التسميات

الأحد، 28 سبتمبر 2014

مشكلة العشوائيات والأحياء الفقيرة المنتجة للظواهر الإجرامية المختلفة ...

مشكلة العشوائيات والأحياء الفقيرة المنتجة للظواهر الإجرامية المختلفة


   يقصد بالسكن العشوائى "بأنة ظاهرة نمو الإسكان الشعبي الحر وذلك من منطلق محايد، فقد نشأ بإرادة كاملة للشعب وتنمو طبقا لأنماط محددة ومتكررة ولا تتغير تقريبًا، سواء بالنسبة لتخطيطها الخطى أو عروض شوارعها أو أبعاد قطع الأراضى بها، وقد استعمل التعبير الغير رسمى لكونه بدون ترخيص.

     وتعتبر مشكلة المساكن العشوائية من القضايا الأساسية في مصر وهي مشكلة اقتصادية اجتماعية وعمرانية وتؤثر سلبا على عمران المنطقة وسكانها والمناطق المحيطة بها،وأشارت الدراسة الاسكانية التي أعدها استاذ العمارة والتخطيط العمراني بجامعة الازهر د/محمد سراج ان من اكبر اسباب ظهور ونمو مناطق الاسكان العشوائي في مصر الهجرة من الريف الى المدينة والزيادة السكانية اضافة الى قوانين ونظم التمليك للوحدات السكنية، كما ان هناك الكثير من الاجراءات لم تتخذ فى مواجهة ظهور وانتشار مناطق الاسكان العشوائى اضافة الى عدم وضع المخططات الهيكلية والتفصيلية للمدن الكبرى او احكام الرقابة على تنفيذها كذلك عدم اتخاذ الحكومة اجراءات رادعة نحو نمو ظاهرة السكن العشوائى منذ بدايتها لوقفها، شجعت الاسباب السياسية على انتشار العشوائيات بمصر ويندرج تحتها اهتمام الدولة لسنوات طويلة بتنمية الحضر وإهمال تنمية الريف مما دفع الكثير من ابناء الريف لسوء الاحوال الاقتصادية الى الهجرة الداخلية الى المدن الكبرى للبحث عن فرص عمل.
     اظهرت الدراسة التى أجريت على مناطق الإسكان العشوائى بإقليم القاهرة الكبرى وجود عدد من المشكلات العامة التى تعانى منها هذه المناطق والتى تم تصنيفها الى اجتماعية كتدنى المستوى الحضارى وكثرة حالات الطلاق والزواج بأكثر من واحدة وارتفاع عدد أفراد الاسرة ليصل الى 6 فى المتوسط وتدهور القيم والتقاليد وانعدام الامن والخصوصية وزيادة معدلات الجريمة وتدنى مستوى الوعى الثقافى والتعليمي. - أما بالنسبة للخدمات العامة فان هذه المناطق تعانى من قلة مبانى الخدمات العامة وسوء حالة الموجود منها وعدم كفاءته فى تأدية الوظيفة المطلوبة وعشوائية التوزيع.
     ثم نجد فى التقرير الصادر عن مركز معلومات مجلس الوزراء فى أيار/مايو 2008، أن عدد المناطق العشوائية في مصر العام 2007 قد بلغت1171 منطقة، موزعة على جميع محافظات مصر تقريبا، باستثناء محافظتي أسيوط وجنوب سيناء. وتوضح الدراسة أن التكلفة المطلوبة لتطوير تلك المناطق تبلغ حوالي 3950 مليون جنيه، فى ذلك الوقت. وبعد مرور أربع سنوات، تطالعنا جريدة «المصري اليوم» في 2 كانون الثاني/يناير 2012 بخبر مفاده أن حكومة الدكتور الجنزوري قد اعتمدت 175 مليون جنيه لتطوير 4 مناطق عشوائية فقط. ويعني الخبر ببساطة ان أمامنا عشرات السنين سنمضيها فى سباق بين التوسع المتسارع للعشوائيات والخطوات البطيئة والعاجزة التي تقوم بها الحكومة على استحياء أو استهتار للحد من المشكلة.
    كما بينت منظمة العفو الدولية في تقرير معد من قبل باحثوها إنه يتعين على السلطات والأحزاب السياسية في مصر أن تضع حقوق سكان المناطق العشوائية في مصر، والذين يُقدر عددهم بنحو 12 مليون نسمة، على قمة أولوياتها، إذا كانت ترغب في تحقيق مطالب العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية التي تصدرت الشعارات خلال "ثورة 25 يناير"، ويأتي تقرير المنظمة، الصادر بعنوان "لسنا مهملات: عمليات الإخلاء القسري في المناطق العشوائية في مصر"، قبل فترة وجيزة من أول انتخابات تُجرى في البلاد بعد إسقاط الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وهو يوثق حالات الإخلاء القسري التي أثرت على مئات العائلات في المناطق العشوائية المنتشرة على نطاق واسع في مصر، ويصف التقرير عمليات إخلاء السكان بشكل قسري مما يُسمى "المناطق غير الآمنة"، وهي المناطق التي يُرى أنها تمثل تهديداً لحياة السكان أو صحتهم.
    وصرحت كيت آلن، مديرة منظمة العفو الدولية بالمملكة المتحدة، إنه "ينبغي أن يُمنح سكان المناطق العشوائية في مصر الفرصة لإبداء آرائهم فيما يتعلق بإيجاد حلول لظروف السكن الفظيعة التي يعانون منها، ولكن السلطات لا تحترم حقوقهم الإنسانية"، ثم أضافت "أما عندما يقدم سكان المناطق العشوائية على الاعتراض على عمليات الإخلاء القسري بشكل غير مشروع، فإنهم يجدون أنفسهم عرضةً للقبض عليهم تعسفياً بموجب قوانين قمعية"، وأوضحت أن "وكان من شأن النقص الشديد في المساكن ذات التكلفة المحتملة أن يدفع الفقراء في مصر للعيش في الأحياء الفقيرة والمناطق العشوائية. ويعيش نحو 40 بالمئة من المصريين على حد الفقر، الذي يُقدر بدولارين يومياً، وتم إحصاء عدد لابأس به من الضحايا الذين قُتلوا أو أُصيبوا خلال "ثورة 25 يناير" ينحدرون من خلفية اجتماعية متواضعة".
     ويستند تقرير المنظمة، إلى بحوث أجرتها المنظمة على مدى عامين، وهو يوثِّق تقاعس السلطات عن التشاور مع السكان الذين يعيشون في "المناطق غير الآمنة" بخصوص الخطط الرامية إلى معالجة ظروف السكن غير الملائمة التي يكابدونها. وتشير مصادر رسمية إلى أن حوالي 850 ألف شخص يعيشون في مناطق تعتبرها السلطات "غير آمنة" بينما توجد نحو 18300 وحدة سكنية في مصر مهددة بالانهيار الداهم، وكانت السلطات المصرية قد حددت 404 من "المناطق غير الآمنة" في مختلف أنحاء البلاد، وذلك في أعقاب حادثة الانهيار الصخري المميت التي وقعت في حي منشأة ناصر الفقير بالقاهرة في عام 2008. وقد نُقل آلاف الأهالي الذين كانوا عرضةً لمزيد من الانهيارات الصخرية في منشأة ناصر إلى مساكن بديلة، ولكن معظمهم نُقلوا بعيداُ عن مصادر أرزاقهم، ولم يحصلوا عموماً على الوثائق اللازمة الخاصة بمساكنهم الجديدة.
     وبتحليل عناصر المشكلة سيتضح لنا جليًا أن الشخص الذي نشأ تنشئة عشوائية سيصبح خارجًا عن القانون، وقطعًا لن يتحول إلى شخص يحترم القانون بمجرد نقله من مكان لآخر، بل سيحول هذا المكان إلى بيئة عشوائية أيضاً، فالذي نشأ على شئ لايمكن تغييره، والمشكلة لن يتم حلها بل ستزداد تعقيداً لأنه سوف يحول مناطق سكنية إلى بيئة عشوائية، فالمشكلة ستزال قائمة مع فارق وجود مساكن آدمية،سيظل يخرج من هذه البيئة أشخاص جهلاء لا يملكون عقل أو وعي أو فكر أو أخلاق، يمارسون كل أعمال العنف والبلطجة والخروج عن القانون وانتهاك حرية الآخري.
     وربما تلتقي بقاطن العشوائيات فى الميادين العامة والطرق المزدحمة أو على أطراف المدن بين العشوائيات وغالبا ما يقضى نهاره يعمل إما سائقا لعربات الأجرة أو تباعا لها أو بائعاً جائلاً أو صبى لأحد الأسطوات بأى حرفة، إنه «السرسجى» الذى أصبح ظاهرة مجتمعية بشعره ذى المظهر المبلل والمثبت وملابسه ذات الألوان غير المتناسقة وكلماته التى تخلط بين مصطلحات المثقفين وألفاظ الحارات فى مظهر عام متخبط يحاول به بلوغ مظهر شباب الجامعات والتنصل من بيئته الفقيرة، حتى أصبح «شاب العشوائيات» بطلا درامياً يشغل الأعمال السينمائية والتليفزيونية ليفرض ثقافته على المجتمع مما يشكل ظاهرة خطيرة على الشباب المصرى قد تؤدى إلى تنامى العنف والإجرام «أكتوبر» تناقش هذه الظاهرة الخطيرة. المؤلف المسرحى الكبير فيصل ندا يقول:من الخطأ أن نطلق على أصحاب هذه الأفلام بأنهم أبطال فأنا أستنكر هذا بشدة، فالبطل الشعبى فى السينما منذ أيام «حسين صدقى» ومرورا بكل الفنانين وصولا إلى «فريد شوقى»، الذى لقب بـ «ملك الترسو».. هو البطل الذى يشعر بآلام المواطن البسيط ويستشعر آلام الفقراء، ليس مثل الصورة المتجسدة فى « روبين هود» ولكن بشكل أبسط كأن يعبر عن الأخلاق ويحافظ عليها ويكون صاحب مثل ويحمى الضعيف.
     وصورت المخرجة منى عراقي قاهرة اخرى مغايرة للمألوفة، ليلتقوا بـ(فطوطة) و(وحيد برشامة) و (عماد)، حيث يعمل احدهم موزع حشيش وبانجو، والثاني حبوب مخدرة، والثالث اقرب الى «ممارس عام للجريمة»، تلتقيه المخرجة في جلسات خاطفة ما بين رحلاته المكوكية من وإلى السجون والمعتقلات، بسبب جنح وجنايات قتل وسرقة وادمان وما شابه، ويبرز الفيلم «حزام العشوائيات» المحيط بالقاهرة، الذي يتضمن 54 منطقة عشوائية خطرة، تضم 15 مليون شخص، كظرف هو المجرم الحقيقي في صناعة البلطجة، ويبدو طبيعياً ومنطقياً ومبرراً في عالم من هذا النوع أن نرى بنت البلد الجدعة والبسيطة التي لا تتردد في الزواج من المدمن ومحترف الاجرام (وحيد برشامة) ليحميها من عالم القهر والرزالات والاغتصاب المحيط بها، وأن ترى فيه فارس احلامها فتودعه كبطل استشهادي اثناء خروجه لسرقة موتوسيكل، أو نرى أم وحيد تتقبل بصدر رحب تصريح ابنها الصادم باستعداده لقتل أي انسان على وجه الأرض نظير 50 الف جنيه فقط، وتعترض فقط على المبلغ حيث تطالب بـ100 ألف أو حتى نرى محترفة الخناقات بالأجر، او المجرمة بالقطعة، (وداد) تعلن عدم ممانعتها للقيام بأي جريمة (عدا الدعارة التي هي وحدها العيب) بما في ذلك تشويه نساء او رجال «بمية النار» أو «حمض الكبرتيك»، وتبرر تصرفاتها بأنها «قد يكون في ذلك نصرة لمظلوم او حكمة إلهية لا تعرفها».
     يكشف «مصنع البلطجة» عن قراءة اخرى للعالم ذاته الذي يعيشه عموم المصريين، لكنه هناك وبعيدا في دهاليز احزمتهم العشوائية في اطراف امبابة او شبرا الخيمة او عزبة الهجانة. فأحداث 25 يناير التي يعتز عموم المصريين بمشاركاتهم هنا او هناك في يومياتها وتظاهراتها السلمية موجودة في الفيلم، لكن الافتخار هنا عند (وحيد برشامة) او الندم على عدم المشاركة من قبل (عماد)، متعلق بأحداث السرقة والسلب والنهب التي صاحبت الثورة وليس الثورة ذاتها، كما ان السقوط العظيم (والفرحة الكبرى) ليست بسبب سقوط نظام مبارك، وإنما لسقوط سجن الفيوم وكسر ابواب عنبر الجنائيين فيه، وهروب المساجين إلى الشارع، في لقطات حقيقية اسطورية التقطت بموبايل على يد سجين، وخرج فيها بطل الفيلم عماد الهارب حتى اليوم من حكم بست سنوات، وروت عراقي أن «اندماجها في عالم (مصنع البلطجة) كاد يكلفها حياتها، حيث ارتد احد ابطال الفيلم (عماد) الى اصله الاجرامي، وهددها بسكين للاستيلاء على شنطتها، فأفلتت منه، وأبلغت السلطات عنه».
      كما يؤكد اللواء عزت الشيشيني مستشار المركز الديموجرافي أن ظاهرة العنف في المجتمع المصري تعود إلي العديد من الظواهر السائدة في المجتمع مثل البطالة وانتشار العشوائيات وأطفال الشوارع والفقر, كما أن فئة الشباب هي أكثر فئات المجتمع ارتكابا لجرائم العنف لما تتميز به هذه الفئة من قوة ورعونة بحكم التركيب الجسماني والنفسي لها وطبقا للإحصائيات الواردة في تقارير الأمن العام فالشباب في الأعمار18 إلي 30 سنة قد ارتكبت 50 % من جرائم القتل, و57% من جرائم الضرب المفضي للموت, و80% من جنايات الاغتصاب، 80% من جنايات هتك العرض, كما أن البطالة لها نصيب وافر في جرائم العنف, فقد ارتكب المتعطلون عن العمل 18 % من إجمالي الجنايات و30% من جنايات السرقة بالإكراه, كما أن الأمية سببا من أسباب العنف في المجتمع فقد ارتكب الأميون80% من أجمالي جرائم العنف و83% من جنايات القتل العمد وحدها و93% من جنايات الاغتصاب وحدها. ويري الشيشيني أن الالتقاء بالشباب والاستماع لمطالبهم خاصة السياسية يمكن أن يؤدي إلي إزالة حالة الاحتقان بينهم.
    شهدت بعض المناطق العشوائية بالقاهرة احداث شغب متلاحقة خلال الايام القليلة الماضية بسبب اعمال البلطجة التي ارتكبها سكان تلك العشوائيات! ففي عرب الحصن بالمطرية نشبت المشاجرة بين.. فتوات البلطجة من عائلتين وأسفرت عن خسائر فادحة بالممتلكات فضلا عن اثارة الرعب بين عدد كبير من المواطنين الآمنين. ولم نكد نطوي ملف هذا النزاع حتي اندلعت في الثالثة من فجر الاحد الماضي معركة ساخنة بين بلطجية الحوض المرصود في السيدة زينب اطلقت خلالها اعيرة نارية وامتدت اعمال الفتونة لتدمر 13  سيارة ملاكي وتحطم 8  محال تجارية ومازال الجناة هاربين!
    ويجب ألا ننظر الي هذه الحوادث وغيرها علي انها اعمال شغب طارئة مثلها مثل غيرها من الحوادث المتفرقة التي تطالعنا بها الصحف ولكنها في حقيقة الأمر تتجاوز الأبعاد الامنية وتجسد الحالة الاجتماعية التي يعيشها ساكنو العشوائيات حتي وأن اغلقت الشرطة او النيابة ملفات التحقيق. وفتحت جريدة الأهرام ملف تحقيقات العشوائيات في القاهرة والتي بلغ عددها 81  منطقة عشوائية من بينها 13 منطقة مطلوب إزالتها. وباعتراف التقارير الرسمية فإن تلك المناطق مازالت محرومة من الخدمات الرئيسية الامر الذي يساعد علي انتشار الامراض ويعمل علي نمو سلوكيات الانحراف بعد ان سجلت معدلات المواليد بهذه المناطق مولودا كل 27 ثانية كمشروع.. لبلطجي كبير.. مادام سينشأ في هذه الاماكن في ظل بطالة وحرمان وأمية وسكن غير أدمي وجميعها يساعد علي ترسيخ سلوك البلطجة بعد ان اصبحت عنوانا للعشوائيات.
    ويقول عبد الله حسين بالمعاش أحد سكان العشوائيات من سكان منطقة ابو حشيش بغمرة ان المنطقة مليئة بالمشاكل بدءا من الصرف الصحي إلي انقطاع مياه الشرب وانتشار القمامة, في حين ان نسبة عالية من المواطنين بلا عمل ولا تتوافر لديهم الحياة الانسانية مع انتشار تلال القمامة بالشوارع ولا يتم تنظيفها إلا من خلال جهود بعض الاهالي بمناطق معينة, وأن الناس حالتهم تعبانة وأصبح مرتب المعاش لا يكفي تربية أولادي الستة بسبب ارتفاع التكاليف والمعيشة والأسعار وهذا ماجعل من الصعوبة تعليم اولادي فأخرجتهم من المدارس ليعملوا صنايعية باليومية المؤقتة يوم عمل وأيام بلا عمل وأصبحوا عالة علي اسرتي التي نعيش تحت السلم وتقدمت بطلبات للتأمينات والمعاشات بالعتبة للنظر في حالتنا السيئة بلا فائدة.. فأنا الآن وأولادي نجلس علي الرصيف مثل معظم السكان ننتظر فرج الله, فلا احد يسأل فينا ولا نري مسئولا واحدا يسأل عنا ولا نتلقي أية رعاية او حماية والنتيجة أن الاولاد بلا مستقبل ولاتعليم ولاعمل..
   وأضاف سيد عبد اللاه محمود عامل صفيح 24  سنة بالمنطقة اننا نعيش وإخوتي في منزل صغير من9  حجرات, له دورة مياه واحدة ويعيش بكل حجرة أسرة كاملة, وطبعا الحياة صعبة في استخدام دورة المياه الواحدة, إضافة لذلك فإن الاسرة الواحدة توزع أفرادها الاولاد الصغار تحت السرير وبجانبه, والباقي فوقه في حياة لا تطاق, مما جعل الناس يتركون التعليم لاحتياجهم الشديد لاي دخل, والاطفال مظـلومون في الحياة والمعاملة, ويكفي أن تري مئات الافراد في طابور الفرن الوحيد للحصول علي العيش في منطقة بها نحو 20 ألف فرد أو أكثر وأضاف انا اعمل يوما واجلس اياما بلا عمل حسب تساهيل ربنا, وهذه الظروف خلقت مشاكل عند الشباب. والطبيعي مع هذا الفراغ والضياع أن تكون هناك نتائج سيئة لهذه الطاقات المعطلة..
     وفي تعليق للدكتور سيد الحسيني أستاذ البحوث الاجتماعية والجنائية أكد أنه مع ضخامة الاسكان بتلك المناطق وتكدس الطبقات الفقيرة فيها أصبح سكن المقابر شيئا طبيعيا, حيث يبلغ عدد سكانها نحو نصف مليون مواطن أي 100  ألف أسرة بمعدل أن كل عشرين من سكان القاهرة يعيش بالمقابر، وأفاد بإنه إن هناك مصادر أخري للسكن العشوائي تتمثل في أن نحو 3 آلاف وحدة سكنية تنهار سنويا من المساكن القديمة بأحياء السيدة زينب والخليفة والجمالية وبولاق وانشاء مساكن مؤقتة علي شكل عشش وأكشاك وأكواخ أسفل جبل المقطم حتي أن التقارير الرسمية أكدت أن نحو 300 ألف منزل بالقاهرة لا تتوافر فيها المواصفات الفنية, وبالتالي فهي معرضة للانهيار في أي وقت, اضافة لذلك ارتفاع الأسعار وانخفاض الدخل, وزيادة شريحة الفقراء والذين قدرت الاحصاءات الرسمية نسبتهم بنحو 40% من السكان في مقابل عجز القطاعين الزراعي والصناعي عن استيعاب تلك الطبقة من الشعب..
    وحول سمات سكان المناطق الشعوائية قال الدكتور هشام مخلوف مدير المركز الديموجرافي السابق, إن تلك المناطق تتسم بارتفاع الكثافة السكانية ومعدل التزاحم, حتي ان بعضها يصل الي128,5 ألف نسمة في الكيلو المربع الواحد أي ما يزيد علي5 أضعاف معدل الكثافة بالقاهرة وهي 28 ألف نسمة, كما يرتفع معدل النمو السكاني في بعض المناطق العشوائية بالقاهرة لنحو 34 % مثل قسم السلام و9,1 في البساتين والذي يضم12  منطقة عشوائية و8,9 في منشأة ناصر بينما تتراوح مساحة الوحدات السكنية ما بين 26.3 مترا مربعا, وقد تصل أحيانا ال  إلى 42  مترا..
     ويشير الدكتور محمود الكردي استاذ البحوث الاجتماعية والجنائية الي ان عمليات المسح بالمناطق العشوائية كشفت عن أن أربعة اخماس الوحدات السكنية بالمناطق العشوائية رديئة التهوية, ورديئة الإضاءة وأن نحو 58 % من سكانها يتنافسون علي دورات مياه مشتركة أو ليس لديهم دورات مياه ولا تتوافر مصادر مياه نقية بأي شكل, كما أن الصرف الصحي منعدم أو شبه منعدم مما يمثل خطورة علي الصحة العامة وتعتمد مناطق كثيرة علي الخزانات الأرضية أو البيارات, أو التصرف في المخلفات بطريقة غير أدمية كما يحصلون علي المياه النقية من حنفيات عمومية أو بعض المنازل المجاورة أو استخدام الحمامات العمومية المشتركة التي تحولت الي أوكار للفساد وممارسة الانحرافات وانتشار الأمراض والميكروبات..
     أما الدكتور عبدالمطلب الغريطي استاذ الصحة النفسية وعميد تربية حلوان فيؤكد أن هناك انماطا تتسم بها المناطق العشوائية في العلاقات الاجتماعية والسلوكيات المرتبطة بها نتيجة طريقة المعيشة, في العشة وتلاحمها مع اخري وما ينتج عنها من مؤشرات نفسية واجتماعية وانعدام الخصوصية وانهيار الحياء في العلاقات الخاصة ومناقشات الأمور الخاصة امام الجميع من أبناء وجيران وينتج عنها ارتفاع نسبة المشاكل بين الازواج والأبناء وسيطرة طابع العنف والقسوة داخل الأسرة أو مع أسر أخري فضلا عن الشعور بالإحباط والعدوانية ونمو الشخصيات غير السوية وانتشار الأمية بين الجنسين والتسرب من التعليم وتؤدي البطالة المرتفعة, وضعف مستوي الدخل الي مستوي معيشي منخفض للغاية وتعتمد نسبة من الأسر علي مساعدات أهل الخير أو الاقتراض أو معاشات التأمينات الاجتماعية والسادات وهذا كله مهد البيئة والعشوائية لسكني بعض المتطرفين والمجرمين والخارجين علي القانون لوجود فراغ لدي الشباب فينشرون بالشوارع والمقاهي بلا هدف مما يسهل اجتذابهم للانحرافات بكل انواعها..
    وبالنسبة لأطفال العشوائيات فإنهم يعيشون حياة قاسية نتيجة للمعيشة في ظروف متخلفة وبيئة متدهورة تفتقر للإمكانات ووسط صراعات أسرية وتفكك وعدم استقرار مما يفقد الطفل احتياجاته من الرعاية والحنان والحماية ويعاني كل أشكال البؤس والحرمان ويصاب بأمراض نفسية والإحساس بالإهمال الذي يؤدي لفقد الولاء والانتماء للأسرة والمجتمع حيث تنشر في الأسرة أساليب الضرب والسباب والألفاظ القاسية والجارحة والتي يتبادلها الأبناء ويقضون معظم أوقاتهم بالشارع فيتعرضون للانحرافات ومنها تعاطي المخدرات والسرقات وتهديد الأمن لغيرهم من المواطنين بعد ذلك.، أما بالنسبة للمرأة بالعشوائيات فهي أشد معاناة من الرجل بسبب الفقر الشديد لأنها أقل حظا في التعليم والتأهيل والتدريب, ولعملها في مجالات غير حيوية أو رسمية سواء بالمنشآت الصغيرة أو داخل المنازل أو الارصفة أو البيع بالشوارع..
     وتتحدث الكاتبة منى نور الدين عن التجربة التايلاندية التى عايشتها وتتمنى تطبيقها فى مصر بعد الثورة فتقول : زرت تايلاند من حوالى 5 سنوات، واندهشت بتجربتهم، فهم يعانون مثلنا من مشكلة التكدس السكانى ولكنهم استطاعوا أن يحلوا هذه المشكلة بتوفير سبل جديدة وتقديم حلول لإيجاد فرص عمل، وأتمنى أن نطبق هذه التجربة فى حل مشكلة العشوائيات المصرية.
    وتحكى عما رأته هناك فتقول : فى تايلاند لا يوجد منزل لا يوجد به أحد لا يعمل، الكل يعمل وينتج حتى الأمهات ربات البيوت اللاتى تحتم عليهن الظروف عدم ترك منازلهن، يقمن بالأعمال اليدوية البسيطة التى تباع فى الأسواق للسائحين وتدر عليهم مبالغ مالية تسـاعدهم على المعيشة، أما بالنسبة للعمالة الموجودة بالمصانع فيقومون بتدريبهم عليه، وتقسيم العمل فيما بينهم، حتى تنهى كل مجموعة الجزء المطلوب وتخرج السلعة أو المنتج بصورة جيدة، أما بالنسبة للمزارعين فيدربونهم على كيفية الزراعة وتوفر لهم الدولة كل الامكانيات المساعدة من بذور ومبيدات وعندما يتم الحصاد تشترى الدولة منهم محصولهم بالاتفاق معهم.
     أما عن سبل الحكومة لحل تلك المشكلة،  فنسبيًا وبأسلوب متباطئ قد اتخذت الحكومة دورها تجاه هذه المناطق فى عدة اتجاهات فمن ناحية تزيل هذه المناطق العشوائية، ومن ناحية أخرى تحاول بناء مناطق سكنية جديدة بحيث لا يصبح قاطنى العشوائيات هم قاطنى الشوارع، ولذلك عند هدم تلك العشوائيات يجب وضع البديل للأهالى
 بحيث لا يصبح فقط هدم دون بناء، و من ناحية أخرى انشئت الحكومة صندوق تطوير المناطق العشوائية حيث تم تكليفه قريبًا من قبل مجلس الوزراء بتطوير و تنظيم الأسواق العشوائية حتى تتجنب مصر الوقوع فى أزمات اقتصادية و اجتماعية سيكون من الصعب جداً العامل معها إذا اهتممنا بها بعد فوات الأوان، فهل استيقظنا لتلك المشكلة العضال التي نراها تتفاقم يومًا بعد يوم؟
محمد علي - 2 أكتوبر، 2013 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا