التسميات

الأحد، 22 نوفمبر 2015

الاستيطان الإسرائيلي في شرقي القدس 1967- 2009 : دراسة في الجغرافيا السياسية - د. فوزي سعيد الجدبة ...

الاستيطان  الإسرائيلي في شرقي القدس 1967- 2009
دراسة في الجغرافيا السياسية
 د. فوزي سعيد الجدبة

مجلة جامعة الأقصى ( سلسلة العلوم الإنسانية ) المجلد  الخامس عشر، العدد الثاني، ص125-98، يونيو2011

ISSN 2070 - 3147

  يُعد الاستيطان اليهودي في شرقي القدس بين عامي 1967- 2009 من أخطر السياسات الإسرائيلية في الأراضي التي احتلت عام 1967 وذلك لمكانة المدينة المقدسة عند الفلسطينيين والعرب والمسلمين.

  من هنا جاء هذا البحث ليستعرض التطور التاريخي للاستيطان في شرقي القدس التي يتمسك بها الفلسطينيون لتكون عاصمة لدولتهم العتيدة، وجاء المحور الثاني ليناقش الأبعاد الاستراتيجية للمستوطنات في شرقي القدس، أما المحور الثالث فيوضح أهداف الاستيطان في شرقي القدس حيث تتضح سياسات الكيان الصهيوني من وراء ذلك، وهي السيطرة على الأراضي المقدسية، واقتلاع أهلها منها، وإفراغ المدينة من مضمونها السياسي كعاصمة للدولة الفلسطينية. أما المحور الرابع فقد تناول الآثار الجيبولولتيكية للاستيطان الإسرائيلي في شرقي القدس، حيث جاءت هذه الآثار جميعها سلباً على المقدسيين. أما المحور الخامس والأخير فتناول المستوطنات الإسرائيلية في شرقي القدس حيث تعتبر هذه المستوطنات قنابل موقوتة في الجسم الفلسطيني المقدسي. وأخيراً جاءت النتائج التي توصلَ إليها الباحث من خلال بحثه، أما التوصيات فجاءت مقتضبة بسبب تعقد قضية القدس وارتباطها بسياسات متناقضة دينياً وسياسياً. 

Israeli  settlements in Jerusalem
1967- 2009
The period between 1967 and 2009 witnessed the most dangerous era of Jewish settlements because of the symbolic importance of the City for Palestinians, Arabs, and Muslims.
This paper surveys the historical development of Jewish settlements in East Jerusalem that Palestinians consider their future capital. The second point tackles the strategic impacts for these settlements. The third one clarifies the goals of settlements in East Jerusalem which are controlling the holy sites, dismissing Palestinians, and draining the city of any political significance. The fourth point discusses the geolotical effects of settlements which have very negative impacts on Palestinian Jerusalemites. The last point looks at these settlements as ticking bombs in that area.
Finally, the outcomes and the recommendations which came laconic because of the complicated nature of the issue of Jerusalem.
الاستيطان  الإسرائيلي في شرقي القدس
1967- 2009
  بدأ الاستيطان الإسرائيلي في شرقي القدس منذُ بداية احتلال المدينة في الخامس من يونيو عام 1967. حيث بُنيت أولى البؤرات الاستيطانية في حي المغاربة بالبلدة القديمة (عناب، 2001: 99)، ومع مرور الوقت انتشرت المستوطنات الإسرائيلية في جميع أنحاء المدينة، ويمكن تصنيف مستوطنات شرقي القدس من الناحية الإدارية إلى قسمين:
القسم الأول:
المستوطنات التي تقع داخل حدود البلدية، ويبلغ عددها 18مستوطنة، وتبلغ مساحتها الإجمالية 19،834دونماً، وتحوي حوالي 195000 مستوطن، والعديد من هذه المستوطنات تم بناؤها داخل لأحياء العربية (غزال، 1997).
القسم الثاني:
           المستوطنات الإسرائيلية التي تقع خارج حدود البلدية، وداخل المحافظة، وفق تقسيم ما قبل عام 1967، حيث يبلغ عددها 17مستوطنة تحتل مساحة مقدارها 24090دونم، وتحوي حوالي 84000مستوطن. هذا بالإضافة إلى 18بؤرة استيطانية تم بناؤها في الفترة بين 1996- 2007 هدفت إلى خلق كيان يهودي في قلب الأحياء العربية (التوفوكجي، 2008).

 وجميع حكومات بني صهيون تُنفذ ما قاله تيودور هرتزل (1865-1905) أن برنامجه في المقام الأول هو برنامج استعماري لفلسطين، فبالاستيطان تمكنت إسرائيل من وضع جسم غريب في قلب القدس بهدف تقطيع أواصلها وتكاملها الديموغرافي (المصري، 2000: 2) Demographic and Geographic continuity..
 مشكلة الدراسة:
          تبلور إحساس الباحث بمشكلة الدراسة في ضوء الملحوظات الآتية:
 يُعتبر الاستيطان الصهيوني في شرقي القدس من أهم المشكلات التي تواجه المدينة في حاضرها ومستقبلها. وذلك لما تسببه من خلق معاناة لسكانها. لهذا رأى الباحث أن يكتُب حول هذا الموضوع، ويعمل على إظهاره إظهاراً موضوعياً لكي يتسنى لنا معرفة كثير من الحقائق المتعلقة  بالاستيطان الإسرائيلي في شرقي القدس.

أهمية الدراسة:
    تكمن أهمية الدراسة في كونها تناقش أخطر الموضوعات في الصراع الصهيوني الفلسطيني من وجهة جغرافية بحتة، وقد تعاظم هذا الصراع بتمسك اليهود بالقدس كعاصمة لهم منذ احتلالها عام 1948 وحتى قرار الضم بتاريخ 30/7/1980، أي المصادقة على القانون الأساسي المعروف بالقدس عاصمة إسرائيل.
تساؤلات الدراسة: 
1- هل كان الاستيطان الإسرائيلي لشرقي القدس عشوائياً، أم ضمن تخطيط منظم؟
2- هل توجد علاقة بين الاستعمار الاستيطاني في شرقي القدس والديانة اليهودية؟
أهداف الدراسة:
1- إبراز المخططات اليهودية للاستيطان في شرقي القدس.
 2- توضيح العلاقة غير الحقيقية بين الاستيطان الإسرائيلي في شرقي القدس والديانة اليهودية.
مبررات الدراسة:
قرارات الأمم المتحدة بعدم الاعتراف بشرعية الاستيطان اليهودي في الأراضي التي احتلت عام 1967، وعدم اعترافها بجميع القرارات الإسرائيلية المتعلقة بتهويد القدس العربية.
أسباب اختيار الموضوع:
1- ارتباط الباحث ارتباطاً وثيقا بالقدس وبقضيتهُ الفلسطينية.
2- العلاقة القوية بين المسلمين ومدينة القدس.
منهجية الدراسة: (إسلوب الدراسة)
اعتمد الباحث المنهج التاريخي الذي يتحدث عن تطور الاستيطان اليهودي في شرقي القدس.
ثم المنهج الوصفي الذي يوضح الاستيطان الإسرائيلي في شرقي القدس، ثم المنهج الموضوعي الذي يناقش الأمور الاستيطانية حسب الأمر الواقع.
حدود الدراسة:       
أولاً: الحد المكاني: تنحصر حدود الدراسة في دراسة الاستيطان الإسرائيلي في شرقي مدينة القدس التي جرى احتلالها في العام 1967.
 ثانياً: الحد الزماني: تستغرق الدراسة الفترة الممتدة من العام 1967 وحتى عام 2009.
مصادر البيانات:
1-  المركز الجغرافي الفلسطيني.
2- الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
3- الجهاز المركزي للإحصاء الإسرائيلي.
4- الإنترنت.
الصعوبات التي تعترض الدراسة:
لا شك أن دراسة الاستيطان الإسرائيلي في حد ذاته يعتبر صعوبة لكثرة ما كُتب عنه، كذلك صعوبة تتعلق بمصادر المعلومات وسياسة الاستيطان، وبخاصة المعلومات التي تنشرها المصادر الإسرائيلية التي تخدم سياسة الاستيطان نفسه، فنجد السياسة الإسرائيلية تضخم وتهون من الاستيطان حسب الحاجة لذلك.
 ومن الصعوبات أيضا إخفاء كثير من المعلومات المتعلقة بمستوطنات القدس عن وسائل الإعلام، لأنها تعتبر معلومات عسكرية مسئول عنها الإعلام العسكري، فكل المعلوم هو ما تسمح به المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في نشره والتي غالباً ما تكون مضللة ومتناقضة.
 وهناك صعوبة يغفل عنها الكثير وهي ذاتية تتعلق بالباحث نفسه، ولأن الدراسة تتطلب الموضوعية والحيادية والأمانة العلمية، فقد قرر الباحث طرح المشاعر الذاتية جانباً لتخرج هذه الدراسة بصورتها الموضوعية والعلمية على الرغم من صعوبة ذلك وشدته على النفس.
محتوى البحث:
  أولاً: التطور التاريخي للاستيطان الإسرائيلي في شرقي القدس.
  ثانياً: الأبعاد الإستراتيجية للمستوطنات في شرقي القدس.
 ثالثاً: أهداف الاستيطان في شرقي القدس.
رابعاً: الآثار الجيبولولتيكية للاستيطان الإسرائيلي في شرقي القدس.
خامساً: المستوطنات في شرقي القدس.
سادساً: النتائج والتوصيات.

أولاً: التطور التاريخي للاستيطان الإسرائيلي في القدس.
منذ الساعات الأولى للاحتلال عام 1967 بدأت السياسة الإسرائيلية، والجرافات برسم معالم جديدة لتهويد القدس من أجل فرض الأمر الواقع، وإيجاد أوضاع جيوسياسية على الأرض يصعب على السياسي أو الجغرافي إعادة تقسيمها مرة أخرى. وشرعت في وضع أساسات الحي اليهودي في القدس الشرقية، بالإضافة إلى كثير من المواقع المفتوحة التي سيطرت عليها من أجل بناء سلسلة من المستوطنات لتحيط بالقدس من جميع الجهات، وإسكان مستوطنين فيها لإقامة واقع جغرافي وديموغرافي جديد، وإحداث خلخلة سكانية في القدس العربية لرسم ما سمى بحدود القدس الكبرى (المتروبوليتان). فبعد أنْ كان الفلسطينيون يملكون غالبية الأراضي في سنة 1967 أصبحوا بعد عمليات المصادرة، وبعد إقامة المشاريع الاستيطانية، وفتح الطرق، والبناء ضمن الأحياء العربية يسيطرون على 14% من الأراضي في شرقي القدس (المصري، 2000: 104).
1- الحي اليهودي:
بعد الاحتلال مباشرةً شرعت إسرائيل بمصادرة 116 دونماً داخل أسوار المدينة القديمة من المنطقة التي تعرف باسم حي الشرف (حي المغاربة) شكل رقم (1). وقد تم الإعلان عن المشروع رقم 2185 الذي تبلغ مساحته 116 دونماً، ويقضي بإقامة 650 وحدة سكنية يقطنها 2400 نسمة. وأقيم في هذا الحي اليهودي مؤسسات تعليمية وأندية ومراكز للأمومة والطفولة وعيادات صحية، وقد ألحقت السلطات الإسرائيلية عدداً من الأحياء العربية القريبة به بعد تهجير سكانها وهدمها منه (قاسميه، 1991: 516).
2- الأنشطة الاستعمارية الإسرائيلية لتهويد شرقي القدس:
اعتمدت سلطات الاحتلال في نشاطها الاستيطاني على سلسلة إجراءاتٍ لتحقيق أهدافها في تهويد المدينة وإحكام السيطرة عليها، وتمّ ذلك عبر بناء الأطواق الاستيطانية، إضافةً إلى الشوارع الالتفافية (التوفوكجي، 1997).
أ: الأطواق الاستيطانية : (أبو جابر وآخرون، 1997: 558)
الطوق الأول:
- رامات أشكول- جفعات همغتار، التلة الفرنسية، الجامعة العبرية:
          تعتبر هذه المستعمرات أول الأطواق حول القدس وهدفها إزالة التشويه الذي حدث بعد عام 1948 حيث بقيت الجامعة العبرية تحت السيطرة الأردنية. لذلك قامت "إسرائيل" بإقامة هذه الأحياء على عجَلٍ مما شوّه منظر المدينة حيث بدأت الأبنية العالية تغلق الأفق الشمالي مما أثّر تأثيراً كبيراً
على المنظر العام للمدينة المقدسة.



شكل رقم (1)  حي المغاربة في القدس الشرقية
المصدر:  alquseya.ahladalil.com/t3371-topic

-  راموت- ريخس شعفاط: أقيمت على أراضي قرى شعفاط وبيت إكسا، وتم بناء 9959 ألف وحدة سكنية.
- بسكات زئيف- بسكات عومر- النفي يعقوب:أقيمت على أراضي حزما وبيت حنينا، وشعفاط وعناتا في الجزء الشمالي الشرقي من المدينة وهدفها تطويق القرى السابقة وعزلها وإسكان 100,000 مستوطن وبناء 18557 وحدة سكنية.
-  تلبيوت الشرقية- جيلو: أقيمت على أراضي صور باهر وبيت جالا وبيت صفافا. وتم بناء 11697 وحدة سكنية.
الطوق الثاني:
          هو خارج حدود البلدية، ولكنه ضمن مجال القدس الكبرى. وهدف هذه المخططات بناء السور الثاني حول المدينة ويرتبط مع المنطقة الجنوبية في منطقة غوش عتصيون. وتشمل مستعمرات كفار عتصيون، روش تسوريم، ألون شيفوت، نفي دانيال، أليعازر، بيت عين، إفرات، بيتار، بالإضافة إلى المدينة الجديدة عيرغانيم (مدينة الحدائق) حيث يهدف المشروع إلى بناء 10 آلاف وحدة وإسكان 100 ألف مستوطن.
ب: الطرق الالتفافية:
تعتبر الطرق الالتفافية جزءاً لا يتجزّأ من الخطوط الاستيطانية الإسرائيلية ومن إستراتيجية السيطرة والحصار للأرض الفلسطينية مع ما تجرّه من مصادرات لمساحات شاسعة  وتدمير أراضٍ زراعية وغيرها. وتزعم "إسرائيل" أنّ هدف هذه الطرق هو فصل حركة "الإسرائيليين" عن المناطق الفلسطينية  بهدف تسهيل تحركات المستوطنين وحمايتهم من الهجمات الفلسطينية.. وأهمّ هذه الطرق في القدس هي: (حوش، 1997).
- طريق رقم 1: يربط باب العمود مع التلة الفرنسية في المرحلة الأولى، ثم سيمتدّ في مرحلة ثانية نحو الشمال ليصل إلى النبي يعقوب وسيؤدّي إلى مصادرة 380 دونماً من الأراضي الفلسطينية، ويهدف إلى فصل الأرضي الفلسطينية الزراعية عن أًصحابها في قرى بيت حنينا وشعفاط مما يمهّد لمصادرتها.
- طريق رقم 45 وطريق رقم 5: يُعدّ هذان الشارعان سوراً يطوق القدس الشرقية، وفاصلاً ملموساً لها عن الضفة الغربية، وقد تمّت مصادرة 16000دونم لبناء هذه الشوارع.
- طريق رقم 4: يمتدّ على مساحة 2300دونم، ويصل ما بين عطروت ومطار القدس مع مستعمرة ريختس شعفاط ليمتدّ إلى جيلو، وسيقضي على مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية الزراعية لقرية بيت صفافا، وستمنع بيت حنينا من التوسع غرباً.
- طريق رقم 16: يمتدّ من وادي الجوز في القدس عبر نفق يخترق جبل الزيتون أسفل مستشفى
المطلع مروراً من قرية الزعيم ليلتقي مع الطريق رقم 5 ، والطريق المؤدي إلى جفعات زئيف ومعاليه
أدوميم وصولاً حتى أريحا.
-  الطريق الدائري الذي يحيط بالقدس العربية لربطها بالقدس الغربية. شكل (2).


شكل (2) الطريق الدائري حول القدس
المصدر:  alquseya.ahladalil.com/t3371-topic
ج: شلّ مركز المدينة العربية:
          بعد أنْ حاصرت إسرائيل القدس العربية بالمستوطنات من جميع الجهات،  وأقامت آلاف الوحدات السكنية اليهودية صادرت 35%  من مساحة القدس، بدأت مرحلة أخرى من عملية التهويد وضرب العصب الاقتصادي الفلسطيني، وذلك بإعلان مخطط جديد لمركز المدينة من أجل تقييد النشاط التجاري بطمس التجارة والصناعة في المدينة العربية. كما يتم الآن تنفيذ مشاريع وزارة البنية التحتية بإقامة مشاريع استيطانية داخل الأحياء الفلسطينية ضمن مشروع أطلق عليه بوابة حول القدس الهادف إلى عزل الأحياء الفلسطينية وتحويلها إلى مجموعة من الجزر المعزولة المقسمة، تحاط بالمستوطنات من جميع الجهات. رأس العمود، جبل المكبر، جبل الزيتون وغيرها من المشاريع الاستيطانية (التوفكجي، 2007: 12).
د: سياسة التخطيط والبناء في الأحياء الفلسطينية:
إن للمصلحة الجيوسياسية للسلطة الإسرائيلية في شرق المدينة أبعاداً في تحديد سياسة التخطيط في كل ما يتعلق بالسكان الفلسطينيين. وقد انبثقت من السياسة التي تبلورت مجموعة الخطوات الإدارية والقانونية في مجالات التوطين والتخطيط والبناء وهي خطوات اتخذت لمنع تطوير الأحياء الفلسطينية في شرق القدس (التوفوكجي، 2007: 12).
ه: الجدار العنصريّ في مدينة القدس:
يبلغ طول الجدار في القدس نحو 167كم، وهو يعمل على عزلها عن محيطها الفلسطيني في الضفة الغربية، وتشكّل مساحة الأراضي التي سيعزلها جدار الفصل العنصريّ في نهاية المشروع "الإسرائيليّ" في منطقة القدس ما مساحته 151,974 دونماً أيْ نحو 43% من محافظة القدس. شكل (3).  وبحسب التقارير التي تبحث في تأثيرات الجدار فإنّ 231 ألف فلسطينيّ أيْ نحو 56% من سكّان القدس سيتأثّرون سلباً بإقامة الجدار (ابحيصي، وعايد، 2010: 75-77)
ز: سياسة سحب الهويات: (أبو جابر، 1997: 562)
          ضمّت إسرائيل القدس الشرقية، ولكن هذا الضمّ لم يصحبْه ضم للسكان بمعنى اعتبارهم مواطنين في الدولة التي ضمت مدينتهم إليها. فأبقت الحكومة الإسرائيلية على الجوازات الأردنية التي حملها السكان بالمقابل منحتهم الهوية الإسرائيلية مما أدّى إلى نشوء وضْعٍ غريب أصبح فيه السكان مواطنين أردنيين ومقيمين في إسرائيل في الوقت نفسه. بمعنى أن المقدسيين أصبحوا مقيمين وليسوا مواطنين. كما أنّ هذا النظام يخول السلطات المعنية إلغاء هذه الإقامة الدائمة لكل مواطن ثبتت
إقامته خارج "إسرائيل" حيث إنّ الفقرة أ. من المادة (11/ج) من أنظمة الدخول إلى "إسرائيل" تبيح

خريطة (3) الجدار في شرقي القدس
المصدر: alquseya.ahladalil.com/t3371-topic

ذلك إذا توفرت الشروط التالية:
1- البقاء خارج إسرائيل مدة تزيد على سبع سنوات على الأقل.
2- الحصول على إذن إقامة دائمة في دولة أخرى.
3- الحصول على جنسية دولة أخرى.
وبناءً على هذه الشروط، بدأت "إسرائيل" بمصادرة بطاقات الهوية "الإسرائيلية" بدايةً بأعداد قليلة من مقدسيّات متزوجات من مواطنين أردنيين، وبعدها بدأت وزارة الداخلية الإسرائيلية بسحب الهويات من أبناء القدس الشرقية ذكوراً وإناثاً بحجة انتقال مركز حياتهم إلى خارج إسرائيل على الرغم من أنّ خروجهم من القدس كان ضمن سياسة "الجسور المفتوحة" التي تبنتها حكومة "إسرائيل" منذ سنة 1967 وبموجب تصريحٍ ساري المفعول لمدة ثلاث سنوات، وكانت عودتهم قبل انتهاء المدة المذكورة. وقد تم احتجاز الكثير من بطاقات الهوية من قِبَل موظفي مكتب وزارة الداخلية في القدس الشرقية عندما أراد أصحابها تجديدها بناءً على توجيه من المستخدمين الإسرائيليين على الجسور. كما أن قانون مركز الحياة  (domicile) الذي تم تكريسه والعمل به اعتباراً من 1/1/1997 اعتمد صيغة قانونية فحواها أنّ من يسكن داخل حدود القدس فقط له حق الإقامة الدائمة والفعلية. على ضوء ذلك فإن أكثر من 120 ألف مواطن مقدسي مهدّدون بفقدان حقّهم في الإقامة الدائمة في القدس على اعتبار أنهم زائرون غير مقيمين إقامة دائمة بعد صدور هذا القرار.
ح: سياسة منع البناء وهدم المنازل:.
اتباعاً للسياسة الإسرائيلية في تقليص الوجود الفلسطيني داخل حدود البلدية، من مصادرة الأراضي إلى نظام التخطيط والبناء إلى سحب الهويات، فقد رافق عمليات مصادرة الأراضي قانون التخطيط والبناء الذي لا يميز بين مواطن ومقيم ،حيث تنطبق الشروط المفروضة على من يرغب في البناء ومن ضمنها وجوب استصدار رخصة بناء (عبد الهادي، 2007: 25). وأدت السياسة التي اتبعتها السلطات الإسرائيلية وعلى رأسها بلدية القدس، في مجال التخطيط والبناء في القدس خلال سنوات الاحتلال الطويلة، إلى تفاقم أزمة السكن في المناطق العربية ونتيجة لعدم المصادقة على المخططات الهيكلية لهذه الأحياء العربية، وبالتالي منع البناء. كذلك فإن نسبة البناء العربي في المناطق محدودة ولا تتعدى في أقصى حالاتها 75% من مساحة الأرض، في حين أن على بعد أمتار من الأحياء العربية ترتفع النسبة إلى ما يتراوح بين 115%- 300% من مساحة الأرض إذا كان المشروع لخدمة الاستيطان اليهودي، كما هو الحال في رأس العمود- مشروع بناء وحدات يهودية أو كما في التلة الفرنسية، كما أن الحصول على رخص بناء للمنطقة العربية يحتاج إلى سلسلة طويلة من الإجراءات بدءاً بفتح ملف وانتهاءً بمصادقة اللجنة اللوائية حيث إن الحصول على رخصة بناء يحتاج إلى نحو 9 سنوات وتكاليف تصل إلى 20 ألف دولار. كما أنّ كثيراً من طلبات رخص البناء وبعد مسيرة طويلة من معاناة المواطنين يكون الرد قد جاء بالرفض مما دفع المواطنين الفلسطينيين إلى القيام بالبناء بدون ترخيص، وما يتبع ذلك من تهديد بالهدم أو تقديمه لمحاكمات تكون الغرامات فيها أكبر من تكاليف البناء. أما الحكومة "الإسرائيلية" أو الشركات فإنها لا تقوم بالبناء للجانب العربي وبيعها للعرب كما يحدث للجانب اليهودي (التوفوكجي، 1994: 31).


القدس الكبرى: متروبوليتان القدس (شكل رقم (4).

الخطة الرئيسة للمتروبوليتان القدس 2010 جرى إعدادها في شباط 1993 بالاشتراك بين وزارة الداخلية ووزارة البناء والإسكان وبلدية القدس ودائرة أراضي إسرائيل، وهي تشمل أراضي تبلغ مساحتها 840 كم2 أو ما يعادل 10% من مساحة الضفة الغربية.
ولأول مرة يعترف الإسرائيليون بأن توسيع حدود البلدية ناتج عن سبب عنصري وإثنوجيوغرافي (حوش، 1997).  حيث كان من أهم أهدافها (المصري، 2000: 104):
1- الحفاظ على طريق حرّة للسكان والمستخدمين والتجارة  والسكان.
2-  تعزيز مكانة القدس كعاصمة لدولة إسرائيل وكمدينة عالمية لأسباب دينية وقومية وثقافية.
3- خلق تواصل واضح للسكان اليهود ومنع تكون جيوب سكانية متداخلة بقدر الإمكان وتقليص التقارب والاحتكاك مع العرب.
4- وصل معاليه أدوميم وجبعات زئيف وغوش عتصيون وبيتار بالقدس من خلال إيجاد تواصل مع السكان اليهود في لواء القدس.
وقد شكّلت الزيادة السكانية العربية الفلسطينية معضلة أساسية في رسم خطوط حدود البلدية الكبرى. فبعد أنْ تم نشر دراسات معهد القدس لأبحاث "إسرائيل" وتبين بأن الفلسطينيين أخذوا بالتزايد، وأن نسبتهم بلغت 35% من المجموع العام للسكان، بعد أن كانوا 25% من السكان عام 1967، وعلى الرغم من جميع الجهود "الإسرائيلية" لطرد السكان خارج حدود البلدية فإن نسبتهم زادت في السنوات الأخيرة نتيجة للزيادة الطبيعية للسكان العرب، كذلك كانت هجرة اليهود العلمانيين إلى الساحل سبباً آخر في الزيادة السكانية العربية (التوفكجي، 2009)، مما دفع الساسة الإسرائيليين إلى الإعلان عن مشروع القدس الكبرى.

شكل رقم (4) القدس الكبرى 2010 (متروبوليتان القدس)
المصدر:  alquseya.ahladalil.com/t3371-topic

ثانياً: الأبعاد الاستراتيجية للمستوطنات في شرقي القدس:
 تتعدد الأبعاد التي من أجلها أُقيمت المستوطنات في شرقي القدس، وأهم هذه الأبعاد:
1- البعد التاريخي للاستيطان في شرقي القدس:
          لا يمكننا تتبع التاريخ اليهودي المضطرب والمتقلب خلال الألف سنة الأخيرة غير وقفة من الإمبراطور الروماني هادريان الذي أعاد بناء القدس بعد عام 135ميلادية، وأطلق عليها اسم  إليا كابيتولينا، وأصدر مرسوماً يجرم دخول اليهود للمدينة، بل ويعرضهم للإعدام إذا ما دخلوا المدينة، وظل هذا الحظر حتى جاء الفتح الإسلامي سنة 636ميلادية وألغى الحظر على دخول اليهود (كتن، 1985: 149).
          وفي القرون التالية بدأ اليهود يفدون تدريجيا إلى فلسطين بإعداد قليلة نتيجة اضطهادهم في أوروبا الغربية، وطردهم من إسبانيا  عام 1492، ومن البرتغال عام 1496، فلجأ بعضهم إلى فلسطين، واستقر بعضهم في القدس، ويقدر رابوبورت عدد العائلات التي استوطنت القدس عام 1488 بسبعين عائلة، و 1500 عائلة عام 1521 (كتن، 1985: 150).
ومع طلائع القرن التاسع عشر تبنى إمبراطور فرنسا نابليون بونابرت فكرة الاستيطان اليهودي في فلسطين من أجل إقامة عازل بين شطري الوطن العربي الآسيوي في الشرق والإفريقي في الغرب، لهذا نجده يرفع شعار حماية اليهود من الدولة العثمانية في غزوه للشام عام 1799، بل حث اليهود على مساعدته في إحياء دولتهم القديمة في فلسطين، واستعادة مجدهم التاريخي (بركات، 1986: 22).
وفي صيف عام 1838 قامت بريطانيا بتعين أول قنصل لها في القدس كان شغله الشاغل حماية اليهود في فلسطين ومساعدتهم (ناجي، 1987: 15).
وفي عام 1897 قال تيودور هرتزل "إذا حصلنا يوماً على القدس، وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء سوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها، وسوف أدمر الآثار التي مرت عليها قرون" (عوض، 1990: 839). ومع نهاية الحرب العالمية الأولى وصل عدد اليهود في القدس إلى 30000ألفاً، عندها بدأت الهوية العربية للمدينة  في التغير، وبخاصة بعد عام 1922 عام الانتداب البريطاني على فلسطين، والذي تكفل بتنفيذ وعد بلفور الذي وعد اليهود بوطن قومي لهم في فلسطين. ونتيجة لذلك تغيرت ديموغرافية المدينة تماما ًمتأثرةً بالهجرة اليهودية الواسعة إلى فلسطين ليقفز عددهم إلى نحو 100000 في نهاية فترة الانتداب البريطاني لفلسطين (قهوجي، 1978: 35).
وفي عام إعلان الدولة قال بن غريون (قاسمية، 1979: 12) "لا معنى لفلسطين بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل".
في الختام نقول أن البعد التاريخي الذي يستند إليه اليهود هو باطل. لأن الفترة التي حكم فيها اليهود فلسطين والتي منها القدس لم تدم في التاريخ خمسة قرون متفرقة، وهذا ما أكده أحد علماء الآثار اليهود والمحاضر في جامعة تل أبيب إسرائيل فلكشتاين بقوله أنه لم يعثر على أي أثر يدلل على وجود اليهود في القدس، وأن الكنعانيون سكنوا القدس في الألف الرابع قبل الميلاد،أما العبرانيون فقد وفدوا للقدس في الألف الثالثة قبل الميلاد (جابر، 1985: 14). وأن الكنعانيين هم الذين أطلقوا على المدينة أورسالم، أو أورشالم، والتي تعني مدينة الإله (العباسي، 1991: 10).
2- البعد الديني للاستيطان الإسرائيلي في شرقي القدس:
          يرتبط الاستيطان اليهودي في شرقي القدس بمجموعة من الأيديولوجيات الدينية التي تعود إلى مفهوم أرض إسرائيل، أو الحدود التوراتية لدولة يهود، حيث جاء في الكتب اليهودية أن الرب قال لإبراهيم "أنا سأعطيك وذريتك أرض كنعان للاستملاك إلى الأبد (دويك، 2004: 44). 
وقد استمدت القدس هذه المكانة الدينية لدى اليهود من الحنين اليهودي لجبل الهيكل الذي أقام عليه سليمان معبدهم، والذي دمره نبوخذنصر، وَهَجر اليهود إلى بابل عام 586ق.م. ثم أعاد بناءه اليهود الذين أعادهم ملك الفرس كورش إلى فلسطين، ودمر مرة أخرى القائد الروماني تيطس الذي دخل القدس وحرقها عام 70ميلادية (العباسي، 1991: 11).
ولعل هذا البعد الديني هو الذي جعل اليهود ترفض أي مقترح لقيام دولة لهم في أي مكان غير فلسطين، والنظر إليها على أنها أرض الميعاد لشد اليهود إليها من أي مكان وزمان (عناب، 2001: 38). وعند احتلال الضفة الغربية في 5حزيران من عام 1967 نجد الأحزاب الدينية تطلق عليها اسم "يهودا والسامرة" كما اعتبرتها أراضي محررة وليست محتلة، ومن ثم أخذت تطلق أسماء يهودية على المستوطنات التي تقيمها في الأراضي المحتلة لكي توحي للعالم أنها بصدد إحياء دولة قديمة وليس إنشاء دولة جديدة، لهذا ظهر إصرار اليهود على الاستيطان في القدس لتكون عاصمة لهم من أجل ربط وجودهم السياسي بوجودهم الديني (بركات، 1986: 42). واستناداً إلى هذه النصوص التوراتية المختارة يدعون بأحقيتهم التاريخية في القدس (جريس، 1981: 60).
3- البعد السياسي للاستيطان اليهودي في شرقي القدس:
تسعى إسرائيل من وراء هذا البعد إلى سيطرتها على الأرض الفلسطينية في القدس ذات الأهمية الإستراتيجية للحيلولة دون قيام دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967 (دويك، 2004: 44).
كذلك بهدف إيجاد حقائق ديموغرافية جديدة على الأرض تجعل من المستحيل على أي حكومة إسرائيلية المضي قدماً في عملية سلام مع الفلسطينيين، والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.
وأخيرا تهدف إسرائيل من وراء الاستيطان أداة ضغط ومساومة في أي مفاوضات مستقبلية بين الفلسطينيين والإسرائيليين (دويك، 2004: 44). 

ثالثاً: أهداف الاستيطان الإسرائيلي في شرقي القدس:
الناظر إلى سياسة الاستيطان الإسرائيلي في القدس الشرقية بل وفي المناطق المحتلة عامة يستشرف أهدافاً غير تلك الأهداف التي بحوزة إسرائيل والتي لا تعلن عنها قاطبة. لأن ذلك ضمن السياسات العسكرية الإسرائيلية (ربيع، 1980: 80).
ويمكن أن نوجز أهداف الاستيطان فيما يلي:
1- تهويد المناطق التي تقام عليها المستوطنات من خلال هدف أيديولوجي يتمثل في حق اليهود في الاستيطان في كل مكان من أرض الميعاد، وقد برز هذا الهدف بوضوح خلال حكم الليكود، فمن خلال المستوطنات التي أقامتها إسرائيل حول مدينة القدس بعد ضمها إليها، تسعى إسرائيل إلى إقامة القدس الكبرى والتي ستصل مساحتها 840 كم2 أو ما يعادل 10% من مساحة الضفة الغربية حسب الخطة (ناجي، 1987: 80).
2- تحقق المستوطنات هدفاً أمنياً وعسكرياً، نظراً لأقامتها على مناطق إستراتيجية كالمرتفعات وسفوح الجبال، وبذلك تسيطر على مراكز النشاط والحركة ومحاور الدخول إلى الضفة الغربية. ومن الأهداف الأمنية للمستوطنات حصارها للتجمعات العربية في القدس (دويك، 2004: 111)، وخلق وجود إسرائيلي قريب من المناطق العربية بل وملاصق لها لمراقبتها بحيث إنه في حالة وجود أي تحرك لمقاومة الاحتلال تكون المستوطنات جاهزة وسريعة للرد (عبد الهادي، 1978: 60).
 3- الهدف السياسي والذي يعتبر أهم هدف تسعى إسرائيل إلى تحقيقه خلق واقع جديد على الأرض يصعب تغيره بقرار سياسي، وبتالي تعذر التوصل إلى أي حل مع الفلسطينيين، وبتالي استخدامها كورقة ضغط ومساومة ضد الفلسطينيين (محارب، 1971: 86).
4- تجسيد عملي للعنصرية الصهيونية الاستعمارية عن طريق استيعاب المهاجرين الجدد في تلك المستوطنات وخلق مدن جديدة في شرقي القدس. وقد تم التركيز على الأراضي التي احتلت عام 1967 على حساب الأراضي التي احتلت عام 1948 (Racem, 1989: 6).
5- طرد السكان المقدسيين من أرضهم وتسكين اليهود بدلاً منهم، وللوصول إلى هذا الهدف ارتكبت المنظمات الإرهابية العديد من الأعمال الوحشية ضد الأهالي المقدسيين أنفسهم مثل مذبحة دير ياسين في 9/4/ 1948 حيث قتل نحو 300 نسمة من القرية التي تبعد ميلاً ونصف الميل غربي القدس، وكان الهدف من ذلك بث الرعب في نفوس المقدسيين، وإرغامهم على الهرب.
وقد استمرت تلك الأعمال في عام 1967 بالاستيلاء على باقي أجزاء القدس حيث أمرت القوات الإسرائيلية السكان من خلال مكبرات الصوت بالرحيل إلى الأردن. لأن الطريق إليها مفتوحة (كتن، 1985: 154).
6- تحديد الحدود بطريقة جديدة إذ أعلنت رئيسة وزراء اليهود جولدا مائير (1969-1974) أن حدود دولة إسرائيل هي حيث يقيم اليهود لا حيث يوجد الخط على الخريطة (دويك، 2004: 8).

رابعاً: الآثار الجيبولولتيكية للاستيطان الإسرائيلي في شرقي القدس:
لقد ترتب على إقامة العديد من المستوطنات في شرقي القدس الآثار التالية:
أولاً: الآثار الاقتصادية للاستيطان:
إن أول ما نلمسه من تلك الآثار على المواطنين المقدسيين هو الاستيلاء على أراضيهم ومصادرتها لإقامة المستوطنات عليها، وما ترتب على ذلك من تقليص المساحة الممنوحة العرب من أجل حرية الحركة والنمو السكاني فيها (الدقاق، 1993: 214) . ومن تلك الآثار إقامة المصانع اليهودية في تلك المستوطنات المعتمدة على الأيدي العربية وعدم السماح ببناء مصانع في التجمعات السكانية العربية (قيطة، 2008: 289).
 ثانياً: الآثار الاجتماعية للاستيطان:
تركت المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المقدسية مجموعة من الآثار الاجتماعية تمثلت في التحدي الكبير لمشاعر المسلمين في القدس، على اعتبار أن القدس هي وقف إسلامي سلبها اليهود من أجل تهويدها، وطرد أهلها منها (الجندي، 1986).
بل إن أخطر هذه الآثار ما يقوم به المستوطنين من اعتداءات يومية على المقدسيين العرب، لأنهم يرون أن ليس للعرب أية حقوق سياسية أو قومية في المدينة، بل يطالب المستوطنون بطرد المقدسيين من ديارهم إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن (ليتش، 1983). بل يرفضون مجاورتهم في المدينة حيث أصدر رئيس الحاخامين السفرديم الشرقيين مردخاي إلياهو فتوى تنص على تحريم بيع الشقق لغير اليهود (الدقلق، 1988). وتنفيذاً لهذه السياسة قامت إسرائيل بهدم حي المغاربة الإسلامي داخل أسوار البلدة القديمة بأكمله وأسكنت بدلا منهم يهوداً. كما طردت أعداداً كبيرة من المقدسين في حي الباشورة، وحي باب السلسلة، بل هدمت عدداً من المساجد والزوايا والتكايا والمدارس الدينية وجميعها ذات مكانة دينية وتاريخية (الجندي، 1986).
ومن الآثار الاجتماعية ما تسببه سياسة إخلاء المنازل عن طريق الهدم أو القروض الممنوحة من بنك طفحوت إسرائيل الذي كان يمنح المقدسيين قروضاً لترميم منازلهم القديمة بشروط تبدو سهلة بظاهرها ولكنها تؤدي في النهاية إلى حجز البنك على العقار ومن ثم يؤول هذا العقار لليهود وهكذا تتم المصادرة بغطاء قانوني (بسيسو، 1985).
  ثالثاً: الآثار السكانية للاستيطان:
وذلك عن طريق التغير في التركيبة السكانية للقدس الشرقية لمصلحة  اليهود، وذلك من خلال الوصول إلى تحقيق التوازن السكاني بين العرب واليهود عن طريق تكثيف الاستيطان وزيادة أعداد اليهود فيها باطراد (دويك، 2004: 139).
وعلى الرغم من هذه المحاولات الإسرائيلية في تغير الطابع السكاني فإن الصراع السكاني لا زال مستمراً، وبخاصة أن معدل  إنجاب المرأة الفلسطينية يفوق بكثير معدل إنجاب المرأة اليهودية الأمر الذي سيفسد على اليهود مخططاتهم، وأن هذا الأمر يقلق القادة الإسرائيليين منذ إعلان دولتهم، وكما قالت جولدا مائير رئيسة الوزراء السابقة أن جسمها يرتعد بكامله عندما تسمع عن ميلاد طفل عربي جديد (تيم، 1990). لذلك بدأت تعلو الأصوات داخل القيادات الصهيونية بأن حل المسألة السكانية لا يتم إلا من خلال عمليات الطرد والتهجير الجماعي العرب، إلا أن جميع الجهود الإسرائيلية باءت بالفشل  كما يقول ميرون بنفنستي رئيس بلدية القدس السابق أن الإسرائيليين فشلوا في معركتهم الديموغرافية. (مصاروة، 2004: 15).

خامساً: المستوطنات الإسرائيلية  في شرقي القدس (الإحصاء الإسرائيلي: 2009):
يضم شرقي القدس اليوم ما يزيد على 38 مستوطنة تخنق المدينة المقدسة، وتشوه طابعها التاريخي والديموغرافي والسكاني، وتمثّل خلايا سرطانية في جسد المدنية المقدسة، والجدول التالي رقم (1) والشكل التابع له يوضحان تلك المستوطنات في شرقي القدس:
جدول رقم (1) المستوطنات الإسرائيلية في القدس 1967- 2009
الرقم
اسم المستوطنة
الموقع
تاريخ الإنشاء
المساحة دونم
عدد المستوطنين
1
مستوطنة آدم
الشمال الشرقي
1984
150
300
2
التلة الفرنسية
حدود البلدية
1969
1500
20000
3
الجامعة العبرية
حدود البلدية
1969
740
2500
4
الحي اليهودي
داخل الأسوار
1967
116
3000
5
أور سميخ
القدس الكبرى
1990
200
3000
6
أرموت هلتسيف
القدس الكبرى
1975
5000
15000
7
إيلي ديفيد
القدس الكبرى
1982
200
900
8
يتسحات زئيف
القدس الكبرى
1982
3800
30000
9
يتسحات أومر
التلة الفرنسية
1985
200
3000
10
نكواع أومر
القدس الكبرى
1969
3000
500
11
تلبيوت الشرقية
صور باهر
1970
1071
4500
12
تسفون يورشلايم
القدس الكبرى
1982
446
26000
13
تلة الطائرة
القدس الكبرى
1991
100
300


الرقم
اسم المستوطنة
الموقع
تاريخ الإنشاء
المساحة دونم
عدد المستوطنين
14
جيعون حدشاه
غرب القدس
1980
900
400
15
هار جيلو
القدس الكبرى
1976
2700
30200
16
جفعات زئيف
بيت إجزا
1975
1550
1200
17
جفعات همقتار
القدس الكبرى
1973
3500
1500
18
جفعات هارادر
غربي القدس
1985
200
3600
19
رمات كدرون
شرق القدس
1984
1000
6000
20
رومات هداسا
رومات هداسا
1991
200
2000
21
رومات أشكول
حدود البلدية
1968
397
20000
22
راموت
حدود البلدية
1973
30000
30000
23
سانهداريا مورج
القدس الكبرى
1973
400
4500
24
عنتوت
شرقي القدس
1982
3500
300
25
كندار
القدس الكبرى
1985
2000
3000
26
مفومودعيم
غربي القدس
1983
2800
3500

الرقم
اسم المستوطنة
الموقع
تاريخ الإنشاء
المساحة دونم
عدد المستوطنين
27
معالية أدميم
القدس الكبرى
1992
2000
50000
28
معالية أدميم2
القدس الكبرى
1978
15000
32000
29
نهلات دفنا
القدس الكبرى
1973
270
13000
30
نفي يعقوب
شمال القدس
1973
17000
18000
31
جفعات هارادار
شمال القدس
1985
200
2000
32
جفعات هارادار2
شمال القدس
1989
250
1000
33
قرية داود
غربي القدس
1995
150
200
34
جبل أبو غنيم
جنوبي القدس
1997
1000
3000
35
معلوت دفنا
جنوب القدس
1968
4700
389
36
جفعات هماتوس
جنوب القدس
1991
170
4000
37
هارحماة
جنوب القدس
1990
1850
5000
38
منتزه كندا
جنوب القدس
1975
400
400

 نتائج:
1- أن الكيان الصهيوني استخدم العديد من السياسيات للسيطرة على الأراضي في شرقي القدس.
2- أن هذه السياسات لا تختلف كثيراً من حكومة ليكودية أو عمالية.
3- أن المستوطنات اليهودية هي مستوطنات عنصرية. لأن كل سكانها من المتطرفين اليهود.
4- أن المستوطنات اليهودية تمثل سياسة تيودور هرتزل الاستيطانية فقط.
5- أن هذه المستوطنات جاءت للسيطرة على الأرض الفلسطينية، وطرد السكان الأصليين منها.

التوصيات:
1- التصدي للنهج الاستيطاني كافةً بالسبل الشعبية والرسمية.
2-  دعم صمود المقدسيين في التمسك بالأرض والحفاظ عليها.
3- توحيد الجهود الفلسطينية والعربية والإسلامية من أجل نصرة القدس والمقدسيين.

المراجع والمصادر:
1- أبو جابر، إبراهيم وآخرون، 1997: قضية القدس ومستقبلها، ط2، دار البشير، عمان، الأردن.
2- إبحيصي، حسن، وعايد، خالد، 2010: الجدار العازل في الضفة الغربية، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ط1، بيروت، لبنان.
3- التوفكجي، خليل، 1994: المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية، جمعية الدراسات العربية، القدس، فلسطين. ص31.
4- التوفكجي، خليل، 2008: الاستيطان في مدينة القدس الأهداف والنتائج، أوراق فلسطينية، المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية، فلسطين، 164- 156.
5- التوفكجي، خليل، 1995: تهويد القدس حقائق وأرقام،  مجلة دراسات فلسطينية، العدد 22، ، 121- 129.
6- التوفكجي، خليل، 2007: الاستيطان الجغرافي والديموغرافي وأخطاره في قضية القدس.
7-  الجندي، سليم، 1986: سياسة الكيان الصهيوني الاستيطانية وآثارها على الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، مجلة شؤون عربية، العدد 48، ديسمبر ص87.
8- ألدقاق، إبراهيم، 1988: السياسة الاستيطانية الإسرائيلية وانعكاساتها على قضية الإسكان الفلسطيني في الأراضي المحتلة، مجلة المستقبل العربي بمصر، العدد 107، 4- 29.  
9- ألدقاق، إبراهيم، 1993: القدس المدينة والمعاش، مؤسسة الأبحاث العربية، عمان، الأردن.
10- العباسي، نظام، 1991:  القدس في التاريخ" صامد الاقتصادي، دار الفكر العربي للنشر والتوزيع، السنة الثالثة عشر، عدد 85، أيلول، عمان، الأردن. ، ص10- 23. 
11- المصري، محمد أحمد، 2000: التخطيط الإقليمي للاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية" 1967- 2000، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين.
12-  بركات، نظام محمود، 1986: الاستيطان اليهودي في فلسطين بين النظرية والتطبيق" مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ، ص46.
13- بسيسو، فؤاد، 1985:  الوطن المحتل بين متطلبات دعم الصمود والتزامات المقاطعة العربية لإسرائيل" مجلة شؤون عربية، العدد42، حزيران ،ص 18.
14- تيم، سعيد 1990: الهجرة اليهودية إلى فلسطين التحدي والمواجهة" مجلة شؤون عربية، العدد 64، ديسمبر . ص 19. 
15- جابر، فايز فهد ، 1985: القدس ماضيها وحاضرها ومستقبلها" دار الجليل للنشر والتوزيع، ط1، عمان، الأردن. ص13-14.
16- جريس، سمير 1981: القدس المخططات الصهيونية الاحتلال التهويد، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ط1، بيروت، لبنان. ص6.
17- حوش، ليوناردو، 1997: تغير معالم القدس والإجراءات الإسرائيلية لتحدبد مصير القدس، معهد الأبحاث التطبيقية، القدس، فلسطين.
18- دويك، موسى القدسي، 2004:  المستوطنات الإسرائيلية  في الأراضي العربية المحتلة، منشأة المعارف بالإسكندرية. مصر ص 44. 
19- ربيع، حامد عبد الله، 1980: الاستيطان والسياسة الإسرائيلية" مجلة قضايا عربية، السنة السابعة، العدد 11، تشرين الثاني، ص80.
20- صالحية، محمد، 2009: مدينة القدس، السكان والأرض (العرب واليهود) 1858- 1948، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، لبنان.
21- عبد الهادي، مهدي، 1978: المستوطنات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية المحتلة 1967- 1977، جمعية الملتقى الفكري العربي، ط1، أيار، القدس، فلسطين.ص60. 
22- عبد الهادي، مهدي، 2007: اجتياح القدس وتغير الواقع" مجلة فلسطين المسلمة، العدد السابع، ، ص25.
23- عوض، محمد عبد العزيز، 1990: الأطماع الصهيونية في القدس" الموسوعة الفلسطينية، ق2، الدراسات الخاصة،مج6، ط1، بيروت، لبنان. ص839.
24- عناب، محمد رشيد، 2001:  الاستيطان الصهيوني في القدس 1967- 1993،  بيت المقدس للنشر والتوزيع، ط1، القدس، فلسطين. ص38.
25- غزال، مرفت، 1997: الاستيطان الصهيوني في القدس" مجلة صامد الاقتصادي، فلسطين عدد107، 88- 109.
26- قاسمية، خيرية، 1979: قضية القدس،  ط1، دار القدس، بيروت، لبنان. ص12.
27- قاسمية، خيرية،1991: قضية المستوطنات اليهودية في الدولة الفلسطينية،الدولة الفلسطينية حدودها ومعطياتها وسكانها، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة.
28-  قيطة، محمد أمير، 2008: المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة" رسالة دكتوراه منشورة، دار المنارة، غزة، فلسطين.  ص289.
29- قهوجي، حبيب، 1978: إستراتيجية الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة" سلسلة دراسات مؤسسة الأرض رقم (5) )،طبعة أولى، دمشق، سوريا. ص35.
30- ليتش، آن1083: المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية" مجلة السياسة الدولية بمصر، العدد 74، أكتوبر ، 122- 132.
31- كتن، هنري، 1985: مفاهيم إسرائيل، سياستها وممارساتها في القدس" جامعة الدول العربية، تونس. ، ص149.
32- محارب، عبد الحفيظ، 1971: الاستيطان في المناطق المحتلة في حرب حزيران" مجلة شؤون فلسطينية، العدد الثالث، تموز، 84- 112.
33- مركز الإحصاء الإسرائيلي، مسح المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية أغسطس 2009. وعددا سكان المستوطنات في الضفة الغربية 2008.
34- مصاروة، إيمان، 2004: الاستيطان في القدس القديمة، مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، بيت لحم، فلسطين.
35- ناجي، طلال، 1987: الاستيطان الصهيوني والمقامة الفلسطينية" دار القدس للنشر والتوزيع، طبعة أولى، عمان، أيلول ، ص14- 15.

المراجع غير العربية:
1- Racem, - Khameyseh. 1989:  Israel Planning and house demolishing policy in the West Bank (copyright passia, Palestinian, Academic society for the study of International Affairs) East Jerusalem December . p.6.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا