التسميات

الخميس، 6 نوفمبر 2014

أمن الإنسان العربي يعرقل التنمية ...

أمن الإنسان العربي يعرقل التنمية!

الاقتصادية - الرأي - الأحد 1430/8/4 هـ. الموافق 26  يوليو 2009 - العدد 5767 :
د. رشود الخريف :
    هكذا يرى تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2009م الذي ركز – بشكل رئيس - على أمن الإنسان وتأثيره في التنمية. ويرى التقرير الذي صدر قبل عدة أيام أن أمن الإنسان هو الركيزة الأساسية للتنمية البشرية ففي حين تُعنى التنمية بتوسيع الخيارات أمام الناس، فإن أمن الإنسان يؤدي إلى تمكين الشعوب من احتواء أو تجنب المخاطر التي تهدد حياتهم وسبل معيشتهم وكرامتهم.

    وانعدام أمن الإنسان هو نتيجة استنزاف الموارد الطبيعية وارتفاع معدلات النمو السكاني والتغير المناخي السريع – كما يُشير التقرير –إضافة إلى انتهاك حقوق الإنسان. وهذه الأمور تهدد سبل العيش والدخل والغذاء والمأوى للملايين في الدول العربية، بل يعيش قطاع عريض من العرب في حالة مستديمة من الفزع جراء الأذى من بعض مواطنيهم أو القوى الأجنبية، ونتيجة الصراعات الداخلية والقوانين المجحفة. وبناء على هذه الظروف والمعطيات، رأى معدو التقرير أنه ليس هناك موضوع أدعى للاهتمام من ''أمن الإنسان'' ليكون منطلقاً للتقرير الذي يسعى إلى إعادة تقييم حالة التنمية الإنسانية العربية خلال العقد الأول من هذه الألفية.
    وفي الحقيقة، يوجه التقرير الأنظار إلى قضايا في غاية الأهمية، مثل: ندرة المياه، والتصحر، والنمو السكاني، وارتفاع نسبة الشباب، وتلوث مياه الشرب، والعنف ضد المرأة، والبطالة، والاحتلال العسكري. وكمثال لخطورة بعض القضايا، يُشير التقرير إلى أن معظم المياه السطحية، بالتحديد نحو 57 في المائة من المياه في الدول العربية تنبع خارج المنطقة العربية، وأن معدل البطالة يصل إلى 14 في المائة مقارنة بنحو 6 في المائة على المستوى العالمي. ويذكر التقرير - كذلك - أن أمن الدولة في بعض الدول العربية أصبح مصدراً يهدد أمن الإنسان، بدلاً من أن يكون سنداً له.
    وفي حين أن التقرير وضع النقاط على الحروف بالنسبة لكثير من القضايا المهمة التي تواجه الدول العربية، إلا أن هناك بعض الملاحظات التي لا بد من الإشارة إليها، ومن أبرزها ما يلي:
1) اعتمد التقرير على مصادر إحصاءات قديمة نوعا ما. فعلى سبيل المثال، استخدم التقرير بيانات القوى العاملة عام 2005م وما قبله. ومن المعروف أن الأوضاع تغيرت بعد الأزمة المالية العالمية التي أطلت برأسها القبيح عام 2008م، أي أن البيانات كانت قبل حدوث تلك الأزمة بثلاث سنوات.
2) اعتمد على استطلاعات محدودة جدّاً وفي دول قليلة جداً، هي المغرب ولبنان والكويت والأراضي الفلسطينية فقط، وآثر الاعتماد على دراسات وتقارير الأمم المتحدة السابقة بدرجة أكبر من المتوقع، وبذلك لم يستخدم الإحصاءات وبيانات التعدادات السكانية الصادرة عن الدول العربية.
3) لم يعط التقرير القضية الفلسطينية حقها، فبدا وكأنه لم يكتب من قبل علماء ومثقفين عرب، خاصة عندما أشار إلى تجنيد الأطفال الفلسطينيين - متطوعين أو مرغمين.
4) يشتمل التقرير عن تعميمات لم تعد مقبولة في تقرير رصين عن التنمية. فعلى سبيل المثال، يتضمن التقرير العبارة التالية: إن مولد البنت ''هو في نظر الآخرين، مناسبة للحداد لا الاحتفاء والبهجة، تستقبل في جو تشوبه الخيبة التي تكاد لا تُخفى'' (ص 155). لا ننكر وجود تفضيل الأبناء الذكور في معظم الدول العربية، إلا أن هذا الأسلوب قد يُقبل من كاتب صحافي، ولكنه ليس مناسباً في تقرير علمي عن التنمية البشرية. كما أثار التقرير قضية الاتجار بالبشر دون الاعتماد على دراسات معمقة في هذا المجال.
5) لم يأت بجديد فيما يتعلق بالتغير المناخي، بل اكتفى بتكرار ما جاء في تقرير التنمية البشرية في العالم 2007/2008م. وبخصوص التغير المناخي، نتساءل: على أي أساس خلص إلى القول إن المنطقة العربية هي ''الأكثر تعرضاً للوقوع ضحية مباشرة لتغير المناخ''؟!.
6) جاء الاحتلال العسكري في آخر قائمة الموضوعات التي ركز عليها التقرير في حين أن الاحتلال يُعد أحد المعوقات الرئيسة للتنمية في الدول العربية، وسبب رئيس لانشغال العرب وعدم تركيزهم على شؤون التنمية.
7) وجه التقرير نقداً لعقوبة الإعدام، متجاهلاً أن الإعدام أحد الحدود الشرعية في الدين الإسلامي الذي يدين به معظم العرب، ومؤيداً – بذلك - منهج المنظمات الغربية التي تدعو إلى إلغاء عقوبة الإعدام، في الوقت الذي تقوم فيه الدول الغربية بقتل آلاف البشر من خلال القصف العشوائي للأحياء السكنية في البلدان التي تحتلها، دون حسيب أو رقيب.
8) انتهى التقرير بملاحظات ختامية، ولكنه لم يركز على تطوير التعليم كأحد المتغيرات التي تؤثر في أمن الإنسان والتنمية البشرية على حد سواء.
وعلى الرغم من هذا كله، فقد أبرز هذا التقرير القيّم العديد من القضايا المهمة، وحدد التهديدات الرئيسة لأمن الإنسان العربي، وأثار الكثير من التساؤلات في أذهان القراء، ولكنه أجج غضب البعض وسخطهم، بما في ذلك المؤلف الرئيس للتقرير!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا