التسميات

الأحد، 19 أكتوبر 2014

الخريف والسحابة السوداء بعد‏ 25‏ يناير ...

الخريف والسحابة السوداء بعد‏ 25‏ يناير

جريدة الأهرام - الصفحة الأولى - قضايا و آراء - الخميس 24 من شوال 1432 هـ - 22 سبتمبر2011 - السنة 136- العدد 45580 : بقلم د. حمدي هاشم :  

   يشهد موسم الخريف في مصر انتشار نوبات تلوث الهواء الحادة فوق القاهرة ومناطق متفرقة من الدلتا‏,‏ وذلك منذ ظهرت السحابة السوداء‏(‏ خلال شهري سبتمبر وأكتوبر من عام‏1999)‏ نتيجة ضعف جهاز المناعة في البيئة لمجابهة التلوث الجوي وتعثر عملية التنقية الذاتية أمام ذلك الحجم الضخم من الملوثات الذي يزيد على طاقتها الاستيعابية.

   ولاشك أن حالة البيئة ستتأثر كثيرا مع تراكم الكميات الهائلة من القمامة والمخلفات الصلبة في الشوارع والمقالب العامة المفتوحة بالطرق السريعة, واستمرار اعتقاد الفلاحين في سهولة حرق قش الأرز لإخلاء الأرض وتحضيرها لدورة المحاصيل الشتوية, نتيجة تعثر الأجهزة الحكومية المعنية بالموضوع وتفشي ظاهرة الانفلات الأمني بعد ثورة 25 يناير من العام الحالي.

   تشهد حالة الجو فوق مدن مصر الكبرى, بوجه عام, على نوعية وكمية الملوثات المنبعثة من مختلف الأنشطة الاقتصادية والحرق المكشوف لمخلفات القمامة والمتبقيات الزراعية ومنها قش الأرز, وتتدخل طبيعة التضاريس والفصل المناخي فتزيد من تفاقم الظاهرة أو تنقل وتشتت الملوثات حسب قوة وشدة الرياح السطحية. ويعاني سكان مدينة القاهرة( منذ عام 1999) من النوبات الموسمية الحادة لتلوث الهواء بدخان وغازات مصحوبة بروائح نفاذة, من أكاسيد الكربون والكبريت والنتروجين, مع زيادة تركز الجسيمات الصدرية بالأتربة العالقة بالهواء, والتي اشتهرت بالسحابة السوداء.
   تختلف هذه السحابة في شدتها من عام إلى آخر, وتكمن خطورتها في أنها تحدث أثناء ساعات الليل والنهار الباكر. ومن متلازمة تلوث الهواء خلال فصل الخريف, والتي قد تحدث في الشتاء بصورة أقل حدة, انتشار أمراض التلوث الجوي ومنها إصابات الجهاز التنفسي والعيون والجلد, وتكثر حالات الصدر والقلب بأقسام الطوارئ بالمستشفيات, ناهيك عن زيادة احتمالية إصابات الرئة بالأورام الخبيثة. ومن ناحية أخري, تدهور الرؤية وانعدامها بالطرق السريعة المتأثرة بضباب التلوث وما ينتج عنها من ارتفاع نسبة الحوادث المرورية. ولا يفلت النبات والحيوان بل المباني من التأثر بالتلوث الجوي, حسب شدة ومدة الركود بالطبقة الملامسة لسطح الأرض.
    تشكلت السحابة السوداء, نتيجة ذلك التغير الوظيفي في استخدام الأرض حول القاهرة ودخول الكهرباء الريف واستبدال الطوب اللبن بالطوب الأحمر وعزوف الفلاح عن استخدام المخلفات الزراعية الجافة كوقود منزلي, وذلك لدخول البوتاجاز الأكثر كفاءة ونظافة وتكلفة, مما ساعد على تزايد حجم هذه المخلفات النافعة بصورة لا يصلح معها إلا الحرق المكشوف علاوة على زيادة نمو المدن على حساب الريف وتوطن محطات توليد الكهرباء والانتشار العشوائي للصناعة ومكامير الفحم والفواخير والمسابك والمحاجر والكسارات والصناعات المتربة, بما في ذلك مقالب المخلفات الصلبة, ونواتج احتراق الوقود أو حرق القمامة العشوائي وبقاياها من البلاستيك المدمر لصحة الإنسان وجودة الهواء. ناهيك عن التزايد المروع لعوادم المركبات, وانتشار استخدام وسيلة التوك توك لنقل الركاب والتي تضخ في الهواء آلاف الأطنان من الملوثات سنويا.
   الحل في منع جميع المشروعات الجديدة بالقاهرة, وضبط العلاقة بين حجم السيارات ومساحة الشوارع, وإعادة التنظيم المكاني ونقل الصناعات الملوثة للبيئة. وكذلك الاستفادة الاقتصادية من المخلفات الصلبة البلدية والزراعية. ويلزم الأمر التكامل بين وزارة الزراعة وهيئة الأرصاد الجوية لتنظيم عملية حرق مخلفات الحقول لتخفيف حدة التلوث الجوي. وكذلك تفعيل قانون الفحص الدوري للمركبات وحل مشكلة سيولة المرور وإعادة النظر في مواد اللائحة التنفيذية لقانون البيئة. هذا ومن الحلول غير التقليدية, تطبيقات النانو تكنولوجي للتحكم في التلوث وفتح المجال أمام إتاحة الفرصة لحلول الهواء النقي, فيصفو الجو من السحابة السوداء.
   ويقتضي الأمر إستراتيجية قومية لإعادة التدوير, تعتمد على : ترسيخ ثقافة الاستفادة من تلك المواد الحيوية المهمة وربطها بدراسات الجدوى الاقتصادية, تقوية دور أجهزة المحليات بالمحافظات الريفية في إدارة هذه الثروة الوطنية وتأسيس بنك قومي للمعلومات ودعم اتخاذ القرار بشأنها بمختلف المناطق الجغرافية لإنجاح برامج التخلص المستمر والتخطيط المستقبلي للاستفادة منها, تمهيدا لإنشاء بورصة المتبقيات الزراعية كحلقة وصل بين منتجات إعادة التدوير واحتياجات مختلف الصناعات المرتبطة بها في السوقين المحلية والدولية. وقد يتطلب الأمر تخريج فنيين من المدارس الثانوية الزراعية في مجال إعادة التدوير والصناعات القائمة عليها, أو أن يتم إنشاء مؤسسة تعليمية تدعم هذا الشأن, ومثلها للقيام بعملية التدريب المستمر لضمان توفير فرص عمل للشباب المتعطل وتنمية موارد الدولة, ومداومة الارتقاء بجودة الحياة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا