التسميات

الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

فلسفة علم المكان ( الجغرافية ) المحاضرة الاولى ...

فلسفة علم المكان ( الجغرافية

مؤسسة النور للثقافة و الإعلام - 21- 11 - 2012 - أ د. محسن عبد الصاحب المظفر :

فلسفة علم المكان ( الجغرافية )المحاضرة الأولى 
 الجغرافيون المحدثون يعدمون إختصاصهم :
     لا يرى في الجغرافية إلا علماً واحداً هو علم المكان ، فعندما تتعدد ظاهرات المكان لا يعني أن العلم تعدد أو تفرع بتعددها ، والتفرع كما يبدو ليس بتفرع أو انشطار والخلل يكمن في التسميات ، فعندما تقول " الجغرافية الزراعية " فأن (ياء) النسبة توهم المطلع على أن الجغرافية ذاتها زراعية والجغرافية الصناعية ذاتها صناعية ، والبديل الأفضل للتسمية هو جغرافية الزراعة ، أو علم مكان الزراعة وعلم مكان الصناعة فعلم التأريخ مثلا تجاوز هذه المشكلة فلم يتعدد كما تعددت فروع الجغرافية وهو لا يستخدم ياء النسبة ولذا تذكر مواضيعه مثلا التأريخ القديم ، تأريخ المجتمعات ، تأريخ الأديان ، تأريخ أوربا ، تأريخ الأشخاص فلا نخال هذه التسميات فروعا , ويبقى علم التأريخ بكيانه الموحد .

   يدرس علم المكان (الجغرافية) إذا ظاهرات عدة لا ينبغي تفرعه بتسمياتها ، يدرسها مجتمعة في المكان ضمن أبعاده الفلسفية ، ويكشف أنماطا وعلاقات مكانية , منهجه واحد وأبرز ما فيه النظرة التكاملية إلى الظواهر الطبيعة والإنسانية مجتمعة ومتفاعلة في إطار المكان , بغية إظهار صورة نظام المكان والإرشاد إلى ما يصيب الصورة من خلل والتشويه وإن علم المكان يرى الحقائق والعلاقات مجتمعة في إطار المكان بقوانين خاصة تفرضها طبيعة المكان نفسه ، أي طبيعة مكوناته الأساسية أو البنيوية .
    لقد أكد الروسي (أنوجين) على أن لا يخسر المختصون الجغرافيون الروس أنفسهم بولوج تخصصات الجيولوجيا والبايولوجيا وغيرها ، بل عليهم تأكيد وحدة علم المكان بوحدة الطبيعة والمجتمع وهذا الذي أكده المكاني (الجغرافي) بوستين جيمسن وأشار إلى وجود علم مكان واحد مناهضا دعوات بعض الجغرافيين الأمريكان التي ترى بوجوب وجود علم مكان منقسم ومزدوج .
    عليه ، فمنهج الجغرافية واحد منطبق على كل ما يسمى بفروع الجغرافية ، أما الثنائية فقد بدأت تنظر إلى ما هو طبيعي وما هو إنساني (بشري) 1 ، في رأيي أن الجغرافية لا ترتضي هذا التقسيم ولو أنه شائع ، وهي بحقيقة منهجها لا تنقسم بل هي تنظر إلى الظواهر بأنها مظهرين لشئ واحد .
    هارتشون يقول ما معناه أن فصل دراسة الإنسان عن البيئة هي محاولة الإتيان بجريمة قتل علمية . وبالغ الجغرافيون بالثنائية فهي لم تعدو ثنائية واحدة بل ثنائيات متعددة وهي :
 •- ثنائية (طبيعي وبشري).
 •- ثنائية (الأصولي والإقليمي).
 •- ثنائية (الجغرافية الوصفية والجغرافية التحليلية).
 •- ثنائية الحتمي والمكاني.
 •- ثنائية الجغرافية أحادية الموضوع والجغرافية متعددة المواضيع .
 •- ثنائية الجغرافية التاريخية والجغرافية المعاصرة.
 •- ثنائية الجغرافية النظرية وجغرافية التطبيق المكاني.
 س / لماذا اتجهت الجغرافية إلى هذه الثنائيات ؟.
    ربما اتجهت الجغرافية إلى هذه الثنائيات لتقليل الجهد في البحث ، حيث أن الجغرافيا تدرس العالم ، علما أن أقدم الثنائيات هي الجغرافيا العامة والجغرافية الإقليمية .
    وتم في القرن التاسع عشر الفصل بين الجغرافيا الطبيعية والجغرافية (البشرية) جغرافية الإنسان .
 وحدة علم المكان (الجغرافيا) :
     ينبغي أن نفهم أن الجغرافيا واحدة ، وأن تفرعت من ناحية طبيعتها ومنهجها كما ينبغي أن نفهم أنها ذات طبيعة واحدة ، وتدريسها هكذا .
       قد طالب بهذه الدعوة الجغرافيون الروس ، وأبرز المنادين الجغرافي الروسي (انوجين) في كتابه (المشاكل النظرية في الجغرافيا) وقال أن كثيرا من الجغرافيين الروس بدأوا جغرافيين وانتهوا إلى جيولوجيين وجيمورفولوجيين واقتصاديين انسلخوا من اختصاصهم الأول ، ولذا فأنهم يطالبون بوحدة الموضوع تلك التي تظهر بوحدة الطبيعة والمجتمع (أي دراستهما معا) .
   والجغرافيون الأمريكان أيضا أكدوا على وحدة الجغرافيا مثل (هارتشون ) و (بوستين جيمسن) وظلوا في صراع مع دعاة اعتبار الجغرافية علم مقسم ومزدوج ومتعدد الفروع .
 نظرة تاريخية لمعاناة الجغرافية :
    لم تعتمد المعالجة الجغرافية قديما إلا على الوصف فقط ، وكادت بذلك ان تضيع نهائيا لولا المعالجات الحديثة التي أضفت عليها سمة الثبات والاستقرار وهي يومذاك :
 •1- تصف صورة المكان محاولة أن تعطي منظورا مكانيا له .
 •2- لم تتقيد بضوابط منهجية محددة (وصف بلا حدود) ولذا أصبحت تعاني في ذلك الحين من الإطناب والشوائب وقد تؤلف الشوائب التي هي ليست جغرافية نسبة تصل إلى 80%، الأمر الذي يجعل القارئ لا يميز موضوعه إن كان جغرافيا أم تاريخيا ، فليس من فاصل بين السرد .
  وهذه كتب الجغرافيا القديمة عربية كانت أم غير عربية تعاني ثقل الوصف غير الجغرافي . والخلط هو المعاناة وهو منظور يتخلله سرد تأريخي وتسبقه مقدمات أدبية وتلحقه أشعار وقصص وإحداث ، دون التقييد بالمساحة المكانية ولا أي منهج واضح المعالم يميز المنظور الجغرافي .
 محاولة حديثة للخروج من الضياع :
     كان الخلط يشوش منظور الجغرافيا ويضفي الغشاوة على ما هو جغرافي حتى تكاد تحس إنك لا تقرأ وصفا جغرافيا ، لهذا السبب توجه العديد من الجغرافيين لرسم خطة إنقاذ لهذه المعرفة الوصفية المجردة ، وكانت الخطة بسمات منهجية واضحة أي أن (الوصف محدد مكانيا بمنهج محدد).
     دون الاعتماد على وصف مختلف وبذلك اتجهت الجغرافيا متجاوزة حدود الوصف الى ما دعي فيما بعد بـ : (الحل والتركيب) وعليه ليست الجغرافيا ثوبا جديدا وغدت تعتمد على :
 •1- الهدف .
 •2- المكان توزيعا .
 •3- المنهج .
    سواء أكان ذلك لظاهرة واحدة طبيعية أم إنسانية أو لظواهر محددة أو (للظواهر كلها وفق المكان الإقليمي المحدد بصيغة الشمول بواقعيه الطبيعي والإنساني) .
    فرجت إذا الجغرافيا من واقعها الأقدم الوصفي المجرد والمخلوط بالشوائب التاريخية والأدبية إلى واقع جديد وهو جغرافيا مرتكزة على ثلاثة أبعاد هي :
 أولا التوزع المكاني للظاهرة :
   أن الظاهرة سواء أكانت طبيعية أم إنسانية (بشرية) لابد من أن تكون محسوسة لها صفة التوزيع المساحي الأفقي وحتى العمودي وهي ظاهرة جغرافية ، موزعة والجغرافي يتابع توزعها * ويقصر وصفه عليها بنمط توزعها ووصف مستويات تباين التوزيع المكاني تأتي هنا ملاحظة مهمة أن الوصف لا يكون إلا لحالة التوزيع وتبايناته ، ودون ذلك هو ما يوصف بترف استطلاعي وليس جغرافيا .
 والتوزع يكون وفق أمرين هما:
 •1- واقع الظاهرة (واقع لحظة الدراسة).
 •2- توزعها عند نشأتها ومراحل تطورها وهذا يعني دراسة التاريخ الجغرافي للظاهرة .
 •3- توزعها خلال مدة محددة لبيان تغيرها وفق المكان .
    إذا مهما يكون نوع الظاهرة المدروسة ، فحتى تصبح دراستها جغرافية لابد من تحديد المكان والزمان لها (أي دراستها في المكان والزمان ) ، ولا يصح البحث الجغرافي مطلقا إلا بتحديد هذين البعدين أو الاتجاهين ، وقد جرى التركيز في الدراسات الجغرافية الحديثة على هذين الاتجاهين المترابطين (زماني- مكاني) (زمكاني ) ، ويعني ذلك فحص الظاهرة خلال الزمن أي فحص تغيرها لكل سنة وفق تفاعلها المكاني أي فحص التغير بين ماضي الظاهرة وحاضرها .
    إن الوصف التوزيعي الذي ذكر يؤدي إلى الآتي :
 •1- الابتعاد عن الخلط بكلام ليس من الجغرافية .
 •2- الابتعاد عن الإطناب ، وتزاحم الأفكار التي قد لا تفضي إلى نتائج .
 •3- الابتعاد عن الشوائب وضعف العرض للظاهرة المنظورة أو صورة الظاهرة مكانيا .
 •4- تأكيد الموضوعية الجغرافية ,فيقل بذلك التعتيم .
   وبالانتهاء من توزع الظاهرة الجغرافية من خلال بعدين تغير تفاعلها مكانيا وتغير تفاعلها مكانيا خلال الزمن , تأتي مرحلة التعليل والتحليل .
 ثانيا : التعليل ( التحليل) :
    يعني إظهار علة توزيع الظاهرة بأنماط مكانية مختلفة ، لماذا هذا الاختلاف ؟ ولماذا هذه الصورة المكانية ؟ ماهي علاقتها وهي تتغير .
    هذا الأمر يفسر الحالة الانتشارية للظاهرة ومستويات الانتشار بأنماط مكانية وأن كل نمط مرتبط بظروفه المكانية هنا يتطلب من الجغرافي ضبط العوامل الموجهة لصورة الانتشار بأنماط مكانية للظاهرة .
 ثالثا : إظهار المنظور الجغرافي بالمعالجة :
    بعد وضوح توزع الظاهرة بأنماط مكانية متباينة ثم تعليل أو تفسير ظهورها مكانيا بصورتها الجغرافية ، يأتي دور الربط المكاني للظاهرة المعنية بالظواهر الأخرى وكشف مستوى العلاقات بين الظواهر لمعرفة نظامها المكاني العلائقي وبهذا الأسلوب المنهجي تتحقق الفرضيات وتتكشف نظريات وتعد قوانين تتحكم بالمكان الجغرافي.
 السلوك الاجتماعي والمكان :
    أن السلوك الاجتماعي في حركة الإنسان وتفاعلاته وتنافسه في المكان اجتماعيا واقتصاديا يؤثر في شكل المكان وشكل المدينة والقرية إذا سلوك الإنسان في المدينة والحقل يوجه ترتيب المكان وأن هذا الضغط الإنساني الموجه على المكان يعكسه المكان على الإنسان ذاته ويغير في توجهاته .
   أن من مهام الجغرافي الرئيسة تشخيص السلوك في المكان ، سلوك الإنسان ، وسلوك الأحياء ، وسلوك الطبيعة ، والوقوف على تجاذبات هذه السلوكيات وتفاعلاتها والنتائج المتحتمة على المكان .
 التحول من وصف المكان تحليليا إلى فلسفة المكان :
    إذا لم يكن الهدف الأسمى وصف المكان ووصف أعضائه حتى لو قدمنا معالجة كافية له ، تبقى هذه المعالجة خاملة ، إذ نحن بحاجة إلى جغرافية تركيبية لا تقف عند حدود المكان . بل تتعداه إلى روح المكان وفلسفته . والجغرافيا كالتأريخ لا تعيد نفسها ، كما أن الإقليم لا يعيد نفسه ، بمعنى أن ليس لكل إقليم قانون ، فدراسة كل جزئيات الإقليم تقود إلى مفتاحه ، ثم التطلع إلى روح المكان ((جمال حمدان ، شخصية مصر ، عالم الكتب ، القاهرة ، ص12-13)).
 الجغرافيا المعاصرة في محنتها من القلب إلى الهامش :
 •1- إن الانتقال من الفكر الجغرافي الحديث إلى المعاصر كان سريعا فاجأ الكثير من المختصين الجغرافيين الذين ما زالوا مستمرين على النهج القديم ، وكان تحولهم نحو الجغرافيا المعاصرة صعبا وهم يرفضون النهج الإحصائي والقياسي والمنهج الاستنباطي المتضمن الإطار النظري بكل مكوناته كالمشكلة والفرضية ووحدات القياس ، وكان ظنهم ان ذلك يبعدهم عن طريق الجغرافية ويسلخها من مضامينها .
 •2- وأن شكل الانتقال السريع من مضامين الجغرافية الحديثة الى مضامين الجغرافية المعاصرة ليس فقط في النهج القياسي الإحصائي بل أيضا في طبيعة الأهداف ، حيث أنه يطوع الهدف الجغرافي بتحديد المشكلات ووضع الفرضيات واستخدام معايير القياس ، الأمر الذي شكل طفرة بين الباحثين الذين ينزعون الى القديم والذين ينزعون بخفة ظاهرة للتعامل مع ما هو معاصر .
 •3- ما يدعو للهوة بين الجغرافيين الكلاسيكيين والمحدثين الذين يشيرون إلى أهدافهم بالوصف ثم ربط الهدف بالتنمية على سبيل الوصف أو سوق الأمثلة ,أما المعاصرون فأكثرهم يستنبط النتائج المثلى التي يستفيد منها خبراء التنمية والبناء والتغيير والذين يمارسون ذلك عمليا وفعليا .
•4- أن الجغرافي المعاصر يقدم مسحا مكانيا لأية ظاهرة مع توصيات محددة يستفيد منها الممارسون الفعليون في التخطيط والتنمية , وهم يقدمون ذلك مقاسا بمعدلات واعتماد فرضيات تؤدي إلى نتائج صحيحة مقاسة لاكما كان يقدم بالوصف الحدسي .
 •5- إما التقنيات المستخدمة اليوم فهي بالمستوى المتقدم كالوسائل والأدوات وهي نظم المعلومات الجغرافية والدراسات الحقلية والحاسوب والإحصاء والصور الجوية و الاستشعار عن بعد .
    إن استخدام هذه الوسائل والأدوات خلق أزمة , فالذي لا يقدر على استخدامها تجنبها ولكن الذي ادعى فهمها واستخدامها بطريقة مشوهة وخاطئة جعل قياسه غير صحيح ثم نتائجه غير صحيحة ، كذلك عن القلة الذين فهموها ولكنهم لا يعرفون استخدامها ، فاستعانوا بمختصين بالإحصاء والنظم وبجهاز الكمبيوتر لاستخراج النتائج ثم الاستعانة بالجهاز لتحويل النتائج إلى أشكال بيانية وتوزيعها على خرائط كل ذلك أدى بالباحثين إلى الانغلاق وعدم القدرة على فهم ماكتبوه ولا معرفة طريق وصولهم الى نتائجهم بما فيهم المشرفين والمناقشين .
    معنى هذا بدأ الجغرافيون والجغرافية في أزمة الخروج من القلب العلمي إلى الهامش الغامض والفهم الضعيف .
 هل الجغرافية علم متطفل :
    لقد صورت الجغرافية في القرن التاسع عشر بأنها وعاء لعلوم مختلفة أي وعاء لكل ما تأتي به العلوم والمعارف . ونحن اليوم نسير على نفس المنهج إذ نحن أعطينا إحساسا بأن الجغرافية متعددة الفروع ( وهي علم موحد في حقيقتها ) وأن كل فرع مستقل بمبادئه ، وهذا غير صحيح ، لان أي فرع لابد أن تكون له مبادئ أين هذه المبادئ والأسس ، وأن المعايير المختلفة لا تخلق فرعا مستقلا فالباحث بجغرافية الزراعة لا يجد مبادئ واضحة بل يجد معايير كالإنتاج والغلة والكثافة الزراعية والدونم والطن والبالة .... الخ وهكذا جغرافية السكان مثلا لها معايير وليس لها مبادئ مبرزة ومعاييرها هي الكثافة ،/ نمو السكان ، تراكيب السكان العمرية ، والتعليمية والنوع .... الخ وكل الفروع الأخرى . أن هذه الفروع المدعاة تعددت كثيرا وغدا لكل ظاهرة فرعا الأمر الذي جعل فرع يأخذ من علم يقابله فجغرافية السكان تأخذ من علم السكان وجغرافية المناخ تأخذ من علم المناخ وعلم الأنواء وجغرافية الاقتصاد من علم الاقتصاد وهكذا.....
    أن الخروج من هذا المنزلق والذي على الجغرافي إتباعه هو قيامه بأخذ بيانات الظاهرة ومعلوماتها* وتحليل خصائصها الذاتية ثم الانتقال إلى خصائصها الموضوعة بربطها لظاهرات أخرى حولها ، ثم قياس دوافع استمرارها أو ضعفها فإذا أتبع ذلك كله يكون قد حقق ما قاله (معين حداد ، في كتابه ، الجغرافية على المحك ص39) أن الجغرافي يمثل ذلك بطريقة (ميتابولية) أي الشرب والأكل والهضم والتمثيل ثم الإفراز ويحدث بذلك التشكيل والخلق أو التخليق بالربط ورصد علاقات لابد أنها تأتي بالجديد .
 محاولات طمس الاختصاص أزمة أخرى في الجغرافية المعاصرة :
    أن الجغرافية غدت جسرا للعبور نحو الانسلاخ منها ، وإن الطريقة المتبعة هي تذيل عناويين بحوثهم أو رسائلهم العلمية وأطروحاتهم بعناوين هامشية مثلا ( التحليل المكاني لظاهرة ما باستخدام نظم المعلومات الجغرافية هذا مناسب لان الباحث استخدم وسيلة توفر له المعلومات ولكن ليس له ان يدعي بأنه مختص بنظم المعلومات وآخر يذيل رسالته او بحثه ( التحليل المكاني للموارد المائية في منطقة ما دراسة بيئية أو هايدرولوجية وأدعى أنه مختص بالبيئة وهي علم مستقل له مبادئه الخاصة أو أدعى أنه مختص بعلم هندسة المياه (الهايدرولوجي)، وكان عليه أن يقول (الهايدرو جغرافي) أو (التحليل المكاني لظاهرة ما دراسة في التخطيط والتخطيط الإقليمي وكلاهما علمان لهما مبادئهما الخاصة ، والأسوء هو الادعاء بأنهم علماء بيئة أو تخطيط أو مهندسين للمياه وللجيولوجيا ، كمحاولة للخروج من اسم ( جغرافية) لأن الاختصاص يخجلهم اجتماعيا برغم أن المجتمع ككل لم يعيب هذا الاختصاص فأنهم إذا أدعو ذلك فهم بالتأكيد ينسون اختصاصهم ويبدأون بضياعه وإن العنوان الذيلي لا يمثل اختصاصهم لأنهم حتما غير تقنية .
بذلك يصبح الجوهر غير متقن والاختصاص الذي يدعونه غير مجاد وتغدو أطروحته غريبة لا تقرأ لأن التركيز فيها على الوسيلة والأداة دون الجوهر .
   على الجغرافيين أن لا يحسوا بسبب تعدد العلوم وتطور معارفها إحساسا داخليا بأنهم دون مستوى هذه العلوم المتقدمة تلك التي ترتبط بالحياة اليومية للناس والبارزة بتقنياتها المتعددة .
   على الجغرافيين احترام علمهم ، والافتخار به فهو سيد الفلسفة بل روحها ، ويجوز التنويه إلى أن الأبعاد الفلسفية لعلم المكان (الجغرافيا) قادت إلى الأفكار الفلسفية العظيمة ، التي انتشرت في العالم والتي ما زالت بين المؤيد والمعارض مثل فلسفة التطور وظهور الداروينيه والفلسفة الوضعية ومبادئ العلية والحتمية والإمكانية والفلسفة الظاهراتية ، ومدرسة الواقع والمدرسة البيئية .. بالإضافة إلى نهج الجغرافية في التحقيق من صحة نظريات ووضع أخرى ، ووضع أفكار واكتشاف نظم مكانية تنتهي الى صياغة القانون المحدد.
   تسميات فروع خاطئة تدل على قلة الوعي الجغرافي :
     هناك تسميات لبحوث جغرافية وكتب يقرأها الجغرافيون وغير الجغرافيين كذلك ، مما تشعر بالخجل هي :
 •1- الجغرافية الفلكية :
    يذكر قديما أن الجغرافية هي إقليمية وأخرى فلكية سوى أن تسمية الجغرافية بالفلكية غير صحيح فهي تدخلنا عنوة إلى علم الفلك ثم التجني عليه .
   أن علم الفلك بتقدمه مهد لعلم المكان ( دراسة الأرض) أو الجغرافية المتقدمة وبخاصة فيما يتصل بالمناخ والخرائط .
  إن علم الفلك من العلوم أو المصادر التي مدت ما يسمى بـ( الجغرافية الرياضية ) وهذه التسمية هي الأخرى خاطئة وهي تسمية لدراسة الأرض ككوكب المتضمنة شكل الأرض وحركتها وتكون الليل والنهار ومحيط الأرض والفصول والبعد عن الكواكب وعن تابعها القمر وعن الشمس وخطوط الطول والعرض والمواقع .
   لكن جمهرة من الجغرافيين عرفوا الجغرافية بأنها علم يهتم بسطح الأرض فقد ذكر كانت أن الجغرافية تهتم بسطح الأرض كونه وطنا للإنسان . أو أن الجغرافية هل علم يدرس التوزيع المكاني للظاهرات الطبيعية والإنسانية لاكتشاف أنماط مكانية ثم الأسباب المقترنة بتباينات الأنماط المكانية ودون ذلك فأي كلام آخر غير جغرافي ، ولذلك فأن هذه التعريفات غيبت ما كان يعرف بـ ( الأدبيات الجغرافية) و (والجغرافية الفلكية) و (الجغرافية الرياضية) المرتبطة مع بعضهما بحسب رأي أرسطو ومع ذلك فأن ، الأمر جعل آخرين يأخذون بالفكرة الوسط على اعتبار أن الفلك والرياضيات ليسا بجغرافية وعلى اعتبار أن الجغرافية لا تقتصر على سطح الأرض وحده وعلى هذا المنطلق عدها بأنها علم دراسة كوكب الأرض ، ما هذا الكلام إلا محض مجاملة وتوفيق باطل .
    والذي أورده (رتر) في القرن التاسع عشر قوله ( أن كلمة جغرافية تعني وصف الأرض إنما هي خاطئة بل أنها تعني توجيه نظرة كونية شاملة للأرض) معرفة كل شيء عن الأرض ككل موحد وعلاقة ذلك بالإنسان ، لقد أثار هذا التعريف جدلا في شطر كبير من القرن التاسع عشر وشكل جدلاً هل الجغرافية دراسة كوكب الأرض أم سطح الأرض .
   أن الواقع يدلل على أن الجغرافية تنحصر بالضرورة على سطح الأرض ولكنها معتمدة على الفلك باستخدام بعض المقاييس الفلكية الرياضية ، غير أن الاقتصار على سطح الأرض وحده في الدراسات جاء حديثا نسبيا .
•2- الجغرافيا الكمية أم هي الكم في الجغرافيا :
     لا توجد جغرافية كمية مطلقا ، بل الذي يوجد هو الكم في الجغرافية أو الكم الجغرافي وأن الذين أصدروا كتبا باسم الجغرافية الكمية عليهم أن يتراجعوا ، فالكم أداة يعتمدها الباحث لإيضاح ظاهرته ليس بالوصف المجرد بل بالقياس الكمي لها .
    لقد خرج نفر من الجغرافيين يستخدم وحدات قياس لبيانات كمية بغية الوصول إلى تقدير معلومات أساسية ترتبط بالظاهرة ، وقد كثر عدد الجغرافيين الذين اعتمدوا البيانات الإحصائية والوحدات الإحصائية كالوحدة المعيارية وتحليل التباين والتحليل العاملي والارتباط البسيط والانحدار والارتباط المتعدد (Matrx) ، كما أنهم عدوا الذين لا يعتمدوا الكم وأداة الوحدات الإحصائية بأنهم كلا سكيين .
     إلا أن العيب في هذا هو اعتماد الجغرافيين على نماذج إحصائية اقتصادية واجتماعية وإحصائية في بحوثهم مستعارة من علوم أخرى ولم يبتدعوا لأنفسهم وحدات قياس خاصة ، كما أنهم جعلوا النماذج أقرب الى النظريات المحتاجة الى فحص واثبات .
   وأن الكم الجغرافي أهمل الشأن الطبيعي وركز على جغرافية الإنسان * مما وفر قطيعة مؤثرة في إبعاد الجغرافية الطبيعية عن الاختصاص بها، وضعف دخولها في حيز المنظومة الجغرافية .
 •3- جغرافية الخرائط :
     لا توجد جغرافية خرائط أبدا لكن قرأت كتابا بهذا الاسم في ليبيا ألفه دكتور سوري يعمل هناك وتعجبت مما ذهب إليه فالخرائط أداة يستخدمها الجغرافي لتوزيع الظاهرة التي يدرسها وهي معدة مسبقا من قبل مهندسين مساحين , إذ أن المساحين والكارتوكرافيين هم الذين يرسمون الخرائط بأجهزة خاصة . فلا تصح تسمية الأداة الخرائطية التي يستخدمها الجغرافي بأنها (جغرافية خرائط ) . ولكن مع هذا فتاريخ رسم الخرائط وتطور استعمالاتها كأداة يدخل ضمن مضامين الفكر الجغرافي أو جغرافية التاريخ .
 * استخدام عبارة (جغرافية بشرية) أو جغرافية البشر خطأ إذ إن الاسم الصحيح هو جغرافية الإنسان لأن البشر ظاهرة مستقلة بتأريخها وألوانها ولغاتها .
 هناك توزيع كما هناك توزع ، فالظاهرة التي ينجزها الإنسان بأماكن متفرقة فهو توزيع أما الظاهرة الموزعة طبيعيا فهو توزع .
البيانات : أرقام مجردة والمعلومات : هي تحويل البيانات إلى حالات جديدة .
الجغرافية البشرية : هي جزء من جغرافية الإنسان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا