التسميات

الأحد، 19 أكتوبر 2014

الكتلة الحرجة في التخطيط القومي ...

الكتلة الحرجة في التخطيط القومي

 بقلم د. حمدي هاشم - خبير جغرافيا بيئية :
  تقف إشكالية تقسيم الأقاليم الاقتصادية المتوازنة بمصر وخروج تقسيم المحافظات الحالي عن تسهيل مهمة الإدارة المحلية وتعجيل التنمية البشرية المستديمة، وراء تعطيل أهداف التخطيط القومي في المستوى المحلي الذي يعاني من تشوهات بيئية ومشكلات اجتماعية واقتصادية وسياسية. تلك الحدود الإدارية التي ما زالت تعكس، منذ الحملة الفرنسية على مصر، دواعي الأمن وحفظ النظام وتحصيل الضرائب، بالإضافة إلى حصر وتوزيع السكان والمنشآت والخدمات. وقد تختفي بذلك الميزات النسبية المكانية، التي قد تتناقص أو تتدهور أو تتعارض فيما بينها، حسب طبيعة التدخل البشري وموقف الحكومة من التنمية المتكاملة في الحضر والريف على حد سواء.

   وإن كانت تنمية الأقاليم مركزية على المستوى القومي فإنها تعاني في مستواها المحلي من تهميش وتراكمات وسلبيات لا تساعد على تنفيذ الأهداف القومية للمخططات الإستراتيجية، بل قد يجهض القصور في التخطيط المحلي ميلاد التنمية البشرية المنتظرة. وهكذا تظل الأقاليم أسيرة حدود جغرافية متوارثة غير قادرة على إثراء مختلف عمليات الإصلاح والتي لا تحقق مع ضعف الإدارة المحلية أهداف الخطط الإقليمية والقدرة على الاندماج في الخطة القومية. أي أن التنمية المحلية هي الكتلة الحرجة في التخطيط القومي الأمر الذي كان وراء ذلك الانفلات العمراني غير المخطط وسقوط الاحترام للحيز العمراني في المدينة أو القرية، ذلك الحيز العمراني الذي في المدينة أو القرية، ذلك الحيز العمراني الذي يلهث وراء متطلبات النمو السكاني وغالباً ما تنتهي صلاحيته قبل انقضاء زمنه الافتراضي، مما يفضي إلى مزيد من العشوائية في العمران واتساع الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين السكان.
   يتركز حسب الصورة العامة للسكان (2010) نحو ثلثي سكان الحضر داخل ثلاث عشرة محافظة تزيد فيها نسبة الحضرية عن 40 % من جملة سكانها، وتشمل أقاليم القاهرة الكبرى والإسكندرية ومدن القناة وأسوان ومحافظات سيناء ومطروح والوادي الجديد الصحراوية.
   بينما تستقطب مثيلتها الأقل حضرية ثلث سكان الحضر وتشمل معظم محافظات الدلتا والوادي عدا أسوان. وإن كانت قد تضخمت الفئة الأولى بما تشغله من المساحة الإجمالية ومساحة السكن وأثرت بذلك في وضع الفئة الثانية التي جاءت هزيلة المساحة بسبب خلوها من أراضي الظهير الصحراوي، حيث جذبت الفئة الأكثر حضرية كل المحافظات الصحراوية بينما استأثرت الفئة الأقل حضرية بأغلب المحافظات الزراعية. ولا يبتعد عن ذلك مركب السكان الاقتصادي ومتوسط نصيب الفرد من الناتج الإجمالي القومي وكذلك مؤشر التنمية البشرية، حيث بلغ عدد الفقراء بين سكان مصر حوالي 14 مليون نسمة يتركزون بنسبة 79% بالمحافظات الأقل حضرية والتي تستقطب كذلك 83% من الفقراء المدقعون الذين يصل عددهم إلى نحو 4 ملايين نسمة، وذلك حسب البيانات الرسمية.
   أما عناصر الحرمان البشري فقد تركزت بين سكان المحافظات الأقل حضرية على النحو التالي: 92%، 89%، 78.5%، 63%، يعيشون بمناطق تفتقر إلى مياه الشرب النقية وغير مخدومة بالصرف الصحي ومن الأميون والمتعطلون عن العمل، على التوالي من جملة سكان مصر،والفرق البائن بينهما يؤكد أن الأكثر حظاً فيما ذكر سكان المحافظات الأكثر حضرية.  وإن كانت فلسفة التعديل الإداري الأخير، قبل إعادة حكومة شرف الوضع إلى نصابه، بإضافة محافظتان جديدتان داخل إقليم القاهرة بهدف تخفيف الضغط العمراني على مدينتي القاهرة والجيزة القديمتين مع تركيز التنمية العمرانية خارج كتلتيهما في مناطق صحيحة وقادرة على استيعاب الزيادة السكانية المتوقعة لإعادة توزيع السكان، وكذلك الارتقاء بالمناطق المتدهورة والفقيرة المنتشرة بالأطراف، إلا أن ذلك التفتيت الإداري لم يراعي توصية اللجنة القومية لبحث مشاكل العاصمة (1992) بضرورة الدمج بين المستويين التخطيطي والتنفيذي باعتبار القاهرة الكبرى تمثل وحدة عمرانية حضرية واحدة يجب وضعها تحت جهاز إداري واحد، ليتسنى تنفيذ الرؤية الشاملة للتخطيط الإقليمي. وبذلك لم يحقق التقسيم الإداري المقومات الاقتصادية والاجتماعية والقدرة على المنافسة في ظل تلك التطورات السياسية والاقتصادية المتتالية التي يمر بها المجتمع المصري.
    مما ينقلنا للتفكير في تقسيم جديد للمحافظات والأقاليم بدلالة القدرة على حسن إدارة كل من الموارد الطبيعية والخدمات لصالح التكامل بين إدارة الثروة القومية ورفع مستوى دخل السكان. وذلك في ظل تقوية دور المؤسسات القائمة باتجاه تعظيم قدرتها على إدارة التغير المطلوبة لعملية التنمية المستديمة والتخلي عن دعم القدرات المؤدية إلى حالة التأقلم أو البقاء وذلك بتبني سياسات إصلاح بنية الإدارة المحلية لتصبح ذات أساليب خلاقة وملائمة للتنمية المستديمة وتؤدي إلى توسعة قاعدة التعليم الاجتماعي لتطوير قدرة المواطن على حل مشكلاته واختيار أنسب الوسائل لتحقيق أهدافه.

عرب نت 5   -  البيئة والتنمية - مقالات في البيئة والتنمية - 09 ‏مايو, ‏2011 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا