التسميات

الأحد، 22 نوفمبر 2015

متطلبات التنمية الحضرية المستدامة في ظل غياب المخططات الإقليمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة - د. مسلم فايز أبو حلو ...


متطلبات التنمية الحضرية المستدامة في ظل غياب المخططات الإقليمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة



أستاذ جغرافية السكان الإسكان المشارك

رئيس دائرة الجغرافيا ودراسات المدن



كلية الآداب - جامعة القدس - فلسطين


مركز جيل البحث العلمي - مقال نشر في العدد الثاني من مجلة جيل العلوم الإنسانية والاجتماعية ص 39 للدكتور مسلم فايز أبو حلو – دائرة الجغرافيا ودراسات المدن، جامعة القدس / فلسطين.


ملخص :

  تستعرض هذ الدراسة متطلبات نجاح عمليات التنمية الحضرية المستدامة في ظل غياب سياسات التخطيط المكاني الأقليمي والوطني في الأراضي الفلسطينية. وتهدف إلى مراجعة السياسات والأجراءات التخطيطية القائمة على المستويات المحلية والأقليمية ، وتحديد مواقع استيعاب عمليات التحضر المستقبلية في ظل المعطيات الحالية. وكذلك إلى تقديم مقترحات وتوصيات بالخطوات المطلوبة لتحقيق التكامل بين الخطط ومستويات التنمية المطلوبة. لتحقيق ذلك وظفت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي لاستعراض ورصد التطور في استخدامات الأرض، من خلال البيانات والمعلومات التي تم الحصول عليها من مصادر مختلفة . بينت الدراسة أن : سيطرة الأحتلال الأسرائيلي على أكثر من 60% من مساحة الأراضي الفلسطينية المحتلة، والواقع الجيوسياسي لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين، والأرث التاريخي التنظيمي للمكان، جميعها عوامل ذات تأثير فعال على واقع، ومستقبل، واستدامة التنمية في الأراضي الفلسطينية. ولتلافي إستمرار التأثير السلبي لهذه العوامل، توصي الدراسة بضرورة إيجاد تنظيم عقلاني ومتوازنً لاستخدامات الأراضي. تتولاه مؤسسات تخطيط كفوءة . 

الكلمات المفتاحية: تنمية حضرية، تنمية مستدامة، مخطط إقليمي، ألأراضي الفلسطينية، النهج التشاركي،المشاركة الجماهيرية، مخططات هيكلية مفروضة، التجديد الحضري .

1 – المقدمة:

  إن ما تمر به الأراضي الفلسطينية المحتلة من ظروف وتتأثر به من أوضاع جيوسياسية معقدة ، وعلى مختلف المستويات والأصعدة الوطنية والأقليمية والمحلية على حدٍ سواء ، تستوجب إعادة النظر بشمولية إلى الوضعية الحالية بالنظام التخطيطي على المستوى الوطني من ناحية ، وعلاقته بمختلف النظم التخطيطية الأخرى بمختلف مستوياتها من ناحية أخرى.وذلك كنقطة بدء لفهم ودراسة ما يمكن تصوره وعمله في مجالات التنمية الحضرية المستدامة على مستوى الحيز المكاني الوطني ككل.

  أما مبررات اللجوء لذلك فتمليها العديد من الأعتبارات الموضوعية التنظيمية والأجرائية الحالية والمستقبلية. وهذا يتطلب أن تدرس بعناية، وأن تحديد أولويات التعاطي بكل منها، وبأوزانها النسبية، حسب علاقاته بالنظام التخطيطي والأقليمى والمحلي على السواء. مع الأخذ بالأعتبار الدروس المستقاة من التجربة التنموية الحالية، على ضوء الأرث التاريخي التنظيمي المجحف ، وأوضاع الحاضر المبهم، وغير المستقر، وما تتضمن من مشروعات إعمار وتعمير على مختلف المستويات التنموية .

   إن رصد وتحليل وفهم هذه الأوضاع ، سوف يسهل كثيرا في رسم خطوات العمل ، واتخاذ آليات له مستقبلاً. كما أنها ستساعد في تحديد التوجهات العامة، عند إستشراف آفاق المستقبل، والتي ستمثل مضمون الأستراتيجية والرؤى الخاصة، بمختلف مستويات، وقطاعات التنمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

1.1 – مشكلة الدراسة:

  نمت المدن والتجمعات الحضرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كغيرها من المدن العربية ومدن العالم الثالث ، نمواً غير موجه، أدى إلى اتساع في رقعتها العمرانية، دونما تنسيق يذكر للإحتياجات المستقبلية لها من خدمات ومرافق. وظلت جميع التجمعات الحضرية في الأراضي الفلسطينية طوال تاريخها الحديث دون مخططات عمرانية، أو هيكلية تذكر، حتى نهاية الثمانينيات من القرن المنصرم، عندما شرعت قوات الإحتلال بوضع مخططات هيكلية مفروضة، أعاقت تحقيق النمو الموجه لها، وجعلتها في حالة من الإضطراب والعجز، غير قادرة على تحقيق التنمية، أو اللحاق بها.

   إن ما أحدثته ظاهرة التحضر في الأراضي الفلسطينية المحتلة – الحديثة نسبياً- ، من تغيرات أساسية سياسية ، واقتصادية ، واجتماعية ، وديموغرافية قد بات ملموسا وواضحاً. إلا أن ماتشهده من تغييرات، نتيجة للتحول الحضري المتسارع ، والمفرط، لا يرجع فقط إلى دور الهجرة المباشر وغير المباشر ، بل يعود أيضاً إلى موضوع إعادة تصنيف المراكز الحضرية، الذي لعب دورا هاما في رفع وتيرة التحضر وتداعياته(1). وبالرغم من أهمية هذين العاملين في نمو هذه الظاهرة، إلا أنهما ليسا الأهم في تشكيلها وفي دينامياتها. فلا يجب أن يتم التعاطي معهما بمعزل عن الأخذ بعين الأعتبار كل من: مخيمات اللاجئين المقامة على أطراف التجمعات الحضرية الكبرى، أو حتى في أحشائها، وما ترتب على سياسات الأحتلال الأسرائيلي ومخططاته، في مصادرة الأراضي، وتضييق مساحات المخططات الهيكلية للتجمعات السكنية، وسياسات التهجير القسري المستمرة، وبخاصة في إقليم القدس. علاوة على ما شهدته الأراضي الفلسطينية من عودة لالآف من العائدين بموجب تنفيذ إتفاقية أوسلو، والذين إستقر معظمهم في المدن الرئيسة بعد عام 1994.

  كذلك يجب الأخذ بعين الأعتبار أيضا، أن ما شهدته المدن الفلسطينية من تحسن في أوضاعها الأقتصادية، ونمو للمراكز الصناعية والتجارية فيها، هي أيضاً من العوامل التي ساعدت من تسارع النمو الحضري وتشكيل مظاهره. 

  لقد شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ السبعينيات من القرن العشرين وحتى الآن تطوراً حضرياً ملفتاً. فقد إرتفعت نسبة السكان الحضر فيها من 10% عام 1967 إلى نحو 73,7% عام 2012 ( 2). وفاقت فيها نسبة الزيادة في سكان المدن الزيادة في أعداد السكان بوجه عام. علاوة على ما تشهده من سوء في التوزيع المكاني للسكان، حيث يتركز 60% من سكان المحافظات الشمالية ( الضفة الغربية) في عشر مدن فقط عام 2007، بعد أن كانت نسبة سكانها لا تزيد عن 10% من مجموع السكان في عام 1967(3) . أدت هذه العوامل مجتمعة إلى خلق أوضاع عمرانية صعبة، يتوقع أن تتزايد تداعياتها في المستقبل المنظور كنتيجة لعدم/ إمكانية التحضير المسبق والجاد لعمليات التخطيط السليم لمستقبل التنمية العمرانية والحضرية الشاملة والمستدامة، التي يتطلب نجاحها إستقلالية وجهداً وعملاً حقيقيا على أرض الواقع. 

   وكذلك فقد فرض إستمرار سيطرة إسرائيل على 60% من أراضي الضفة الغربية، وعدم السماح للفلسطينيين إدارة وتنفيذ عمليات التخطيط بكل مستوياته في 82% من مساحة الحيز المكاني ( الأراضي المصنفة ب و ج بموجب إتفاقية أوسلو) ، (خريطة رقم 1). إفراطاَ حضرياً (Over urbanization ) (4) ، فاق واقعه السكاني والخدماتي القدرة المكانية الأستيعابية من جهة ، وقيَد من إمكانية وضع مخططات تنموية تكفل تنمية حضرية مستدامة. إلا أن هذه الوضعية الحالية الصعبة ، والتي يعتقد البعض باستحالة مواجهتها، يجب أن لا تضعنا في وضعية اليأس والقنوط. ولا بد من الإيمان أن طريق العمل الجاد هو الوسيلة الناجعة لتحقيق النجاح والرفاه.

  إلا أن تحقيق هذا النجاح يتطلب توفر مجموعة عة من المقومات أهمها: إرادة سياسية قوية وواضحة، ومصداقية وإهتمام بالنوايا ، علاوة على توفير الدعم والتطوير لمؤسسات الحكم المحلي، ومؤسسات المجتمع المدني والحرص على تهيئة أجواء التنسيق والتعاون بين أجهزة التخطيط ومؤسسات المجتمع المحلي والمدني.

خريطة رقم (1) تقسيم الأراضي الفلسطينية المحتلة بموجب إتفاقية أوسلو 2 1995.

1.2 – مبررات الدراسة : 

   إن ما ترتب على ظاهرة الأفراط الحضري التي تشهدها الأراضي الفلسطينية منذ نهايات القرن المنصرم من تداعيات سلبية على البيئات الحضرية، ومن تنامي في ظاهرة التكدس الحضري، وارتفاع في معدلات الكثافة السكنية، ونمو في رقعة بيئات السكن غير المنظم، ومن النقص في المرافق والخدمات والبنى التحتية، والتدهور في مستوياتها، وما تعكس جميعا من فقر حضري، وما نجم عنن ذلك من ارتفاع غير مسبوق في أسعار الأراضي، ونمو غير مضبوط في أسواقها غير المنظمة. وما رافق ذلك من صعوبة في توسيع الرقعة المكانية للمخططات الهيكلية القائمة منذ بداية الأحتلال . ومن محدودية في الصلاحيات التخطيطية والتنظيمية للفلسطينيين ، وقيود مكانية مفروضة على الحيز المكاني، يستوجب وضع آليات لضبط وتنظيم عمليات تنموية قادرة على التعامل مع الأحتياجات الآنية والمستقبلية بسرعة ونجاعة، لقناعتها في أن غياب ذلك سيضاعف من تنامي إنتشار التجمعات العمرانية العشوائية التي باتت المعلم المميز في أطراف التجمعات الحضرية وفي أحشائها، بل وحتى في التجمعات الريفية، وفي مخيمات اللاجئين على وجه الخصوص. يؤكد ذلك ما تشير اليه بيانات الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني من أن جميع المخططات الهيكلية للتجمعات الفلسطينية تشهد نمواً غير موجه منذ مستهل التسعينيات من القرن الماضي، خاصة تلك التي تتواجد ضمن حدود المنطقتين المصنفتين ( “أ” و “ب” ) بموجب إتفاقية أوسلو.(5) من هنا تأتي أهمية هذه الدراسة كمحاولة لدق ناقوس الخطر لمشكلة باتت تأرق المواطن والمسؤول في الحاضر والمستقبل على حد سواء ، وتسير بوتيرة متسارعة تلقي بآثار ليس من اليسير ضبطها . وعليه تأتي هذه الدراسة للأجابة على الأسئلة التالية:

1.3 – أسئلة الدراسة :

1 ) ما هي أهم المعيقات التي تحول دون تحقيق تنمية حضرية مستدامة ؟

2 ) ما هي أهم متطلبات تحقيق التنمية الحضرية المستدامة؟

3 ) ما العلاقة بين التنمية الحضرية المستدامة والمخططات التنظيمية المختلفة؟

4) ما دور التخطيط الأقليمي في عملية التنمية الحضرية المستدامة ؟ وما أهمية تفعيل العمل به؟

5) ما التحديات التي تواجه تفعيل التخطيط الأقليمي في عملية التنمية الحضرية المستدامة في الأراضي الفلسطينية ؟ وما أولويات العمل بها؟

6 ) ما هي المقومات والآليات التخطيطية المطلوبة لبناء إستراتيجية وطنية قادرة على تحقيق تنمية حضرية مستدامة؟ 

  وستحاول هذه الدراسة الأجابة عن هذه الأسئلة من خلال البحث عن أدوات وأساليب تستدعي ضرورة التركيز عليها لأغراض التحديث وتفعيل مسيرة التنمية الحضرية المستدامة من خلال تنمية شاملة ومتوازنة.

1.4 – فرضيات الدراسة :

   تقوم هذه الدراسة على فرضيتين رئيستين هما:

الفرضية الأولى : أن غياب التخطيط الأقليمي في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو عامل أساسي في ما تواجهه التنمية الحضرية في الأراضي الفلسطينية من معيقات. 

الفرضية الثانية : أن التخطيط الأقليمي هو الأداة الفاعلة والضرورية لتحقيق مسيرة التنمية الحضرية المستدامة في الأراضي الفلسطينية ولا بد من تطبيقها لتحقيق تنمية متوازنة، ومستدامة، وشاملة، وقطاعية .

1.5 – أهداف الدراسة:

  على ضوء ما ورد أعلاه سعت الدراسة إلى تحقيق الأهداف التالية :

(1) تحديد مفاهيم التخطيط الأقليمي والتنمية الحضرية المستدامة والعلاقة بينهما وبين المفاهيم التنموية والتخطيطية ذات العلاقة.

(2) إبراز أهداف التنمية الحضرية المستدامة المنشودة.

(3) رصد وتحليل أهم التحديات والمعيقات التنموية والتخطيطية التي تعاني منها الأراضي الفلسطينية المحتلة .

(4) إستخلاص مقومات بناء إستراتيجية وطنية للتنمية الحضرية المستدامة ومستوياتها وآليات تنفيذها.

(5) تقديم مقترحات وتوصيات بالخطوات العامة المطلوبة.لتحقيق التكامل بين الخطط ومستويات التنمية المطلوبة.

1.6- منهجية الدراسة:

  لتوفير أساس سليم لعمليات التخطيط المستقبلي ، إعتمدت الدراسة بيانات ومعلومات تبين واقع واتجاه نمو الأستخدامات الحالية للأراضي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من خلال ما وفرته قواعد البيانات لنظم المعلومات الجغرافية حول هذا الموضوع في مؤسسة معهد الأبحاث التطبيقية – أريج حتى عام 2005 ( 6) . ومنشورات الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني خلال الفترة من 1997-2012. حيث وفرت تلك البيانات تحديد الأتجاه العمراني ، والتغيير في أنماط إستخدامات الأراضي في حدود الضفة الغربية المحتلة طيلة الفترة الزمنية من 1996-2012.

  كما واعتمدت الدراسة على استخدام أحدث نتائج الدراسات التي تناولت موضوع تقييم قدرات الهيئات المحلية الفلسطينية التخطيطية، وتحليل الخطط التنموية الإقليمية التي أعدتها المؤسسات الرسمية. إضافة الي معلومات وبيانات من مؤسسات وباحثين تناولوا موضوع التنمية والتخطيط في الأراضي الفلسطينية.

  ووظفت لتحقيق أهدافها وتحليل تلك البيانات المنهج الوصفي التحليلي في استعراض ورصد التطور في استخدامات الأرض، واستعراض معوقات التخطيط والتنمية فيها. ولتحقيق أهداف هذه الدراسة، تلى المقدمة إستعراضا للأدب لتوضيح العلاقة بين التخطيط والتنمية، ومن ثم تقديم خلفية تاريجية توضح تطور التخطيط والتنمية في الأراضي الفلسطينية وتوضيح أهدافها، وتحديد معيقاتها. ثم خلصت الدراسة باستعراض لمقومات الأستراتيجية الوطنية للتنمية الحضرية المستدامة المنشودة للأراضي الفلسطينية بكافة مستوياتها ، إختتمت بتقديم توصيات ومقترحات لآليات تنفيذها.

2 – التخطيط الاقليمي والتنمية الحضرية المستدامة:

   باتت الحاجة إلى استخدام أسلوب التخطيط الإقليمي كأحدى عوامل نجاح ، ومرتكزات التنمية أكثر إلحاحاً. فهو الأداة الأساسية لدفع عملية الأصلاح، والتنمية الاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية، في مسارها الصحيح. والأسلوب الأمثل، الذي يأخذ البعد المكاني لعملية التنمية بعين الأعتبار، لأذابة الفوارق الأقتصادية والا جتماعية بين أقاليم الدولة. والوسيلة الأنسب لتطبيق أفضل الطرق العلمية لتحقيق أحسن إستغلال للموارد الطبيعية والبشرية المتاحة (7). يؤكد ذلك ما صدر عن الأمم المتحدة في عام 1955 في تقرير مؤتمر الأسكان وتنمية المجتمع من أن” أسلوب التخطيط الأقليمي هو وحده القادر على معالجة المشكلات التي تصاحب النمو السريع والأزدحام المخيف في المدن ، بما يقدمه من وسائل علمية وطرائق فنية لتحقيق التنمية المتوازنة للمناطق الريفية والحضرية على السواء في جميع أنحاء البلاد ( 8).

   لقد أدت الفوارق الكبيرة بين أجزاء الدولة الواحدة المترتبة على عفوية عمليات التحضر والتصنيع التي شهدتها التجمعات الحضرية بوجه عام ، وفي دول العالم النامي بوجه خاص ، إلى زيادة الحاجة إلى تبني أسلوب التخطيط الأقليمي كأسلوب أفضل يمكن من خلاله مواجهة ما تشهده من مشاكل اجتماعية واقتصادية وبيئية شتى. إذ يعتقد الكثير من الباحثين أنه الأسلوب الأمثل لمواجهة ما حل بها من إرتفاع في معدلات التزاحم ، أو تدني في مستوى الخدمات، أو نقصها. ولتخفيف الضغط الواقع على المدن والمساعدة في تطوير مناطق الريف وتنميتها ( 9) .

   لقد تبنت دول العالم إجراءات تنموية وتطويرية في إطار تخطيط إقليمي لمواجهة ما يعترض سبل تنمية مجتمعاتها وبيئاتها من مشاكل. معتقدة أن دور التخطيط الأقليمي سيتمثل في تحقيق نمو متكافيء بين الأقاليم، وسيساعد على القضاء على الفوارق بينها، ويتيح مشاركة فاعلة لسكانه ، ويحد من العيوب الناجمة عن الأتجاهات التلقائية في مجالات الهجرة وتوزيع الخدمات ، وتوطن الصناعة (10). في الوقت ذاته تؤكد أدبيات البحث أيضاً، على أهمية تطبيق أسلوب التخطيط الأقليمي في سياق التخطيط التنموي من خلال العلاقة التكاملية بين كل من التخطيط القومي والتخطيط الأقليمي. وتشدد على حقيقة أن نجاح مشروعات التخطيط القومي لن تتحقق إلا بنجاح التخطيط الأقليمي. فمن خلاله تتم الترجمة العملية للخطط والسياسات القومية إلى مشاريع وحقائق بعد تنفيذ الأجراءات المطلوبة لذلك. كما وتتجلى العلاقة التكاملية بينهما من خلال تحديد أهداف مراحل التخطيط الأقليمي، بشقيه القومي والمحلي على حد سواء.

   أما على صعيد أهمية ودور التخطيط الأقليمي في نجاح الخطط التنموية واستدامتها ، فتؤكد الدراسات السابقة أن التخطيط الأقليمي بمستوياته المختلفة ، ما هو إلا تعبير صادق عن الإقليمية ( regionalism ). أو ما يعبر عنه “بالعدالة الأجتماعية ” ، التي تهدف إلى إذابة الفوارق الطبقية بين الأقاليم إلى أقصى حد ممكن.

  وعلية لا بد من إزالة، أو الحد من التفاوت في أحجام الأقاليم، وتراكيبها ، ومواردها، لتحقيق الشراكة الفاعلة بينها (11) ، على أن تتولى الدولة التنسيق لذلك ، والمحافظة عليه، من خلال إعادة توزيع الأوزان البشرية والحضارية بين أقاليم الدولة، بما يكفل تحقيق تنمية مستدامة وديموقراطية مكانية. وتضيف إلى ما سبق ، أنه الوسيلة الأنسب لإلغاء أثر العوامل العارضة بكافة أنواعها – التي أدت إلى، أو ستؤدي إلى- خلق فروق مجتمعية ، وإلى تحقيق التوازن بين الأقاليم (12). وهو في الوقت ذاته الأسلوب الأفضل تبنيه لتحقيق التنمية، والعدالة ، أو ما يعبر عنه ” باشتراكية المكان” ، تلافياً لما قد يكون سائداً من تباين تنموي يعبر عنه ” بالأقطاع المكاني” (13) ، الذي تحتكر فيه مساحة قليلة أكبر قدر من ثمرات الحضارة. يؤكد ما ذكر أعلاه أن أسلوب التخطيط الأقليمي، وتطبيقة سيؤدي بالنهاية إلى تحقيق للعدالة، وزيادة في حجم الثروة والدخل القومي على حد سواء . وبالتالي فإن العدل المنشود سيكون الطريق إلى فهم الأستراتيجية الأقليمية، والدليل على سياسة تخطيطية واعية ومستدامة.

  لقد أدركت الهيئات الدولية المختصة ذلك، منذ زمن بعيد ، وكررت تلك الهيئات وعلى رأسها منظمات الأمم المتحدة صاحبة الأختصاص دعواتها في أكثر من مناسبة بضرورة التزام كل دولة بسياسة تحضر محددة ، تحقق من خلالها تحسين للبيئة الحضرية، وتهتم بواسطتها بتنمية المدن المتوسطة والصغيرة ، على أن توظف لها أساليب حديثة للتخطيط ، تنفذ من خلالها مشروعات التنمية الحضرية فيها (14). 

   إن ما للعلاقة بين التخطيط الأقليمي والحضري من أهمية لا يعني إغفال دور وأهمية موضوع الأدارة وأنواعها ومستوياتها فقد تناولت العديد من الدراسات هذا الموضوع (15). وبينت أن الأدارة اللامركزية هي الأكفاء في تحقيق مشاركة شعبية أفضل (16)، ، وفي تحديد الأهداف التنموية بدرجة أدق (17 ). وأشارت إلى أهمية دور المدينة في الأولويات التخطيطية وبينت أن المدينة هي قطب الرحى والمحور الحيوي في التنظيم الأقليمي ، ولضمان شبكة من القيم الحضارية المتكافئة في جميع أجزاء الدولة لا بد من توزيع أوزان المدن على مساحة الدولة الواحدة ، وهذا بدوره يتطلب إيجاد شبكة من العواصم الإقليمية الطبيعية ، ومن أحجام معقولة تشكل فيما بعد القواعد الحضارية لأقاليم الدولة. وحثت على ضرورة معالجة خلل ربط أقاليم الدولة بالعاصمة المركزية الذي تسبب في كثير من الدول ومنها ” دولة فلسطين” عجزاً للأقاليم عن إمكانية إعالة المدن الإقليمية الأخرى ، وأفقدت تلك المدن حاجة أقاليمها إليها ، وفقدت على ضوء ذلك قدرتها على تقديم الخدمات المطلوبة منها.

   وعلية فإن غياب التخطيط الأقليمي لفلسطين من وجهة النظر الفلسطينية ، يتطلب تحديث الإدارة البلدية حوله ،لوقف ومعالجة ما ترتب عن غيابه -ولفترة طويلة من الزمن وحتى الآن- من نتائج سلبية على كافة القطاعات التنموية، ومنها التنمية الحضرية على وجه الخصوص. ويُعتقد أنه العلاج الذي سيسهم بفعالية في منع التوسع العمراني العشوائي غير المخطط له، سواءً حول المدن الرئيسة، أو في أحشائها ، أو حتى في المتصل الريفي منها. ويحافظ على الإتصال المكاني والاجتماعي بين التجمعات العمرانية والبيئية المحيطة بها، إضافة إلى ما يمكن تحقيقة من حفاظ على المواقع الطبيعية والتاريخية، والمناطق ذات الأهمية البيولوجية . علاوة على ما سيسهم به من منع لتآكل الأراضي الزراعية، والمحميات، والمواقع الأثرية على حد سواء.

   لقد تنامى اهتمام الحكومات والمؤسسات على مختلف مستوياتها بموضوع التخطيط الإقليمي والتنمية الحضرية، وذلك من خلال سياسات التطوير والتحديث التي تنتهجها، والتي تسعى إلى تجسيدها ضمن مخططاتها المستقبلية. لقد أولت مؤسسات التخطيط في دول العالم المختلفة إهتماما وحرصاٌ مميزين على ترسيخ وإدماج البعد المكاني والحضري ضمن مكونات خططها وبرامجها وسياساتها، بل واستراتيجياتها سواء على المستوى القطاعي، أو حتى على المستويات الوطنية، والإقليمية، والمحلية، من خلال إعتماد النهج التشاركي بين الحكومة المركزية، وأجهزة الإدارة الإقليمية والمحلية من جانب، وبين القطاع الخاص والمجتمع الأهلي من جانب آخر ( 18). وشرَعت لتحقيق ذلك قوانين تشريعية، شكلت بدورها قواعد قانونية، استند إليها التخطيط الوطني والإقليمي فيها ، وأتاحت الفرصة بذلك لتحديد البنى المؤسساتية المطلوبة لضمان جودة التخطيط، والتنسيق بين الجهات الحكومية.

  وفي هذا السياق حاولت الحكومات الفلسطينية المتعاقبة، منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية بتولي مهماتها عام 1996 وحتى الآن، تبني مثل هذه السياسات والتوجهات التخطيطية، إلا أن جهودها في هذا الصدد ظلت محدودة، وقاصرة عن بلوغ الغايات والأهداف المنشودة والذي يعود إلى الوضع الجيوسياسي القائم على الأرض، وإلى الإجراءات والسياسات الأسرائيلية التي هي في الأصل معاكسة في الأتجاهات والأهداف لتلك المطلوبة وطنيا على المستوى الفلسطيني.

  وتؤكد أدبيات البحث أيضاً أن العلاقة بين كل من التنمية المستدامة ، والتخطيط حتمية وضرورية. فإذا كان المقصود بالتنمية المستدامة ” تلبية إحتياجات الحاضر دون المساس بقدرة المستقبل والأجيال القادمة على تلبية إحتياجاتهم” (19). وبالتالي فإن معنى التنمية العمرانية “الحضرية” ، هو “”تحسين نوعية الحياة في المدينة ، ويتضمن فضلاً عن ذلك الجانب العمراني ، والجانب البيئي، والثقافي، والسياسي، والمؤسسي، والاجتماعي، دون ترك أعباء للأجيال القادمة، وأن طموحنا هو التوصل إلى المبداء الذي يقوم على أساس التوازن بين الموارد والطاقة، وكذلك بين المدخلات والمخرجات الحالية التي تؤدي دوراً مهماً في جميع القرارات المستقبلية للتنمية في المناطق العمرانية (20) ، بينما يعني التخطيط ببساطة “التفكير المنطقي والعقلاتي، الذي يمارس من خلال الجميع ، وعلى كافة المستويات. ويتعلق بتصور ورؤية لوضعية معينة في المستقبل ، مطلوب الوصول اليها، ويتطلب تحقيقه وضع الوسائل والأجراءات الكفيلة لنجاحها، والذي تتعدد صفاته بتعدد مستوياته وقطاعاته(21) . فإن معنى مفهوم التخطيط العمراني ببساطة هو ” أداة ووسيلة لتحقيق المصلحة العامة، لكافة قطاعات وفئات المجتمع ، يتم من خلال وضع تصورات ورؤى لأوضاع مستقبلية مرغوبة ومفضلة، لتوزيع الأنشطة والأستعمالات المجتمعية للحيز المكاني المناسب في الوقت المناسب. بما يحقق التوازن بين احتياجات التنمية في الحاضر والمستقبل القريب من ناحية، وبين احتياجات التنمية لأجيال المستقبل البعيد من ناحية أخرى. من هنا يتضح أن التكامل والترابط بين هذه المفاهيم واضح وجلي ، وبالتالي فإن الترويج لها وتحقيق إستدامتها يتطلب تحديثا إداريا يضمن الوصول إلى اللامركزية الإدارية، ويتبنى مناهج تخطيطية تراعي الأخذ بكافة العناصر الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بالاعتبار، وتربط بين حاجات المناطق من الأستثمارات والعمالة، وتحقيق القيمة المضافة، وتقديم خدمات أفضل، وبين الواقع الجغرافي والبشري وإمكانية تطويرها في المستقبل. ولن يتسنى تحقيق ذلك بالطبع إلا من خلال خلق مناخ ملائم يوفر أجواءً إيجابية للتعاون بين جهود المخططين والاقتصادين عند الشروع بالتخطيط لتحقيق بنية أفضل وخدمات تؤمن للسكان حاجاتهم الأساسية والضرورية.

  وترى العديد من دول العالم أن تبني أسلوب التخطيط الإقليمي اللامركزي هو الأسلوب الأنجع القادر على إيجاد توزيع عادل نسبي لسلطة صنع القرار والإستثمارات والموارد في داخل الدولة. والذي يتيح من خلال تطبيقه إلى تتنازل هيئات التخطيط الإقليمي عن جزء من صلاحياتها لصالح هيئات التخطيط المحلية، التي تتعايش ومشاكل السكان المحليين بشكل دائم، وتدرك أسبابها وأبعادها. علاوة على أن تبنيه سيمكن من إيجاد الإتصال المباشر والمستمر بين هيئات التخطيط الإقليمي والسكان، ويسهل من الحصول على البيانات والمعلومات الدقيقة الموضحة لحالتهم وظروفهم. فمن خلال تبنيه يمكن الوصول إلى الموارد والأستثمارات الى مختلف مناطق وأقاليم الدولة، وتقليل الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بينها، وتعزيز فاعلية هيئات التخطيط المركزية من خلال تخلصها من العديد من المهمات والصلاحيات للهيئات الإقليمية والمحلية. وهذا بدوره يوفر مزيداً من الوقت للأشراف والمتابعة .ويسهل توفير إيجاد هيئات تخطيط إقليمية لمتابعة ومراقبة أفضل المشاريع التنموية والعمل على تحقيقها (22) .

   ويتطلب بناء نظام تخطيطي إقليمي لا مركزي فاعل وكفوء ومؤثر ، توفر إرادة السياسية ورغبة حقيقية لدى الحكومة المركزية في الدولة، على أن يتلو ذلك خطوات تطبيق تخطيط إقليمي لا مركزي شامل بكل ما تعنية الكلمة من معني. تتساير معه عمليات تحديد دور ومهام الإدارات الإقليمية للهيئات والجمعيات الأهلية وغير الحكومية. على أن يتم ذلك في جو من بناء للوعي والثقافة السياسية عند سكان الإقاليم، تتولاه الحكومة المركزية ، توضح من خلاله أهمية وأهداف الإدارة اللامركزية. ولن يتحقق ذلك إلا من خلال توفير كافة الأحتياجات والمتطلبات اللازمة لعمل الهيئات التخطيطية من بنى التحتية وكفاءات، لتمكينها من إنجاز المهمات الموكلة إليها بنجاح وكفاءة (23). 

3 – التخطيط المكاني في فلسطين:

3.1 – فترة ما قبل قيام السلطة الوطنية الفلسطينية:

  تأثر التخطيط المكاني والعمراني الفلسطيني بشكل خاص تاريخياً بالأحداث والأنظمة السياسية التي توالت على فلسطين منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر وحتى الوقت الحاضر . فمنذ أواخر فترة الحكم العثماني وحتى عام 1996- حيث تولت السلطة الوطنية الفلسطينية الصلاحيات الأدارية والمدنية بموجب إتفاقية أوسلو وما تلاها من إتفاقيات -، ظلت السلطة المركزية هي المسؤولة عن تشكيل السلطات والهيئات المحلية، وليس المجتمع المحلي نفسه، مما جعل هذه السلطات مرتبطة بالسلطة المركزية في إطار من التبعية السياسية والإدارية، مما أدى إلى الحد من استقلالية تلك السلطات في مجال تقديم الخدمات. وقد أنعكس أثر ذلك سلبياً على نوعية هذه الخدمات، وعلى قدرتها في تلبية احتياجات ورغبات المجتمع المحلي الفلسطيني (24) .

  فقد أكدت نصوص قانون إدارة الولايات العثماني الصادر عام 1871، والمادة 111 منه، وما تضمنه قانون البلديات العثماني لعام 1877 على قيود أرتباط البلديات بالسلطة المركزية ، وعملت على تعزيز المركزية الأدارية، وقلصت من دور الهيئات المحلية وحدت من صلاحياتها . ولم تبتعد مضامين ونصوص القوانين الأنتدابية البريطانية عن تلك التوجهات ، فقد نص ” نظام الهيئات المحلية ” الأنتدابي الصادر عام 1921 على إختيار الهيئات المحلية وممثليها من قبل الأدارة العسكرية وحددت عدد الهيئات المحلية العربية وعملت على زيادة عدد الهيئات اليهودية سعياً منها لتحقيق إقامة ” وطن قومي لليهود في فلسطين”. ثم ما لبثت أن قامت بألغاء قانون البلديات العثماني الذي بقي ساريا في عام 1934 ، واستبدلته بقانون جديد للبلديات إتسم بتشديد المركزية في الأدارة المحلية. وأعطى للسطات العسكرية سلطة مطلقة. كما أورثت سلطات الأنتداب فلسطين قوانين تخطيطية ظلت سارية منذ عام 1922 حتى عام 1955 .

   تلى ذلك تقسيم فلسطين إلى ثلاثة مناطق إدارية هي: إسرائيل ، والضفة الغربية، وقطاع غزة. وقد خضع كل واحد منها لإدارة سياية مختلفة . تولت إسرائيل التخطيط الأدارة ل 78% من فلسطين ، في حين خضعت الضفة الغربية للسيادة الأردنية التي أبقت على قانون التنظيم الأنتدابي ساريا مع بعض التعديلات حتى عام 1955 وعملت على تعديله عام 1966. أما قطاع غزة فقد خضع للسيادة المصرية التي استمرت في تطبيق القوانين التنظيمية البريطانية الصادرة عام 1936 مع إجراء تعديلات جزئية عليها حتى عام 1967.

   لقد ساهم التقسيم السياسي والأداري في تغيير جزئي بمضامين وقوانين التخطيط العمراني ومؤسساته ، إلا أن روحه وماهيته بقيت كما هي. وبما أن هذه القوانين وما يتبعها من هيكليات تنظيمية هي بحد ذاتها قوانين وتنظيمات مفروضة أصلا تم تصديرها لفلسطين من دول ومجتمعات تختلف عنها من النواحي الثقافية والأجتماعية والبنيوية والسياسية والأدارية ، والتي تم فرضها على المجتمع الفلسطيني دون أن تكون ملائمة لاحتياجاته وتطلعاته، بقدر ما ترمي اليه من تحقيق لاستراتيجيات وأهداف بعيدة كل البعد عن خدمة المواطن الفلسطيني فإنها لن تكون أساسا يمكن البناء عليه مستقبلا. 

   أما ما يتعلق بالفترة التي تلت احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 ، وحتى مباشرة نقل الصلاحيات من سلطات الإحتلال الإسرائيلي إلى مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، فقد تميزت في قيام اسرائيل بإقامة، وتشكيل، هياكل تخطيطية ظلية تابعة عملياً لمؤسسات التخطيط الإسرائيلية، رافقها قيامها بإجراء تعديلات لقوانين التخطيط ومؤسساته، بموجب أوآمر عسكرية بما يتناسب مع زيادة الضبط والرقابة الإسرائيلية على التطور العمراني في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما تم خلال هذه الفترة إعداد مخططات هيكلية محلية لبعض المدن، ولاحقاً لمعظم القرى، وكذلك إعداد مخططات إقليمية شاملة وقطاعية لبعض المناطق في الأراضي الفلسطينية، كالمخطط الأقليمي الجزئي الصادر بموجب الأمر العسكري رقم 50 عام 1979. وكان الهدف منها جليا وواضحا يرمي إلى تحقيق تنظيم الحيز الإقليمي لصالح الأهداف الإسرائيلية(25).

     أما مشاركة الفلسطينيين في مؤسسات التخطيط المكاني وإدارته خلال هذه الفترة فقد ظلت محدودة وشكلية في الغالب . فقد شارك الفلسطينيين في عمليات إعداد مخططات محلية في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي. لبت بشكل محدود جزء من احتياجات الفلسطينيين، إلا أن معظمها لم تلق قبولاً وتصديقاً من قبل سلطات الإحتلال الإسرائيلي، التي كانت تمتلك السيطرة على إتخاذ القرار بشأن هذه المخططات. تلى ذلك قيام بعض المؤسسات الوطنية البلدية في الأراضي الفلسطينية إعداد مجموعة من المخططات الهيكلية لبعض المدن والقرى فلسطينية تمت بأيدي مهنيين فلسطينيين وذلك خلال الفترة من ( 1985-1993) (26).

3.2 – فترة ما بعد مجيء السلطة الوطنية عام 1994.

   لم يتغير الوضع كثيراً بعد تولى السلطة الوطنية الفلسطينية للعديد من الصلاحيات المدنية بعد عام 1994. فبالرغم من إسناد كامل الصلاحيات المدنية للسلطة الوطنية الفلسطينية داخل حدود المنطقة المصنفة (أ) و (ب) ، إحتفظت إسرائيل بكامل الصلاحيات ضمن حدود المنطقة المصنفة (ج) والتي تشكل ما نسبته قرابة 60% من مساحة الضفة الغربية، ولا تشكل حيزاً مكانيا مفصولا عن المنطقتين (أ و ب) بل تتداخل معهما. ( أنظر خريطة رقم 1). أضف إلى ذلك أن الإتفاق يمنع السلطة الفلسطينية من إجراء أي تخطيط للمناطق الواقعة ضمن حدود المنطقة المصنفة (ب) إلا بموافقتها ، وهذا يعني أن صلاحيات التخطيط الممنوحة للسلطة الفلسطينية بموجب ما نصت عليه الأتفاقيات ظل محصوراً ضمن المنطقة (أ) فقط والتي لا تزيد مساحتها عن 12.8% فقط من مساحة الضفة الغربية.

   وبالرغم من أن مخططات التنظيم التي يشملها القانون والأنظمة المعمول بها والسارية نظرياً كل من : المخططات الإقليمية، المخططات الهيكلية، المخططات التفصيلية ومخططات تقسم الأراضي. وأن دائرة التنظيم المركزية هي التي تتولى مهمة تحضير المخططات الإقليمية التي يتوجب أن تكون الأساس الذي تبنى عليه المخططات الهيكلية المحلية. والتي تتناول التخطيط لكل إستخدامات الأراضي ، فقد بقيت الأراضي الفلسطينية تعتمد مخططين إقليميين هما مخطط لواء القدس المعروف ب RJ5 ، والمخطط الإقليمي للواء نابلس المعروف ب S15، اللذين أعدا في سنة 1942 وفقاً لقانون تنظيم المدن رقم (28) لسنة 1936 الصادر في عهد الأنتداب البريطاني. وهما المخططان الإقليميان الوحيدان اللذان أعدا في الضفة الغربية. واللذان إقتصر إستعمالهما في فترة الأحتلال وحتى الآن على منح أو رفض رخص البناء في المناطق التي لا تقع ضمن مخطط هيكلي محليضمن السيادة الفلسطينية. أما إسرائيل فلم تلتزم إسرائيل بهما، بل عملت على إعداد مخططات جزئية لتحقيق مشاريعها الأستيطانية كمخطط الطرق، ومخطط الجدار، ومخططات تتعلق بمدينة القدس. علاوة على ذلك فرضت ما نصت علية المادة (28) من قانون التنظيم قيوداً على حق التصرف في الأرض على سبيل تنظيم المنطقة. وتسببت في شل إفراز قطع الأراضي الكبيرة خاصة الواقعة ضمن حدود البلديات. وترك التنظيم والتخطيط على المستوى القطري للجان التخطيط المركزية رغم سماح القانون بمشاركة السكان من خلال ممثليهم في سلطات الحكم المحلي.

   أعادت السلطة الفلسطينية بعد عام 1994 بناء الحكم المحلي، وتشكل من مستويين، أحدهما يتمثل في الحكومة المركزية ( وزارة الحكم المحلي)، والآخر يتمثل في السلطات المحلية نفسها ( البلديات والمجالس المحلية ). وميز قانون الهيئات المحلية الصادر عام 1997 بين نوعين من السلطات المحلية وهما :البلديات، والمجالس القروية، والتي تقع غالبيتها في المناطق المصنفة “أ” و “ب”. مع أن حدود بعض هذه السلطات تقع في مناطق مصنفة “ج”. وفي الوقت الذي ظلت فيه حدود مخططات البلديات معروفة ومصادق عليها. ظلت حدود المجالس المحلية غير معروفة وغير معترف بها رسمياً. ونصت بعض الأنظمة الداخلية في القانون على إعطاء صلاحيات قانونية لأنواع أخرى من السلطات المحلية، علاوة على ما ذكر أعلاه، مثل مجالس الخدمات المشتركة ولجان التخطيط الإقليمية، والإتحاد الفلسطيني للهيئات المحلية.

    وتم أعادت تصنيف جميع الهيئات المحلية من قبل وزارة الحكم المحلي منذ عام 1994 لتحديد درجة قدرتها المالية والإدارية. حيث صنفت البلديات التي كانت موجودة منذ 1967، والتي تمتلك خبرات في الإدارة المحلية بـ “أ” أو “ب”. أما الهيئات التي شكلت بعد مجيء السلطة فقد صنفت ب ، “ج”، “د” أو “هـ” بالرغم من المفارقة في أدائها. وتولت المؤسسات المعنية في السلطة الوطنية الفلسطينية مهمة تعديل وسن وإصدار التشريعات والقوانين المعمول بها حاليا. واعتمدت في الأساس على التشريعات والقوانين المعمول بها خلال فترة الإحتلال، أو ما قبلها . وأنشئت أجهزة وطنية تتولى مهام التنفيذ والأشراف، منها على سبيل المثال لا الحصر أجهزة التنظيم والبناء، والتي إعتمدت في تكوينها، وعملها على قوانين التنظيم التي سبقت الإحتلال الإسرائيلي عام 1967م، إضافة إلى بعض التعديلات التي أدخلت من قبل سلطات الاحتلال(27). 

   أما على صعيد مستويات أجهزة التخطيط، فقد تم إعتماد ثلاثة مستويات لأجهزة التخطيط حسب القانون الأردني وهي: مجلس التنظيم الأعلى، اللجان اللوائية أو الإقليمية في المحافظات، واللجان المحلية في المدن والقرى. وكانت مزدوجة بين قطاع غزه والضفة الغربية. ولم يتم إعداد مخططات هيكلية أو إقليمية أو لوائية للمحافظات بسبب عدم وجود تواصل جغرافي بين المحافظات الشمالية بسبب تداخل حدود منطقة (ج) مع منطقتي (أ) و (ب) (28). 

   نتيجة للأجراءات الأدارية تلك ازداد عدد الهيئات المحلية من (141) هيئة محلية (ما بين بلدية ومجلس قروي) قبل قيام السلطة الفلسطينية في العام 1994م إلى (510) هيئات في العام 2004م. ليرتفع العدد إلى (562) هيئة حتى عام 2009(29). خريطة رقم 2). وتشمل هذة الهيئات جميع التجمعات السكانية في الضفة الغربية وقطاع غزة موزعة بين بلدية أو مجلس قروي أو لجان مشاريع (في التجمعات الصغيرة) (30). وأسند إلى البلديات صلاحيات التخطيط والتنظيم وتراخيص الأبنية بالتنسيق مع اللجنة المركزية للتنظيم والبناء ومجلس التنظيم الأعلى، وشرعت في إعداد مخططات هيكلية أو استأنفت إعداد مخططاتها الهيكلية. أما وزارة الحكم المحلي فقد تولت مسؤولية التخطيط الهيكلي والعمراني للمدن والقرى (المستوى المحلي).

  لم يواكب هذا التطور الكمي تطور نوعيا في نمط الإدارة، وحجم الموازنات المخصصة، ودمقرطة إدارة قطاع الحكم المحلي، من حيث توسيع الصلاحيات، وتنويع التمثيل السياسي والاجتماعي في هيئاته. بل بقيت صلاحيات الهيئات المحلية بموجب القانون، صلاحيات محدودة جدا. يتضح ذلك من خلال الرجوع إلى القوانين المطبقة . فقد تم حصر صلاحيات هذة السلطات في تنظيم البناء والأسواق العامة والنقل والمرور والمتنزهات، في حين حرمت من حق الصلاحية الفعلية في مجال التعليم والشؤون الاجتماعية، أو الخدمات الصحية، وفضلا عن الصلاحيات الإدارية المحدودة فان القانون رقم (1) لسنة 1997 لا يسمح بهامش معقول من الاستقلالية في وضع هذه الضرائب والرسوم. وعلية فقد اقتصر عمل معظم الهيئات المحلية علي تقديم الخدمات ومشاريع البنية التحتية، كما قامت بعض البلديات بتنفيذ بعض المشاريع الثقافية والاجتماعية، ولكن بشكل محدود، وذلك حسب وفر الدعم المالي لتلك المشاريع، بالإضافة إلى تعاون هيئات محلية أخرى ووزارة الحكم المحلي.

  أما على صعيد وضع إستراتيجيات التخطيط الوطني وإعداد المخططات الأقليمية فقد تولت وزارة التخطيط والتعاون الدولي هذه المسؤوليات. وكشفت نتائج تقريرها الذي أصدرته حول واقع ظروف قطاع الأسكان أن كلا المنطقتين الريفية والحضرية اللتان تحتويان 93.5% من الوحدات السكنية في الأراضي الفلسطينية هما بحاجة ماسة للتطوير(31)، وأكد تقريرها على أن ما نجم عن سياسات الأحتلال في تلك المناطق وبالذات منعه توسيع حدود المخططات الهيكلية للمدن والقرى، وما شهدته المناطق الحضرية الفلسطينية من إلأفراط في أعمال البنية التحتية، وزيادة الكثافة السكانية داخل مناطق البناء القائمة، وانتشار في أنماط السكن غير المنظم، وما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة من هجرة للسكان الريفين وغيرهم كلها مجتمعة أسبابا أدت الى تفاقم الأزمة العمرانية. ويؤكد التقرير أيضا على أن ما يمر به سكان الأراضي الفلسطينية من ظروف معيشية واقتصادية صعبة، ومتناقصة، بسبب النمو السكاني والتطور الحضري غير الملائم، وما أضيف لها بعد ذلك من حصار وإغلاق، وتفاقم في الأوضاع الاقتصادية، سيجعل الأمر أكثر سواء.

   وعليه إرتأت الوزارة تبني سياسة تهدف الى ضمان التمايز للمدن والقرى من خلال عملية التوسع العمراني من أجل تمكين التجمعات الريفية من جذب السكان المقيمين فيها. ومع هذة التمنيات فقد أفشلت الظروف الجيوسياسية هذة الرؤى، وعطلت حتى من متابعتها منذ انطلاق الأنتفاضة الثانية. إلا أن الجهود الرسمية توالت في محاولات لوضع سياسات واستراتيجيات عمرانية قصيرة الأجل، تمكَن من الصمود أولا، وتضمن تحقيق الحدود الدنيا من توفير الأحتياجات الظرفية. ومع ذلك فقد تعثر الكثير منها بسبب ما يكتنف الوضع السياسي من ضبابية وغموض. أما الآن فتسعى الجهات المختصة كوزارة التخطيط والحكم المحلي على إبقاء المخططات الأساسية إطاراً عاما، ليشكل مستقبلا، وأساسا، وإطاراً، لوضع مخططات إقليمية في المحافظات وكذلك في المدن المركزية، مع أنه مازال بحاجة إلى تفصيل من حيث تقسيمه إلى مراحل، ووضع أولويات حسب الإمكانيات لإنجازه(32). 

4 – الوضع الراهن لاستخدامات الأراضي :(الضفة الغربية).

    أعادت السلطة الفلسطينية التقسيمات الإدارية بحدودها القديمة التي كانت موجودة في الضفة الغربية فترة الحكم الأردني . حيث قسمت الضفة الغربية إلى إحدى عشر منطقة إدارية . إلا أنها لم تلتزم بالتشريعات التي حددتها رغم ما نص عليه القانون الأساسي الفلسطيني ، ولا ما ورد من تحديثات في عام 2009م (33). وفي الوقت الذي لم تشهد فيه الأراضي الفلسطينية تغييرات كبيرة في أنماط إستخدامات الأراضي خلال الفترة منذ عام 1967 وحتى عام 1994 ، ( قبل توقيع إتفاقية أوسلو) ، فقد تميزت الفترة الممتدة منذ عام 1994-2012 بتغيرات واضحة وكبيرة في إستخدامات الأراضي وبالذات في نسبة مساحات الأراضي المبنية فلسطينياً وإسرائيلياً ( الأستيطان).

   إلا أن الزيادة في نسبة مساحة الأراضي المشغولة بالبناء لم تكن نتيجة لتوسيع حدود المخططات الهيكلية للتجمعات السكنية الفلسطينية. بل داخل حدود تلك التجمعات التي لا زالت كما هي منذ إحتلال إسرائيل لها عام 1967، باستثناء تلك الواقعة ضمن الأراضي المصنفة (أ) بموجب إتفاقية أوسلو. والتي نالت حظ الأسد من تلك الزيادة. في حين كانت الزيادة في نسبة الأراضي المشغولة بالبناء في بقية التجمعات ومعظمها يقع ضمن الأراضي المصنفة (ب) على حساب الأستخدامات الأخرى وبخاصة الزراعية والترفيهية والخدمية منها، مما خلق ظاهرة من التكدس الحضري التي قلما نجد لها مثيلا في الأقطار العربية المجاورة. هذه الظاهرة التي ترتب عليها العديد من المشاكل ، الاجتماعية والاقتصادية والبيئية علاوة على صبغتها السياسية . وما سترتب عليها من تداعيات باتت عقبات كأداء أمام تحقيق حياة عيش كريم للمواطن في الوقت الحاضر المنظور، فكيف إذا ما لم تتم معالجتها وأضيف لها ما تتعرض له الأراضي الفلسطينية المحتلة من عمليات تهويد واستيطان وعدم إستقرار سياسي. 

  صحيح أن الوقوف على واقع جميع المؤشرات التنموية أمراً لا مفر منه ، وخطوة أساسية لفهم الواقع ولرسم صورة المستقبل ، وأن التنمية المستدامة ، أو الشاملة لا تعني التنمية الحضرية أو القطاعية بذاتها، إلا أن البحث في إحدي جوانب التنمية المستدامة، وبالتحديد في التنمية الحضرية ضمن رؤية تكاملية وشمولية لا يقلل من أهمية الدراسة ، أو يلغي جدواها. من هنا سيقتصر البحث على توضيح واقع أهم المؤشرات التنموية الحضرية . وبالذات مؤشر إستخدامات الأراضي ، لربطه بمؤشرات تنموية أخرى تمت الأشارة اليها ، كالتحضر، والأدارة المكانية والقوانين والأنظمة ، إلى جانب الوضع السياسي القائم.

  تشير المعطيات الديموغرافية للفترة منذ عام 1996 وحتى عام 2012 إلى زيادة في معلات النمو السكاني السنوي بنسبة تقارب 2.5% سنوياً ً. أدت إلى تضاعف عدد السكان خلال مدة أقل من عشرين عاماً. وإلى تسارع في معدلات نمو حضري غير مسبوقة كما أسلفنا. في الوقت الذي ترتفع فيه نسب البطالة لتصل إلى نحو 29% في الضفة الغربية ونحو 40% في قطاع غزة. في الوقت ذاته توالي معدلات الفقر إرتفاعاً هي الأخرى. في الوقت الذي تشهد فيه معدلات الدخل والمعيشة إنخفاضاً مستمراً. بينما تشهد أجور السكن وأسعار الأراضي ونفقات المعيشة إرتفاعا غير مسبوق كما تشير اليه بيانات الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني . وبالرغم من النمو الواضح في أعداد المباني خلال تلك الفترة ، ومن زيادة أعداد الوحدات السكنية، وانخفاض معدلات الأشغال والتزاحم، والتحسن في توفير الخدمات الأساسية كالمياه والصرف الصحي ، والمرافق التعليمية والصحية والترفيهية إلا أن ذلك لم يف بالأحتياجات المطلوبة، لا من حيث النوع أو حتى الكم.

   فبالرغم من التغير الواضح في التوسع العمراني الفلسطيني الذي شهدته الأراضي الفلسطينية عموما والمحافظات الشمالية ” الضفة الغربية” خصوصا خلال الفترة من 1989-2014. حيث زادت نسبة المساحة المكانية المشغولة بالمباني خلال الفترة 1998-2010 من 1.1% إلى 9.2% من المساحة الكلية لمحافظات الشمالية ” الضفة الغربية ” (34) ، ( جدول رقم 1).

جدول رقم (1) نسبة المساحة المبنية من المساحة الكلية في الأراضي الفلسطينية( الضفة الغربية) حسب المحافظة خلال الفترة 1989-2010م

المحافظة
% من مساحة المحافظة

1989 (1)
2000  (1)
2010 (2)
جنين
1.1
2.3
6.6
طولكرم
1.8
3.5
11.9
نابلس
1.3
2.4
15.1
قلقيلية
1.1
3.0
10.6
طوباس
0.2
0.5
3.6
سلفيت
0.5
1.5
6.8
رام الله والبيرة
0.7
2.2
13.9
القدس
3.5
7.4
2.8
أريحا
0.2
0.4
1.0
بيت لحم
1.0
2.5
7.1
الخليل
1.3
3.4
13.1
المجموع
1.1
2.6
9.2

المصدر: (1) معهد الدراسات التطبيقية – اريج, مصدر سابق. ص: 81.

(2) الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني، (2012)، إحصاءات رخص الأبنية – الربع الثالث، 2011، رام الله، فلسطين, ص: 28-35

   يستدل من المؤشرات السكنية الأخرى أنه وبالرغم من الزيادة في أعداد المباني والوحدات السكنية خلال تلك الفترة ، وتوقع إستمرار زياتها في المستقبل ، إلا أن تلك المؤشرات تدل على تحديات تنموية حضرية حقيقية ستشهدها تلك التجمعات وبخاصة الحضرية منها ما لم يتم إتخاذ إجراءات جادة وسريعة قادرة على توفير متطلبات العيش الكريم ضمن بيئة تنموية مستدامة. فعلاوة على ما ذكر أعلاه من المؤشرات التنموية الديموغرافية ، تشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني المتعلقة بظروف المسكن (2010)، أن 10.9% من الوحدات السكنية الحالية يعود تاريخ إنشائها إلى ما قبل عام 1967. وأن نسبة 43.3% من الأسر لا زالت تعيش في مساكن مستأجرة، بينما تفتقر نسبة 40.1% من الوحدات السكنية لوسائل الصرف الصحي. في حين تعيش نسبة 16.5% في مساكن تتراوح عدد الغرف فيها من 1-2 غرفة. أما معدل الغرف المخصصة للنوم فتصل إلى 2.2 فرد/غرفة. ويقدر الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني بأن 72.1% من الأسر تحتاج إلى وحدة سكنية خلال العشرة أعوام المقبلة وهذا يعني أن هناك نقصاً حاليا في أعداد الوحدات السكنية يبلغ نحو 120,000 وحدة سكنية ، وأن هناك حاجة سنوية تقدر ب 35,000 وحدة سكنية. (35).

   في الوقت ذاتة شهدت المستعمرات الأسرائيلية المقامة في الأراضي المحتلة عام 1967 زيادة في التوسع والنمو العمراني حيث نسبة المساحة المبنية التي تشغلها من 1.5% في الفترة (1995-1999) إلى 5.4% في عام 2012 (36).

  وتبين نتائج تحليل بيانات النمو العمراني في الأراضي الفلسطينية المحتلة أن نسبة التغير في مساحة المناطق المبنية في كل من المحافظات الفلسطينية والمستعمرات الموجودة في حدود كل محافظة، أن نسبة التغير كانت متساوية في محافظة القدس حيث بلغت 110% خلال الفترة 1989-2003، في حين فاقت نسبة التغير في التوسع في المستعمرات في محافظات بيت لحم وجنين ونابلس وطوباس وطولكرم التوسع في المناطق الفلسطينية. أما بخصوص أكثر محافظات الضفة الغربية نسبة في الزيادة في المساحة العمرانية فكانت في رام الله والبيرة وسلفيت.

   تكشف نتائج التحليل المكاني للأراضي الفلسطينية للفترة من 1989-2012 عن أن هناك تغيرا ونموا ملحوظا خلال تلك الفترة قد شهدتها معظم الأراضي الفلسطينية وعلى وجة الخصوص المدن الرئيسة مراكز المحافظات الفلسطينية بالرغم من التباين في معدلات النمو بين مدينة وأخرى. فقد احتلت مدينة رام الله والبيرة ثم مدينة سلفيت النصيب الأوفر من الزيادة على مستوى المحافظة ولكنها لم تحتل المستوى نفسة بين المحافظات الأخرى التي كانت الزيادة نتيجة للنمو في مراكزها والبلدات القريبة منها كالخليل وطولكرم وقلقيلية أكبر من معدلات الزيادة فيها. ومع ذلك فقد احتلت المحافظتان : رام الله والبيرة وسلفيت المركزين الأول والثاني على التوالي على مستوى المحافظات من حيث حجم ومساحة المباني التي تم إضافتها خلال الفترة الثانية.

   أما على صعيد إستخدامات الأراضي بوجه عام ، فتكشف بيانات الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني (جدول رقم 2) أن نسبة الأراضي المخصصة للزراعة تحتل المرتبة الأولى (24.3%)، تليها الأراضي المخصصة كمراعي(11%) ثم الأراضي المخصصة للبناء السكني (9.2%)، فالأراضي المخصصة كمحميات طبيعية (9.1%). في حين تنخفض نسبة مساحة الأراضي المخصصة لاستعمالات المراعي والأحراش ، وللاستخدام الصناعي والتجاري إلى (1.6%)، (0.09%)، (2.6%) على التوالي.

   بالإضافة إلى ما ذكر من مؤشرات تنموية تشكل بحد ذاتها تحديات ومعوقات تنموية ، تشير نتائج تحليل أنماط الأنتشار العمراني المكاني إلى وجود خروقات لقوانين التخطيط العمراني والبناء خارج المخططات الهيكلية المقرة للتجمعات السكانية. ومع ذلك ظل الوضع السياسي ممثلا بالإحتلال الإسرائيلي مؤثرا على التطور العمراني في الضفة الغربية، ونتج عن استمرار النشاطات الإسرائيلية من مصادرة أراضي، وتدمير بيوت، وقلع الأشجار، وإنشاء الطرق الإلتفافية وقواعد عسكرية تأثيرا واضحا على نسبة وواقع الأشغال المكاني للأراضي الفلسطينية. أما محصلة ذلك فهو الحد من قدرة التجمعات الفلسطينية من التخطيط المتكامل في التجمعات السكانية الواقعة في مناطق (ج و حتى ب). وأصبحت البيئات الحضرية الرئيسة ممثلة بالمدن الكبرى تعاني من تدهور مستمر كنتيجة للآستمرار الأحتلال وقيوده من جهة، وللواقع الأقتصادي والديموغرافي من جهة أخرى ولاستمرا ر تأثير الواقع الديموغرافي وضيق الحيز المكاني مما حد من قدرة الهيئات المعنية بالتخطيط من تطبيق خطط تطويرية شاملة تحقق نمواً مستداما لتلك المناطق. وسيزداد الوضع سواء وسترتفع كلفة التطوير والتحديث كماً ونوعاً بتسارع مع الزمن. حيث تشير التقديرات المبنية على معدلات النمو السنوي أن مساحة المنطقة المبنية في الأراضي الفلسطينية ستصل الى نحو 10.4% من مساحتها الكلية حتى عام 2020 سيخصص جلها للأستخدامات السكنية ، وهذا بالطبع سيتم على حساب تطوير الأستخدامات الأخرى من مرافق وخدمات وبنى تحتية وترفيهة وغير ذلك. حيث لا يلوح في الأفق حتى الآن ما يعطي الفلسطينيين حرية وحق التخطيط المكاني لبيئتهم كما تمليه ظروفهم ، أو كما يرونه كفيل بتحقيق العدالة والرفاه لهم. مما سيفاقم ألأمور سواء ويجعل مهمات التطوير والتحديث أكبر كلفة وأكثر تعقيداً.


جدول (رقم 2) إستعمالات الأراضي في المحافظات الشمالية في الأراضي الفلسطينية عام 2010.

المحافظة
المساحة كم2 (1)
عدد السكان (1)
مساحة أرض زراعية كم2 ( 2)
أرض سكنية ألف م2 (3)
أرض صناعيةألفم2
(2)
أرض تجارية ألف م2 (2)
غابات وأحراش كم2 (2)
محميات كم2 (2)
مراعي كم2 (2)
جنين
583
274001
274.1
38.9
5
3.3
33.2
62.9
54
طوباس
402
54765
60.5
15.2
5
0.8
22.5
19.2
33
طولكرم
246
165791
147.5
29.4
5
0.6
1.2
0.5
18
نابلس
605
340117
223.9
91.6
6.6
24.2
20.4
113.0
23
قلقيلية
166
97447
67.7
17.6
5
1.5
2.5
0.0
12
سلفيت
204
63148
84.7
16.4
5
1.9
11.8
9.8
36
رام الله والبيرة
855
301296
187.8
119.2
5.6
32.8
2.1
34.9
35
أريحا والأغوار
593
45433
28.1
5.7
5
1.4
3.5
37.0
0.0
القدس
345
382041
21.6
9.5
5
1.7
2.0
202.0
12
بيت لحم
659
188880
49.5
46.8
2.3
14.1
1.4
22.0
38
الخليل
997
600364
257.6
130.0
5
63.4
9.0
130.0
360
الضفة الغربية
5655
2416807
1376.5
520.3
48.5
145.8
91.1
514.3
621

المصدر : (1) الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني، (2011)، مسح التجمعات السكانية ، 2010، النتائج الأساسية، رام الله، فلسطين، ص. 47.

(2 ) الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني، (2009)، إحصاءات إستعمالات الأراضي الفلسطينية، 2008، رام الله، فلسطين، ص.ص: 42-58.

(3) الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني، (2011) ، إحصاءات رخص الأبنية، الربع الثالث، 2011، رام الله ، فلسطين، ص، 28-34. 

5 – تحديات التنمية الحضرية المستدامة والتخطيط العمراني في الأراضي الفلسطينية: 

   بعد إستشراف الوضع الراهن لاستخدامات الأراضي، ولأمثلة من المؤشرات التنموية الديموغرافية والسكنية والأقتصادية في المحافظات الشمالية ” الضفة الغربية” ، والذي يفوقه سواء وضع المحافظات الجنوبية ” قطاع غزة” ، لا بد من إستعراض أهم التحديات والمعيقات التي ستواجه مؤسسات التخطيط المكاني الفلسطيني بمختلف مستوياتها ، وتحد من قدرتها وطاقتها في تحقيق تنمية حضرية مستدامة ، قبل أن ننتهي إلى مقترحات وتوصيات حول مكونات وآليات بناء إستراتيجية وطنية حضرية مستدامة. أما أهم هذه التحديات فيمكن إيجازها على النحو الآتي: 

(أ) تحديات تاريخية موروثة:

  تتمثل في ما ورثته السلطات والهيئات الفلسطينية عن الإدارات وسلطات الحكم السابقة التي توالت على فلسطين منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر وحتى الوقت الحاضر، والتي تشكل العبء الأكبر على واقع ومستقبل عمليات التخطيط والتنمية وتتلخص فيما يلي:

(1) الأنظمة والقوانين: إن ما تفرضه تلك الأنظمة والقوانين من قيود لاسيما ما يختص منها بموضوع ملكية الأراضي، وما ينقصها من توحيد بين شطري الوطن، وما يشوبها من جمود ومحدودية وعدم قدرة على الأستجابة والصلاحية للتعاطي مع المخططات الهيكلية الجديدة، وما تطلبه من إجراءات طويلة لتنفيذها يجعل منها معوقات تقع في سلم أولويات المعالجة عند التفكير في بناء إستراتيجية وطنية تنموية لتحقيق تنمية حضرية مستدامة.

(2) الوضع السياسي: ويتمثل في عدم السيادة الكاملة على الأراضي، والتقسيمات الإدارية والأمنية.

(3) تسوية الأراضي: إن عدم إجراء أعمال التسوية ل 70% من أراضي الضفة الغربية، وعدم توفر المعلومات اللازمة التفصيلية عن ملكية الأراضي يشكلان تحديا لأنتاج الخرائط اللازمة لعمل المخططات الهيكلية والعمرانية ، وضعفاً في المعلومات اللازمة عن الملكية. ويشكلان في الوقت ذاته منفذاً لتحقيق أطماع الأحتلال في السيطرة على الأراضي وفي إستمرار إستغلالها لصالحه. علاوة على ما يسببه عدم توفرهما من نزاعات بين المواطنين الفلسطينيين أنفسهم.

(4) المخططات السابقة: إن استمرار العمل وفقا للمخططات التي أعدتها دائرة التخطيط المركزية التابعة للأدارة المركزية العسكرية الأسرائيلية ، والتي كانت عبارة عن مخططات هيكلية جزئية، تم من خلالها وضع حدود ضيقة للمناطق المسموح البناء فيها لجميع التجمعات السكانية الفلسطينية في الضفة الغربية، والتي لا زال عدد كبير منها ساري المفعول لغاية الآن، والتي جاءت لتلبية سياساته وتطلعاته الأحتلاليه واقتصرت على إبراز الأستعمالات السكنية ورسم أبعاد غير منطقية للطرق، وحددت بمساحات ضيقة تشمل آخر ما وصلت إليه الأبنية القائمة دون مراعاة للزيادة السكانية، والتوسع العمراني المستقبلي، تشكل هي الأخرى أحد العقبات الحالية للتخطيط أيضا.

   كما أن إستمرار إعتماد المخططيين الإقليميين الذين تم إعدادهما من قبل سلطات الإنتداب البريطاني (RJ-5، و S-15)، والذين تم تعديلهما من قبل سلطات الإحتلال بمخطط رقم 1/82 لمنطقة القدس بديلا ً للمخطط البريطاني (RJ-5)، بهدف زيادة عدد المستعمرات ومنع إعطاء تراخيص الأبنية في المناطق الزراعية، بالإضافة إلى الحد من التوسع العمراني للقرى الفلسطينية ومنع تواصلها في عام 1982. ومخطط ” مشروع الطرق رقم 50″ الصادر عام 1984 الذي يهدف للحد من توسع العمران الفلسطيني وتطوره ويمكن من ربط المستعمرات الأسرائيلية في الضفة الغربية ، تشكل تحدياً واقعياً لعمليات التخطيط والتطوير والتنمية في ظل غياب مخططات إقليمية وطنية فلسطينية. 

(ب) تحديات ومعوقات خاصة بالمخيمات الفلسطينية:

   تشكل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المقامة على أطراف التجمعات السكانية الكبرى أو في أحشائها منذ أكثر من خمس وستون عاما، كجزء من المخزون السكني الفلسطيني، أو بنسبة عدد ساكنيها من الفلسطينيين في الضفة الغربية وكذلك في قطاع غزة ، وبما تعانيه من إكتظاظ ، ومحدودية في المكان وغياب للخدمات والمرافق الحياتية الضرورية وعشوائية التطور والنمو في ظل حساسية سياسية تجاه واقعها ومستقبلها قمة التحديات والمعوقات التنموية .

(ج) تحديات في فترة السلطة الفلسطينية:

ويمكن تلخيص أهم هذه التحديات فيما يلي:

أولا: التحديات السياسية: وتتمثل في استمرار التحديات والمعوقات السياسية المرتبطة بواقع التقسيمات الإدارية والأمنية وإعادة الانتشار المفروضة، وما ترتب على ذلك من عدم توفير التواصل الجغرافي المطلوب لتحقيق متطلبات التخطيط الأقليمي للتنمية.(أنظر خريطة رقم 1)

ثانيا: التحديات والمعوقات الجغرافية: وتتمثل في إستمرار سلطات الإحتلال الإسرائيلي من نشاطاتها الأستعمارية المختلفة . سواء على صعيد بناء المستعمرات ، أو إنشاء الطرق الألتفافية، وبناء جدار العزل، وإقامة الحواجز والقواعد العسكرية، وما ترتب عليها من تقسيم كنتوني للكيان الفلسطيني . 

ثالثا: تحديات ومعوقات تنظيمية ومؤسساتية: فعلى الرغم من الجهود والمحاولات المختلفة التي قامت بها مؤسسات وهيئات التخطيط الفلسطينية (الوزارات المعنية والبلديات والدوائر الرسمية ومؤسسات القطاع الأهلي والخاص)، لإعداد مخططات هيكلية وإقليمية تنظم التطور العمراني واستخدامات الأراضي المختلفة للتجمعات السكانية، إلا أن عملية التخطيط والتنظيم، ومؤسسة التخطيط في فلسطين، لا زالت تعاني من مشاكل كثيرة وتواجه معوقات عديدة يمكن تلخيصها على النحو التالي:


(1) معيقات تتعلق بالأدارة والأشراف والمتابعة والتنفيذ:

    وتتمثل في حاجة المؤسسات الرسمية إلى تغيير اهتمامها في مجال التخطيط من دور المنفذ والمخطط إلى دور المنظم والمراقب والموجه. وإلى ما تعانيه هذه المؤسسات من نقص في المعايير المعتمدة ذات العلاقة بالتخطيط والتنمية . وما ينعكس على ممارساتها سلباً على الواقع عند تشكيل وإنشاء الهيئات والمجالس المشتركة المختصة بعملية التخطيط والتطوير في المناطق المحلية والأقليمية. علاوة على ذلك يشكل ضعف قدرة المؤسسات الرسمية المعنية في متابعة ومراقبة وتنفيذ عمليات التخطيط والتنمية بسبب العدد الكبير من الهيئات المحلية التي تم إنشائها معيقاً آخر من معيقات الأدارة والأشراف والمتابعة والتنفيذ. كما ويعد وجود ثلاثة مستويات مسئولة عن النشاطات التخطيطية معيقاً آخر وذلك لأنه يطيل من إجراءات المصادقة على المخططات بالإضافة إلى أنه يسمح بازدواجية الصلاحيات بين وزارة الحكم المحلي وبين وزارة التخطيط. فيما يتعلق بالتخطيط على المستوى الإقليمي والوطني.

(2) معيقات تتعلق بالتوعية المؤسساتية والجماهرية لأهمية التخطيط والمشاركة المجتمعية :

   وتتمثل في إستمرار تبني مخططات هيكلية قديمة ولا تتلاءم مع الواقع في بعض البلديات. وضعف في عملية متابعة مخططات التخطيط وتحديثها من قبل الهيئات المحلية. وكذلك في قيام بعض البلديات في توسيع حدودها دون فحص المبررات لذلك وعدم قيام بعض البلديات بتخطيط المناطق التي تم ضمها إلى حدود البلدية. وفي ندرة الأراضي المخصصة للمرافق العامة والمناطق الخضراء. وعدم مشاركة الفعاليات المجتمعية سواء كانت مؤسسات مجتمع مدني أو أفراد ناشطين في تحديد أوجه الصرف وفي مناقشات تحضير الميزانيات من ناحية وعدم قيام بعض الهيئات العامة للمجالس المشتركة في المشاركة في هذه النشاطات. وأخيراً في تدني نشاط المؤسسات صاحبة الصلاحية في رقابة النشاطات التخطيطية للبلديات.

(3) معيقات تتعلق بالقدرات والأمكانات التخطيطية:

  بالرغم من أدعاء معظم البلديات والمجالس المشتركة بتطبيق المشاركة المجتمعية، إلا أنه من الواضح أن هناك نقصا في وعي وأدراك أهمية التخطيط، وأن هذا النقص في الوعي يشمل كافة المستويات، وينعكس على نتائج تحليل المشاركة المجتمعية. فقد أكدت متابعة الأستماع للعديد من وجهات نظر شريحة من أبناء ومؤسسات الهيئات المحلية الفلسطينية في الدراسة التي قام بها الخبراء لتقييم قدرات هذه الهيئات أن أهم مشاكل التخطيط يمكن حصرها جانبين هما:

( 1 ) الموارد البشرية: وتتمثل في قلة عدد المهندسين وندرة مخططي المدن في البلديات المتوسطة والصغيرة. ومحدودية البرامج التدريبية في مجالات التخطيط لأطقم الهيئات المحلية التنفيذية. و قلة عدد المهندسين ومخططي المدن في كوادر الوزارة وخاصة في المديريات الإقليمية.

( 2 ) الموارد الأخرى: وتشمل النقص في قاعدة البيانات المتعلقة بالنشاطات التخطيطية، وفي الموارد المالية لدى الهيئات المحلية. إضافة إلى النقص في توفر مخططات المساحة، وعدم وجود تسوية للأراضي في بعض الهيئات. وفي غياب أو عدم اعتماد سياسات التخطيط على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية. وعدم وضوح المسؤوليات وتداخل الصلاحيات بين الجهات المعنية بالتخطيط. والضعف وربما غياب التنسيق والتعاون بين المؤسسات المعنية. وكذلك في غياب أو عدم ملائمة الأنظمة والقوانين والتشريعات التي تحكم عملية إعداد المخططات وتنفيذها ومتابعتها. فإذا أضفنا إلى ذلك ما تفتقر اليع تلك الهيئات بوجه عام من قلة وربما ندرة أحيانا في الكوادر الفنية والعلمية المؤهلة في مجال التخطيط العمراني.. وضعف وربما غياب المشاركة الشعبية والجماهيرية في إعداد وتنفيذ المخططات.وقلة المعلومات والبيانات اللازمة وعدم توفر الخرائط والصور الجوية الحديثة. وأخيراً غياب دور القطاع الخاص.نجد أن تلك المعيقات كثيرة وضروية لا بد من توفيرها قبل المطالبة بإجراء عمليات التخطيط المنشود.


(4) تحديات ما بعد انتفاضة الأقصى 2000م

   إضافة إلى ما سبق ذكره من تحديات ومعوقات، هناك تحديات ومشاكل جديدة ظهرت منذ بداية انتفاضة الأقصى في عام 2000م وما رافقها من ممارسات إسرائيلية وإعادة إحتلال للمدن الرئيسية والقرى الفلسطينية، مما كان له أثر سلبي على مؤسسات وهيئات التخطيط العمراني في الأراضي الفلسطينية وبالتحديد المؤسسات المحلية. فقد أدت تلك الأحداث إلى تدمير معظم ما تم إنجازه من خدمات ومرافق أساسية خلال الفترة بين 1994-2000. يضاف إلى ذلك ما تلى الأنتفاضة من شح وندرة في الموارد المالية اللازمة لتنفيذ مشاريع تطويرية للبنى التحتية الضرورية والأساسية( 37) . 

   إن إستمرار ما ذكر سابقاً من مععيقات وتحديات يؤكد نتيجة ما توصلت اليه مجموعة من الخبراء في دراستهم لتقييم القدرات في ممارسات الهيئات المحلية في التخطيط الحضري في الأراضي الفلسطينية، والتي جاءت بعنوان “الرؤية الجديدة للأستشارات الأدارية والتسويقية” ، والتي ترى أن رفع وزيادة قدرة وزارة الحكم المحلي في إدارة نظام حكم محلي لا مركزي، وتقوية قدرات الوزارة والبلديات في إدارة وتوجية ومراقبة وتطوير وإنجاز المخططات الهيكلية في المناطق الريفية والحضرية والتخطيط الإقليمي والوطني لهذة المناطق هو المسار الأمثل لتحقيق المتطلبات التنموية الحضرية المستدامة والحد من المعيقات التي تواجها (38).

6: الأستراتيجية الوطنية الحضرية المستدامة : الأسس، المستويات والآليات:

6.1 – الأسس والمرتكزات :

   بالرغم من صعوبة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، من جهة وعدم وضوح الرؤى حول المستقبل القريب للظروف السياسية التي تهيمن على وجود معظم هذه المعيقات، إلا أن معطيات الوضع الراهن سواء ما يختص بمؤشرات إستخدامات الأراضي أو بالمؤشرات التنموية وكذلك بعدد وحجم التحديات والمعيقات التي تعاني منها الأراضي الفلسطينية المحتلة بسبب الأختلال الهيكلي في العلاقة بين المناطق الحضرية والريفية، وما هو موجود من عدم توازن تنموي على مستوى الدولة من جهة، وعلى مستوى التجمع الحضري الواحد من جهة أخرى ، يتطلب إعتماد استراتيجية حضرية وطنية تقوم على أساس ترسيخ وإدماج البعد المكاني الحضري في كل السياسات والخطط والبرامج القطاعية وعلى كافة المستويات ، الوطنية والأقليمية والمحلية، من خلال توظيف النهج التشاركي ما بين الحكومة المركزية وأجهزة وهيئات الأدارة الإقليمية والمحلية من جهة وما بين القطاع العام والمجتمع المدني والخاص من جهة أخرى . وأن يتم ذلك في إطار من التكامل والمرونة والشفافية ، عند صناعة القرارات وفي حال تنفيذ وتقييم الخطط التنموية. وأن يتم ذلك من خلال إتباع منهجية علمية قادرة على تحديد الولويات بدقة ، وعلى إختيار معايير الأستدامة بكفاءة لضمان الوصول إلى تنمية حقيقية على كافة مستوياتها. إن تبني إستراتيجية وطنية للتنمية الحضرية المستدامة سيعود بفوائد على كافة الجوانب الحياتية للمواطنين سواء العمرانية أو المالية أو الاقتصادية ، بل وسيطال إيجاباً ما سيطراء من تغيرات في الأطر القانونية المتوافقة مع التنمية المحلية ، ويساعد في إعادة تحديد إختصاصات الوحدات الأدارية ويحقق تعاونا منشودا بين الجهات الشريكة في عمليات التنمية ويكفل التواصل لتحقيق إستدامة تنموية للنواحي البيئية والاجتماعية والأقتصادية.

6.2 – مستويات الاستراتيجية الحضرية الوطنية:

ويمكن تلخيص مستويات هذه الاستراتيجية بمستويين هما:

6.2.1 – المستوى الوطني : وذلك من خلال تقسيم المحافظات الشمالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى ثلاثة أقاليم رئيسية ( الشمال، الوسط، والجنوب) . يضم كل إقليم مجموعة من المحافظات وفق المنظور المستقبلي للتقسيمات الأدارية الفلسطينية بهدف تنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة والشاملة لجميع الأقاليم وبالاتجاه الصحيح. وأن يتزامن ذلك بتقليص أو الحد من حالة اللاتوازن التنموي القائم بين الأقاليم . أما السبيل إلى ذلك فيمكن من خلال تعزيز نهج اللامركزية والأدارة الأقليمية والمحلية. وإعداد هيكلية تخطيطية وإدارية متدرجة ومتوازنة. وتعزيز مستوى التنافس العالمي لمينتي القدس وبيت لحم بتوفير مستوى عال من الخدمات مع المحافظة على طابعهما العمراني والتاريخي والديني. كما أن تنمية أقطاب توازن إقليمية سيساهم في خلق المزيد من فرص العمل. ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال تنمية وتطوير مدن متوسطة تتخصص باتجاه تنموي معين تتميز به( سياحي، تاريخي، صناعي، تعليمي….). ويتطلب نجاح ذلك وضع استراتيجية محددة لتخفيف الضغط على المدن الرئيسة والكبرى، سواء من خلال إنشاء مدن جديدة أو تنمية قرى ومناطق ريفية مؤهلة وتمتلك خدمات جيدة. وتطوير بيئات مخيمات اللاجئين بما لا يشوب واقعها أو مستقبلها السياسي. ويتطلب ذلك بالتأكيد تعزيز وتطوير لشبكات النقل الحالية بكل أنواعها، واستحداث طرق وأساليب حديثة قدر الأمكان، قادرة على تسهيل وتسريع إمكانيات الأتصال والتواصل ، وتلبية إحتياجات ومتطلبات عمليات التنمية. وهذا بدورة يحتاج إلى إقرار مباديء أساسية لاستعمالات الأراضي في المناطق الحضرية والريفية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

6.2.2. المستوى المحلي : ويكون ذلك من خلال تحديد توجهات التنمية للمدن الرئيسية والمتوسطة. و الارتقاء بالهيكل العمراني للمدن. إضافة إلى العمل على تطوير آليات التمويل لخطة العمل الوطنية وخطة التنمية العمرانية المستدامة. وذلك من خلال تطوير الإدارة والتشريعات المتعلقة بالتنمية العمرانية ، و التأكيد على مفهومي التشاركية وبناء القدرات

6.3 – آليات تفعيل الأستراتيجية الحضرية الوطنية :

  أما بخصوص المقترحات لتفعيل تلك الأستراتيجية فيمكن تلخيص آليات تنفيذها على المستويين المذكورين سابقاً على النحو التالي:

6.3.1 – على المستوى الوطني : وذلك من خلال تعزيز نهج نهج اللامركزية والإدارة الإقليمية والمحلية. من خلال ببناء إدارة حكومية رشيدة تتمتع بكفاءة وفعالية ومتفاعلة مع تلبية احتياجات السكان بشكل عام والخدمية بشكل خاص. بالتزامن مع تفعيل دور التشريعات والقوانين سواء في التطبيق أو المتابعة والرقابة لضمان استمرار التنمية العمرانية المتوازنة. وبتطبيق النهج التشاركي مابين الحكومة المركزية وأجهزة الإدارة الإقليمية والمحلية من جانب ومابين القطاع العام والخاص والمجتمع الأهلي من جانب آخر، وذلك ضمن إطار من التكامل والمرونة والشفافية في عملية صنع القرار ومن أجل صياغة وتنفيذ وتقييم خطط التنمية بشكل عام والعمرانية بشكل خاص. ويتطلب ذلك في البداية تنظيم المجال الوطني وفقا لهيكلية تخطيطية عمرانية تراتبية وتقسيمات إدارية متدرجة ومتوازنة (وطني، إقليمي، محلي) من خلال تعزيز دور العواصم الأقليمية والمدن المتوسطة والمدن الرئيسة باتجاهات تنموية محسوبة وفقا للأمكانات المتوفرة فيها. وتأهيل القرى والتجمعات السكانية الريفية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالخدمات الأساسية وتحسين نوعياتها ، والمحافظة على التجمعات الزراعية ، وتقليص التفاوت في مستويات الخدمات والمرافق في البيئات المختلفة. وإيلاء فقراء المدن وسكان مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ألأولية في برامج التنمية.

6.3.2 – على المستوى المحلي:

  في ظل التحديات التي تواجه عملية التنمية الحضرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة قد يكون وضع استراتيجية تنمية حضرية مستدامة لكل تجمع حضري ، تتوافق مع ظروفه ومشكلاته، المدخل المناسب لتحقيق تنمية حضرية متوازنة ومستدامة للدولة ككل. أما آليات تفعيل ذلك فيمكن أن تكون من خلال كسب الدعم اللازم من الحكومة المركزية ، بأتاحة فرص لتوفير المشاركة الجماهيرية لكل شركاء التنمية في وضع رؤية مستقبلية لبيئتهم المحلية . والتركيز على المشاكل ذات الطبيعة الاجتماعية (كمناطق المخالفات الجماعية والفقر الحضري ….)والبحث عن حلول لها. والتأكيد على تجديد إجراءات التخطيط وتحديثها والعمل على تنفيذها. ولا لبد لنجاح إستراتيجية التنمية المحلية من التركيز على الفقر وإيجاد حلول له. وتحديد أولويات التنمية المطلوبة قبل تنفيذ إي إجراءات تنموية .

الخاتمة :

  في ضوء التحديات والمشاكل والمعوقات التي تواجه مؤسسات التخطيط العمراني في الأراضي الفلسطينية، إضافة إلى التحديات المتعلقة بضعف الموارد والإمكانات والقدرات الفنية، وتأثيراتها على وضع، ومتابعة، وتنفيذ، خطط التنمية المستدامة محليا وإقليميا ، لا بد من صياغة واعتماد سياسات التخطيط على المستوى الوطني في إطار منظور التنمية الشاملة المستدامة. والبدء في عمليات تسجيل الأراضي. من خلال مراجعة وتطوير الإطار القانوني للتخطيط والتنظيم.ووضع المقاييس والمعايير والتعليمات التخطيطية. بأجراء سلسلة من التنسيق والتعاون للتخطيط، وتعزيز وتقوية العلاقة بين الجهات صاحبة الاختصاص.

_______________

الهوامش: 


  1. Montgomery, M. and Stern, R. and Cohen, B. and Reed, H., (Eds.),(2004), Cities Transformed. Earth scan. London.p.50.  
  2. الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني، (1999) التعداد العام للسكان والمساكن، النتائج النهائية، رام الله ، فلسطين، وكذلك ، الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني ( 2011)، مسح التجمعات السكانية ، النتائج النهائية، رام الله ، فلسطين.
  3.  الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطينيي ، ( 1999) التعداد العام للسكان والمساكن،مصدر سابق، وكذلك الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني( 2008)، النتائج النهائية للتعداد العام للسكان والمساكن 2007، رام الله، فلسطين.  وانظر ؛Peretz Don., 1986, P.93
  4.  بحيري، صلاح الدين، (1991)، جغرافية الأردن، عمان، مكتبة الجامع الحسيني.ص.45.
  5. الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني,( 1999)،  التعداد العام للسكان والمساكن, رام الله, فلسطين.
  6. معهد  الأبحاث التطبيقة – أريج، ( 2005)،  أثر النشاطات العمرانية المختلفة على استخدام الأرض والمجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية. ص.10.
  7. http://www.brooonzyah.net/vb/t54391.html.
  8. UN, Seminar on housing and community improvement in Asia and East, New         Delhi, India, 1955.p.12.
  9. غنيم، عثمان،(2005)، مقدمة في التخطيط التنموي الأقليمي، دار الصفاء، عمان، ص.52 . وانظر:
مينا، رولا، (2009)، أهمية التخطيط الأقليمي في عملية التحديث والتطوير في سوريا ، مجلة جامعة دمشق للعلوم الهندسية ، المجلد (25)، العدد (2)، ص. 431-473. ص.46. ؛و الصقار، فؤاد (1994)، التخطيط الأقليمي، منشاْة المعارف، الأسكندرية. ص.85.
  1. Poppe, Manfred, (1997), Decentralized Development planning in Indonesia: Linking Organizational Structure and Planning Strategy, Spring Research Series, No 15, University of Dortmund, Germany.p. 6-7. And Rondineli, D., and Cheema, G., (1985), Decentralization in Developing countries, world bank paper No.  581, Washington .p. 3-8.  And Karin, Walter,(1993),  legal Aspects of Decentralization, UNDP-Workshop on Decentralization, Amman. P.6.
  2. Todaro,M., (1981),City bias and rural neglect: the dilemma of urban development ( a public issues paper of the population council), Washington,   p.81.
12. الزعبي، خالد، ( 1989)، تشكيل المجالس المحلية وأثره على كفايتها، منشورات الجامعة الأردنية، عمان. ص.14 .
13. صفوح،خير (2000)، التنمية والتخطيط الإقليمي ، منشورات وزارة الثقافة، دمشق.ص.26. 
14. الأمم المتحدة: اللجنة الأقتصادية لغرب آسيا (الأسكوا)، (2001)، الأستدامة البيئية الحضرية مع تركيز خاص على المسكن وضمان الحيازة – منظور إقليمي- ، نيويورك، النسخة العربية، ص. 1. 
  1. Poppe, Manfred, (1997), Decentralized Development planning in Indonesia: Linking Organizational Structure and Planning Strategy, Spring Research Series, No 15, University of Dortmund, Germany.p.6-7.
  2. Todaro, M., (1981), P. 82.
  3. Rondineli, D., and Cheema, G., (1985), Decentralization in Developing 581,          Washington.p.3-8.
  4. GTZ  ,(1993), Laendliche Regionalewicklung. Strategicelemente fuer eine   Umsetzung des LRE- Konzepte unter veraenderten ahmenbedingungen,Eschborn, p.3-5.
  5. ديب ، ريده وسليمان مهنا(2009)، التخطيط من أجل التنمية المستدامة، مجلة جامعة دمشق للعلوم الهندسية، المجلد(25) ، العدد (1) ، ص.  487-518. ص.488.
  6. الأمم المتحدة: اللجنة الأقتصادية لغرب آسيا (الأسكوا)، (2001)، مصدر سابق ، ص. 1.
  7. المنديل، فائق (2008)، سياسات التخطيط العمراني ودورها في التنمية المستدامة والشاملة للمجتمعات العربية، ورقة بحث ألقيت في المؤتمر الأقليمي : المبادرات والأبداع التنموي في المدينة العربية، عمان-العقبة، الأردن 14-17/ يناير/ 2008.  ص.10.
  8. Rondineli, D., and Cheema, G., (1985),p.  3-8.
  9. Karin, Walter,(1993),p. 6.
  10. خمايسي، راسم (1998)، التخطيط الحضري خلال ظرفية إنتقالية مشروطة في فلسطين، ورقة عمل مقدمة في ندوة “التخطيط في فلسطين: معطيات ومعوقات وآفاق مستقبلية”، نظمها مركز التخطيط الحضري والإقليمي، جامعة النجاح الوطنية، نابلس.ص.30.
  11. Benvinisti, M. and Khayat, S. (1988), The West Bank and Gaza Atlas, Jerusalem      Post, Jerusalem.p.43. And ; Khamaisi, R. (1989), Israeli Planning and House Demolishing Policy in the West Bank, PASSIA Publications, Jerusalem.p. 14.  And Coon, A. (1992), Town Planning Under Military Occupation, Dartmouth Publications, England.p.87.
  12.    كون، أنتوني (1995)، التنظيم الهيكلي الإسرائيلي للمدن في الضفة الغربية: القانون والبلدوزر في خدمة الاستيطان اليهودي، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، رام الله. فلسطين..ص. 104.  ,وانظر ؛ خمايسي، راسم (1998)، مرجع سابق ص. 19. .  وانظر : Mahrouk, A.R. (1995), “Physical Planning System and the Physical Spatial Structure of Human Settlements: The Case of Palestine from the late 19th Century to 1994”, Unpublished Ph.D. Thesis, Mackintosh School of Architecture, Glasgow, England.p.104.
  13.  حلبي ، أسامة (1997)، تشريعات التنظيم والبناء في فلسطين، مركز الحقوق، جامعة بير زيت، بير زيت. فلسطين. ص.24. وانظر ؛ Mahrouk, (1995)p.105..
  14.     خمايسي، راسم  (1997)، مأسسة جهاز التخطيط في فلسطين، في إعادة إعمار فلسطين، مؤتمر الاعمار الريفي والحضري لدولة فلسطين، تحرير أنطوان زحلان، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ص. 255-273.ص.260.
  15. عمرو، عدنان (2009)، الأدارة المحلية في فلسطين  1850-2009، جامعة القدس، القدس .  ص: 323-324.
  16. وزارة الحكم المحلي، (2003)،  الحكم المحلي الفلسطيني في ثماني سنوات (1994-2003)، منشورات وزارة الحكم المحلي، رام الله.فلسطين، ص. 19. وانظر : إشتية، محمد  (2004)، البلديات وهيئات الحكم المحلي في فلسطين، منشورات المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار (بكدار)، رام الله. فلسطين. ص.27. و الزعبي، خالد، ( 1989)، تشكيل المجالس المحلية وأثره على كفايتها، منشورات الجامعة الأردنية، عمان. ص.14.
  17. وزارة التخطيط والتعاون الدولي (1998، أ و ب) ، المخطط الإقليمي لمحافظات الضفة الغربية ، منشورات وزارة التخطيط والتعاون الدولي، رام الله فلسطين، ص. 51.
  18. نفس المصدر. ص. 52.   
  19. بشناق،باسم (2003)، التنظيم الأداري للمحافظات في فلسطين، الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن، سلسلة تقارير قانونية (34)، رام الله، فلسطين. ص.33.
  20. معهد الأبحاث التطبيقة – أريج،( 2005)،  مصدر سابق، ص 11.  . وانظر : الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني، (2011)، مسح التجمعات السكانية 2010، النتائج الأساسية، رام الله، فلسطين.
  21. الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني (2010) ، ( نفس المصدر).  
  22. معهد الأبحاث التطبيقة – أريج،( 2005)،  مصدر سابق، ص. 12.  وانظر : الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني (2002؛ 2012 ) مصدر سابق.
  23. وزارة الحكم المحلي (2003)، مصدر سابق. ص. 17.  
  24. وزارة الحكم المحلي, (2007)، الرؤية الجديدة، رام الله، فلسطين. ص. 14.
قائمة المراجع :
المراجع العربية:
  1. 1.        الأمم المتحدة: اللجنة الأقتصادية لغرب آسيا (الأسكوا)، (2001)، الأستدامة البيئية الحضرية مع تركيز خاص على المسكن وضمان الحيازة – منظور إقليمي- ، نيويورك، النسخة العربية.   
  2. إشتية، محمد  (2004)، البلديات وهيئات الحكم المحلي في فلسطين، منشورات المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار (بكدار)، رام الله. فلسطين.
  3. الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني,( 1999)،  التعداد العام للسكان والمساكن, رام الله, فلسطين.
  4. الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني,( 2008)،  النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن 2007 , رام الله, فلسطين.
  5. الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني، (2011)، مسح التجمعات السكانية 2010، النتائج الأساسية، رام الله، فلسطين.
  6. الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني، (2009)، إحصاءات إستعمالات الأراضي الفلسطينية، 2008، رام الله، فلسطين.
  7. الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني ، (2011)، إحصاءات النقل والأتصالات في الأراضي الفلسطينية، التقرير السنوي، 2010، رام الله، فلسطين.
  8. الجهاز المركزي للأحصاء الفلسطيني، (2011)، إحصاءات رخص الأبنية – الربع الثالث- 2011، رام الله، فلسطين.
  9. الصقار، فؤاد (1994)، التخطيط الأقليمي، منشاْة المعارف، الأسكندرية. 
  10. بحيري، صلاح الدين، (1991)، جغرافية الأردن، عمان، مكتبة الجامع الحسيني.
  11. بشناق،باسم (2003)، التنظيم الأداري للمحافظات في فلسطين، الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن، سلسلة تقارير قانونية (34)، رام الله، فلسطين.
  12. ديب ، ريده وسليمان مهنا(2009)، التخطيط من أجل التنمية المستدامة، مجلة جامعة دمشق للعلوم الهندسية، المجلد(25) ، العدد (1) : 487-518.
  13. مينا، رولا، (2009)، أهمية التخطيط الأقليمي في عملية التحديث والتطوير في سوريا ، مجلة جامعة دمشق للعلوم الهندسية ، المجلد (25)، العدد (2)، : 431-473.
  14. حلبي، أسامة (1997)، تشريعات التنظيم والبناء في فلسطين، مركز الحقوق، جامعة بير زيت، بير زيت. فلسطين.
  15. خمايسي، راسم (1997)، مأسسة جهاز التخطيط في فلسطين، في إعادة إعمار فلسطين، مؤتمر الاعمار الريفي والحضري لدولة فلسطين، تحرير أنطوان زحلان، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ص. 255-273.
  16. خمايسي، راسم (1998)، التخطيط الحضري خلال ظرفية إنتقالية مشروطة في فلسطين، ورقة عمل مقدمة في ندوة “التخطيط في فلسطين: معطيات ومعوقات وآفاق مستقبلية”، نظمها مركز التخطيط الحضري والإقليمي، جامعة النجاح الوطنية، نابلس.
  17. الزعبي، خالد، ( 1989)، تشكيل المجالس المحلية وأثره على كفايتها، منشورات الجامعة الأردنية، عمان.
  18. عمرو، عدنان،( 2009)، الأدارة المحلية في فلسطين  1850-2009، جامعة القدس، القدس .
  19. العاني محمد جاسم,(2007)، التخطيط الأقليمي،  المباديء والأسس- نظريات وأساليب،  دار صفاء للنشر،  عمان.
  20. الغزاوي، خالدة،( 1999)، اقتصاديات تطبيق منهج اللامركزية في إدارة القطاع الزراعي، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الأردنية، عمان.
  21. غنيم، عثمان،(2005)، مقدمة في التخطيط التنموي الأقليمي، دار الصفاء، عمان.
  22. صفوح،خير (2000)، التنمية والتخطيط الإقليمي ، منشورات وزارة الثقافة، دمشق.
  23. المنديل، فائق (2008)، سياسات التخطيط العمراني ودورها في التنمية المستدامة والشاملة للمجتمعات العربية، ورقة بحث ألقيت في المؤتمر الأقليمي : المبادرات والأبداع التنموي في المدينة العربية، عمان-العقبة، الأردن 14-17/ يناير/ 2008. 
  24. كون، أنتوني (1995)، التنظيم الهيكلي الإسرائيلي للمدن في الضفة الغربية: القانون والبلدوزر في خدمة الاستيطان اليهودي، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، رام الله. فلسطين.
  25. معهد الأبحاث التطبيقة – أريج، ( 2005)،  أثر النشاطات العمرانية المختلفة على استخدام الأرض والمجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية.
  26. وزارة التخطيط والتعاون الدولي (1998)، المخطط الإقليمي لمحافظات الضفة الغربية، منشورات وزارة التخطيط والتعاون الدولي، رام الله، فلسطين.
  27. وزارة الحكم المحلي (2003)، الحكم المحلي الفلسطيني في ثماني سنوات (1994-2003)، منشورات وزارة الحكم المحلي، رام الله.فلسطين.
  28. وزارة الحكم المحلي، (2007)، الرؤية الجديدة، رام الله، فلسطين.
 المراجع الاجنبية:
  1. Benvinisti, M. and Khayat, S. (1988), The West Bank and Gaza Atlas, Jerusalem Post, Jerusalem.
  2. Coon, A. (1992), Town Planning Under Military Occupation, Dartmouth Publications, England.
  3. GTZ, Laendliche Regionalewicklung. Strategicelemente fuer eine Umsetzung des LRE- Konzepte unter veraenderten Rahmenbedingungen, Eschborn, 1993.
  4. Karin, Walter,(1993),  legal Aspects of Decentralization, UNDP-Workshop on Decentralization, Amman..
  5. Khamaisi, R. (1989), Israeli Planning and House Demolishing Policy in the West Bank, PASSIA Publications, Jerusalem.
  6. Mahrouk, A.R. (1995), “Physical Planning System and the Physical Spatial Structure of Human Settlements: The Case of Palestine from the late 19th Century to 1994”, Unpublished Ph.D. Thesis, Mackintosh School of Architecture, Glasgow, England.
  7. Montgomery, M. and Stern, R. and Cohen, B. and Reed, H., (Eds.),(2004), Cities Transformed. Earth scan. London.          
  8. Poppe, Manfred, (1997), Decentralized Development planning in Indonesia: Linking Organizational Structure and Planning Strategy, Spring Research Series, No 15, University of Dortmund, Germany.
  9. Rondineli, D., and Cheema, G., (1985), Decentralization in Developing countries, World bank paper, No.581, Washington.
  10. Todaro, M., (1981), City bias and rural neglect; the dilemma of urban development , ( A public issues paper of the population council), Washington , p> 81-82. 
  11. UN, Seminar on housing and community improvement in Asia and East, New Delhi, India,1955 .
  12. http://www.brooonzyah.net/vb/t54391.html.


خريطة رقم (2):  التقسيمات الادارية  والتجمعات السكنية والمستعمرات الاسرائيلية في  المحافظات الشمالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا