التسميات

الخميس، 6 نوفمبر 2014

تخطيط المدن بين العشوائية والاستدامة ...

تخطيط المدن بين العشوائية والاستدامة!

الاقتصادية - الرأي - الأحد 1431/1/24 هـ. الموافق 10 يناير 2010 - العدد 5935 :
د. رشود الخريف :
   هناك من يجادل بأن التخطيط العمراني في معظم المدن، وخاصة الصغيرة والقرى يتسم بالعشوائية ولا يحقق طموحات الناس، وقد تكشّف المستور في حادثة سيول جدة المؤلمة. وإذا كان التخطيط في هذه المراكز العمرانية لا يقوم على أسس واضحة، ولا يعتمد على استراتيجيات مدروسة، ولا يستند إلى وجهات نظر السكان ومتطلباتهم، فكيف يتم التخطيط؟!.

    يمكن معرفة حقيقة الأمر من خلال طرح التساؤلات التالية: من قام بتخطيط القرى الناشئة والمدن الصغيرة؟! وهل هناك استراتيجية أو لجان لتخطيط المدن الصغيرة؟ ثم هل دُرست القرى والمدن الصغيرة دراسة كافية لتحديد نمط التخطيط المناسب لتلبية احتياجات سكانها وفق إمكانيات النمو والموارد المتوافرة بها؟ لو طرحنا هذه التساؤلات على رؤساء البلديات في المدن الصغيرة، لاتضح أن فريق التخطيط الرئيس يتكون – في معظم الحالات - من مهندس البلدية (الوافد) الذي لا يعرف الكثير عن المدن واحتياجات سكانها، ورئيس قسم الأراضي الذي يحمل شهادة الكفاءة أو الثانوية بتقدير “مقبول”! هذا الوضع تسبب في هدر كبير، وأدى إلى ظهور مخططات سكنية في أماكن غير مناسبة، وإنشاء حدائق في قرى ليس لها حاجة بها، لكثرة المزارع والمتنزهات البرية المجاورة لها.
    وهل يمكن أن نتوقع من فريق تخطيط كهذا أن يمتلك رؤية مستقبلية ثاقبة وواعية بمتطلبات الحاضر واحتياجات المستقبل؟ ثم هل ننتظر من هذا الفريق أن يأخذ في الحسبان إمكانية التطور واستدامة التنمية للقرى والمدن عند رسم المخططات السكنية وإنشاء المشاريع التنموية؟ وأهم من ذلك، هل اعتمد إقرار بعض المشاريع البلدية في المراكز العمرانية على دراسات دقيقة أم استند إلى مطالبات عائلية أو قبلية لإنشاء قرية هنا وهناك دون اهتمام بإمكانية الاستدامة ومقدار التكاليف والأعباء الاقتصادية الحاضرة والمستقبلية؟
    لقد سعت الدولة في مرحلة معينة إلى توطين البادية في مشروع عظيم حوّل معظم سكان المملكة من حياة البادية التي تعتمد على التنقل والترحال إلى حياة الاستقرار في بيئة حضرية تتوافر فيها الخدمات التعليمية والصحية، مما أحدث تغيراً اجتماعياً وثقافياً وصحياً هائلاً يُسجل لمؤسس المملكة. فلا شك أن مبادرة الملك عبد العزيز – يرحمه الله - لتوطين البادية تعكس رؤية ثاقبة وتجسد إنجازاً وطنياً يستحق التقدير.
    ولكن أحسب أننا تجاوزنا تلك المرحلة، وحققنا رؤية مؤسس المملكة - طيب الله ثراه - بعد استقرار معظم – إن لم يكن جميع – سكان المملكة في المدن والقرى، خاصة أن الاستمرار في إنشاء بعض المدن الصغيرة والقرى أو الهجر مكلِّف جداً، لأن بعض هذه المراكز العمرانية لا تمتلك أياً من مقومات الحياة، فلا تتوافر بها مياه الشرب، ولا توجد بها موارد طبيعية يمكن استغلالها، أو معالم طبيعية يمكن الاستفادة منها في السياحة، ولا توجد بالقرب منها مدن كبيرة يمكن أن تعتمد عليها، أو طرق برية تمكّنها من القيام بوظيفية تجارية. على الرغم من ذلك، يستمر بها إنشاء المساكن على حساب صندوق التنمية العقارية، وشق الطرق على حساب وزارة النقل أو البلديات، وتأسيس خدمات المرافق العامة.
    في الحقيقة قد نجد العذر لما حدث في الماضي نتيجة الطفرة التنموية الكبيرة التي فاقت توقعات المخططين، ولكن لا ينبغي أن تستمر الأوضاع على ما هي عليه، لا بد من تحسين أسلوب التخطيط، ووضع استراتيجيات “واقعية” تعتمد على السمات الموقعية والإمكانات الموضعية، وتلامس احتياجات السكان. فلا مكان في هذا الوقت للتخطيط بأسلوب “المحاولة والخطأ”، إلا إذا أردنا خلق مدن كبيرة مختنقة ومهددة بالكوارث، ومدن صغيرة مكلفة لا تحقق طموحات سكانها، ولا تتمتع بإمكانية الاستدامة والاستمرار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا