التسميات

الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

توثيق رقمي للنمو الحضري في المملكة العربية السعودية 1902 - 2010 م ...

جامعة الدمام
كلية العمارة والتخطيط
قسم التخطيط الحضري والإقليمي
 توثيق رقمي للنمو الحضري في المملكة العربية السعودية
1902 - 2010 م
إنتاج
الأستاذ الدكتور أحمد جارالله الجارالله
الدكتورة هند حسن القحطاني
2014 م


فهرس المحتويات

1- مقدمة.

1-1 الأطر النظرية

1-1-1 مفهوم التحضر

1-1-2 مفهوم النمو الحضري

1-1-3 النمط الحضري PATTERN URBAN

1-1-4 النمط الريفي RURAL PATTERN

1-1-5 النمط البدوي BEDUWEN PATTERN:

1-1-6 دليل الهيمنة الحضرية (المدينة الأولى): Primacy Index

1-1-7 مؤشر المدن الأربع FOUR CITIES INDEX

1-1-8 مفهوم المرتبة والحجم THE RANK SIZE RULE

1-1-9 مؤشر سرعة التحضر

1-1-10 مؤشر معدل نمو السكان السنوي في المدن

1-1-11 نظرية المكان المركزي

1-1-12 نظرية أقطاب النمو GROWTH POLE

1-1-13 مفهوم المركز والأطراف CENTER PERIPHERY

1-2 الدراسات السابقة

1-2-1 خلاصة الدراسات السابقة:

1-3 الهدف من الدراسة

1-3-1 مراجعة الدراسات السابقة التي تناولت النمو الحضري في المملكة العربية السعودية.

1-3-2 جمع بيانات عن المدن السعودية خلال الفترة من 1902-2010م.

1-3-3 تحليل البيانات الحضرية.

1-3-4 إنتاج عدد من الخرائط الرقمية للنمو الحضري للمملكة للفترة من 1902-2010م.

1-4 منهجية الدراسة

1-4-1 النطاق الجغرافي

1-4-2 النطاق الزمني

1-4-3 النطاق الموضوعي

1-5 تصميم الدراسة ومنهجيتها

1-5-1 المرحلة الأولى

1-5-2 المرحلة الثانية

1-5-3 المرحلة الثالثة

1-5-4 المرحلة الرابعة

1-6 خارطة الأساس

2- سمات النمو الحضري بالمملكة العربية السعودية

2-1 النمو الحضري في فترة التوحيد 1902-1932م

2-2 العوامل المؤثرة في النمو الحضري خلال فترة التوحيد

2-2-1 النمو الحضري في فترة التأسيس 1933-1974م

2-2-2 العوامل المؤثرة في النمو الحضري في مرحلة الـتأسيس 1932-1974م

2-2-3 النمو الحضري في فترة التخطيط 1974-1992م

2-2-4 النمو الحضري في فترة التخطيط (1974-1992م)

2-2-5 العوامل المؤثرة في النمو الحضري في مرحلة التخطيط

2-2-6 النمو الحضري في فترة التطوير 2004-2010م

2-2-7 العوامل المؤثرة في النمو الحضري السعودي في فترة التطوير

3- خلاصة واستنتاجات

4- المراجع

فهرس الأشكال

شكل 1 خارطة الأساس لتوزيع المدن في المملكة العربية السعودية

شكل 2 المنظومة الحضرية السعودية في عام 1902م

شكل 3 التوزيع الفعلي واللوغارثمي للمدن السعودية في 1932م

شكل 4 الهرم الحضري للمملكة العربية السعودية في مرحلة التوحيد 1902م و1932م

شكل 5 المنظومة الحضرية السعودية في عام 1932م

شكل 6 التوزيع الفعلي لإحجام المدن السعودية في 1962م

شكل 7 التوزيع اللوغارثمي لإحجام المدن السعودية في 1962م

شكل 8 الهرم الحضري في مرحلة التأسيس 1962-1974

شكل 9 المنظومة الحضرية السعودية في عام 1962م

شكل 10 التوزيع الفعلي لإحجام المدن السعودية في 1974م

شكل 11 التوزيع اللوغارثمي لإحجام المدن السعودية في 1974م

شكل 12 المنظومة الحضرية السعودية في عام 1974م

شكل 13 التوزيع الفعلي لأحجام المدن السعودية في 1992م

شكل 14 التوزيع اللوغارثمي لأحجام المدن السعودية في 1992م

شكل 15الهرم الحضري السعودي في مرحلة التخطيط 1974 -1992م

شكل 16 المنظومة الحضرية السعودية في عام 1992م

شكل 17 التوزيع الفعلي للمدن السعودية في 2004م

شكل 18 التوزيع اللوغارثمي للمدن السعودية في 2004م

شكل 19 المنظومة الحضرية السعودية في عام 2004م

شكل 20 التوزيع الفعلي للمدن السعودية في 2010م

شكل 21 التوزيع اللوغارثمي للمدن السعودية في 2010م

شكل 22 الهرم الحضري السعودي في مرحلة التطوير 2004-2010م

شكل 23 المنظومة الحضرية السعودية في عام 2010م

شكل 24 الإطار النظري لاستراتيجية العمرانية السعودية .

شكل 25 نمو اجمالي السكان والسكان الحضر بين 1902 -2010م في المملكة العربية السعودية

شكل 26التوزيع الحجمي للمدن السعودية للتقديرات والتعدادات السكانية للمدن بين 1902- 2010م

شكل 27 فيمثل الهرم الحضري لعامي 1974و 2010م.

فهرس الجداول

جدول 1 احجام المدن وأعداد سكانها ونسبها من اجمالي سكان المملكة في بداية مرحلة التوحيد 1902 م

جدول 2 التوزيع الفعلي واللوغارثمي لإحجام المدن السعودية في 1902م

جدول 3 احجام المدن وأعداد سكانها ونسبها للسكان الحضر واجمالي سكان المملكة في نهاية مرحلة التوحيد 1932 م

جدول 4 احجام المدن وأعداد سكانها ونسبها للحضر و اجمالي سكان المملكة في 1962م

جدول 5 احجام المدن وأعداد سكانها ونسبها للحضر واجمالي سكان المملكة في بداية مرحلة التخطيط 1974 م

جدول 6 احجام المدن وأعداد سكانها ونسبها للحضر واجمالي سكان المملكة في بداية مرحلة التخطيط 1992 م

جدول 7 احجام المدن وأعداد سكانها ونسبها للحضر واجمالي سكان المملكة في نهاية مرحلة التخطيط 2004 م

جدول 8 احجام المدن وأعداد سكانها ونسبها للحضر واجمالي سكان المملكة في بداية مرحلة التخطيط 2010م

جدول 9 ملخص سمات النمو الحضري في المملكة العربية السعودية ما بين 1902 - 2010م

جدول 10 أنشطة التخطيط المكاني في المملكة العربية السعودية ما بين 1902 -2010م

1- مقدمة

أصبح العالم في السنوات الأخيرة أكثر ميلاً للتحضر خصوصاً في الدول النامية مع ظهور المدن العملاقة فيها حيث أصبحت تلك المدن تضم 21.1% من جملة سكان الحضر في العالم، أو نحوه 5.5 % من جملة سكان العالم ووصلت إلى 12.7% و5.9% على التوالي في عام 2000م، وشهد حجم المدن تطورا ملحوظا، حيث سجلت زيادات واضحة في السنوات الأخيرة لعدد المدن العملاقة (التي يزيد عدد سكانها على عشرة ملايين نسمة)، حيث كان عددها ثلاث في عام 1975م هي: طوكيو، نيويورك، ومكسيكو، وبنهاية عام 2006م أصبح عدد تلك المدن العملاقة 20 مدينة.
أما في الدول العربية فوصل متوسط نسبة السكان الحضر إلى 54.4% من إجمالي السكان، كما وصل متوسط نسبة سكان العواصم في هذه الدول إلى 29.5% من إجمالي السكان الحضر في عام 1997م. ولقد ازداد عدد المدن الكبرى (المليونية) في المنطقة العربية من مدينتين فقط في عام 1950م ليصل إلى خمس عشر مدينة في عام 1970م، ويتوقع أن يتضاعف العدد ليصل أكثر من 30 مدينة في بداية القرن الواحد والعشرين.
ووصل متوسط نسبة السكان الحضر في دول الخليج العربي إلى 73% من إجمالي السكان أي أكثر من ثلثي السكان، كما وصل متوسط سكان العواصم في هذه الدول إلى 29% من إجمالي السكان أي حوالي ثلث سكانها، وشكل سكان العواصم في معظم هذه الدول أكثر من ثلثي أجمالي السكان. هذا التركز يؤثر تأثيراً واضحاً على سيطرة المدن الكبرى على الحياة الاقتصادية التي تتواجد فيها.
وفي الوقت الذي لم يشكل فيه سكان الحضر قبل توحيد المملكة العربية السعودية في 1932م، إلا نسبة ضئيلة جداً من مجموع السكان لا تتجاوز 10%، يتركز معظمهم في بعض المدن لا يتجاوز عددها عشر مدن، كان البدو الرحل يشكلون الغالبية العظمى من إجمالي السكان بنسبة تصل إلى 65% الذين كانوا ينتقلون وراء الماء والكلأ في معظم أجزاء المملكة. ولكن هذا الوضع تغير سريعاً وبصورة جوهرية خصوصاً بعد توحيد المملكة العربية السعودية وفي العقود أللاحقة. فكان للسياسة التي انتهجها موحد المملكة المغفور له الملك عبد العزيز ابن عبد الرحمن وأبناءه الملوك من بعده أثر كبير في جذب كثير من أبناء البادية واستقرارهم، فكانت تلك المرحلة الأولى لاستقرارهم ومن ثم انخراطهم في الحياة الحضرية بعد هجرتهم إلى المراكز الحضرية الكبرى، الأمر الذي أدى إلى ظهور كثير من المراكز الحضرية المتوسط والصغيرة على خريطة المملكة في فترات لاحقة، شكلت فيما بعد قاعدة الهرم الحضري السعودي المعاصر.
لقد عززت مجموعة من الأحداث لعل أهمها وأولها توحيد البلاد خلال العقد الثالث من القرن العشرين، الأمر الذي أدى إلى تثبيت السكان وإعادة توزيعهم على مراكز الاستقرار البشري داخل كيان سياسي موحد. ويأتي اكتشاف البترول بعد فترة وجيزة من توحيد المملكة ليعزز ظاهرة الاستقرار في المدن. ولم يقتصر نمو المدن على الموجودة منها، وإنما ظهرت مدن جديدة كما هو الحال في الهجر التي ظهرت في عهد الملك عبد العزيز التي تطور بعضها لاحقاً فأصبحت بمرتبة المدن الآن، كما ظهرت مستوطنات البترول في المنطقة الشرقية بعد اكتشاف البترول فيها، حيث تطور معظمها لتصبح بمرتبة المدن. بالإضافة إلى ذلك نمت بعض المدن التي كانت موجودة وبصورة حادة خصوصاً منذ بداية السبعينات إثر ارتفاع أسعار البترول وزيادة الكميات المصدرة منه.
لقد نمت المدن السعودية سريعا بحيث يوجد 28 مدينة يزيد عدد السكان في كل مدينة عن 100 ألف نسمة حسب تعداد 2010م، منها أربع مدن مليونيه هي الرياض (5.1 مليون نسمة)، جدة (3.8 مليون نسمة) ومكة المكرمة (1.3 مليون نسمة) والمدينة المنورة (1.1 مليون نسمة). وبذلك ارتفعت نسبة سكان المدن بالمملكة إلى 48%، 77%، و84% في الأعوام 1974م، 1993م و2010م على التوالي، ومن المتوقع أن تسجل تلك النسبة زيادة لتصل إلى 88% بحلول عام 2025م.
ويعني هذا التوسع المتواصل في أحجام المدن الكبيرة، ظهور مجموعة من الإشكاليات الاقتصادية والاجتماعية المتمثلة في تجريد المناطق الريفية من قوتها البشرية المنتجة الأمر الذي يؤثر سلباً على التنمية الريفية بشكل عام والتنمية الزراعية بصورة خاصة. ومع استمرار هذه الهجرات تختل منظومة التوزيع السكاني للمدينة فتظهر التوسعات العشوائية وتزداد الضغوط على المرافق والخدمات الاجتماعية والاقتصادية من تعليم ونقل وإسكان واستهلاك كهرباء ومياه. وإذا نظرنا إلى حجم العجز في المساكن على مستوى المملكة فإنه يقدر في سنوات خطة التنمية الخمسية الثامنة (2005 ـ 2009م) بمليون وحدة وبمعدل 200 ألف وحدة سنوياً، لكن وفقا لدراسة حديثة أجرتها الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، فإن الفجوة الإسكانية مقبلة على قفزة كبيرة لتصبح 4.2 مليون وحدة في عام 2024م أي بعد 14 عاماً. وهو الأمر الذي يفرض على المؤسسات التنموية، أن تضع حالة المدن والتضخم الحضري في اعتبارها عند تناولها لأية خطط تنموية حالية أو مستقبلية على السواء. (صندوق التنمية الصناعية، 2011م).
ولقد ترتب على ظاهرة التحضر ظهور الكثير من المشكلات وتتمثل أهم هذه المشكلات على وجه اليقين في تضخم المدن الكبرى والعواصم بصفة خاصة إزاء النزوح البشري المستمر من الأقاليم الريفية ومن مضارب البدو، وطبع السلوك الاجتماعي العام في المدينة بطابع ريفي أو بطابع بدوي (ترييف المدينة أو بدونتها)، خصوصاً عند هوامش المدن وفي أطرافها ليقيم فيها الوافدين من خارج المدن، في معيشة يغلب عليها طابع العزلة عن المجتمع الحضري الذي يحيط بها. كما تتمثل بعض هذه المشكلات في ظهور أنواع من الجرائم المرتبطة أصلا بالتنظيم الاجتماعي الريفي أو البدوي كجرائم الأخذ بالثأر، والعصبية والتسول. الخ. (أبو العز, 1978م)
وبذلك تعد ظاهرة التحضر بحق من أهم معالم التغير الشامل التي تميز القرن الواحد والعشرين، وتكاد تمثل سمه متكررة في الوقت الحالي في كل أقطار العالم ومجتمعاته وإن كانت أشد أثرا وأبرز وضوحا في المجتمعات النامية عنها في المجتمعات الأكثر تقدما ورقيا. وقد أدت مرحلة التحول الشامل بجوانبها الديناميكية المعقدة والمتشابكة إلى الزيادة السكانية في التجمعات الحضرية وفي المدن الكبرى على وجه الخصوص.
وقد تجلى هذا بشكل واضح في الأقطار العربية النفطية التي ارتبط نموها وتضخمها في معدلاته المتصاعدة بالنمو المتزايد في إنتاج النفط.  كما تتجلى نفس الظاهرة في المواضع الجغرافية التي اختيرت كمراكز للتصنيع, بحيث يمكن القول دون أدنى تردد أن المملكة العربية السعودية تمر الآن بثوره حضريه جديدة ينبغي أن تحفز المهتمين بالدراسات الحضرية إلى التوفر على دراستها لتحديد أهم خصائصها وسماتها واستشراف الآثار المترتبة عليها, وهو أمر بالغ الأهمية إذ قد تؤدي البحوث العلمية الجادة في هذه الظاهرة إلى وضع الأساليب التنفيذية , ورسم السياسات , ووضع الخطط الملائمة للتحكم فيها وضبطها بحيث لا تصبح " المراكز الحضرية " بمثابة فقاعات متضخمة تزداد نموا على حساب المراكز  الأخرى وخاصة المراكز الحضرية المتوسطة والصغيرة والمراكز الريفية.
ومن هنا كانت ظاهرة التحضر بجميع جوانبها خليقة بالبحث والتقصي لا لمجرد الإلمام بأسبابها ودوافعها بل للتعرف أيضا على المشكلات المرتبطة بها والناجمة عنها في الخطط والمشروعات التنموية.
يرى بعض الباحثين أن التوزيع الهرمي المتوازن للنظام الحضري يعد من أهم عوامل دفع التنمية المكانية. ولا يقتصر على التحضر نتيجة التغير السريع في مستوياته في كثير من الدول، بل لتأثيره وتأثره بتوزيع السكان بشكل عام، والتنمية المكانية بشكل خاص. لذلك حظي تحليل النظم الحضرية باهتمام كثير من الباحثين في مجال التخطيط الحضري والإقليمي بصفة عامه وجغرافية الحضر بصفة خاصة وذلك لارتباط ذلك بكثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والتنظيمية (الجار الله, 1420هـ: 77).
فالنمو الحضري السريع والتوسع الكبير للمراكز الحضرية وما واكبه من تنميه حضريه غير متوازنة، بالإضافة إلى الانخفاض المستمر في أعداد السكان القاطنين في الريف نتيجة لعامل ألهجره نحو المدن، كلها عوامل تؤدي إلى الضغط على بعض الموارد الطبيعية وعلى المشروعات التنموية، خاصة أن هناك ارتباطا بين حجم المدينة ونوعية الحياة. فالنمو السكاني في المناطق الحضرية لا يعني في كل الأحوال نمو الدخل وتطور الخدمات الاجتماعية وارتفاع مستويات الرفاهية. ومن هذا المنطلق فان تحديد المدن التي تنمو بمعدلات سريعة وتلك التي تنمو ببطء شديد مدعاة للاهتمام لما في ذلك من تأثير على المنظومة الحضرية وتطورها، وما يترتب على ذلك من مشكلات اقتصادية واجتماعية وإدارية وتنظيميه. كما أن للتعرف على أسباب هذا التفاوت بين المدن أهمية كبيره جدا في التخطيط الحضري بشكل خاص، والتخطيط الشامل بشكل عام.
ومن هنا كانت ظاهرة التحضر بجميع جوانبها خليقة بالبحث والتقصي لا لمجرد الإلمام بأسبابها ودوافعها بل للتعرف أيضا على المشكلات الاجتماعية المرتبطة بها والناجمة عنها. في الخطط والمشروعات التنموية. (الخريف, 2007). 

1-1 الأطر النظرية

1-1-1 مفهوم التحضر

     يقصد بالتحضر (Urbanization) نسبة السكان الذين يعيشون في المناطق الحضرية (المدن). وينبغي عدم الخلط بين التحضـر والحضريـة (Urbanism). فللحضريـة دلالات تتعلق بطريقة الحياة أو أسلوبها، في حين يمثل التحضر العملية التي من خلالها ينتقل سكان القرى والبادية إلى المدن، فالحضرية هي نتيجة لعملية التحضر التي تقاس بمؤشرين هما عدد سكان المدن وعدد المدن. (الجار الله، 2000).
وعلى الرغم من عدم الاتفاق على تعريف محدد للمدينة، يذهب البعض إلى تعريف المدينة، بأنها تجمع سكاني عالي الكثافة السكانية في حيز مكاني محدد بحدود معينة يقدم الخدمات المختلفة القضائية والدينية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية للمناطق المحيطة به وأغلب سكانه لا يمتهنون الزراعة. (الجار الله، 2000).
أن مصطلح التحضر يتعدى مصطلح المدينة " ذلك لأن التحضر يشمل جميع التنظيمات المحددة و المؤسسة لمراكز التوطن البشرية  فالتحضر يتم ضمن متغيرين منفصلين إذ يزداد مستواه تبعا لتــعدد و تنوع الروابط بين المركز الحضري ومنطقة نفوذه كما يزداد مع تعاظم التبادل التجاري في الحجم والنوعية بين المركز الحضري و العالم الخارجي  فإذا كان مصطلح مدينة يشير ببساطة  لتجمع سكاني غير زراعي ضمن نطاقات محدده ، فإن التحضر يشير إلى عملية تنظيمية تضم المناطق الداخلية والمراكز الحضرية الأخرى ضمن تقسيم إقليمي موسع للعمل على أساس من التكافل الوظيفي الذي يعم غالبا المجتمع بأكمله و يحدث تحولا يصيب كافة جوانــب الحياة الشخصية و الجمــاعية لأفراد المجتـمع " . (15 ،1971، Hawley).
هذا المفهوم الشامل للتحضر يتطابق مع مفهوم النظام الحضري الذي هو عبارة عن كل موحد يتكون من مجموع المراكز البشرية الحضرية بخصائصها المتعددة الطبيعية والبشرية والتي تكون نظاماً في علاقاتها المتبادلة والمختلفة البنائية والوظيفية والحجمية والموقعية مع بعضها البعض مكونة ما يسمى بالهرم الحضري PYRAMID   URBAN. (الجار الله، 2000: 36). 

1-1-2  مفهوم النمو الحضري

من الخطأ الشائع اعتبار أن التحضر هو مجرد نمو المدن City Growth، حيث يمكن أن تنمو المدن دون أن ينتج ذلك أي ارتفاع في درجة التحضر، ويحدث ذلك عندما ينمو عدد سكان الريف بمعدل مساو أو أكبر من معدل نمو سكان الحضر في فترة ما. فالنمو الحضري بمعناه الديموغرافي يعبر عنه النمو السكاني للقطاع الحضري دون الأخذ بعين الاعتبار النمو السكاني للقطاع الريفي، أو النمو العام للسكان، أما النمو الحضري بمعناه العمراني: فيعني التوسع أو الامتداد العمراني   Physical Growth للقطاعات الحضرية بصفة عامة والمدن بصفة خاصة.
ويمكن القول إذا تساوى أو قل معدل نمو سكان الحضر عن معدل النمو لإجمالي لسكان الدولة فإن هذه الدولة تعرف نموا ًحضريا بالمعنى الديموغرافي أما إذا ارتفع نمو السكان الحضر عن المعدل الإجمالي لسكان الدولة فإن الدولة تشهد ارتفاعا في معدلات تحضرها.  ويرتبط مفهوم النمو الحضري ارتباطا وثيقا بالتصنيع في البلاد الصناعية. إذ تتسم المدينة بقيام الإنتاج على المنتجات الصناعية. ويزداد النمو الحضري بازدياد المصانع والمنتجات الأدبية والفنية والأعمال الإدارية.
فمصطلح النمو الحضري يشير إلى مجرد زيادة كمية في ظاهرة نمو الأماكن الحضرية، أي مجرد الزيادة الكمية لسكان الأماكن الحضرية. فقد يكون هذا النمو في عدد من محدود من الأماكن الحضرية وليس موزعاً بصورة متجانسة عليها جميعاً. فعملية النمو الحضري عادةً عملية عفوية غير مخططة.
كما يشير مفهوم النمو الحضري إلى مجموعة العوامل التي تسهم في تعقيد الحياة في المجتمع الحضري والى تطور المؤسسات الاجتماعية والتربوية وغيرها من النواحي الكمية والنوعية .كما يشير النمو الحضري إلى معدلات الزيادة في السكان ,سواء كانت ناجمة عن ارتفاع نسبة الخصوبة أو الهجرة الداخلية والهجرة الخارجية .ويصاحب النمو الديموغرافي عادة اتساع المساحة التنظيمية للمدن نتيجة للامتداد الأفقي والرأسي للعمران من اجل تلبية احتياجات السكان الأساسية مثل المساكن والطرق والخدمات بمختلف إشكالها العلاجية والوقائية والتربوية.
هذا ويمكن تمييز ثلاثة أنماط من التوطن البشري حسب الاستخدام المتداول في أدبيات التحضر المعاصرة هي:

1-1-3  النمط الحضري PATTERN URBAN

وهو نمط المدن بمختلف مستوياتها التي تتميز بارتـفاع عدد سكانها و كثافتهم , وأن معظم سكانها لا يمتهنون الزراعة ، كما إنها تقوم بتقديم الخدمات والوظائف المختلفة إلي المناطق المحيطة بها ضمن تقسيم إقليمي موسع للعمل على أساس من التكافل الوظيفي الذي يعم غالبا المجتمع بأكمله و يحدث تحولا يصيب كافة جوانب الحياة الشخصية و الجماعية لأفراد المجتمع  من خلال عملية الحضرية URBANISM، التي تعني أتصاف سكان الحضر بسلوكيات وأسلوب وطريقة حياة تميزهم عن سكان القرى والبادية من حيث الاندماج في الحياة العصرية ومستويات التكنولوجيا والتفكير وتقسيم العمل والاعتماد المتبادل بين أعضائه في أداء الوظائف الاقتصادية، والعلاقات الاجتماعية غير الشخصية ، فالعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والوظيفية بين سكان الحضر شديدة التنوع والتعقيد .

1-1-4  النمط الريفي RURAL PATTERN

وهو نمط القرى بمختلف أشكالها والتي تعتبر الطابع المميز لسكان الريف الذين يعتمدون في حياتهم على الاكتفاء الذاتي في تجمعات بشرية صغيرة الحجم بسيطة التركيب المادي والوظيفي ويمتهن سكانها الزراعة أو الرعي أو الصيد البري أو البحري أو الجمع والالتقاط أو الجمع بين تلك المهن ولا تلعب الصناعة والتجارة إلا أدوارا ثانوية في حياة سكانها وغالبا ما تعتمد على مراكز حضرية في الحصول على الخدمات والسلع المختلفة، فالعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والوظيفية بين سكانها وفيما بينها بسيطة وغير معقدة.
1-1-5  النمط البدوي BEDUWEN PATTERN:
وهو نمط توطن الصحاري الذي يتميز سكانها بنمط حياة اجتماعية واقتصادية تتصف بالترحال المستمر بسبب ما أملته عليها الظروف الطبيعية المحيطة، وهو اصطلاح يعبر عن جانبين الأول اقتصادي ويشمل سعي البدوي للحصول على قوته في ظل ظروف بيئية طبيعية والجانب الثاني اجتماعي يتمثل في العادات والقيم الناتجة عن طبيعة التنقل واحتمالات الخطر والحفاظ على ثروتهم الحيوانية.
وعلى كل حال فيما يلي شرح لعدد من المفاهيم والمقاييس التي عالجت مستويات التحضر منها: ـ

1-1-6   دليل الهيمنة الحضرية (المدينة الأولى): Primacy Index

أول من قال بمفهوم المدينة الأولى أو المدينة المسيطرة أو المدينة المهيمنة هو مارك جفرسون وذلك عام 1939م. يُفسر هذا المفهوم بوجود مدينة رئيسة تحتل المرتبة الأولى في النظام الحضري هي في الغالب العاصمة التي تفرض سيطرتها على بقية المدن في الإقليم. تتركز في هذه المدينة السلطة والخدمات والأنشطة التجارية والصناعية والسكان مما يؤدي إلى تضخمها على حساب المدن الأخرى.
يذهب عدد من الحضريين إلى أن أحد أهم أسباب بروز هذه الظاهرة هو الهجرة الجارفة من جميع مناطق الدولة للمدينة الأولى نتيجة لعملية الجذب التي تتصف بها لما تتمتع به من تركز للأنشطة والخدمات والفعاليات المختلفة.
يمكن حساب دليل الهيمنة الحضرية لمعرفة التناسب بين حجم سكان المدينة الأولى من جهة، وحجم سكان المدينة الثانية من جهة أخرى.
يحسب دليل الهيمنة (ن هـ) بالمعادلة التالية: ن هـ =
يمكن القول بوجود هيمنة حضرية عندما تكون قيمة هذا المؤشر أكثر من 2، أي أن عدد سكان المدينة الأولى يفوق عدد سكان المدينة الثانية بأكثر من ثلاثة أضعاف.
قيدت الدراسات التطبيقية هذا المفهوم على نظم حضرية معينة خصوصا للنظم الحضرية في الدول النامية التي تتصف بشدة البدائية. وهذا لا يوجد في الدول المتقدمة اقتصاديا والدول التي تميل للإقليمية والدول كبيرة المساحة ذات التاريخ الحضري العريق. 

1-1-7  مؤشر المدن الأربع FOUR   CITIES   INDEX

في محاولة لسد الفجوة بين النظرية والتطبيق التي اتضحت من خلال نقد مفهوم المدينة الأولى، حاول بعض الحضريين تجاوز هذه الفجوة من خلال مؤشرات علمية تعطي تفسيرات أكثر دقة. ويأتي مؤشر المدن الأربع كأحد هذه المحاولات. والذي يقترح بأن علاقة المدينة الأولى بالمدن الأخرى يجب أن يؤخذ في الاعتبار المدن الثلاث التي بعدها في الحجم تبعا للصيغة التالية: -

           عدد سكان المدينة الأولى
م ش=     ----------------------
          عدد سكان المدن 2+3+4
فعلى الرغم من أن مؤشر المدن الأربع أخذ في الاعتبار علاقة المدينة الأولى مع المدن الثلاث التي تليها فهو الآخر لم يفسر علاقاتها مع بقية المدن وعلاقات المدن فيما بينها، كما أنه يركز أيضا على متغير واحد فقط في شرح العلاقات بين المستوطنات هو حجم السكان وتهمل بقية المتغيرات المهمة كالوظيفة والتباعد والمساحات المخدومة.

1-1-8 مفهوم المرتبة والحجم THE   RANK   SIZE   RULE

مفهوم قاعدة المرتبة والحجم يسعى إلى شرح وتوضيح ترتيب المدن من حيث الحجم في نظام حضري ما في علاقة بيانية.
إذا رتبت مدن نظام حضري ما بحسب حجم السكان تنازليا، فإن حجم المدينة (ن) سيكون 1/ ن من حجم المدينة الأولى وترتيب المدن يخضع للمتوالية التالية: -1، 1/2، 1/3، ………1/ ن، ولقد
  
عبر زيف عن هذه القاعدة بصيغة رياضية مبسطة إن الصيغة التقليدية التي استمدت منها الصيغ الأخرى هي:
ح
ح ر
حيث أن:
ح ر= سكان مدينة معينة في النظام المدروس.
ح1 = سكان المدينة الأولى في النظام المدروس.
ر   = مرتبة المدينة في النظام المدروس. 

1-1-9    مؤشر سرعة التحضر

ويحسب مؤشر سرعة التحضر باستخدام الصيغة التالية:
مؤشر سرعة التحضر= س1-س0 / 100 – س
س0 = نسبة سكان المدن في الدولة او المنطقة الإدارية في فترة سابقة
س1 = نسبة سكان المدن في الدولة او المنطقة الإدارية في فترة لاحقة. 

1-1-10  مؤشر معدل نمو السكان السنوي في المدن

ويحسب مؤشر سرعة نمو السكان السنوي في المدن باستخدام الصيغة التالية: ـ
ر = 1/ ن لو (س2/س1)
س1 = سكان المدن في فترة سابقة
س2 = سكان المدن في الدولة او المنطقة الإدارية في فترة لاحقة
ن = طول الفترة بين التعدادين بالسنوات.
لو = اللوغاريثم الطبيعي.

1-1-11  نظرية المكان المركزي

ظهرت النظرية عام 1933م في جنوب ألمانيا ثم شملت النظرية أوروبا عام 1950م وأضاف عليها لوش ولشمان وديسي وبرايان بري أصافات مهمة.   
الهدف من النظرية
التوصل إلى قانون يفسر أحجام المدن ومواقعها وتباعدها عن بعضها البعض وتصنيفها حسب وظائفها على الحيز المكاني للأقاليم المدروسة.
ويفضل تطبيق المقاييس السابقة على فئات المدن وليس على المدن منفردة لعكس الصورة الواقعية والحقيقة لظاهرتي التحضر والنمو الحضري.

1-1-11-1أهم مصطلحات النظرية

لكي يسهل فهم النظرية فمن الضروري التعرف على أهم المصطلحات التي جاءت بها. وبما أن النظرية بنيت على أساس الأهمية الوظيفية والخدمية التي تقوم بها الأماكن المركزية أو المؤسسات. فالأماكن المركزية أو المؤسسات يقصد بها الأماكن التي تقدم الوظائف أو الخدمات وتباع فيها السلع المستهلكين
أما الوظيفة أو الخدمة فهي أي نشاط يلبي حاجة من حاجات المستهلكين يقدم بالمكان المركزي أو في المؤسسة فهناك إذن وحدات وظيفية أو خدمية تقوم الأماكن المركزية أو المؤسسات بتقديمها للمستهلكين.
لذا فإن المركزية تعني الأهمية النسبية التي يكتسبها المكان المركزي أو المؤسسة نتيجة لما يقدمه من الوظائف والخدمات فالمركزية هنا لا تعني المركزية الهندسية وتوسط المكان المركز في الإقليم، وإنما تعني الأهمية التي يكتسبها المكان المركزي نتيجة لتركز الوظائف والخدمات المركزية فيه.
لقد حاولت النظرية شرح علاقات المدن من جميع الجوانب المكانية، وكان من أهم الجوانب تحديد منطقة نفوذ المستوطنات البشرية الذي اقترح لها الشكل السداسي كأقرب للشكل الدائري وفي نفس الوقت يتخلص على مشكلتين في الشكل الدائري المتمثلتين في التقاطع والتماس واقترح كرسلر مقياساً للمركزية يعتمد على الخدمة الهاتفية التي يقدمها المركز الحضري لإقليمها حسب المعادلة التالية بعد تعدليها من قبل الجارالله الذي استبدل عدد الهواتف بعدد الوظائف:
م=ت-س ت1/س1 حيث أن
م= مقياس المركزية
ت= عدد الوظائف بالمكان الحضري
س= عدد سكان المكان الحضري
ت1= عدد الوظائف الإقليم
س1= عدد سكان الإقليم.
  1. المدى الداخلي / الامتداد المكاني للمنطقة التجارية اللازمة لتقديم الحد الادنى (العتبة) من عدد السكان لضمان استمرارية النجاح الاقتصادي للبضاعة او الخدمة المقدمة.

المدى الخارجي المثالي / أكبر امتداد جغرافي للمنطقة التجارية بحيث لأصبح للناس الرغبة في شراء البضاعة المركزية او الخدمة المقدمة.
المدى الخارجي الفعلي / الامتداد الفعلي للمنطقة المتممة في حالة التنافس بين المراكز لاجتذاب المستهلكين في حالة عدم وجود مراكز متنافسة.

1-1-12 نظرية أقطاب النمو GROWTH POLE

  لعل أبرز مفاهيم التنمية الإقليمية مفهوم أقطاب النمو GROWTH  Pole والذي يذهب إلى أن النمو لا يحدث في جميع المناطق في نفس الوقت ، ولكن يظهر على شكل نقاط أو أقطاب نمو وبكثافة مختلفة في بعض الأماكن العقدية التي تتشكل في أماكن اقتصاديةECONOMIC SPACE أو في أماكن جغرافية GEOGRAPHIC  SPACE هي غالباً المستوطنات الحضرية الكبيرة التي تعمل كمركز للنمو كونها تختلف في تخصصاتها الوظيفية من ناحية ، ومن ناحية أخرى في إمكانياتها الموضعية والموقعية ، مما يجعلها كنقاط إشعاع لأنواع التحديث INNOVATION ، وهذا النمو ينتشر من خلال قنوات مختلفة وبصورة غير متساوية إلى القطاعات والأماكن الأخرى .
ويفسر مفهوم أقطاب النمو عملية النمو بوجود صناعات قيادية PROPULSIVE INDUSTRIES في تلك الأماكن الاقتصادية ECONOMIC SPACE أو في الأماكن الجغرافية GEOGRAPHIC SPACE تعمل على اجتذاب العديد من الصناعات الأخرىمشكلة معها روابط أمامية FORWARD LINKINGE  وروابط خلفية BACKWARD LINKINGE  تعمل مجتمعه على إيجاد بنية أساسية متطورة في المكان الذي تتواجد فيه. كل ذلك يؤدي الى استقطاب صناعات وخدمات أخرى هي الأخرى بدورها تستقطب صناعات وخدمات وبناء بنية تحتية جديدة وهكذا دواليك بما سمي بالمزايا المشتقة DRIVEATED ADVANTAGES. مما يجعل المراكز الحضرية تلعب الدور الرئيسي في تغيير النظم الاقتصادية والديموغرافية والاجتماعية في الأقاليم المختلفة. وهذا يعني أن التنمية في الإقليم لا تحدث في جميع مناطق الإقليم في نفس الوقت أي أن النمو يظهر في أماكن عقدية أطلق عليها الأماكن الاقتصادية ECONOMIC SPACE التي تتوفر فيها الصناعات القائدة السالفة الذكر. هذه الأماكن في فترات لاحقة تعمل كأقطاب نمو تنشر التنمية على الحيز المكاني للإقليم الذي تتواجد فيه.
وهناك مفهوم الاستقطاب POLARISATION الذي يشبه إلى حد بعيد مفهوم السببية المتراكمة الدائرية مع بعض الاختلاف في التسميات للعمليات المؤدية للتنمية الإقليمية، فقد استبدلت تسمية العملية الثانية وهي التأثير الارتدادي باسم عملية التنقيط TRICKLINGDOWN EFFECTS وهذه العملية الأخرى مرتبطة بالسياسة الرسمية الموجهة للإقليم.
 ويذهب البعض بأن الانتشارية ليس لها أي علاقة بالسياسات الرسمية الموجهة إلى الإقليم، وإنما تنتقل بشكل آلي من المركز إلى الأطراف عندما تصل عملية التنمية في قطب التنمية إلى درجة معينة أطلق عليها الانقلاب الاستقطابي، حيث تتلاشى ظاهرةالاستقطاب وتبدأ مرحلة اللامركزية على الحيز المكاني للإقليم وتتقارب مستويات التـنمية على جميع ذلك الحيز المكاني. 

1-1-13 مفهوم المركز والأطراف CENTER PERIPHERY

     أن مفهوم المركز والأطراف CENTER PERIPHERY الذي حاول أن يفسر التنمية الإقليمية من خلال العلاقة بين المركز ممثلاً في الأماكن الحضرية والأطراف ممثلاً في مناطق نفوذها، فيذهب إلى أن التنمية الإقليمية تمر بأربعة مراحل هي:
مرحلة السيطرة الحضرية: URBAN PRIMACY 
  1. مرحلة النمط المكاني المستقل: تتواجد المراكز بصورة مبعثرة ومنعزلة عن بعضها البعض على الحيز المكاني للإقليم، وكذلك بضعف العلاقة بينها وبين مناطق نفوذها.
  1. حيث يبرز أحد المراكز كقطب رئيسي على مستوى كامل إقليم يسيطر على جميع الحــيز المكاني للإقليم
  2. مرحلة المراكز الفرعية: وفيها تظهر بعض المراكز الفرعية التي تسيطر على    بعض مناطق النفوذ الخاصة بها على الحيز المكاني للإقليم منافساَ بذلك المركز الحضري الرئيسي.
  3. مرحلة هرمية: RANK SIZE   وفيها تظهر العديد من المراكز الحضرية وتتحسن العلاقات بينها وبين مناطق نفوذها مؤدية لنشر متوازن للتنمية على الحيز المكاني للإقليم.

تحت مظلة الأطر النظرية السابقة تناول عدد كبير من الباحثين المهتمين بنمو المدن أنماط التوزيع المكاني الذي يميز العديد من النظم الحضرية، خصوصا نمط التوزيع الذي تشير منحنياته لوجود بعض المدن الكبيرة محاطة بأعداد كبيرة من المدن المتوسطة والصغيرة الحجم والقرى. مثل هذا التوزيع يعرف بالتوزيع الهرمي الذي يشير لتدرج وظيفي تقوم فيه المدن الكبيرة (الرئيسة) بإنتاج كافة السلع والخدمات المتوفرة في المدن الثانوية إضافة لخدمات وسلع أكثر كلفة واقل استخداما على نسق نظرية المكان المركزي.
ويرى الباحثون المهتمون بنمو المدن بأن نموذج التوزيع الهرمي المتوازن من أهم عوامل دفع التنمية الاقتصادية، أما نموذج المدينة المسيطرة والذي تسوده مدينة واحدة مسيطرة أو عدد محدود من المدن الكبيرة وعديد من المدن الصغيرة والقرى واختفاء فعلي للمدن ذات الأحجام المتوسطة فهو ضار بالتنمـية. ومرد ذلك أن النموذج الهرمي المتوازن للمدن يقلل تكلفة التبادل السلعي والخدمي زمانيا ومكانيا بين الوحدات المتكافلة في حين يعمل نموذج المدينة على النقيض من ذلك إذ يعكس (ولربما يعزز) وجود ازدواجية حادة في البنى الثقافية والاقتصادية بين القطاع المستحدث لبعض المدن الكبيرة والقطاع الريفي المختلف.
وبعبارة صريحة ينظر إلى نموذج التوزيع الهرمي المتوازن للمدن على أنه النموذج الذي تكون فيه المدن بمثابة الأدوات المحركة للمناطق الفرعية المتخصصة ضمن اقتصاد الحيز الوطني ككل، أما نموذج المدينة المسيطرة فيؤدي لظهور ازدواجية في الاقتصاد تتفوق فيه المدينة المسيطرة من حيث الأهمية على عدد كبير من المدن الأصغر حجما وتشل تنميتها فتصبح عالة على الاقتصاد الوطني.
إن التناسق المكاني للنظم الحضرية الموجود في نموذج التوزيع اللوغاريتمي المنتظم ليس بالعنصر الحاسم هنا، إذ اثبتت بعض الدراسات حول توزيع المدن أن التوزيع اللوغاريتمي المنتظم موجود في الدول المتقدمة في حين يظهر أحيانا وجود تناسق جغرافي في التوزيع في البلدان الأقل تطورا. وهنا يظهر دور العلاقات الوظيفية، فوجود توزيع لوغاريتمي منتظم أو عدم وجوده في الوقت الراهن يعتمد على عدة عوامل من بينها الامتداد المساحي للبلد (قد تكون مساحة البلد من الصغر بحيث لا تسمح بوجود توزيع لوغاريتمي منتظم تماما) وعلى مرحلة التنمية (فالتركز العالمي للسكان الحضريين قد يحقق وفورات حجمية في المراحل الأولى من الأقل للسكان على تحسين الكفاءة. والقضية الثالثة التي تستحق الذكر هنا هي مدى قدرة دولة ما على احتواء محيط اقتصادي متكامل. فكما أوضح هاولي " أن قوى الاقتصاد في المدينة الأوروبية تعمل في محيط واسع وليس ضمن الحدود السياسية للدولة " (Hawley 1971: 279).
وبعبارة أخرى فإن الباحثين المهتمين بتوزيع المدن وبالتوازن البيئي لا يرون في تركز السكان الحضريين في عدد قليل من المدن الكبيرة أن يكون بالضرورة ضارا بالتنمية ، ويفترضون بأن توزيع المدينة المسيطرة على الأقل في المراحل الأولى للتنمية قد يعمل على تسهيل النمو الصناعي وتحقيق الكفاءة " عن طريق التكتل وفورات الحجم مما يتفق مع النظرية الاقتصادية لمواقع الأسواق ومع نظرية المكان المركزي لكريستال السابقة التي ترى بأن  حجم السوق والمسافة التي يرغب المستهلكون فـي قطعها تفرض قيودا هيكلية تفضي بالنهاية لنموذج توزيعي للمدن متوازن من حيث تكاليف الإنتاج والتوزيع 0( فرسبي ، 1998م: 26 –28) .
هذا التفسير يتناغم مع ما أشير اليه آنفاً الذي يذهب إلى أن مصطلح التحضر يتعدى مصطلح المدينة ، ذلك لأن التحضر يشمل جميع التنظيمات المحددة و المؤسسة لمراكز التوطن البشرية  فالتحضر يتم ضمن متغيرين منفصلين إذ يزداد مستواه تبعا لتــعدد و تنوع الروابط بين المركز الحضري ومنطقة نفوذه كما يزداد مع تعاظم التبادل التجاري في الحجم والنوعية بين المركز الحضري و العالم الخارجي فإذا كان مصطلح مدينة يشير ببساطة  لتجمع سكاني غير زراعي ضمن نطاقات محدده ، فإن التحضر يشير إلى عملية تنظيمية تضم المناطق الداخلية والمراكز الحضرية الأخرى ضمن تقسيم إقليمي موسع للعمل على أساس من التكافل الوظيفي الذي يعم غالبا المجتمع بأكمله و يحدث تحولا يصيب كافة جوانــب الحياة الشخصية و الجمــاعية لأفراد المجتـمع. هذا المفهوم في النهاية يتطابق تماماً مع مفهوم النظام الحضري الذي هو عبارة عن كل موحد يتكون من مجموع المراكز الحضرية بخصائصها المتعددة الطبيعية والبشرية والتي تكون نظاماً في علاقاتها المتبادلة والمختلفة البنائية والوظيفية والحجمية والموقعية مع بعضها البعض مكونة ما يسمى بالهرم الحضريPYRAMID   URBAN. (الجار الله، 2000: 36). 

1-2 الدراسات السابقة

يستعرض هذا الجزء الدراسات السابقة التي تناولت عملية التحضر على المستوى الوطني في المراحل المختلفة للمملكة العربية السعودية، للتعرف على الجوانب المهمة التي ركزت عليها تلك الدراسات، وإبراز الجوانب التي لم يركز عليها لتكون مرتكزات للدراسة الحالية.
لعل أول دراسة شاملة عن التحضر في المملكة، هي دراسة رجب التي تناول فيها عملية التحضر من جميع جوانبها وعلى كامل الحيز المكاني للمملكة مع تفصيل للأقاليم الخمسة الرئيسية حينها. (رجب ، 1978م). يلاحظ إن دراسة رجب غطت فترتي التوحيد والتأسيس حتى تعداد 1974م، وكان التمثيل الورقي هو الاسلوب المستخدم في الدراسة.
في محاولة لتعريف المدينة السعودية قام السرياني بدراسة المدن استناداً على نتائج تعداد 1974م، موظفاً المعياريين الديموغرافي والوظيفي وتوصل إلى أن هناك 48 مدينة في المملكة. (1408هـ)، واكتفى بتمثيلها ورقياً.
قام مصلحي بقياس أهمية مواقع 147 مدنية سعودية من خلال ما أسماه بمعامل إمكانيات الموقع الذي اعتمد في حسابه على درجة اتصال المدن بشبكات النقل والاتصال، المتمثلة في عدد الطرق الداخلة والخارجة من المدينة، وعدد المطارات والموانئ، وعدد المعابر البرية الدولية، بالإضافة إلى مدى توفر الخدمة الهاتفية. (مصلحي, 1984م)، وقام بتمثيلها ورقياً.
   أما العنقري فقد ركز على أنماط التوزيع الحجمي للمدن السعودية بناء على بيانات تعداد 1974م، حيث قام باختبار فرضين، أولهما يقول "بأن توزيع المدن في المملكة يتخذ الشكل اللوغاريتمي المنتظم". بينما تذهب الثانية للقول "بأن نمط توزيع المدن داخل كل منطقة من المناطق الرئيسة يتخذ شكل المدينة المسيطرة". (العنقري, 1987م)، وقام بتمثيلها ورقياً.
بينما لخص مكي نتائج دراسته للتوزيع الحجمي للمدن في المملكة بناء على بيانات تعدادي 1962م و1974م، بالقول بأن نمط التوزيع الحجمي للمراكز المدنية غير متوازن في مختلف أقاليم المملكة بحيث توجد بعض الأحجام في بعض الأقاليم، في حين لا توجد في أقاليم أخرى. وقد حاول مكي في عام (1995م) الربط بين مراحل التحضر ومراحل عمليات النمو الاقتصادي في المملكة لا تزال تمر بمرحلة نمو سريع وأن المدن لم تصل إلى مرحلة التشبع التي لوحظت في كثير من الدول المتقدمة واكتفي بالتمثيل الورقي. (مكي, 1987م).
في دراسة أخرى للعنقري ركزت على تأثير توطين البادية في التحضر، رصد فيها الآثار الايجابية لعملية توطين البادية في عهد الملك عبدا لعزيز والفترات اللاحقة ومثلت ورقياً. (العنقري، 1990م).
 وفي دراسة للجار الله والحمود قدما تصنيفاً كمياً للمدن السعودية بتوظيف أسلوب التحليل العاملي، فصنفت المدن على ضوئه إلى ثلاثة مجموعات، مجموعة المدن السكنية، ومجموعة المدن الخدمية، ومجموعة المدن الصناعية ومثلت ورقياً. (الجارالله والحمود، 1992م).
حاول أرباب وعبد المنعم تصنيف المدن السعودية حسب الكثافة السكانية ونصيب الفرد من الحضرية وتوصلا إلى أن الكثافة السكانية ونصيب الفرد في المدن السعودية منخفضة مع وجود تباين واضح بينها. (1994م).
اهتم الثمالي بدراسة الموقع الجغرافي النسبي للمدينة السعودية، موضحا الوضع الحالي لإمكانات المدن الموضعية والخصائص الطبيعية للمدن. (الثمالي, 1995م).
قام عطية بدراسة نمو نحو عشرين مدينة سعودية خلال الفترة (1394_1407هـ)، وانتهى إلى أن المدن السعودية قادرة على استيعاب المزيد من السكان، أن لدى المدن الكبرى على وجه الخصوص قدرة على الاحتفاظ بسكانها بغض النظر عن التباين في معدلات نمو سكانها. (عطية , 1996م).
أهتم الجار الله بالنظام الحضري في المملكة من خلال عدد من الدراسات حيث ركزت أحدها على فحص صيغة مقترحة لقاعدة المرتبة _ الحجم من قبل الحميدي (1996م). فقام بتطبيق الصيغة المقترحة ومقارنة نتائجها بالصيغة المعروفة. وتوصل إلى أن الصيغة التقليدية تعمل على تضخيم الأحجام النظرية للمدن ومن ثم لا تعطي نتائج دقيقة. (الجار الله, 1996م).
وفي دراسة أخرى حاول الجارالله فيها تفسير طابع المدن السعودية من خلال نسب استخدامات الأراضي فيها وتوصل إلى أن هناك ثلاث مجموعات من المدن حسب نسب استخدامات الأراضي، المدن السكنية، والمدن التجارية والمدن الصناعية، ولاحظ أن هناك تباين بين هذه المجموعات في نسب كل استخدام من الاستخدامات من جهة، وتباين في نسب الاستخدامات في كل مجموعة منها بحسب أحجامها السكانية.(الجارالله، 1996م).
تناول الخريف الأسس المستخدمة في تعريف المدن وتقويمها وذلك من أجل الوصول إلى التعريف المناسب للمدينة السعودية. كما اهتم بالتعرف على خصائص المنظومة الحضرية السعودية ومعدلات نمو المدن السعودية وذلك خلال الفترة (1974_1992م). (الخريف, 1998م).
اهتم الخليفة بدراسة الأبعاد الاجتماعية في العملية الحضرية في المجتمع السعودي. وقد استعرض الدراسات التي تناولت نمو المدن وخصائصها من أجل بناء إطار نظري يودي إلى فهم المؤثرات الاجتماعية الفاعلة في تشكيل الهياكل العمرانية للمدن السعودية. كما قام بإجراء تحليل كمي وكيفي لخصائص المدن الرئيسة ولم تمثل خرائطياً. (الخليفة , 1998م).
قامت وزارة الشئون البلدية بإصدار كتاب بعنوان "عرائس الصحراء"، يتناول التطور العمراني الذي شهدته المملكة العربية السعودية وما واكبه من تطور في الخدمات البلدية في الريف والحضر. يركز الكتاب على ملامح التنمية العمرانية من خلال تطور التخطيط الحضري، وتنوع المخططات الحضرية، والتباين الجغرافي للأنماط السكنية والطرز المعمارية من خلال التغيرات التي صاحبت التنمية العمرانية، ويهتم بالمتغيرات التي طرأت على النسيج العمراني، وأنماط المساكن والشوارع والطرقات. ومن خلال ذلك يعرض ما قدمته الدولة من جهود في سبيل تخطيط المدن وبنائها، وتوفير الخدمات اللازمة لها وكان التمثيل ورقياً. (وزارة الشئون البلدية والقروية، 1999م).
ولعل العمل الوحيد ذو العلاقة القريبة من الدراسة الحالية هو أطلس المدن السعودية التي أنتجته وكالة وزارة الشئون البلدية والقروية، الذي أشتمل على 100 مدينة أستند على البيانات التقديرية لدراسات النطاق العمراني لعام 1987م، رُكز على الخصائص المادية (الفيزيقية) للمدن، ولم يُركز على السمات العامة للتحضر، كما انه اختص بتلك السنة فقط، واُكتفي بالمثيل الورقي. (وزارة الشئون البلدية والقروية، 1999م). 
قام الهذلول وأيدادان بتحرير مؤلف بعنوان "التنمية العمرانية في المملكة العربية السعودية: الفرص والتحديات" عبارة دراسات حضرية لعدد من الباحثين عن دراسات ركزت على تقويم الأساليب والممارسات التخطيطية الحالية والكوادر التنظيمية في تصديها للتحديات الحاضرة والمستقبلية والإفادة من الفرص والإمكانات التنموية. (الهذلول وايديدان، 1999م). 
يشير أرباب أن النظام الحضري السعودي شهد هيمنة مدن قليلة في 1974م بلغ عددها ثلاث مدن هي: الرياض وجدة ومكة المكرمة. وزاد عدد المدن المهيمنة في عام 1987م حيث انضمت كل من المدينة المنورة والدمام والطائف وتجمع الإحساء الحضري. وتقع كل هذه المدن في النطاق الأوسط الذي يمثل محور الاستقطاب في المملكة. ويضم أهم الوظائف المتمثلة في البترول والعاصمة السياسية والصناعية والمناطق المقدسة وساد التمثل الورقي في الدراسة. (أرباب، 2000م).
في دراسة ثالثة للجار الله حاول فيها تقديم تعريف إجرائي للمدن السعودية بتوظيف معيار مركب وباستخدام أسلوب المكونات الأساسية، فتوصل إلى تعريف خمسة مستويات من المدن السعودية حسب خصائصها الديمغرافية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية ومثلت ورقياً. (2000م).
ركز الخضيري على أهمية المدن المتوسطة ودورها في التنمية الوطنية الشاملة في ضوء تجارب الدول الأخرى من جهة وبناء على دراسة حالة منطقتين هما: سدير ووادي الدواسر من جهة أخرى وأشار إلى أن هناك حاجة إلى تنمية المدن الثانوية أو المتوسطة , ومن ثم رسم السياسات المناسبة لها(الخضيري, 2002م).
قام الزهراني بدراسة توزيع المدن السعودية حسب بيانات تعداد السكان والمساكن لعام 1425هـ، وذلك باستخدام طرق عديدة مثل تحليل المربعات والارتباط المكاني وصلة الجوار ومثلت ورقياً. (الزهراني, 2006م). 

1-2-1 خلاصة الدراسات السابقة:

على الرغم من التغيرات المتلاحقة في عملية التحضر في المملكة، وعلى الرغم من وجود العديد من الدراسات عن عملية التحضر فيها، يلاحظ من خلال مراجعة تلك الدراسات، بروز عدد من جوانب القصور فيها والتي يمكن أجمالها بالآتي: -
  • أن كل الدراسات الحضرية عن المملكة اكتفت بالتمثيل الورقي البياني، ولم تمثل سمات وخصائص التحضر تمثيلاً مكانياً رقمياً، يٌسهل على المستخدمين والباحثين وأصحاب القرار والمخططين تتبع التغيرات الحضرية وتشخيص خصائص وسمات ومشاكل عملية التحضر لكل مرحلة وتعطي صورة شاملة لعملية التحضر في المملكة.
  • آن معظم الدراسات الحضرية عن المملكة اكتفت بتغطية فترات زمنية محددة، ولم تتبع التغيرات التي طرأت على سمات النمو الحضري لكامل الفترة التاريخية للمملكة العربية السعودية منذ دخول الملك عبد العزيز الرياض 1902م حتى آخر تعداد رسمي في 2010م بمراحلها المختلفة.
  • أن أغلب الدراسات اكتفت بتوظف مقياس واحد أو مقاسين أو ثلاثة مقاييس على الأكثر ولم يجمع أي منها توظيف كل المقاييس التي تقيس خصائص وسمات التحضر.
  • من هنا تأتي أهمية التوثيق الرقمي للمملكة العربية السعودية في محاولة لتجاوز كل جوانب القصور السابقة.

1-3 الهدف من الدراسة

   تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على النمو الحضري في المملكة ومن ثم الكشف عن التغيرات التي طرأت على المنظومة الحضرية، من خلال أنتاج عدد من الخرائط الرقمية للنمو الحضري للفترة (1902-2010م).
هدف الدراسة يطلب تحقيق الغايات التالية: -

1-3-1 مراجعة الدراسات السابقة التي تناولت النمو الحضري في المملكة العربية السعودية للتعرف على الجوانب التي تناولتها بالتحليل والدراسة، والجوانب التي لم تتعمق فيها تلك الدراسات، لتكون الأسس التي تقوم عليها الدراسة الحالية وتتفرد فيها.

1-3-2 جمع بيانات عن المدن السعودية خلال الفترة من 1902-2010م وإنشاء قاعدة بيانات جغرافية رقمية عن المدن في المملكة العربية السعودية لجميع مراحل النمو، بتوظيف نظم المعلومات الجغرافية، بإنتاج خارطة أساس للمدن في المملكة العربية السعودية.

1-3-3 تحليل البيانات الحضرية بتوظيف أكبر عدد من مقاييس التحضر، والتمثيل الكاتوغرافي لجميع مراحل النمو في المملكة، ومن ثم تحديد سمات التحضر في كل منها.

1-3-4 أنتاج عدد من الخرائط الرقمية للنمو الحضري للمملكة للفترة من 1902-2010م.


1-4  منهجية الدراسة

  يسلط هذا الجزء الضوء على منهجيه مواجهة الدراسة للمملكة العربية السعودية، حيث يحدد أهدافها وغاياتها ونطاقها. بعد ذلك يسلط الضوء على مصادر وطرق جمع المعلومات وأسلوب تحليلها ويحدد أجزاء الدراسة ومحتواها.

1-4-1 النطاق الجغرافي

يغطي النطاق الجغرافي كامل الحيز المكاني للمملكة العربية السعودية فيشمل جميع المدن (مراكز العمران التي يزيد عدد سكانها عن 5000نسمة) منذ 1902-2010م. أنظر خارطة الأساس في الشكل 1.

1-4-2 النطاق الزمني

يغطي النطاق الزمني كامل فترة الدولة السعودية الثالثة، وتحديدا منذ دخول جلالة الملك عبد العزيز -رحمه الله-مدينة الرياض في 1319هـ/1902م وحتى 1431هـ/2010م، سعيا لتتبع نمو الخارطة الحضرية في المملكة. سيساهم ذلك في فهم الوضع الحالي للنمو الحضري ومن ثم استشراف المستقبل بشكل علمي.

1-4-3 النطاق الموضوعي

من الناحية الموضوعية تتبع الدراسة النمو الحضري في المملكة العربية السعودية آخذة في الحسبان التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية التي مرت بها البلاد. تقتصر الدراسة على المصادر الثانوية المتمثلة في الأبحاث النظرية والتطبيقية والبيانات والإحصاءات المنشورة.

1-5  تصميم الدراسة ومنهجيتها

نظرا للعلاقة الوثيقة بين تطور مفاهيم التنمية الحضرية وأساليبها وممارساتها والمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية للتنمية الحضرية في المملكة العربية السعودية خلال أربعة مراحل زمنيه. حددت المراحل بناء طبيعة المتغيرات التي مرت بها المملكة ودورها في توجيه التنمية الحضرية في البلاد، على النحو الآتي: -

1-5-1 المرحلة الأولى

تبدأ من دخول المغفور له جلاله الملك عبد العزيز ال سعود مدينه الرياض في عام 1319هـ/1902م إلى توحيد المملكة في عام 1351هـ/1932م. ركز في هذه الفترة على إرساء أسس توحيد البلاد وكانت الأولوية للنواحي الأمنية في جميع السياسات والبرامج بما فيها التنمية الحضرية. فركز على توطين البادية من خلال برنامج تأسيس الهجر. سيطلق على هذه الفترة في هذه الدراسة فترة التوحيد.

1-5-2 المرحلة الثانية

تبدأ من عام 1351هـ/ 1932م وتستمر إلى عام 1394هـ/1974م. شهدت المملكة في هذه الفترة تحسن ملحوظ في الأوضاع الاقتصادية نتيجة لاكتشاف النفط واستخراجه بكميات تجاريه. كما تميزت هذه المرحلة بوضع أسس بناء الدولة وأنظمتها الحديثة، لذا سيشار لها في هذه الدراسة بمرحلة التأسيس. 

1-5-3 المرحلة الثالثة

فتمتد من عام 1394هـ/1974م إلى عام 1412هـ/1992 م. تحسن اقتصاد المملكة بشكل كبير في هذه الفترة نتيجة ارتفاع أسعار النفط وزيادة كميات إنتاجه. فزاد الإنفاق الحكومي وعكفت الدولة على تشييد البناء التحتية والخدمات في المراكز الحضرية والمناطق الريفية. كما شهدت هذه الفترة بداية عصر التخطيط في المملكة حيث دشنت أول خطة خمسيه وطنية في عام 1390هـ/ 1970 م. كما أنشأت وزارة مستقلة ترعى شؤون البلدية والقروية، فتم تحويل وكالة الوزارة في وزارة الداخلية في عام 1395هـ / 1975 م إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية. أحدثت الوزارة الفتية تنظيمات إدارية وتخطيطية كان من أهمها إصدار نظام البلديات والقرى في عام 1397هـ / 1978 م. إضافة إلى ذألك أنشأت العديد من الأمانات والبلديات والمجمعات القروية والمديريات ومصالح المياه. كما شرعت بإعداد مخططات إرشادية للمراكز الحضرية والتجمعات السكانية وخطط إقليمية لبعض المناطق. إضافة إلى ذألك تم أول مسح معتمد للسكان والمساكن في عام 1394هـ/1974م, كما تم أول مسح شامل للقرى والهجر في عام 1402هـ/1982م.لذا سيشار إلى هذه الفترة في هذه الدراسة بمرحلة التخطيط. 

1-5-4 المرحلة الرابعة

تبدأ الفترة الرابعة من عام 1412هـ / 1992م وتمتد حتى 1431هـ/2010م. شهدت هذه الفترة إصدار نظام الحكم ونظام المناطق ونظام مجلس الشورى في عام 1412هـ/1992م. ساهمت هذه الأنظمة، وخصوصاً نظام المناطق في إرساء الأسس الإدارية وتحديد نطاقات الإشراف المكانية للمناطق والمحافظات التي دعمت ممارسات التخطيط المكاني وتقديم الخدمات البلدية. إضافتاً إلى ذألك تميزت هذه الفترة بتطوير عدد من الاستراتيجيات الوطنية المتخصصة التي تعنى في بعض جوانب التنمية مثل : الاستراتيجية العمرانية الوطنية, استراتيجية الهيئة العامة للاستثمار, واستراتيجية التنمية السياحية. سيشار إلى هذه الفترة في الدراسة بفترة التطوير.

1-6 خارطة الأساس

لقد تم إنشاء خارطة أساس للمملكة باستخدام نظام المعلومات الجغرافية وذلك استنادا إلى الموسوعة الجغرافية التي أصدرها قسم الجغرافيا بجامعة الملك سعود.
هذا وقد تم توقيع كل مراكز العمران التي يزيد عدد سكانها عن خمسة آلاف نسمة حسب تعداد السكان والمساكن لعام 2010م، على الخريطة الأساس وذلك بإتباع الخطوات التالية:
تم تنزيل برنامج الموسوعة الجغرافية على جهاز الحاسب.
تم فك قواعد البيانات من البرنامج.
تم استغلال قواعد البيانات ونسخ الجدول الذي يحتوي على أسماء
المدن وإحداثياتها بالدرجة والدقيقة والثانية لكل من X,y .
   تم تحويل الدرجات والدقائق إلى إحداثيات حقيقة باستخدام المعادلة التالية:
X= الدرجات + الدقائق / 60 + الثواني / 60 / 60
Y = الدرجات + الدقائق / 60 + الثواني / 60 / 60
   تم تحويل قاعدة البيانات إلى Dbase4 .
   تم إنزالها على الخارطة وتبين بأن هناك نقاط خارج حدود المملكة.
   تم تعديل هذه النقاط بتعديل الـ X، Y لتلك النقاط.
   تم التحقق من وضع كل النقاط بنجاح.
كما هو موضح في الشكل رقم (1).

شكل 1 خارطة الأساس لتوزيع المدن في المملكة العربية السعودية

2- سمات النمو الحضري بالمملكة العربية السعودية


يتناول هذا الجزء تحليل بيانات النمو الحضري في المملكة بتوظيف المقاييس التي تم شرحها آنفاً ومن ثم تمثيلها رقميا على خرائط لكل فترة من الفترات الزمنية لتتبع التغيرات على سمات النمو الحضري في المملكة والعوامل المؤدية لها. فيما يلي وصف وتمثيل لسمات النمو الحضري في فترة التوحيد.

2-1 النمو الحضري في فترة التوحيد 1902-1932م:

هناك عدد من التقديرات من قبل بعض الرحالة تُشير إلى أن عدد المدن في المملكة لم يتجاوز العشر في بداية التأسيس عند دخول الملك عبد العزيز الرياض في 1902، تراوحت أحجامها بين 5000 و60000 ألف نسمة.
وبتصنيف هذه المدن حسب احجامها السكانية يتضح بأن هناك مجموعتين من المدن فقط، المجموعة الاولى من فئة 5-25 ألف نسمة وعددها خمس مدن مجموع سكانها 79 ألف نسمة، أي 19% من السكان الحضر، اما المجموعة الثانية من فئة 25-75 ألف نسمة وعددها خمس مدن فقط بنسبة 81 % من إجمالي السكان الحضر في المملكة حينها، فلم يشكل سكان المدن في بداية هذه الفترة سوى 16% من أجمالي السكان الذي قدر بمليون ونصف نسمة في عام 1902م.
  والجدول رقم (1) يبين احجام المدن وأعداد سكانها ونسبها من اجمالي سكان المملكة في بداية مرحلة التأسيس في عام 1902 م.


أحجام المدن (ألف)

عدد المدن

عدد السكان

% للحضر

% لأجمالي الاسكان
5-أقل 25
5
47000
19
2
25-اقل75
5
194000
81
8
المجموع
10
241000
100%
10

والشكل رقم (2) فيوضح التوزيع الفعلي واللوغارثمي لأحجام المدن السعودية في بداية مرحلة التوحيد في عام 1902م

جدول 2 التوزيع الفعلي واللوغارثمي لإحجام المدن السعودية في 1902م

أما الشكل رقم (2) فيوضح المنظومة الحضرية في المملكة العربية السعودية في عام 1902م.
شكل 2 المنظومة الحضرية السعودية في عام 1902م 

أما في نهاية المرحلة، فعلى الرغم من إزدياد عدد المدن ليصل إلى 17 مدينة، لم تتغير أحجام ورتب المدن حيث بقيت مكة المكرمة على قمة الهرم. والجدول رقم (3) يوضح أحجام المدن ورتبها في المملكة في نهاية فترة التأسيس عند إعلان توحيد المملكة العربية السعودية في 1932م. وبتصنيف هذه المدن حسب أحجامها السكانية يتضح بأنها أيضاً صنفت إلى مجموعتين من المدن فقط ،  المجوعة الأولى من فئة 5-25 ألف نسمة وعددها احدى عشر مدنية مجموع سكانها 127 ألف نسمة ، أي38 % من السكان الحضر، اما المجموعة الثانية من فئة 25-75 ألف نسمة وعددها اربع مدن مجموع سكانها 205 نسمة بنسبة 62 % من إجمالي السكان الحضر في المملكة حينها والمقدر بحوالي 2 مليون نسمة، وبذلك زادت نسبة سكان المدن في نهاية هذه الفترة ضئيلة لتصل إلى 17% من أجمالي السكان الذي قدر بمليوني نسمة في عام 1932م،  كما هو مبين في بيانات الجدول التالي.


أحجام المدن (ألف)

عدد المدن

عدد السكان

% للحضر

% لأجمالي الاسكان
5-أقل 25
11
127000
38%
6
25-اقل 75
5
205000
62%
10
المجموع
17
332000
100%
16
 والشكل التالي يوضح التوزيع الفعلي واللوغارثمي لأحجام المدن السعودية في بداية مرحلة التوحيد في عام1932 م.
شكل 3 التوزيع الفعلي واللوغارثمي للمدن السعودية في 1932م

أما الشكل رقم (4) فيوضح الهرم الحضري السعودي في مرحلة التوحيد

شكل 4 الهرم الحضري للمملكة العربية السعودية في مرحلة التوحيد 1902م و1932م 

وبحساب مؤشرات النمو الحضري استناداً إلى التقديرات السابقة في بداية ونهاية مرحلة التوحيد، فقد تراوح دليل الهيمنة الحضرية بين 0.93 و1.23، وتراوح مؤشر المدن الأربع بين 0.20 و0.23، في حين تراوح دليل المركزية بين 2.95 و.3.31 لعامي 1902 و1932م. أن القيم المتدينة للمؤشرات السابقة تشير إلى بساطة النظام الحضري في تلك الفترة، حيث قلة المدن وصغر أحجامها وتبعثرها وتباعدها المكاني وضعف تفاعلها. وهذا أمر طبيعي ومتوقع في هذه الفترة المبكرة بما أن عملية توحيد البلاد استغرقت كامل الفترة منذ دخول الملك عبد العزيز الرياض في 1902م إلى سنة إعلان توحيد البلاد بمسمى المملكة العربية السعودية في 1932م. فلم تتضح الجهود المبذولة في عملية التوحيد على عملية التحضر خصوصاً حركة إنشاء الهجر، إلا في الفترات اللاحقة كما سيتضح في معالجتها في مواضعها لاحقاً. هذه الحالة تتوافق مع المرحلة الأولى من مفهوم المركز والأطراف الذي قدمه فردمان المتمثلة بمرحلة النمط المكاني المستقل التي تتواجد فيها المراكز بصورة مبعثرة ومنعزلة عن بعضها البعض على الحيز المكاني للإقليم، مع ضعف العلاقة فيما بينها وكذلك مع مناطق نفوذها.
والخلاصة فأن هناك عدد محدود جداً من المراكز الحضرية في هذه الفترة مع تباعدها وضعف تفاعلها. فباستثناء مكة المكرمة والمدينة المنورة بحكم مكانتهما الدينية القديمة والرياض بحكم وظيفتها السياسية الحديثة، فإن معظم المراكز الحضرية الأخرى لم تكن تعدو أن تكون مجموعة من الأسواق المحلية يتبادل فيها الرعاة والزراع فائض إنتاجهم القليل. وهي أسواق قد قامت اعتماداً على صيغة معينة قوامها المسافات بين المراكز السكانية، وعلى يسر الحركة والمواصلات. وفي نسبة منها على شهرة تاريخية ما، يستوي في هذا مرافئ البحر الأحمر التي لم تكن أكثر من قرى لصيادي الأسماك عدا جدة، ومحلات غواصي اللؤلؤ على ساحل الخليج في الدمام وغيرها مع أسواق الهضبة عند اتصالها بالسهول الشمالية والشرقية. وإذا كانت بعض هذه الأسواق والمرافئ قد نالت يوماً أهمية وشهرة فوق محلية بفضل مواقعها على شبكة الطرق التجارية القديمة مثل ينبع، القنفذة، جيزان، الليث، فهي في الحقيقة لم تكن أكثر من محطات عليها. فضلا عن أن مكة المكرمة، المدينة المنورة بحكم موقعهما قد استحوذتا على معظم موارد هذه التجارة، وكانتا بالفعل من أسوقها. (رجب، 1978م).

والشكل رقم(5) يوضح الخريطة العمرانية للمملكة العربية السعودية في نهاية فترة التوحيد (1902 -1932م). 
شكل 5 المنظومة الحضرية السعودية في عام 1932م

2-2 العوامل المؤثرة في النمو الحضري خلال فترة التوحيد

  لعل أهم عامل لعب دوراً محورياً في عملية التحضر في هذه الفترة، عملية توطين البدو التي نفذها الملك عبد العزيز، التي كانت ثمرة لسياسته الحكيمة التي اتبعها مع البدو، والتي اعتمدت على إدراكه الواعي ومعرفته الوثيقة بالقبائل في الجزيرة العربية وعاداتها وتقاليدها. فلقد استطاع، من خلال خبرته ومعرفته هذه أن يحقق إنجازاً لم تستطع تحقيقه المشاريع الموجهة التالية في حرض ووادي السرحان، رغم ما توافر لها من إمكانات مالية وتقنية فاقت بكثير ما أتيح لبرنامج التوطين القديم. أن عملية توطين البدو الرحل في الهجر ليس عملية اقتصادية فقط، بل لا بد أن تستند كذلك إلى أسس حضارية واجتماعية وتاريخية. وأن نجاح عمليات التوطين في الهجر التلقائية اللاحقة، قد استخدمت المفاهيم نفسها التي طبقها الملك عبد العزيز، وذلك بتهيئة الإمكانات والأسس التي تقتنع من خلالها الجماعات البدوية بأهمية الاستيطان.
فإذا علم أن عدد المراكز الحضرية عند إعلان توحيد المملكة عام 1932، لم يجاوز 17 مراكز، تتضح النقلة النوعية التي أحدثتها عميلة إنشاء الهجرة التي شكلت مرحلة من المراحل الأساسية للحياة الحضرية في المملكة العربية السعودية. لقد ازداد عدد الهجر زيادة مضطردة في الفترات اللاحقة بما يسمى بالهجرة التلقائية التي اتخذت من هجر الملك عبد العزيز نموذجا يحتذى.  لقد أصبحت الهجر مراكز استقرارلأبناء البادية غيرت نمط حياتهم البدوية المعتمدة على الرعي وما يتطلبه من دوام الانتقال وراء الماء والعشب أو الغزو والسلب. فبدلا من ذلك انخرطوا في تلك الهجر في تعلم العلوم الشرعية والحياة العسكرية والأعمال التجارية وهذه الأنشطة من صميم خصائص الحياة الحضرية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن استقرارهم في الهجر مهد السبيل إلى هجرتهم إلى المدن الكبرى أو المتوسطة أو الصغرى في فترات لاحقة بعد اكتشاف النفط في نهاية الثلاثينات من القرن العشرين. وبعد زيادة إنتاجه وارتفاع أسعاره في السبعينات عند بداية عهـد التخطيط في المملـكة، فانخرطوا بالأعمال الحضرية من تجارة ووظائف وخدمات حكومية وأهلية والالتحاق بالجيش والحرس الوطني فضلا عن الاشتغال بمؤسسات النفط.
وعلى الرغم من أن أياَ من الهجر التي أُنشأت في عهد الملك عبد العزيز لم يصل إلى مرتبة المدن الكبرى، إلا أن بعضها حالياً من المدن الصغيرة أو المتوسطة التي تشكل نسبة لا بأس بها من قاعدة الهرم الحضري السعودي المعاصر، وهو ما يفسر تصاعد وتضاعف أعداد المدن الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية كما سيتضح لاحقا.
كان من أهم نتائج عملية توطين البدو الرحل، هي تحويل المجتمع السعودي من مجتمع تقليدي يشكل البدو الرحل فيه أكثر من ثلاثة أرباع إجمالي السكان، إلى مجتمع يشكل السكان المستقرون فيه أكثر من أربعة أخماس إجمالي السكان. على أن من أهم نتائج عملية التوطين، ازدياد عدد مراكز العمران الحضرية في المملكة العربية السعودية كما سيتضح في الفترات اللاحقة.
هكذا يمكن القول إن اهم حدث كان له أثر واضحاً على النمو الحضري في هذه المرحلة هو عملية توطين البدو الرحل الذي كان من اهم نتائجه ظهور العديد من الهجر التي نمى كثير منها حتى اصبحت مدناً في المراحل اللاحقة. ولقد تم تتويج نهاية هذه المرحلة بإعلان تأسس المملكة العربية السعودية عام 1932م على يد المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود، دستورها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. ويضمالنظام السياسي الرئيسي في المملكة المؤسسة الحاكمة والتي تتكون من الملك ثم ولي العهد ثم النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، فمجلس الوزراء ثم مجلس الشورى، ويمثل الملك أعلى سلطة رسمية في البلاد.

2-3 النمو الحضري في فترة التأسيس 1933-1974م

في بداية الفترة كان هناك عدد من التقديرات من قبل بعض الرحالة والمؤلفين تُشير إلى أن عدد المدن كان سبعة عشر مدنية فقط، ارتفع هذا العدد الى 22 مدينة في حسب تعداد 1962م.
لم يكن في المملكة حتى منتصف القرن العشرين أية مدينة يصل عدد سكانها إلى 100.000 نسمة والمدينة الوحيدة التي يصل عدد سكانها إلى 80.000 نسمة هي مدينة مكة المكرمة فقط. نمت مدينة الرياض إبان تلك الفترة نمواً هائلاً بحيث أصبحت تتفوق على جميع المدن السعودية ما عدا مكة إذ بلغ عدد سكان الرياض 60.000 نسمة وهذا الرقم يساوي عدد سكان جدة في ذلك التاريخ. برزت إبان تلك الفترة أهمية بعض الموانئ الصغيرة على البحر الأحمر مثل ينبـع، القنفذة، الوجه. بدأت كل من مدن أبها ونجران وجازان تحتل مواقعها كعواصم إدارية لمناطق عسير ونجران وجـازان إذ حلت مدينة جازان كبديل لمدينة صبيا العاصمة التقليدية لهذه المنطقة. وبدأ ظهور مدن جديدة في المنطقة الشرقية ارتبطت بوجوده الثروة البترولية مثل الدمام والخبر والظهران، غير أنها لم تصبح ذات ثقل سكاني كبير وبقيت الغلبة السكانية للمدنالتقليدية مثل الهفوف والقطيف والمبرز. لم تكن المنطقة الشمالية تحوي إبان تلك الفترة مدناً مهمة سوى مدينة حائل وذلك لغلبة الطابع البدوي على سكان المناطق الشمالية. (السرياني، 1998: 90-91).
فبحسب تعداد 1962م بلغ عدد سكان المملكة 3.1 مليون نسمة، وأصبح عدد المدن في المملكة 22 مدينة بلغ عدد سكانها 115000 نسمة بنسبة 38%، المدن الرئيسية منها التي يزيد عدد سكان كل منها عن 25.000 نسمة 10 مدن. ومن استعراض قائمة المدن يلاحظ أن مدينة الرياض تقدمت في عدد السكان واحتلت المركز الأول الذي كان مقصوراً على مكة المكرمة طوال العهود السابقة. حيث بلغ عدد سكان الرياضكان 169.000 نسمة يليها مكة المكرمة بما يقارب من 159.000 نسمة، ثم جدة بعدد يبلغ 148.000 نسمة. وبهذا أصبح هناك مدن عدد سكانها يزيد عن 50.000 هي الهفوف والمدينة المنورة والطائف، أما المدن الأخرى وهي الدمام، بريدة، الخبر، عنيزة ‘حائل، الجوف فيتراوح عدد سكانها بين 25-75 ألف نسمة. (والجدول رقم (4) يوضح احجام المدن للتعداد الرسمي الأول.

جدول 4 احجام المدن وأعداد سكانها ونسبها للحضر و اجمالي سكان المملكة في 1962م


أحجام المدن (ألف)

عدد المدن

عدد السكان

نسبة للحضر

نسبة الحضر لأجمالي السكان
5-أقل 25
12
155000
14%
5%
25-اقل 75
5
265000
23%
9%
75 -اقل 250
5
730000
63%
24%
المجموع
22
1150000
100%
38%

 والشكل رقم (6) يوضح التوزيع الفعلي لأحجام المدن السعودية في 1962
شكل 6 التوزيع الفعلي لإحجام المدن السعودية في 1962م 
شكل 7 التوزيع اللوغارثمي لإحجام المدن السعودية في 1962م 

أما الشكل رقم (8) فيوضح الهرم الحضري في مرحلة التأسيس

شكل 8 الهرم الحضري في مرحلة التأسيس 1962-1974 

والشكل التالي يبين توزيع المدن وأحجامها في المملكة العربية السعودية في عام 1962. 
شكل 9 المنظومة الحضرية السعودية في عام 1962م

بناء على التحليل السابق فإن أهم ما يمكن تحديده في هذه المرحلة من سمات عامة للنمو الحضر يتمثل فيما يلي:
تغيرت خصائص التوزيع السكاني العام من التبعثر المرتبط بحرفة الرعي مع وجود بعض مراكز التجمع الريفية والحضرية، إلى صورة من التركز السكاني في المراكز الحضرية وشبه الحضرية المرتبطة بمحاور التوزيع الحديثة مثل الطرق وأنابيب البترول ومراكز إنتاجية مع استمرار التجمعات الريفية القديمة خاصة في عسير، وتمثل الهجرة من البادية أهم ديناميكيات هذا التغير، لدرجة أنها قد أصبحت تواجه مشكلة تفريغها من سكانها القليلين أصلاً، ولم تعد البادية تستوعب سوى نحو 26 % من جملة السكان بينما ارتفعت نسبة سكان المراكز الحضرية وشبه الحضرية إلى مالا يزيد عن 46% منهم ، تتوزع النسبة الباقية بين مراكز السكن الريفية.
يعتبر بزوغ المراكز الحضرية الحديثة من أهم ظواهر التغيرات المعاصرة، واستثمار بعضها الآخر لمزايا الواقع الاقتصادي ومعطياته قد أدى إلى تميز مجموعة منها بمستوى حضري خاص سواء من نواحي الوظائف والخدمات أو المورفولوجية العامة ، وهي غالباً مراكز خدمات حضرية لمناطق متفاوتة الاتساع من الريف والبادية ترصد ميزانياتها الضخمة ضمن الميزانية العامة للدولة وتسهم اقتصاداتها الخاصةبنسبة محدودة مما يرصد لها، وقد أدى ظهورها مع إنشاء شبكة الطرق البرية إلى تحرك العلاقات الإقليمية بين المدن وبعضها وبينها وبين ريفها أو باديتها، وإلى انتعاش التجارة المحلية، وإلى تغيير تركيب المحصول المعيشي خاصة في المناطق الزراعية القريبة من المدن نحو زراعة نقدية قوامها الفاكهة والحضر، فضلا عن توثيق الارتباطات داخل بناء الدولة العام.( رجب ،1978م: 477-478) .
من الشرح السابق يتبين أنه عند توحيد المملكة لم يتجاوز المدن التي وصل أكثر من10 الآلاف نسمة على أربع مدن. أرتفع هذا العدد ليصل إلى عشرة مدن بعد ثمان سنوات. وبعد ثلاثون سنة من توحيد المملكة يصل عدد المدن التي تزيد عن   25000 ألف نسمة إلى 12 مدينة، ثلاثة منها تجاوزت المائة ألف هي الرياض 169 ألف ومكة 159 ألف ثم جدة 148 ألف نسمة. وفي نهاية الستينات من القرن العشرين يصل عدد المدن التي تزيد على 25000 ألف نسمة إلى 17 مدينة، ثلاثة منها تتعدى 100000 نسمة هي الرياض ومكة وجدة، وتتعدى ثلاث أخرى 50000 نسمة هي المدينة والطائف والهفوف، بينما تتعدى ثلاث مدن هي بريدة والدمام والخبر 20000 ألف نسمة، أما الأربع مدن الأخيرة فتتعدى 10000 ألف نسمة هي جيزان ونجران والخرج وينبع. (السرياني ،1990: 151).
والشكل التالي يبين الخريطة الحضرية في المملكة العربية السعودية في نهاية مرحلة التأسيس 1974م. 

شكل 10 المنظومة الحضرية السعودية في عام 1974م 

2-4 العوامل المؤثرة في النمو الحضري في مرحلة الـتأسيس 1932-1974م

لعل النمو السريع في عدد المدن وأحجامها في هذه المرحلة يعزى إلى عاملين رئيسيين هما:
العامل السياسي فلقد أدى التوحد السياسي وانبثاق عاصمة موحدة وتحديد الوحدات الإدارية وعواصمها إلى تغير أقدار الأمكنة وإلى ظهور هرم حضري واضح زاد رسوخا بسياسات توطين البدو وبسط السلام والقانون وحرية الحركة، ومن نظام حضري هامشي غير متفاعل وممزق داخليا، ومن نطاقات نفوذ مشيخات وقبائل إلى دولة واحدة. وواكب ذلك نمو عدد سكان المدن وتحول نسبة الحضرية من 10% في بداية القرن الميلادي إلى17% في بداية التوحد والارتفاع ليصل إلى 46 في عام 1974م في نهاية مرحلة التوحيد.
والعامل الاقتصادي فمع بداية الأربعينيات من هذا القرن وببطء نسبي خلال خمسينياته، وبمعدلات متزايدة بعد ذلك بدأت مجموعة من ظواهر التحضر المعاصرة تخط تغيراتها في الصورة السابقة، وتفرض مجموعة جديدة من الخصائص الجوهرية على المملكة عامة التي أحدثت ما يشبه الطفرة في كيانها العام. وقد ارتبطت هذه الظواهر والخصائص منذ البداية بالنفط بحيث يمكن اعتبار الأخير فاصلاً بين مرحلتين قبل النفط وبعده. لقد امتدت انعكاساته بحيث شكلت من جديد الخريطة العمرانية المعاصرة للمملكة، وتخللت أنماط تجمعاتها السكانية، وأثرت في باديتها وريفها وحضرها على حد سواء، وغيرت من تكوين قوة العمل بها. وشملت إلى جانب ذلك عناصر أخرى عديدة بالتغير بحيث يمكن توصيف عملية التحضر المعاصرة في السعودية باعتبارها تتم من خلال التمويل النفطي وتداعياته الإنتاجية.
العوامل السابقة استدعى إصدار عدد من النظم والتشريعات الحضرية حيث صدر نظام أمانة العاصمة والبلديات الصادر بالأمر السامي رقم 8723 في 20 رجب 1357هـ (1937م ) الذي حدد مهام البلديات ومسئولياتها وخولها صلاحية أولية لوضع الأنظمة العمرانية ونظم تحديد المناطق واشتراطات البناء حيث شكل ذلك أول خطوة إزاء تخطيط المدن . كما صدر هذا النظام بالأمر السامي رقم 8723 في20/7/1357هـ ، ويسمى هذا النظام العام لأمانة العاصمة والبلديات في المملكة العربية السعودية ، وهو النظام الإداري للبلدية وواجبات ومسئوليات إدارتها وأقسامها المختلفة حيث تنص المادة ( 3 ) من النظام العام على ما يلي :
"أمانة العاصمة والبلديات هي المشرفة على تنظيم المدن على مقتضى القواعد الصحية العامة وعلى تجميلها والعمل على ما يؤدي إلى تحسين منظرها ولها الرقابة العامة على مصالحها ومرافقها المتعددة حسبما يوضحه هذا النظام".
ثم صدر نظام الطرق والمباني في العام 1360هـ /1941 الذي تناول ثلاثة موضوعات رئيسية هي: الإجراءات التخطيطية لأنظمة البناء، نظم تحديد المناطق وحق المرور. وهو يشير إلى مفهوم السلطات إزاء تخطيط المدن في ذلك الوقت، والذي برز نتيجة للحاجة وللضغوط في مجال التنمية العمرانية، خاصة في مكة المكرمة، العاصمة الدينية والإدارية في الخمسينيات والستينيات من القرن الهجري السابق(الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين الميلادي) ويتناول النظام بشكل رئيسي ثلاثة موضوعات هي الإجراءات التخطيطية، أنظمة البناء، والنظام العمرانية وحق المرور. وتؤكد المادة (6) من النظام حاجة المدن لخرائط استعلامات الأراضي بحيث توضح مواقع المجازر وإسطبلات الخيل والبقر وغيرها وكذلك المعامل والمصانع ومخازن المواد الابتدائية والإنشائية والمحروقات وما ما مثلها ويجب تعيين تلك المواقعبالنسبة لدور السكن.
في منتصف هذه المرحلة تأسس مجلس الوزراء عام 1953م كهيئة استشارية ثم أنيطت به مهمة صياغة السياسات الرسمية للدولة إضافة إلى إعطائه صلاحيات تشريعية وتنفيذية أبان حكم المغــفور له الملك فيصـل بن عبد العزيز. ويصدر المجلس الميزانية العامة للدولة كما يحدد السياسات اللازمة لمعظم الشئون الداخلية للبلاد، ويصادق الملك على جميع الأنظمة والمعاهدات والاتفاقيات والميزانية العامة للدولة عن طريق مراسيم ملكية.
وفي 1965م تم تأسيس وكالة وزارة الداخلية لشئون البلديات لمعالجة القضايا المتعلقة بالخدمات البلدية التي نجمت عن النمو السريع للمدن والقرى السعودية، وفي مطلع السبعينات الميلادية من القرن الحالي تعاقدت الوكالة مع شركات استشارية لإعداد خمسة مخططات إقليمية ومخططات عمرانية لخمس مدن رئيسة بكل منطقة لتحقيق نمو مستقبلي منظم وسليم للمناطق الحضرية.
في هذه المرحلة اتسم التخطيط العمراني فيها بالتخطيط الانفرادي لتحقيق هدف محدود تنفرد به مدينة معينة، كما حدث بالنسبة لمدينة الدمام والخبر بالمنطقة الشرقية حيث أعدت مخططات توجيهية ظهور بوادر النمو العمراني بالقرب من حقول إنتاج النفط على الخليج العربي. وقد اعتمدت تلك المخططات من قبل وكالة وزارة الداخلية لشئون البلديات آنذاك لمدة عشرين عاما شملت على توزيع مكاني للاستعمالات التجارية والسكنية والصناعية والترويحية والاجتماعية.
وفي هذه المرحلة تم إدخال النظام الشبكي كنمط للشوارع وقطعة الأرض المربعة كنمط للسكن مع الارتدادات من كافة الجهات تأثرا بمناطق الإسكان الميدانية التي إقامتها شركة الزيت العربية (أرامكو) بالقرب من حقول البترول في أواخر الثلاثينات الميلادية من القرن الحالي. وقد شجعت أرامكم إقامة نمط الفيلا لسكن عن طريق تقديم قروض دون فوائد لموظفيها من السعوديين. وقد تعزز هذا الاتجاه بإقامة مشروع الملز السكني بالرياض والذي قامت وزارة المالية بتمويله في العام 1953لإسكان موظفي الدولة المنقولين أثر قرار الدولة نقل أجهزتها من مكة إلى الرياض، حيث طبق النظام الشبكي في تخطيط منطقة الملز مع شوارع هرمية التدرج ووحدات تقاطعيه مستطيلة الشكل وقطع أراضي فسيحة اتخذت غالبيتها الشكل المربع.
بدأت في أواخر الستينات الميلادية من القرن الحالي وانتهت في أواسط السبعينات وشملت إعداد مخططات عامة للمدن الرئيسية بالإضافة لدراسات وتحليلات على المستوى الإقليمي. واقتضى ذلك تكليف اثنين من بيوت الخبرة الأجنبية العالمية لإعداد استراتيجيات للتنمية الإقليمية وخمسة مخططات رئيسية لمدن المنطقة الشرقية وستة مخططات رئيسية لمدن المنطقة الغربية. وبالنسبة لمدينة الرياض العاصمة وبقية المدن الرئيسية بالمنطقة الوسطى فقد تم تكليف دار خبرة عالمية أخرى لإعداد المخططات اللازمة لها.
فقد تم التعاقد مع الشركة الاستشارية اليونانية (دو كسيادس) لإعداد مخطط إرشادي لمدينة الرياض، تم إنجازه وتقديمه في العام 1970م، واعتمد وأقر من قبل مجلس الوزراء في العام 1973 م. وقد عمل هذا التخطيط على توطيد وتقنين الخصائص العمرانية المستحدثة وهي النظام الشبكي والوحدات التقاطعية (البلوكات) والفلل والارتدادات في مدينة الرياض وبقية المدن السعودية.
وتشمل هذه المخططات الرئيسة عادة مقترحات خاصة باستعمال الأراضي وشبكة النقل لعشرين أو لثلاثين سنة قادمة للمناطق المبنية ولمناطق نمو جديدة، مع إعداد مخططات تفصيلية عمل مختارة لاستيعاب التطورات والتغيرات قصيرة الأمد ضمن المفهوم العام للمخطط الرئيسي للمدن.

2-5 النمو الحضري في فترة التخطيط 1974-1992م

بلغ عدد سكان المملكة في بداية مرحلة التخطيط حسب التعداد الثاني (1974م/ 1394هـ) 7 ملايين نسمة، وبلغ عدد سكان المدن التي تزيد عن 5000 نسمة 3.1 مليون نسمة بنسبة 46%، وتراجعت نسبة الريفية وبدرجة أكبر البداوة، وتجاوز معدل النمو الحضري في الفترة 1962م / 1974م 7.4%. والجدول رقم (5) يببن احجام المدن ورتبها في عام 1974م. وبمقارنة الزيادة السكانية بين عامي 1962م و1974م (1382، 1394) هـ يلاحظ أن الزيادة تقدربـ212%، أما زيادة سكان المدن فقد بلغت 387% خلال هذه الفترة، الأمر الذي يبرز السرعة الهائلة في نمو المراكز الحضرية خلال هذه الفترة. والجدول التالي يبين أعداد وأحجام المدن عام 1974م
بلغ عدد المراكز الحضرية التي تزيد عن 5000 نسمة 58 مدينة توزعت على فئات الحجم حيث تجاوزت الرياض وجدة حاجز نصف مليون نسمة، وتراجعت مكة المكرمة للترتيب الثالث مع اطراد درجة الهيمنة. تركز 51% من جملة السكان الحضر في ثلاث مدن فقط هي الرياض  جدة ومكة المكرمة و28% في ذات الحجم 75-250 ألف نسمة وهي أربع (الطائف  المدينة المنورة  الدمام  الهفوف) و14% في المدن التي تقل عن 75 ألف نسمة وهي 52 مدينة، والملاحظ أن 20 مدينة تراوح حجمها بين 5-10 آلاف نسمة لم تشكل سوى 4.1% من إجمالي السكان الحضر.
شهدت بعض العواصم الإقليمية نموا صاحبه نمو مماثل في أقاليمها وإن كان بدرجة أقل مثل تبـوك، بينما شهدت عواصم أخرى نموا مع تدهور الاقاليم نسبة للهجرة، وتدهور النشاط الاقتصادي التقليدي من زراعة ورعي وصيد مثل جيزان وعسير، بحيث تكون نموذجا مشابها لنموذج فردمان من قلب وهوامش متطورة وأخرى متدهورة وثالثة ذات مشكلات والتي صاحبت فترة التهيؤ للانطلاقة. والجدول رقم (5) يبين فئات احجام المدن ونسبيها حسب تعداد 1974م. والشكل التالي يوضح التوزيع الفعلي لأحجام المدن السعودية في عام 1974م.

جدول 5 احجام المدن وأعداد سكانها ونسبها للحضر واجمالي سكان المملكة في بداية مرحلة التخطيط 1974 م

أحجام المدن (ألف)

عدد المدن

عدد السكان

نسبة الحضر
نسبة الحضر
لإجمالي السكان
5-أقل من 25
39
370347
12%
6
25-اقل من 75
12
488778
15%
7
75 -اقل من 250
4
675498
22%
10
250-اقل من مليون
3
1590530
51%
23
المجموع
58
3125151
100
46

بيانات الجدول السابق توضح أن هناك 58 مدينة يزيد عدد سكانها عن خمسة ألاف نسمة، 39 منها يقل عدد سكانها عن خمسة عشرون ألف نسمة لم تشكل إلا نسبة ضئيلة هي فقط 6%، و12 مدينة في فئة 25-أقل 75 ألف نسمة ألف بنسبة 10% من السكان وأربع مدن في فئة 75-اقل 25 ألف نسمة بنسبة 22% من سكان الحضر، و3 مدن من فئة 250 واقل من مليون تشكل أكثر من 51% من السكان الحضر وحوالي ربع أجمالي السكان وهو ما يوضح بروز سيطرة واضحة لهذه المدن على النظام الحضري في هذه الفترة. هذا يعني أن مع زيادة عدد المدن وزيادة أعداد سكانها، إلا أن توزيع السكان فيما بينها لم بصورة متوازنة، حيث استأثرت المدن الكبرى خصوصاً العاصمة السياسية الرياض بنصب أكبر يليه عواصم الأقاليم من بقية فئات المدن الأخرى، وهو ما أبرز ظاهرة الهيمنة الحضرية الإقليمية وتعزيزها بمرور الزمن حتى بلغت أوجها في نهاية الفترة.
هذا الحالة تتوافق مع المرحلة الثانية من مفهوم المركز والأطراف الذي قدمه فردمان المتمثلة بمرحلة مرحلة السيطرة الحضريةURBAN PRIMACY  حيث يبرز أحد المراكز كقطب رئيسي على مستوى كامل إقليم يسيطر على جميع الحــيز المكاني للإقليم.
   فينما كان متوسط نمو سكان المدن خلال الفترة بين 1932و 1962 إلى 4%، ارتفعت هذه النسبة إلى7% للفترة ما بين 1962 و1974. كانت مدينة الرياض وجدة الأسرع المدن نمواً خلال الفترتين بنسب نمو وصلت إلى 6% و12% على التوالي. مع تباين ملحوظ في نسب نمو المدن خلال هذه الفترة، حيث لم تتجاوز الإحساء نسبة نمو 2% خلال الفترة من 1932 و1962.
وبحساب مؤشرات النمو الحضري استناداً إلى بيانات الفترة، فقد تراوح دليل الهيمنة الحضرية بين 1.1 و1.2، وتراوح مؤشر المدن الأربع بين 0.40 و0.6، في حين تراوح دليل المركزية بين 4 و.12 لعامي 1962 و1974م. يلاحظ أن قيم مؤشر الهيمنة ارتفع قليلاً ولكنه لم يصل الدرجة الحدية للهيمنة الحضرية (أكثر من 2)، بينما دليل المدن الأربع تعدى القيمة الحدية للمؤشر (0.3)، مما يشير إلى وجود بعض الهيمنة الحضرية للمدينة الأولى وهي الرياض. تؤكد هذه النتيجة القيم المرتفعة لمؤشر المركزية الذي ارتفع مع الزمن من 4 في 1962 حتى وصل إلى 12 في1974. 
يلاحظ إن المدن 25 ألف نسمة فأكثر تركزت في محور يمتد من الدمام حتى جدة وبعرض لا يتجاوز 300 كلم باستثناء الجوف وحائل ، ووجود انكسار في السلم الحضري بين مدن الرتبة الأولى ( الرياض  مكة  جدة ) ومدن الرتبة الثانية التسع الباقيات ، وانكسارا آخر بين مدن الرتبتين الثانية والثالثة مما يعني ظهور ظاهرة الرئاسة Primacy ولكن ليس بأسلوب المدينةالرئيسية Primate City كما هو الحال في أغلب الدول النامية ( القاهرة ، دمشق ، بغداد ، الخرطوم ، إلخ ) ولكن رئاسة من القطب الإقليمي Regional Primacy ،أي انتشار الهيمنة أو قطب النمو في عدة مراكز وليست مدينة واحدة  أو القلب المتعدد Poli Core  . (أرباب ،2000: 84-85). والشكل رقم (10) يوضح التوزيع الفعلي واللوغارثمي لإحجام المدن السعودية في 1974م.

شكل 11 التوزيع الفعلي لإحجام المدن السعودية في 1974م 
شكل 12 التوزيع اللوغارثمي لإحجام المدن السعودية في 1974م

يشير التوزيع الفعلي لرتب المدن سنة 1974م الى عدم التطابق مع التوزيع العادي أو المنتظم حيث يلاحظ أن المدن المتوسطة الحجم عاجزة عن اللحاق بالمدن الكبيرة، كما أن المدن الصغيرة تبعد كثيرا عن التوزيع المنتظم للرتب.
إن المدن الرئيسية ومراكز الخدمات الحضرية الصغيرة تستوعب نسبة حوالي 50% من سكان المملكة في 1974م ، وأن بزوغ المراكز الحضرية لا يعنى قيامها بوظائف مدنية كاملة فهي على الأرجح مراكز خدمات لنقل نمط الحياة الحضرية إلى الريف والبادية، وأنها تمثل قاعدة هرم مدني له سماته الخاصة ، ويتجه نحو مزيد من النضج، لأن توزعها الحالي سوف يحد من تدفق تيارات الهجرة إلى المدن الرئيسية من الريف والبادية، سواء لأنهم تقدم ما يحتاجونه من خدمات، أو لأنها هي ذاتها سوف تستقطب نسبة من هؤلاء النازحين إليها، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى صورة من التوزيع السكاني الأكثر اتساقاً. اما الفئات الحجمية للمدن فيلخصها الجدول التالي.             
شكل 13 المنظومة الحضرية السعودية في عام 1974م 

2-6 النمو الحضري في فترة التخطيط (1974-1992م)

أشارت نتائج تعداد السكان والمساكن لعام 1413هـ (1992م) أن عدد سكان السعودية بلغ قرابة (17) مليون نسمة. يستوطن منهم قرابة (12.5) مليون في مراكز حضرية يزيد عدد سكانها عن (5000) نسمة.
استناداً إلى تعداد عام 1413هـ بقيت الرياض وجدة على رأس القائمة غير أن عدد سكان كل منهما قد تجاوز المليوني نسمة، لا بل إن الرياض قد قفز عدد سكانها إلى مليونين وثلاثة أرباع المليون نسمة، وأوشك سكان مكة على بلوغ المليون وأصبح هناك مدينتين في فئة النصف مليون نسمة وهما مكة والمدينة ودخلت الطائف والدمام وتبوك في فئة الربع مليون نسمة إلى النصف مليون. وأصبح هناك (12) مدينة يتراوح عدد سكانها بين (75-250) ألف نسمة و(13) مدينة.
وفي مقارنه تفصيلية لأحجام وأعداد المدن بين التعدادين الرسميين حيث يُلاحظ بانه لم يكن هناك سوى 58 مدينة فقط يصل عدد سكان كل منها إلى 5000 نسمة أو أكثر في عام 1974م، تضاعف هذا العدد ثلاث مرات تقريبا، بحيث وصل إلى 177 مدينة في عام 1992م. كما تضاعفت أعداد سكان المدن حوالي أربع مرات من 315412 نسمة في عام 1974م إلى 1251075 نسمة في عام 1992م، وذلك بزيادة تصلإلى 400% تقريبا.

جدول 6 احجام المدن وأعداد سكانها ونسبها للحضر واجمالي سكان المملكة في بداية مرحلة التخطيط 1992 م

أحجام المدن (ألف)

عدد المدن

عدد السكان

% من الحضر
% الحضر
لإجمالي السكان
5-أقل من 25
130
473134
4
2.7
25-اقل من 75
25
1058553
9
6.2
75 -اقل من 250
15
2096523
19
12.3
250-اقل من مليون
4
1451123
13
8.5
أكبر من مليون
3
5788044
55
34.1
المجموع
177
10867377
100
73.4

ولم يقتصر هذا التغير في أعداد المدن وازدياد سكانها على فئة معينة من المدن بل شمل جميع فئاتها الحجمية مع تباين ملحوظ فيما بينها. فبالنظر إلى الجدول رقم (6) يلاحظ ازدياد أعداد المدن في الفئات الحجمية كافة، ففي حين كان هناك 20 مدينة فقط يتراوح عدد سكانها بين خمسة آلاف وخمسة وعشرون نسمة في عام 1974م. وتزايدت أعداد سكانها تزايدا كبيرا جدا من 129735 إلى 483057 نسمة. ولكن انخفضت نسبة سكانها إلى إجمالي سكان الحضر إلى أقل من 4%، بعدما كانت أكثر من 4% بقليل في عام 1974م. وعلى الرغم من أن التغير كان محدودا، إلا أن هذا التغير يأتي مؤشرا لتناقص العدد النسبي للسكان في المدن الصغيرة، وربما ازدياد الهيمنة الحضرية. والشكل التالي يبين التوزيعين الفعلي واللوغارثمي لإحجام المد في هذه المرحلة.

شكل 14 التوزيع الفعلي لأحجام المدن السعودية في 1992م 
شكل 15 التوزيع اللوغارثمي لأحجام المدن السعودية في 1992م

اما الشكل رقم (16) فيوضح الهرم الحضري السعودي لمرحلة التخطيط.

شكل 16الهرم الحضري السعودي في مرحلة التخطيط 1974 -1992م

يلاحظ أن من أبرز التغيرات في النظام الحضري السعودي ظهور المدن المليونية في هذه الفترة. فبينما لم يكن هناك سوى مدينة واحدة يتعدى عدد سكانها نصف مليون نسمة في عام 1974م، أصبح هناك مدينتان يفوق عدد سكان كل منهما مليوني نسمة في عام 1992م. كما وصل عدد المدن التي يزيد عدد سكانها عن خمسة سبعون ألف نسمة (750000) إلى عشرين مدينة في عام 1992م، مقارنة بسبع مدن فقط فيعام 1974م. وبشكل عام، فقد ارتفعت نسبة سكان المدن التي بها 75000 نسمة أو أكثر من حوالي70% في عام 1974م إلى حوالي 78% من إجمالي سكان مدن المملكة في عام 1992م .كما ارتفعت نسبة سكان المدن إلى إجمالي سكان المملكة من 31% في عام 1974م إلى 57% في عام 1992م ، ويعود ذلك إلى ازدياد سكان المدن في المملكة مقابل تقلص نسبة سكان الريف حسب التعداد الأخير .
تشير المقاييس المتعلقة بالهرم الحضري السعودي، أن كلاَ من مؤشر الهيمنة أو دليل المدن الأربع، أن درجة هيمنة المدينة الأولى على المدينة الثانية أو الثلاث مدن التالية لها في حجم ازدادت قليلا في عام 1992م عما كانت عليه في عام 1974م، إلا أنه ليس هناك درجة كبيرة من الهيمنة لمدينة واحدة. فقد ارتفع دليل الهيمنة من 1,19 في عام 1974م إلى 1,35 في عام 1992م. كما ارتفع مؤشر الهيمنة (أو دليلالمدن الأربع) من 0.59 في عام 1974م إلى 0.77 في عام 1992م، أي أن سكان مدينة الرياض أقل من مجموع سكان المدن الثلاث التالية لها في الحجم، ولكن التركز في مدينة الرياض ازداد قليلا عما كان عليه في عام 1974م.  وحيث إن دليل المدينتين لا يصل إلى 2، يمكن القول أن النظام الحضري في المملكة يقع ضمن الأنظمة الحضرية التي لا توجد بها هيمنة حضرية أو سيطرة كبيرة لمدينة واحدة. فالنظام الحضري في المملكة لا يقع ضمن النمط الشائع في أغلب الدول النامية، والذي يتميز بهيمنة كبيرة لمدينة واحدة فقط. فعلى سبيل المثال، يصل حجم المدينة الأولى في إيران إلى حوالي سبعة أمثال المدينة الثانية. كما أنه على الرغم من أن الرياض هي المدينة الأولى إلا أنها " بالتأكيد لا تمثل المدينة العملاقة المتفوقة كثيرا في الحجم على مدينة جدة التي تأتي تحتها في سلم الرتب،  والرياض ليست المدينة الطاغية على مستوى الدولة في تأثيرها الاقتصادي والسياسي، ولا في مركزها الديني أو الاجتماعي أو الثقافي أو العلمي، ولا حتى في تأثيرها الإداري، وقد قلل من الفوارق الحجمية بين المد كون المملكة العربية السعودية مكونة من أقاليم جغرافية ذات شخصيات متميزة من جهة. وذات نظم حضرية متباينة من جهة أخرى.) الخريف، 1998: 94 -99). 

شكل 17 المنظومة الحضرية السعودية في عام 1992م 

2-7 العوامل المؤثرة في النمو الحضري في مرحلة التخطيط

لعل اهم عامل إضافة إلى تأثير النفط الذي برز بصورة واضحة بعد ازدياد اسعاره بشكل ملحوظ بعد حرب 1974 مع اسرائيل وإيقاف تصديره، هو العامل التنظيم المؤسسي نتيجة للتغيرات الجوهرية والمتلاحقة على جميع مناحي الحياة في المملكة وعلى النظام الحضري في هذه الحقبة، والتي استدعت تأسيس عدد من الإدارات والمؤسسات الحكومية وإصدار التشريعات واللوائح التنظيمية لتوجيه التنمية الحضرية والإقليمية في المملكة.
ظلت وكالة وزارة الداخلية لشئون البلديات هي الجهة الرسمية التي تشرف على إعداد المخططات التوجيهية والتنظيمية حتى منتصف السبعينات الميلادية، في مواجهة النمو الحضري الهائل إبان السبعينيات الميلادية من القرن الحالي وفي استجابة لمتطلبات النمو الحضري السريع، فتم في عام 1975م القيام بإدخال إصلاحات تنظيمية استحدثت بموجبها وزارة الشئون البلدية والقروية كجهة رسمية مستقلة بكامل الصلاحيات لإدارة شئون التخطيط العمراني في المملكة العربية السعودية وشملت المهام الموكلة إليها ضبط التنمية الحضرية وتوفير الخدمات البلدية وإدارة الأراضي. تلا ذلك تشكيل وكالة تخطيط المدن ضمن الهيكل التنظيمي للوزارة وأنيط بها مسؤولية الإشراف على شئون التخطيط العمراني في المملكة.
فكانت الوزارة هي إحدى الوزارات الست الجديدة التي أسست في العام 1975م استجابة للتطور الهائل في الأنشطة الحكومية وهي الوزارة المعنية أكثر بالتخطيط والتطوير العمراني، والمسئولة ليس فقط عن والمصالح الأخرى. صياغة السياسات التخطيطية على المستوى الوطني والإقليمي والمحلي بل وتنفيذ مشروعات التطوير الحضري والتنسيق بين مختلف الوزارات والإدارات
وبدأ التخطيط للتنمية الوطنية من قبل الحكومة في العام 1970 بغرض تحسين آلية التنسيق والتنفيذ بين برامج القطاعين العام والخاص، وكان من بين الدواعي الرئيسة لتطبيق التخطيط الوطني إزالة المعوقات الرئيسة الناجمة عن النمو السريع للاقتصاد والنقص في تجهيزات البنية الأساسية وقلة الأيدي العاملة والقيود على الميزانية، توج ذلك بتأسيس وزارة التخطيط وهي إحدى الوزارات الست التي شكلت في العام 1975م تلبية للاحتياجات التنظيمية التي استدعتها التطورات الاجتماعية والاقتصادية السريعة ، وتتولى إعداد الخطة الخمسية للتنمية الوطنية التي تعتبر الإطار العام للنشاط التنموي بمختلف مستوياته في المملكة.
امتدت هذه المرحلة من أواسط السبعينات الميلادية من القرن الحالي إلى أواسط الثمانينات، قامت خلالها وكالة تخطيط المدن بوزارة الشئون البلدية والقروية بتكليف عدد من المكاتب الاستشارية لمراجعة وتجديد مخططات استعمالات الأراضي والنقل لعدد من المدن الكبرى، وإعداد مخططات رئيسة تنفيذية لعدد من المناطق الحضرية التي لم تعد لها دراسات تخطيطية سابقة. وقد أعدت الدراسات اللازمة من قبل مكاتب استشارية عالمية بالتضامن مع مكاتب وطنية. وقد تركزت الجهود في إعداد نوعين من المخططات هما:
مخططات مناطق العمل المختارة. لعدد من المدن الرئيسية شاملا ذلك أكبر مدن المملكة سكانا وهي الرياض وجدة والدمام. ويعتبر هذا المستوى من المخططات أداة للتخطيط التفصيلي ولتنفيذ البرامج والمشروعات ضمن المفهوم العام للمخطط الرئيسي وذلك لمناطق محدودة تعاني من مشاكل تخطيطية خاصة أو تواجه ضغوطا تنموية، كما يحقق المرونة التي تساعد على استيعاب التغير قصير الأمد، ولأن هذا النوع من المخططات يتطور بصورة أسرع من المخطط الرئيسي لذا فان تنفيذها الفوري يقتضي اهتماما أكثر.
مخططات إرشادية عامة للمدن والقرى ومخططات إقليمية للتنمية الشاملة. وشملت أعمال هذه المخططات دراسة الهيكل العمراني والسكاني والاقتصادي والأحوال الاجتماعية والموارد المتاحة في كل المواقع لتحقيق التكامل بين التنمية الحضرية والريفية، وقد أعدت تلك المخططات لخمس مناطق هي حائل وتبوك ومكة المكرمة والقصيم والباحة.
     لم يكن للتخطيط الإقليمي وجود في خطة التنمية الخمسية الأولى، وفي خطة التنمية الثانية تم تقسيم المملكة إلى خمس مناطق تخطيطية هي الوسطى، الغربية، الشرقية، الجنوبية والشمالية، حيث استندت استراتيجية التنمية الإقليمية في هذه الخطة إلى تحقيق الأهداف الخاصة بالتنمية الاقتصادية، التي تهدف على توزيع ونشر الاستثمار في المشروعات الإنتاجية على أساس المزايا النسبية لكل منطقة من حيث مواردهاالطبيعية والبشرية. وترمي هذه الاستراتيجية إلى توزيع الثروة على كافة مناطق المملكة وعدم تركيز التنمية في مراكز المجمعات الحضرية، وفيما يلي بيان بالسياسات التنفيذية لنقل هذه الاستراتيجية الإنمائية إلى المستويات الإقليمية.
لقد توجت الأطر الإدارية بالأطر التنظيمية التي تم إقرارها في بداية التسعينات الميلادية والتي كان لها أثر كبير في إرساء النظام الحضري السعودي والتي تتمثل بكلِ من نظامي المناطق ومجلس الشورى. ويعد نظام المناطق خطوة مهمة على طريق تفعيل كفاءة التنمية على مستوى المناطق، الأمر الذي أسهم في بلورة تصور شامل عن الإمكانات المتاحة لكل منطقة والتخطيط لاستخدامها في مشروعات تنموية مجدية. كما أتاح تأسيس مجالس المناطق الفرصة لتنسيق توزيع المشروعات المختلفة والمرافق والخدمات على مستوى كل منطقة بما يحقق الهدف الاستراتيجي لخطة التنمية السابعة والمتمثل في تحقيق التوازن بين مناطق المملكة. (وزارة التخطيط، 2000: 383). إن نظام المناطق ولائحته التنفيذية ذو أثر على النظام الحضري من خلال التقسيم المكاني للمملكة الذي شمل تقسيما مكانيا لمناطق، ومحافظات بفئتي (أ) و (ب)،ومراكز بفئتي (أ) و (ب). وفي حين يتوافر إيضاح لذلك التقسيم وصفا في جداول مرفقة بالنظام الصادر عن وزارة الداخلية، إلا أنه لا يوجد خريطة لإيضاح حدود تلك التقسيمات (المناطق والمحافظات) ومواقع المراكز، مما يملي ضرورة توفير تلك الخريطة لأهميتها، والنظر في توفيق وتنسيق الأثر التخطيطي للتقسيم المكاني لنظام المناطق على محاور التنمية ومراكزها في الاستراتيجية العمرانية.
أما نظام مجلس الشورى فيوفر قناة متميزة عن سواها للاتصال والتنسيق لترسيه النظام الحضري السعودي. ففي حين يقوم المجلس برفع التقارير والتوصيات عن مختلف أوجه الحياة ونشاط الدولة إلى صاحب القرار، يتوقع أن تكتسب أعمال المجلس تميزها من واقع كفاءة الأشخاص العاملين فيه، وحياد مواقفهم للأخذ بالرأي الآخر غير الرسمي للأمور، مما يفترض أن يسهم كثيرا في معالجة عديد من المواضيع.وبالتالي فإنه سيكون لمجلس الشورى دور حيوي ومهم ضمن سياسات استراتيجيات التنمية الحضرية. (وزارة التخطيط ،2000: 58). 

2- 8 النمو الحضري في فترة التطوير 2004-2010م

ارتفع عدد سكان المملكة في بداية مرحلة التطوير إلى 22 مليون نسمة حسب نتائج تعداد 2004م، وبلغ عدد سكان المدن التي تزيد عن 5000 نسمة أكثر من 18 مليون نسمة بنسبة 81%. والجدول رقم (7) يببن احجام المدن ورتبها في عام 2004م.

جدول 7 احجام المدن وأعداد سكانها ونسبها للحضر واجمالي سكان المملكة في نهاية مرحلة التخطيط 2004 م

أحجام المدن (ألف)

عدد المدن

عدد السكان

% من الحضر

% الحضر
لإجمالي السكان
5-أقل من 25
143
1785743
9.7
8.1
25-اقل من 75
38
1351022
7.4
4.1
75 -اقل من 250
20
2979503
16.3
13.5
250-اقل من مليون
8
4129981
22.6
18.8
أكبر من مليون
3
8082801
44.3
36.7
المجموع
212
18329050
100
81

. بيانات الجدول تبين ازدياد عدد المدن من 177 مدينة في 1992 ليصل إلى 212 مدينة في 2004 م، وبذلك زاد عدد سكان الحضر بمقدار 8 مليون نسمة لترتفع نسبة الحضر إلى 81 % من إجمالي سكان المملكة. يلاحظ ان هذه الزيادة توزعت على جميع فئات احجام المدن وعلى الرغم من ذلك لازالت المدن الكبرى تهيمن على أعلى نسبة من تلك الزيادة، إلا ان نسبتها انخفضت من 55 % في 1992 الى 44 في 2004م، في نفس الوقت ارتفعت عدد ونسبة المدن في الفئة 250-اقل من مليون من 4 نسمة الى 8 مدن ونسبتها من 13% ألي حوالي 23% على التوالي، وهو ما يوضح نمو المدن الرئيسية في المناطق الادارية في المملكة خصوصاً مراكز امارات المناطق.
هذه التغيرات اتضحت على  التوزيعين الفعلي واللوغارثمي لإحجام المدن في هذه السنة حيث يتضح على الرغم من اتساع الفجوة بين المدينة الاولى والثاني والثانية والمدن في المرتبة الثالثة  ، ألا أن  التوزيع اللوغارثمي يتجه بعض الشيء إلى التوزيع المنتظم اكثر مما كان عليه في بيانات 1992م. هذه النتيجة تتضح اكثر عند النظر إلى قيم مؤشرات التحضر حيث وصل مؤشر الهيمنة إلى 1.45 ودليل المدن الاربع 0.82  ونسبة سرعة التحضر 0.0027 ومعدل نمو المدن هو 0.02، فقيمة دليل الهيمنة لم يصل إلى المحك (2) ، اي ليس هناك هيمنة للمدينة الاولى ، لكن قيمة دليل المدن الاربع تعدى المحك (0.3) بحوالي ثلاثة أضعاف  وهو ما يعني انه ليس هناك هيمنة واضحة للمدينة الاولى في هذه السنة. وبمقارنة قيم نسبة سرعة التحضر ومعدل نمو المدن في هذه المرحلة مع قيم المؤشرين في مرحلة التخطيط، يلاحظ انهما اقل مما كانا علية في تلك الفترة. اي ان هناك شيء من التباطؤ في النمو الحضري في هذه المرحلة. 

شكل 18التوزيع الفعلي للمدن السعودية في 2004م 
شكل 19 التوزيع اللوغارثمي للمدن السعودية في 2004م

هذه السمات الحضرية انعكست على الخريطة الحضرية للمملكة العربية السعودية كما هو مبين في الشكل رقم (20)

شكل 20 المنظومة الحضرية السعودية في عام 2004م 

أما في التعداد الأخير في عام 2010م فقد واصل النمو السكاني للمملكة الارتفاع فوصل إلى حوالي 27 مليون نسمة، شكل سكان المدن التي أزداد عددها ليصل إلى 250 مدينة يسكنها 22 مليون نسمة، وبذلك ترتفع نسبة السكان الحضر لتصل إلى 84 % من إجمالي السكان. والجدول رقم (8) يببن احجام المدن ورتبها في عام 2010م.

جدول 8 أحجام المدن وأعداد سكانها ونسبها للحضر وإجمالي سكان المملكة في بداية مرحلة التخطيط 2010م

أحجام المدن (ألف)

عدد المدن

عدد السكان

% من الحضر

% الحضر
لإجمالي السكان
5-أقل من 25
164
1679328
7.4
6.2
25-اقل من 75
46
1791508
7.9
6.6
75 -اقل من 250
22
3162617
14
11.7
250-اقل من مليون
10
4773542
21
17.7
أكبر من مليون
4
11253807
49.7
41.8
المجموع
250
22660802
100
84


                    شكل 21 التوزيع الفعلي للمدن السعودية في 2010م

                    شكل 22التوزيع اللوغارثمي للمدن السعودية في 2010م

أما الشكل رقم (23) فيوضح الهرم الحضري السعودي فمرحلة التطوير. 

شكل 23الهرم الحضري السعودي في مرحلة التطوير 2004-2010م 

التحليل للجدول والشكلين السابقين تبين ازدياد عدد المدن من 212 مدينة في 2004 ليصل إلى 250 مدينة في 2010 م، وبذلك زاد عدد سكان الحضر بمقدار 5 مليون نسمة لترتفع نسبة الحضر إلى 84 % من إجمالي سكان المملكة. يلاحظ ان هذه الزيادة توزعت على جميع فئات  احجام المدن وعلى الرغم من ذلك لازالت المدن الكبرى تهيمن على أعلى نسبة من تلك الزيادة إلا ان نسبتها انخفضت من 44 % في 1992 الى 41.8 في 2010م ، في نفس الوقت ارتفعت عدد و نسبة المدن في الفئة 250- اقل من مليون من 8 مدن الى 10 مدن  وهو ما يوضح بروز المدن الرئيسية في  المناطق الادارية في المملكة  خصوصاً مراكز امارات  المناطق .هذه التغيرات اتضحت على  التوزيعين الفعلي واللوغارثمي لإحجام المدن في هذه السنة حيث يتضح على الرغم من اتساع الفجوة بين المدينة الاولى والثاني والثانية والمدن في المرتبة الثالثة  ، ألا أن  التوزيع اللوغارثمي يتجه بعض الشيء إلى التوزيع المنتظم اكثر مما كان عليه في بيانات 2004م. هذه النتيجة تتضح اكثر عند النظر إلى قيم مؤشرات التحضر حيث وصل مؤشر الهيمنة إلى 1.45 ودليل المدن الاربع 0.82  ونسبة سرعة التحضر 0.0027 ومعدل نمو المدن هو 0.02، فقيمة دليل الهيمنة لم يصل إلى المحك (2) ، اي ليس هناك هيمنة للمدينة الاولى ، لكن قيمة دليل المدن الاربع تعدى المحك (0.3) بحوالي ثلاثة أضعاف  وهو ما يعني انه ليس هناك هيمنة واضحة للمدينة الاولى في هذه السنة. وبمقارنة قيم نسبة سرعة التحضر ومعدل نمو المدن في هذه المرحلة مع قيم المؤشرين في مرحلة التخطيط، يلاحظ انهما اقل مما كانا علية في تلك الفترة. اي ان هناك شيء من التباطؤ في النمو الحضري في هذه المرحلة. والشكل رقم (24) يعكس المنظومة الحضرية في المملكة العربية السعودية في عام 2010م.

شكل 24 المنظومة الحضرية السعودية في عام 2010 

2-9 العوامل المؤثرة في النمو الحضري السعودي في فترة التطوير

شهدت فترة التطوير عدة متغيرات لعبت دوراً في النمو الحضري السعودي لعل أهمها الارتفاعات الملحوظة في اسعار البترول حيث تعدى سعر البرميل  100 دولار أمريكي مما شجع على زيادة انتاجه وكميات تصديره ، مما وفر العوائد الكبيرة كان لها أثراً واضحاً على العديد من القطاعات لعل اهمها الموصلات والاتصالات والإسكان والبنى التحتية وأنشاء عدد من المدن الاقتصادية والمعرفية والصناعية ، هذه المتغيرات كان لها اثاراً واضحة على النمو الحضري ممثلاً في زيادة عدد المدن وأعداد سكانها مما جعل نسبة الحضر في المملكة تضاهي لا بل تتعدى كثير من دول العالم.  
منذ منتصف الثمانينات الميلادية من القرن الحالي بدأ الاهتمام بالتخطيط الاستراتيجي بإنجاز دراسات الاستراتيجية العمراني الوطنية (1990-2010) ودراسات النطاق العمراني للمدن السعودية بالجهود الذاتية لمنسوبيها بالتعاون مع المستشارين المقيمين. وقد ارتكز إعداد الاستراتيجية على تسلسل هرمي لمراكز النمو الوطنية والإقليمية والمحلية وتمثلت الأهداف الرئيسة للاستراتيجية في المرحلة الأولي على الكفاءةفي استخدام المرافق والخدمات العامة القائمة، واستغلال موارد ومقومات مراكز (أقطاب) النمو المختارة، وتدعيم إقامة محاور تنموية بين المناطق الحضرية وتحقيق تنمية شاملة للأرياف والمناطق الحدودية. وتؤكد أهداف الاستراتيجية في المرحلة الثانية والثالثة على تنويع ونشر الاستثمارات على مختلف أجزاء الحيز الوطني وتحقيق تكامل عمراني أفضل ضمن تدرج هرمي واضح للمدن والقرى السعودية. ولأغراضالتخطيط الإقليمي والوطني تم تقسيم المملكة الى ثلاثة تقسيمات مكانية هي:
المناطق المأهولة: تركيزات سكانية كبيرة.
المناطق المأهولة المتباعدة: وتمثلها القرى الصغيرة المتباعدة التي تحوز على بعض إمكانات النمو.
مناطق أخرى غير المناطق المذكورة أعلاه
أ- المناطق المأهولة بالسكان استخدم مفهوم " منطقة نمو " الاستراتيجية الاستيطانية ليعني " قطب النمو " أو " مركز نمو "، وتتألف الاستراتيجية الاستيطانية هيكليا من أقطاب نمو (مناطق نمو) ومراكز نمو ومراكز خدمـة بالشكل رقم (4.19)، وصنفت مناطق النمو إلى ثلاث فئات رئيسة: حضرية، زراعية ونموذجية (صناعية، دينية، عسكرية) 

شكل 25 الإطار النظري لاستراتيجية العمرانية السعودية. 
(المصدر: المشعبي :87) .

وقد جاءت دراسات النطاق العمراني لتنظيم وترشيد النمو العمراني لمائة مدينة سعودية للعشرين سنة القادمة وفق ضوابط محدودة للإنماء على مرحلتين، الأولى يتم فيها توجيه التنمية (برامج الإنفاق العام) في المساحات المخصصة لهذه المرحلة حتى عام 1995، وفي الرحلة الثانية (1995-2005) يمنح الراغبون من الملاك موافقة على تخطيط أراضيهم بشرط أن يتم تزويد مخططاتهم بشبكات المرافق والتجهيزات الأساسية على نفقتهم الخاصة وفق المواصفات المعتمدة من جهات الاختصاص.
اضافة الى الاستراتيجية العمرانية كان هناك اهتمام كبير في التخطيط الاستراتيجي في المملكة العربية السعودية تمثل في العديد من الخطط الاستراتيجية القطاعية في الآونة الاخيرة، فصدر عدد من الاستراتيجيات منذ بداية الالفية الثالثة، التي تناولت معظم الجوانب والقطاعات منها الاستراتيجية الوطنية للإسكان الاستراتيجية الوطنية للصناعة، الاستراتيجية الوطنية للنقل، الخطة الاستراتيجية للصحة، استراتيجيةالتوظيف السعودية، استراتيجية السياحة الوطنية، والاستراتيجية بعيدة المدى للاقتصاد الوطني.

3- خلاصة واستنتاجات

ان تحليل بيانات النمو الحضري في المملكة العربية السعودية خلال الفترة الممتدة بين 1902 و 2010م اي لحوالي أكثر من قرن من الزمان، مكًن من تلخيص سمات النمو الحضر في المملكة العربية السعودية كما في بيانات الجدول (8) والاشكال ارقام (26) (27) (28) . 
جدول 9 ملخص سمات النمو الحضري في المملكة العربية السعودية ما بين 1902 -2010م

السنة
1902
1932
1962
1974
1992
2004
2010
اجمالي السكان (مليون)
1.5
2.5
3.1
7.1
17
22
27
سكان المدن (مليون)
0.24
0.33
0.8
3.1
10.8
18.3
22.7
نسبة السكان الحضر
10%
16%
26%
46%
73%
81%
84%
المدن المليونية
-
-
-
-
3
4
4
المدن 250< مليون
-
-
-
3
4
8
10
المدن 75< 250الف
-
-
4
4
15
20
22
المدن 25< 75 الف
5
5
5
12
25
38
46
المدن < 25 الف
5
12
13
39
130
143
164
إجمالي عدد المدن
10
17
22
58
177
212
250
معدل نمو المدن
3.2
3.8
5.1
5.3*


* للفترة بين 2004-2010م.

شكل رقم 26 نمو اجمالي السكان والسكان الحضر بين 1902 -2010م في المملكة العربية السعودية 

أما الشكل رقم (27) فيلخص التغيرات التي حدثت على التوزيع الحجمي للمدن من خلال التقديرات والتعدادات السكانية للفترة بين 1902 و2010م.

شكل 27التوزيع الحجمي للمدن السعودية للتقديرات والتعدادات السكانية للمدن بين 1902- 2010م 
شكل 28 فيمثل الهرم الحضري لعامي 1974و 2010م.
شكل 29 فيمثل المنظومة الحضرية من عام 1902 إلى عام 2010م.

الجدول والأشكال السابقة تلخص سمات النمو الحضري في المملكة العربية السعودية للفترة ما بين 1902 -2010 م على النحو الآتي:

- تضاعف أجمالي عدد سكان المملكة خلال الفترة بحوالي ثمانية عشر ضعفاً.
- تضاعف عدد السكان الحضر لنفس الفترة بأكثر من اربعة وتسعون ضعفاً، وهذا يعني - ـن السكان الحضر يتضاعفون بأكثر من خمسة أضعاف اجمالي السكان.
- ارتفاع نسبة السكان الحضر من 10% في 1902م الى 84% في 2010 م، مع ملاحظة ان أكبر ارتفاع كان في مرحلة التخطيط بين 1974 -1992 م.
- الارتفاع التدريجي في معدل نمو المدن من 3.2 في مرحلة التوحيد إلى 5.3 في مرحلة التطوير.
- قلة عدد المدن في مرحلة التوحيد وصغر احجماها بحيث لم يتعدى عددها في نهاية الفترة 17 مدينة وأكبر مدينة 70 ألف نسمة هي مكة المكرمة.
- تضاعف عدد المدن في مرحلة التأسيس فوصل عددها في آخر الفترة في 1974 م إلى 58 مدينة، وبرزت لأول مرة اربعة مدن من فئة 75-250 ألف نسمة، وتفوقت مدينة الرياض لأول مرة على مكة المكرمة فكانت على قمة الهرم الحضري، كما كان هناك زيادة في عدد المدن من الفئات الاخرى خصوصا الصغرى في قاعدة الهرم الحضري.
- حدثت طفرة واضحة في عدد المدن في مرحلة التخطيط حيث وصل عددها في نهايتها إلى 177 مدينة، ثلاث منها مليونيه وأربع من فئة 250-اقل مليون وتوزعت بقية المدن على الفئات الصغرى بحيث شكلت قاعدة عريضة للهرم الحضري السعودي، مع هيمنة واضحة للمدن المليونية، مع عدم اتساق توزيع المدن في الفئات الاخرى
- استمرار الزيادة المضطردة في اعداد المدن في مرحلة التطوير حتى وصل عددها في 2010م إلى 250 مدينة اربعة منها ملونيه وعشرة من 250 لأقل من مليون وبقية توزعت على الفئات الاخرى كان نصيب المدن الصغرى كبيراً بعدد 164 مدينة وبذلك تشكل قاعدة عريضة للهرم الحضري السعودي مع نوع من التناسق.
- تضاعف عدد المدن الصغيرة من خمس مدن في بداية القرن العشرين إلى ان وصلت إلى 164 مدينة في عام 2010م، اي تضاعفت بحوالي 33 ضعفاً، وبذلك تشكل نسبة كبيرة من قاعدة الهرم الحضري السعودي تصل إلى حوالي الثلثين أو 65% من إجمالي عدد المراكز الحضرية في المملكة في 2010م.
- تضاعف عدد سكان المدن الصغيرة والمتوسطة بصورة مطردة من حوالي ربع مليون نسمة في العشرينات من القرن العشرين إلى حوالي 9 مليون نسمة في 2010م، حتى أصبح تشكل نسبة تقارب 40% من إجمالي سكان المملكة معظمهم من السعوديين بنسبة تصل إلى 83%، وغطت تلك المدن معظم الحيز المكاني للمملكة العربية السعودية.
- تضاعف عدد سكان المراكز الحضرية الكبرى بصورة مطردة مع قلة عددها بالنسبة لإجمالي عدد المدن، فوصلت نسبة السكان الحضر إلى 84% في عام 2010م وهي نسبة عالية تتعدى مثيلاتها سواء في الدول النامية أو المتقدمة على حد سواء، وكان ذلك على حساب نسب سكان الريف والبادية بحيث يشتركان في النسبة الباقية وهي 16% فقط من اجمالي السكان معظم هذه النسبة تعود للريف، بينما نمط البادية الرحل انكمش بصورة حادة من حوالي 65% قبل حركة إنشاء الهجر في بداية القرن العشرين إلى نسبة ضئيلة لا تكاد تذكر في 2010م.
- أن التغيرات السابقة مجتمعة صاغت في فترات متتابعة النظام الحضري السعودي المعاصر الذي يتسم بنوع من الانتظام والاتساق.
- تطورت انشطة التخطيط الحضري والإقليمي بالمملكة العربية السعودية في المراحل الاربع كما ملخصة في الجدول الآتي:

جدول 10 أنشطة التخطيط المكاني في المملكة العربية السعودية ما بين 1902 -2010م
المرحلة
النشاط التخطيطي
الجهة المنفذة
الفترة الزمنية
التوحيد
1- علمية توطين البادية
الملك عبد العزيز
32 سنة
التأسيس
1-مخططات توجيهية

2-مخططات عامة

وكالة وزارة الداخلية للشئون البلدية
20-30 سنة

20-30 سنة
التخطيط
1-مخططات ارشادية


2-مخططات تفصيلية

وزارة الشئون البلدية
وكالة الوزارة لتخطيط المدن
5-20 سنة


5-20 سنة
التطوير
1 -نطاق عمراني

2-خطط اقليمية

2-استراتيجية عمرانية

وزارة الشئون البلدية
وكالة الوزارة لتخطيط المدن
ثلاث مراحل كل منها 25 سنة

30 سنة

30 سنة



















تطور الإدارة والنظم والتشريعات التخطيطية بصورة تدريجية من مجرد بلدية ومجلس بلدي في مكة المكرمة فقط مع بعض التشريعات والنظم الفردية، إلى ادارة ونظم مؤسسية، فأصبح هناك وكالة لتخطيط المدن تابعة لوزارة الداخلية ثم بعد ذلك تحولت إلى وزارة مستقلة بمسمى وزارة الشئون البلدية والقروية إضافة على وزارة التخطيط، فصدرت العديد من الانظمة والتشريعات والانشطة التخطيطية التي توجت بنظامي المجالس البلدية ونظام المناطق لعام 1412هـ إضافة إلى نظام مجلس الشورى.

4 - المراجع :

- أبو العز، محمد صفي الدين. (1978) التحضر في الوطن العربي. الجزء الأول (الأقطار الآسيوية) المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. معهد البحوث والدراسات العربية. المقدمة.

- أرباب، محمد إبراهيم (2000م) تطور النظام الحضري السعودي ونموذج التركيب المكاني: دراسة تحليلية، مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية "، العدد 27 – 26.

- أرباب، محمد إبراهيم وإبراهيم، عبد المنعم علي. (1994) الكثافة السكانية ونصيب الفرد من الحيز في منظومة المدن السعودية. بحوث مختارة من الندوة الخامسة لأقسام الجغرافيا بجامعات المملكة العربية السعودية. قسم الجغرافيا جامعة الرياض.

- الجار الله، أحمد الجار الله (2000م)، "جغرافية الحضر مدخل إلى المفاهيم وطرق التحليل "، مطبعة ألوان، الرياض

- الجار الله، أحمد الجار الله (2002م)، "خادم الحرمين الشريفين مرسي النظام الحضري السعودي "، مطبعة جامعة الملك فيصل،الإحساء. 

- الجارالله، أحمد الجارالله. 1996. تحليل النظام الحضري السعودي بتطبيق الصيغة التقليدية والمُعدلة لقاعدة المرتبة والحجم. المجلة العربية للعلوم الإنسانية. جامعة الكويت. مجلس النشر العلمي. العدد 25. السنة 14. 

- الجارالله، أحمد الجارالله. 1996. طابع المدينة السعودية كما يعكسه التصنيف الكمي لاستخدامات الأراضي فيها. المدينة المنورة. سجل بحوث اللقاء السنوي السابع للجمعية السعودية لعلوم العمران. 

- الجارالله، أحمد جارالله وعبد الحكيم مرضي الحمود. 1992. تصنيف كمي لأهم المدن السعودية. الكتاب العلمي للندوة الجغرافية الرابعة لأقسام الجغرافيا بالمملكة العربية السعودية. الجزء الثاني. مكة المكرمة. مطابع جامعة أم القرى. 

- الجارالله، أحمد جارالله وعطية محمد الضيوفي. 1998. التباين الإقليمي في المملكة العربية السعودية: تحليل للبيئة العامليه. مجلة مركز الوثائق والدراسات الإنسانية بجامعة قطر. العدد 10. 

- الجارالله، أحمد جارالله. 2000. نحو تعريف إجرائي للمناطق الحضرية في المملكة العربية السعودية. رسائل جغرافية. الجمعية الجغرافية الكويتية. 

- الخريف، رشود محمد. 1998. التحضر في المملكة العربية: دراسة في تعريف المدن وتوزيعها الحجمي ومعدلات نموها السكاني. مركز البحوث في كلية الآداب بجامعة الملك سعود. العدد 69. 

- الخريف، رشود محمد. 2007. التحضر ونمو المدن في المملكة العربية خلال الفترة (1974-2004م). قسم الجغرافيا. جامعة الملك سعود. 

- الخليفة عبد الله حسين. 1999. البناء الاجتماعي الحضري لمدينة الرياض في التنمية العمرانية في المملكة العربية السعودية الفرص والتحديات تحرير الهذلول. صالح وإيديدان نارايانان. دار السهن. الرياض. 

- الربدي، محمد صالح. 2005. دراسات في سكان المملكة العربية السعودية: مصادر المعلومات والبيانات السكانية. قسم الجغرافيا. كلية العلوم الاجتماعية. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. الرياض. 

- رجب، عمر الفاروق سيد. 1978. التحضر في المملكة العربية السعودية. في التحضر في الوطن العربي. الجزء الأول (الأقطار الآسيوية) المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. معهد البحوث والدراسات العربية. 

- السرياني، محمد محمود (1408هـ)، حول تعريف المدينة، مجلة البلديات العدد 12، الرياض. 

- السرياني محمد محمود. 1990. ملامح التحضر في المملكة العربية السعودية. مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية. مجلس النشر العلمي بجامعة الكويت. العدد 63. 

- السرياني محمد محمود. 1998. المراكز العمرانية: نشأتها وتطورها. مجلة العقيق. المجلد التاسع. نادي المدينة المنورة الأدبي. العددان 17-18. 

- صندوق التنمية الصناعي السعودي (2010م) نمو المدن السعودية: الواقع والمستقبل، تقرير إحصائي، إعداد عبد العزيز الفضل، وحدة البحوث والدراسات الإحصائية. 

- عبد الرحمن، محمد، المريخي، فدغوش، والخضري، عبد العزيز. 1999. استراتيجية التنمية العمرانية للمملكة العربية السعودية. في: التنمية العمرانية في المملكة العربية السعودية الفرص والتحديات. تحرير الهذلول، صالح وأديدان، ناريانان. دار السهن. الرياض. 

- العنقري، خالد محمد (1990م) "تأثير وتوطين البادية في التحضر بالمملكة العربية السعودية، المجلة العربية للعلوم الإنسانية " العدد 38 المجلد العاشر 158 – 187. 

- العنقري، خالد محمد. 1983. أنماط التوزيع الحجمي للمدن السعودية: دراسة في توزيع المرتبة – الحجم. ندوة المدن السعودية: انتشارها وتركبيها الداخلي. قسم الجغرافيا. جامعة الرياض. 

- فرسبي، وليام باركر. 1999. تجربة التحضر السعودية من منظور مقارن. في: التنمية العمرانية في المملكة العربية السعودية الفرص والتحديات. تحرير الهذلول، صالح وإيدادان، نـارايانان. دار السهن.الرياض. 

- مكي، محمد شوقي. 1983. التوزيع الحجمي للمدن في المملكة العربية السعودية. ندوة المدن السعودية: انتشارها وتركبيها الداخلي. قسم الجغرافيا. جامعة الرياض. 

- الهذلول، صالح وعبد الرحمن محمد (1997م) " تزايد الأهمية النسبية للمدن المتوسطة والصغيرة في التنمية الوطنية: دراسة تطبيقية للمملكة العربية السعودية " أعمال وبحوث وتوصيات المؤتمر العام العاشر لمنظمة المدن العربية – دبي – دولة الإمارات العربية المتحدة، 3-7 أبريل 1994م المجلد الأول ص 275-311 

- الهذلول صالح وأديدان ناريانان(1999). التنمية العمرانية في المملكة العربية السعودية: الفرص والتحديات. الرياض. دار السهن. 

- وزراه الشئون البلدية والقروية(1999)، أطلس المدن السعودية، وكالة الوزارة لتخطيط المدن، الرياض. 

- وزراه الشئون البلدية والقروية (1999)، عرائس الصحراء، مجموعة من الكتاب. الرياض. 


- Hawley, A. W (1971) UrbanSociety, John Wily & Sons, NewYork.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا