التنمية في مصر بين الضغط السكاني والأزمة الاقتصادية
جريدة الأهرام - قضايا و آرا ء - الاثنين - 17 من ذي الحجة 1429 ه÷ ـ 15 ديسمبر 2008 - السنة
133- العدد 44569 :
بقلم د. حمدي هاشم - خبير
جغرافيا بيئية :
تؤكد الدراسات السابقة, أنه يصعب توفير
الموارد لتنفيذ كافة مشروعات وخطط التحضر المنتهية والمستهدف إعدادها بالمعدلات
والمعايير الواردة بهذه الخطط والمشروعات, إلا في ظل تحقيق معدل نمو اقتصادي
حقيقي قدره7% سنويا, بالإضافة إلى تحقيق زيادة كبيرة في المدخرات الوطنية,
وكذلك خلق فرص عمل متزايدة من خلال الأخذ بمعايير كفاءة التوطن عند توجيه
الاستثمارات.
وينبغي
استغلال إمكانيات القطاع الخاص لتحقيق استثمارات تؤدي إلى خلق فرص عمل وتوفير
وحدات سكنية, مما يؤدي إلى تخفيف الأعباء الواقعة على الموارد العامة. وكذلك
إعطاء أولوية لجهود تخفيف حدة التركز السكاني في إقليمي القاهرة والإسكندرية,
وتوجيه السكان نحو التجمعات الحضرية بالمناطق غير الزراعية والتي يتم اختيارها في
ضوء تلك المزايا النسبية المرتبطة بالحجم, وتنويع قاعدة التحضر. ومن ثم منع
إقامة أية صناعات جديدة بمنطقة الدلتا, مع استثناء خاص لبعض الصناعات التي تتأثر
بخسائر ضخمة نتيجة لإقامتها بعيدا عن الدلتا. ومن ناحية أخرى اعتبار الدلتا ـ
رسميا ـ إقليما واحدا في مجال التخطيط الإقليمي من خلال مخطط متكامل للتنمية
الاقتصادية والعمرانية. وتأكيد رفع معدلات النمو في أسيوط وقنا ونجع حمادي
وأسوان, خاصة أن هذه المدن تمثل أكثر المواقع ملاءمة في مجال النمو الحضري فوق
الأراضي الصحراوية.
وستواجه
مصر بحلول عام 2020 فجوة الاستهلاك للطاقة, التي تجبر الحكومة لشراء جزء من
نصيب شركات البترول العاملة بأراضيها بالأسعار العالمية لسد العجز في احتياجاتها
من البترول والغاز الطبيعي, ولا بديل لمواجهة الطلب المتزايد على الطاقة
الكهربائية غير الحصول على الكهرباء من الطاقة النووية لكونها ذات كفاءة عالية
للغاية وغير ملوثة لبيئة الهواء الجوي, بالإضافة إلى توفير طاقة الكهرباء
بتكاليف منخفضة.
ولما
كان يمكن مواجهة الطلب على الطاقة الكهربائية في الوجه القبلي بالطاقة الكهرومائية
فيفترض أن تقع تلك المنشآت النووية خارج الدلتا, وفي مواقع في الصحراء بعيدة عن
مراكز تجمع السكان. ناهيك عن تعثر إمكانات المناطق النائية في استيعاب المتوقع
لها من سكان الحضر بمصر, لما تعانيه من فرص التنمية المحدودة وندرة مواردها
الطبيعية ومن بينها المياه, كما أن تكاليف الاستثمارات مرتفعة عن مثيلاتها في
المناطق النائية سيؤدي إلى فرص أكبر للنمو الذاتي مستقبلا مما يسهم في مواجهة
الصعوبات التي قد تواجه الدول في مجال التنمية خلال القرن الحالي.
فهل لمصر
من مشروع تنموي جديد قادر على إعادة توزيع السكان بعيدا عن هذا الوادي القديم,
مشروع على شاكلة شق قناة السويس التي كانت وراء تعمير هذه المنطقة الإستراتيجية
المهمة بإقليم قناة السويس. ومن مشروعات التنمية المقترحة, ذلك الممر الذي
تحدد مساره( منذ عام 1975) من منظور جيولوجي ـ جغرافي مبني على دراسات علمية
متعمقة للصحراء الغربية, وذلك لتشييد طريق دولي فائق السرعة تلازمه خطوط السكك
الحديدية والكهرباء وخط أنابيب للمياه. ولاشك أن توفير الماء هو العامل الحيوي
والمؤثر في تنفيذ هذا المشروع التنموي الكبير وما يرتبط به من مشروعات زراعية
وتجارية وصناعية وسياحية. أما التكلفة الاقتصادية لذلك المشروع غير التقليدي,
التي تدور حول 24 مليار دولار أمريكي ( بأسعار2005), والذي يقترح جعله مشروعا
قوميا لا يعتمد على الحكومة, بل يجب أن يتحمله المجتمع أو القطاع الخاص, من
أجل حل معضلة التنمية الحضرية في مصر. وفي ظل أزمة التنمية بين الضغط السكاني
والفقر الاقتصادي, يجب قبل ذلك إيجاد وتطبيق سياسات تؤدي إلى تعزيز فرص الفقراء
وزيادة حصتهم في الاقتصاد والتنمية, وصولا إلى المساواة بين طبقات المجتمع,
وتحقيق العدالة في الدخل, ومن ثم تهيئة المناخ الاقتصادي والميزان الاجتماعي
لجذب التمويل المطلوب لمشروع ممر التنمية في الصحراء الغربية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق