.
يتطلب تطوير قطاع الثروة البحرية في الاقتصاد الليبي القيام بدراسات معمقة ومكثفة للوقوف على واقع القطاع، وعمل دراسات بيولوجية لوضع قاعدة بيانات الأسماك لمعرفة مواسم التكاثر وأوقات وضع البيض لتنظيم المصايد وبناء محصول سمكي كبير، ودراسة المحصول السمكي على الشواطئ لمعرفة كمية أقصى صيد ممكنة والوقت الأمثل للصيد وغلق المصايد أمام الصيد الجائر وتفعيل الاتفاقيات الدولية في حوض البحر المتوسط للتعاون في مجال الصيد وبناء أسطول صيد من خلال الاستثمار المشترك، بالإضافة إلى ضرورة الاستفادة من إمكانيات الشواطئ الليبية في إدخال أنشطة الاستزراع السمكي البحري.

(ب) استثمار مصادر الطاقة

 1. النفط والغاز

هناك حاجة لاستخدام النفط وسيلة لإجراء تغييرات جذرية في الاقتصاد الوطني بحيث تسمح هذه التغييرات بنمو الاقتصاد بوتائر عالية من أجل ايجاد ركائز اقتصادية متنوعة تعوض عن مورد النفط، وتضمن استمراراه موردا للأجيال القادمة. 
يتعين على كل استراتيجية نفطية جذرية أن تأخذ الاعتبار الواقع الموضوعي والإمكانيات الفعلية، كما يجب أن تنطلق من نظرة شاملة تضع على رأس أهدافها تعزيز الاستقلال الاقتصادي، والعمل على جعل النفط أداة للتحولات الاقتصادية الموجهة لمـصلحة أفراد المجتمع، وطريقا لتحقيق الأمن السياسي والغذائي للوطن، ووسيلة لمعالجة الاختناقات وعدم التوازن في شتى القطاعات الاقتصادية.
يجب أن تنطلق النظرة الاستراتيجية المقبلة لسياسة النفط في ليبيا من جملة الظروف والتناقضات الدولية، وأن تأخذ بعين الاعتبار الاستفادة من عامل الوقت على أساس أن النفط ثروة ناضبة تتطلب انتهاج سبيل التخطيط الطويل لتحقيق المهام الاستراتيجية للتنمية الاقتصادية. 
يجب أيضا على التخطيط العلمي أن يضع أهدافا واضحة للاستكشاف والإنتاج، والتسويق تعتمد على مهام تعزيز الاستقلال الاقتصادي، وحماية الثروة النفطية، ودمجها بالاقتصاد الوطني، على عكس السياسات التي تنتهجها بعض الاجهزة التي تخضع سياسة الاستكشاف والإنتاج والتسويق النفطي لمصلحة تطور السوق العالمي والاحتكارات النفطية.
إن هذا يحتم على ليبيا، بالتنسيق مع الدول المنتجة الأخرى من خلال منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط، رسم سياسة علمية لبرمجة إنتاج النفط تتواءم مع مصالح الاقتصاد الليبي ومع متطلبات المحافظة على المكامن الرئيسية، أي أن برمجة الإنتاج في ليبيا يجب أن تتم في إطار تأكيد أن الحد الأقصى للإنتاج يجب أن يرتبط بالأساس بحاجات التنمية وبشكل يضمن عدم هجرة العوائد النفطية إلى البلدان الأخرى، كما يضمن زيادة معامل الاستخراج للمكامن الكبرى والمتوسطة وديمومة هذه المكامن لفترة تاريخية طويلة نسبيا. إن برمجة الإنتاج ضمن هذه الأسس، وبالارتباط مع تطورات الطلب العالمي على النفط باتجاه خلق موازنة علمية بين العرض والطلب، سيساعد في خلق شروط التبادل المتكافيء مع البلدان الرأسمالية المتقدمة، وحصول البلد على القيمة الحقيقة للنفط.
تقتضي الاستراتيجية النفطية الاتجاه للسيطرة الوطنية المباشرة والكاملة على موارد النفط عن طريق ربطها بعملية الاستثمار الوطني المباشر للثروات النفطية، ولا بد من مواجهة مسؤولية تطوير الصناعة النفطية الاستخراجية بكل مراحلها: الاستكشاف، والتطوير، والنقل، والتسويق، والأعمال الهندسية وغيرها، وقد ثبت بالتجربة نجاح عملية الاستثمار الوطني المباشر الذي يخلق فرصا واسعة لتربية كوادر نفطية وطنية متمرسة ويضمن التخلص من هيمنة الاحتكار النفطي العالمي على النفط الليبي، وهناك آراء تدافع عن سياسة ابقاء الشركات الاحتكارية العالمية في البلدان المنتجة مستندة إلى حجة الاستفادة من تجربة وامكانيات ونفوذ شركات الكارتل الدولي للنفط. 
لكن الوقائع تبين أن شركات التكتل الدولي للنفط، التي تقوم في بعض البلدان النفطية بدور الشريك الأقوى، تعرقل أي تطور وتنمية جدية مستغلة نفوذها وتأثيراتها السياسية والاقتصادية على البلدان النفطية، وبالعكس فإن الاستثمار الوطني المباشر يضمن حدوث تطور نوعي في البلدان التي تنجز هذه المهمة بنجاح، ويسمح لصناعة النفط الوطنية، ممثلة بشركات النفط الوطنية، من القيام بسياسة إنتاج مخططة وعلمية تنطلق باتجاه ربط القطاع النفطي مع القطاعات الإنتاجية الداخلية الأخرى، وإن الاضرار التي قد تلحق بالدول المنتجة للنفط نتيجة قرارات الاستثمار المباشر هي أضرار مؤقتة، كما حدث لتأميم النفط الليبي، حيث عملت الشركات الاحتكارية للنفط على مقاطعة النفط المؤمم وخلق صعوبات اقتصادية وسياسية عديدة. إن نجاح ليبيا في ميدان الاستثمار الوطني المباشر يقتضي التوجه إلى إقامة علاقات مباشرة مع حكومات الدول الراسمالية المتقدمة والدول النامية وأن يتم تبني توجه تدريجي لتقليص الاعتماد على صادرات النفط الخام كما يلزم تحديد دور شركات التكتل الدولي النفطية والقضاء على دورها وسيطا بين المنتجين والمستهلكين.
يتطلب النجاح في ميدان الاستثمار الوطني المباشر الارتفاع في مستوى التعاون مع الدول الأخرى في الميدان النفطي سواء داخل منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط أو خارجها، كما لا بد من إيجاد تعاون وتنسيق بين أجهزة شركات النفط الوطنية في ميدان الإنتاج والنقل والتسويق بشكل يهدف إلى دراسة تطورات وضع النفط والطاقة في العالم باستمرار ودراسة أحوال السوق العالمي للنفط وأسعاره، ويمكن عبر سياسة تعاون دولي واسع في الميدان النفطي الاستفادة من نقل التقانة النفطية مقابل مقايضة النفط من البلدان الراسمالية وكذلك تنشيط التعاون والمساعدات المتبادلة في الحقل النفطي مع  الدول الأخرى والاستفادة من تجاربها وامكانياتها خاصة في مجال إعداد الكوادر النفطية ووضع الخطط العلمية وصيانة المكامن النفطية.
أما فيما يخص الغاز الطبيعي، الذي يتوفر بكميات كبيرة ويشكل ثاني أهم مصدر للطاقة بعد النفط على مستوى العالم، ويتميز باتساع أفاق إنتاجه وتسويقه، فإنه يعتبر موردا أساسيا للافتصاد الليبي.  
وقد تركزت الجهود خلال السنوات الماضية على الحد من حرق الغاز الطبيعي المصاحب للنفط الخام، وتطوير الاكتشافات الغازية بغرض استخدام الغاز الطبيعي بديلا للمشتقات النفطية المستغلة حاليا في توليد الطاقة، بالإضافة إلى استخدامه مدخلا أساسيا في الصناعات البيتروكيماوية، ولقد تم إنشاء منظومة لنقل الغاز من مواقع إنتاجه إلى مواقع الاستهلاك على امتداد الشريط الساحلي. بالإضافة إلى تصدير كميات كبيرة من الغاز المسال لبعض الدول الأوروبية. ويتم الاحتفاظ بكميات كبيرة في المكامن النفطية لاستعمالها في عمليات الاسترداد الإضافي لاستخراج النفط الخام.
ويقدر الاحتياطي من الغاز الطبيعي القابل للاسترداد بحوالى 1,491 مليار متر مكعب عند نهاية عام 2005 بعد أن كان 1,314 مليار متر مكعب في عام 2001؛ وهذه المكامن الغازية موزعة بأحواض سرت، غدامس، مرزق، وصبراته البحري. ويشكل الغاز الحر حوالى 70 % من الاحتياطي، في حين يشكل الغاز المصاحب للنفط حوالى 30 %. ويعتقد الخبراء أن الاحتياطي الحالي سوف يفي بالاحتياجات المحلية الحالية والمستقبلية، كما سيوفر كميات للتصدير لمدة تزيد عن 50 سنة. وتدل المعلومات المتاحة على وجود إمكانيات كبيرة لتحقيق اكتشافات غازية مهمة تصل إلى أكثر من 3,500 مليار متر مكعب.
يبلغ متوسط الإنتاج اليومي من الغاز الطبيعي حوالى 45.306 مليون متر مكعب يستغل منها حاليا 33.130 مليون متر مكعب ( نسبة 73 % )، أما الباقي وقدره 12.176 مليون متر مكعب يوميا ( أي نسبته 27 % ) فيتم حرقه لعدم توافر الإمكانيات الفنية لاستغلاله. ويشير مخطط إنتاج النفط والغاز الطبيعي في ليبيا إلى أن الإنتاج سيغطي نسبة عالية من الاحتياجات المحلية من المشتقات النفطية، وكافة الاحتياجات المحلية من الغاز الطبيعي إلى ما بعد 2010 بالإضافة إلى توفير كميات كبيرة من الغاز المسال للتصدير، كما تشير المعلومات إلى أن أكثر من نصف الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي سيوجه إلى توليد الكهرباء وذلك لكفاءته ومزاياه البيئية، كما أن إحلال الغاز الطبيعي محل زيت الوقود الثقيل سيوفر كميات كبيرة من الأخير يمكن تصديرها، وسوف يحقق دخلا يقدر بحوالى 234 مليون دينار بحلول 2010.
تعتبر احتياطات الغاز في ليبيا مهمة لإمداد الأسواق الأوربية بحاجتها على المدى البعيد بسبب مزايا الموقع الجغرافي، ويمكن له أن ينافس المصادر الأخرى. لذا يتعين وضع سياسة لتوسيع الاستثمارات في تقنية تحويل الغاز إلى سائل خطوة أولى لتصديره.
وبصفة عامة تعتبر المشاكل البيئية المتعلقة باستخدامات الطاقة في ليبيا محدودة بالمقارنة بالدول الصناعية أو دول حوض البحر الأبيض المتوسط الأخرى وذلك لأسباب عديدة منها اتساع المنطقة ولهذا تكاد تنحصر الأضرار البيئية الناجمة عن استهلاك الطاقة في تلوث جزء بسيط من الشواطئ نتيجة لتسرب النفط من الناقلات ولا يتوقع إن يكون لمعدلات حرق الوقود الأثر الكبير سوء في تلوث الهواء أو في ظاهرة الاحتباس الحراري. غير أن هذا لا يعنى إغفال جانب المراقبة والتطوير ففي هذا المجال كانت هناك جهود مميزه  أدت إلى  توفير الوقود الخالي من الرصاص. أما فيما يخص استخدام الأنواع الأخرى من الطاقة ينبغي أن تستهدف الإستراتجية البعيدة المدى التقليل التدريجي المدروس لحصة الهيدروكربون والبحث عن بدائل متجددة كاستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتبني آلية التنمية النظيفة المذكورة في المادة 12 من بروتوكول كيوتو بوصفها إحدى الاليات المتبعة دوليا يتم من خلالها دفع مقابل تخفيف حدة الغازات من خلال مشاريع للطاقة النظيفة والمتجددة. ويمكن أن تستفيد ليبيا من خلال هذه البرامج في دعم استخدام الأراضي والغابات وأنشطة التشجير والتي سوف تسهم في امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وهو الغاز الأساسي من غازات الاحتباس الحراري وبذلك يتم خلق مناخ  للاستثمار في آلية التنمية النظيفة. في النهاية ينبغي التأكيد مجددا على ضرورة التوسع في استخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية خاصة وقد تم استحداث جهاز خاص باستخدامات الطاقة الشمسية. 

2. الطاقة المتجددة

تطورت تقنيات استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في السنوات الاخيرة مع انخفاض تكاليفها باطراد، وتم التوصل إلى أنه يمكن اعتبارها مصدرا بديلا للطاقة التقليدية. وبالنظر إلى تزايد ندرة وتكلفة الوقود الأحفوري وتأثيراته السلبية على البيئة، تتزايد أهمية الطاقات المتجددة، كونها أقل ندرة وتأثيرا سلبيا على البيئة، كما أن تكلفتها سوف تصبح أقل على المدى الطويل.
انخفضت تكاليف تصنيع خلايا الطاقة الشمسية ما بين 3% إلى 5% سنويا خلال الأعوام الأخيرة، فيما تضاعف إنتاج طاقة الرياح أربع مرات في الفترة بين عامي 2000 و 2006، وهي توفر 20% من الطاقة الكهربائية في الدنمرك و9% في أسبانيا و7% في ألمانيا. 
أدى التطور التقني إلى جعل الطاقة الشمسية مصدرا آخر مـن مصادر الطاقة المتجددة، ومن المزايا الطبيعية التي رتبها موقع ليبيا الجغرافي المتميز تمتع أراضيها بإشعاع شمسي مرتفع خلال معظم أيام السنة، ولقد أوضحت الدراسات أن المتوسط  السنوي للإشعاع الشمسي على سطح الأرض بالشريط الساحلي يتراوح ما بين 5.5 كيلووات/ساعة يوميا، و7 كيلووات/ساعة يوميا بالمناطق الجنوبية. كما أن مدة بقاء سطوع الشمس تصل إلى ما يقارب 3100 ساعة سنويا على الشريط الساحلي، وحوالى 3900 ساعة سنويا بالمناطق الجنوبية، وهو ما يشير إلى أهمية الشمس مصدرا للطاقة.
بالرغم من قلة الإحصائيات حـول مساهمة الطاقة الشمسية في سد احتياجات ليبيا من الطاقة، ثمة ما يفيد أن نسبة مساهمة الطاقة الشمسية فــي الطلب الكلي على الطاقة تقدر بحوالى 4.8 % من احتياجات مختلف القطاعات عام 2000، ولقد حـددت القطاعات التي تساهم الطاقة الشمسية في توفير جزء مـن احتياجاتها في القطاع العائلي، وتحلية المياه، والزراعة، والصناعة مـرتبة حسب الأهمية النسبية للوفر المتوقع معبرا عنه بكمية النفط المكافئ المتوقع توفيره سنويا.
لقد أدى التطور التقني إلى جعل الطاقة الشمسية مصدرا مهما مـن مصادر الطاقة المتجددة، ومن المزايا الطبيعية  التي رتبها موقع ليبيا الجغرافي المتميز تمتع أراضيها بإشعاع شمسي مرتفع خلال معظم أيام السنة، ولقد أوضحت الدراسات أن المتوسط  السنوي للإشعاع الشمسي على سطح الأرض بالشريط الساحلي يتراوح ما بين 5.5 كيلووات/ساعة يوميا، و 7 كيلووات/ساعة يوميا بالمناطق الجنوبية. كما أن معدل سطوع الشمس يصل إلى ما يقارب 3,100 ساعة سنويا على الشريط الساحلي، وحوالى 3,900 ساعة سنويا بالمناطق الجنوبية، وهو ما يشير إلى أهمية الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة.
بالرغم من قلة الإحصائيات حـول مساهمة الطاقة الشمسية في سد احتياجات ليبيا من الطاقة إلا أن بعـض الدراسات تشير، وبشكل عام، إلى أن نسبة مساهمة الطاقة الشمسية فــي الطلب الكلي على الطاقة تقدر بحوالى 4.8 % من احتياجات مختلف القطاعات عام 2000، ولقد حـددت القطاعات التي تساهم الطاقة الشمسية في توفير جزء مـن احتياجاتها في القطاع العائلي، وتحلية المياه، والزراعة، والصناعة مـرتبة حسب الأهمية النسبية للوفر المتوقع معبرا عنه بكمية النفط المكافئ التوقع توفيرها سنويا.
5.2 رؤية ليبيا 2025

إن أدنى ما يحتاجه بناء رؤية استشرافية لأي مجتمع هو وجود أرضية صلبة يمكن التطلع منها إلى الأمام؛ وكلما كانت أكثر ارتفاعا، كان أفق الرؤية أوسع وأبعد.
إننا نتحدث هنا عن أرضية ذات ثوابت بدهية لمفهوم الدولة المعاصرة، ترشد بطبيعة بنيتها خيارات المستقبل، وتهيؤ للتنبؤ قدرا كافيا من التقصي الموضوعي الناهض على صيرورات موحية واستلهامات مسعفة.
تختزل هذه الثوابت في حدها الأدنى في المرتكزات الرئيسة لمجتمع التنمية المستدامة المؤسس على ثقافة النهوض بعقدها الاجتماعي وتشريعاتها الدستورية ومنظومة قوانينها المحكمة وملامح هياكلها الإدارية الواضحة، ما يجعلها ترتهن في نهاية المطاف بطبيعة النظام السياسي المرهون به تنفيذ الرؤية. 
وإذا كان الواقع يسفر عن حقيقة مؤداها أن كل هذه المعطيات الجذرية غائمة، بل محكومة بتبدل السياسات وعوز الاستقرار، فإن النزوع البشري لتحسين الظرف الإنساني لا يملك إلا أن يكشف عن نفسه، كما هو محتم على التطلعات الإنسانية إلى الامتياز أن تغامر؛ وإن توجب أن تغامر بحساب.
يبقى أن نشير إلى أنه لم يكن شاغلنا بأي حال البحث عن أحكام جاهزة أو واثقة، أو تسليط الأعين على ضوء واحد في آخر النفق، بل ملاحقة سلسلة من الأضواء أمّلنا أن تضيء كل منها عتمة مناطق بعينها، وأن يشكل الغبش بينها مواضع للتريث والتلفت.
وفق كل ذلك، وانطلاقا من تقويم الأوضاع المحلية الراهنة في ضوء البيئة المعولمة، بما أفضي إليه هذا التقويم من موضعة للمشهد الليبي وتقدير لحجم الفجوة التي تفصل تلك الأوضاع عن استحقاقات التنافسية، ومن عرضنا لجملة الإمكانات الكامنة التي يتعين تحقيقها، والتحديات المستقبلية التي يتوجب الاستجابة إليها، والفرص السانحة التي ينبغي اغتنامها، وتأسيسا على ما عرض من استشراف لمستقبل ليبيا يحدد طبيعة مجتمع الأمن الإنساني الذي يتوجب أن نسعى إليه، والذي يستوفي استحقاقات ثقافة النهوض والتنمية المستدامة، فإن المجتمع الذي نطمح إليه في آفاق 2025:
مجتمع مؤسس معرفيا، يعتز بهويته العربية والإسلامية، ويحقق فيه كل فرد نفسه، بينما يسهم في رفاهة الكل؛ مجتمع يفي استحقاقات البيئة العولمية ويشارك بدوره في الحضارة البشرية المعاصرة، ويعي أهدافه ويسعى إلى تحقيقها في ضوء استقراء موضوعي لإمكاناته وخياراته، ويدير مؤسساته بكفاءة وشفافية، ضمن إطار ديمقراطي، ويتمتع أبناؤه بحقوقهم ويتساوون فيه أمام القانون وينعمون بعيش يتناسب وموارد وطنهم وقدر مشاركتهم في الإنتاج. 
وتتعين ملامح هذا المجتمع في التالي:
خطاب ثقافي منفتح ومتنوع يرسخ قيم التسامح والاختلاف وحرية التعبير، ويعزز الهوية ويفيد من الخبرات الإنسانية؛ ويوطن العلم والتقانة، ويتوسل المنهج العلمي في معالجة مشاكل المجتمع.
اقتصاد منتج، ومتنوع مصادر الدخل، مبني على أسس معرفية تقنية، يقوم القطاع الخاص فيه  بالدور الريادي، وتضطلع الدولة بدورها في إدارة الاقتصاد على المستوى الكلي، بما يحقق الاستخدام الأمثل للموارد؛ اقتصاد يمتلك ميزة تنافسية فـي مجال الخدمات، خاصة في مجالات الاستثمار غير التقليدية، ويصل فيه النمو في الناتج المحلي الإجمالي غـير النفطي إلى معدلات مرتفعة، وتتميز معدلات الأداء فيه بالتوازن والاستقرار، ومعدلات التضخم والبطالة بالاعتدال؛ اقتصاد يضمن عدالة التوزيع وعدم التفاوت في الدخول ويرتقي مستوى معيشة أفراد المجتمع، ويسهم في منظومة الاقتصاد العالمي مع بقية الدول على أسس متكافئة.
مجتمع معرفي، تسود فيه حرية الرأي والتعبير والتنظيم، ويتم فيه تمكين المرأة والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة، فيما يصل الفقر فيه إلى أدنى مستوياته، ويتم نشر التعليم وتطويره، والتحول نحو نمط إنتاج المعرفة.
نظام صحي متكامل واضح في سلسلته متميز في خدماته شامل لكل أفراد المجتمع معتمد على الوقاية قبل العلاج ومنفتح ومتكامل يستخدم التقنيات والأساليب الحديثة، ويسعى إلى تطوير الإدارة وكفاءة العاملين وأنظمة الجودة وآليات الإمداد الفاعلة، ويعتمد مؤشرات تحقيق الأهداف أداةً لتقويم مؤسساته، ويخلق آلية للتنافس في أداء الخدمة والعمل الجاد، ويحول دون إهدار الموارد المتاحة له.
بيئة نظيفة تضمن لأبناء هذا المجتمع وطنا خاليا من التلوث وحاضنا لاستحقاقات التنمية المستدامة، عبر أداء علمي مرتكز على التوعية بأهمية المكان وإدارة بيئية كفؤة، واستخدام طاقات بديلة نظيفة ومتجددة، والتخطيط لمستقبل خضري ومائي متجدد ومستديم.

مجتمع يسوده مفهوم للأمن الوطني يضمن حقوق المواطن وأمنه وصون كرامته، ويحكمه دستور يحدد اختصاصات مؤسسات الدولة ويكفل التوازن بين حقوق الإنسان وحرياته وتحقيق الأمن و السلامة والاستقرار الوطني والمجتمعي، وخطاب سياسي وأمني منفتح قادر على التعامل مع مختلف الفضاءات السياسية ويرتكز على ثوابت الهوية والكيان والمصالح الوطنية، ويعزز دور ليبيا بوصفها حلقة وصل في محيطها الإقليمي والعالمي، وقوة فاعلة في حوار الحضارات، ونموذجاً لتعايش الفضاءات السياسية والاقتصادية، ويضمن الحفاظ على استقلالية القضاء ونزاهته، والمساواة أمام القانون وعدالة الإجراءات.

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الاول ....

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الثاني ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الثالث ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الرابع ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الخامس ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء السادس ...

ليبيا 2025 رؤية استشرافية: ثقافة نهوض وتنمية مستدامة (مسودة التقرير النهائي): الجزء الثامن والأخير ...

هناك تعليق واحد:

  1. نتمنى ترسلوا الينا هذه الدراسة ليبيا 2025 علة هذا الايميل
    fadeel19852612@gmail.com

    ردحذف

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا