تحليل نمط توزيع جرائم السرقة
في مدينة حائل السعودية باستخدام نظم المعلومات الجغرافية
قاسم الدويكات
قسم الجغرافيا
جامعة اليرموك، إربد، الأردن
خالد بن حمد الفيصل
باحث في الجغرافيا، حائل، المملكة العربية السعودية
مجلة الجامعات العربية - مجلة علمية نصف سنوية محكّمة تصدرعن الجمعية العلمية لكليات الآداب في الجامعات الأعضاء في اتحاد الجامعات العربية المجلد السابع العدد الثالث 1432هـ/2010 م - ص ص 591 -627 :
ملخص :
الجريمــة هــي ظــاهرة اجتماعيــة تســعى الجغرافيــا لدراســة متغيراتهــا وأحجامهــا واتجاهاتهــا وأشــكالها وتوزيعها. ويفترض البحث الجغرافي وجود أنماط مكانية محددة لانتشار حالات الجريمـة التـي تتـأثر بصـفات الموضـع والموقـع الـذي يعـيش فيـه الإنسـان. والمـنهج الكـارتوغرافي هـو أحـد أقـدم منـاهج دراسـة الجريمـة. ونظــم المعلومــات الجغرافيــة (GIS) التــي اســتخدمتها هــذه الدراســة، هــي أحــد ث التقنيــات الكارتوغرافيــة لتمثيل وتحليل نمط انتشار حالات الجريمة. فقد تم توقيع حالات السرقة فـي مدينـة حائـل بالمملكـة العربيـة السعودية علـى الخريطـة الرقميـة للمدينـة باسـتخدام نظـام التوقيـع العـالمي (GPS)، وتحليـل نمـط انتشـارها واتجاهاتها، ومدى ارتباطها بالكثافـات السـكانية، والامتـداد العمرانـي، ومكـان سـكن الجنـاة، وصـفات الأمـاكن الطبيعية واستخداماتها.
وقد وجدت الدراسة أن نمط توزيع جرائم السرقة في حائل كان متجمعا بالنسبة لمواقع حدوث جرائم السرقة عـامي 1997م و2007م وأمـاكن سـكن الجنـاة. كمـا أظهـر التحليـل الكـارتوغرافي والإحصـائي وجـود ارتبـاط قـوي بـين مواقـع السـرقة ومواقـع سـكن الجنـاة. كمـا كشـفت عـن وجـود ارتبـاط قـوي بـين المراكـز المتوسطة لحوادث السرقة وأماكن سكن الجناة من ناحية، وبينهـا وبـين مركـز المدينـة أو قلبهـا الحيـوي مـن ناحية أخـرى. وتبـين مـن خـلال التحليـل المكـاني للإحـداثيات الرقميـة لمواقـع الجريمـة، وأمـاكن سـكن الجنـاة تبدل في اتجاه انتشارها بين عامي 1997م و2007م. حيث تحول اتجـاه انتشـارها مـن الشـمال الغربـي عـام 1997م، نحــو الشــمال الغربــي عــام 2007م، متــأثرا بشــكل واتجــاه الامتــداد العمرانــي، الــذي تــأثر بــدوره بالامتداد الجغرافي لسلسلة جبال آجا في شمال غرب المدينة.
A GIS-Based Pattern Analysis of the Distribution of Robbery Crime in the City of Hail\Saudi Arabia
Qasem AL Dweikat, Department of Geography,Yarmouk University, Irbid, Jordan.
Kalied Hamad Al Fiesal, Researcher in Geography, Hail, Saudi Arabia.
Abstract
Crime is a social phenomenon that geography seeks to investigate in terms of its variables, size, directions, forms and distribution. Geographic analysis assumes certain spatial patterns of crimes that are affected by the location and its characteristics. The cartographic approach is among oldest methodologies used to study crimes. This study sed Geographic Information Systems (GIS); a developed cartographic technique suited to represent and analyze spatial pattern of crimes. Global Positioning System (GPS) is also used to localize robbery cases at Ḥail as well as their patterns of distribution, directions, relation with demographic densities, urban expansion, and residence of offenders and the nature and use of the surrounding landscape.
The study has concluded that spatial pattern of robbery crimes at Ḥail was a cluster one in 1997 and 2007. Cartographic and statistical analyses have shown a strong relationship between the crime scene and offenders’ residences. It has also been shown that there is a strong relation between the mean centers of the robbery and offenders’ residences at one hand, and the city center (CBD) on the other hand. Locational analysis revealed that the co-ordinates of the robbery crime sites and the offenders’ residences, have changed between 1997 and 2007, from the northwest to the northeast. The direction itself is affected by the location and direction of the mountain Ajja at the northwest of the city.
مقدمة :
تُعد الجريمة من الظواهر البشرية التي لازمت الإنسان منذ بداياته على سطح الأرض. وكلما زاد عدد السكان واتسعت المساحة التي يقطنها الإنسان، زادت حاجاته واحتدم الصراع على الموارد. وازدادت حالات وقوع الجريمة وتنوعت، رغم كل القوانين والتشريعات التي تحمي مكتسبات البشر، وتطور وسائل تنفيذها.
وتهتم الجغرافيا بدراسة علاقة الإنسان مع بيئته الطبيعية والبشرية التي يعيش فيها. وحيث أن الجريمة سمة من سمات تفاعل الإنسان مع بيئته، ظهر الاهتمام الجغرافي بدراسة الجريمة. (الخريف، 1999) ونشأت جغرافية الجريمـة في أوروبا في القرن التاسع عشر تحت مظلـة علـم الإجرام الكارتوغرافي Cartographic Criminology (السبعاوي، 1995). وأدى تطور علم الإجرام الكارتوغرافي إلى ظهور مجموعة من الدراسات الايكولوجية Ecological studies of crime اهتمت بدراسة علاقة الإنسان بمحيطه الجغرافي. ثم تبلور ضمن إطارها العام عدة اتجاهات متميزة في معالجة الجريمة مكانياً. (الأصم، 1991).
وتحولت دراسات جغرافية الجريمة من التركيز على الأماكن والأقاليم والولايات والمدن والأحياء، نحو التركيز على دراسة العلاقات بين صفات عناصر محددة من التركيبة الحضرية للجريمة، والصفات الطبيعية للمكان، والفرص المتاحة للجريمة. وميزت بين موضع الجريمة وموقعها الذي قد يضم الحي والمجتمع والمدينة التي تحيط بمكان أو موضع الجريمة .
( Eck and .David, 1995)
وتسعى هذه الدراسة إلى تحديد نمط التباين المكاني لظاهرة السرقة في مدينة حائل من خلال التعرف على نمط توزيعها المكاني، وشكل واتجاه انتشارها، والمتغيرات الجغرافية المؤثرة في ذلك. ويقدم هذا الوصف التفسيري لأنماط الجريمة، معلومات تساعد المخطط وصانع القرار والمؤسسات والأجهزة التنفيذية المعنية بحماية المجتمع ومكتسباته على محاربة الجريمة، والحد من تكرار حدوثها.
مشكلة الدراسة :
زاد حجم جرائم السرقة في مدينة حائل من 365 حالة عام 1997م، إلى 635 حالة عام 2007م. (الأمن العام، 2007) ولا يمكن أن نعزو ذلك للزيادة السكانية فقط، بل إلى ما يترتب على عملية التحضر من تفاوت في البنية الاجتماعية والاقتصادية، للأفراد والأسر والأحياء والمجتمعات. وترتبط بعض الجرائم بالصفات الطبيعية والاجتماعية للأماكن. ويطلق الباحثون على المناطق والأحياء التي تتركز فيها الجريمة بالنقاط الساخنة Hot Spots. وتسعى هذه الدراسة للتعرف على احتمال وجود مثل هذه النقاط في مدينة حائل. وكيف تتوزع جرائم السرقة على صفحة اللاندسكيب، وطبيعة وشكل اتجاهها، والمتغيرات المؤثرة في ذلك.
أهمية الدراسة:
تبحث هذه الدراسة في العناصر الجغرافية للجريمة. وتستمد أهميتها من معالجتها لموضوع حيوي يؤثر على المجتمع. وما قد ينجم عنه من خطورة كبيرة على الأفراد والمجتمع على حد سواء. وهي تبحث في التوزيع الجغرافي لجريمة السرقة في مدينة حائل، وعلاقتها ببعض الخصائص المكانية، والسكانية، والاجتماعية، والاقتصادية. الأمر الذي قد يساعد صانع القرار على تحديد مواطن الخطر من الناحية الجغرافية وسبل معالجتها.
ولم يسبق دراسة هذه الظاهرة في مدينة حائل بخلاف عدد من المدن في المملكة العربية السعودية. فحظيت مدينة الرياض بعدد من الدراسات في هذا المجال مثل دراسة (مرشان، 1992)، و(الخليفة، 1993) و(الوليعي، 1993) و(آل حسين، 1987). وحظيت مدينة جدة أيضاً بعدد من الدراسات مثل دراسة (زعزوع، 1987).
أسئلة الدراسة :
1. ما هو نمط التوزيع المكاني لجرائم السرقة في أحياء مدينة حائل؟ .
2. ما هو اتجاه انتشار جرائم السرقة، والفواعل التي تؤثر فيها؟ .
3. ما علاقة مكان سكن السارق بموقع السرقة؟ .
. ما مدى ارتباط نمط توزيع الجرائم بالقلب الحيوي للمدينة؟ .
5. هل هناك نقاط ساخنة في مدينة حائل تتكدس فيها جرائم السرقة؟
الخاتمة والتوصيات :
أظهرت الدراسة أن نمط توزيع جنايات السرقة في عامي 1997 م و2007 م كان نمطاً متجمعاً. وأن هناك تركزاً لهذه الجنايات ولمساكن الجناة، في الأحياء القريبة من القلب التجاري للمدينة. وأظهر التحليل وجود علاقة قوية بين مكان سكن الجاني ومكان ارتكاب جريمة السرقة. حيث وقعت 56% من حالات السرقة ضمن الحي الذي يقطنه الجاني، بينما وقعت 25% من حالات السرقة ضمن الحي المجاور، و19% ضمن أحياء البعيدة.
وأظهرت النتائج وجود تباين كبير في اتجاه انتشار جنايات السرقة بين عامي 1997م و2007م. حيث كان اتجاه الجرائم في عام 1997م نحو الشمال الغربي، مقارنة باتجاهها نحو الشمال الشرقي في عام 2007م، الأمر الذي يتماشى مع نمط الامتداد العمراني للمدينة.
كما أظهرت النتائج وجود علاقة بين التوزيع الجغرافي للسكان وتوزيع حالات السرقة. فاحتوت الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية القريبة من وسط المدينة، بأعلى نسبة من حالات السرقة، في الوقت الذي تتناقص فيه الكثافة في الأحياء الهامشية الحديثة.
وتوصي الدراسة بضرورة أتباع استراتيجيات حماية مكثفة في المناطق الأقرب للقلب الحيوي للمدينة. ولا شك أن التحول في اتجاه الانتشار العمراني هو الذي أدى إلى التبدل في اتجاه انتشار الجريمة، الأمر الذي يعكس ضرورة الاهتمام بالتوزيع الجغرافي للمراكز الأمنية بما يتناسب مع التحول. بحيث يمكن زيادة عددها في المناطق الشمالية الغربية. وكذا في المناطق التي ترتفع فيها الكثافات السكانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق