حلوان بين الطرد.. والجذب السياحي
جريدة الأهرام - قضايا و آراء -الثلاثاء - 29 من صفر 1430 هـ - 24 - فبراير 2009 - السنة 133 - العدد 44640 :
بقلم د. حمدي هاشم – خبير
جغرافيا بيئية :
أنشئت مدينة حلوان الحمامات في سنة 1971 م
كمشتى ومنتجع صحي عالمي, وكانت الميزات النسبية لذلك الموقع الجغرافي أحد
الأهداف الرئيسية وراء تحويل المنطقة برمتها إلى محافظة جديدة منذ أبريل 2008 لإحياء
عناصر الجذب السياحي للمنطقة من جديد, وبذلك تكون محافظة حلوان قد شبت عن الطوق
وكسرت القيد لتستقل بذاتها عن سيطرة واستغلال العاصمة, ولكنها بوضعها الإداري
الجديد لم تنفك عن نوعية وجودة الاستخدامات الاقتصادية للأرض ارتباطا بالمخطط
الاستراتيجي العام للقاهرة لسنة 2050.
وكان مناخ حلوان في الماضي وراء اقتناء الأمراء
والوجهاء القصور والاستراحات والفيلات للإقامة الشتوية المثالية, بينما كان
يتوافد على المنطقة جموع غفيرة من شتى أنحاء العالم, هرباً من تلك الظروف القاسية
والمتقلبة لموسم الشتاء في بلادهم, لطلب الراحة والترفيه وسط تلك البيئة
الصحراوية المتفردة بصحة مناخها.
والشاهد أن العوامل الجغرافية قد تلاقت في موقع
حلوان فجسدت بتكاملها البيئي مزايا نسبية لشخصية المكان, والتي كانت وراء ذلك
الجذب السياحي. ومن المراجعة البيئية الشاملة للمكان في مختلف مراحل التطور
العمراني, تكون منطقة حلوان بصورها العشوائية المفرطة التي آلت إليها وتحولها من
الوظيفة الترويحية ذات القيمة المضافة العالية إلى منطقة الجذب الرئيسية للصناعات
الثقيلة الملوثة للبيئة, من الحالات العملية التي ستظل شاهدة على تضارب ثوابت
التخطيط مع السياسة الحكومية في مصر, فقد طلبت الحكومة في عام 1961 من قسم
نوعية وجودة الهواء بالمركز القومي للبحوث دراسة مستويات التلوث الجوي لتحديد أنسب
المواقع صلاحية للسكن, واختزلت تلك الدراسة في خريطة ذات ثلاثة ألوان: الأحمر
مناطق غير مسموح البناء فيها, والأزرق مناطق انتقالية للاستخدامات غير السكنية,
أما المناطق باللون الأخضر فتحقق أفضلية للسكن, إلا أن القرار الحكومي لم ينتظر
نتائج الدراسة فجاء توجيه السكن بالنسبة للرياح السائدة بمواقع تتلقف الملوثات
الجوية من المصانع المنتشرة حولها, وهكذا تعددت الجوانب والمشاكل للأزمة البيئية
بحلوان, التي تحتاج إلي معالجة شاملة ومتكاملة الأبعاد. وفيما يلي بعض الحلول
التي تجمع بين إستراتيجية التركيز المكاني للصناعة بمنطقة التبين والتوسع التدريجي
في عوامل الجذب السياحية لاسترجاع ذاكرة المنتجع الصحي العالمي بحلوان, ومنها
تحفيز إقامة الصناعات التقليدية والبيئية لدعم احتياجات الوظيفة السياحية بحلوان
بعد أن ترسخت الفكرة لدى متخذي القرار من خلال مقارنة النتائج بين اقتصاديات كل من
الصناعة والسياحة في التوطن المكاني بحساب التكلفة والعائد.
*
تطوير منطقة شق الثعبان الصناعية باعتبار قربها وتأثيرها على محمية وادي دجلة,
مع تعظيم دور المحميات الطبيعية في التنمية السياحية.
*
تهجير صناعة الاسمنت ولاسيما مصنع طره إلى موقع جديد لظروف توطنه في المدخل
الشمالي لمدينة حلوان وتأثيره علي منطقة وادي حوف الإستراتيجية, وكذلك مصنع كفر
العلو لتأثيره على بيئة الطيران بمطار حلوان, وحتى يتم التهجير الاستعانة
بالمرشحات لتقليل التلوث الجوي.
*
تخصيص منطقة التبين جنوبي مدينة حلوان دون غيرها كمنطقة صناعية رئيسية مغلقة
ومراقبة بيئيا, وذلك عازل بيئي بينها وبين محيطها السكني, بغابة من أشجار
الكازورينا التي تعمل كمصدات ومصائد في آن واحد, لتخفيف حمل الرياح من التلوث.
وكذلك نقل وحدة التلبيد من التبين إلى مناطق إنتاج خام الحديد بالواحات البحرية,
للتخلص من أضرارها البيئية بموقعها الحالي, فقطار السكة الحديد الذي يحمل لبيد
الحديد إلى موقع حلوان ينقل فحم الكوك في طريق عودته إلى الواحات البحرية لتقليل
تكاليف النقل.
*
تطوير أو إنشاء مطار جديد بحلوان لخدمة السياحة ورجال الأعمال. و إحياء مشروع
عين حلوان السياحي, مع دراسة وضع الصناعات الحربية بما يخدم المشروع, ودعم
المنطقة بالفنادق حول العين أو بالقاهرة الجديدة.
*
إنشاء كوبري جديد عند موضع المعدية التاريخية لربط حلوان وحركة النقل بغرب النيل
للتخفيف عن القاهرة, وكذلك تطوير كوبري المرازيق وإعادة تأهيل المواني النهرية
صديقة البيئة بالمنطقة.
*
التنمية العمرانية المتكاملة بالظهير الصحراوي بما يستوعب الزيادة السكانية
المتوقعة, ويخدم إعادة التوزيع المكاني للسكان. و تفعيل دور منظمات المجتمع
المدني, التي تضم لها بعض الشخصيات العامة من السكان لمراقبة ورعاية البيئة
بحلوان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق