التسميات

الثلاثاء، 26 مايو 2015

تحسين تخطيط واستراتيجية عمران العاصمة (1-2)


تحسين تخطيط واستراتيجية عمران العاصمة (1-2)


لا بد من اصلاحات جذرية لكي نتجنب اضطراب المرور


الأيام  - بقلم دكتور: عباس محمد حسن :

  يشير الباحثون في مجال تخطيط المدن أو استراتيجية العمران إلى تعدد النظريات الحديثة التي حاولت تفسير كيفية نشأة المدن، ومن ثم المعايير التي تميز المدينة عن غيرها من مراكز الاستيطان الأخرى ولكن على الرغم من أن الحضارة المدنية ذات صفات ومعايير تتوافق مع تلك النظريات إلا أنها لا تنطبق بالضرورة على كل ما ورد فيها، كما لا يوجد معيار واحد أو مجموعة معايير ثابتة في كل حضارة مدنية، وواضح أن ظاهرة المدينة نشأت بطرائق مختلفة في أماكن متعددة من العالم.

 إن وسائل التنقل الجديدة التي غزت المدن مضافة إلى مظاهر التقدم والتوسع الأخرى والتصنيع والهجرة الريفية وغير ذلك ادتإلى توسع عظيم في المبادلات بين الناس مما كان لا بد أن ينجم عنه نمو ضخم للمدن التي أخذ عدد سكانها يتزايد شيئا فشيئا وزاد من سرعته تقدم الخدمات والصحة والتعليم وغيرها في المدن والحضر وتدهورها في البوادي والقرى ومع ازدياد المبادلات وتطوير الوسائل الفردية للتنقل تفاقمت مشكلة المرور وازدادت صعوبة وكان لابد من تنظيم منهج للطرق يسمح بتنقل الأفراد والبضائع في أقل وقت وبأقل التكاليف، ومع ازدياد أعداد السيارات التي تدخل المدن وتملأ الشوارع ازداد تلوث الهواء والضوضاء والحوادث وأستنفذت الشوارع طاقاتها الإستيعابية التي صممت لها وتسبب ذلك في البطء الشديد في حركة المرور والاختناقات وتم إتخاذ الإجراءات في بعض العواصم الكبرى مثل توسيع الشوارع إلا أن ذلك لم يحقق حلولا شافية إذ سرعان ما أستنفذت هي الأخرى طاقاتها لذا توصل المختصون (للاستزدادة أنظر د. حماد ود. سامح ود. عبد الستارإلى أن ما يجب عمله لا يقتصر على تصحيح الصفات الرئيسية للطرق والشوارع ولكن يجب تخطيط المدن بنظام صارم مع إعادة ترتيب الأحياء القديمة وحصر مختلف أوجه النشاط المسؤول عن انسداد شرايين المرور أو الطرق الرئيسية لان مشكلة المواصلات هذه ترجع – إلى حد كبير خاصة في ساعات القمة أو ساعات الذروة إلى التنقلات غير المثمرة التي يقوم بها كثير من سكان المدن بين أماكن العمل وأماكن الإقامة بسبب التنظيم الفاسد للمدن – ومدينة الخرطوم الكبرى (الخرطوم، بحري وأم درمان) مثال على ذلك.
صحيح أنه لا بد من الإشادة بالمجهودات الكبيرة التي تبذلها الجهات المسؤولة بولاية الخرطوم في فتح طرق جديدة وتوسيع وتأهيل الطرق القائمة في العاصمة القومية وأطرافها إذ أن ذلك سيساعد كثيرا في تسهيل حركة المرور في الطرق الرئيسية على الأطراف ولكن لا بد من وجوب إصلاحات جذرية لكي نتجنب اضطراب حركة المرور ووقوعها في فوضى كاملة نلخصها في التالي:

- تنظيم حركة المرور تنظيما جيدا ودقيقا بحيث يؤدي ذلك إلى تجنب خسائر كثيرة تنتج من الإستهلاك المبكر للسيارات التي تضطر إلى السير في الشوارع دون حاجة (بسبب تعقد حركة المرور الحالية) كما تنتج عن زيادة السرعة أو الفرملة فجأة ولامكن تجنب الإسراف في الوقود وتجنب خسائر الحوادث التي ترجع إلى إرهاق أعصاب السائقين.

- عدم إجراء محاولات لتوسيع الشوارع لمرور السيارات على حساب المشاة إذ يقتطع جزء من الرصيف ثم يتضح لاحقا أن الشارع الذي تم توسيعه لا يكفي لضغط السيارات فيقترح جعل الشارع للمرور في اتجاه واحد ووقوف السيارات على جانب واحد فقط ثم تنتقل السيارات للوقوف على جانبين بل على الرصيف نفسه فينزل المشاة إلى نهر الشارع.

- لا بد من حل جذري لمشكلة شبكات الطرق فقد ظهرت مشكلة عدم التوافق بين السرعات الطبيعية (أي سرعة الانسان الراجل والحصان) وبين السرعات الميكانيكية للسيارات الخاصة وسيارات النقل العام مما أوجب وضع ميثاق (أثينا) وبه عدد معين من المبادئ لأن إختلاط هذه السرعات هو مصدر لألف أزمة فالراجل يسير في غير أمان ، بينما نجد أن السيارة الميكانيكية التي تضطر إلى استعمال الفرملة باستمرار قد شلت حركتها وهو ما لا يمنعها أن تكون أداة تهدد بخطر الموت الدائم بين الناس في شوارعنا المزدحمة.

- هناك ناحيتان مهمتان لا بد من تمييزهما وهما اولا إعطاء كل طرق المرور اتجاها محددا يكون لاستقبال المشاة أو الحافلات أو سيارات الأوزان الثقيلة أو سيارات المرور العادية وثانيا إعطاء هذه الطرق (حسب الدور الذي تخصص له) – الابعاد والصفات الخاصة مثل طبيعة استخداماتها على أن يكون ذلك على أساس تحليل محدد لاحتياجات المجتمع.

- فإذا أردنا أن نفرق بين الطرق حسب استخداماتها فلا بد أن نميز أولا بين حركة المرور داخل المدينة وحركة المرور خارجها، فالأولى تلبي احتياجات المبادلات والمواصلات بين مختلف الأحياء والثانية تقيم الاتصالات بين المدن المتجاورة.

- الاحتياجات الداخلية للمدن يمكن أن تتطلب هي نفسها تنظيما معينا للطرق حيث يجب أن يخدم بعضها الاتصالات بين الاحياء والأخرى تكون في الخدمة المحلية لمختلف القطاعات مثل المشاة وراكبي الدراجات والسيارات بينما أن حركة المرور خارج المدينة لا تضع قط اعتبارا للمشاة ومن هنا نفسر سرعتها، فالخدمات المحلية أبطأ لأنها مقيدة بالمشاة والسيارات حيث تسود السيارات الخفيفة والدراجات العادية والدراجات البخارية والعربات الصغيرة وحركة المرور بين الأحياء وهي مفتوحة لكل الاستخدامات.

- وفي وسط المدينة يحدث تداخل بين كل المواصلات بعضها في بعض وهنا يجب فصل طرق المشاة عن طرق سير السيارات.

- هكذا يمكن إقامة شبكة أولى تتضمن المرور الترانزيت ومرور الدخول والخروج من المدينة وتعطي الأولوية للسيارات التي تسير فيها بسرعة كبيرة (انظر تخطيط المدن الإنساني). 

   وتخصص الشبكة الثانية لحركة المرور الثقيل وتعزل عن الأحياء السكنية وتخدم القطاعات الصناعية والتجارية وتخصص الشبكة الثالثة لداخل المدن لتربط بين مختلف أحياء الأعمال والإسكان، وكذلك يمكن إقامة شبكة إضافية تكونها طرق الخدمة المحلية وبعض طرق الرحلات ومن الطبيعي أنه يجب أن تكون هنالك نقط التقاء لتسهيل الانتقال من فئة إلى اخرى.

- أما إذا أردنا التفرقة على أساس شكل الطريق فسنجد أن هذه الطرق ليس لها نفس التخطيط ولا نفس الغرض او التبليط أو التغطية وذلك لأن وزن السيارة وحجمها وشكلها عوامل تؤثر على عرض الطريق وعلى أسلوب تغطيته وهكذا نجد بأن سيارات النقل تتطلب أرضاً ذات مقاومة قوية وطريقاً واسعاً يسمح لها أن تتفادى وأن تتلاقى وهي تسير بسرعة معقولة – كما أن السرعة الكبيرة تتطلب خطوطاً مستقيمة مع وجود أقل ما يمكن من خطوط العبور وأن تكون الطرق ذات اتجاه واحد فقط (وأن كان متعدد الحارات)، كما تكون واسعة جداً لإمكان حدوث التفاديات دون خطر، وفي الطريق الذي يزدحم دائماً بالسيارات والمشاة يجب أن تكون هنالك قواعد تطبق على الشخص الذي يعبر الطريق وعلى تنظيم تقاطعات الطريق مع غيره من الطرق – وهذا النظام سيحدد ويقلل سرعة السيارات وخاصة بواسطة تضييق الشوارع وايجاد تقاطعات الشوارع مع بعضها البعض كما أن المسافة التي يجب قطعها تؤثر على المميزات الرئيسية للشوارع وأن أهمية أي طريق من ناحية المرور تتوقف نسبيا على طول هذا الطريق.

- يجب أن تكون الطرق المخصصة للمواصلات الخارجية بعيدة عن المساكن وواسعة ومريحة وأن تكون مستقيمة أو ذات منحنيات واضحة جدا وإلا تزيد السرعة بها عن 60/70 كلم/ الساعة عند إقترابها من أحياء المدينة.

- تتكون مفترقات الطرق من التقاء طريقين أو أكثر وكل تقاطع في الطريق يولد (نقط ضعف) فهي تحمل خطر التصادم وتعمل على إبطاء حركة المرور وكلما قل عددها كلما حصلنا على سير مستمر وبسرعة مناسبة لحركة المرور ويجب وضع الإشارات التي تحكم تهدئة سرعة السيارة التي تسير في الطريق الثانوي ووضع بعض الإجراءات الخاصة التي تؤثر نفسيا على السائقين كمد فرعين ثانويين من نقطة الإلتقاء او وضع بعض العقبات التي تشاهد من بعيد.

- توسيع الطريق بزيادة عرض المنحنى في خط السير حتى تدخل السيارات إلى الطريق المتقاطع بسلاسة وبسلامة وبدلا ًمن الزاوية الحادة التي تصبغ أو تميز شوارعنا.

- ضرورة اللجوء إلى إشارات المرور الأتوماتيكية عند التقاطعات مع توسيع الطريق (وسط الطريق) عند مدخل التقاطع مع الإشارة إلى أن الحل الخاص بعمل مستويات بالممرات المتقاطعة هو الحل الوحيد الذي لا يؤدي إلى نقص كمية تصريف الطريق (إذا كانت الإمكانيات المادية تسمح بذلك) حيث لا تعطي طريقة المرور المتقاطع سوى أقل من 40% من التقاطعات ذات المستويات المختلفة في حالة تغيير الاتجاه كل 30 ثانية وبنسبة 65% إذا كان التغيير لا يحدث إلا كل دقيقتين.

- يجب إلغاء جميع التقاطعات في الشوارع الجانبية التي على شكل (زائد+ أو إكس) والإستعاضة عنها بتقاطعات على شكل تي T.

- السيارات التي تسير لمدة ساعتين في اليوم تحتاج إلى 22 ساعة في اليوم في الانتظار (في كراج أو مكان انتظار) وإن مشكلة الانتظار ليس مجرد إيجاد مساحة لمكان الانتظار الذي يتفق مع أبعاد السيارة وهي حوالي 2.5×6 متر لسيارات الركوب العادية كما يجب إيجاد أماكن خاصة لاستقبال السيارات التي ستقف للانتظار المؤقت كالتاكسي وبالقرب من المباني التي تستقبل الكثير من الزوار وهذا يتطلب توسيع الشارع أو تنظيم مساحة أو جراج لذلك وعند عدم وجود أماكن للانتظار على مستوى سطح الارض علينا أن نستخدم باطن الأرض بالأماكن العامة غير المشيدة والميادين وغيرها، كما يمكن إغراء عدد كبير من الناس بإنشاء مكان للانتظار كجراج داخل ممتلكاتهم علما بأنه يلزم للسيارة العادية من 25 إلى 30 متراً مربعاً.

- يمكن اقتطاع جزء من الرصيف بعرض 2 متر إذا أريد ترتيب السيارات طولياً في وضع شريطي أو يقتطع 4.5 متر إذا كان ترتيب السيارات في وضع مائل كما يجب رسم مكان كل سيارة بخطوط واضحة على الأرض حتى لا يتخطاه السائق كما يجب تحديد مسالك المشاة عند عبور الشارع للوقاية من الأخطار.

- يجب أن تكون هنالك خطوط ومسارات محددة للنقل العام كما يجب تحديد نقاط الوقوف والنهاية لأنه يجب تجنب وقوف المركبات العامة بحيث تعطل حركة مرور السيارات الأخرى كذلك يجب ألا يفسد صعودها وهبوطها جزءاً من الشارع وعند المحطات العادية يجب عمل إتساع إضافي وفي نهايات الخطوط يجب إتخاذ كل الإجراءات لفصل مكان العمل أو ركوب السيارة بعيدا عن طريق مرور السيارات، وبالنسبة لنهاية الخط يحتاج لوجود محطات تشبه محطات السكة حديد لها مكاتب وشبابيك صغيرة ومكاتب استعلامات ومقاصف او كافتيريات إلخ.

- أهمية خدمات النقل العام أنه يمكن للبص الواحد الذي يحمل حوالي 60 مسافراً أن يستخدم 3× 12 متر، بينما نجد أن نفس العدد أي 60 مسافراً يمكن أن يستعملوا حوال 36 سيارة خاصة في المتوسط وتشغل 480 متراً، من الطريق على ثلاثة صفوف وهذا الاثر يزداد لان مركبة النقل العام التي تقوم بالذهاب والإياب بين نهايتي الخط لا تقف من الناحية العملية بينما نجد أن 36 سيارة صغيرة تحتاج للانتظار والوقوف على مساحة 648 متراً مربعاً (أنظر د. حما) .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا