التسميات

الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

خرائط مصر ووثائقها السرية تروي مأساة الجمعية الجغرافية في قاعات المحاكم ...

خرائط مصر ووثائقها السرية تروي مأساة الجمعية الجغرافية في قاعات المحاكم 

   أنشئت عام 1875 بمرسوم من الخديوي إسماعيل وكانت ميزانيتها 400 جنيه سنويا زادت إلى 600 جنيه في عهد السلطان حسين كامل * لعبت دورا رئيسيا في استعادة «طابا» بما قدمته من خرائط ووثائق تؤكد ملكية مصر لها.
جريدة الشرق الأوسط - الجمعـة  - 05 ذو القعـدة 1425 هـ - 17 ديسمبر 2004 -العدد 9516 - القاهرة: عصام فضل :
     تتعرض الجمعية الجغرافية المصرية لمحنة تاريخية تهدد بتوقف نشاطها وضياع كنوزها العلمية والمتحفية والوثائقية ومكتبتها النادرة التي لا تقدر بثمن، هذه المحنة التي تحكي تفاصيلها الدعوى رقم 2105 لسنة 2002 والتي أقامها أمام محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة شخص يدعى محمد عبد الحميد راتب ومعه آخرون يطالبون فيها بأحقيتهم في أراضي الوقف التي تعتمد الجمعية على ريعها في تمويل نشاطها منذ حوالي سبعين عاماً.

    بدأت قصة الوقف سنة 1901 عندما قام محمد راتب قوبان طبه الجركسي سردار الجهادية المصرية بوقف أراضيه الزراعية بمحافظة الغربية على زوجته السيدة كليري هانم، وذلك بموجب حجة شرعية صادرة عن محكمة مصر الشرعية (تحت رقم 690 سجل 124 لسنة 1901)، ثم قامت السيدة كليري هانم قبل وفاتها عام 1931 بوقف الأرض للجمعية الجغرافية وذلك ـ أيضاً ـ بمقتضى حجة شرعية صادرة من محكمة مصر الابتدائية الشرعية يوم الثلاثاء 17 نوفمبر (تشرين الثاني)1931، وظلت الجمعية طوال السبعين عاماً الماضية تعتمد اعتماداً كلياً على عائد هذا الوقف في تمويل نشاطها إلى أن فوجئت بأصحاب الدعوى يطالبون بأحقيتهم فيها.
    الغريب أن الأرض المتنازع عليها والتي تبلغ مساحتها 538 فدانا طبقا لأوراق الجمعية والحجة الشرعية الموجودة بوزارة الأوقاف هي أساساً ملك المرحوم محمد راتب قوبان بن طبه الجركسي الذي أوقفها على زوجته ثم قامت بدورها بوقفها على الجمعية. أما بالنسبة للأوراق التي قدمها أصحاب الدعوى فإن الأرض كانت ملكاً للمرحوم عبد الحميد محمد راتب باشا.
   هذا التناقض الواضح جعل الجميع يعتقد بأن الدعوى سترفض خاصة أن وزارة الأوقاف تمتلك الحجة الشرعية التي تثبت وقف الأرض للجمعية بالإضافة الى الأوراق التي تثبت ملكية الأرض لقوبان باشا الجركسي «صاحب الوقف». لكن المفاجأة أن حكم المحكمة قضى بعزل وزير الأوقاف من ولايته على الأرض وتعيين حارس عليها من بين الذين أقاموا الدعوى.
   وهنا يشير الدكتور محمد صفي الدين أبو العز رئيس الجمعية الى موقف وزارة الأوقاف الذي يحيطه الغموض ويثير الريبة قائلا: لو كانت وزارة الأوقاف قدمت الحجة الشرعية التي تثبت وقف الأرض للجمعية لكان هذا سببا قانونيا كافيا لرفض الدعوى، لكن الوزارة لم تقدم هذه الحجة، والمثير للدهشة أكثر أنها (الأوقاف) لم تشر في مرافقها من قريب أو بعيد الى الجمعية وعلاقتها بالأرض، هذا بالإضافة الى أن الجمعية لم تعرف شيئا عن القضية إلا بالصدفة عن طريق أحد أعضاء مجلس الإدارة، هذا الموقف الغامض للأوقاف يثير الكثير من الشكوك خاصة أن القانونيين أكدوا أن الحجة الشرعية التي تمتلكها الأوقاف كفيلة بجعل المحكمة ترفض الدعوى.
    ويضيف الدكتور صفي الدين: حتى عندما قامت الأوقاف بتقديم الاستئناف تحت رقم 1113 لسنة 2002 فإنها أيضا لم تقدم الحجة الشرعية مما جعل محكمة جنوب القاهرة ترفض الاستئناف، وذلك في حكمها الصادر يوم السبت 29 مارس (آذار) 2003 أمام الموقف المريب لوزارة الأوقاف وعلامات الاستفهام الكثيرة التي تحيط بالقضية كلها لم يكن أمام الجمعية سوى تكليف المحامي أمين معوض دويدار بتمثيل الجمعية في القضية والتي بدأت بالاستشكال تضامنيا مع هيئة الأوقاف في الدعوى 367 لسنة 2003. وما زالت القضية متداولة بقاعات المحاكم، وأعضاء مجلس إدارة الجمعية لا يدرون ماذا يفعلون خاصة بعدما توجه مندوب الجمعية إلى مقر وزارة الأوقاف لصرف مستحقات الجمعية من ريع الوقف عن الفترة من أول يناير(كانون الثاني) الى 30 يونيو(حزيران) 2004 فوجئ بعاطف عثمان مدير شؤون الأوقاف يبلغه بقرار وقف صرف المستحقات. والغريب أن الأوقاف ما زالت تقوم بتحصيل إيجارات أراضي الوقف من المستأجرين.
    كل هذه التناقضات والشكوك المحيطة بالأوقاف والقضية كلها تؤكد وجود مؤامرة تحاك ضد الجمعية الجغرافية التي لا يعرف الكثيرون أنها الحارس الأمين لخرائط مصر ووثائقها النادرة بالإضافة الى نشاطاتها العلمية الأخرى. أنشئت الجمعية الجغرافية المصرية عام 1875 وكانت من أولى الجمعيات الجغرافية في العالم، وقوبل إنشاؤها بحماس كبير في مصر والخارج، حيث لعبت (منذ إنشائها) دورا هاما في حياة مصر، بل في حياة أفريقيا العلمية والاجتماعية والسياسية.
    وكان الغرض من تأسيس الجمعية هو النهوض بالدراسات الخاصة بأفريقيا والبلاد المجاورة، لذلك استحوذت جهود كشف القارة السمراء على اهتمام الجمعية منذ البداية، وكأي مؤسسة علمية فإن الجمعية مثلما أثرت في الحياة العلمية والسياسية والاجتماعية في مصر وأفريقيا والمنطقة العربية فإنها أيضا تأثرت بالتغيرات التاريخية والسياسية منذ إنشائها حتى الآن.
    ويعد اسم «الجمعية» أحد الجوانب التي تجسد ببساطة شديدة التأثر بالتغيرات التاريخية التي عاشتها مصر، حيث تغير الاسم ثلاث مرات منذ أن كانت تسمى «الجمعية الجغرافية الخديوية» وصولا الى الاسم الحالي «الجمعية الجغرافية المصرية».
* بداية الجمعية
* في 19 مايو (أيار) 1875 أصدر خديوي مصر إسماعيل باشا مرسوما بإنشاء الجمعية الجغرافية الخديوية في القاهرة أشار فيه إلى إقرار نظامها الأساسي وإلى الإعانة الحكومية السنوية لها (400 جنيه) وإلى تعيين الدكتور جورج شفا ينفورت الرحالة المشهور رئيسا لها، وصدر المرسوم باللغة الفرنسية.
    وقد أوضحت المادة الثانية من النظام الأساسي المصاحب للمرسوم أن الجمعية تهدف إلى تحقيق مهمتين أساسيتين هما: دراسة علم الجغرافيا بجميع فروعه، وإلقاء الأضواء على البلدان الأفريقية وتنظيم الجهود الكشفية فيها. كما أوضح النظام الأساسي أن هذه الأهداف تتحقق بأن تصدر الجمعية نشرة تتضمن جهود الكشف الجغرافي والرحلات والتوثيق وملخصات الأعمال العلمية في كل ما يتعلق بالعلوم الجغرافية عن أفريقيا، وبأن توطد الجمعية علاقاتها مع الجمعيات الأخرى الجغرافية وغير الجغرافية، والمهتمة بنفس الموضوع، كما تنظم الجمعية الرحلات الكشفية في أفريقيا، وتشجع بصفة خاصة الدراسات المهتمة بالأنشطة الصناعية والتجارية في مصر والمناطق التابعة لها والبلدان المجاورة.
    وقد عقد الاجتماع الأول لمجلس إدارة الجمعية في 2 يوليو (تموز) 1875 وألقى رئيس الجمعية الدكتور شفا ينفورت كلمة الافتتاح حول أهمية الأبحاث الأفريقية ثم أعقبه السكرتير العام المركيز دي كومبيه الذي أكد على ضرورة توثيق التواصل العلمي مع الجمعيات العلمية المماثلة، وكانت جلسات الجمعية تعقد شهريا كما كانت الفرنسية هي لغة المكاتبات والحوار والنشر، وقد نشرت اللائحة الداخلية الأولى للجمعية الجغرافية الخديوية عام 1876 واستمر العمل بها حتى سنة 1917.
   تأثرت الجمعية بالتغيرات السياسية التي شهدتها مصر، وكانت أولى ملامح هذا التغير عندما تغير مسمى نظام الدولة من الخديوية إلى السلطانية، فتغير اسم الجمعية الجغرافية الخديوية ليصبح «الجمعية الجغرافية السلطانية»، وذلك طبقا للمرسوم السلطاني الذي أصدره حسين كامل في 30 أكتوبر 1915(تشرين الأول) بقصر رأس التين بالإسكندرية، وتضمن المرسوم أيضا تعيين الأمير احمد فؤاد رئيسا للجمعية بدلا من الدكتور أبات باشا، كما صدر مرسوم سلطاني بالنظام الأساسي المعدل للجمعية في 23 شوال 1335 هجرية الموافق 11 أغسطس (آب) 1917 موقعا من السلطان حسين كامل في قصر القباري، وجاء فيه أن الجمعية تتلقى سنويا إعانة حكومية قدرها 600 جنيه مصري، كما تضمن تعديلا في صياغة أهداف الجمعية حيث أضاف أن الجمعية تستهدف دراسة وتشجيع العلوم المتصلة بالجغرافيا وبصفة خاصة جغرافية أفريقيا ومصر والبلدان المجاورة.
    ومع التحول التالي لمصر من السلطنة إلى المملكة في سنة 1922 تغير اسم الجمعية مرة أخرى ليصبح «الجمعية الجغرافية الملكية المصرية».
   وفي عام 1952 وعقب ثورة يوليو تغير اسم الجمعية إلى الاسم الحالي «الجمعية الجغرافية المصرية».
    واستمرت الجمعية تعمل بنفس اللائحة حتى أكتوبر من عام 1958، حيث صدر لها قانون تنظيمي جديد، ليتم التنويه لأول مرة إلى البعد العربي في رسالة الجمعية، وجاء في المادة الأولى من اللائحة الجديدة أن غرض الجمعية تشجيع وتنشيط الدراسات الجغرافية والعلوم المتصلة بها، وبوجه خاص ما كان متعلقا بجغرافية أفريقيا ومصر والعالم العربي.
    وبعد صدور قانون الجمعيات الأهلية رقم 32 لسنة 1964 تعدل النظام الأساسي للجمعية وجاء في البند الثاني من لائحته، أن غرض الجمعية يقع في مجال البحث الجغرافي من خلال تنظيم محاضرات، نشر مؤلفات، وإصدار مجلات، وتشجيع البحث الجغرافي، وكذلك تنظيم رحلات علمية في الوطن العربي والخارجي، وتنظيم مؤتمرات ومعارض والاشتراك فيما يقام منها في مجالات الجغرافيا مع الجمعيات المماثلة.
    كانت الجمعية الجغرافية الخديوية هي تاسع جمعية جغرافية متخصصة في العالم من حيث تاريخ تأسيسها، وهي أقدم جمعية جغرافية خارج أوروبا والأميركيتين، وقد تأسست أول جمعية جغرافية في العالم في باريس سنة 1821 تلتها الجمعية الجغرافية الألمانية في برلين سنة 1828 ثم الجغرافية الملكية في لندن عام 1830 والمكسيكية سنة 1833 وجمعية فرانكفورت سنة 1836 والروسية سنة 1845 والأميركية 1851 والجمعية الجغرافية بالبرازيل سنة 1863.
     وقد تناوب على رئاسة الجمعية الجغرافية المصرية عدد كبير من الشخصيات العامة والأمراء والعلماء مثل الأمير عباس حلمي (الذي أصبح الخديوي عباس حلمي الثاني) والذي تولى رئاستها سنة 1889 لمدة عام واحد، والأمير احمد فؤاد (الملك فؤاد الأول) الذي تولاها من 1915 الى 1918.
    ويؤكد الدكتور محمد صفي الدين أبو العز رئيس الجمعية، انه إذا كان عصر الكشف الجغرافي بالمعنى التقليدي قد انتهى فإن الجمعية بما سجلته في إصداراتها من نتائج لكشف أفريقيا ما زال يمثل مصدرا لكل الباحثين عن الحقائق الجغرافية والتاريخية بالقارة الأفريقية ومصر. ويشير الدكتور صفي الدين الى الدور الذي قامت به الجمعية لخدمة القضايا العربية والأفريقية والذي لم يقتصر على الرحلات الكشفية في هذه البلدان وإنما في الندوات والدراسات والبحوث الجغرافية والتي يأتي في مقدمتها الدراسة التي أجرتها الجمعية بعنوان «القرى المدمرة في فلسطين حتى عام 1952»، وأيضا كتاب المؤتمر الجغرافي العربي الأول عام 1965 بعنوان «دور الدراسات الجغرافية في بناء الكيان العربي»، وفي ابريل (نيسان) عام 1991 أصدرت الجمعية دراستها بعنوان «أزمة الخليج منظور جغرافي». ويضيف صفي الدين: ولن يستطيع أحد أن ينسى أن الجمعية لعبت دورا مهما في استعادة طابا بما قدمته من خرائط ووثائق تؤكد ملكية مصر لها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا