التسميات

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

مذكرة في جغرافية ليبيا...


مذكرة في جغرافية ليبيا



Geography of libya

  جامعة قاريونس
كلية الآداب والعلوم / فرع الأبيار
قسم الجغرافيا
 مذكرة في جغرافية ليبيا
Geography of libya


السنة الثانية
إعداد  : أستاذ المادة
 أ / محمد عبد السلام عمار الفيتوري
 كلية العلوم والآداب - قسم الجغرافيا - الأبيار

ammaryoussef@maktoob.com
mohammar60@garyounis.edu

فهرس المحتويات
العنوان
رقم الصفحة
التسمية والنشأة

الموقع الجغرافي والحدود

مميزات الموقع الجغرافي وآثاره

التركيب الجيومورفولوجي

التضاريس

أولا : الساحل

ثانيا : السهول الساحلية

1-    سهل الجفارة

2-    السهل الممتد من رأس المسن حتى مرسى مصراته

3-    سهول سرت

4-    سهل بنغازي

5-    السهول الشرقية

ثالثا : المرتفعات الشمالية

1-    الجبل الغربي

2-    الجبل الأخضر

3-    هضبة البطنان والدفنة " هضبة مرمريكا "

رابعا : إقليم الصحراء

خامسا : المنخفضات " الواحات "

1-    سلسلة المنخفضات الشمالية

2-    سلسلة المنخفضات الجنوبية

المنــــــــاخ

1-    محطات الأرصاد السطحية

2-    محطات أرصاد الأجواء العليا

3-    محطات هطول الأمطار

4-    محطات الأرصاد المناخية

5-    محطات الأرصاد الزراعية

العوامل المؤثرة في مناخ ليبيا

أولا : دائرة العرض

ثانيا : الارتفاع والتضاريس

ثالثا : المسطحات المائية والتيارات البحرية

رابعا : الكتل الهوائية

أنواع الكتل الهوائية :-

1-    هواء مداري قاري

2-    هواء مداري بحري

3-    هواء مداري معتدل

4-    هواء قطبي قاري معتدل

5-    هواء قطبي بحري

خامسا : الغطاء النباتي

حالة المناخ في ليبيا :-

أولا : درجات الحرارة

ثانيا : الضغط الجوي والرياح

ثالثا : الرطوبة النسبية

رابعا : الأمطار

طبيعة أمطار ليبيا

الأقاليم المناخية

1-    إقليم مناخ البحر المتوسط

2-    إقليم مناخ المرتفعات الساحلية

3-    إقليم مناخ الاستبس

4-    إقليم المناخ الصحراوي وشبه الصحراوي

الجغرافيا الحيوية للجماهيرية :-
أولا : التربة موردا طبيعيا .

علاقة تكوين التربة بمادة الأصل

خصائص التربة الليبية

أنواع الترب الليبية :-

1-    التربة الرملية

2-    التربة الجيرية

3-    التربة الرسوبية

4-    التربة الملحية

5-    الترب الصحراوية

مشاكل الترب الليبية :-

1-    طبيعة تكوينها

2-    انخفاض خصوبة التربة

3-    ملوحة التربة

4-    تعرية التربة وانجرافها

صور الانجراف :-

أ‌)          الانجراف الهوائي

ب‌)  الانجراف المائي

أضرار الانجراف

صيانة التربة وتنميتها

النبات الطبيعي والأقاليم النباتية

ثانيا : الموارد المائية

مصادر المياه في ليبيا

أولا : مياه الأمطار

ثانيا : المياه الجوفية

الأحواض المائية :-

1-    حوض سهل الجفارة

2-    حوض الحمادة الحمراء ، غرب سرت وسوف الجين

3-    حوض الجبل الأخضر

4-    حوض مرزق

5-    حوض الكفرة والسرير

العيـــــــــــــون

النهر الصناعي العظيم

السكان :-

التعدادات السكانية

النمو السكاني

التركيب السكاني

1-    التركيب النوعي للسكان

2-    التركيب العمري للسكان

3-    حجم الأسرة

4-    التوزيع الجغرافي للسكان وكثافتهم

لمحة تاريخية عن التوجه الحضري

شبكة المراكز الحضرية

أهم المدن

1-    مدينة طرابلس

2-    مدينة بنغازي

3-    مدينة زوارة

4-    مدينة صبراته

5-    مصراته

6-    اجدابيا

7-    درنة

الزراعة والثروة الحيوانية

الموارد والعوامل البشرية المؤثرة في الإنتاج الزراعي

الزراعة في العهد العثماني الثاني

الزراعة في فترة الاحتلال الإيطالي (1911-1943)

الزراعة في الخمسينات

التنمية الزراعية (1970-1993)

المشاريع الزراعية

1-    مشاريع منطقة سهل الجفارة

2-    مشاريع منطقة الجبل الأخضر

3-    مشاريع منطقة فزان

4-    مشاريع منطقة الكفرة والسرير

5-    مشاريع الصلول الخضر

الثروة الحيوانية

مشاكل القطاع الزراعي

النقل والمواصلات

الصناعــــــــة

جغرافية النفط


 التسمية والنشأة :-
يعد اسم " ليبيا " من الأسماء الجغرافية التي استخدمت منذ أقدم العهود التاريخية ، إلا أنه لم يأخذ معناه المحدد الذي يعرف به في المجال الدولي المعاصر إلا بعد أن بدأ الاستعمار الإيطالي في عام 1911 م ، وقد ورد اسم ليبيا في الكتابات والنصوص الفرعونية القديمة منذ أكثر من أربعة آلاف سنة مضت ، فقد ورد في بعض تلك الكتابات الواقعة إلى الغرب من مصر كانت موطنا لعدد من القبائل الليبية التي اشتهرت في تاريخ مصر الفرعونية ومنها قبائل ( الليبو و التحنو والمشواش ) .
وعندما جاء اليونانيون الإغريق إلى الشمال الإفريقي حوالي القرن السابع قبل الميلاد أطلقوا كلمة " ليبيا " على كل المناطق التي كانت تحيط بمدنهم الخمس " بنتابوليس " Pentapolis وهي مدن بنغازي وتوكرة " العقورية" والمرج وشحات وسوسه ، إلا أنهم ما لبثوا أن توسعوا في استخدامهم لهذا الاسم توسعا كبيرا حتى أطلقوه على كل المناطق التي عرفوها في شمال أفريقيا ، ما بين نهر النيل شرقا والمحيط الأطلنطي غربا .
وقد كتب المؤرخ الإغريقي الشهير هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد وصفا عاما لهذه المناطق من حيث جغرافيتها الطبيعية وعناصر سكانها وتنظيمهم القبلي ومظاهر حياتهم ، وأن اسم أفريقيا لم يكن قد عرف حتى ذلك الوقت ، وأن كلمة " ليبيا " كانت في الواقع مرادفة في معناها لكل ما كان معروفا من هذه القارة في تلك العهود ، وأن بعض الكتّاب ومنهم هيرودوت كانوا قد قسّموا العالم المعروف آنذاك إلى ثلاث قارات هي ( ليبيا و آسيا و أوروبا ) وتبعهم في ذلك بعض الجغرافيين المسلمين ومنهم البيروني الذي عاش في القرن الحادي عشر الميلادي .
أما كلمة " أفريقيا " فلم يبدأ استخدامها بواسطة الرومان إلا في القرن الثاني قبل الميلاد بعد أن استطاعوا القضاء على نفوذ الإغريق والفينيقيين في شمالي القارة ، فأطلقوا كلمة ( أفريكا Africa ) في لغتهم اللاتينية ولأول مرة على كل المناطق التي خضعت لسلطانهم في هذه القارة ، ومن المرجح أن هذه الكلمة قد أخذت من اسم  لقبيلة كبيرة لا تزال موجودة في تونس حتى الآن تعرف باسم ( أفري ) .
كما أن اسم " ليبيا " لم يكن مستخدما بكثرة بين المسلمين ، بل المألوف عندهم هو استخدام اسمي " برقة و طرابلس " رغم أن الإقليمين كانا في معظم أدوار التاريخ الإسلامي والروماني متحدين سياسيا تحت حكومة واحدة ، وحتى بداية القرن العشرين لم يكن اسم " ليبيا " قد شاع استخدامه ، واستمرت تسمية الأقاليم الليبية تتبع الأسلوب العربي ، فقد ظل الكتاب العرب يستخدمون كلمتي برقة وطرابلس أو يستخدمون كلمة طرابلس وحدها في بعض الأحيان للدلالة على الإقليمية معا ، كذلك في زمن الحكم العثماني كانت البلاد تعرف تارة بإقليم طرابلس وإقليم برقة أو وهو الأكثر شيوعا إقليم طرابلس فقط ، لكونها العاصمة حيث جرت العادة على تسمية الإقليم باسم عاصمته .
ولعل أول من أطلق اسم " ليبيا " على الأراضي التي تشغلها ليبيا الحالية تقريبا هو الكاتب الإيطالي " مينوتللي " F.Minutelli  الذي استخدمه كعنوان للببليوجرافيا التي نشرها عن البلاد في عام 1903 ف ، أما أول مرة يسجل فيها هذا الاسم في المجال السياسي الدولي الحديث فكان في الوثيقة التي أعلنت بها إيطاليا سيادتها على البلاد في العام 1912 م .
          وهكذا نرى خلال العصور التاريخية المختلفة أن اسم ليبيا لم يكن ليدل دلالة جغرافية واضحة ومحددة للمعنى الذي نعرفه ، حتى بدأ الاحتلال الإيطالي الذي أعطى هذا الاسم مدلولا محددا ومعترفا به دوليا .
الموقع الجغرافي والحدود :
          تعد ليبيا من بين الدول الأفريقية الكبيرة المساحة فهي تأتي في المرتبة الرابعة بعد السودان والجزائر والكونغو الديموقراطية " زائير سابقا " ، وهي الثانية في الشمالي الإفريقي مساحة بعد الجزائر (*) والجدول التالي يبين أكبرخمسة دول من حيث المساحة في القارة الأفريقية .
ر.م
الدولة
المساحة
الموقع
1
السودان
2.505.813
شرق أفريقيا
2
الجزائر
2.381.741
شمال غرب أفريقيا
3
الكونغو " كينشاسا "
زائير – سابقا
2.344.858
جنوب غرب القارة
4
ليبيا (1)
1.665.000
شمال القارة
5
مصر
1.001.449
شمال شرق القارة
المصدر : محمود عصام الميداني ، الأطلس الجغرافي الحديث ، دمشق : دار دمشق للنشر والطباعة والتوزيع 1997 ، ص 138، 139
           وتمتد حدودها من ساحل البحر المتوسط في الشمال حتى حدود كل من دولتي النيجر وتشاد في الجنوب ، أما من ناحية الشرق فتحدها مصر ومن الجنوب الشرقي السودان ، في حين تحدها غربا كل من تونس والجزائر ، وأما من الناحية الفلكية فهي تمتد مابين خطي الطول 9 – 25 ْ شرقا ، وما بين دائرتي العرض 18 – 33 ْ  شمالا ، وبهذا يمكن القول أن امتداد البلاد من الشمال إلى الجنوب يساوي تقريبا امتدادها من الشرق إلى الغرب أي 16 درجة طولية و 14 درجة عرضية ، الأمر الذي يعكس اتساع الرقعة المساحية لليبيا حيث تقدر مساحتها بنحو 1.665.000 كم 2 ([1]) ، وهو ما يعادل نحو 18 % من إجمالي مساحة الوطن العربي في الجانب الأفريقي ، ويبلغ مجموع أطوال حدودها البرية حوالي (4348) كيلو متر ، تشكل الحدود مع كل من مصر وتشاد ما يزيد عن الألفي كيلو متر وهو ما يقارب نسبة الـ 50 % من مجموع أطوال الحدود البرية لليبيا والجدول التالي يبين أطوال الحدود البرية ليبيا، وتأتي الجزائر في المرتبة الثالثة من حيث طول الحدود المشتركة بينها وبين ليبيا وبطول يقارب الألف كيلو متر .
  
أطوال الحدود البرية ليبيا

ر.م
الدولة
الطول / كم
%
1
تونس
459
10.6
2
الجزائر
982
22.6
3
النيجر
354
8.1
4
تشاد
1055
24.3
5
السودان
383
8.8
6
مصر
1115
25.6
المجموع
4348
100.0
Source: - www.geographic.org
أما عن حدودها البحرية فتصل إلى نحو (1770) كيلو مترممثلة في الشريط الساحلي الممتد من بئر الرملة في الشرق وحتى رأس اجدير في الغرب ، وبالتالي تعد سواحلها من بين أطول السواحل على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط ، غير أنها تتسم بقلة التعاريج وذات طبيعة لا تساعد على قيام موانئ من جهة كما تتعرض للرياح الشمالية الغربية من جهة أخرى ، باستثناء بعض المناطق كما هو الحال في طرابلس وبنغازي وطبرق .
          وهي تأخذ شكلا مندمجا ، فدائرة نصف قطرها حوالي 600 كيلو متر تشمل أغلب أجزاء البلاد .
مميزات الموقع الجغرافي وآثاره :-
          لقد ترتب على موقع البلاد المميز على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط ، أن تأثرت ليبيا وبشكل مباشر بالعديد من الأحداث التاريخية الهامة التي عرفتها منطقة البحر المتوسط ، فقد لعب موقع البلاد دورا في جانبين هامين هما :-
1-   التاريخ السياسي .
2-   التشكيل العرقي للسكان .
ففي جانب التاريخ السياسي نجد أن للمجموعات البشرية التي استوطنت البلاد منذ القدم صلات مع الحضارة الفرعونية في مصر وصلت إلى حد تقلد أمور الحكم على يد الزعيم الليبي شيشنق ، ثم جاءت الحضارة الفينيقية التي اعتمدت على التجارة ، ثم حضارات الإغريق والرومان ، حيث أسس اليونانيون مجتمعات مزدهرة في شرق البلاد تحت اسم بنتابوليس ( المدن الخمس ) ، في حين أسس الفينيقيون مدنهم الثلاث في غرب البلاد والتي تمثلت في لبدة وأويا و صبراته ، وفي القرن السابع الميلادي مد العرب نفوذهم على كل الشمال الأفريقي ، وكانت البلاد بمثابة جسر بين بلاد العرب في شبه الجزيرة العربية والبلاد التي فتحوها في شمال غرب أفريقيا .
وكنتيجة لموقع البلاد المتميز في أقصى الشمال الأفريقي وتوسطها على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط وما مرّ بها من حضارات " إغريقية – فينيقية – رومانية – الفتح الإسلامي – العثمانيون ... " فقد انعكس ذلك على التركيب العرقي للسكان ، وبما أن الرأي السائد يؤكد أن الليبيين الأوائل سواء نتيجة لاحتكاكهم مع الفراعنة جهة الشرق ، أو بخضوعهم لحكم القوى الثلاث الأخرى أوجب حدوث نوع من الاختلاط العرقي ، ويقر بعض الباحثين أن سكان البلاد الأصليين هم في حقيقة الأمر امتداد للقبائل العربية التي نزحت في هجرات قديمة صوب هذه المنطقة  ، كما أن استقرار قبائل بني هلال وبني سليم في النصف الثاني من القرن الحادي عشر في ليبيا قد أدى إلى ظهور مجموعة عربية من السكان ينتمي إليها أغلب السكان في الوقت الحاضر .
          وأهم العوامل التي أعطت لموقع ليبيا أهميته ما يأتي :-
1-  أنها تمثل حلقة اتصال بين أقطار المشرق العربي وأقطار المغرب العربي ، خصوصا وأنها ترتبط بكل هذه الدول بروابط الأصل والتاريخ والثقافة واللغة والدين ، وأن سكانها يرتبطون بصلات القربى مع كثير من سكان الأقطار المجاورة لها .
2-  أن موقعها في الحوض الأوسط للبحر المتوسط يعطيها أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للبحر نفسه وما يمكن أن يدور فيه من نشاط بحري ، كما يجعل منها قاعدة هامة لتوزيع الجيوش وقيادة العمليات الحربية وتخزين الأسلحة لنقلها بسرعة وسهولة إلى أي ميدان للقتال في الشمال الأفريقي أو الجنوب الأوروبي أو في منطقة المشرق العربي ، وقد برزت أهميتها بشكل واضح خلال الحرب العالمية الثانية .
3-  إن أراضيها تتوغل في داخل أفريقيا لمسافة تتراوح بين 1900 و 2000 كيلو متر ، وترتبط بنطاق السودان وغربي أفريقيا بمجموعة من طرق القوافل التي لعبت في الماضي أدوارا عظيمة في النقل والتجارة بين البحر المتوسط وبلاد جنوبي الصحراء الكبرى ، وفي نشر الإسلام في أفريقيا جنوب الصحراء ، ورغم تقلص أهمية هذه الطرق في الوقت الحاضر بسبب تقدم وسائل النقل الجوي ، فإن أجزاء كبيرة منها قد تم رصفها وتحولت إلى طرق برية معبدة تستخدم في عمليات النقل والتواصل بين الساحل ومراكز العمران الصحراوية ، كما كان لاكتشاف النفط أواخر خمسينيات القرن الماضي أثره حيث زادت أهمية موقع البلاد خصوصا وأنها تعد الأقرب لأسواق الاستهلاك الرئيسة المتمثلة في دول أوروبا .

الموقع الجغرافي ليبيا
في العالم 

Source: www.maps of world. com

التركيب الجيومورفولوجي :-
     ظلت الأجزاء الجنوبية للبلاد مرتفعة عن سطح البحر طوال العصور الجيولوجية ، في حين أن المناطق الشمالية وخصوصا خليج سرت تعرضت لتوغل مياه البحر ولعصور عديدة ابتداء من الزمن الثاني مما أدى إلى تراكم ترسبات مختلفة أدت إلى تكون طبقات من الصخور الرسوبية ، ويمكن القول بصفة عامة بأن الجهات الشمالية هي أحدث في نشأتها من الأطراف الجنوبية .
وقد تأثرت الصحراء التي تكون الآن القسم الأكبر من مساحة ليبيا ، بنشاط الحركات الإلتوائية مما أدى إلى تكوّن سلاسل جبلية تعرضت عبر العصور الجيولوجية إلى نشاط عمليات التعرية ، ولازالت بعض أجزاء هذه الجبال والتلال الصخرية بارزة في كثير من أجزاء الصحراء .
     وهناك اعتقاد بأن الأجزاء الشمالية لليبيا قد تعرضت للارتفاع التدريجي في نهاية العصر الكربوني مما أدى إلى تراجع وانحسار البحر عنها ، وقد ظلت هذه الأجزاء أراض يابسة لم تغمرها مياه البحر لفترة طويلة تعرضت خلالها لعوامل التعرية مما أدى إلى إزالة معظم الرواسب وتحول أقسام منها إلى سهل تحاتي .
إن الزمن الثالث خصوصا عصريه البلايوسين والآيوسين يعتبر من أهم الفترات الزمنية التي أثرت في تشكيل الأراضي الليبية نتيجة لحركات الهبوط التي تعرضت لها ، مما نتج عنه امتداد شواطئ البحر " تثس " جنوبا حتى الأقدام الأمامية لجبال تبيستي في أجزائه الوسطى .
كما أن خليج سرت ارتبط بالخليج النيلي القديم (Paleo-Nilotic) عبر ممر يشكل الآن منخفض واحات برقة ، وقد قسم خليج سرت هذا الإقليم إلى منطقتين كما أنه لعب دورا مهما في التطور الجيولوجي للأراضي الليبية عن طريق تأثيره على الظروف المناخية للمناطق المجاورة ، كما أن توزيع الأودية قد ارتبط بهذا الخليج ، فالمياه كانت تندفع من المناطق المرتفعة المتاخمة له .
إن دراسة الظروف المناخية للمنطقة خلال بداية الزمن الثالث تؤكد أنها كانت في هذه الفترة تخضع لظروف مناخ شبيه بالاستوائي مع كميات كبيرة من الأمطار تشابه الظروف المناخية السائدة في نيجيريا الآن .
وقد شهد الزمن الثالث انحسار مياه خليج سرت صوب الشمال تدريجيا ، وقد ساعد على ذلك عوامل أهمها بروز حافتي الجبل الأخضر والجبل الغربي ، وهناك اعتقاد بأن الجبل الغربي قد نشأ في نهاية الزمن الثاني ، وقد لعبت هذه المرتفعات دورا رئيسا في تحديد خليج سرت من ناحيتي الشرق والغرب .
وفي أواخر الزمن الثالث ومنذ عصر الآيوسين الأعلى أخذت البلاد صورتها الجيومورفولوجية شبه الحالية  ، وأثناء هذه الفترة تشكلت سهول الجفارة في الغرب وبنغازي في الشرق من صخور رسوبية بحرية النشأة مغطاة برواسب أغلبها من أصل قاري ، أي رواسب فيضية حملت بواسطة الأودية والمجاري المائية من المرتفعات التي تحدها جنوبا ، كما تغطى في أغلب أجزائها بطبقات رقيقة من التربة الحمراء (Terra Rosa) .
وأخيرا يمكن القول أن كل الإقليم " البلاد " يأخذ مظهرا هضبيا ، والجبال الوحيدة المتبقية هي تلك الموجودة حاليا في الجنوب ، ففي الجنوب الشرقي يوجد جبل العوينات وجبل أركنو البالغ ارتفاعه نحو 1435 مترا ، وفي الوسط أقصى جنوب البلاد نجد جبال تبيستي البالغ ارتفاعها في بعض قممها حوالي 2286 مترا ، أما في الجنوب الغربي فنجد جبال أكاكوس والتي يبلغ ارتفاعها نحو 1428 مترا فوق مستوى سطح البحر .
وختاما يمكن القول بالآتي :-
1-   أن بحر تيتس كان يغطي معظم الأراضي الليبية حتى أن شواطئه الجنوبية كانت تمتد بمحاذاة الأقدام الأمامية لجبال تبيستي ، إلا أنه كان يتقدم فترة زمنية وينحسر في فترات أخرى تبعا لحركات الرفع والهبوط التي تعرضت لها الأراضي الليبية خلال العصور الجيولوجية المختلفة .
2- أن الأراضي الليبية بصورة عامة تعتبر حديثة التكوين وخاصة أجزاء الشمالية ، فالبناء الجيولوجي كان من خلال الاحداث التكتونية التي حدثت خلال الزمنين الثاني والثالث ، إلا أن الأجزاء الجنوبية تعود جيولوجيا إلى ما قبل الكمبري .
3- بفعل تأثيرات غمر مياه البحر لمعظم القسم الشمالي من البلاد ، فإننا نجد أن الحجر الجيري يشكل جزءا كبيرا من التكوينات الجيولوجية للأراضي الليبية خصوصا في المناطق الشمالية والوسطى .
4- أن قسما من الأراضي الليبية قد تشكل بفعل النشاط البركاني نذكر منها جبال السودا والهاروج .
5- أن عوامل التعرية المختلفة قد لعبت دورا كبيرا في نقل الرواسب إلى المنخفضات وخصوصا في مناطق خليج سرت والذي كانت تصب فيه العديد من المجاري والأودية ومن اتجاهات مختلفة .
التضاريــــــس :-
     يتشكل القسم الأكبر من مساحة ليبيا من الصحراء الكبرى (*) ، التي تعتبر أعظم ظاهرة طبيعية في الشمال الأفريقي ، وتختلف المظاهر التضاريسية لليبيا عن غيرها من بقية دول المغرب العربي والتي تمتد فيها جبال الأطلس على هيئة نطاقات عظيمة تمتد في شكل سلاسل بداية من ساحل الأطلسي في الغرب حتى أقصى الشمال الشرقي في تونس ناحية الشرق ، والأراضي الليبية في الواقع عبارة عن هضبة مترامية الأطراف تتكون منها الصحراء الكبرى ، والتي تنحدر انحدارا تدريجيا بوجه عام نحو الشمال حتى تنتهي عند ساحل البحر المتوسط ، ويكون انتهاؤها تدريجي في بعض المناطق كما هو الحال في المناطق الممتدة حول خليج سرت ، وفجائيا في مناطق أخرى كما هو الحال في مناطق الجبل الأخضر وهضبة البطنان في الشرق ، وفي نطاق الجبل الغربي غربا .
     وبالرغم من أن الجبل الأخضر والجبل الغربي يبدوان للقادم نحوهما من ناحية البحر وكأنهما نطاقان عظيمان من الجبال ، إلا أن إطلاق كلمة جبال عليهما فيها كثير من المبالغة بسبب قلة ارتفاعهما مقارنة بسلاسل جبال أطلس أو بغيرهما من الجبال في مناطق أخرى من العالم ، حيث تعرف الجبال Mountains على أنها الأراضي التي تبدو مرتفعة المنسوب لما يجاورها من أراضي ، ويحدد بعض الجيولوجيين بأن الجبال تقع عادة فوق منسوب 2000 قدم (**) فوق مستوى سطح البحر ، أما تلك الأراضي التي تقع أسفل هذا المنسوب فتعرف باسم التلال Hills ([2] ) ، فبينما نجد أن متوسط ارتفاع جبال الأطلس يتراوح بين (2000 و 3000 متر) وأن بعض قممها يزيد عن 4000 متر ، نجد أن متوسط ارتفاع الجبل الأخضر والجبل الغربي يتراوح ما بين 600 و 700 متر فقط ، أما هضبة البطنان والدفنة الواقعة إلى الشرق من الجبل الأخضر فلا يتجاوز ارتفاعها في المتوسط عن المائتي متر فوق سطح البحر .
     وتمتد الحافات الشمالية للمناطق الثلاث ( الجبل الأخضر ، الجبل الغربي ، هضبة البطنان ) موازية لساحل البحر بصفة عامة ، فهي تشرف على البحر مباشرة في بعض المواضع بينما تبتعد عنه في مواضع أخرى مكونة سهولا ساحلية يختلف اتساعها من مكان لآخر تبعا لاقتراب أو ابتعاد هذه الحافات ، ففي الغرب نجد أن نطاق الجبل الغربي يمتد لمسافة نحو (500) كيلو متر في اتجاه جنوبي غربي شمالي شرقي ، ويفصله عن ساحل البحر سهل الجفارة وهو سهل مثلث الشكل يبلغ اتساعه من الشمال إلى الجنوب نحو (120) كيلو متر عند الحدود التونسية ، ويضيق كلما اتجهنا شرقا حتى تلتقي الجبال بالساحل مباشرة عند مدينة الخمس ، أما في الشرق فنجد أن حافة الجبل الأخضر تترك بينها وبين البحر في منطقة بنغازي سهلا ساحليا مثلث الشكل هو الآخر يبلغ اتساعه نحو (40) كيلو مترا تقريبا إلى الجنوب من بنغازي ويعرف باسم سهل بنغازي ، ليضيق هذا السهل كلما اتجهنا شمالا حتى يختفي بعد منطقة الدرسية (طلميثة) ، لنجد بعد ذلك أن حافة الهضبة تشرف على مياه البحر من الدرسية حتى الحدود المصرية حيث تشرف حافة الهضبة بشكل مباشر على مياه البحر ، باستثناء مواضع محدودة كالسهل الذي نشأت فيه مدينة درنة .
     وبالانتقال إلى الجنوب من نطاق السهول والمرتفعات الشمالية ، يظهر نطاق شبه صحراوي وهذا الانتقال يحدث تدريجيا بحيث يمكننا اعتبار المناطق الواقعة جنوب المرتفعات مباشرة والمتمثلة في منطقة البلط جنوب الجبل الأخضر ومنطقة القبلة جنوب الجبل الغربي بمثابة مناطق انتقالية بين نطاق المرتفعات الشمالية من جهة والصحراء من جهة أخرى ، لا من حيث مظاهر السطح فقط بل ومن حيث الظروف المناخية والنباتية والحيوانية .
     أما الصحراء فإنها تشكل قسما كبيرا من مساحة الأراضي الليبية ، فهي تضم العديد من المظاهر التضاريسية المختلفة عن بعضها البعض سواء من حيث الارتفاع أو من حيث نوع التكوينات ، ففي الصحراء نجد الجبال التي يزيد ارتفاعها كثيرا عن الجبل الأخضر والجبل الغربي ، كجبال العوينات في أقصى الجنوب الشرقي للبلاد على الحدود الليبية المصرية ، ثم مجموعة جبال حوض فزان من ناحية الشمال الشرقي والتي تشتمل على جبال الهاروج الأسود والهاروج الأبيض ثم جبال السودا ، وكذلك الجبال التي تحد حوض فزان من ناحيتي الغرب والجنوب والمتمثلة في جبال تاسيلي " أكاكوس " وتمو .
     كما تنتشر في الصحراء العديد من الأحواض المنخفضة المختلفة الاتساع والتي ساعدت على نشأة الكثير من الواحات بسبب قرب المياه الجوفية فيها من السطح ، وتنتشر هذه الواحات في نطاقين أحدهما في الشمال يمتد بوجه عام بين الشرق والغرب حوالي دائرة العرض 29 ْ شمالا ، بداية من واحة الجغبوب في الشرق ليشمل واحات جالو وأوجله ومرادة والجفرة ، لينتهي بواحة غدامس قرب الحدود الليبية التونسية الجزائرية .
     أما النطاق الثاني من الواحات فيقع إلى الجنوب من ذلك فيما بين دائرتي العرض 23 ْ و 26 ْ شمالا ليشمل واحات الكفرة وفزان .
     كما تشمل الصحراء الكثير من الأودية التي كانت في وقت من الأوقات أودية لأنهار حقيقية عندما كانت الأمطار في تلك المناطق أغزر منها الآن ، ومنها الوادي الفارغ جنوب الجبل الأخضر والذي ينتهي في خليج سرت قرب منطقة العقيلة ، ووادي البي الكبير الذي ينحدر في سهول سرت الغربية من الجنوب إلى الشمال تقريبا وينتهي في سبخة تاورغاء ، كذلك أودية فزان الممتدة في اتجاه جنوبي غربي شمالي شرقي تقريبا والمتمثلة في أودية الشاطئ والآجال .
     كذلك تنتشر على صفحة الصحراء الرمال التي تشغل مساحات شاسعة منها ، والتي تظهر في صورة تلال وكثبان رملية تأخذ امتدادات وأحجام مختلفة ، ومن أمثلتها ذلك القسم الواقع إلى الجنوب من واحة الجغبوب والمعروف باسم بحر الرمال العظيم ، وكذلك المناطق الرملية الواسعة المنتشرة حول واحات الكفرة وفزان والتي تطلق عليها تسميات محلية مثل العرق والرملة والإدهان أو الأدين .
     كما تغطي مناطق أخرى من الصحراء بطبقة من الحصى والزلط التي هي عبارة عن مناطق مستوية السطح بوجه عام ويطلق عليها تسمية مناطق السرير وهي لفظ يعني عند البدو الحصوة أو الزلطة ، ومن أشهر هذه المناطق منطقة السرير التي تمتد لمسافة تبلغ نحو 400 كيلو متر ما بين واحة جالو في الشمال وواحة تازربو في الجنوب ، وتتسع بصفة عامة فيما بين دائرتي عرض 26 ْ و 28 ْ شمالا لمسافة تبلغ نحو 600 كيلو متر تقريبا ، وتعتبر مناطق السرير من أشد مناطق الصحراء فقرا في الحياة النباتية والحيوانية ولكنها الأسهل في السفر سواء بالنسبة للإبل أو للسيارات .
     كما تصادفنا في الأجزاء الغربية من الصحراء الليبية مناطق عظيمة الاتساع ذات السطح الصخري شديد الصلابة والغير مغطّى بأية رواسب رملية أو حصوية ، وتشتهر هذه الأسطح باسم الحمادة وأعظمها اتساعا الحمادة الحمراء الواقعة إلى الجنوب من الجبل الغربي " جبل نفوسة " أو ما يعرف أحيانا باسم جبال غريان ، والتي تمتد من الحدود الجزائرية في الغرب وحتى واحة الجفرة في الشرق ، وتشغل مساحة تبلغ نحو (100.000) مائة ألف كيلو متر مربع ، كما توجد في فزان حمادة مرزق ، ومناطق الحمادة كالسرير في كونها أفقر جهات الصحراء في ما تشتمل عليه من حياة نباتية وحيوانية ، إلا أنها تختلف عن السرير في كونها أكثر صعوبة من حيث القدرة على السفر والتنقل عبرها .
      ويمكن تقسيم الأراضي الليبية تضاريسيا إلى عدة أقاليم رئيسة – أنظر الخريطة السابقة - تتباين في مظاهرها ومن الشمال إلى الجنوب وذلك كالتالي :-
1-   الساحل " سيف البحر " .
2-   السهول الساحلية .
3-   المرتفعات الشمالية .
4-   إقليم الصحراء .
أولا : الســــــــاحل :-
     يمتد الشاطئ الليبي على شكل خط غير مستقيم يبلغ طوله من رأس الرملة في الشرق إلى رأس اجدير في الغرب حوالي 1900 كيلو متر ، حيث ينقسم إلى قسمين أحدهما تشرف عليه الحواف الجبلية عند منطقة الجبل الأخضر حيث تحد الشاطئ منطقة صخرية صلبة تتكون من الصخور الجيرية ، والأخر وهو أطول من السابق رملي تخترقه بعض الخلجات والرؤوس ، وفي كلا الحالتين فإن الساحل الليبي في معظمة لا يساعد على ظهور الموانئ والمرافئ الطبيعية لقلة تعرجاته ، لهذا فإن إقامة الموانئ يحتاج إلى إنشاء الأرصفة والحواجز الصناعية لحماية البواخر من حركة الأمواج كما هو الحال في طرابلس ومصراته والبريقة وبنغازي ، أما ساحل خليج سرت فتظهر به سلسلة من الكثبان الرملية البيضاء الناجمة عن تراكم الحبيبات الجيرية ، ويحتوي الساحل بالإضافة إلى ذلك وفي بعض أجزائه على صخور بعضها ظاهر والأخر مختفي تحت سطح الماء مما يعوق حركة الملاحة وأعمال الصيد .
     كما تتخلل الساحل الليبي ظاهرة انتشار الرؤوس الممتدة في البحر والتي تنتشر بكثرة في القسم الشرقي من الساحل الليبي كرأس الهلال ورأس عامر ورأس الفالجة ورأس التين ورأس بوعزة ، أما رأس اجدير فيوجد في أقصى الساحل الليبي من ناحية الغرب ، وهي رؤوس ذات عمق بسيط في البحر حيث لا يتعدى عشرات الأمتار ، كما تواجه الساحل الليبي مجموعة من الجزر الصغيرة وأهمها جزيرة فروة بالقرب من أبي كماش ومجموعة الجزر الواقعة في الشمال الغربي من خليج بمبا ومنها أم الترابي ومصراته والوطية وبردعة والعلية ، والتي تستخدم كملجأ لقوارب الصيادين عند اشتداد الرياح وارتفاع أمواج البحر .
     أما من حيث الخلجان فالساحل الليبي قليل الخلجان باستثناء خليج سرت الذي يعتبر أكبر خلجان شمال القارة الأفريقية ، حيث يمتد نحو الداخل مسافة تبلغ حوالي 250 كيلو متر ويبلغ عرضه من الشرق إلى الغرب ما يزيد عن 400 كيلو متر ، ثم خليج طبرق والذي ينحصر بين رأس طبرق الممتد في اتجاه شمالي شرقي وجنوبي غربي والساحل .
ثانيا : السهول الساحلية :-
     وهي عبارة عن مجموعة من السهول الساحلية الغير متصلة ، والمحصورة بين ساحل البحر والمرتفعات الشمالية ، والتي ترجع في تكويناتها بصفة عامة إلى الزمن الرابع حيث غطتها الإرسابات التي جلبتها الأودية من المرتفعات المجـــاورة ، وتمثل هذه السهول نسبة بسيطة من إجمالي مساحة ليبيا لا تتجاوز 5 %  ، وتمتد بموازاة ساحل البحر حيث تضيق أو تتسع تبعا لتقدم أو تراجع المرتفعات وحواف الهضبة ، وأهم هذه السهول الآتي :-
1-   سهل الجفارة :-
ويمتد من رأس المسن في الخمس وحتى الحدود الليبية التونسية ، وهو يأخذ شكل المثلث بطول يبلغ نحو 160 كيلومتر ، وبأقصى اتساع يبلغ نحو 120 كيلو متر ، ويحده من الجنوب الحواف الشمالية للجبل الغربي ، وهو من أهم السهول الليبية لما يحتوي عليه من مياه جوفية وتربة خصبة صالحة للزراعة وبالتالي فهو من أكثر جهات ليبيا ازدحاما بالسكان حيث تنتشر حرفة الزراعة ، كما يتغطى السهل وفي أجزاء منه بوجود الكثبان الرملية والتي يبلغ متوسط ارتفاعها حوالي العشرة أمتار ، وهو ينحدر تدريجيا كلما اتجهنا من الجنوب نحو الشمال ، وتخترق السهل مجموعة كبيرة من الأودية لا يصل أكثرها إلى البحر وتنتهي في أغلبها عند أقدام الجبل ، وأهمها أودية الحسبان والرجبان وأبز زغوة والمجينين والهيرة وتراغن والخروع والربيع وأبوشيبه وغان وزوارة والأثل ووادي الميت " الحي" ، وقد أقيمت السدود على العديد منها لحماية المناطق المجاورة من خطر الفيضان وللإستفادة من مياهها في الزراعة وتغذية المياه الجوفية .
2-   السهل الممتد من رأس المسن حتى مرسى مصراته:-
وهو ضيق بوجه عام ضيق بسبب قرب المرتفعات الشديد في معظم أجزائه من البحر ، وأهم مواضعه السهلية تلك الموجودة بين مدينتي زليطن ومصراته ، وتقطعه العديد من الأودية التي تنحدر نحو البحر والتي هي في الغالب ضيقة وقصيرة ، ومن أمثلتها وادي عين كعام الذي يبلغ طوله حوالي 80 كيلو متر ، ووادي المسيد ووادي توغورت ووادي غنيمة ووادي لبدة .
أما الساحل فتغطيه الرمال والكثبان الرملية في كثير من أجزائه ، كما يتميز هذا السهل بقرب مياهه الجوفية من السطح مما ساعد على انتشار حرفة الزراعة حيث يشتهر بكثرة نخيله ، وبالرغم من قلة تعاريج هذا السهل ، فإن هناك بعض المواضع التي ساعد شكل الساحل عندها على ظهور العديد من الموانئ الصغيرة ومن أهمها مرفأ الخمس ومرفأ زليطن ومرفأ مصراته .
3-   سهول سرت :-
ويتمثل في تلك المناطق السهلية المحيطة بخليج سرت فيما بيني رأس البرج في الغرب ومنطقة الزويتينة في الشرق ، وهي سهول غير محددة المعالم من جهة الجنوب ، حيث يأخذ السطح في الارتفاع التدريجي كلما ابتعدنا نحو الشرق أو الغرب أو الجنوب دون أن تظهر حواجز طبيعية " فيزيوغرافية" واضحة يمكن الاستعانة بها في تحديد هذه السهول .
ويمثل خليج سرت نفسه قوسا عظيم الاتساع في الساحل الليبي يبلغ طول ساحله من رأس البرج حتى الزويتينة نحو 750 كيلو متر ، ويتوغل ناحية الجنوب بمقدار درجتين ونصف ، ويبلغ عرضه من الشمال إلى الجنوب نحو 165 كيلو مترا .
وتتميز سواحل سهول سرت بانتشار الرمال والكثبان الرملية الطويلة المرتفعة وكثرة السبخات التي تغذيها الأمطار والأودية كسبخة تاورغاء التي تزيد مساحتها عن 24000 كيلو متر مربع ، ونظرا لاتساع سهول سرت وانخفاضها عن المناطق المحيطة بها ، أصبحت بمثابة حوض ضخم تتجمع فيه العديد من الأودية الكبيرة التي تنبع من المرتفعات والمنحدرات الجنوبية والغربية للجبل الأخضر من جهة ، ومن المنحدرات الجنوبية والشرقية للجبل الغربي من جهة أخرى ، كما تنحدر صوبه بعض الأودية من الحمادة الحمراء لينتهي بعضها في مجموعة السبخات المنتشرة على امتداد السهل وبعضها يخترق السهل متجها صوب البحر ، ومن أهم هذه الأودية وادي ميمون وسوف الجين وزمزم والبي الكبير والرملة والمحصن وتلال والرحل والفارع وموسى .
 4-   سهل بنغــــــــــازي :-
يأخذ هذا السهل شكل المثلث حيث يقع رأسه إلى الشمال الشرقي من مدينة العقورية " توكرة " أما ضلعه الجنوبي فيمتد ما بين بلدة أنتيلات في الشرق وشاطئ البحر في الغرب ، وبالتالي فإن هذا السهل يأخذ في الاتساع كلما اتجهنا ناحية الجنوب حتى يتداخل تدريجيا في سهل سرت دون أن نصادف وجود أية حواجز طبيعية تفصل بينهما ، وهو سهل مستو تقريبا يرتفع سطحه بشكل تدريجي كلما اتجهنا نحو الشرق حتى تظهر حواف الجبل الأخضر الغربية والتي تشرف على السهل بجروف شديدة الانحدار .
ويتسم ساحله بقلة تعاريجه وخلجانه وشواطئه الرملية ، وتنتشر على امتداد ساحله العديد من السبخات الضخمة كسبخة بوجرار وبرسس وكركورة . كما تنتشر في السهل العديد من الظواهر الكارستية كحفر الإذابة السطحية والحفر الانهيارية والبحيرات الكارستية مثل بحيرة عين الزيانة وبحيرة بودزيرة ، وتظهر القاعدة الصخرية المكونة من الحجر الجيري على السطح مباشرة في العديد من أجزائه ، تفصلها طبقة رقيقة من التربة الحمراء " التيراروزا" Terra rosa ، وتخترق السهل العديد من الأودية التي تنبع من الجبل الأخضر كوادي القطارة .
5-   السهول الشرقية :-
وتتمثل في جميع السهول الواقعة فيما بين العقورية وحتى الحدود الشرقية مع مصر ، وتتميز بضيقها الشديد وعدم استمراريتها حيث تختفي تماما في مناطق عدة ، وتتسع نسبيا في مناطق أخرى كما هو الحال حول خليج بمبا ، وذلك بسبب اقتراب حافة الجبل الأخضر والحافة الشمالية لهضبتي البطنان والدفنة من ساحل البحر . ويرتفع هذا السهل بشكل بسيط عن مستوى سطح البحر ، كما يرتفع كلما اتجهنا نحو المرتفعات ، و تغطي الإرسابات الفيضية وتلك الناتجة عن تحرك المواد أجزاء متفرقة من المصاطب الصخرية التي تظهر على السطح مباشرة ، وتعتبر سواحل هذا السهل وخاصة في مناطق البطنان والدفنة أقل استقامة من بقية السواحل الليبية حيث تنتشر الخلجان والفجوات العميقة التي تظهر عند مصبات الأودية القصيرة ذات الجوانب الحادة والانحدارات الشديدة ، كما تنتشر الشواطئ الحصوية في العديد من مناطقه وكذلك تظهر الشواطئ الرملية المنخفضة والكثبان المتفرقة في مناطق رأس التين وخليج بمبا ومنطقة عين الغزالة .
          ثالثا : المرتفعات الشمالية :-
          ونقصد بالمرتفعات الشمالية هنا تلك الأراضي المرتفعة والتي تتمثل في الجبل الغربي والجبل الأخضر وهضبة البطنان والدفنة ، وبالرغم من أن معظم الدراسات الجغرافية تستخدم مصطلح الجبل للتعريف بالمرتفعات الغربية والشرقية إلا أن إطلاق هذا الاصطلاح التضاريسي فيه قدر كبير من المبالغة بسبب قلة ارتفاعها إذا ما قورنت بالجبال على المستوى العالمي وحتى على المستوى المحلي كجبال جنوب ليبيا ، وتتمثل المرتفعات الشمالية في الآتي :-
1-  الجبل الغربي :- الذي يمتد على هيئة سلسلة مستمرة من مدينة الخمس حتى الحدود الغربية لليبيا بطول يصل إلى قرابة (500) كيلو متر ، وبارتفاع يتراوح ما بين 600 – 750 مترا فوق مستوى سطح البحر ، وتعرف بعض أجزائه بأسماء محلية منها جبل نفوسه وجبل غريان وجبل ترهونة وجبل مسلاتة ، ويرتفع الجبل الغربي ارتفاعا فجائيا عند نهاية سهل الجفارة ، إلا أنه ينحدر تدريجيا من ناحية الجنوب ليلتحم مع الحمادة الحمراء . ويلاحظ أن حافته الشمالية متقطعة تقطيعا شديدا بواسطة العديد من الأودية القصيرة والعميقة التي تأخذ شكل التصريف المتوازي في مظهرها العام ، وتنتشر المخروطات الفيضية الضخمة التي تتكون من الإرسابات الفيضية الناتجة عن الأودية والانسيابات الصفائحية للمياه ومن إرسابات تحرك المواد المختلفة ، ومن بين الأودية التي تنبع من هذه المرتفعات وادي جارجير ووادي بني غزوان ووادي بني وليد ووادي المردوم ووادي ميمون ، وتنحدر هذه الأودية في اتجاهات مختلفة وقليل منها يصل إلى البحر كوادي المجينين الذي تمكن من اختراق سهل الجفارة وصولا إلى البحر .
2-  الجبل الأخضر :- ينحصر هذا النطاق الفيزيوغرافي " الطبيعي" ما بين خليج سرت في الغرب وخليج البمبة في الشرق ، ويظهر على شكل هضبة مرتفعة تنحدر جوانبها الشمالية انحدارا شديدا نحو الساحل مكونة جروفا شديدة الانحدار يفصلها عن البحر شريط ساحلي يختلف في اتساعه من مكان لآخر ، أما جوانبه الشمالية فتنحدر تدريجيا حتى يأخذ سطح الأرض في الاستواء مع النطاق الطبيعي الجنوبي ، أما جوانبه الغربية المواجهة لخليج سرت فتشرف على السهل بجروف شديدة الانحدار على عكس جوانبه الشرقية التي تنحدر بشكل منتظم وتدريجي نحو خليج البمبة .
ويظهر الجبل الأخضر في جانبه الشمالي على شكل مدرجات طولية امتدادها العام من الغرب إلى الشرق أي تبدو موازية تقريبا للبحر ، ويختلف اتساعها من منطقة لأخرى ويمكن تمييز ثلاث مدرجات رئيسة تحد كلا منها حافة تختلف في ارتفاعها وشدة انحدارها وهذه الحافات :-
أ‌)   الحافة الأولى : تعد من أطول الحافات وأكثرها ارتفاعا حيث يبلغ متوسط ارتفاعها العام ما بين 250-300 متر فوق مستوى سطح البحر ، وتبدأ هذه الحافة مباشرة عند نهاية السهل الساحلي ، وترجع الدراسات الجيومورفولوجية أسباب نشأتها إلى التعرية البحرية أما المخروطات الإرسابية الناتجة عن حركة المواد الريحية فتنتشر على امتدادها ، وتقطع الحافة مجموعة من الأودية القصيرة ذات الخوانق العميقة ونقاط التجديد المتعددة ، ويختلف سطح المدرج " المصطبة" الأول من منطقة لأخرى ، فهي متسعة في منطقة المرج حيث يبلغ اتساعها نحو 20 كيلو مترا ثم تضيق تدريجيا كلما اتجهنا شرقا .
ب‌) الحافة الثانية :- وتبدأ عند نهاية المدرج الأول وهي أقل ارتفاعا وامتدادا من الحافة الأولى حيث يبلغ متوسط ارتفاعها نحو 120 مترا عن سطح قاعدة المدرج الأول ، وتتميز ببساطة انحدارها وقلة أوديتها ، ويبدأ المدرج الثاني للجبل الأخضر عند قمة هذه الحافة حيث يتراوح ارتفاعه ما بين 420 – 600 متر ، حيث يظهر سطح هذا المدرج على هيئة تلال بسيطة الانحدار .
ت‌) الحافة الثالثة :- وهي أقل امتدادا وانحدارا من الحواف السابقة حيث يبلغ متوسط ارتفاعها نحو 60 مترا ويبدأ بعدها المدرج الثالث الذي يظهر على شكل بقايا أسطح مرتفعة كما هو الحال في منطقة سيدي الحمري التي يبلغ ارتفاعها نحو 860 مترا عن سطح البحر .
3-  هضبة البطنان والدفنة :- ( هضبة مرمريكا )  حيث يطلق اسم البطنان على الهضبة الممتدة من جنوب شرق خليج بمبا وحتى مدينة طبرق شرقا ، في حين تطلق تسمية الدفنة على الهضبة الممتدة من مدينة طبرق وحتى هضبة السلوم عند الحدود الشرقية للبلاد ، ويبلغ متوسط ارتفاع هذه الهضاب حوالي 200 متر عن سطح البحر ، وتنحدر جوانبها الشمالية بشدة نحو الساحل والتي تأخذ الشكل السلمي في عدة مناطق حيث تظهر نتيجة لذلك العديد من المدرجات التي تعرف باسم السقايف والتي تختلف في اتساعها من مكان لآخر .
    كما تقطع واجهة الهضبة الشمالية العديد من الأودية القصيرة ذات الجوانب الحادة والشديدة الانحدار ، أما جانبها الجنوبي فينحدر تدريجيا نحو الصحراء ، وتتميز الهضبة بوعورتها حيث تنتشر قطع الصخور المهشمة والأودية والشقوق في مناطق عديدة من سطحها وذلك بسبب سيادة التجوية الميكانيكية الطبيعية من جهة وطبيعة التكوينات الصخرية والتراكيب الجيولوجية من جهة أخرى .
رابعا : إقليم الصحــــــــــراء :-
      وهو يمثل جزءا من الكتلة الأفريقية القديمة ، ويظهر على شكل هضبة ضخمة عظيمة الاتساع تنحدر بشكل تدريجي نحو الشمال ، ويحد هذا النطاق من ناحية الجنوب جبال تبيستي ومرتفعات تومو ومن الغرب جبال تاسيلي ومن الشرق جبال العوينات وأركنو ، ويتشكل سطح هذا النطاق من هضاب وأحواض ومنخفضات وتلال صغيرة وأسطح رملية ومناطق السرير والحمادة ، كما تنتشر على سطحه مجموعة من المرتفعات البركانية النشأة والعديد من الأودية الكبيرة المختلفة في أطوالها واتجاهاتها .
    ومن بين هذه الهضاب هضبة الحمادة الحمراء وحمادة مرزق وحمادة منغرت وحمادة مانغنيني ، وترجح الدراسات الجيومورفولوجية أن نشأة هذه الظواهر راجع إلى طبيعة تكويناتها الصخرية وأنها بقايا سهول تحاتية قديمة تكونت أثناء عصور جيولوجية طويلة تعرضت خلالها للعديد من العوامل الباطنية والخارجية .
أ     ما ظاهرة الأحواض فأنها في هذا النطاق تعد من بين أهم المظاهر التضاريسية السالبة لعظم اتساعها ، وهي عبارة عن ثنيات التوائية مقعرة فسيحة بسيطة الانحدار ، تأثرت بعوامل النحت والإرساب على مر الزمن ، واختفت معالم أسطحها الأصلية تحت الإرسابات الرملية الضخمة ، وتغطي الكثبان الرملية والسرير وبعض بقايا التلال المنعزلة والبحيرات والسبخات سطح هذه الأحواض كما تنتشر الأودية في مناطق متفرقة منها والمتركزة غالبا عند جوانبها ، ومن هذه الأحواض حوض أوباري وحوض مرزق وحوض الكفرة .
       كذلك تبرز على سطح النطاق الصحراوي العديد من الجبال والتي في معظمها قد تأثر بالنشاطات البركانية وخروج الطفوح البازلتية ، ومن بينها جبال السودا حيث تنتشر الكتل الصخرية السوداء والقطع البازلتية المهشمة على منحدراته ، ثم جبل الهاروج والذي تبلغ بعض قممه نحو 1200 متر فوق مستوى سطح البحر ، وينقسم جبل الهروج إلى قسمين أساسيين يختلف كل منهما عن الآخر اختلافا كبيرا في مظاهره ومكوناته الصخرية ، حيث يعرف الأول بالهروج الأسود في المنطقة الوسطى من الكتلة الجبلية ويتميز بوعورة تضاريسه وتعدد قممه ومخروطاته البركانية ذات القواعد الكبيرة والفوهات العميقة ، ويحده من الشرق والغرب هضبة مستوية تتألف من طبقات أفقية من الحجر الجيري وتعرف هذه المنطقة بالهروج الأبيض ، ثم جبال تبيستي والتي يظهر قسم من شمالها في الأراضي الليبية ، كذلك جبل العوينات الواقع في الركن الجنوبي الشرقي من الأراضي الليبية والذي يغطي مساحة تزيد عن 800 كيلو متر مربع ، ويصل أعلى ارتفاعه إلى نحو 1934 متر فوق سطح البحر ونحو 600 متر فوق سطح المناطق المحيطة به ، كما ينتشر على صفحة هذه النطاق الكثير من الأودية التي يعتقد أن المياه الجارية كانت من أهم العوامل الجيومورفولوجية المسئولة عن تشكيلها ، ومن بين هذه الأودية الجافة وادي الشاطئ والآجال والحكمة ، كما تغطي الرمال ومناطق السرير مساحات شاسعة من سطح النطاق الصحراوي ، وهي عبارة عن مناطق مستوية السطح بصفة عامة ، يطلق على الأجزاء التي يغطيها الحصى المصقول والرمال الخشنة مصطلح السرير ، أما المناطق التي تنتشر على سطحها الرمال بصفة عامة فيطلق عليها مصطلح إدهان أو بحر الرمال ومن أهم هذه المناطق سرير كالنشيو والذي يغطي نحو 120 ألف كيلو متر مربع ثم سرير تبيستي والذي يشغل هو الآخر مساحة كبيرة تبلغ نحو 56 ألف كيلو متر مربع ، وبحر الرمال العظيم والذي يشغل مساحة تزيد عن 100 ألف كيلو متر مربع والذي تنتشر على سطحه الكثبان الرملية الطولية الضخمة ، كذلك إدهان مرزق والذي هو عبارة عن مسطحات رملية الخشنة والناعمة ، وإدهان أوباري والذي يتميز بكثبانه ذات الامتدادات الطويلة التي تزيد أحيانا عن العشرة كيلو مترات وبارتفاعاتها الكبيرة التي تبلغ في بعض الجهات المائة متر ، والذي تظهر في قمم الكثبان على هيئة سيوف تحصر بينها وديانا تعرف بالفجاج وتعكس الكثبان الرملية في هذه المنطقة تضاريس الصخور الأصلية .
 خامسا : المنخفضــــــات " الواحات " :-
          تعتبر الواحات من أهم الظاهرات الصحراوية وتوجد في المنخفضات التي تكون طبقة المياه الجوفية فيها قريبة من سطح الأرض ، الأمر الذي جعل أنواع من النباتات تنمو في هذه الجهات ومن أهمها أشجار النخيل ، وتتكون الواحات الليبية من سلسلتين واضحتين من المنخفضات غير المتصلة تتمثل في الآتي :-
1- سلسلة المنخفضات الشمالية :-
          والتي تمتد على طول دائرة العرض 29 ْ شمالا تقريبا ، وتتميز باستواء سطحها وكثرة رمالها وانتشار البحيرات الضحلة والسبخات وبعض التلال المنعزلة والأودية ، وتعزى نشأتها إلى عوامل التعرية المختلفة التي تعرضت لها عبر فترات زمنية طويلة ، ومن هذه المنخفضات منخفض الجغبوب ومنخفضات جالو وأوجلة واجخره ومرادة والجفرة وغدامس ، وقد اتضح تضاريسيا أن بعض هذه المنخفضات يقع مستواها تحت مستوى سطح البحر كما يلي :-
أ‌)       منخفض الجغبوب ويقع تحت مستوى سطح البحر بحوالي 29.5 متر .
ب‌) منخفض جالو وأوجله واجخره ويقع في مستوى سطح البحر .
ت‌) منخفض مراده ويقع فوق مستوى سطح البحر بحوالي 41 متر .
ث‌) منخفض الجفرة ويقع ما بين 240-330 متر فوق مستوى سطح البحر .
ج‌)   منخفض غدامس ويقع فوق مستوى سطح البحر بحوالي 300 متر .

2- سلسلة المنخفضات الجنوبية :-
          ويقع هذا النطاق من الواحات بين دائرتي عرض 23 -26 ْ شمالا من جبال أركنو – العوينات في الشرق انتهاءا بواحة غات في الغرب ويتكون هذا النطاق من مجموعتين من المنخفضات تتمثل في منخفضات الكفرة ومنخفضات فزان ، حيث تشمل منخفضات الكفرة واحات الجوف والتاج وبوما وبويمه والطلاب والطلاليب والهواري والهواويري وربيانه وبزيما وتازربو .
          أما منخفض فزان فإن القسم الأكبر منه يتكون من حوض عظيم الاتساع يخترقه عدد من المنخفضات الطولية والأودية ، ويحد هذه المنخفضات أو الأحواض حدود طبيعية من جميع الجهات ، فمن ناحية الشمال تحده الحافة الجنوبية لهضبة الحمادة الحمراء ومنطقة جبال السودا ، أما من ناحية الشرق فتحده مرتفات الهروج ومن الجنوب تحده مرتفعات تمو وأخيرا فإنه يحد من جهة الغرب بجبال تاسيلي .
  المنــــــــــــــاخ
     تقع ليبيا في أغلبها في العروض المدارية فيما عدا أجزاؤها الشمالية التي تدخل ضمن المنطقة المعتدلة ، وهي تطل على البحر المتوسط في شمالها ، وتتداخل حدودها الجنوبية في الصحراء الكبرى حيث يمر بأجزائها الجنوبية مدار السرطان ( 30 َ 23 ْ شمالا) ، فهي إذ ًا تتمتع في الشمال بنظام البحر المتوسط الذي يظهر تأثيره على الأجزاء الساحلية المطلة عليه ، فتأثيرا مناخ البحر المتوسط يأخذ في التناقص كلما ابتعدنا نحو الجنوب ، لذلك فتأثير هذا المناخ لا يتعدى الشريط الساحلي ، حيث لا يتعدى تأثيره مسافة الـ 40 كيلو مترا عن ساحل البحر ، ومن ثم يمكن القول بأن تأثير البحر المتوسط إنما يمثل ظاهرة مناخية محلية تكاد تقتصر على أجزاء من منطقة الساحل ، أما في الجنوب فإن البلاد تتأثر بمناخ الصحراء وخصائصه .
      ومناخ ليبيا مناخ صحراوي بوجه عام وذلك لقصر مدى المؤثرات البحرية ووقوع أغلب أجزاء البلاد تحت تأثير المناخ الصحراوي ، فالأجزاء الشمالية تتعرض لأحوال مناخية تشبه كثيرا الأحوال المناخية التي تسود في الصحراء في فصل الصيف كالارتفاع الشديد في درجات الحرارة والتباين الواضح في المتوسط اليومي والفصلي والرياح المحملة بالأتربة والغبار ، وشمال ليبيا وإن كان ينتمي إلى مناخات البحر المتوسط إلا أنه يختلف عنها بعض الشئ من حيث أنه يشمل خصائص قارية نتيجة لتأثير الصحراء .
      إن موقع البلاد كان أحد العوامل الرئيسة لسيادة هذا المناخ فموقع البلاد في ظل يابس كتلتي آسيا وأوروبا وتباعد أجزائها من مسطحات كبيرة ، فاتساع البحر المتوسط لم يساعد الرياح التجارية القادمة من مناطق قارية على حمل كميات مناسبة من بخار الماء بالإضافة إلى خلو البلاد من سلسلة جبلية كبيرة مثل سلاسل جبال الألب في أوروبا أو سلاسل جبال أطلس في المغرب العربي بشمال غرب القارة الأفريقية ، كما أن انخفاض الساحل عند خليج سرت وتراجع مستواه إلى الداخل وعدم وجود منطقة مرتفعة في جنوبه كالجبل الأخضر أو الغربي قد أدت إلى إضعاف أثر التيارات البحرية على هذه المنطقة .
      ويمكن القول في ضوء ذلك بأن ليبيا يسود في شمالها مناخ إقليم البحر المتوسط حيث حياة الاستقرار والنشاط الاقتصادي والعمراني أي أن القسم الشمالي من البلاد يشكل منطقة جذب بشري ، أما في الجنوب فتسود خصائص إقليم المناخ الصحراوي حيث الجفاف الشديد والتطرف اليومي والفصلي لدرجات الحرارة والعزلة والطرد البشري ، ويفصل بين هذين الإقليمين إقليم انتقالي " استبس " ،وهو إقليم الترحال والرعي المتنقل ، بالإضافة إلى إقليم سلاسل المرتفعات الشمالية المتمثلة في الجبلين الأخضر والغربي ، وعلى الرغم من وجود إحصاءات مناخية شاملة لبعض المحطات ، إلا أن هناك هوة كبيرة ، فمحطات الأرصاد قليلة وغير موزعة على كل أنحاء البلاد فهي وإلى وقت قريب محصورة في الأجزاء الشمالية وبعض الواحات ، وتقع ليبيا مناخيا في منطقة Code  رقم 62 والتي تشمل كذلك مصر والسودان حسب تقسيم منظمة الأرصاد الدولية W.M.O وتوجد في ليبيا الآن خمس مجموعات من محطات الرصد الجوي تتمثل في الآتي :-
1-  محطات أرصاد سطحية :- وهذه المحطات تقوم برصد عناصر الطقس Weather المختلفة على سطح الأرض ويتم ذلك في ثمان (8) رصدات خلال اليوم الواحد بمعدل ثلاث ساعات رصدة ، وتوجد في ليبيا حوالي (18) محطة رصد سطحية موزعة كما في الجدول التالي :-
جدول توزيع محطات الأرصاد السطحية
في ليبيا

الرقم الدولي
اسم المحطة
خط الطول
دائرة العرض
الارتفاع بالمتر
سنة الافتتاح
002
نالوت
59 َ 10 ْ
52 َ 31 ْ
619
1944
007
زوارة
05 َ 12 ْ
55 َ 32 ْ
2
1945
010
طرابلس المطار
10 َ 13 ْ
41 َ 22 ْ
80
1944
016
مصراته
06 َ 15 ْ
25 َ 32 ْ
5
1945
019
سرت
35 َ 16 ْ
12 َ 31 ْ
10
1945
055
اجدابيا
10 َ 20 ْ
43 َ 30 ْ
5
1946
053
بنينا
16 َ 20
05 َ 32 ْ
130
1945
056
شحات
51 َ 21 ْ
49 َ 32 ْ
621
1963
059
درنــة
38 َ 22 ْ
44 َ 32 ْ
8
1945
103
غدامس
30 َ 09 ْ
08 َ 30 ْ
326
1944
120
القريات
35 َ 12 ْ
23 َ 30 ْ
500
1968
121
سبها
26 َ 14 ْ
01 َ 27 ْ
440
1945
131
هون
57 َ 15 ْ
08 َ 29 ْ
260
1948
161
جالو
34 َ 21 ْ
02 َ 29 ْ
61
1950
176
الجغبوب
32 َ 24 ْ
45 َ 29 ْ
2
1947
259
تازربو
08 َ 21 ْ
48 َ 25 ْ
259
1962
271
الكفرة
18 َ 23 ْ
13 َ 24 ْ
381
1945
المصدر : محمد المبروك المهدوي ، جغرافية ليبيا البشرية ، الطبعة الثالثة ، بنغازي : منشورات جامعة قاريونس 1998 م ، ص 53
2-  محطات أرصاد الأجواء العليا :- وهي تختص برصد الظروف المناخية في طبقات الجو العليا ، وهي تعتبر مكملة لمحطات الرصد السطحي وهي ذات أهمية كبيرة في خدمة الملاحة الجوية ( الطيران ) ، وتوجد في ليبيا أربع محطات أجواء عليا ، محطتان ساحليتان ومحطتان صحراويتان في كل من طرابلس وبنغازي والكفرة وسبها ، وقد تم اختيار مواقعها على أساس قربها من المطارات الرئيسة في البلاد ، وتقوم هذه المحطات بعمل رصدتين يوميا الأولى في منتصف النهار والثانية في منتصف الليل باستعمال البالون وأجهزة الراديو سوند أو الراديو وند .
3-  محطات هطول الأمطار :- وهي عبارة عن مقاييس لقياس كمية الأمطار الساقطة ، وتوجد في ليبيا مجموعة كبيرة من هذه المحطات التي يزيد عددها عن (3500) محطة موزعة على كل قرى ومدن البلاد ولا يكاد يخلو مركز شرطة منها حيث أسندت إلى مراكز الشرطة عملية الإشراف عليها ، وتتم عمليات القياس في أغلب هذه المحطات بطريقة آلية بسيطة تتم عن طريق وعاء ومخبار مدرج .
4-  محطات أرصاد مناخية :- ويبلغ عددها حتى عام 1973 ف نحو 45 محطة موزعة على أغلب أجزاء البلاد ، وتقوم هذه المحطات بتجميع المعلومات المناخية وتنسيقها ومن ثم نشرها على شكل إحصاءات لفترات زمنية مختلفة ، وغالبا ما يكون رصد هذه المحطات في الثامنة صباحا والثانية عشر ظهرا .
5-  محطات الأرصاد الزراعية :- وهو نوع حديث في ليبيا حيث أن أول محطة متكاملة قد افتتحت في العام 1977 م في منطقة الهضبة الخضراء بطرابلس ، هذا كما افتتحت محطتان واحدة في منطقة الفتائح والأخرى في البيضاء بقصد خدمة المشاريع الزراعية ، بالإضافة إلى عدد آخر من المحطات التي أقامتها أمانة الزراعة في بعض المشاريع الزراعية .
وبالرغم من كل ذلك فإن المعلومات والقراءات المناخية التي تعطى عن طريق هذه المحطات لا يعتمد عليها في الحصول على صورة كاملة ودقيقة عن الأحوال المناخية بصورة عامة ويمكن إرجاع السبب في ذلك إلى :-
أ‌)   أن عدد المحطات ما زال قليلا بالنسبة لمساحة البلاد الشاسعة وأن بعض المحطات الرئيسة يزيد بعدها عن بعضها بأكثر من 400 كيلو متر وخاصة في المناطق الوسطى والجنوبية ، كما يلاحظ أن معظمها يتركز في المناطق الشمالية الشرقية والشمالية الغربية في حين أنها قليلة في المناطق الوسطى والجنوبية وتختفي نهائيا في مناطق أقصى الجنوب ، وهذا بطبيعة الحال يقلل من إمكانية تتبع الظواهر الجوية وأهميتها في دراسة التنبؤات الجوية .
ب‌) أن أغلب المحطات الفرعية معدة لتسجيل كمية المطر فقط ، وهي ما تسمى بمحطات هطول المطر وحتى في هذا الخصوص لا يعتمد عليها بدقة وذلك لأنها تدار من قبل أشخاص غير متخصصين ، فهي غالبا ما تكون في إحدى المدارس أو أحد مراكز الشرطة كما سبقت الإشارة .
ت‌) عدم توفر إحصاءات متساوية لجميع أو أغلب المحطات ، فهي تتفاوت من محطة إلى أخرى ، وعلى الرغم من هذه الصعوبات نستطيع استنادا للمعلومات التي تسجلها المحطات الرئيسة والفرعية أن نستشف الصفات التالية التي يتسم بها المُناخ في ليبيا بصفة عامة .
  العوامل المؤثرة في مناخ ليبيا :-
يتأثر مناخ ليبيا بعدد من العوامل المتمثلة في الآتي :-
1- دائرة العرض .     2- التضاريس والارتفاع .     3- المسطحات البحرية .
4- الكتل الهوائية .     5- الغطاء النباتي .
أولا : دائرة العرض :-
تؤثر درجة العرض وبشكل أساسي في تحديد كمية ما يستقبله سطح الأرض من إشعاع شمسي وكذلك في شدته ، كما تتحكم في طول النهار الذي يتحكم بدوره في مدة السطوع الشمسي وبالتالي في كمية الإشعاع الواصل ، ومن المعروف أن الأشعة الشمسية عندما تكون عمودية أو شبه عمودية على المكان فإن الإشعاع الشمسي يصل سطح الأرض أكثر تركيزا ، ومن خصائص الأشعة العمودية أنها تتركز على مساحة صغيرة من سطح الأرض بدلا من انتشارها على مساحة كبيرة فيقل تركيزها كما يحدث بالنسبة للأشعة المائلة ، كما أن الأشعة العمودية تقطع مسافة قصيرة نسبيا من الغلاف الجوي مقارنة بالمسافة التي تقطعها الأشعة المائلة ، مما يقلل من كمية الفاقد عن طـــريق الانتشار والانعكاس والامتصاص بفعل مكونات الجو الغازية والعالقة .
إن الفرق الكبير بين زاويتي سقوط الإشعاع الشمسي على مدينة طرابلس خلال الانقلاب الصيفي (21 الصيف) والانقلاب الشتوي (23 الكانون) حيث يبلغ في الحالة الأولى زاوية قدرها 81 ْ بينما في الحالة الثانية فإنها تبلغ 34 ْ فقط ، وعلى هذا فإن ارتفاع زاوية سقوط الإشعاع الصيفي يعني بالضرورة شدة تركيز الأشعة مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة بمعدلات كبيرة ، أما صغر زاوية سقوط الأشعة الشمسية خلال فصل الشتاء فيؤدي إلى ضعف تركيزه الإشعاع الساقط على سطح الأرض مما ينجم عنه انخفاض في درجات الحرارة مقارنة بما عليه الأمر خلال فصل الصيف .
كما يساعد على ارتفاع الحرارة صيفا وانخفاضها شتاءا عامل آخر ألا وهو طول النهار في الصيف وقصره في الشتاء حيث يصل طول النهار الصيفي في كل من طرابلس وبنغازي إلى نحو 14 ساعة مما يؤدي إلى تراكم كميات كبيرة من طاقة الشمس ، كما أن قصر الليل في الصيف يعني بالضرورة وجود فرصة أقل لفقدان الطاقة عن طريق الإشعاع الأرضي ، لهذا السبب نجد أن درجة حرارة الليل في الصيف لا تنخفض كثيرا خصوصا على الساحل حيث ترتفع الرطوبة وتقل السحب ، أما في الشتاء فإن النهار أقصر من الليل مما يعطي فرصة أقل لاكتساب الطاقة الإشعاعية من الشمس خلال النهار ووقتا أطول لفقدان الطاقة خلال الليل عن طريق الإشعاع الأرضي ، ولهذا فإن نهار الشتاء وليله يسجلان انخفاضا ملحوظا في درجات الحرارة .

ثانيا : الارتفاع والتضاريس :-
تتناقص درجات الحرارة بالارتفاع بمعدل عام قدره درجة مئوية واحدة لكل 150 متر ارتفاع بسبب الابتعاد عن سطح الأرض المصدر المباشر لتسخين الجو ، فالهواء شفاف بالنسبة لمعظم الإشعاع القادم من الشمس فهو يسمح للإشعاع الشمسي بالمرور باتجاه سطح الأرض دون أن يتأثر به كثيرا ، لكنه من جهة أخرى معتم بالنسبة للإشعاع المنطلق من الأرض إلى أعلى ، كما أن الهواء بخار الماء وثاني أكسيد الكربون اللذين يقومان بامتصاص أغلب الإشعاع الأرضي ذي الموجات الطويلة وإعادة إشعاعه ثانية باتجاه سطح الأرض ، فهما يمنعانه من التسرب إلى الفضاء ، ولهذا السبب نجد أن ليالي الشتاء الرطبة والكثيفة السحب لا تنخفض درجة حرارتها كثيرا عن حرارة النهار بعكس الليالي الجافة الخالية من السحب التي تنخفض درجة حرارتها كثيرا بسبب ضعف قدرة الهواء على منع الإشعاع الأرضي من التسلل والضياع في الفضاء .
ويمكن القول أن تأثير عامل الارتفاع والتضاريس في مناخ ليبيا محدود لأن معظم مساحة البلاد عبارة عن هضبة قليلة الارتفاع فيما عدا منطقتي الجبل الغربي والجبل الأخضر اللذين لا يزيد الارتفاع بهما عن 800 متر ، مما يجعل أثرهما على الحرارة بسيطا حيث نلاحظ أن المعدل الشهري لدرجة الحرارة يقل في شحات عن بنغازي بنحو 3.6 درجة مئوية .
إلا أن التأثير الأكثر وضوحا للارتفاع والتضاريس في مناخ ليبيا نجده على عنصر المطر أكثر منه في الحرارة ، كما تختلف كميات المطر الساقطة في الإقليم الواحد باختلاف موقعها من الجبل ، فالواجهات المقابلة لمسار الرياح الشتوية تسقط عليها معدلات أكبر من الأمطار ، فمعدل المطر في مدينة بنغازي لا يزيد عن 266 ملم في حين نجده في شحات يصل إلى نحو 569 ملم .
لأن مواجهة التضاريس للرياح المحملة بالسحب يجعلها تضطرب وتصعد لأعلى في محاولة لعبور السفح المقابل إلى الجهة الأخرى من الجبل ، وأثناء صعود الهواء للسفح يتمدد وتنخفض حرارته وقد تصل درجة الانخفاض إلى نقطة الندى فيتكاثف بخار الماء في شكل سحب ممطرة ، كما تلعب الزاوية التي يكونها امتداد خط الساحل مع الرياح دورا مهما في زيادة أو تناقص كميات المطر المتساقطة ، فعندما تمر الرياح بشكل متواز مع اتجاه المرتفعات يقل سقوط المطر كما الحال بالنسبة للشريط الساحلي الممتد من خليج بمبا إلى مدينة امساعد ، إن امتداد ذلك الساحل باتجاه غربي شرقي وبشكل متواز مع الرياح العكسية يقلل من درجة الفائدة التي يحصل عليها اليابس من أمطار تلك الرياح ، إذ ليس هناك أية عرقلة يسببها ذلك الساحل لحركة الرياح تجعل الهواء يضطرب ويصعد إلى أعلى ، كما يلاحظ أن هناك زيادة في كميات المطر الساقطة على كل بروز موغل في البحر نتيجة لاعتراضه مسار الرياح الرطبة ، ونقصانا في أمطار كل موقع على خليج موغل في اليابس بسبب ابتعاده عن مسار الرياح الممطرة من جهة ولوقوعه في ظل المطر من جهة أخرى ، ولهذا السبب يسجل اختلاف واضح في المعدل السنوي للمطر في كل من مدينتي بنغازي وسرت حيث تسجل الأولى 266 ملم أما الثانية فلا يزيد نصيبها عن 174 ملم .
          ثالثا : المسطحات المائية والتيارات البحرية :-
تشرف البلاد بساحلها على بحر ضيق له تأثير محدود لا يعدو الجهات الساحلية من حيث انخفاض درجة الحرارة نسبيا في فصل الصيف ، وارتفاع الرطوبة وكمية التساقط خلال الشتاء ، بينما تكون الأقاليم الداخلية ذات مناخ صحراوي متطرف بسبب سيطرة نظام الضغط المرتفع دون المداري ذي الهواء الهابط ، فالبلاد لسوء الحظ لا تشرف على محيطات واسعة كالمحيط الأطلسي أو الهادي بحيث يكون لها تأثير واضح على كتل هوائية ضخمة يكون لها أثر واضح في المناخ كما هو حاصل بالنسبة لأقاليم غرب أوروبا على سبيل المثال ، وعليه فإن أثر البحر المتوسط لا يعدو الجهات الساحلية بينما يتصف المناخ بالداخل باستقرار الجو ، وندرة السحب والأمطار وانخفاض الرطوبة النسبية ، إنه مناخ الصحراء البعيد عن أية مؤثرات بحرية .
رابعا : الكتل الهوائية :-
الكتلة الهوائية عبارة عن حجم ضخم من الهواء يغطي مساحات شاسعة قد تصل إلى مئات الآلاف من الكيلو مترات المربعة وبارتفاع قد يمتد إلى بضعة آلاف من الأمتار ، ويتصف هواء الكتلة بالتجانس الشديد خاصة فيما يتعلق بدرجة الحرارة والرطوبة ، وتتكون الكتل الهوائية فوق مساحات شاسعة تعرف بإقليم المنشأ ، وتتصف بكبر المساحة وتجانسها وباستقرار الطقس لفترات طويلة ، فالسطح لا بد أن يكون متجانسا بحيث يكون كله يابسا كالصحراء الكبرى وسهوب سيبيريا وكندا ، أو كله ماء كالأقاليم القطبية والمحيطات الواسعة بالعروض المدارية والاستوائية ، إن الأقاليم التي يتداخل بها اليابس والماء كمناطق غرب أوروبا أو الأرخبيلات البحرية لا تصلح لأن تكون أقاليم منشأ لكتل هوائية متميزة بسبب اختلاط مؤثرات اليابس والماء ، كما أن ثبات أحوال الطقس لفترات طويلة بسبب سيطرة نظم جوية ضد إعصارية يمكن كتلة الهواء من اكتساب نفس خصائص السطح المناخية ، وعليه فإن الكتل المتكونة فوق الصحاري تنشأ جافة بعكس الكتل المتكونة فوق المحيطات التي تنشأ رطبة ، أما من حيث الحرارة فالكتل المتكونة بالعروض القطبية تكتسب البرودة الشديدة بعكس الكتل المتكونة بالعروض المدارية التي تكتسب الحرارة العالية .
وعند ارتحال الكتلة الهوائية تحت تأثير الدورة الهوائية العامة ، تتعرض لكثير من التعديلات ، حيث تفقد بعض خصائصها للسطح المارة عليه ، وفي الوقت نفسه تكتسب شيئا من خصائص ذلك السطح ، فالكتل المدارية القارية المرتحلة من أقاليم منشؤها على الصحراء الكبرى على سبيل المثال ، قد تعبر في طريقها مسطحات مائية كالبحر المتوسط ، فتتشبع بكميات كبيرة من البخار ، وتفقد جزءا من الغبار العالق بها إلى السطح مما يتسبب في إضعاف مجال الرؤية ، كما تفقد جزءا من حرارتها إلى السطح الذي يسجل نتيجة لذلك ارتفاعا في درجة الحرارة ، أما الكتل القطبية البحرية فبمجرد عبورها لسواحل القارات تفقد كميات كبيرة من رطوبتها في شكل أمطار متساقطة وثلوج وندى وضباب على السواحل ، خاصة إذا واجهتها منحدرات جبلية مرتفعة ، وبذلك تفقد أغلب رطوبتها فتصبح قطبية بحرية معدلة ، ومع زيادة توغلها في داخل القارة يزداد معدل فقدانها لخصائصها الأصلية نظرا لاكتسابها خصائص السطح الجاف المارة عليه ، وتتغير ملامحها تدريجيا إلى كتلة هوائية قارية .
وبناء على ما تقدم وعلى ما يفرضه موقع ليبيا نستطيع أن نحدد أنواع الكتل الهوائية التي لها آثار واضحة في مناخ البلاد والموضحة على الخريطة ، وهي كما يلي :-
1-  هواء مداري قاري :- يتميز بشدة الجفاف طول العام ، وبشدة الحرارة في فصل الصيف وبميله إلى البرودة في الشتاء ، ويكون تأثير هذا الهواء محسوسا خاصة مع نهاية الربيع وأوائل الخريف عندما يندفع الهواء في شكل رياح القبلي في مقدمات الانخفاضات الجوية التي تتحرك على طول السواحل الشمالية للبلاد من الغرب إلى الشرق ، ومن أهم مميزات هذا الهواء الارتفاع الشديد في درجة الحرارة التي تفوق 40 ْ م لعدة أيام متواصلة ، ويكون أحيانا محملا بكميات كبيرة من الأتربة والرمال الناعمة ، ونتيجة لارتفاع الحرارة وانخفاض الرطوبة النسبية يكون لهذا الهواء قدرات تجفيف كبيرة للمزروعات والنباتات مما يتسبب في هلاكها واندلاع النيران العشوائية في الأحراش والمخازن ، كما تتسبب شحنات الغبار والأتربة في إضعاف مجال الرؤية ، وفي تعطيل الرحلات الجوية والمواصلات البرية ، وفي حدوث أعطال في خطوط الكهرباء وآليات المصانع .
2-  هواء مداري بحري :- مصدره الكتل المدارية البحرية التي تتكون فوق المحيط الأطلسي في نطاق الضغط المرتفع الآزوري ، وهو يصل إلى السواحل الشمالية للبلاد على شكل رياح غربية في الأيام التي تعقب رياح القبلي في فصلي الربيع والخريف ، ونظرا لأن المحيط الأطلسي يكون في هذين الفصلين أقل حرارة من البحر المتوسط ، فإن الهواء الذي يصل منه يكون باردا نسبيا ، ولكنه لا يسبب في غالب الأحيان سقوط كميات تذكر من الأمطار ، ومع ذلك فكثيرا ما تظهر معه بعض السحب المنخفضة والزوابع الترابية .
3-  هواء مداري معتدل :- يصل هذا النوع من الهواء إلى شمال البلاد في الصيف ، ومصدره هو جنوب أوروبا وعلى الرغم من أن هذا الهواء يمر فوق مياه البحر المتوسط فإنه يظل محتفظا في عمومه بالصفات القارية بسبب سيطرة نظام الضغط المرتفع على البحر المتوسط الذي يميل فيه الهواء للهبوط إلى أسفل ، ولذلك فإن هذا الهواء يكون على الرغم من ارتفاع رطوبته في أجزائه السفلى ، مصحوبا بجو صحو عديم السحب والأمطار بسبب تضاغط الهواء العلوي وجفافه ، ويعرف هذا الهواء بالرياح التجارية التي تسود البلاد في فصل الصيف .
4-  هواء قطبي قاري معتدل :- يصل إلى شمال البلاد في فصل الشتاء مندفعا نحو مؤخرة الانخفاضات الجوية المارة عبر البحر المتوسط من الغرب إلى الشرق ، وهو يأتي من جنوب روسيا وشرق أوروبا ، ويكون جافا في بادئ الأمر ، إلا أن مروره على المياه الدافئة للبحر المتوسط يؤدي إلى زيادة كمية بخار الماء العالقة به من جهة ، وإلى ارتفاع درجة حرارته نسبيا من جهة أخرى ، ويؤدي هذا التغير بدوره إلى حدوث حالة عدم استقرار في طبقاته ، مما يجعله سببا في إثارة بعض العواصف وسقوط المطر على الشريط الساحلي للبلاد ، وكثيرا ما يؤدي وصوله إلى حدوث موجات برد شديدة القسوة ( قرة العنز ) تهبط درجة الحرارة أثناءها إلى ما دون درجة التجمد على الجبل الغربي والجبل الأخضر بالذات .
5-  هواء قطبي بحري :- ومصدره الكتل الهوائية القطبية التي تنشأ فوق شمال المحيط الأطلسي ، ويصل البلاد بصفة خاصة في فصل الشتاء ، حيث يندفع من الشمال والشمال الغربي نحو مؤخرات الانخفاضات الجوية العابرة للبحر المتوسط من الغرب إلى الشرق ، ويتميز هذا الهواء بالبرودة وارتفاع معدلات بخار الماء العالقة به ، ونظرا لدفء مياه البحر المتوسط بالنسبة لليابس المحيط بها فإن مرور هذا الهواء فوقها يساعد على رفع درجة حرارته ، وزيادة كمية بخار الماء العالقة به ، ويؤدي ذلك إلى حدوث حالة عدم استقرار في طبقاته مما يجعله هو أيضا سببا في إثارة عواصف شديدة ، وهذا الهواء هو الذي يحمل إلى النطاق الساحلي الشمالي في ليبيا معظم الأمطار التي تسقط عليه ، ويؤدي تقابل الكتل الهوائية المختلفة فوق البحر المتوسط إلى تكوين جبهات تتصارع عندها تلك الكتل ، وينشأ عن هذا الصراع توالد حوالي (70) انخفاضا جويا أو نحو 90 % من الانخفاضات الإعصارية التي يتأثر بها الإقليم في فصل الشتاء وفي الفصلين الانتقاليين (الربيع والخريف) ، أما باقي الانخفاضات فتتكون نتيجة لتقابل الكتل الهوائية فوق المحيط الأطلسي ، ثم تتجه إلى البحر المتوسط عن طريق ممر كركسون بخليج بسكاي في الشمال ومضيق جبل طارق في الجنوب ، وتعزى إلى تلك الانخفاضات معظم الأمطار وتقلبات الطقس في الفترة من شهر التمر (أكتوبر) إلى شهر الماء (مايو) من كل عام ، أما في الصيف فيقل الاختلاف بين الكتل الهوائية لتقارب حرارتها ، ويكاد يخضع الإقليم لتأثير الكتل المدارية القارية ، ولهذا السبب تنعدم الانخفاضات الجوية المطيرة .
  
الكتل الهوائية المؤثرة في مناخ ليبيا

خامسا : الغطاء النباتي :-
معظم مساحة البلاد عبارة عن صحراء قاحلة تنعدم فيها الحياة النباتية ، فيما عدا أطرافها الشمالية حيث تنمو نباتات قزمية قليلة الكثافة ، تكيفت مع ظروف الجفاف الفصلي الطويل بعدة طرق منها :-
1-  الأوراق الصغيرة الحجم والغليظة والتي تغطيها طبقة شمعية لكي تقلل من المساحة المعروضة لضوء الشمس من جهة ، والفاقد من بخار الماء عن طريق النتح من جهة أخرى ، وهناك أنواع حوّرت أوراقها بشكل متطرف للغاية فأصبحت شوكية قليلة التأثر بأحوال الجو القاسي من حولها .
2-  النباتات قزمية في حجمها وقليلة في كثافتها ، فصغر الحجم يقلل من المساحة المعرضة لطاقة الإشعاع ، وقلة الكثافة يقلل من درجة التنافس على كميات المياه الشحيحة التي تأتي في فترات متباعدة للغاية .
3-  الجذور إما عميقة تبحث عن المياه الجوفية ، أو سطحية منتشرة على مساحة واسعة بالقرب من سطح التربة في محاولة للاستفادة من أكبر قدر من المياه المتساقطة والندى .
وعلى البروزات الساحلية المتوغلة في البحر ، وعلى أطراف الجبال المقابلة لمسار الرياح الممطرة تنمو حياة نباتية أكثر كثافة وأكبر ضخامة من سابقتها ، تمتاز أيضا بديمومة الخضرة شبيهة بغابات البحر المتوسط ، تكيفت هي أيضا مع ظروف الجفاف الصيفي الطويل بلحاء غليظ يغطي الجذع والأغصان ، وبصغر حجم الأوراق التي تغطيها أيضا طبقة شمعية تحد من كمية الفاقد المائي عن طريق النتح .
وعموما يمكن القول بأنه ليس هناك أي أثر يذكر للغطاء النباتي في مناخ ليبيا فيما عدا بعض التأثيرات المحلية في المناطق الكثيفة نسبيا في نباتاتها ، كمناطق الجبل الأخضر ، حيث يلاحظ بعض التأثيرات في الرطوبة المحلية ودرجة الحرارة ، فبخار الماء الناتج عن عمليات النتح يرفع من نسبة الرطوبة في الهواء ، كما أن تحول جزء من الطاقة المتوفرة في الهواء إلى حرارة كامنة في بخار الماء الناتج عن النتح يؤدي إلى انخفاض درجة الحرارة ، كما تقوم النباتات بعرقلة حركة الرياح فتقلل من سرعتها أضف إلى ذلك بعض التأثيرات البيئية الأخرى ، كمنع الانجراف المائي والهوائي للتربة ، وتحسين خواص التربة ، وتوفير بيئة ملائمة لحياة الحيوانات البرية والطيور ، وتنقية الجو من ملوثاته الغازية والغبار ، وتزويده بالأكسجين الضروري لحياة الإنسان والحيوان .
  
حالة المناخ في ليبيا
     تعد دراسة المناخ climate على قدر كبير من الأهمية في الدراسات الجغرافية ، فكما هو معلوم فإن للمناخ وخصائصه آثارا مباشرة وغير مباشرة على الإنسان والحيوان والنبات ، فعلى الإنسان يؤثر تأثيرا بالغا على مستوى نشاطه البدني والعقلي ، كما أنه يحدد الحرف والأنشطة التي يمكن مزاولتها ، فالمناخ يؤثر في حرفة الزراعة فهو المحدد الرئيس لمواسم الزرع ولأنواع المحاصيل التي يمكن أن يزرعها الإنسان ، كما أنه يحدد حرفة الرعي ويؤثر فيها من حيث الكم والنوع ، حيث يلاحظ أن المناطق التي يؤمن مناخها ظهور الحشائش بكثرة وعلى امتداد مساحات كبيرة ، تكثر فيها المراعي الصالحة لتربية الحيوانات ولظهور حرفة الرعي التجاري كما هو الحال في عديد من دول العالم كالأرجنتين وأستراليا ونيوزيلنده ، بل إن للمناخ تأثيرا على النشاط الصناعي فهناك صناعات تحتاج إلى خصائص مناخية معينة كصناعة المنسوجات مثلا ، وللمناخ آثارا كبيرة على نشاط النقل والمواصلات فقد يشكل عائقا أمام حركة النقل في أوقات معينة كحالات هبوب العواصف الترابية ، والفيضانات والتي غالبا ما تؤدي إلى توقف حركة المواصلات في المناطق التي تتعرض لهكذا ظروف مناخية ، وسوف نستعرض خصائص مناخ ليبيا انطلاقا من دراستنا لأبرز عناصره الرئيسسة وعلى النحو التالي :-
أولا : درجات الحرارة :-
         تتأثر درجات الحرارة في ليبيا عموما بعدة عوامل بعضها متعلق بالموقع الجغرافي سواء بالنسبة لدوائر العرض ، أو بالنسبة لليابس من ناحية والبحر من ناحية أخرى ، وبعضها الأخر متعلق بتضاريس البلاد واتجاه سواحلها ، ولما كانت البلاد تمتد بين دائرتي العرض 45َ 18 ْ و 57 َ 32 ْ شمالا ، فإن القسم الأكبر منها يدخل في المناخ الحار الذي يزيد من قسوته انتشار المظاهر الصحراوية في البلاد ومن حولها ، ورغم أن قسما من شمال البلاد يدخل ضمن العروض المعتدلة ، إلا أن مناخ هذا القسم لا يمكن أن يوصف بأنه معتدل إلا بالنسبة للشريط الساحلي ومعظم المناطق الجبلية .
         ورغم أن الاختلافات في درجات الحرارة تعد كبيرة من مكان لآخر ، حسب تأثير البحر والارتفاع ، فإن خط سيرها العام خلال السنة يكاد يكون واحدا في كل البلاد تقريبا ، ففي أغلب الأماكن نجد أن شهر أي النار "يناير" هو أقل شهور السنة حرارة ، وترتفع درجة الحرارة ابتداء من شهر النوار " فبراير " ارتفاعا منتظما وسريعا نوعا ما حتى تصل إلى نهايتها العظمى في شهر هانيبال " أغسطس " أو شهر ناصر " يوليو" ويتراوح المعدل السنوي لدرجة الحرارة في كل جهات ليبيا تقريبا بين 18 ْ م و 23 ْ م ، وهو معدل يوحي بأن البلاد كلها معتدلة المناخ ، إلا أننا إذا ما قمنا بمراجعة النهايات العظمى لدرجات الحرارة لأشهر السنة لوجدنا أنها تتراوح بين 23 ْ م و 25 ْ م في الشريط الساحلي ، وبين 25 ْ م و 28 ْ م في النطاق شبه الصحراوي الذي يليه من ناحية الجنوب ، ثم تزيد عن 30 ْ م في قلب الصحراء ، وكذلك الحال بالنسبة للمدى الحراري الذي ينخفض نسبيا في المناطق الساحلية عنه في المناطق البعيدة عن البحر ، حيث يلاحظ أن متوسط المعدل السنوي لدرجات الحرارة يتراوح بين 9 ْ و 11 ْ م في طرابلس ومصراته وبنغازي وغيرها من بقية المناطق الساحلية ، في حين نجده يرتفع إلى ما بين 12 ْ و 14 ْ م في غريان ويفرن والمرج  وشحات وغيرها من المناطق الجبلية ، وإلى ما بين 15 ْ و 18 ْ م في بقية أنحاء البلاد .
         وبالإضافة إلى الاختلافات العامة التي تميز الأقسام الكبرى للبلاد وهي السواحل والجبال والصحراء أو شبه الصحراء ، فإن الظروف المحلية الخاصة بكل مكان داخل القسم الواحد قد يكون لها أثر واضح في درجة حرارته ، فإذا ما قارنا بين مدينتي طرابلس وبنغازي ، وهما مدينتان ساحليتان فإننا نلاحظ أن المعدلات الحرارية في طرابلس تنقص بما يتراوح بين نصف درجة ودرجة ونصف عنها في بنغازي ، ويزداد الفرق بينهما بصفة عامة خاصة في شهري الكانون "ديسمبر" وأي النار "يناير" ، وفي كلتا المدينتين نجد أن أشد شهور السنة حرارة هو شهر " هانيبال " أغسطس ، حيث يبلغ المعدل في طرابلس 26.2 ْ م وفي بنغازي 25.6 ْ م ، أما أبرد الشهور في المدينتين في شهر أي النار حيث يبلغ المعدل في طرابلس 11.8 ْ م وفي بنغازي 13 ْ م ، ومعنى ذلك أن المدى الفصلي للحرارة يكون في طرابلس 14.4 ْ م وفي بنغازي 12.6 ْ م وهو ما يدل على أن تأثير البحر على مناخ بنغازي أكبر من تأثيره على مناخ طرابلس ، مما جعلها أقل حرارة في الصيف وأدفأ نوعا ما في الشتاء ، وليس من شك في أن الساحل الذي تقع عليه مدينة بنغازي له دخل في ذلك لأنه يساعد على وصول أثر البحر إليها من ناحية الشمال والغرب والجنوب الغربي ، بخلاف طرابلس التي يكون تأثير الصحراء على مناخها أوضح .
         أما جنوب البلاد فإنها تقع بأكملها في المناخ الصحراوي الحار بل وفي أشد أجزاء الصحراء الكبرى حرارة حيث يخترقها خط الحرارة السنوي 25 ْ م كما تقع أجزاؤها الجنوبية الغربية والغربية على حدود النطاق الذي يحدده خط الحرارة 30 ْ م وهو النطاق الذي يمثل أشد جهات العالم حرارة ، ويتميز هذا الإقليم بارتفاع المدى الفصلي والمدى اليومي للحرارة ، ويتراوح المدى الفصلي بين 18 و 20 درجة وقد يصل إلى 25 درجة في بعض الأحيان ، أما المدى اليومي فإنه يتراوح بين 14 و 20 ْ م وفي حالات نادرة قد يصل إلى 25 ْ م .
جدول المتوسطات الشهرية لدرجات الحرارة
في بعض مدن ليبيا
المدينة
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
شحات
9.4
10
11.4
14.6
18.5
21.9
22.7
23.2
21.3
18.2
14.9
11
بنغازي
12.5
13.2
14.9
18.8
22.5
25.5
26
26.6
25.1
22.2
18.3
14.2
طرابلس
12.6
13.7
15.6
18.3
21.0
24.3
25.9
26.7
25.7
22.6
18.3
14.2
الكفرة
12.8
15.3
19
24
28
30.5
30.3
30.4
28.5
24.3
18.4
14
المصدر : محمد عياد مقيلي ، فصل المناخ في كتاب الجماهيرية دراسة في الجغرافيا ، تحرير د /الهادي بولقمة و د/ سعد القزيري ، سرت : الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان 1995 ، ص 193
وبمقارنة أخرى بسيطة لمدى تأثر مدن الساحل بالبحر ، نجد أن مدينة طرابلس على سبيل المثال تشهد في المتوسط حوالي 4.5 يوم في السنة تفوق درجة حرارتها العظمى (40 ْ مئوية) بينما يبلغ عدد الأيام المماثلة في الكفرة نحو 29 يوما في السنة ، كما أن أقصى درجة حرارة سجلتها مدينة طرابلس هي 46 ْ م في شهر (7) ناصر سنة 1956 ، بينما سجلت مدينة العزيزية في شهر الفاتح "سبتمبر" من عام 1921 رقما قياسيا لم يسجل في أي مكان آخر من العالم عندما صعدت الحرارة إلى 58 درجة مئوية في الظل .

ثانيا : الضغط الجوي والرياح :-
         الضغط الجوي عنصر مناخي هام يؤثر توزيعه بصورة مباشرة في شدة الرياح واتجاهها وبالتالي في توزيع المطر ، فنطاقات الضغط الجوي هي التي تتحكم في مسارات الرياح السطحية كما أنها عامل رئيسي تتحكم في هطول الأمطار .
         ففي فصل الشتاء يتزحزح الضغط المنخفض الآيسلندي والضغط المرتفع الآزوري قليلا إلى الجنوب بواقع 5-10 درجات عرضية ، بسبب انتقال الشمس الظاهري إلى مدار الجدي في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية ، وتصبح منطقة الصحراء الكبرى امتدادا للضغط المرتفع الآزوري والمرتفع الآسيوي ، ومن هذا النطاق العظيم للضغط المرتفع تنتشر الرياح الشمالية والشمالية الشرقية الجافة باتجاه المنخفض الاستوائي الواقع إلى الجنوب من الدائرة الاستوائية .
         وفي بعض الأحيان تتخلى الرياح التجارية عن سيطرتها عن الأطراف الشمالية لتترك المجال مفتوحا أمام الرياح العكسية وانخفاضاتها الجوية المطيرة لكي تغزو تلك الأقاليم ، حيث يتعرض الساحل الليبي في فصل الشتاء لتأثيرات الانخفاضات الجوية المرتحلة من الغرب إلى الشرق عبر البحر المتوسط ، حيث يتحول البحر المتوسط في هذا الفصل إلى مركز للضغط المنخفض النسبي بسبب دفء مياهه ورطوبة هوائه ، فتنجذب إليه الكتل الهوائية والرياح العكسية ، والانخفاضات الجوية من الغرب ، كذلك تقوم التيارات الهوائية العليا ولاسيما التيارات النفاثة بدور مهم في تنشيطها وتوجيهها باتجاه الشرق والشمال الشرقي .
         أما في فصل الصيف فإن الحالة تنعكس حيث تتزحزح منطقة الضغط المرتفع الآزوري نحو الشمال ويمتد منها ذراع يتمركز على البحر المتوسط ، ونتيجة لتعامد الشمس على مدار السرطان وبالتالي ارتفاع درجة حرارة اليابس ، فإن الضغط المتكون على شمال أفريقيا يكون منخفضا ، فتكون ليبيا خاضعة للرياح التجارية الشمالية الشرقية ، وهي رياح قادمة من منطقة الضغط المرتفع في جنوب أوروبا وشمال البحر المتوسط ، متجهة نحو منطقة الضغط المنخفض المتكونة على صحراء شمال أفريقيا ، ورغم أن هذه الرياح تساعد على تلطيف درجة الحرارة في شمال ليبيا ، إلا أنها لا تؤدي إلى سقوط المطر ، لأنها تنتقل من مناطق فليلة البخر ، كما أن ظاهرة الانخفاضات والأعاصير الجوية تختفي في فصل الصيف لأن مسارها من الغرب إلى الشرق يتزحزح نحو الشمال ، كما أن تأثير الرياح القادمة من شمال المحيط الأطلسي ينحصر في غرب أوروبا .
  
ثالثا : الرطوبة النسبية :-
         تعتمد الرطوبة النسبية في الجو على كمية ما يحتويه الهواء من بخار الماء ، وعلى درجة حرارته ، فهي تزداد مع زيادة معدل التبخر أو انخفاض درجة الحرارة ، وتقل مع تناقص كمية البخار في الجو أو مع زيادة درجة حرارته ، وعليه فإن اختلاف طبيعة توزيع الرطوبة النسبية بين مختلف مناطق الجماهيرية يجب أن يفسر على هذا الأساس ، فالمناطق الساحلية تشهد معدلات عالية للرطوبة النسبية طوال العام خاصة في الصيف بسبب ارتفاع معدلات البخر ، والجدول التالي يوضح المتوسطات الشهرية للرطوبة النسبية في بعض مدن البلاد .

جدول المتوسطات الشهرية للرطوبة النسبية
في بعض مدن ليبيا
المدينة
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
طرابلس
64
62
61
60
61
62
64
64
65
63
63
63
شحات
79
74
73
66
58
57
68
69
71
72
74
78
القريات
60
48
43
38
33
30
36
37
24
54
56
58
الكفرة
45
37
13
26
23
24
24
25
28
33
41
45
المصدر : محمد عياد مقيلي ، فصل المناخ في كتاب الجماهيرية دراسة في الجغرافيا ، تحرير : د/الهادي بولقمة و د/ سعد القزيري ، سرت : الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان 1995 ، ص 198

رابعا : الأمطـــــار :-
          تعد الأمطار في ليبيا من العناصر المناخية المهمة باعتبارها عاملا رئيسا مؤثرا في توزيع السكان وتحديد نوع النباتات والحيوانات في أقاليم البلاد المختلفة ، وأمطار ليبيا هي أمطار شتوية السقوط ، فالصيف يتسم بالجفاف ، وغالبا ما تسقط الأمطار بداية من شهر التمور "أكتوبر" حتى شهر الطير "أبريل" ، وهي لا تسقط بصورة مستمرة منتظمة وإنما تتسم بالتقطع على فترات تبعا لمرور الأعاصير الجوية ومدى قوتها أو ضعفها ، وتلعب الرياح العكسية الشمالية الغربية دورا بارزا في ذلك ، كما أن أغلب كمية الأمطار تسقط على الساحل حيث تقف حافتا الجبل الأخضر والجبل الغربي حائلا أما تقدم الرياح الممطرة .
          وبنظرة على خريطة توزيع أمطار الجماهيرية يتضح أن الموقع الجغرافي وبخاصة ظروف التضاريس والصحراء تلعب دورا رئيسا في تفسير كثير من الاختلافات في توزيع كميات المطر ، فالمنطقة المطيرة في ليبيا والتي تستلم 50 مليمترا فما فوق تنحصر في نطاق محدود لا يتعدى 18 % من مساحة البلاد ، ويحدها خط يمتد مع دائرة العرض 31.5 درجة شمالا تقريبا من الشرق إلى الغرب ، ينحني إلى الجنوب حتى دائرة العرض 30 درجة شمالا تقريبا في خليج سرت ، أما الأمطار التي تتجاوز كميتها 600 مم فتتساقط على الدرجة " المصطبة " الثالثة من الجبل الأخضر وتحديدا في منطقة شحات ،أما القسم الأكبر من البلاد فنصيبه يقل عن 50 مم بل إن أغلب أجزاء البلاد يقل فيها المعدل عن 10 مم ، في حين أن مناطق أخرى تتراوح أمطارها ما بين 100 – 400 مم . ويمكننا القول أن هناك منطقتين رئيستين تتمتعان بقدر كبير من الأمطار سنويا هما المنطقة الشمالية الشرقية والتي تضم الجبل الأخضر وسهل بنغازي ، والمنطقة الشمالية الغربية والتي تشمل سهل الجفارة والجبل الغربي ، وتنخفض معدلات المطر السنوية كلما اتجهنا نحو الجهات الجنوبية ، فتنخفض معدلات الأمطار السنوية في المنطقة الشمالية الشرقية باتجاه الجنوب حيث تهبط المعدلات من حوالي 500 مم في شحات إلى حوالي 100 مم في المخيلي و 50 مم في مسوس ، كما تنخفض الأمطار بالاتجاه شرقا وغربا من هذه المنطقة كما هو الحال في خليج بمبا والأطراف الغربية لسهل بنغازي ، كما تتناقص معدلات الأمطار حول المنطقة الشمالية الغربية من البلاد حيث تقل من 300 مم في جبل غريان إلى أقل من 80 مم في مزده .
          وتتأثر الأمطار في سقوطها على الأراضي الليبية بشكل الساحل واتجاهه ، فبمقارنة كل من أمطار طرابلس وبنغازي نجد أن الأولى أكثر مطرا (380) مم والثانية (270) مم ، مع أنها أكثر بعدا نحو الشمال ، وذلك لأنها أكثر الجهات تعرضا لغزو الأعاصير الشتوية الممطرة والتي تكون أقوى في غرب البلاد عن شرقها ، حيث أن الأمطار تأخذ في التناقص نحو الشرق والجنوب وذلك بسبب فقد الأعاصير التي تمر على تلك الجهات لكثير من رطوبتها ، أما سواحل خليج سرت فتقل فيها الأمطار إلى 100 مم حيث يظهر الطابع الصحراوي بالقرب من الساحل ويرجع ذلك لتراجع السواحل في سرت على هيئة قوس نحو الداخل ، أما ارتفاع معدل الأمطار في شمال هضبة الجبل الأخضر فيرجع لتأثير الرياح الغربية بأعاصيرها المعروفة وكذلك لعامل الارتفاع .
          ويلاحظ أن المطر يبدأ عادة في شهر التمور " أكتوبر" بكميات قليلة ثم يأخذ في الزيادة السريعة حتى يبلغ أعلى معدل له في شهر أي النار "يناير" ثم يبدأ في التناقص حتى نهاية شهر الربيع "مارس" وأوائل شهر الطير "أبريل" ، ومن سمات سقوط المطر في البلاد أنه يتسم بالتذبذب وعدم الانتظام في سقوطه سواء من حيث الكميات أو من حيث فترات التساقط ، مما يشكل عائقا أما التنمية الزراعية في البلاد ، ويمكننا تقسيم توزيع المطر على النحو التالي :-
1-  مناطق تتلقى كمية من الأمطار تزيد عن 500 ملليمتر سنويا :- وتمثلها الطبقة العليا للجبل الأخضر حيث تتمتع بأغزر الكميات من المطر ، وتأتي شحات في مقدمة محطات الأرصاد في هذه المنطقة وأعلى رقم سجلته هو 964 مم في شهر 10 من عام 1954 ، ويرجع السبب في ذلك إلى ارتفاع الجبل الأخضر وإشرافه المباشر على البحر ، أما بقية أجزاء الجبل فتنال كميات أقل من الأمطار ، حيث تتناقص كميات التساقط كلما اتجهنا نحو الشمال حيث تهبط المعدلات إلى 395 مم في سوسه و 300 مم في درنة و 140 مم في مرتوبة وتتناقص هذه الكميات بالاتجاه نحو الجنوب حيث تظهر صفات المناخ شبه الصحراوي ، ولا يزيد معدل الأمطار عن 100 مم جنوب مرتوبة وأقل من ذلك جنوب المخيلي ، والسبب في ذلك وقوع تلك المناطق فيما يعرف بظل المطر نظرا لإعاقة الجبل لمرور المؤثرات البحرية والرياح الممطرة نحوها .
2-  مناطق أمطارها ما بين 400 – 500 مم :- وتشمل قسما أكبر من المنطقة الأولى ، وتمتد على شكل بيضوي يحيط بالمنطقة الأولى في الجبل الأخضر ، وتمتد لمسافة نحو 150 كيلو مترا من المرج في الغرب إلى القبة في الشرق وبعرض يتراوح ما بين 15-20 كيلو مترا ويمثل هذا الإقليم محطات أرصاد بطة والبياضة وقصر ليبيا والمرج .
3-  مناطق أمطارها ما بين 300 – 400 مم : وتتمثل في بشكل واضح في ثلاث مناطق ، الأولى في شمال غرب البلاد من غرب طرابلس عند مدينة جنزور إلى منطقة التقاء الجبل الغربي بالسهل قرب مدينة الخمس ، وتشمل هذه المنطقة الأراضي الزراعية الممتدة حول طرابلس والقره بوللي وتاجوراء وبن غشير حيث سجلت أمطار كميتها 380 مم في طرابلس و 320 مم في القره بوللي و 350 مم في تاجوراء ، أما المنطقة الثانية فتتركز في وسط الجبل الغربي في أعلى المناطق حول غريان حيث يبلغ المعدل في غريان 330 مم وتتناقص الكميات بشدة في جميع الاتجاهات ، أما المنطقة الثالثة فتتمثل في المناطق المجاورة للمنطقة الثانية (400-500) مم ، ويمتد هذا النطاق من درنة في الشرق حتى وسط ما بين المرج والأبيار .
4-   مناطق معدل أمطارها ما بين 200 – 300 مم : وتتمثل في الآتي :-
أ‌)       منطقة صغيرة في شمال غرب البلاد حول مدينة زوارة .
ب‌) أغلب الأجزاء الشرقية للجبل الغربي وسهل الجفارة .
ت‌) شرقي سهل بنغازي من بنغازي حتى العقورية ، وتتمثل هذه المنطقة في مدن بنغازي والعقورية والأبيار ومراوة .
5-  مناطق أمطارها ما بين 100-200 مم : وتمتد على هيئة شريط من الشرق إلى الغرب يتراوح عرضه ما بين 20 – 35 كيلو مترا ويطل في الشرق على الساحل في هضبة البطنان والدفنة ثم يمتد عبر الأجزاء الجنوبية للجبل الأخضر شمال المخيلي ما بين مرتوبة وزاوية العزيات وحتى قمينس ويواصل هذا النطاق امتداده مع الساحل حتى تاورغاء ، شاملا كلا من سلوق واجدابيا وسرت والعقيلة وبوقرين ، ومن جنوب مصراتة يمتد مع الأجزاء الجنوبية للجبل الغربي حتى نالوت .
6-  مناطق تقل أمطارها عن 100 مم : وتشمل أغلب أجزاء البلاد وتتمثل في الأراضي الليبية الواقعة إلى الجنوب من الشريط السابق ذكره ، وتضم الأراضي الصحراوية بما فيها المنخفضات الشمالية والجنوبية .

طبيعة أمطار ليبيا :-
     إن أمطار شمال ليبيا في جملتها من النوع الإعصاري ، وهي تأتي مع المنخفضات الجوية التي تتكون على حوض البحر المتوسط أو تغزوه من ناحية الغرب ، وتنشأ هذه المنخفضات عادة نتيجة لالتقاء نوعين مختلفين من الهواء أحدهما مداري قاري مصدره الصحراء الكبرى والثاني قطبي بحري أو قاري يأتي من ناحية الشمال ، ويسقط هذا النوع من الأمطار غالبا على شكل وابل يأتي في فترات متقطعة ، ورغم أن الأمطار تسقط كلها تقريبا في نصف السنة الشتوي ، إلا أنها تتباين تباينا عظيما من سنة إلى أخرى سواء في كميتها أو في توزيعها على الأشهر ، حتى أنه ليصعب علينا أن نحدد الشهر الذي تظهر فيه قمة الأمطار ، ففي بعض السنوات تظهر هذه القمة في شهرأي النار وهذا هو الغالب ، ولكنها يمكن أن تظهر في شهر الكانون "ديسمبر" أو النوار "فبراير" ، ولما كان شهر الربيع "مارس" هو الذي يحتل قلب الموسم الزراعي فإن نقص أمطاره أو زيادتها هو العامل الرئيسي الذي يقرر في معظم السنوات نجاح المحصولات الزراعية البعلية أو فشلها ، خصوصا فيما يتعلق بمحصول القمح والشعير ، كما أنه هو الذي يقرر بالتالي مبلغ الرخاء الذي ينعم به المزارعين في بعض السنوات ، أو القحط الذي يصيبهم في سنوات أخرى ، وليس هذا الاضطراب الشديد في نظام الأمطار مقصورا على شهر المريخ "مارس" وحده ، بل إنه يظهر كذلك بالنسبة لأي شهر آخر من أشهر فصل الشتاء بما في ذلك شهرا الكانون وأي النار اللذين يحتلان قلب الفصل المطير .
     وكما سبق فإن موسم أمطار ليبيا يبدأ عادة في شهر التمور " أكتوبر" وتأخذ الأمطار بعد ذلك في الازدياد بسرعة ، ويكون انتهاؤها تدريجيا وذلك بسبب ظهور الانخفاضات الجوية الربيعية التي يصحبها غالبا سقوط قليل من الأمطار في كل من شهر الطير "أبريل" والماء "مايو" .
     وبالإضافة إلى المطر الإعصاري الذي تتكون منه معظم أمطار شمال ليبيا ، فإن المناطق الصحراوية في الداخل تتعرض على الرغم من جفافها الشديد ، لسقوط أمطار فجائية تأتي في فترات متباعدة مع عواصف الرعد ، ويكون سقوطها غالبا بغزارة شديدة ، فتمتلئ بها الأودية ، وتترتب عليها أحيانا فيضانات خطيرة في مناطق الواحات ، وكثيرا ما كانت هذه الفيضانات سببا في تلف المحاصيل وهلاك الماشية وهدم المساكن في بعض الواحات كما حدث في واحات جالو عام 1960 ف .
بعد هذا العرض العام لعناصر المناخ في ليبيا يتبين أن مناخ البلاد لا ينتمي إلى نوع واحد من أنواع المناخ ، نظرا للتفاوت والاختلاف في خصائصه ، ولهذا يمكننا تقسيم مناخ الجماهيرية إلى الأقاليم المناخية التالية :-
1-  مناخ البحر المتوسط : ويسود هذا المناخ شمال البلاد مع امتداد الساحل أي على هيئة شريط يتسع في بعض المناطق ويضيق في الأخرى ، تبعا لمستوى توغل أثر البحر والأعاصير الشتوية ، وهو بصفة عامة معتدل في الشتاء وحار جاف في الصيف ، وأمطاره شتوية ويقل الفرق الحراري اليومي والفصلي بسبب تأثير البحر ، كما أن الرطوبة النسبية للجو أعلى في الساحل منــها في الدواخل ، وتبلغ هذه الرطوبة نهايتها الكبرى في شهر ناصر " يوليو " .
2-  مناخ المرتفعات الساحلية : ويشمل هذا المناخ نطاق الجبل الغربي والجبل الأخضر وهو شبيه بمناخ البحر المتوسط وإن كانت الأمطار في الجبل الأخضر أعلى منها في الجبل الغربي ، ونظرا لاعتدال مناخ هذه المناطق فقد كستها الغابات دائمة الخضرة وخاصة في الجبل الأخضر حيث تنتشر فيها أشجار البلوط والبطوم والعرعار والصنوبر .
3-  مناخ الاستبس : وينحصر فيما خطي المطر 25-150 مم ويسود في الأجزاء الجنوبية لمرتفعات الجبل الأخضر ، أي ما يعرف بظل الجبل ، كما يمتد ليشمل سواحل البحر المتوسط في خليج سرت ، كما يتمثل في السفوح الجنوبية للجبل الغربي ويمتد كذلك في الأجزاء الشمالية الغربية من سهل الجفارة ، ويتسع هذا النطاق في الغرب ويضيق في الشرق بسبب قرب حافة الجبل الغربي من الساحل ، ويعتبر هذا النطاق قاحلا تتمثل فيه صفات الجفاف ولا تمر فيه الأودية إلا في فترات الفيضانات ، ويمتاز هذا النطاق بأنه أكثر تطرفا حيث المدى الحراري اليومي والشهري أكبر من منطقة الساحل ، كما أن الرطوبة النسبية فيه أقل من الأقاليم السابقة ، وهو بالتالي يعد مناخا انتقاليا بين مناخ البحر المتوسط والمناخ الجبلي في الشمال والمناخ الصحراوي في الجنوب ، وهو إقليم فقير في أعشابه ، وحياته النباتية تحتاج للري الدائم فالأمطار قليلة ومتذبذبة ، ومن أهم حشائش الإقليم نباتات الحلفا التي كانت تعد من أهم صادرات ليبيا قديمة والتي تستغل في بعض الصناعات المحلية .
4-  المناخ شبه الصحراوي والصحراوي : ويضم هذا النوع أكبر مساحة من البلاد وبنسبة تزيد عن 90 % من إجمالي المساحة ، ويمتد من سواحل خليج سرت وجنوب الجبل الأخضر والجبل الغربي حتى الحدود الجنوبية للبلاد ، وهو إقليم يتسم بالجفاف ، وتتفاوت فيه درجات الحرارة بشكل كبير بين الصيف والشتاء وبين الليل والنهار ، أما أمطاره فإنها تقل عن 70 مم وكثيرا ما تمر سنوات دون أن يهطل المطر ، والرطوبة النسبية منخفضة جدا ، ونظرا لهذه الظروف القاسية فإن الحياة النباتية والبشرية تكاد تكون معدومة في غالب أجزائه باستثناء الواحات المتناثرة التي تعتمد على طبقة المياه القريبة من السطح .
    
الجغرافيا الحيوية لليبيا
أولا : التربة موردا طبيعيا :-
     بداية يجدر بنا التعرض لتعريف التربة والتي  هي عبارة عن ذلك الجزء السطحي المفتت من القشرة الأرضية والتي تمثل بيئة نمو النبات الذي يحصل من خلالها على العناصر الضرورية سواء كانت معدنية أم عضوية ، وفيها يمد جذوره ويثبت نفسه ، وتعتبر كلمة تربة Soil  ذات أصل روماني اشتق من الكلمة اللاتينية Solum والتي تعني موارد أرضية سائبة تنمو فيها النباتات ، وقد استعمل هذا الاصطلاح كمرادف لكلمتي Earth وGround فبالنسبة للمزارع تعني كلمة التربة الطبقة العليا من القشرة الأرضية التي تنمو عليها المزروعات المختلفة ، وتعتبر التربة النتاج النهائي لقوى الطبيعة ، فهي نتيجة لتداخل عوامل المناخ والحياة العضوية والصخور والانحدار والزمن ، وهذه العوامل الشديدة التنوع من مكان إلى آخر هي المسئولة عن تكوين التربات بأنواعها المختلفة كما تتمثل على سطح الأرض .
علاقة تكوين التربة بمادة الأصل :-
     قد تتشابه الترب الليبية في بعض خواصها بصفة عامة إلا أنها متباينة في تكوينها ونشأتها الأمر الذي يؤثر في خصائصها ومدى استجابتها للاستغلال الزراعي وتنميتها ، تبعا لتباين الظروف المناخية والمظاهر الطبوغرافية ومادة الأصـل ، فعلى سبيل المثال تنقسم مادة الأصل المشتقة منها التربة إلى قسمين هما :-
1- مواد الأصل المفتتة المتبقية In-situ  وهي عبارة عن الصخور سواء أكانت نارية أو رسوبية أو متحولة التي تعد مصدرا للتربة المحلية نتيجة لنشاط عمليات التجوية الميكانيكية في المناطق الجافة وشبه الجافة ، والتجوية الكيميائية في الأقاليم شبه الرطبة التي تنتشر بها الظواهر الكارستية مثل تربة أحواض إقليم الجبل الأخضر .
2- مواد منقولة Transported  عن طريق المياه أو الجليد أو الرياح أو بواسطة الجاذبية الأرضية أو بها جميعا ، ويرجع إليها تكوين معظم الترب الليبية في الأقاليم الجافة أو الصحراوية وشبه الجافة وشبه الرطبة ومنها الرواسب الهوائية الرملية المختلفة الأحجام لحبيبات الرمل في المنخفضات والتلال وعلى حواف الصحاري ، ويعد هذا النوع من الرواسب مادة الأصل لكثير من الترب الليبية نتيجة للرمال الصحراوية السافية المتحركة التي نشأت من تحلل معادن الصخور الرملية الصحراوية وتفتتها بواسطة التجوية الطبيعية ، ويغطي هذا النوع من الترب جنوب سهل الجفارة والمناطق الجنوبية الصحراوية مثل ترب إقليم المنخفضات الشمالية ( واحات جالو و أوجلة و الجفرة و السرير ) كما تشمل إقليمي حوض فزان والكفرة .
أما الرواسب المائية " البحرية " مادة أصل كثير من ترب مناطق الشريط الساحلي ، فتمتد في نطاق شريطي بين تاجوراء وبنغازي ثم تستمر إلى الشرق من درنة حتى طبرق وتوجد رواسب المجاري المائية في الأودية الجافة الشمالية ذات التصريف الخارجي والأودية الجنوبية ذات التصريف الداخلي .
أنواع الترب الليبية :-
          تتنوع الترب الليبية تنوعا كبيرا تبعا لطبيعة مادة الأصل وتفاوت التركيب الصخري ، ورغم سيادة الصخور الجيرية حيث تتنوع مظاهر السطح بين سهول وهضاب ووديان وجبال وتتباين الظروف المناخية سواء في التفاوت الحراري أو اختلاف كميات التساقط من إقليم لآخر وعلاقتها بتنوع الحياة النباتية والكائنات الحية وانتشارها بالإضافة إلى أثر النشاط البشري إما سلبا كتعرض التربة للانجراف أو إيجابا كتنميتها وحسن استثمارها .
          وتصنف التربة الليبية ضمن تربة المناطق الجافة وشبه الجافة وشبه الرطبة ، ومن أهم خصائصها :-
1-   احتواؤها على نسب ضئيلة من المواد العضوية والنيتروجين .
2-   ميلها إلى القلوية أو التعادل .
3-   بساطة تطور قطاعها بوصفها حديثة التكوين رغم احتوائها على تركيزات عالية من الأملاح القابلة للذوبان .
4-   كما أنها تربة خشنة إلى متوسطة القوام .
5-   نشاط الأحياء الدقيقة فيها بسيط إلى منعدم لانخفاض محتواها من الرطوبة وقلة الغطاء النباتي .
ويمكننا تقسيم الترب الليبية إلى الأنواع التالية :-
1)    التربة الرملية Sandy Soil :-
          تعتبر الأراضي رملية إذا احتوت على نسبة قدرها 85 % أو أكثر من حبيبات الرمل ، على أن لا تزيد نسبة الجزء الطيني فيها عن 10 % ، ويقع هذا النوع من الترب في المناطق الساحلية الممتدة من زوارة غربا حتى مصراتة شرقا ، وتتصف بفقرها للعناصر الغذائية الضرورية كالنيتروجين والفسفور والبوتاسيوم وكذلك المادة العضوية والمعدنية ، وانخفاض قدرتها على الاحتفاظ بالرطوبة وسرعة درجة نفاذيتها وانخفاض سعتها الامتصاصية الأيونية وتكون عديمة البناء عادة ، ويتعرض هذا النوع من الترب إلى الانجراف الهوائي والمائي ، وتشكل التربة الرملية مساحات كبيرة جدا إلى جانب أنواع التربة الرملية الصحراوية التي تقع في منطقة الصحراء الليبية الجافة .
2)   التربة الجيرية Calcareous Soil  :-
          تحتوي التربة الجيرية على نسبة مرتفعة من كربونات الكالسيوم ويرجع مصدرها إلى مادة الأصل أو ناتجا عن ترسيبات ثانوية من تواجد أيونات الكربونات والبيكربونات مع أملاح الكالسيوم الذائبة ، ويسود هذا النوع مناطق الجبل الأخضر والجبل الغربي ومعظم الواحات ، وتصل نسبة كربونات الكالسيوم فيها إلى 15 % فأكثر ، وعادة تكون صماء رديئة النفاذية تعوق نمو الجذور النباتية ، ومن صفات هذا النوع من الترب تشقق وتصلب طبقتها السطحية ، وتكون درجة تركيز الأيدروجين فيها عالية حيث تساعد على ترسيب الفوسفات الأحادية الذائبة والصالحة للامتصاص ، إضافة إلى فقرها للمواد الغذائية والعناصر الرئيسة وعنصر الحديد ، وقطاع التربة فيها يكون ضحلا غير عميق .
3)   التربة الرسوبية Alluvial Soil :-
          وتشمل ترب جميع الوديان بصورة عامة وتعتبر من النوع المنقول بواسطة السيول ، ويتصف هذا النوع من الترب بخصوبتها وحسن بنائها وقوامها ، وتعتبر أراضي سهل الجفارة ماعدا الجزء الشمالي منه باعتباره كثبانا رملية من هذا النوع .
4)   الترب الملحية Salaine Soils :-
          يتسم هذا النوع بارتفاع نسبة الأملاح فيه مما يجعله غير صالح لزراعة بعض أو جميع أنواع المحاصيل الزراعية ، وتكثر هذه الترب في مناطق الواحات وفي تلك المناطق التي تتداخل مياه البحر فيها مع المياه العذبة أو التي تسقى بمياه ري مالحة كما في منطقة تاجوراء ، هذا بالإضافة إلى مناطق السبخات الملحية المتفرقة في مختلف أنحاء البلاد كسبخة تاورغاء شرق مصراته والسبخات الموجودة بالقرب من الحدود الليبية التونسية في منطقة وازن – ذهيبة .
5)    الترب الصحراوية Desert Soils :-
          هذه الأنواع من الترب تكون رملية صحراوية تكونت بفعل عوامل البيئة والمناخ وتنتشر في أراضي الصحراء الليبية الشاسعة أو تلك المناطق التي تكونت فيها بفعل عوامل الترسيب بواسطة المياه الجارية والسيول الجارفة .
          ومن أهم الترب المميزة في شمال منطقة بنغازي هي التربة الحمـــــــــــراء " التيراروسا " والتي توجد بصفة خاصة في كل إقليم البحر المتوسط ، خاصة فوق طبقات الصخور الجيرية ، وتتكون هذه التربة تحت ظروف مناخ البحر المتوسط ، وبمقارنتها بتربة المناطق ذات المناخ الرطب فإنها تحتوي على كميات أكبر من الأملاح القلوية ، كما أن محتواها الكبير من الحديد مع قلة المحتوى من المادة العضوية هما السببان في إعطائها اللون الأحمر ، وتنتشر هذه التربة فوق جزء كبير من الجبل الأخضر ، وفوق بعض الجهات التي حملتها إليها بعض الوديان الموسمية وأرسبتها في مجراها ، الأمر الذي أدى إلى ظهور تسمية برقة الحمراء بهذا الاسم لأنها اكتسب اسمها من لون التربة الحمراء ، بينما برقة البيضاء استمدت اسمها من لون التربة شبه الصحراوية البيضاء .
          ويعتبر سهل المرج وسهل الفتائح شرق درنة وسهل النقعة قرب الأبيار من أهم مناطق التربة الحمراء " التيراروسا" كما توجد هذه التربة في بطون بعض المنخفضات في الجبل الأخضر وفي بعض السهول المجاورة ، ويختلف سمكها من حوالي 30 مترا في سهل المرج إلى أقل من مترين أو ثلاثة في الجزء الشرقي من الجبل الأخضر ، وهي من أحسن الترب لزراعة القمح والكروم وجميع أشجار الفاكهة .
مشاكل الترب الليبية :-
        تتمثل في الترب الليبية مشاكل ترب الأقاليم الجافة وشبه الجافة الموجودة في أجزاء متفرقة من الأقاليم المدارية ، إذ أن التربة هي الحلقة السرية "الحبل السري" الذي يربط بين عالم الجماد بما فيه من صخور وماء وغازات من ناحية ، وعالم الأحياء بما فيه من أنواع البكتيريا والنباتات والحيوانات والإنسان من ناحية أخرى ، فهي وسط حيوي له قيمته وأهميته فيما يطلق عليه بالتوازن البيئي ، وتتمثل في الترب الليبية مجموعة المشاكل التي تحد من مدى قابليتها للإنتاج الزراعي والاستثمار في الإنتاج الغذائي ومن أهمها مايلي :-
1- طبيعة تكوينها :- إن فقر الغطاء النباتي المستمر وغيابه يترتب عليه فقر في المادة العضوية ، فتربات الأراضي الصحراوية الجافة تتمثل في الواحات والمنخفضات بوصفها نمطا من التربات الإرسابية التي ينمو فيها بعض الفصائل النباتية الصحراوية ، كما أن تربات الأقاليم شبه الجافة تشكو من نقص عملية الغسل للأملاح المعدنية القابلة للذوبان مثل كربونات الكالسيوم وسلفات الكالسيوم وتتمثل في التربة الكلسية Pedocal Soil المتوفر في قطاعها الرأسي طبقات من الجير ويغلب على تكوينها المواد المعدنية مع نسبة أقل من 1% من المواد العضوية ، وتكون القشرة السطحية الكلسية ، وغالبا ما تكون المعادن في هذا النوع من التربة في متناول النبات ولكن يعوق استغلالها عدم توفر الرطوبة التي يمكن أن تجعل المواد الغذائية في التربة مفيدة للنبات .
2- انخفاض خصوبة التربة : ويقصد بخصوبة التربة قدرتها على الإنتاج الزراعي ونمو النباتات نموا يحقق مردود المجهود المبذول فيها بعد استعمال وسائل ومخصبات ، وهي العامل المحدد لدرجة القدرة الإنتاجية لقابلية التربة على نمو المحاصيل الزراعية وجودتها ، حيث أن معظم الترب الليبية تفتقر إلى المادة العضوية وبعض العناصر الأخرى ، أو أنها ملحية بها نسبة عالية من الأملاح مثل ترب السبخات وترب بعض المنخفضات ، كما أن هناك عوامل أخرى تؤثر على خواص التربة ، منها العوامل المناخية والبيئية التي تلعب دورا بارزا في تغيير خواص التربة وتحديد مستويات درجات خصوبتها عن طريق التأثير على العمليات البيولوجية والكيميائية بالتربة  ، ويمكن التغلب على مشكلة الخصوبة عن طريق إضافة المخصبات المختلفة وخصوصا الأسمدة العضوية ، واستعمال الطرق الزراعية المختلفة كالحرث العميق والتهوية الملائمة وزراعة المحاصيل البقولية ومقاومة الحشائش المنافسة للمزروعات في تحصيل المواد الغذائية ، وإتباع الدورات الزراعية المناسبة ، وتغيير مواعيد الزراعة البعلية والتغلب على مشكلة التعرية والانجراف لتحسين صفات التربة الزراعة بصفة عامة ، بالإضافة إلى استعمال الأسمدة الكيماوية المختلفة لكل نوع من التربة حسب احتياجاتها من المواد المعدنية ، مع مراعاة أن استعمال المخصبات الكيماوية بدون السماد العضوي له تأثيراته السيئة على تكوين وقوام التربة ، ويجب أن يكون ذلك بصورة مقننة وبإشراف وإرشاد وتوجيه زراعي .
3- ملوحة التربة :- يقصد بملوحة التربة ارتفاع محتواها من الأملاح كأيونات الصوديوم والمغنيسيوم والكالسيوم وبيكربونات الصوديوم والكربون والسلفات وغيرها ، والتي يرجع بعضها إلى تكوينات مادة الأصل والتي تكثر بها مثل تلك العناصر كما هو الحال بالنسبة للترب الكلسية ، والبعض الآخر نتيجة لتداخل مياه البحر كما هو ملاحظ في ترب السبخات الساحلية ، كما أن ارتفاع مستوى الماء الباطن بالخاصية الشعرية وارتفاع معدل التبخر وانخفاض معدل الأمطار أو انعدامها يؤدي إلى تراكم الأملاح كما هو الحال في ترب الأجزاء المنخفضة من الإقليم شبه الجاف والجاف في الصحراء الليبية ومن أمثلتها الترب الملحية في إقليم الواحات الشمالية والجنوبية مثل ترب منخفض الجفرة ، كما يظهر النمط الآخر من التربات الملحية كنتيجة لزيادة الري بطريقة الغمر وعدم انصرافها أو ترسبها في التربة في الوقت المناسب وانخفاض نوعية مياه الري وتعرضها للتبخر الشديد مما ينتج عنه ترسب المواد الملحية ، كما هو ملاحظ في ترب إقليم وادي الحياة ، كما أن هناك نوعا آخر من الترب الملحية المنقولة بواسطة الرياح والمياه الجارية حيث تنجرف الصخور الجيرية من المناطق المرتفعة إلى السفوح والمنخفضات فتترسب ومن أمثلتها ترب إقليم البلط جنوب الجبل الأخضر وإقليم القبلة جنوب الجبل الغربي .
وقد تحتوي التربة الملحية عادة على قشور صلبة بيضاء اللون من كلوريد كربونات الصوديوم ، أما الأراضي القلوية الملحية فتتكون على سطحها قشرة سوداء متكونة من تراكم مركب كربونات الصوديوم ، مثل ترب منطقة زلة ، بينما تظهر الترب التي بها القشور الملحية السطحية البيضاء في مناطق السبخ المختلفة ، وقد تحتوي تلك القشور الملحية على أملاح ذائبة مثل ترب تهالا والعوينات وبعضها يحتوي على أملاح قليلة الذوبان كأملاح الجبس وكربونات الكالسيوم بالإضافة إلى الأملاح الذائبة كما هو موجود في ترب تاورغاء ، وبصفة عامة تتباين نسب الملوحة من منطقة لأخرى حسب طبيعة التكوين وحسب العمق الذي توجد فيه الأملاح .
4-     تعرية التربة وانجرافها Soil Erosion:- تطلق كلمة انجراف التربة أو السفي على إزالة الطبقة السطحية من التربة تحت تأثير المياه والرياح ، ويكون الانجراف بواسطة الرياح أكثر ضررا عند سقوط الأمطار ، كما أن الانجراف المائي يزداد أثره بزيادة كمية الأمطار المتساقطة ، ونظرا لتميز هطول الأمطار في ليبيا بالتساقط في شكل زخات قوية في معظم المناطق الأمر الذي أدى إلى تعرض مساحات شاسعة من الأراضي للسيول السريعة والانجراف ، ويظهر أثر التعرية والانجراف جليا في الأراضي ذات المناخ الحار الخالية من النباتات الطبيعية وخصوصا أراضي البور ومناطق الرعي المعرضة للعراء وذات الطبقة الترابية الرقية القابلة للتفتت .
صور الانجراف :-
أ) الانجراف الهوائي :- يشكل الانجراف الهوائي " الريحي " مشاكل خطيرة لا تقل عن تلك التي يحدثها الانجراف المائي ، ويحدث هذا النوع من الانجراف في الأراضي البور المستوية أو المنحدرة وفي حالة قلة كميات المياه المتساقطة ، ويعتبر ظاهرة من ظواهر الجو الجاف الشديد الرياح حيث تعمل على فصل حبيبات التربة ونقلها من مكان لآخر ، الأمر الذي يؤثر على قوام التربة ، وتتلخص ميكانيكية الانجراف الهوائي كما يلي :-
1- تنشأ حركة حبيبات التربة بالرياح نتيجة تغلب ضغط الرياح ضد سطح الحبيبات على قوى الجذب الأرضي لها .
2- نقل حبيبات التربة بالرياح بواسطة القفز والحبيبات التي تنقل بهذه الطريقة دقيقة القوام ويتراوح حجمها بين 0,1 -  0,5   مم .
3- تنتقل حبيبات التربة بواسطة الزحف Surface Greed  وذلك بتدحرج وتزلق الحبيبات الكبيرة الحجم من التربة ويتراوح حجم هذه الحبيبات بين 0,5 – 1.0 مم .
4- النقل المعلق Suspension للحبيبات ذات الحجم الأقل من 0,1 مم أو لذرات الغبار ومن الرمل الناعم والتي تتم بموازاة سطح الأرض .
5- نقل حبيبات التربة وترسيبها في مكان آخر بواسطة عوامل متعددة تقلل من سرعة وقوة الرياح والدوامات الهوائية .
    وتتوقف عملية الانجراف الهوائي على عوامل متعددة منها :-
1- التربة : فزيادة تفكيك التربة وقلة الرطوبة فيها يجعلها عرضة للانجراف والتعرية ، كما أن التربة المستوية والملساء والخفيفة القوام " الرملية " تكون أكثر عرضة لعوامل الانجراف .
2- المناخ : تؤثر عوامل المناخ كالرطوبة " كمية الأمطار الساقطة " والرياح على الانجراف الهوائي " الريحي " .
3- الغطاء النباتي : للغطاء النباتي ومصدات الرياح الأثر الكبير في حماية التربة من الانجراف ، فالأراضي الفقيرة في غطائها النباتي تكون عرضة للتعرية أكثر من الأراضي الغنية بالكساء الخضري .
هذا وتتم مقاومة الانجراف الهوائي بالتخفيف من حدة وقوة الرياح وعمل مصدات من الأشجار والحفاظ على ما يكسو سطح الأرض من الأعشاب وزراعة أشجار الكازورينا والأثل والسرو والسبط وكذلك العمل على تثبيت الكثبان الرملية بواسطة نباتات الخريس والأثل والجازوف والنجيل الشوكي وغيرها .
ب ) الانجراف المائي :- ويقصد به نقل المكونات الأرضية بواسطة مياه الأمطار أو الري وتتم هذه بنزع حبيبات التربة من السطح ونقلها إلى أماكن أخرى عن طريق السيول ومياه الأمطار والري ويتوقف هذا النوع من التعرية على عوامل عديدة منها : انحدار الأرض ، نوع التربة ، كمية المطر وكثافته ، العمليات الزراعية ، نفاذية التربة ووجود الطبقة الصلبة الصماء ، والانجراف المائي أنواع منها :-
1- الانجراف السطحي " الصفائحي "  Sheet Erosion ويعتبر أخطر أنواع الانجراف نظرا لكونه يزيل الطبقة السطحية للتربة ( حوالي 2-3 سم ) بصورة بطيئة جدا وتعتبر هذه الطبقة غنية بالعناصر الغذائية والمادة العضوية ويزداد أثره في التربة الضحلة أو القليلة النفاذية .
2- الانجراف الأخدودي Rill Erosion ويعتبر صورة متقدمة للانجراف السطحي ، وتتكون الخلجان في سطح التربة نتيجة لتكوين أخاديد عريضة وعميقة لا يتعدى عمقها بضع بوصات .
3- الانجراف الخلجاني Cully Erosion ويعتبر صورة متقدمة للانجراف الأخدودي ، وتؤثر عليه العوامل المناخية ونوع ودرجة انحدار التربة وكثافة الغطاء النباتي ، وهناك عوامل عديدة تتحكم في الانجراف المائي هي :-
أ) المناخ : ويعتبر عامل المطر هو الأكثر فعالية .
ب) طبوغرافية الأرض : تؤثر درجة وطول ميل انحدار الأرض على كمية التربة المنجرفة .
ج) نوعية التربة : لنوعية التربة وقوامها ودرجة نفاذيتها وبنائها ونوعية التجمعات الحبيبية للتربة وقوة تماسكها .
د) الغطاء النباتي ودرجة الكساء الخضري : تؤثر درجة وكثافة الغطاء النباتي الأخضر واليابس على حدة الانجراف بأشكاله المختلفة .
        ولمقاومة الانجراف المائي طرق عديدة منها :-
1-   توفير الغطاء النباتي وترك مخلفات المحاصيل كالقش والجذور على سطح التربة .
2- عمل المصاطب " المدرجات " الاعتراضية في المناطق الجبلية للتخفيف من حدة جريان الماء السطحي ، ويتم هذا بعمل حواجز من الأحجار والحصى والأتربة تغطى بالأسلاك الحديدية وتدعى هذه الطريقة بالكابيون .
3-   استخدام أسلوب الحرث الكنتوري وتثبيت مجاري المياه بالحشائش وعمل برنامج للتشجير والرعي
أضرار الانجـــــــراف :-
        يمكن تلخيص أضرار الانجراف فيما يلي :-
1- سفي الحبيبات الدقيقة والمادة العضوية بواسطة الرياح تاركة طبقة من الرمل والحصى على السطح ، والذي ينتج عنه تعجن التربة وتشمع الطبقة السطحية الناتجة أساسا من طرطشة قطرات الماء التي تساعد على حدوث الانجراف السطحي .
2-   حدوث حفر ومجار عميقة وتكوين أخاديد في التربة نتيجة للانجراف الأخدودي والخلجاني .
3- تدهور خصوبة التربة وهدم بنائها وتفتيت جزيئاتها إلى أصغر مما كانت عليه وبه تفقد مساحات زراعية شاسعة .
4-   الضرر الحاصل على الطرق العامة والمزارع والمساكن والسكك الحديدية والصحة العامة .
صيانة التربة وتنميتها :-
        هناك عدد من الأساليب والطرق التي تتبع بغرض صيانة التربة والمحافظة عليها وتحسين خواصها المختلفة ومن هذه الأساليب :-
1-  تنمية الغابات والتشجير: وهي من أفضل السبل لتحسين بناء التربة وتوفير العناصر العضوية فيها وحمايتها من الانجراف ، وكذلك غرس الأشجار المناسبة في المناطق الصحراوية والتي تتلاءم وظروف المناخ ، والتي تلعب دورا مهما كمصدات للرياح كما تحمي التربة من تساقط حبات المطر مباشرة عليها وبالتالي تحد من حدوث ما يعرف بالتعرية التناثرية ، وتمكن المياه من التسرب إلى داخل التربة بدلا من جرفها ، ولمنع جريانها السطحي في مسيلات وضياعها دون فائدة .
2-  تثبيت الكثبان الرملية : والتي تمثل خطرا يهدد الأراضي الزراعية والقابلة للاستصلاح نتيجة لزحف الرمال عليها الأمر الذي يوسع من مساحة الصحراء على حساب الأراضي الزراعية ، والحد من تأثيراتها السلبية على المناطق السكنية وحماية للطرق ، ويتم تثبيت الكثبان الرملية بوسائل وطرق عديدة منها :- 
*) ربط الكثبان بمربعات من النباتات الصحراوية الجافة ، وذلك بقطع أنواع من النباتات الإبرية كالديس والرتم وجريد النخل ، ثم دفن جزء منها عموديا في صفوف تشكل بعضها مربعات تغطي المنطقة المراد ربط رمالها ، وهي طريقة تحد من فعل الرياح وتمنعها من إثارة الرمال ونقلها .
**) وضع نبات الهندي " التين الأملس" في شكل صفوف وهذا النوع يعد ناجحا لملاءمته للظروف المناخية الصحراوية وتكيفه مع ظروف الجفاف ، ويلعب دورا مؤثرا في صد الرياح .
***) استعمال المشتقات النفطية ، والتي تعد أحد الأساليب التي اتبعت في تثبيت الكثبان الرملية ، وهي طريقة تمتاز بسرعة العمل ، وتتم عن طريق تغطية سطح التربة بطبقة من المواد النفطية ، مما يساعد على تثبيت التربة ومنعها من الانجراف وفي الوقت الذي تسمح فيه بتسرب مياه المطر إلى داخل التربة فإنها في الوقت نفسه تمنع الرطوبة المكتسبة من التبخر ، كما تساعد على امتصاص أشعة الشمس ، حيث تكسب التربة العناصر العضوية اللازمة لبنائها ولزراعة الأشجار في المراحل التالية للتثبيت .
3-  حماية المنحدرات الشديدة ذات الأتربة السطحية من الانجراف بالتشجير الحرشي على خطوط التسوية " الخطوط الكنتورية " .
4-  إقامة المصاطب المدرجة " المدرجات " لمقاومة انجراف التربة وحفظ مياه الأمطار في الأراضي الزراعية المنحدرة ، كما هو الحال في مناطق الجبل الأخضر والجبل الغربي ، حيث تستغل هذه المدرجات في زراعة أشجار الفاكهة ومحاصيل الحبوب كما في مشاريع ترهونة والقصبات والغيران وجادو .
5-    إتباع أسلوب الدورات الزراعية للمحافظة على خصوبة التربة .
6-    حماية المراعي الطبيعية وتحسينها .

ثانيا : النبات الطبيعي :-
 يقصد بالنبات الطبيعي تلك النباتات التي تنمو تبعا لتفاعل عوامل البيئة الطبيعية من درجات حرارة ورطوبة وتربة وغيرها ، ودون أن يكون للإنسان لأي دخل فيها ، ومن الممكن تصنيف الأقاليم النباتية في ليبيا إلى ثلاثة أقاليم هي :-
1-   نطاق نباتات البحر المتوسط .
2-   نطاق الاستبس شبه الصحراوي .
3-   نطاق النباتات الصحراوية .
أولا : نباتات النطاق شبه الرطب :-
        يتركز معظمها في المناطق الشمالية المرتفعة والمجاورة للمؤثرات البحرية فيما يعرف بالإقليم شبه الرطب ، إذ تنتشر التربات الصالحة لنمو المجموعات النباتية المختلفة ، ولفاعلية كميات التساقط الشتوية تنتشر الأشجار دائمة الخضرة وتزهر أوراقها في فصل الربيع وتجف في فصلي الصيف والخريف .
        وتعكس نباتات إقليم البحر المتوسط صورة المناخ المحلي للإقليم فلا تؤثر فترات الجفاف القصيرة على هذه المجموعات الخضرية الكثيفة الدائمة الخضرة لاحتوائها على مخزون مائي وتتحايل نباتات السفانا الرطبة على الجفاف بفترة سكون تستمر من 3-5 أشهر في العام ، تسقط فيها أشجار الغابات بعض أوراقها للتقليل من عملية النتح وتوفير بعض احتياجاتها من الرطوبة ، أما تأثيرات الجفاف فتظهر واضحة في إقليم السفانا الفقيرة التي تمتد فيها فترات الجفاف من 5-7 أشهر في السنة ، ويلاحظ انتشار محدود للغابات والمجموعات النباتية أو الشجيرات الخضراء في هذا الإقليم الذي تعد مجموعاته الخضرية قليلة ومحدودة الانتشار عادة.
ثانيا : نباتات النطاق الانتقالي شبه الصحراوي :-
        وتعرف بالسفانا الفقيرة التي تعاني مجموعاتها الخضرية من جفاف مستمر لمدة تتراوح من 10 إلى 11 شهرا في السنة ، وهي عبارة عن حشائش قصيرة تتخللها أشجار شوكية وهي تمثل إقليما رعويا مهما تترعرع فيه الحيوانات البرية مثل الودان والغزال والأرانب ، وغيرها ، وهي نباتات سريعة الزوال وحشائش حولية توجد في الأقاليم شبه الجافة ذات الأمطار الموسمية الشتوية ، حيث تبقى بذوره في طور السبات بعد تبعثرها وانتشارها ، حتى تتاح لها الظروف لبدء دورة حياة جديدة .
ثالثا : نطاق النباتات الصحراوية :-
        لا تشكل نباتات الإقليم الجاف إلا جزءا بسيطا من مساحة البلاد نظرا لقلة الماء ، وبناء على ذلك فإن القسم الأكبر من الأراضي الصحراوية فقير في الحياة النباتية والتي تتكون أساسا من نباتات متفرقة تنمو متقاربة بعضها من بعض كلما تزايدت الرطوبة ، ففي الإقليم الصحراوي تتكون الحياة النباتية على شكل حزم منعزلة يفصل بعضها عن بعض عدة أمتار وكأنها نقط متناثرة فوق الكثبان الرملية ، بالإضافة إلى قيعان الأودية الرملية والحصوية التي تخلق بيئات جيدة لنمو أشجار وشجيرات دائمة الخضرة مثل الطلح.
ثانيا : الموارد المائية :-
     تقدر كمية المياه على سطح الكرة الأرضية بحوالي 1454 مليون كيلو متر مكعب ، ولولا دورة المياه في الطبيعة عبر الزمن من سقوط الأمطار وذوبان الثلوج وجريان الأنهار وتبخر المياه لحلت مصيبة كبرى بسبب نقص المياه ، إن تبدل الماء في أنهر العالم يتم حوالي 32 مرة في السنة ، أما في البحيرات فيتم مرة واحدة خلال عشر سنوات ، إلا أن تبدل المياه الجوفية يكون بطيئا جدا حيث يتم مرة واحدة كل خمسة آلاف سنة .
     وتستهلك البشرية بأجمعها ما يقارب 5 % من حجم المياه الكلي لأنهر العالم في السنة ، والتي تمدها بما يعادل 38 ألف كيلو متر مكعب من المياه وإن 1750 كم 3 منها تستغل لمشاريع الري والسقاية ، وتعتبر نسبة عالية من الاستعمال إذا ما قورنت بالاستعمالات الأخرى ، فمثلا تستخدم نصف كمية مياه نهر النيل في مصر لأغراض الري والسقي ، إلا أن الملاحظ هو فقدان معظم تلك المياه عن طريق التسرب والتبخر ، وإذا أمكن السيطرة على هذا الفقدان منه يمكن إرواء ضعف مساحة الأراضي المراد ريها على سطح الأرض .
     ومن المعلوم أن المدن بأجمعها تستهلك ما يعادل 600 كم 3 من مياه الأنهار والمياه الجوفية في السنة ، والآن نجد أن كمية المياه المستعملة آخذة بالازدياد نتيجة للتطور والتقدم الصناعي والتكنولوجي من جهة وزيادة سكان المعمورة من جهة أخرى ، حيث تقدر نسبة الزيادة بحوالي 4 % بالسنة وبه اضطرت دول كثيرة إلى فرض سياسة خاصة بالنسبة لاستعمالات المياه ، وخصوصا عندما تقل مصادرها عن الحد الأدنى وذلك لتغطية الطلبات من المياه العذبة ، إن نقص كميات المياه يضعف من ارتباط الإنسان بالأرض مما يؤثر على التطور والإنتاج الزراعي ويضعف التماسك الاقتصادي والاجتماعي .
     ولو نظرنا إلى موقع ليبيا لوجدنا أنها تقع ضمن نطاق المناطق الصحراوية التي تتميز بالجفاف وقلة سقوط الأمطار ، وعليه نرى أن أهم وأول ما يعيق إمكانية بناء مستقبل اقتصادي وزراعي مضمون هو قلة المياه وسوء توزيعها وغياب قوانين تنظم استغلالها ، وهذا ما يسترعي انتباه العاملين في مجال التخطيط .
مصادر المياه في ليبيا :-
     إذا كان من البديهي أن الموارد المائية في جميع مناطق العالم توزع بين ثلاثة مصادر هي مياه الأمطار والمياه السطحية من الأنهار والبحيرات العذبة ، ثم المياه الجوفية ، ولما كانت ليبيا لا تمتلك أي موارد مائية سطحية عذبة دائمة الجريان وذلك لقلة وعدم انتظام الأمطار وطبيعة التكوين الجيولوجي ، ويمكننا تقسيم الموارد المائية المستغلة حاليا في البلاد على النحو التالي :-
1-  المياه السطحية التي تشكل نحو 5 % فقط من جملة المياه المستغلة ، ومع ذلك فإنها تشكل المصدر الأساسي للمياه الجوفية .
2-   المياه الجوفية وتشكل نحو 95 % من الموارد المائية في البلاد .
3-   المياه المزالة الملوحة .
4-   المياه المعاد استخدامها .
   وإذا كان من البديهي أن الموارد المائية في جميع مناطق العالم توزع بين ثلاثة مصادر هي مياه الأمطار والمياه السطحية من الأنهار والبحيرات العذبة ثم المياه الجوفية ، ولما كانت الجماهيرية لا تمتلك أي موارد مائية سطحية عذبة دائمة الجريان وذلك لقلة وعدم انتظام الأمطار وطبيعة التكوين الجيولوجي ، فإن مصادر المياه تنحصر في مياه الأمطار والمياه الجوفية .
أولا : مياه الأمطــــار :-
     تعتبر الأجزاء الشمالية من البلاد أكثر مناطق سقوط الأمطار فيها ، حيث تقع ما بين خط المطر أقل من 100 ملم و 400 ملم سنويا ، وإن كان المعدل للتساقط يختلف من منطقة لأخرى ، حيث يقل المعدل على سواحل خليج سرت ويرتفع في المنطقة الممتدة من طرابلس وحتى الخمس ، وعند سواحل بنغازي ، وذلك بسبب الرياح الممطرة التي تهب من الشمال الغربي حيث تكون عمودية على السواحل المواجهة لها بينما تصبح موازية للسواحل المواجهة للشرق أو الشمال الشرقي .
     أما المناطــــــــــق التي تستقبل أمطار من 50 مم فما فوق فإنها تنحصر في نطاق محدود لا يتعدى نسبة 8 % من مساحة البلاد ويحدها خط يمتد مع دائرة العرض 5 َ 31 ْ شمالا تقريبا من الشرق إلى الغرب وينحني إلى الجنوب حتى دائرة العرض 30 ْ شمالا تقريبا من خليج سرت . وبذلك يمكن القول بأن أعلى منطقتين رئيستين تتمتعان بقدر كبير من الأمطار سنويا ، هما المنطقة الشمالية الشرقية والتي تشمل الجبل الأخضر وسهل بنغازي ، والمنطقة الشمالية الغربية والتي تضم الجبل الغربي وسهل الجفارة . والجدول التالي يبين الاختلافات في عدد الأيام الممطرة وكميات الأمطار الساقطة على عدد من مناطق ليبيا خلال العام 2003 ف .
جدول عدد الأيام الممطرة وكمية الأمطار
التي هطلت حسب مناطق الرصد لسنة 2003 م
ر.م
المنطقة
الأيام الممطرة
كمية المطر"ملم"
سنويا
ر.م
المنطقة
الأيام الممطرة
كمية المطر"ملم"
سنويا
1
نالوت
28
153.0
12
طبرق
26
152.6
2
زوارة
28
457.5
13
غدامس
11
69.9
3
يفرن
24
308.8
14
القريات
10
39.8
4
مطار طرابلس
46
243.0
15
سبها
03
1.0
5
الخمس
56
284.4
16
هون
14
39.9
6
مصراته
46
380.8
17
جالو
02
1.7
7
سرت
40
205.4
18
الجغبوب
03
4.1
8
اجدابيا
37
191.8
19
أوباري
01
1.0
9
بنينا
75
327.0
20
غات
03
6.0
10
شحات
89
644.1
21
تازربو
00
0.0
11
درنة
41
164.1
22
الكفرة
00
0.0
 المصدر : الجماهيرية ، الهيئة الوطنية للمعلومات والتوثيق ، الكتاب الإحصائي 2003 ف ، ص 19
 حيث يتضح التفاوت الكبير بين مناطق البلاد سواء على مستوى عدد الأيام الممطرة أم على مستوى كميات المطر الساقطة عليها ، وحتى في المناطق التي تساوت عدد الأيام الممطرة فيها نلاحظ تباينا كبيرا في كمية الأمطار السنوية الساقطة عليها والسبب في ذلك يعود إلى اختلاف شدة سقوط المطر واستمرارية سقوطه في اليوم الماطر ، فمثلا نجد أن نالوت وزوارة قد تساوتا من حيث عدد الأيام الممطرة إلا أن كمية المطر التي سقطت على زوارة أكبر بكثير منها في نالوت حيث بلغت في الأولى نحو 457.5 ملم بينما في الثانية بلغت الكمية نحو 153 ملم سنويا ، في حين سجلت منطقة شحات بالعدد الأكبر من الأيام الممطرة والتي بلغت نحو 89 يوما ، وكذلك بسقوط أعلى كمية أمطار فيها والتي بلغت نحو 644.1 ملم وهو أمر راجع في المقام الأول إلى ارتفاع المنطقة ومواجهتها للرياح المسببة لسقوط الأمطار ، في حين نجد المناطق الداخلية بصورة عامة يقل فيها عدد الأيام الماطرة وبالتالي كميات الأمطار وهو ما يلاحظ في مناطق سبها وجالو وأوباري وغات وتازربو والكفرة ، حيث لم تسجل أية أمطار ماطرة في المنطقتين الأخيرتين .
     ويبين الشكل التالي المناطق التي تمتاز بسقوط كميات وافرة من المطر وهي مناطق ساحلية أو قريبة من الساحل ، كما يوضح الشكل الفروق المكانية في عدد الأيام الممطرة .
الشكل يبين المناطق التي تمتاز بسقوط كميات
وافرة من الأمطار
المصدر : استنادا إلى بيانات الجدول السابق .

     وكنتيجة لما تعانيه البلاد في عمومها من قلة سقوط المطر والذي يعد أحد المصادر الرئيسة للمياه وما تقوم عليه من أنشطة اقتصادية واستيطان بشري ، فقد اهتمت الدولة بإقامة السدود للاستفادة من هذه الأمطار التي غالبا ما تجري وتضيع إما بالتسرب أو بالضياع في البحر في كثير من الأحيان ، لذا فقد نفذت الكثير من هذه السدود بقصد حجز هذه المياه للاستفادة منها بصورة مباشرة في أعمال الري أو غير مباشرة في تغذية المخزون الجوفي من المياه .
     والجدول التالي يوضح أهم السدود وسعاتها التخزينية ومتوسط التخزين لكل واحد منها موزعة على المناطق المائية .

السدود المائية موزعة حسب المناطق المائية
بحسب سعاتها التخزينية ومتوسط التخزين ومواقعها
ر.م
اسم السد
السعة التخزينية الكلية (مليون متر مكعب )
مساحة تجميع مياه الأمطار (كم2)
ر.م
اسم السد
السعة التخزينية الكلية (مليون متر مكعب )
مساحة تجميع مياه الأمطار (كم2)
1
كعام
111
2310
9
جارف
2.4
600
2
القطارة
94
1224
10
الزهاوية
2.2
70
3
المجينين
58
578
11
زازة
2
170
4
غار
30
620
12
الذكر
1.6
11
5
بو منصور
24
602
13
تابريت
1.6
10
6
زارات
15
175
14
درنة
1.5
620
7
لبدة
6
174
15
بن جواد
0.5
94
8
زايد
2.6
42
16
مرقص
0.1
8
المصدر : ليبيا الثورة في 25 عاما ، التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية 69-94  ، مصراتة : الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان ، ص 270

ثانيا : المياه الجوفية :-
    المياه الجوفية هي تلك المياه التي تأتي عن طريق الآبار والعيون والينابيع ، وهي المياه المحفوظة في بعض الطبقات الصخرية تحت سطح الأرض وتنتج من عمليات تسّرب مياه الأمطار إلى هذه الصخور وتكون المياه الجوفية متجددة إذا كان هناك تغذية مباشرة أو غير مباشرة نتيجة تسرب مياه الأمطار إلى الخزانات الجوفية ، كما هو موجود في المناطق الشمالية من البلاد ، ويمكن الحصول على المياه الجوفية إما عن طريق طبيعي وذلك نتيجة لتسرب المياه إلى السطح في شكل عيون ، أو بواسطة حفر آبار ضحلة أو عميقة تصل إلى الطبقات الحاملة للمياه .
     وتعتبر المياه الجوفية من أهم المصادر المائية في ليبيا حيث تقدر بنحو 95.6 % من جملة الموارد المائية المتوفرة حاليا ، وقد تم تقسيم الجماهيرية إلى خمس أحواض مائية رئيسة بناء على الوضع الجيولوجي السائد إلى جانب الأخذ في الاعتبار الظروف المناخية وغيرها من الأسس التي تساهم في تحديد حركة المياه ونوعيتها مع ملاحظة أنه توجد أحواض صغيرة أو خزانات جوفية محدودة ضمن إطار كل من هذه الأحواض الرئيسة ، وتتمثل الأحواض الرئيسة في الآتي :-
1-   حوض سهل الجفارة .
2-   حوض الحمادة الحمراء ، غرب سرت وسوف الجين .
3-   حوض الجبل الأخضر .
4-   حوض مرزق .
5-   حوض الكفرة والسرير.
1-حوض سهل الجفارة :-
     يمكن أن نميز في هذا الحوض ثلاثة خزانات جوفية رئيسة تلعب دورا كبيرا في تخزين المياه وتحركها بالمنطقة وهي :-
1-  الخزان الأول ( السطحي ) :- ويبلغ السمك المشبع منه في الوقت الحاضر ما بين 10 – 100 متر ، وقد تعرضت مياه هذا الخزان لاستنزاف شديد خلال السنوات الماضية مما أدى إلى انخفاض مستوى مياهه بصورة كبيرة وإلى حدوث عملية تداخل لمياه البحر في الجزء الشمالي من السهل .
2-  الخزان الثاني ( الأوسط ) :- ويتراوح سمك طبقاته ما بين 100-350 مترا وتقع مياهه تحت ضغط ارتوازي خصوصا في الأجزاء الشمالية من السهل .
3-  الخزان الثالث ( السفلي ) :- حيث يصل عمق هذه الطبقة إلى أكثر من 1000 متر تحت سطح الأرض بالقرب من طرابلس ، أما في الجزء الغربي من السهل فيتراوح العمق بين 33-400 متر حيث تتميز مياهه برداءة نوعيتها كما هو الحال في جنوب الزاوية وزوارة .
2-حوض الحمادة الحمراء " غرب سرت سوف الجين " :-
     تشمل هذه المنطقة المساحة الممتدة بين السفوح الشمالية لجبل نفوسة من نالوت إلى الخمس ومنها مع امتداد خط الساحل حتى بن جواد شمالا ، وبين دائرة العرض 28 ْ وحتى خط الطول 18 ْ ، أما من ناحية الغرب فتحده الحدود التونسية الجزائرية ، ويشتمل هذا الحوض على ستة خزانات جوفية ، أهما أربعة تتمثل في الآتي :-
1-  خزان الكمبرو أردوفيشي والذي يعمل كمصدر لتغذية الخزانات العليا ، ويتميز بوجود كميات هائلة من المياه ذات النوعية الجيدة .
2- خزان الكريتاوي السفلي وتستغل مياه هذا الخزان في ري مشاريع المنطقة الوسطى مثل مشروع زمزم والشويرف وسوف الجين والمدوم والجفرة وتاورغاء وغدامس ، وتتراوح ملوحة مياهه بين 1 و 2 جرام باللتر ، كما يمتاز بارتفاع درجة حرارته ووقوعه تحت الضغط الارتوازي حيث أن معظم آباره تتدفق ذاتيا وبإنتاجية تتراوح بين 150 – 400 متر مكعب بالساعة .
3- خزان الكريتاوي العلوي ويتراوح سمكه بين 100-300 متر ، وتتحرك مياهه من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي في اتجاه عين تاورغاء حيث يتغذى من مياه الأمطار والأودية على امتداد السفوح الجنوبية لجبل نفوسة ومن خلال الاتصال المباشر بالخزان الكمبرو أردوفيشي بمنطقة الجفرة ، ويتراوح معدل الأملاح المذابة في مياهه بين 1 و 2 جرام باللتر بالجفرة و 4 جرامات باللتر بالحمادة الحمراء ، كما تقع بعض أجزائه تحت الضغط الارتوازي كما هو الحال في منطقة الجفرة .
4- خزان الحقب الثلاثي وهو يمتد شمال وشرق أخدود هون وتتميز مياهه بارتفاع ملوحتها إذ تتعدى 5 جرامات باللتر حيث جرى استغلالها في مشاريع المراعي والنخيل .
3- حوض الجبل الأخضر :-
     تغطي منطقة هذا الحوض الجزء الشمالي الشرقي من ليبيا الواقع شمال دائرة العرض 30 ْ شمالا ، ويحدها من الشرق الحدود المصرية ، ويتكون هو الآخر من عدد من الخزانات الجوفية الرئيسة وتتباين نسب ملوحة مياهه من قسم لآخر ، فهي تبلغ بين 0.6 – 1.2 جرام / لتر ، تزيد كلما اتجهنا جنوبا إذ تتراوح بين 5 و 10 جرامات / لتر ، وتتغذى مياهه عن طريق الرشح المباشر لمياه الأمطار عن طريق الشقوق وبطون الأودية ، كما تفقد هذه الخزانات الجوفية جزءا من مياهها طبيعيا عن طريق العديد من العيون التي تعتبر عين الزيانة وعين الدبوسية وعين البلاد من أكبرها حيث يبلغ إنتاجها 90 و 7 و 6.5 مليون متر مكعب / سنويا ، وتستغل مياه هذه الخزانات في توفير احتياجات مياه الشرب والصناعة بالمناطق الحضرية ، كما تستغل في ري بعض المشاريع الزراعية ومنها مشاريع سهل بنغازي وسهل المرج ومدينة درنة وجنوب الجبل ، وتقدر كميات المياه التي يجري استهلاكها في كافة الأغراض بنحو 550 مليونا من الأمتار المكعبة سنويا ، في الوقت الذي يجب أن لا يتعدى الضخ من هذه المنطقة 200 مليون متر مكعب سنويا ، ونتيجة لزيادة الضخ عن معدل السحب الآمن ، فقد لوحظ هبوط كبير في مستوى المياه الجوفية وتداخل لمياه البحر خصوصا بسهل بنغازي والمرج .
4- حوض مرزق :-
     يمتد هذا الحوض في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد ، وهو يغطي مساحة تزيد عن 350.000 كيلو متر مربع ، ويقع ضمن منطقة لا يتجاوز معدل أمطارها السنوي 20 ملليمترا ، وينقسم هذا الحوض إلى خزانين جوفيين رئيسيين تفصل بينهما طبقة من الطين والصلصال وهما :-
1-      الخزان السفلي : وتتحرك المياه بهذا الخزان من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي ، ويحتوي على مياه ذات نوعية جيدة ، إذ لا تزيد نسبة ملوحتها عن 1.5 جرام / لتر ، وقد دلت الدراسات التي أجريت لتحديد عمر مياه هذا الخزان بما يتراوح بين 4000 و14000 سنة ، أي أنها مياه قديمة ولا تتوفر لها أية تغذية طبيعية لانعدام الأمطار تقريبا .
2-      الخزان العلوي : ويعرف بخزان الرملي النوبي ، ويمتد على معظم مساحة الحوض من شمال سبها حتى حدود النيجر في الجنوب ، ومياه هذا الخزان ذات نوعية جيدة جدا حيث لا يتعدى معدل الأملاح المذابة نصف جرام باللتر ، وينخفض في بعض المناطق حتى يصل إلى أقل من ربع جرام للتر ، وتتميز مياهه بقدم عمرها حيث يصل عمر إلى أكثر من 21.000 سنة .
     ونظرا لعدم وجود تجمعات سكانية كبيرة فإن معظم مياهه يتم استهلاكها في نطاق حوض مرزق حيث تذهب في ري المشاريع الزراعية مثل مشاريع مكنوسة وتهالا والأريل وبرجوج وإيراون ووادي الشاطئ ووادي الحياة ومرزق وسبها ، وقد قدرت كمية المياه الجاري استغلالها بنحو 900 مليون متر مكعب سنويا ، بينما تبلغ كمية المياه القابلة للسحب كل عام بأكثر من 2000 مليون متر مكعب ، وعليه فقد تقرر نقل الكميات الزائدة إلى الساحل الغربي الذي يعاني من عجز كبير في موارده المائية .
5-حوض الكفرة والسرير :-
     يغطي هذا الحوض الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد ، وهو يتكون من عدد من الخزانات الرئيسة التي تتمثل في الآتي :-
1-  خزان جنوب تازربو " الكفرة " : والذي تصل مساحته إلى أكثر من 25.000 كيلو متر مربع إلى جانب الامتداد الرأسي الذي يبلغ أكثر من 3000 متر عند مركز الخزان .
2-  خزان شمال تازربو " السرير / تازربو " : ويمتد هذا الخزان من المناطق القريبة من تازربو حتى مناطق شمال واحات ( جالو- أوجلة – جخره ) ، ويحتوي في أجزائه الجنوبية على مياه عذبة لا تتعدى نسبة الأملاح المذابة بها جراما واحدا باللتر في الوقت الذي تتميز فيه مياه الأجزاء الشمالية بارتفاع ملوحتها والتي تتعدى نسبة الأملاح المذابة بها أربع جرامات باللتر ، وتتحرك المياه الجوفية بهذا الحوض من الجنوب إلى الشمالي الشرقي نحو جمهورية مصر العربية وفي اتجاه منخفض القطارة ، وتمتاز مياه منطقة الكفرة بجودتها العالية إذ لا تزيد نسبة الأملاح المذابة بها عن ربع جرام في اللتر الواحد ، أما في منطقتي تازربو والسرير فتتراوح نسبة الأملاح بين نصف جرام وجرام واحد لنفس الوحدة .
     وتقدر الكميات المتاحة للاستغلال السنوي بهذا الحوض بحوالي 2610 مليون متر مكعب ، وتعود بداية استغلال مياه هذا الحوض إلى العام 1973 في ري مشروع الكفرة ، كما يجري استغلال قرابة 210 ملايين متر مكعب سنويا في مشروعي السرير ، وقد تقرر نقل كميات من مياه هذا الحوض عن طريق منظومة النهر الصناعي العظيم ، حيث وصلت بالفعل مياه السرير إلى كل من سرت وبنغازي .
العيــــــــون :- توجد مجموعة من العيون حيث تجمعت المياه الجوفية التي تشق طريقها إلى سطح الأرض من خلال الكهوف والكسور فتخرج على هيئة عيون وينابيع وتختلف هذه العيون في طبيعتها وفي كمية المياه التي تنتجها ، ويرتبط توزيع العيون بشكل أساسي على كمية الأمطار الساقطة ، ثم على طبيعة الصخور والحركات الباطنية ، وتوجد العديد منها في مناطق الجبل الغربي والجبل الأخضر وفي المناطق الجنوبية حيث الواحات ، وأغلب العيون الآن صغيرة أو متوسطة بل إن عددا كبيرا منها قد قلت مياهها وبعضه قد جف ، أما العيون الكبيرة والغزيرة الإنتاج فهي محدودة الانتشار ، وأهم ما يميز هذه العيون قلة الصرف وأن مستوى المياه فيها شديد التغير تبعا لمواسم الأمطار وكميتها ، حيث نجد أن المياه ترتفع كثيرا في فصل الشتاء والربيع فيزيد معدل صرفها ، ويقل مستواها وصرفها في فصل الصيف بسبب الجفاف . وإن كانت هذه العيون لا يعتمد عليها كثيرا في الحصول على المياه وخاصة في السهول الساحلية ، إلا أن العيون تعتبر من أهم مصادر الحياة في معظم الواحات حيث يعتمد عليها في الشرب بل وفي الزراعة بصفة أساسية .
   ومن أشهر العيون في المنطقة الشمالية الغربية من البلاد ، عيون جادو وعيون ترهونة وتاورغاء وعين الفرس في غدامس ، أما في الجبل الأخضر فهناك عيون ماره ودرنة والدبوسية ، وعين الزيانة وبودزيرة في سهل بنغازي ، كما تنتشر العيون في واحات الكفرة وجالو وأوجله وتازربو ومرادة وغات والعوينات وفي أودية الشاطئ والحياة .
بجانب كل ذلك هناك مصادر أخرى للمياه تم استغلالها على نطاق ضيق منها :-
1- معالجة مياه المجاري وتنقيتها من أجل إعادة استغلالها في الأغراض الزراعية ، كما هو الحال في مدن طرابلس وبنغازي ومصراتة ، وتقدر كميتها بنحو 15 مليون متر مكعب .
2- تحلية مياه البحر بإزالة الملوحة لغرض استعمالها في الشرب وفي بعض النشاطات الاقتصادية الأخرى ، حيث تنتشر على الساحل الليبي العديد من  محطات للتحلية ، لتوفير المياه لمناطق التجمعات السكانية ، والجدول التالي يبين أهم هذه المحطات ومعدلات إنتاجها السنوي التصميمي وطاقتها الإنتاجية التصميمية في اليوم .
الجدول يبين أهم محطات تحلية مياه البحر في ليبيا
ر.م
اسم المحطة
الطاقة الإنتاجية التصميمية
متر مكعب / يوم
الإنتاج السنوي التصميمي
مليون متر مكعب / يوم
1
شمال بنغازي
48000
16
2
طبرق
24000
8
3
غرب طرابلس
22500
7.5
4
الزاوية
18000
6
5
زوارة
13500
4.5
6
زليطن
13500
4.5
7
سوسه
135000
4.5
8
راس التين
135000
4.5
9
سرت
9000
3
10
اجدابيا
9000
3
11
بن جواد
9000
3
12
درنة
9200
3.1
13
البريقة
7500
2.5
14
المجموع
210200
70.1
المصدر : ليبيا الثورة في 25 عاما ، التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (69-94) ص 273
3- محطات مراقبة السحب واستحلابها لغرض ري المحاصيل الزراعية وتغذية طبقة المياه الجوفية وهناك ثلاث محطات في غرب ووسط وشرق البلاد ، حيث زرع السحب واستحلابها ابتداء من العام 1971 عن طريق استخدام الطائرات لنثر مادة أيوديد الفضة مما يساعد على حدوث عمليات التكاثف والتساقط .

العيون المائية في ليبيا
حسب مواقعها ومتوسط إنتاجيتها ونوعية مياهها

ر.م
اسم العين
الموقع
متوسط الإنتاجية
(لتر/ثانية)
النوعية
(مليجرام/لتر)
1
تـــاورغـــاء
تاورغاء
2000
300
2
 كعــام
وادي كعام
361
2500
3
الزيانــة
بنغازي
3580
1000
4
بو منصور
جنوب درنة
190
1000
5
الدبوسية
شمال القبة
177
1000
6
البـــلاد
وادي درنة
100
250
المصدر : الجماهيرية ، الهيئة الوطنية للمعلومات والتوثيق ، الكتاب الإحصائي 2003 ف ، ص 63
وقبل الشروع في إعطاء فكرة موجزة عن أحد أهم منجزات القرن العشرين والمتمثلة في مشروع النهر الصناعي العظيم ، يتوجب علينا أخذ فكرة عن الوضع المائي العام في الجماهيرية حيث تتضح وبصورة جلية الدوافع التي أدت إلى اتخاذ قرار البدء في تنفيذ هذا المشروع التاريخي العظيم ، وبمقارنة إجمالي الموارد المائية بالاحتياجات الضرورية من المياه للأغراض المختلفة في جميع أنحاء البلاد يتضح جليا الفائض الكبير من المياه ، إلا أن التوزيع الجغرافي لأهم الخزانات الجوفية المائية وكميات الميـاه المخزنة بها يبينان أن هناك اختلافا كبيرا في الميزان المائي من منطقة لأخرى .
الجدول يبين إجمالي الموارد المائية والاحتياجات
الضرورية في ليبيا
الموارد المائية
المساهمة بالمليون متر مكعب في السنة
النسبة المئوية
%
نوعية الاحتياجات
الاستهلاك بالمليون متر مكعب في السنة
النسبة المئوية
%
المياه الجوفية
4670
95.6
الأغراض العامة
435
16.4
المياه السطحية
110
2.3
الشرب والخدمات وغيرها
-
-
المياه المزالة الملوحة
70.1
1.4
الزراعة
2164
81.4
المياه المعاد استخدامها
36.05
0.7
الصناعة
60
2.2
المجموع
4886.15
100 %
المجموع
2659
100%

    وبمقارنة إجمالي إسهام الموارد المائية في المناطق الشمالية من ليبيا والبالغة نحو 1465.6 مليون متر مكعب سنويا ، بالاحتياجات السنوية الضرورية للمياه في الأغراض المختلفة فيها والبالغة نحو 1680 مليون متر مكعب ، لاكتشفنا أن المناطق الشمالية تعاني من الإجهاد ، أي أنها تشتغل بمعدلات تفوق تلك التي يجب مراعاتها لضمان سلامة واستمرار هذا الموارد ، في حين أن هناك فائضا ضخما من المياه الجوفية في مناطق الجنوب ، والتي يمكن الاستفادة منها في مشاريع التنمية في المناطق الساحلية حيث النقص الواضح في كميات المياه وازدياد الكثافة السكانية وتركز المشاريع الصناعية علاوة على توفر الموارد الطبيعية المناسبة للزراعة كالتربة مثلا ، وأمام المعطيات السابقة يتضح ما يلي :-
1-  أن الموارد المائية في البلاد تعتمد أساسا على المياه الجوفية بنسبة تبلغ نحو 95.6 % من إجمالي الموارد المائية المتاحة .
2-  أن المياه السطحية محدودة ولا يمكن الاعتماد عليها إلا بنسبة ضئيلة جدا ، وتوضح المعطيات الحالية أنها لا تستطيع المساهمة بأكثر من 5 % من إجمالي الاحتياجات .
3-   أن التكلفة الحالية لتحلية مياه البحر وصيانة هذه المحطات مكلفة .
4-  أن هناك تباينا واضحا في كيات المياه الجوفية من منطقة لأخرى ، حيث النقص الواضح في المناطق الشمالية والفائض الضخم في المناطق الجنوبية .
5-   أن هناك خللا في الميزان المائي بالمناطق الشمالية من ليبيا.
وانطلاقا مما سبق يتضح أن الحل يقتضي نقل المياه الجوفية العذبة من مناطق الجنوب إلى مناطق الساحل الشمالية .
النهر الصناعي العظيم :-
    في أوائل ستينيات القرن الماضي حينما كان التنقيب عن النفط يتوغل جنوبا داخل الصحراء الليبية اكتشفت أجهزة الحفر وجود احتياطيات هائلة من المياه الجوفية ، ومن خلال الدراسات تبين أن هناك مياه يمكن استغلالها لمئات السنين ، وبعد دراسات علمية مكثفة قامت بها هيئات وشركات عالمية ، واستقر الرأي على استخدام تكنولوجيا متطورة لتنفيذ مشروع النهر بأنابيب ضخمة يبلغ قطر الواحدة منها أربعة أمتار تدفن تحت الأرض ، وهي التجربة التي لم تنفذ من قبل إلا على نطاق ضيق في إحدى الولايات الأمريكية ، وبعد أن أجريت الدراسات الشاملة لمدى صلاحية استغلال مياه مناطق السرير وتازربو والكفرة في المنطقة الجنوبية الشرقية ، وجبل الحساوية في المنطقة الجنوبية الغربية ، وبعد أن أثبتت الدراسات الأولية أن هناك مستودعا هائلا من المياه ، وحيث قدر الخبراء بأن هناك نحو 50 سنة أو أكثر من احتياطي المياه العذبة الموجودة في طبقة المياه الجوفية للصحراء الليبية ، وكما أكدت الدراسات أن المياه المستخرجة تتميز بأنها صالحة للشرب والزراعة بشكل عام ، وأن الأملاح الذائبة فيها قليلة ولا تحتاج إلى أية تنقية ، فقد بدأ العمل في تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع عام 1984 ف بنهايتها سيكون طول النهر في حدود 4000 كيلو متر لنقل نحو ثلاثة ملايين متر مكعب من المياه يوميا نحو بنغازي والمنطقة الوسطى ، وبانتهاء شبكة الأنابيب الناقلة للمياه فإنه سيتم نقل خمسة ملايين متر مكعب من المياه يوميا ، وينقسم المشروع إلى خمسة مراحل هي :-
المرحلة الأولى : وتشمل :-
1-   مد خط أنابيب من منطقة السرير إلى اجدابيا وسرت .
2-   مد خط أنابيب من منطقة تازربو إلى اجدابيا وبنغازي .
المرحلة الثانية :- وتشمل مد خط أنابيب من جبل الحساونة إلى طرابلس ( سهل الجفارة ) .
المرحلة الثالثة :- وتشمل مد خط أنابيب من الكفرة إلى نقطة بين تازربو والسرير .
المرحلة الرابعة :- وتشمل مد خط أنابيب من خزان اجدابيا إلى طبرق .
المرحلة الخامسة :- وتشمل مد خط أنابيب من سرت إلى طرابلس عبر الساحل .
    ويتم نقل المياه عبر أنابيب تمتد من الجنوب إلى الشمال ويبلغ طول الأنبوب الواحد 7,5 متر وقطره 4 أمتار ووزنه 73 طنا ، من إنتاج مصانع شيدت لهذا الغرض أحدها في منطقة السرير والثاني في منطقة البريقة .
    كما تتضمن منظومة النهر الصناعي إنشاء خزانات للمياه ، حيث تضمنت المرحلة الأولى إنشاء خزان رئيسي للتجميع والموازنة في منطقة تقع جنوب شرق اجدابيا بسعة تقدر بنحو أربعة ملايين متر مكعب من المياه ، بالإضافة إلى خزانين في السرير وتازربو سعة كل خزان نحو 270 ألف متر مكعب ، أما الخزانات الزراعية فهي موزعة على النحو التالي :-
1-   خزان شمال شرق الخضراء .
2-   خزان غرب سرت .
3-   خزان بشر .
4-   خزان النوفلية .
5-   خزان وادي الحنيوه .
6-   خزان وادي الباب .
      إلى جانب خزانين في كل من بنغازي وسرت ينفذان في نهاية المشروع بسعة تزيد عن أربعة ملايين متر مكعب .
      وقد بلغ مجموع الآبار في حقل مياه السرير وتازربو نحو 270 بئرا بطاقة إنتاجية يومية تبلغ 2 مليون متر مكعب من المياه الجوفية ، ستنقل لاستغلالها في منطقتي بنغازي وسرت حيث ستكون أساسا للنشاط الزراعي والصناعي والحضري .
       ومما لا شك فيه أنه وبانتهاء مراحل النهر الصناعي ستكون له نتائج إيجابية مباشرة متمثلة في توفير كميات كبيرة من المياه للشرب والري وتنظيم عمليات الري في فترات شح المياه وندرتها ، ونتائج غير مباشرة تنعكس بعد فترة على الاقتصاد الوطني والمواطنين تتمثل في استصلاح الأراضي وتحويلها من أراض زراعة بعلية تعتمد على مياه الأمطار ، إلى أراض جديدة تعتمد على الري الدائم ، مما سيسهم في تطوير الإنتاج الزراعي واستقراره وخلق مجتمعات جديدة في المناطق الساحلية تسودها علاقات اجتماعية إنتاجية متطورة تؤدي إلى استقرار السكان وتسهم في تحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية حقيقية .

خريطة النهر الصناعي العظيم

ثانيا : الجغرافيا البشرية لليبيا
السكـــــــــــــــــــــــــــان
     تعد دراسة السكان في أي دولة من الأمور البالغة الأهمية ، إذ أن عددهم وتوزيعاتهم الجغرافية وتركيبهم النوعي والعمري وخصائصهم من حيث حجم قوة العمل والحالة التعليمية ومعدلات خصوبتهم ، وغيرها من الخصائص أمور على درجة كبيرة من الأهمية فيما يتعلق بالتخطيط والتطوير والتنمية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية ، وبالتالي فإن السكان هم بمثابة المحور الذي تدور حوله وتنبع منه كثير من الدراسات في شتى المجالات ، وقبل أن نتطرق بشئ من التفصيل للسكان في ليبيا ، تنبغي الإشارة إلى أن الدارس أو الباحث في جغرافية السكان لأي بلد أو منطقة ينطلق في دراسته من ثلاث محاور أساسية هي :-
1- كم عدد السكان الذين يعيشون في الدولة أو المنطقة ، ويكونون فيها مجتمعا ذا مواصفات مميزة ؟ وما هي التغيرات التي تطرأ على هذا الحجم السكاني وتؤثر فيه بالزيادة أو النقصان ؟ ويقصد بها المواليد والوفيات والهجرة .
2- ما نوع السكان الذين تضمهم المجموعة " الكتلة " السكانية وما هي مظاهر اختلافهم عن غيرهم من المجموعات الأخرى ، وبالتالي ما هي خصائصهم السكانية الكمية – ويقصد بذلك كله تركيب السكان وتقسيمهم حسب فئات كالتركيب العمري والنوعي والاقتصادي ... الخ .
3- كيف يتوزع السكان في البلد أو المنطقة التي يعيشون بها ؟ وما هي العوامل التي أثرت في نمط توزعهم المكاني الجغرافي ؟.
التعدادات السكانية :-
     تعد تعدادات السكان المصدر الرئيسي في جميع دول العالم لدراسة السكان من حيث أعدادهم ومعدلات نموهم  وتركيبهم النوعي والعمري والتعليمي والاقتصادي في تاريخ محدد وفي منطقة محددة ، وقد أجريت في ليبيا حتى الآن ست تعدادات للسكان ، كان أولها تعداد عام 1954 ثم تتالت التعدادات بصورة منتظمة كل عشر سنوات ، وقبل ذلك لم يتوفر أي تعداد سكاني شامل بالمعنى المعروف ، وأغلب معلوماتنا عن السكان الليبيين قبل ذلك كانت مبنية على التخمين والتقدير وأخذت بطريقة تنقصها الدقة ، وتشير التقديرات العثمانية للسكان الليبيين عام 1843 ف أي خلال القرن التاسع عشر أن عدد سكان ليبيا قد بلغ آنذاك نحو (518000) نسمة ، وصل بعد ذلك وفي الفترة ما بين عام 1908 – 1911 ف إلى حوالي (560000) نسمة ، ليرتفع عددهم وفقا لإحصاء عام 1931 ف إلى نحو 655000 نسمة ثم إلى نحو 733000 نسمة وفقا لإحصاء عام 1936 ف واللذين تم إجراؤهما خلال فترة الاحتلال الإيطالي للبلاد ، وكما سبق القول فإن تلك الإحصاءات لا يمكن الاستناد إليها والأخذ بنتائجها لعدة أسباب منها :-
1- أنها أجريت في ظروف صعبة .
2- كان من الصعب حصر كل السكان ، وخاصة سكان الدواخل والبدو الرحل ، حيث كانت حالة الترحال وعدم الاستقرار تشكل أحد سمات المجتمع الليبي آنذاك .
3- أن السكان الليبيين خلال فترة الاحتلال الايطالي ، كانوا يخشون التجنيد في الجيش الإيطالي ، والالتزامات التي تفرضها سلطة الاحتلال عليهم .
4- أن الإيطاليين كانوا يعمدون إلى التقليل من أعداد السكان الليبيين ويكثرون في المقابل من أعداد الإيطاليين لتأكيد صبغتهم الرسمية على البلاد ، خصوصا إذا ما عرفنا أن الاحتلال الإيطالي كان استعمارا استيطانيا ، جاء بأعداد كبيرة من الإيطاليين لتوطينهم في ليبيا .
     وبناء على ما سبق فإن البلاد لم تعرف تعدادا سكانيا بالمعنى المتعارف عليه إلا في عام 1954 حيث جرى أول تعداد رسمي للسكان ، وبمقتضاه بلغ عدد السكان 1.088.889 نسمة ، وبعده بعشر سنوات أجري التعداد الثاني في عام 1964 حيث بلغ مجموع سكان البلاد 1.559.399 نسمة ، وفي سنة 1973 أجري التعداد الثالث والذي أظهرت نتائجه أن عدد السكان قد بلغ 2.249.237 نسمة ، وفي سنة 1984 تم إجراء التعداد الرابع ووصل بمقتضاه عدد السكان إلى 3.642.576 نسمة ، وفي عام 1995 أجري التعداد الخامس وبلغ عدد السكان 4.799.065 نسمة ، أما التعداد السادس فقد تم في عام 2006 حيث أظهرت نتائجه الأولية أن جملة سكان البلاد قد وصلت إلى 5.673.031 نسمة ، والجدول التالي يلخص أعداد السكان حسب الجنسية ومعدلات النمو السنوية .
نمو السكان خلال الفترة 1954-2006
سنة التعداد
السكان
المجموع الكلي
معدل النمو السنوي
ليبيين
غير ليبيين
العدد
%
العدد
%
1954
-
-
-
-
1.088.889
-
1964
-
-
-
-
1.559.399
4.3
1973
2.052.372
91.3
196.865
8.7
2.249.237
4.0
1984
3.231.059
88.7
411.517
11.3
3.642.576
4.21
1995
4.389.739
91.5
409.326
8.5
4.799.065
2.86
2006
5.323.911
93.8
349.040
6.2
5.673.031
1.83
المصدر : التعدادات السكانية 54 ، 64 ، 73 ، 84 ، 95 ، 2006 م ، صفحات متفرقة .
النمو السكاني :-
     تتأثر معدلات النمو السكاني بالعديد من العوامل والتي من أبرزها العوامل الاقتصادية ، حيث تنعكس إما سلبا أو إيجابا على معدلات المواليد والوفيات وبالتالي الزيادة الطبيعية للسكان ، كما تنعكس على حجم الهجرة سواء الوافدة أو المغادرة والتي تؤثر في حجم السكان ومعدلات نموه سواء بالزيادة أو النقصان ، ومن خلال تتبعنا لإحصاءات السكان في ليبيا ومعدلات نموهم يمكننا القول أن سكان ليبيا قد مروا بعدة مراحل هي :-
1- فترة الجمود والتناقص السكاني :-  وهي الفترة التي بدأت مع الاحتلال الإيطالي وحتى الحرب العالمية الثانية ، ورغم عدم وجود إحصاءات شاملة ودقيقة ، إلا أن هناك اعتقاد بأن نمو السكان في هذه الفترة كان سلبيا ، وكمثال على ذلك فقد انخفض عدد سكان برقة من حوالي 198.000 نسمة إلى حوالي 137.000 نسمة في الفترة ما بين عام 1911 وعام 1936 ، ويرجع السبب في ذلك إلى استشهاد أعداد كبيرة من الليبيين خلال فترة الجهاد ضد المحتل الإيطالي ، بالإضافة إلى هجرة أعداد كبيرة منهم إلى الدول المجاورة .
2-  فترة نمو بسيط أو بطئ :- وتمتد ما بين أعوام 1936 إلى عام 1954 ، وقد بلغت الزيادة خلال هذه الفترة نحو 356.000 نسمة بما يعادل نحو 1.9 كمعدل نمو ، والسبب في بطء النمو خلال هذه المرحلة الحرب العالمية الثانية التي جرت كثير من معاركها على التراب الليبي بين قوات الحلفاء وقوات المحور " إيطاليا وألمانيا " ، إضافة إلى تدهور الأحوال المعيشية للسكان حيث تعرضت البلاد لسنوات من الجفاف أعوام 1947 و 1948 و 1949 .
3-  فترة الزيادة السريعة :- وتمتد هذه المرحلة من عام 1954 وحتى عام 1984 وهي الفترة التي شهدت خلاله البلاد تحولات سياسية واقتصادية مهمة انعكست على نمو السكان ، ففي بداية هذه المرحلة حصلت البلاد على استقلالها عام 1952 ، ثم اكتشف النفط وبكميات تجارية مع أواخر الخمسينات وبداية ستينيات القرن الماضي ، الأمر الذي انعكس على بروز مورد آخر في الاقتصاد الوطني ، مما رفع من دخل البلاد ، كما شهدت البلاد خلال هذه المرحلة قيام الثورة عام 1969 وتنفيذ العديد من خطط التحول والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، الأمر الذي أدى إلى تحسن أحوال السكان الاقتصادية والتعليمية والصحية ، مما أدى إلى ارتفاع معدلات نموهم إلى ما يزيد عن 4 % وهو ما يعد من بين أعلى معدلات النمو السكان في العالم .
4-  فترة تراجع في النمو السكاني :- 1984-2006 حيث شهدت هذه الفترة انخفاضا ملحوظا في معدلات نمو السكان ، فقد أظهرت النتائج الأولية لتعداد السكان عام 2006 م أن معدل النمو السنوي خلال ما بين 1984-1995 قد بلغ 2.86 % انخفض في الفترة ما بين تعدادي 1995-2006 إلى نحو 1.83 % ، ويمكن تعليل هذا الانخفاض إلى جملة من العوامل والأسباب منها الكساد الاقتصادي العالمي منتصف ثمانينيات القرن الماضي وتراجع مبيعات وأسعار النفط ، ثم ظروف الحصار الاقتصادي الذي تعرضت له البلاد خلال عقد التسعينات من القرن الماضي وتوقف وتعثر برامج ومشروعات خطط التنمية ، الأمر الذي انعكس سلبا على متوسطات العمر عند الزواج الأول الذي كان لا يتعدى 24 سنة ليرتفع هذا المعدل إلى ما يقارب 34 سنة مما أثر وبصورة سلبية على معدلات الخصوبة ، كما أن ارتفاع المستوى التعليمي وميل كثير من الإناث لمواصلة تعليمهن حتى مراحل متقدمة أثر هو الآخر على متوسطات سن الزواج .
 التركيب السكاني :-
     تعد دراسة التركيب السكاني على قدر كبير من الأهمية ، فهي المرآة التي تعكس الكثير من الخصائص الديموغرافية والاقتصادية للسكان ، والتي تهم الباحث والمخطط في شتى المجالات ، ويقصد بتركيب السكان أشياء كثيرة في مقدمتها التركيب العمري والنوعي وموقف السكان من قوة العمل وتوزيعهم وفق الحرف المختلفة وتوزيعهم بين الريف والحضر .
 التركيب النوعي للسكان :-
      تتكون أي مجموعة سكانية من ذكور وإناث وتحسب النسبة بينهما على أساس معرفة عدد الذكور إلى كل 100 أنثى ، وهذه النسبة التي يطلق عليها اسم النسبة الجنسية قد تحسب للسكان ككل ، أو تحسب لفئات العمر المختلفة ، وتكمن أهمية حساب نسبة النوع حسب الفئات العمرية في أنها تمكننا من حساب القوى العاملة في المجتمع ومعرفة عدد الإناث في سن الإنجاب والتوصل للتنبؤ بالزيادة المستقبلية للسكان .
     وقد أوضحت النتائج الأولية لتعداد السكان عام 2006 م أن عدد السكان الليبيين البالغ عددهم (5.323.991نسمة) يتوزعون حسب النوع إلى (2.695.145) ذكرا و (2.628.846) أنثى ، أي أن معدل الذكور يبلغ في المجتمع الليبي نحو 50.6% تقابله نسبة بلغت 49.4% ، وبالتالي فإن نسبة النوع  لدى السكان الليبيين قد بلغت 102 ذكر مقابل كل 100 أنثى (*وهي تقريبا نفس النسبة في تعداد عام 1995 ف ، في حين سجلت نسبة النوع للسكان الليبيين في تعداد عام 1984 معدلا أعلى فقد كانت النسبة 104 ذكر لكل 100 أنثى .
 التركيب العمري للسكان :-
     تعد ليبيا من حيث التركيب العمري لسكانها مثل سائر البلدان النامية الأخرى ، كتلة سكانية شابة ، لأن نسبة صغار السن بها تعد مرتفعة ، فقد أظهر الكتاب السنوي للسكان الصادر عن مركز الدراسات السكانية التابع للأمم المتحدة عام 1990 أن نسبة السكان ممن تقل أعمارهم عن 20 سنة قد بلغت 53.9%  في حين بلغت نسبة السكان ممن تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 59 سنة نحو 40 % في حين سجلت نسبة ممن تزيد أعمارهم عن 60 سنة نسبة 6.1 % ، وقد أكدت التعدادات السابقة هذه الحقيقة ، فقد ارتفعت نسبة صغار السن ممن تقل أعمارهم عن 15 سنة من 44 % في تعداد عام 1964 إلى 51.4 % في تعداد عام 1973 ثم انخفضت النسبة قليلا في تعداد عام 1984 حيث بلغت 50.8 % وواصلت الانخفاض حتى بلغت في تعداد عام 1995 م 37.8 % من مجموع السكان ، وقد أظهرت النتائج الأولية لتعداد عام 2006 م أن معدل السكان الليبيين في الفئة العمرية 15 سنة فأقل قد بلغت 32.4% الأمر الذي يعكس انخفاضا في معدلات الخصوبة وتراجع في معدلات المواليد ، وهو ما تمت الإشارة إليه في مراحل النمو ، والشكل التالي يوضح بيانيا نسب فئة صغار السن ( أقل من 15 سنة ) في الكتلة السكانية .

الشكل ( ) التغير النسبي لفئة صغار السن تحت 15 سنة
1964 - 1995
 حجم الأسرة :-
      توضح الأرقام الخاصة بحجم الأسرة الليبية ، أن المجتمع لا يزال يغلب عليه طابع المجتمع التقليدي الشرقي ، حيث تلعب الروابط الأسرية والقبلية فيه دورا نشطا ، ويبرز تأثير هذه الروابط في التكوين الديموغرافي لهذا المجتمع بصفة عامة وفي حجم الأسرة بصفة خاصة ، فعلى الرغم من التطور المادي المهم والارتفاع السريع في مستوى المعيشة إلا أن المجتمع لم يصل بعد إلى ما وصلت إليه المجتمعات الحديثة والغربية منها بصورة خاصة من اضمحلال للدور الاجتماعي الذي تلعبه الروابط الأسرية ، وتناقص حجم الأسرة ، فالتغير المادي الكبير الذي حدث منذ اكتشاف النفط حتى الآن لم يصاحبه تغير اجتماعي يماثله في الأهمية والسرعة ، فالأسرة ما زالت كما كانت سابقا متماسكة وكبيرة الحجم إذا ما قورنت بالأسرة الأوروبية مثلا ، فقد أثبتت كل التعدادات السكانية التي أجريت بأن متوسط حجم الأسرة لا يزال كبيرا ، فقد كان متوسط حجم الأسرة سنة 1954 (4.6) أفراد ، وفي سنة 1964 (4.8) أفراد ، وبلغ في تعداد عام 1973 (6) أفراد ، ثم وصل في تعداد عام 1984 إلى (6.8) أفراد ، وفي تعداد عام 1995 بلغ متوسط حجم الأسرة الليبية (6.9) ، أما تعداد عام 2006 ف فقد سجل انخفاضا في حجم الأسرة بحيث بلغ المعدل (5.9) فردا ، ويمكن تفسير هذا التراجع الذي حصل في حجم الأسرة خلال الفترة ما بين 1995 إلى 2006 إلى تراجع معدلات الخصوبة الناجمة عن تأخر سن الزواج من معدل 24 سنة في التعداد الأول إلى 34 سنة في آخر تعداد .
المصدر : التعدادات السكانية .
 التوزيع الجغرافي للسكان وكثافتهم :-
يرتبط التوزيع الجغرافي للسكان في ليبيا بعوامل مختلفة من أهمها العوامل الطبيعية المتعلقة بتوزيع المياه السطحية والمياه الجوفية ، والعوامل البشرية المرتبطة بتاريخ البلاد وتطور سكانها وتقسيمها الإداري في العهود المختلفة ، ومما يلاحظ على خريطة توزيع السكان أن القسم الأكبر منهم يستوطنون مناطق الشمال حيث توجد أعلى الكثافات السكانية ، ومع ذلك فالتباين واضح من منطقة لأخرى على مستوى القسم الشمالي ، ومن خلال تحليلنا لبيانات النتائج الأولية لتعداد عام 2006 م يتبين أن الشعبيات الشمالية تضم نحو 85.2 % من جملة عدد السكان وفي مساحة تبلغ نحو 32.4 % من إجمالي مساحة البلاد ، وهو ما يعني وفي المقابل أن نحو 14.8 % من سكان البلاد ينتشرون على رقعة تبلغ نسبتها 67.6 % من المساحة الإجمالية ، وهو الأمر الذي يعكس اختلالا كبيرا على مستوى التوزيع الجغرافي للسكان والذي مرجعه وكما سبقت الإشارة إلى العديد من العوامل الطبيعية والبشرية ، كما يتبين ومن خلال بيانات الجدول أن أكثر من نصف مجموع السكان يتركزون في القسم الشمالي الغربي من البلاد ، من شعبية مصراتة وحتى الحدود التونسية ، حيث تقدر نسبة السكان القاطنين لهذا القسم نحو 54.3 % من جملة السكان ، تستحوذ شعبية طرابلس لوحدها على النسبة الأكبر من التركز السكاني على مستوى القسم الشمالي الغربي وعلى مستوى البلاد حيث بلغت نسبة سكانها نحو 34.6 % من جملة سكان المنطقة الغربية و نحو 18.8 % من جملة سكان ليبيا ، أما مركز الثقل السكاني الثاني فيقع في القسم الشمالي الشرقي من البلاد حيث تضم شعبيات هذا الجزء نحو 24.4 % من جملة السكان أي ما يعادل ربع سكان ليبيا ، وتتمثل شعبيات هذا القسم في البطنان ودرنة والجبل الأخضر والمرج وبنغازي ، وتمثل شعبية بنغازي مركز الثقل السكاني على مستوى هذا الجزء من البلاد حيث تضم نحو 48.5 % من جملة سكان المنطقة الشرقية ونحو 11.8 % من جملة سكان البلاد ، وعلى هذا فإن ما يزيد عن ثلاثة أرباع سكان ليبيا يستوطنون هذين الإقليمين حيث بلغت النسبة 78.7 % من إجمالي سكان البلاد .
أما مناطق التوطن البشري الأخرى فقد تمثلت في التجمعات السكانية المنتشرة في المناطق الجنوبية بواقع 7.8 % تلتها في الأهمية النسبية منطقة الجبل الغربي والحمادة بنسبة بلغت 7 % فمنطقة الواحات وسرت ، والتي تضم المناطق الممتدة  من شعبية اجدابيا في الشرق وحتى أقصى منطقة من شعبية سرت في الغرب " المنطقة الوسطى " بنسبة سكان بلغت 6.5 % ، أما عن توزيع كثافة السكان فنجد أنها قد بلغت نحو 3 أشخاص في كل كيلو متر مربع على مستوى البلاد ، إلا أنها تتفاوت من شعبية لأخرى تبعا لعدد السكان من ناحية ومساحة الشعبية التي يقطنون فيها من ناحية أخرى ، وتوضح بيانات جدول توزيع السكان وكثافتهم أن المنطقة الغربية تمثل أعلى مناطق الكثافة السكانية في ليبيا حيث نجد أن نحو 54.3 % من جملة السكان يعيشون فوق رقعة لا تتعدى نسبتها 2.4 % من جملة مساحة البلاد وبالتالي فإن معدل الكثافة في هذه المنطقة بلغ نحو 71 شخص في كل كيلو متر مربع ، ثم جاءت المنطقة الشرقية في المرتبة الثانية من حيث الكثافة حيث نجد أن نسبة سكان هذه المنطقة يمثلون نحو 24.4 % من جملة سكان البلاد في حين لا تتعدى مساحتها نسبة 7.6 % من المساحة الكلية للدولة ، الأمر الذي يجعل كثافة السكان في هذا الجزء يتعدى بقليل العشرة أشخاص في كل كيلو متر مربع ، وتنخفض الكثافة في بقية المناطق الأخرى فهي تبلغ نحو أربعة أشخاص في منطقة الجبل الغربي ونحو 0.9 إلى 0.4 شخص / كم 2 في المنطقة الوسطى والجنوبية وعلى التوالي .
يتبين مما سبق أن أكثر أربعة أخماس سكان ليبيا (85.2%) يستوطنون الأجزاء الشمالية من البلاد والتي لا تتعدى مساحتها ثلث مساحة البلاد ، في حين أن أقل من خمس سكان البلاد (14.8%) ينتشرون فوق مساحة تتجاوز ثلثي مساحة الدولة ، وهو ما يعكس الاختلال الكبير في توزيع السكان على المساحة بفعل أثر العوامل الطبيعية في المقام الأول ، حيث انتشار النطاقات الصحراوية في أغلب أجزاء البلاد خصوصا جنوبها ، مع الانخفاض الشديد في كميات الأمطار الساقطة على تلك المناطق ، إلى جانب أثر العوامل البشرية والتي من بينها الدور الاستقطابي الكبير الذي لعبته مناطق الشمال عموما ومدينتي طرابلس وبنغازي على سكان أغلب مناطق البلاد ومنها المناطق الجنوبية ، وأدى إلى هجرات كبيرة للسكان نحو هذه المناطق مما أعطى هذه الصورة عن التوزيع السكاني الذي يتسم بالتركز الشديد في مناطق والتبعثر في أخرى .
جدول التوزيع الجغرافي للسكان وكثافتهم
حسب النتائج النهائية لتعداد السكان عام 2006
ر.م
المنطقة
السكان
المساحة
كم 2
كثافة السكان
العدد
%
1
الشرقية
1.382.688
24.4
134.890
7.6
10.3
2
الوسطى
370.767
6.5
396.602
22.4
0.9
3
الغربية
3.080.398
54.3
43.230
2.4
71.3
4
الجبل الغربي
397.383
7.0
99.450
5.6
4.0
5
الجنوبية
441.795
7.8
1.100.888
62.0
0.4
المجموع
5.673.031
100.0
1.775.060
100.0
3.2
المصدر : الجماهيرية ، الهيأة العامة للمعلومات ، النتائج الأولية لتعداد السكان 2006 ف .
من إعداد الباحث .

التحول الحضري في ليبيا :-
     مرّت العديد من الدول الأوروبية والبلاد المتقدمة بمرحلة النمو السكاني والنقلة السكانية من الريف إلى الحضر ، وهذه النقلة صاحبت المرحلة التاريخية للتطور العلمي والتقني والاجتماعي لهذه المجتمعات ، وما صاحبها من تطور في المجالات الاقتصادية كالصناعة والنقل وإنتاج الطاقة بمختلف وسائلها ، كذلك تطور فني في مجال العمل الزراعي كاستبدال الطاقة البشرية والحيوانية بآلات للإنتاج الزراعي ، والتي أدت إلى تقليص كبير في متطلبات اليد العاملة الزراعية ، والاستغناء عن أعداد كبيرة من القوى العاملة في هذا القطاع ، كذلك في مجال التطور والتوسع في المرافق العامة وتعميمها من مياه شرب وصرف صحي وشبكات كهرباء وهواتف وانتشار للخدمات الاجتماعية والصحية لهذه المجتمعات ، وبالتالي فإن هذه النقلة تمت على مدى زمني طويل امتد حوالي ثلاثة قرون ابتداء من القرن الثامن عشر ، وخلال فترات حضارية متدرجة في التطور وفي ظل نمو اقتصادي واجتماعي طبيعي لهذه المجتمعات ، مما مكّن هذه المجتمعات من استيعاب النقلة وتحمل سلبياتها والاستفادة من إيجابياتها ، ولم تتم هذه النقلة من خلال هجرات ريفية ضخمة نحو عدد محدود من المدن الرئيسة ذات إمكانيات قاصرة عن استيعاب الوافدين ، أما في الدول العربية وخاصة النفطية منها ومن بينها ليبيا فقد برزت هذه الظاهرة التي أخذت طابع التزايد المتسارع خلال النصف الثاني من القرن العشرين كنتيجة للنمو غير المتوازن الذي ركّز على المدن الرئيسة وذلك من خلال تركيز برامج التنمية الاقتصادية وفي جانبها الخدمي على تلك المدن ، الأمر الذي انعكس سلبا على التوزيع السكاني بين الريف والحضر ، فأدى ذلك إلى استقطاب أعداد كبيرة من سكان الأرياف إلى المدن الرئيسة خصوصا طرابلس وبنغازي ، إضافة إلى نمو الكثير من المراكز العمرانية الحضرية والتي استقطبت هي الأخرى أعدادا كبيرة من سكان الأرياف المجاورة لها .
     مفهوم التحضر Urbanization يقصد به زيادة عدد سكان المدن وازدياد حجمها بانتقال سكان الريف إليها وتحولهم إلى مدنيين خلافا للريفيين ، وقيامهم بمزاولة مختلف المهن والأعمال التي لا علاقة لها بالزراعة ، كالإدارة والتجارة والصناعة ومختلف الخدمات الأخرى على النقيض من أهل الريف الذين يمتهنون الرعي والزراعة ، وتعد ظاهرة التحضر من أبرز الظواهر التي يتميز بها القرن العشرين ، فالتحضر ظاهرة عالمية ، إلا أن دول العالم تختلف في درجة تحضرها ، ففي حين لا تتعدى نسبة سكان الحضر "المدن" العشرين أو الثلاثين بالمائة في بعض الدول ، نراها تتعدى التسعين بالمائة في دول أخرى ، أما في ليبيا فقد شهدت المدن الليبية نموا سكانيا سريعا ، فلقد زادت نسبة نمو الحضر عن نسبة النمو العام للسكان منذ بداية اكتشاف النفط في أواخر الخمسينات ، ففي حين أن نسبة النمو الحضري خلال الفترة ما بين 1911 إلى 1954 كانت 1.8 % بينما كانت نسبة نمو مجموع السكان تقدر بنحو 0.5 % سنويا ويرجع السبب في انخفاض نسبة نمو السكان إلى الخسائر الناجمة عن مرحلة الاحتلال الإيطالي والحرب العالمية الثانية والهجرة إلى الدول المجاورة ، بينما يرجع السبب في ارتفاع نسبة نمو الحضر في هذه الفترة إلى سوء الحالة الاقتصادية في المناطق الريفية ، وخلال النصف الثاني من القرن العشرين توفرت المعلومات عن السكان من خلال التعدادات السكانية ، ففي سنة 1954 وبناء على معيار المهن فقد بلغ نسبة الحضر 21 % من مجموع السكان ارتفعت في عام 1964 إلى نحو 24.6 % من مجموع السكان ثم واصلت هذه النسبة ارتفاعها حيث بلغت في تعداد عام 1973 وفقا لإحدى الدراسات إلى نحو 55.9 % من المجموع العام للسكان ، لتصل في تعداد عام 1984 إلى نحو 81 % من جملة السكان ،
    وبصفة عامة يرجع النمو الحضري السريع الذي شهدته ليبيا منذ أوائل الستينيات من القرن الماضي إلى الأسباب التالية :-
1-   الزيادة الطبيعية للسكان .
2-   الهجرة من الريف إلى المدن .
3-   وجود العمالة العربية والأجنبية .
4-   رجوع أعداد كبيرة من الليبيين المهاجرين من البلاد وخصوصا بعد سنة 1973 م .
       إن اكتشاف النفط وتصديره وبالتالي توفر المال اللازم أدى إلى ارتفاع مستوى المعيشة وارتفاع المستوى الصحي فأدى ذلك إلى الزيادة الطبيعية في السكان حيث انخفض معدل الوفيات وارتفع معدل المواليد كما أن توفر فرص العمل الناتجة من برامج التطوير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المدن أدى إلى هجرة الريفيين إلى المراكز الحضرية كما أنها أدت إلى استجلاب القوى العاملة من الخارج وبالتالي فقد شكل السكان غير الليبيين حوالي 11 % من مجموع سكان الحضر في سنة 1973 و 11 % أيضا في سنة 1984 وأن حوالي 90 % منهم تركزوا في المدن ، ويرجع السبب أيضا للظروف الطبيعية الصحراوية التي أدت إلى تركز السكان على الشريط الساحلي في المدن وبعض الواحات بالداخل .
شبكة المراكز الحضرية :-
     تنقسم شبكة المراكز الحضرية في ليبيا إلى ثلاث منظومات ، المنظومة الشمالية الشرقية وتسيطر عليها بنغازي ، والمنظومة الشمالية الغربية وتهيمن عليها طرابلس ، والمنظومة الوسطى والصحراوية التي تخضع لتأثير كل من طرابلس وسبها وسرت ، ولكن يبدو أن تأثير بنغازي في إقليمها أضعف من تأثير طرابلس في إقليمها بل إن نفوذ طرابلس يمتد إلى كل المراكز العمرانية في ليبيا وذلك لشدة تركز الوظائف الرئيسية بها سواء كانت الإدارية أو التجارية أو المالية ، والجدول التالي يبين الترتيب الهرمي للمدن الليبية سنة 1984 م .
الترتيب
المــــــدن
الأول
طرابلس
الثاني
بنغازي
الثالث
مصراته
الرابع
الزاوية – سبها – البيضاء – اجدابيا – طبرق – المرج – زليطن – سرت – صبراته – درنة .
الخامس
بقية المدن

    وفي دراسات سابقة تم مسح شامل للتجمعات السكانية في ليبيا بناء على التعداد العام للسكان لسنة 1973 وتم تحديد التجمعات الحضرية على أساس أنها تجمعات يسكنها 2000 نسمة فأكثر وأن يكون أكثر من 50 % من سكانها النشطين اقتصاديا يعملون في مهن غير زراعية ، وعلى هذا الأساس تم تقسيم التجمعات السكانية في ليبيا إلى أربع مجموعات هي :-
-  المجموعة الأولى : المدن الكبرى ( أكثر من 100.000 نسمة ) ، وتشمل الإقليمين الحضريين لطرابلس وبنغازي ، ، فأما طرابلس الكبرى فتشمل في حدودها تاجوراء وسوق الجمعة وجنزور وتمتد إلى قصر بن غشير ، وأما بنغازي الكبرى فتضم في حدودها الحضرية المنطقة الممتدة من سيدي خليفة في الشمال إلى القوارشة وقاريونس في الجنوب وتمتد شرقا إلى أبو عطني .
- المجموعة الثانية : المدن المتوسطة ( 30.000-100.000 نسمة ) وتشمل سبع مدن هي : مصراته و الزاوية وسبها والبيضاء وطبرق ودرنة وإجدابيا .
- المجموعة الثالثة : المدن الصغيرة ( 2000-30.000 نسمة ) ويبلغ عددها 37 مدينة منها أربع مدن يسكنها أكثر من 20.000 نسمة ، وإحدى عشرة مدينة يسكنها ما بين 10.000-20.000 نسمة واثنتان وعشرون مدينة يسكنها أقل من 10.000 نسمة .
- المجموعة الرابعة : تجمعات سكانية : وتشمل بقية المستوطنات التي يصل عدد سكانها إلى أقل من 2000 نسمة ويمكن تقسيمها إلى تجمعات سكانية كبيرة وصغيرة .
      وباستخدام نفس التعريف ( 2000 نسمة وأكثر ) وبناء على التعداد العام للسكان لعام 1984 سنجد أنه بالإمكان تقسيم التجمعات السكانية إلى أربع مجموعات هي :-
- المجموعة الأولى : المناطق الحضرية الكبرى ، ويمكن أن نطلق عليها أيضا مصطلح الأقاليم الحضرية وتشمل المدن الكبرى الثلاثة التي يزيد عدد سكانها على 100.000 نسمة (1984) والتي يمكن أيضا أن نطلق عليها مصطلح المجمعات الحضرية وتشمل طرابلس الكبرى وبنغازي الكبرى ومصراته الكبرى ، أما طرابلس الكبرى فتشمل المنطقة الحضرية الممتدة من وادي الرمل شرقا إلى جنزور غربا وتمتد جنوبا حتى قصر بن غشير وسيدي السائح ، أما بنغازي الكبرى فتشمل المنطقة الحضرية الممتدة مع الطريق الدائري الخارجي الذي يمتد من سيدي خليفة في الشمال ثم يتجه جنوبا بشرق إلى بنينة ثم إلى جزيرة دوران مصنع الإسمنت ثم جنوبا نحو القوارشة ثم يتجه غربا نحو قنفودة ، وبهذا يشمل سيدي خليفة والكويفية وبنينة وبوعطني والقوارشة وقاريونس والمنطقة الصناعية بقنفودة ، أما مصراتة الكبرى فتشمل في حدودها الزروق وقصر حمد والمرسى .
-  المجموعة الثانية : المدن المتوسطة : وتشمل المدن التي يسكنها ما بين 30.000 و 100.000 نسمة وبلغ عددها إحدى عشرة مدينة وتشمل الزاوية وصبراتة والخمس وزليطن وسبها وإجدابيا وسرت ودرنة وطبرق والبيضاء والمرج .
-  المجموعة الثالثة : المدن الصغيرة : وتشمل المراكز التي يسكنها ما بين 2000 و 30.000 نسمة وبلغ عددها 80 تجمعا سكنيا منها ثماني مدن صغيرة يقطنها ما بين 20.000 و 30.000 نسمة ، وخمس عشرة مدينة صغيرة يسكنها ما بين 10.000 و 20.000 نسمة ، وسبع وعشرون مدينة صغيرة يسكنها ما بين 5000 و 10.000 نسمة ، والبقية ثلاثون مدينة يسكنها ما بين 2000 و 5000 نسمة .
- المجموعة الرابعة : تجمعات سكانية وتشمل تجمعات صغيرة قد بلغ عدد سكانها مائة شخص أو أكثر أو أقل .
      وبناء على ما سبق يكون مجموع المراكز الحضرية (94) مركزا ، منها (3) مدن كبيرة و (11) مدينة متوسطة الحجم و (80) مركزا حضريا صغيرا ، وتكون نسبة سكان الحضر في ليبيا موزعة كالتالي 55 % من مجموع سكان الحضر يسكنون المدن الكبرى و 21 % من مجموع سكان الحضر يسكنون المدن المتوسطة و 24 % يسكنون المدن الصغيرة .
أهم المدن :-
    تيسيرا للدراسة سنقوم بتقسيم المدن الليبية على حسب توزيعها الجغرافي إلى ثلاثة نطاقات جغرافية متميزة وكما تبينه الخريطة وحسب ما يأتي :-
1- المدن الساحلية وأهمها : مدينتا طرابلس وبنغازي ، ثم المدن الساحلية الأخرى وأهمها من الغرب إلى الشرق هي : زوارة وصبراته والزاوية والخمس وزليطن ومصراته وإجدابيا ودرنة وطبرق .
2- مدن الجبال وأهمها : في الجبل الغربي مدن : غريان ويفرن وجادو ونالوت ، وفي الجبل الأخضر مدن المرج والبيضاء وشحات .
3-  مراكز العمران الصحراوية وتشمل :-
أ‌) نطاق الواحات الشمالية على طول دائرة العرض 29 ْ شمالا تقريبا ، وتشمل من الغرب إلى الشرق واحات غدامس والجفرة ومرادة ومجموعة واحات جالو والجغبوب .
ب‌) واحات الكفرة .
ت‌) واحات فزان .
وفيما يلي لمحة عن بعض المدن الرئيسة :-
1- مدينة طرابلس : يقول الطاهر الزاوي في كتابه " معجم البلدان " إن أول من أطلق كلمة طرابلس هو عمرو بن العاص في خطابه الذي بعث به إلى الخليفة عمر ابن الخطاب بعد فتحه للمنطقة الممتدة من سرت حتى الجبل الغربي ، وهي تعريب لكلمة تريبوليتانوس الرومانية التي تعني المدن الثلاث ، ولسهولة الاستعمال اختصر الاسم إلى تريبولي في وقت لاحق ، أما قديما فقد كانت تعرف باسم ماكار أويات Macar Uiat زمن الفينيقيين وأويا في عهد الرومان .
     وتعد طرابلس أكبر المدن الليبية وهي تقع في منطقة وسطى في الطرف الشمالي لسهل الجفارة الخصيب ، وتتسم مدينة طرابلس بماضيها العريق ، حيث يرجع تاريخ تأسيسها إلى الفترة ما بين 700-800 ق . م حيث تم اختيار موقعها من قبل الفينيقيين لتكون محطة رئيسية لسفنهم التجارية في شمال أفريقيا ضمن المدن الثلاث التي أنشئوها في إقليم طرابلس ، حيث استخدمها الفينيقيون كقاعدة بحرية ومركزا تجاريا ، وقد طرأ على المدينة تغير كبير في العهد الروماني فأصبحت مدينة حرة في عهد الإمبراطور أوجستس وجعلها سبتيموس سفيروس عاصمة للمنطقة الرومانية في أفريقيا عام 193 م ، ونتيجة لذلك فقد ازدهرت المدينة وزاد حجمها وتطور نشاطها التجاري .
     وتؤكد المصادر التاريخية أن أسوأ المراحل التاريخية التي شهدتها المدينة كانت في الفترة ما بين 429-462 م والمتمثلة في فترة حكم الوندال حيث تعرضت المدينة للدمار والتخريب والنهب ، وفي سنة 642 م فتحها العرب بقيادة عمرو بن العاص ، وفي القرن السادس عشر (1510) تعرضت المدينة لغارات الإسبان حيث أعملت الجيوش الأسبانية السلب والنهب والقتل وهدمت الكثير من مبانيها ، ثم بعد ذلك بسنوات منح شارل الخامس ملك أسبانيا المدينة لفرسان القديس يوحنا ، حتى استول عليها العثمانيون سنة 1551 حتى عام 1911 عندما غزت إيطاليا الأراضي الليبية ، ومنذ أن حصلت البلاد على استقلالها ومع قيام الثورة في عام 1969 شهدت المدينة نموا كبيرا على مستوى الرقعة المساحية التي تشغلها وعلى مستوى السكان ، فعلى صعيد المساحة فقد زادت مساحتها أكثر من خمس مرّات أي من 1648 هكتار عام 1966 إلى 10271 هكتار عام 1980 وهي الآن أكثر من ذلك بكثير، أما على صعيد النمو السكاني فقد شهدت المدينة نموا سكانيا كبيرا ، فمن نحو 376000 نسمة عام 1964 ارتفع عدد سكانها إلى ما يزيد عن المليون في الوقت الحاضر ، ويوجد في المدينة أكبر الموانئ التجارية الليبية وأكبر المطارات الجوية ، كما تضم المدينة الكثير من الصناعات ، وتأخذ طرابلس مظهر المدن الكبرى فتعددت وظائفها من سياسية وتجارية وصناعية وثقافية وإدارية وغيرها .
2- مدينة بنغازي :-  نشأت مدينة بنغازي على شريط ضيق من الأرض ما بين البحر ونطاق السبخات والبحيرات الشاطئية الممتدة بالقرب منه ، ويرجع التاريخ الأول لنشأتها إلى العهد اليوناني الإغريقي في القرن الخامس قبل الميلاد ، حيث كانت تشتهر باسم هسبيريديس ، أي أبعد مدينة إلى الغرب في إقليم المدن الإغريقية أو مدينة حدائق الغرب الخصبة ، وهي واحدة من المدن الخمس التي اشتهرت في العهد الإغريقي وعرفت باسم بنتابوليس ، ثم تغير اسمها إلى برينيتشي في عهد الإمبراطور الروماني بطليموس الثاني نسبة لاسم زوجته ، وحرف هذا الاسم بعد ذلك إلى برنيق حيث استخدمه الجغرافيون العرب أمثال الإدريسي في كتاباتهم كما استخدم في الخرائط البحرية التي ترجع إلى القرون الوسطى ، وتعرضت المدينة لمراحل من التدهور ففي القرن الخامس الميلادي خربها الوندال ، وفي القرن الثالث عشر خضعت لسيطرة أمراء جنوه ، ثم اختفى اسم برينيتشي من معظم الخرائط ابتداء من القرن الخامس عشر وحل محله اسم مرسى بن غازي ، الذي يروى أنه كان واحدا من الصحابة وأنه عاش في المدينة حوالي سنة 1450 ، وقد استولى عليها العثمانيون " الأتراك " في العام 1578 وظلت خاضعة لحكمهم باستثناء فترة قصيرة خضعت فيها المدينة لحكم القرمانليين ، حتى وقعت تحت الاحتلال الإيطالي عام 1911 .
     وتعد مدينة بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية ، فمن بدايات العقد الخامس من القرن الماضي بدأت المدينة تأخذ طابع المدن الكبرى فأخذت تتوسع عمرانيا وازدادت الحركة ومظاهر النشاط المختلفة من ثقافية واجتماعية وتجارية وصناعية وإدارية وتأسست بها الجامعة الليبية سنة 1956 ، وقد كان عدد سكانها عام 1954 نحو 69.700 نسمة ارتفع عام 1964 إلى 136.600 نسمة ثم وصل سكان بلديتها إلى حوالي 286.943 نسمة عام 1973 وارتفع عدد سكانها في عام 1984 إلى 485.386 نسمة وفي عام 1995 وصل عدد سكان بنغازي إلى نحو 530.132 نسمة وتشير بيانات النتائج الأولية لتعداد عام 2006 ف أن سكان بنغازي قد وصل إلى حوالي 598.260 نسمة .
3- مدينة زوارة :- هي آخر المدن الليبية الساحلية من ناحية الغرب ، وقد ورد اسمها في بعض الخرائط التي ترجع إلى العصر الوسيط وكان يطلق عليها في تلك الخرائط اسم رأس زويارة ، أما اسم زوارة نفسه فهو اسم لإحدى القبائل التي كانت تعيش في المنطقة ، وقد نشأت المدينة في منطقة زراعية غنية تكثر بها أشجار النخيل والزيتون .
4- مدينة صبراته :- تعد من أهم المدن الأثرية الليبية واسمها فينيقي ويعني سوق الحبوب ، وقد تأسست هذه المدينة حوالي سنة 700 ق . م على يد الإغريق وتعتبر واحدة من المدن الثلاث المعروفة باسم تريبوليس ( أويا – لبدة – صبراته ) ، وبلغ عدد سكانها عام 1973 نحو 30.836 نسمة .
5- مصراته :- تعد ثالث أكبر المدن الليبية وهي تبعد عن مدينة طرابلس بنحو 200 كيلو متر من ناحية الشرق ، وتقع ضمن منطقة زراعية وبالتالي فهي تعد سوقا مهمة للمنتجات الزراعية وبعض المصنوعات اليدوية كصناعة السجاد والأكلمة وبها الكثير من الصناعات الحديثة نذكر منها مجمع الحديد والصلب كما تضم جامعة حديثة وقد بلغ عدد سكانها عام 1984 م 178.295 نسمة .
6- اجدابيا :- تعد من بين المدن المهمة الواقعة في سهول سرت ، وترجع أهميتها إلى موقعها على الطريق الساحلي الرئيسي ، فهي ملتقى لعدد من الطرق الممتدة في السهول الشمالية وفي الصحراء ، ومن أهمها الطريق الذي يربطها بمجموعة واحات جالو والكفرة ، وقد بلغ عدد سكانها في عام 1984 م  نحو 100.547 نسمة .
7- درنة :- تعد من بين المدن الساحلية المهمة ، فهي تقع في أقصى الشرق من منطقة الجبل الأخضر ، وتضم ميناء تجاريا ساعد على بروزه وجود رأس بارزة في البحر هي رأس المتاريس ، وتقع المدينة نفسها حول مصب وادي درنة في سهل ساحلي ضيق وترتفع حافة الهضبة إلى الجنوب منها ارتفاعا فجائيا ، وتعد من أنشط المراكز التجارية في منطقة الجبل الأخضر وقد ساعدها على ذلك وقوعها على الطريق بين ليبيا ومصر ، وتعتبر مياه البحر المقابل لها من أهم مناطق استخراج الإسفنج في ليبيا ، وقد بلغ عدد سكانها عام 1984 م  نحو 105.531 نسمة .
8- طبرق :- هي آخر مدينة ليبية مهمة من ناحية الشرق ، وتتميز بأهمية موقعها استراتيجيا لقربها من الحدود المصرية ، ووجود ميناء بحري محمي طبيعيا ذو قدرة على استقبال السفن المختلفة الأحجام ، وقد كانت هذه المدينة من بين أهم المواقع التي شهدت معارك الحرب العالمية الثانية ، ويؤهلها موقعها الاستراتيجي لأن تكون منطقة للتجارة الحرة على المستوى الإقليمي ، وتعتبر المناطق المحيطة بها من أهم مناطق الرعي في ليبيا ، وقد شهدت المدينة نموا عمرانيا وتجاريا سريعا خلال العقود الماضية ، وقد بلغ عدد سكانها عام 1984 م  94.006 نسمة .

المصادر والمراجع :-
1- ليبيا الثورة في 25 عاما " التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية 69-94.
2- المهدوي ، محمد ، جغرافية ليبيا البشرية ، بنغازي : منشورات جامعة قاريونس ، الطبعة الثالثة 1998 م .
3-  رشيد الجنديل ، عدنان ، الزراعة ومقوماتها في ليبيا ، الطبعة الأولى ، الدار العربية للكتاب 1978 م .
4-  شرف ، عبد العزيز طريح ، جغرافية ليبيا ، الاسكندرية : مركز الاسكندرية للكتاب ، الطبعة الثالثة 1996 م .
5-  الجماهيرية دراسة في الجغرافيا ، تحرير : الهادي بولقمه و سعد القزيري ، سرت : الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والاعلان 1995  م .
6-  العزابي ، أبوالقاسم محمد ، الطرق والنقل البري والتغير الاجتماعي والاقتصادي في الجماهيرية  ، منشورات المنشأة الشعبية للنشر والتوزيع والاعلان والمطابع 1981 م .
7- الهيأة العامة للمعلومات ، النتائج النهائية للتعداد العام للسكان 2006.
8- الهيأة العامة للمعلومات ، التعداد الزراعي 2006.
9- الهيأة العامة للمعلومات ، التعداد الصناعي 2001.
10- الهيأة العامة للمعلومات ، الكتاب الإحصائي 2007.
11- مواقع على شبكة الانترنت :-

موقع الهيئة العامة للمعلومات                           www.gai.gov.ly






[1] ) الجماهيرية ، الهيأة العامة للمعلومات ، الكتاب الإحصائي 2007 ، ص 31
[2] ) حسن سيد أحمد أبو العينين ، كوكب الأرض : ظاهره التضاريسية الكبرى ، الاسكندرية : مؤسسة الثقافة الجامعية  1976 ، ص 477
*)   الصحراء الكبرى تبلغ مساحتاها حوالي 9,065,000  كيلو متر مربع وهي أكبر صحاري العالم .
**) القدم = 30.48 سم .
* ) تحسب نسبة النوع بقسمة عدد الذكور على عدد الإناث .
§ ) القدم يساوي 30,479 سنتيمتر.


إقرأ المزيد :

حمله 

من هنا

أو


للقراءة والتحميل

من هنا   أو   من هنا   أو   من هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا