التسميات

الأحد، 12 أكتوبر 2014

بلاد النوبة أيقونة مصر ...

بلاد النوبة أيقونة مصر

جريدة الأخبار -  بقلم حمدي هاشم - 9- 3 - 2014 م :

    ينفرد«المجتمع النوبي» بخصوصية ثقافية وتراثية وجمالية، تحمل بين طياتها جذور الحضارة المصرية القديمة، وتمثل بجدارة «حضارة بلاد الذهب الغارقة»، حيث نشأت حضارة النوبة علي ضفاف نهر النيل علي حدود مصر والسودان منذ فجر التاريخ. وقد لعب الموقع الجغرافي لهذه المنطقة المهمة من الوادي دوراً كبيراً في الاستقرار البشري، التي تشكلت بين مرتفعات الهضبتين الشرقية والغربية في واد صخري يجمع بين سرعة جريان المياه بفرق منسوب الانحدار بين الخرطوم وأسوان وقلة نسبة الفاقد بالتبخر وفطرة نقاء البيئة وقدسية ماء النهر.

   ولقد مهدت مطالب الجماهير الفئوية لتحسين جودة الحياة في مصر، منذ يناير (2011) فرصة مواجهة أهالي النوبة للتهجير والمطالبة بالاستفادة من الأراضي حول بحيرة السد العالي وتنمية إقليم النوبة بالارتكاز علي الحق التاريخي والاقتراب الجغرافي من موطنهم الأصلي. ويحتاج مجتمع النوبة كغيره من مجتمعات المناطق الحدودية إلي ضرورة الحماية والتطوير والربط بالدولة والحفاظ علي التنوع الثقافي في مصر، وذلك بتفعيل التواصل بينها وبين بعضها البعض من أجل وحدة وتماسك أقاليم الدولة. علاوة علي أن موقع منطقة النوبة بجنوبي مصر يكتسب أهمية استراتيجية من الناحية الأمنية باعتبارها كانت النقطة الأخيرة للحدود المصرية.
   وتؤكد نتائج الجغرافية البيئية بمنطقة النوبة، أن اختيار موقع بناء كل من خزان أسوان (1902) والسد العالي (1971) كان وراء غرق بلاد النوبة وآثارها وتعرض سكانها للتهجير القسري، من خلال الهجرات الأولي والثانية والثالثة التي تمت بعد بناء خزان أسوان وتعليته في أعوام (1902  ١٩١٢، ١٩٣٣ بينما حدثت الهجرة النوبية الرابعة في عام (1964) لطغيان مناسيب بحيرة السد العالي علي مواضع القري النوبية المتبقية. ويعود غرق منطقة النوبة التاريخية وتهجير سكانها الأصليين لمناطق جديدة إلي هذه «الآثار البيئية لبناء السدود علي الأنهار». وقبل إنشاء السد العالي كان النوبيون في الوطن النوبي الكبير الذي يمتد من «أسوان» و»الجندل الأول» شمالاً إلي «الدبة» جنوباً، فوق هذه المنطقة الفريدة وهمزة الوصل بين مصر والسودان، في ست مجموعات رئيسية هي: «الكنوز» و»الفدجة» و»الحلفاويون» و«السكوت» و«المحس» و«الدناقلة»، وذلك حسب الترتيب التنازلي من الشمال إلي الجنوب. وتقع أوطان الكنوز كلها داخل الأراضي المصرية في المنطقة التي كانت ممتدة من بلدة «المضيق» جنوباً حتي أسوان شمالاً، والتي تمثل ثلث مساحة النوبة القديمة، حيث يقع الثلثان الآخران داخل حدود السودان.
  وعند تنفيذ السد العالي، شهدت منطقة النوبة دراسات معمقة عن ظروف سكانها قبل تهجيرهم وتعرضهم للتغير الحضاري في مواطنهم الجديدة، ومنها دراسات حديثة قامت بها الجامعة الأمريكية بالقاهرة بمنحة من مؤسسة فورد الدولية، وقبل ذلك كانت النوبة قبلة دراسية لا تخلو من مختلف البعثات العلمية الأوروبية والأمريكية،بالإضافة الي هيئة الآثار المصرية.ويتطلب مفهوم المساواة بالنسبة لهؤلاء النوبيين، الذين يشكلون حلقة تاريخية من الحضارة المصرية القديمة، من الحكومة أن تحمي حقوقهم وتتبني مطالبهم. وذلك من واقع أن هذه الشعوب الأصلية التابعة للدولة هي جزء لا يتجزأ من المجتمع المصري، حيث لا ينطبق علي حالة النوبة وصف الأقلية.
كان تعداد سكان النوبة لعام (1960) يدور حول مائة ألف نسمة موزعة علي(40) قرية، مبعثرة علي امتداد (320 كم) في الوادي بين الشلال الأول وحدود مصر الجنوبية، وتجمع بين ثلاث مجموعات سكانية: منطقة «الكنوز» في شمال النوبة من الشلال الأول حتي بلدة المضيق (145 كم)، وتليها «عرب العليقات» في جنوب أسوان (38 كم)، ثم إلي الجنوب منها منطقة «النوبيون» بامتداد(137 كم). وتتميز قري الجنوب بغناها النسبي وكبر مساحة الأرض الزراعية بها مقارنة بقري النوبة في الشمال والوسط.وتؤكد الظروف المناخية في الإقليم، الصحراوي الجاف، أن بيئة النوبة شحيحة وفقيرة وطاردة، ويمكن رؤية أثر ذلك في تركيب السكان والهجرة الواسعة لهم خارج الإقليم سعياً وراء الرزق وكان المقيمون في أغلبهم من النساء والأطفال دون سن العمل والشيوخ.
   ويقدر عدد سكان مركز نصر النوبة التابع لمحافظة أسوان بنحو (83) ألف نسمة (2013) باعتبار أن أغلب النوبيين توطنوا فيه، وهناك تقديرات غير رسمية تماثل أضعاف هذا العدد،وأعتقد أن تعدادهم يفوق نصف المليون نسمة. وقدعرضت الحكومة مشروعي وادي كركر وتوشكي وغيرهما علي «النوبيون» والتي لم تحظ بقبولهم الجماعي، الأمر الذي يؤكد  ضرورة «تنمية النوبة» حول بحيرة السد العالي، من خلال مخطط استراتيجي (اقتصادي  بيئي) يقوم علي أسس ومعايير المدن الخضراء والتجمعات العمرانية البيئية المتوافقة مع الطراز النوبي، وجعل هذه المنطقة الحدودية قبلة عالمية للسياحية البيئية بمشاركة النوبيين في داخل وخارج مصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا