التسميات

السبت، 16 يناير 2016

كتاب الجغرافيا والحلم العربي القادم - جيوبوليتيك : عندما تتحدث الجغرافيا - د. جاسم سلطان ...


الجغرافيا والحلم العربي القادم 

جيوبوليتيك 

عندما تتحدث الجغرافيا


للدكتور جاسم سلطان

سلسلة أدوات القادة - 8

  مشروع النهضة 

تمكين للأبحاث والنشر - بيروت - لبنان

الطبعة الأولى

يناير 2013 م

عندما تتحدث الجغرافيا!

صيد الفوائد - أحمد بن عبد المحسن العسَّاف -الرِّياض@ahmalassaf - الجمعة 06 من شهر ذي القعدة الحرام عام 1436 -21 من أغسطس 2015م :

  الجغرافيا مسرح التاريخ عبر الزمان، وموضع الحراك السياسي منذ القدم، وسبب في الحروب على الموارد، ومحل نظر الساسة الذين يسعون لصالح شعوبهم وبلدانهم. ومع أن هذه المادة ممتلئة حيوية وتأثيراً، لا يكاد يستسيغ أحد من الطلاب دراسة مادة الجغرافيا طيلة حياته، ولا يذكر منها إلا الخرائط الصعبة، والمعلومات الكمية التي تُنسى بعد نهاية الامتحان مباشرة؛ بسبب المحتوى التعليمي لها، وطريقة عرضه، وإن اجتهد بعض أفاضل معلميها؛ لينفع الدارسين.

  ولذا استهل الناشر لهذا الكتاب بكلمة تجذب القارئ حين قال: بليغة هي الجغرافيا حين تحدثك دون وسيط، وفي هذا الكتاب ستسمع وترى وتقرأ، وربما تصالح علماً خاصمته يوماً بسبب نقله بجفاف، حيث يفسر لك كثيراً من القضايا السياسية المتداخلة، ويمنحك أداة تفهم بها التاريخ، وتعمق قراءتك للواقع، وتزيدك مهارة في استشراف المستقبل.

  والكتاب المراد عنوانه: جيوبوليتيك: عندما تتحدث الجغرافيا، تأليف د. جاسم سلطان، صدرت طبعته الأولى عن دار تمكين للأبحاث والنشر عام (2013م)، ويقع في (205) صفحات بطباعة ملونة، ذات رسومات توضيحية، وقد اجتهد المؤلف في تقريب محتوى هذا العلم الضخم للقارئ غير المختص، بما لا يثير حفيظة أهل الفن.

  وهو الكتاب الثامن في سلسلة أدوات القادة، ويتكون من مقدمة، وتمهيد، وقسمين؛ ويُعنى القسم الأول بالمقدمات النظرية لهذا العلم، وفيه خمسة فصول. وأما القسم الثاني فخاص بتطبيقاته العملية، وفيه خمسة فصول أيضاً، وبعد نهاية كل فصل من فصول الكتاب، يضع الكاتب ملخصاً توضيحياً في صفحة واحدة. 

  أما المؤلف فهو طبيب قطري، ولد عام (1950م)، وله نشاط إسلامي وفكري، ويصرف جل اهتمامه وتآليفه لمشروع النهضة، وتمكين جيل جديد لقيادة العمل الإسلامي في المرحلة القادمة بعلم، ووعي، وأدوات لا يستغني عنها أي قيادي؛ خاصة في العمل السياسي، والحقوقي، وما يرتبط بهما، حتى لا نؤخذ من جهلنا ببعض العلوم المؤثرة، وكي لا نكون مطية لظلم، أو مشاركين في اتخاذ قرار غير محسوب ولا مدروس، وما أحرى أن يلتفت بعضنا للعلوم الإنسانية؛ لأهميتها، وعمق أثرها، ولا يناقض ذلك العلم الشرعي، وسموه، وأولويته.

  جاء في المقدمة أن الجغرافيا إما فيزيائية أو بشرية، والبشرية لها فرعان هما: الجغرافيا السياسية التي تدرس الدولة داخلياً، والجيوبوليتيك الذي يدرس علاقة الدولة بمحيطها القريب والبعيد والأبعد، وعلاقة ذلك بسياساتها. ومع أن دراسة الجغرافيا لم ترق لكثير من الطلاب؛ إلا أنها مادة ماتعة حين تُكسر رتابة تعليمها، ومفيدة إذا نظرنا لفوائد دراستها التالية:

1. معرفة كيفية صناعة القرار الدولي.
2. استيعاب طبيعة التدافع البشري.
3. فهم أسباب الصراع على أرض شرقنا الإسلامي.
4. إدراك آثار المتغيرات الدولية علينا.

   وذكر المؤلف في التمهيد، أن هذا الكتاب هو الثامن في سلسلة إعداد قادة النهضة، حيث يدرس علاقة الظاهرة السياسة بالمكان، وماله من أهمية كبرى في السياسة الخارجية والداخلية؛ فالجغرافيا السياسية تنظر للعالم كبقع قوة، وبناء على فهمها توضع السياسات، وتتخذ القرارات، وفي ضوئها تدرس مشكلات الحدود، والمشكلات الاستراتيجية للدول كالتي تفتقد المنافذ البحرية مثلاً، ومن خلالها تحصر موارد البلدان، والإحصاءات الدقيقة عنها.

  ثم تناول د. السلطان مناهج البحث في الجغرافيا السياسية، وصولاً إلى الجيوبوليتيك-وهو لب الكتاب-التي تحدد طموحات الدولة، وضرورات الوجود والاستقرار، مع نظر فاحص للمستقبل، ورسم مسار بلوغه، فكأن الجغرافيا السياسية تقرير واقع، والجيوبوليتيك هو التخطيط للمستقبل، من خلال هذا الواقع بفرصه ومخاطره، وعوامل قوته وضعفه.

  عنوان القسم الأول: المقدمات النظرية لعلم الجيوبوليتيك، ويقع في واحد وستين صفحة، ويتكون من خمسة فصول، أولها بعنوان: طبيعة العالم، فالثابت أن هذا العالم في تغير مستمر، ولهذه الحقيقة اعتبار مهم في فهم مجريات الأحداث، والحلم بالأحسن، والخوف من الأسوأ، وعلى كل مهتم بالأمن القومي، ومستقبل البلاد أن يفطن لهذه الحقيقة، ولا يهملها، ويضعها نصب عينيه.

  ومن هذا الباب، إدراك أبعاد السياسة بأدواتها الكبرى: العلم والمنجزات العقلية، والاقتصاد، والقوة العسكرية، لأنها في حال تغير مستمر، وقد نجم عن الاختلاف في هذه الأدوات تدافع كوني مستمر، رائده اختلاف الأفكار، أو ندرة الموارد، أو تنوع الاحتياجات.

  والإنسان هو المحرك الأكبر لهذا التدافع، وغايته من ذلك ضمان وجوده، وتثبيت استقراره، وتنمية موارده. وتتحكم ثلاثة عناصر بالصراع البشري لتحقيق الغايات الآنفة، وهذه العناصر هي: القدرة على التنظيم، ونوع السلاح، وسهولة الحركة.

عنوان الفصل الثاني: نظريات العلاقات الدولية ومتخذ القرار، فمن الحكمة أن نعلم كيف يفكر عالم القوة؛ كي نحسن التعاطي معه. ثم حلل الباحث مدخلات اتخاذ القرار إلى عدة عوامل، تشترك معاً في صنع القرار، وتختلف درجة تأثيرها باختلاف قوتها، وهذه المدخلات هي: الفرد وتوجهاته ونظرته للآخرين، والدولة وتقديرها لمصالحها، والمؤسسات الدولية وموقعها من الأحداث.

   وتحدث المؤلف عن نظريات العلاقات الدولية، وأشار إلى تداخلها في الواقع العملي، فربما يكون المحافظ ليبرالياً في الاقتصاد، وبالتالي فلا غرابة أن يجتمع عند الشخص الواحد طيف من المواقف من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. ويؤثر تصور صانع القرار عن العلاقات الدولية على خياراته، فهل ينظر للبشر على أنهم منطقيون أم عشوائيون لا يمكن توقع تصرفاتهم؟ وما تقييمه للساحة الدولية؛ وهل هي عالم مصالح متبادلة أم قد دبت فيها الفوضى؟ وكيف يرى دور الدول، وهل هي اللاعب الأساسي أم أنها تخضع لمصالح فئة أو طبقة؟ وأخيراً فهل للمنظمات الدولية قيمة حقيقية أم أنها مجرد غطاء عند الحاجة؟

ثم استعرض باختصار خمس نظريات للعلاقات الدولية، هي:

1- النظرية الليبرالية: وترى استقلال المجتمع والاقتصاد عن تدخلات الدولة قدر المستطاع، وأهم أركان هذه النظرية هو النظام الرأسمالي، وتنظر إلى عدة مرتكزات تتفاعل فيما بينها لتحقيق مصالحها، وهي الدول، والمنظمات، والأفراد، وطبيعة النظام الدولي.
2- النظرية الليبرالية الجديدة: وتقع في أقصى يمين الطيف الليبرالي، وتطلق العنان للرأسمالية دون قيود، وتزامنت معها فكرة العولمة، واختلطت برؤية قومية أمريكية، ورؤى دينية نصرانية، ولذا فالتعابير الدينية حاضرة في خطابها، وكم عانى شرقنا الإسلامي منها؛ خاصة إبان رئاسة بوش الابن عامله الله بما يستحق.
3- النظرية الواقعية: وترى أن الإنسان أناني بطبعه، وأن السياسة الدولية صراع من أجل حيازة القوة، ولا يوجد مسؤول عن النظام الدولي؛ وبالتالي فلا مناص من استمرار الصراع. وتقيس هذه النظرية الأخلاق بالنتائج؛ فكل عمل يحقق نتيجة جيدة فهو أخلاقي! ولا أمان فيها للدول عبر المعاهدات، خاصة مع تغير موازين القوى.
4- النظرية الواقعية الجديدة: تؤمن بمبدأ توازن القوى، الذي تحدده بنية النظام بما فيه من دول، ومنظمات، ووحدات فاعلة، وبالتالي فلابد للدولة أن تزيد من قوتها، وتنتبه لبنية النظام وتأثيراته، وتسعى للتحكم فيه. وتعد سياسة الاحتواء خلال الحرب الباردة نموذجاً تطبيقياً لهذه النظرية.
5- النظرية اليسارية الجذرية: واللاعبون الأساسيون في السياسة الدولية بحسب هذه النظرية هم الطبقات الاجتماعية، والصفوة السياسية، والمنظمات الدولية. وترتكز هذه النظرية على محاربة الرأسمالية ومفاهيمها وأدواتها، والسعي لتقليص نفوذها في العالم، وسلوك الاتحاد السوفييتي-السابق-التوسعي بالفكر وبالحرب تطبيق واضح لهذه النظرية.
وعرج بعدها على مواقف الدول الأقل حظاً حيال الترتيبات الدولية، حيث تنقسم مواقفها إلى:
• الاستقلال: مثل الهند، وتركيا، وربما نضيف البرازيل أخيراً، وهي دول تحاول بناء قدراتها، مع اعترافها بالوضع القائم، وتحاول تخفيف ضغط الأقوياء عليها، وتتحرك من داخل قواعد اللعبة صوب الاستقلال.
• التبعية: مثل كوريا الجنوبية، وبريطانيا في السياسة الخارجية، وشرقنا الإسلامي في جل شأنه مع الأسف، وتمتلك هذه البلاد هامش صغير للمناورة، وأكثر تصرفاتها موسومة بالتبعية المطلقة للأقوياء، وإن ضحت بمصالحها وقيمها، ومن المؤكد أنها لا تفكر بالاستقلال بله أن تسعى له.
• التمرد: مثل إيران، وكوريا الشمالية، وهي تعلن عن تمردها على السياق الدولي، وترفض فكرة دول المركز، وتفوق الإنسان الأبيض.
   
   حلم السيطرة على العالم هو عنوان الفصل الثالث، واتخذ الباحث من جنكيز خان نموذجاً للدراسة والتطبيق، حيث وجد د. السلطان أن جنكيز بدأ مسيرته لتحقيق حلمه بنقل قومه من مرحلة الفرقة إلى الوحدة، وبعد تحقيق الوحدة ارتقى طموحه إلى إخضاع العالم، فانساحت جيوشه في كل مكان، ليضع بعدها دستوراً ينظم شؤون إمبراطوريته مترامية الأطراف، وازدادت رقعة الدولة امتداداً، وكثرت جبهات القتال، ليبدأ بعدها العد العكسي، وتتعرض وحدة الإمبراطورية لنخر في أساسها بسبب اختلاف العقائد، والصراع حول السلطة، والاستقواء بالخارج. 

   ومع أن دولة المغول قد تلاشت إلا أن حلم السيطرة على العالم لايزال حياً، ولم يغادر مسرح الأحداث العالمية، وتسعى له الدول القوية، ومن الحكمة أن تتعامل معه الدول الضعيفة، بسياسة تحمي مصالحها وقيمها، وأن تفيد من تصارع الكبار؛ لتنجو وتزداد قوة.

  ويحمل الفصل الرابع عنواناً لافتاً، وهو الجيوبوليتيك ومقاربة حلم الإمبراطوريات، ويؤكد المؤلف في مقدمته على ضرورة الاقتراب من هذا العلم من قبل قادة الأمة، ليفهموا العالم وحركته. ومع تجاوز التسمية الأكاديمية، وهل هو جيوبوليتيك أم جيواستراتيجي، فإنه يظل عنصراً أساسياً في رؤية عالم اليوم، ومن خلاله تتضح علاقة الجغرافيا بقوة الدولة أو ضعفها، ويمكن بواسطته تفسير سياسة الدول، وتحركاتها.

  ولد هذا العلم في حضن الإمبراطورية البريطانية، وأصبح خادماً لأحلامها، وأساساً لفهم السياسة الدولية، لأن كل دولة تحدد عناصر قوتها وضعفها، ولوازم وجودها، واستقرارها ونموها، ورؤيتها لنفسها ومكانتها في العالم، وسبل استخدام القوة المتاحة لها.

ولهذا العلم أربع نظريات شهيرة؛ هي:

1- نظرية راتزل: ظهرت في كتابه الجغرافيا السياسية المنشور عام (1897م)، وملخص نظريته أن الدولة كائن حي ينمو وتزداد حاجاته، وبالتالي فالحدود ليست نهايات للدول، ولذا اعتبر أن الحدود شفافة وليست مادية؛ بمعنى أن الدولة يحق لها التدخل حيث وجدت مصالحها، وأما سيادة الدول فتحت أقدام هذه النظرية، التي تعمل بها القوى العظمى متى شاءت؛ بالترغيب تارة أو بالترهيب لمن عصى!
2- نظرية ماكندر: حيث قسم العالم إلى مناطق، وقال بأن من يسيطر على قلب العالم (الاتحاد السوفييتي) يسيطر على الجزيرة العالمية (آسيا وأوروبا)، ومن يسيطر على هذه الجزيرة يتحكم في العالم. ومن خلال نظريته ولدت ثنائية قوى البر، وقوى البحر، مع ميله لتفضيل قوى البر، لأنه يصعب على القوة البحرية بلوغ الأعماق، ولم يدر بخلده أن للجو قوة، ستجعل المناطق الحصينة رخوة أمامها، وكانت هذه النظرية حاضرة بقوة في الحربين العالميتين.
3- نظرية ماهان: وهو أميرال بحري أمريكي، ومن الطبيعي أن يزعم بأن التفوق لقوى البحر دوماً، خلافاً لنظرية ماكندر، وقد بنى الرئيس الأمريكي روزفلت سياسته على هذه النظرية، التي تدعو لإنشاء قوة بحرية ضاربة، فلا عجب أن يكون لأمريكا ثلاثة عشر أسطولاً بحرياً تجوب بحار العالم ومحيطاته.
4- نظرية سبيكمان: وهي النظرية التي تدار بها السياسة الدولية اليوم، وتقوم على ركنين، الأول: صنع نظام عام لتوازن القوى كالأمم المتحدة، والثاني: أن من يسيطر على هلال الجزيرة العالمية يتحكم في مصير العالم، ويشمل هذا الهلال شرقنا الإسلامي وأجزاء من أوروبا والصين وكوريا.
وعنوان الفصل الخامس: الاقتصاد والسياسة والأمن القومي، وذكر المؤلف بأن الثورة الصناعية جعلت أوروبا قوة إنتاج عملاقة، وتحتاج لمواد خام كثيرة، وأيد عاملة متوافرة ورخيصة، وأسواق فيها قوة شرائية ونهم استهلاكي، مع تأمين استمرار تفوقها في الإنتاج والتسويق، وصنعت هذه المزايا نظاماً اقتصادياً عالمياً معاصراً، يمكن تقسيمه إلى:

1- دول المركز: وفيها حكومات قوية، ونظام صارم، وجيش عريق، ولديها مؤسسات اقتصادية كبيرة، واقتصادها متوازن بين الزراعة والصناعة، والتجارة والخدمات والتمويل، ولديها عوائد ضريبية مناسبة، وتستثمر المواد الخام في التصنيع والإنتاج. وتتنافس هذه الدول على الموارد، والأسواق العالمية، وعلى دول الأطراف، وتحرص على التفوق في الإنتاج الذي يقود لتفوق في التبادل التجاري، وأخيراً للتفوق الاقتصادي، وغالباً يؤدي هذا التفوق إلى قوة عسكرية ضاربة.
2- دول الأطراف: وحكوماتها ضعيفة غالباً، ومستبدة، وهيكلها الاقتصادي مختل، وناتجها الوطني ضعيف، وجل اعتمادها على المواد الخام استخراجاً ثم تصديراً لدول المركز، التي تستورد المادة الخام بسعر رخيص، ثم تعيد ضخه على هيئة منتجات في أسواق دول الأطراف. وتعاني هذه الدول من الفقر، والطبقية، والخضوع للشركات عابرة القارات، ولدول المركز.
3- دول بينية: تقع بين دول المركز والأطراف، وقد تمارس أحياناً دور الوسيط، وهي غالباً إما دولة مركز تآكلت، أو دولة طرف تطورت.
4- مناطق خارجية: وهي دول تحتفظ باقتصادها الذاتي، وتحمل عقيدة مقاومة للغرب، ولم تصبح جزءاً من النظام العالمي الاقتصادي، مثل كوريا الشمالية، وإيران، وربما السودان في بعض التصرفات.

  وأما ميلاد مصطلح الأمن القومي فمرتبط بالشؤون العسكرية، بيد أنه توسع بعد ذلك؛ ليشمل القضايا الاقتصادية، والقيمية، وصار ذريعة لإلغاء فكرة الحدود الصلبة للدول، وإحلال الحدود الشفافة بدلاً منها، مما يعني إمكانية تدخل الدول القوية في شؤون غيرها؛ بحجة حماية أمنها القومي.

   ويبدأ بعد ذلك القسم الثاني من الكتاب بعنوان: تطبيقات الجيوبوليتيك في العالم، ويستهله المؤلف بالفصل السادس تحت عنوان الجيوبوليتيك، ويعيد تعريفه بأنه علم يدرس علاقة الدولة بمحيطها الخارجي، وبنائها سياساتها وتصوراتها على هذا المحيط، وعلاقتها به تأثيراً وتأثراً، وغاية ذلك تحقيق المصالح واجتناب المخاطر، حيث أصبح العالم في نظر صناع السياسة الدولية وحدة استراتيجية كبرى، مقسمة إلى مناطق مثل لوحة الشطرنج؛ وفي هذا التشبيه إشارة إلى كثرة اللاعبين، وارتفاع عدد الاحتمالات والسيناريوهات المتوقعة، مع أهمية أن تكون "الأمة" لاعباً محترفاً؛ وليست رقعة شطرنج تدار بأيد نجسة، ونفوس آثمة!

  وضرب د. جاسم النفط مثلاً في التأثير على التحركات العالمية الاستراتيجية، فالنفط ليس علاقة ثنائية بين بائع ومشترٍ، بل شبكة متداخلة من العلاقات والمصالح المتبادلة، والأخطار المتوقعة، ودول العالم معنية بحماية آباره، وتأمين طرق استخراجه، وخطوط إمداده، وموانئ تحميله، وأسواق بيعه.

  ثم عرض د. السلطان خريطة العالم، وقدم وصفاً وافياً عن كل جزء منها، وفي هذا الجزء بالذات، أُفضّل أن ينظر القارئ في خريطة العالم؛ كي يستوعب الشروحات، ويعرف أهمية أوكرانيا، ودول البلقان، والبحر الأسود، وخطورة بحر قزوين في موقعه وثرواته. كما يوضح الشرح أن مصطلح "الشرق الأوسط"، يختلف باختلاف القوة التي تستخدمه، والغرض المراد منه، وهو مصطلح هزيل، ووافد استعماري بغيض، والله يغنينا عنه قريباً.
الفصل السابع عنوانه: مستويات وطبقات دول العالم، وهي ستة مستويات كما يلي:

1. دول المبادرة: أنشط لاعب في المجال السياسي، وتتميز باستقلال القرار، وامتلاك القدرة على الفعل، ولديها الاستعداد للخروج من حدودها لتغيير الوضع الجيوبوليتيكي، مثل أمريكا، وروسيا، وفرنسا.
2. دول القابلية: تمتلك القدرة والإرادة، ولكن ملعبها ضيق الحيز، وليس لها أثر على المسرح الدولي حتى الآن، مثل الصين، والهند.
3. دول الطموح الإقليمي: لديها قدرات بيد أنها لا تؤهلها لحضور دولي، فتكتفي بمحاولة فرض السيطرة إقليمياً، مثل تركيا، وإيران.
4. دول المسرح: تمتلك موقعاً أو موارداً مهمة لدول المبادرة، وليس لديها قدرة؛ ولا إرادة مستقلة، فتغدوا مسرحاً يعيث به الأقوياء ويعبثون، وشرقنا الإسلامي هو المثال المحزن!
5. دول الخمول: لديها إمكانات هائلة؛ لكنها تفتقد الدافع أو الإرادة لسبب أو لآخر، وتفضل أن تبقى ظلاً لدولة كبيرة، والمثال البارز، تبعية اليابان وبريطانيا في السياسة الخارجية لأمريكا.
6. دول الحضور: تمتلك طموحاً، وبعض الإمكانات، وتسعى للتأثير الإقليمي، وضرب المؤلف المثل بدولة قطر، وقد يصدق هذا الوصف أيضاً على البرازيل، وجنوب أفريقيا، وربما يصح إطلاق صفة الحضور، على الدول التي ليس لها قدرة إلا على التخريب والإفساد؛ كالنظام السوري مثلاً.

  ويهتم الساسة بمعرفة طموح القادة ورؤيتهم، وقدرات الدول وإمكاناتها، وتحديد احتياجاتها ومخاوفها، ودراسة محيطها وعلاقتها به، ومعرفة أثر تحركاتها على القوى المحيطة، ومن مجموع هذه المعلومات يحسب السياسي الآثار المترتبة على تحركات الآخرين، ويصوغ سياساته لتؤدي إلى أحد هذه النتائج مع الأطراف الأخرى:

• معادلته استراتيجياً، كما في تحركات روسيا وأمريكا إبان الحرب الباردة.
• مشاركته استراتيجياً، كما في تعاطي أمريكا مع التدخلات الفرنسية في أفريقيا، حيث سعتا لتبادل الأدوار، والاشتراك في الغنائم.
• السيطرة عليه استراتيجياً، كما فعل الغرب مع اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، أو تقليل الخسائر واحتواء الأضرار، كما في التعامل مع الثورات العربية.

   بعض تطبيقات الجيوبوليتيك: أمريكا نموذجاً، هو عنوان الفصل الثامن، فأمريكا قوة بحرية في الأساس، وتواجه قوى البر في أوراسيا، وتحالفها الاستراتيجي غالباً مع قوى بحرية كبريطانيا واليابان، وتقوم فلسفتها في العلاقات الدولية على أنها مركز العالم، ويجب ترتيب العالم لتحقيق مصالحها ورؤيتها. ولها سيطرة تامة على أمريكا الشمالية؛ لكنها خارج قارتها تجد منغصات من دول أقل منها بكثير، مثل كوبا، وفنزويلا، ودول أمريكا الجنوبية؛ التي شرعت في الانعتاق من الهيمنة الأمريكية.
واتخذت أمريكا عدة ترتيبات عسكرية للسيطرة على العالم، وهي:

1. الأساطيل البحرية: فلها ثلاثة عشر أسطولاً تجوب المياه المفتوحة والمغلقة؛ لتكون قريبة من أي بقعة تحتاج إلى التدخل فيها. ويتكون كل أسطول من حاملة طائرات، وسفن هجوم برمائية، وغواصات، وسفن لصواريخ كروز، والمدمرات، والفرقاطات.
2. القواعد العسكرية: يوجد في أمريكا ستة الآف قاعدة تقريباً، وتنتشر سبعمئة قاعدة عسكرية أمريكية في أكثر من مئة وثلاثين بلداً حول العالم.
3. التسهيلات العسكرية: وتقوم مقام القواعد العسكرية، حيث تسمح الاتفاقيات الموقعة مع بعض الدول باستخدام أراضيها ومرافقها.
4. الأحلاف العسكرية: ولم يتبق منها إلا أشهرها وهو حلف النيتو.
5. حرب النجوم: نظام دفاعي يعتمد على المحطات الفضائية، واستخدام أسلحة الليزر؛ لإسقاط أي هجوم بأسلحة بالسيته موجهة ضد أمريكا.
6. الدرع الصاروخي: نظام دفاعي لتحييد الصواريخ عابرة القارات.
7. التحكم بشبكة الاتصالات: فكل رسائل البريد الإليكتروني تحط رحالها في أمريكا، ثم توزع حول العالم.
وأفادت أمريكا من ترتيبات غير عسكرية؛ للسيطرة على العالم، وهي:

1. الأمم المتحدة: وثمن مبناها الضخم مقترض بلا فوائد من اليهودي روكفلر! وتتخذها أمريكا غطاء "شرعياً" لأعمالها. ومع أن الأمم المتحدة أسست وفق نقاط طرحها الرئيس ويلسون؛ ثم بنى عليها الرئيس ترومان مقترحه لإنشاء المنظمة، من أجل حفظ السلم والأمن، إلا أن أمريكا دمرت هيروشيما بالقنابل النووية، بعد واحد وأربعين يوماً من توقيعها على ميثاق الأمم المتحدة!
2. التحكم في اقتصاد العالم من خلال أذرعة دولية كصندوق النقد، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية.
3. الإنتاج المعرفي الضخم والمتنوع.
4. الإعلام ووسائل الترفيه.

  وبذلك، سيطرت على العالم ومفاصله الحساسة، بالقوة الناعمة، وبالقوة الصلبة.

عنوان الفصل التاسع: عالم ما بعد أمريكا، وفيه فحص المؤلف الدول التي يمكن أن تنافس أمريكا من خارج معسكرها، وبدأ بالصين؛ ذلكم التنين الذي يفقد الحضور الدولي الفاعل إلا في حدود ما يحفظ مصالحه، وفي نطاق ضيق قدر الإمكان، ولذا فنبرة التهديد الصينية غائبة إلا إذا مست قضاياها الجوهرية. 

  ومع تمسك الصين بأيديولوجيتها داخلياً واجتماعياً؛ إلا أنها يممت وجهها نحو الاقتصاد الرأسمالي، وحققت نجاحات متوالية، مما جعل الغرب يقف حائراً أمامها، ولا يدري متى يحق له أن يقلق منها، خاصة أن الأزمات التي تعصف بالغرب، ربما تغير الميزان الاستراتيجي لصالح الصين المستقرة اقتصادياً، ويزداد شأن الصين خطورة إذا ما تحالفت مع روسيا التي خت من بين الأنقاض، وارثة قوة وموقعاً، وطاقات وثروات، لن تظل ساكنة ألبته؛ خصوصاً عندما تسنح الفرصة لفعل ما.

  ثم انتقل الكتاب إلى دول نمور آسيا، وهي سنغافورة، وماليزيا، وتايلند، وإندونيسيا، وكوريا الجنوبية، وهونج كونج، وأستعرض د. جاسم نهوض هذه البلدان من كبوتها الاقتصادية، وغزوها أسواق العالم، وشركاته وخدماته، ومع أن مواردها ليست بوفرة موارد العالم العربي؛ إلا أنها أفادت من الموجود، وجعلت لنفسها مكانة قابلة لمزيد من النمو والتأثير في المستقبل.

  ووقف المؤلف عند تركيا، ذات التاريخ الباذخ في القوة والمجد أيام الدولة العثمانية، وكيف بدأت تستعيد عافيتها بعد صعود حزب العدالة والتنمية للحكم، ولم ينس النظر إلى ما أسماه اللغز الإيراني، فهي دولة ذات حضارة ومعتقد وقومية، وتمتلك مواصفات النشاط الإقليمي، وتربك جميع اللاعبين في المنطقة، لاسيما مع اختلاف خطابها الدبلوماسي، عن خطابها المذهبي، إلى حدِّ التناقض.

  والخلاصة من هذا الاستعراض، بروز عدد من المظاهر المشتركة عند غالب هذه القوى، وعلى رأسها وجود راية فكرية تحكم توجه الدول وسياساتها، مع اهتمام لاهث بالمعرفة؛ والسبق لها وللمخترعات، يدفعه رهان كبير على القوة الاقتصادية، مع عناية فائقة بتحسين الصورة الإعلامية للدولة، وقيمها، وشعبها، دون غياب الحسابات الدقيقة لأثر التحركات، والتحركات المضادة.

  ومن الطبيعي بعد هذا التطواف الجميل أن يكون عنوان الفصل العاشر والأخير: نحو نظرية جيوبوليتيكية عربية، وابتدأه المؤلف بتحديد الأهداف التي يجب أن تسعى لها الدول العربية؛ لتكون من دول المركز القوية الفاعلة، وليست من دول الأطراف المفعول بها.

ويمكن اختصار هذه الأهداف بما يلي:

• الاستقلال في القرارات عن التدخل الأجنبي.
• النظام السياسي المستقر.
• القوة العسكرية.
• الاقتصاد المتوازن والمنتج مع مناسبة العائد المالي.
• التفوق التقني والمعرفي.
• العلاقات المتكافئة مع القوى الأخرى.

  ثم كرر المؤلف مأساة تدريس الجغرافيا في بلادنا، وما نجم عن ذلك من جمود فكري في هذا العلم الحيوي، وما تبعه من فراغ ضخم في العقل العربي، وفي عقل صاحب القرار بالتبع، وكانت النتيجة الحتمية اختفاء أي نظرية جيوبوليتيكية عربية، ومع وجود علماء بلدانيين وجغرافيين في بلاد المشرق، إلا أن جهودهم قصرت عن جهود نظرائهم، مثل ماكيندر الإنجليزي، وهاوسهوفر الألماني، وماهان وسبينكس الأمريكيين.

  ويتساءل د. جاسم: هل آن الأوان لنحرر إرادتنا، ونفكر في وضعنا ككتلة عالمية، ونتخلص من حال التذبذب، ونتجاوز الانقسام والتشرذم، وطغيان المصالح التكتيكية على الأهداف الاستراتيجية الكبرى، وننتصر على العوامل التي أدت إلى هذه الصورة الحزينة، وعلى رأسها طبيعة النظم السياسية، وغياب الأمة، والارتباط العميق بالمشاريع الغربية، وضيق النظرة المصلحية؟! وإن وحدة مصير هذه الأمة، لكفيلة بسوقها نحو التعاون والاتحاد، خاصة لو أن هناك من يعي ذلك، أو يحرص عليه، ويدفع اللاعب السياسي نحوه دفعاً.

  وأعاد المؤلف للأذهان بعض الحقائق الجغرافية عن عالمنا العربي، فهو رابع أكبر وحدة سياسية في العالم، بعد الصين والهند وأمريكا، حيث يتجاوز ثلاثمئة مليون نسمة، ويحتل عشر مساحة العالم، وموقعه متميز بإطلالته على البحار والمحيطات، وربطه بين القارات، ووجود أهم المضائق المائية فيه، فضلاً عن كونه خزان الطاقة للعالم، ولم يستخدم من أراضيه الصالحة للزراعة سوى ثلثها.

  ومن المعيب أن نعجز عن إيجاد موقع عالمي مناسب لنا، فذاكرة التاريخ تسعفنا بمجد لم ننس أيامه بعد، وحقائق الجغرافيا تساند هذا الطموح، وواقع الاقتصاد والثروات يؤيدنا، فما الذي يمنعنا من صياغة مستقبل مشرق لأمتنا؟ وما الذي يحول عن نفض غبار الهوان عن جسد أمتنا؟ أهو عجز عن الفكرة؟ فأين النخب؟ أم هو خور الساسة، ودنو الهمة، والمصالح الآنية الضيقة؟ أم أنه مركب من جمود الفكر، وخذلان الساسة، وضياع معنى الأمة؟

  ألم يأن لأمتنا أن تتجاوز وضعها السياسي المرتبك في خضم الانقلابات، وغموض التوارث، وسلب حق الأمة في المشاركة والاعتراض؟ ومتى نتجاوز الأفكار الانقسامية التي تتزايد في مجتمعاتنا، وتتناسل معها عوامل التفرقة، ما بين عرقية، ومذهبية، وجهوية، وطبقية؟ وكم نحن بحاجة لمظلة واحدة تجمعنا، وما يجمع الناس إلا الدين، واللغة، والتاريخ، والمصير المشترك، وكلها عوامل تتوافر للأكثرية، ولا مصلحة للأقلية المختلفة إلا مع الأكثرية المتوافقة، إن فهم الطرفان لوازم ذلك، وأدى كل طرف ما عليه تجاه الآخر.

  ثم ناقش المؤلف تحديات التنمية، والتخلف المعرفي، ومسائل الأمن القومي، وأطال الحديث عن القضية الفلسطينية، ووجود إسرائيل في جسم عالمنا، وآثار هذا الوجود على أي مشروع يجمع أهل المنطقة على كلمة سواء، وخلص إلى أن المعركة الكبرى تكمن في صناعة وعي جديد، بأفكار عظيمة، تنطلق من المسلمات، وتفيد من العلوم الاجتماعية والإنسانية، وهو ما تسعى إليه هذه السلسة، التي يحتل كتابنا منها الترتيب الثامن.

   والحقيقة التي لا مناص من الوقوف معها كثيراً، هي أن أمتنا عانت في القرون المتأخرة من صنوف الذلة والهوان، ما يندى له جبين الأحرار، وإن لم تفكر في تغيير نفسها، وإزالة عوامل عثارها، وصنع مستقبل جديد ينطلق من واقع حيوي رشيد، فلن تكون أيامها القادمة أحسن مما سلف؛ خاصة مع إحاطة شرقنا الإسلامي بمشاريع متناحرة علينا، وعلى ثرواتنا، ومتفقة على عداء ثقافتنا، وإقصائها عن أي مشهد ثقافي أو إنساني أو تنموي، فضلاً عن عالم السياسة، والاقتصاد، والقوة، والسيطرة.


الجيوبولتيك.. عندما تتحدث الجغرافيا عن مستقبل العالم


أحمد درويش - إسلام أون لاين - يناير 31st, 2013 

  كبيرة هي أحلام العرب، وعديدة هي متطلبات تحقيق هذه الأحلام، وفي الوعي العربي تصورات حول أهمية الحلم ووجوب العمل على تحقيقه.. لكنّ دوافع تحقيق هذه الأحلام يبقى ضبابيا في ظل غياب عاملين رئيسين:

العامل الأول: عدم إدراك ما هي أدوات تحقيق الحلم العربي الكبير.

والعامل الثاني: الإرادة القوية التي من خلالها يتم استخدام الأدوات في تحقيق الحلم.

  إنها إذا أدوات ووعي بأهميتها في المقام الأول، وإرادة صلبة على استخدام هذه الأدوات ضمن مسار وخطة لتحقيق الحلم العربي الكبير. هذا الحلم يمكن اختصاره في كلمة هي أكثر ما تستخدم اليوم “النهضة”.. وبين نهضة ونهضة يكمن الفارق في تحديد الأدوات ورسم الخارطة الكبرى للمسار.

  من هنا يسلط الدكتور جاسم سلطان مؤلف كتاب “الجغرافيا والحلم العربي القادم (جيوبولتيك)” الصادر عن دار “تمكين” للأبحاث والنشر، الضوء على أداة مهمة وأساسية، هي أداة الجيوبولتيك. هي تلك الأرض التي نسير عليها وتسير بنا، نزعم أنها معنا لكنها قد تخذلنا إذا خاننا الإدراك بأنها ثابتة وصلبة في حين أنها تتحدث وتخاطب الأذكياء وتستجيب لنظرتهم الشفافة في النظر للأرض ومن عليها.

  إنها الأداة التي رسمت شكل العالم اليوم بعد صراع طويل ونظريات فلسفية جسدتها الحروب الكبرى في العالم.. ورغم كُره العالم لهذه الأداة وما عكسته من دمار إلا أن الأقوياء ومن يستغل الفرص يعتبرها مهمة في تحقيق المكاسب والقوة السياسية لمشروعه وحلمه.

هدف الكتاب

   يوضح الكاتب أهمية وضع نظرية جيوبولوتيكية للمنطقة التي تمثل أحلامنا وطموحاتنا وهذه النظرية مرهونة بشكل أساسي بفهم طبيعة العالم، وطبيعة اللعبة السياسية، وتاريخ تشكّل الوضع المعاصر وتراتبية القوة قبل الخلوص لتصور استراتيجي للوطن العربي وممكناته.

الجغرافيا السياسية وفرعها الجيوبولتيك

   للجغرافيا أقسام كثيرة والكاتب يركّز كما هو واضح من عنوان الكتاب على الجيوبولتيك والتي هي فرع من فروع علم الجغرافيا السياسية. أما عن الفرق بين الجغرافيا السياسة وفرعها الجيبولتيك، فالأولى تصف وتستنج عوامل القوة والضعف كما هو الحاضر، والجيوبولتيك تمثل ضمير الدولة وطموحها واحتياجاتها ومصالحها في المستقبل، وكيفية حمايتها والمحافظة عليها، فهي بالتالي مفاتيح السياسة القومية.

   فدولة مثل مصر يمكن توصيف نقاط قوتها وضعفها اليوم، وهذا دور الجغرافيا السياسية، أما رؤيتها المستقبلية وأمالها واحتياجاتها ومصالحها والتي تتعدى حدودها، فهو الدور الذي تلعبه الجيوبولتيك، إنها النظرة للمصالح القومية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

  وعلى هذا الأساس فالجغرافيا السياسة ترسم شكل الحاضر، أما الجيوبولتيك فيرسم شكل المستقبل وبين إدراك الحاضر واستغلال فرص المستقبل تكمن رحلة هذا الكتاب.

رحلة الكتاب في 13 نقطة أساسية:

النقطة الأولى تخبرنا أن العالم متغير باستمرار، هذه الحقيقة البسيطة التي يجب أن تتمركز في عقل صانع القرار السياسي، وعليها فهو يضع في حسبانه أمرين مهمين:

أن يحلم بالأفضل دوما.

أن يستعد للأسوأ دوما.

  هذان المبدآن يستعرض الكاتب كيف يسيطران دوما على المشهد التاريخي، ويحذرنا أنها سنة المستقبل الأبدية، وما ثورات اليوم إلا أحلام للأفضل لدى البعض وكوابيس سيئة لدى البعض الآخر.. فمن هو اليقظ لهما؟

   أما النقطة الثانية والمتعلقة بنظريات العلاقات الدولية ومتخذ القرار فخلاصتها تقول: “من الحكمة أن نعرف كيف يفكر عالم القوة”. والمثال البارز لعالم القوة اليوم هو أمريكا، ولفهم مدخلات القرار العالمي كيف تتم، فمن خلال المعطيات الثلاث الرئيسية التالية يمكن إسقاط أي قرار تتخذه أمريكا حول العالم:

– الفرد وهو هنا الرئيس.

– الدولة ومؤسساتها، وهي تعني ما هي المصالح الكبرى للدولة لبقائها قوية مسيطرة.

– المؤسسات الدولية، هذه المؤسسات إن لم تتوافق مع قرار متخذ القرار الأمريكي فإنه ببساطه يتجاوزها بل ويتهمها بأنها معطلة للسلم العالمي وبأنها عديمة الجدوى، والمفتاح لفهم هذه المعادلة أن المؤسسات الدولية 80 % من ميزانية الصرف عليها تأتي من أمريكا نفسها.

   أما النقطة الثالثة والتي تتبع النقطة الثانية والمتعلقة بالفرد متخذ القرار..فلكل صاحب قرار نظرة مبنية على نظرية من نظريات العلاقات الدولية، ومن خلال هذه النظريات يمكننا معرفة كيف يفكر صاحب القرار؟

  فهو ينظر لطبيعة البشر هل هم منطقيون يسعون لتحقيق مصالحهم ؟ أم عشوائيون لا يمكن توقع تصرفاتهم؟

   وهو ينظر لطبيعة الساحة الدولية “هل هو عالم المصالح المتبادلة؟ أم عالم الفوضى وعدم الانتظام؟”.

   وهو ينظر لدور الدول “أهي اللاعب الأساس؟ أم أن هناك مصالح أخرى كمصالح الرأسماليين والبرجوازية العالمية هي من يحركها؟”

  وهو ينظر لدور المنظمات الدولية “هل هذه المنظمات لاعب أساسي أم أنها غير ذات قيمة ويمكن تجاوزها؟”.

   هذه النظرة لصاحب القرار نحتتها نظريات العلاقات الدولية، والتي استعرض الكاتب مرتكزات كل نظرية على حدة ومن أبرزها (الليبرالية – الليبرالية الجديدة – الواقعية – الواقعيون الجدد – المنظور اليساري الجذري).

  النقطة الرابعة يخبرنا الكاتب فيها عن معادلة دول المركز، وكيف تشكّلت عبر التاريخ، فمن خلال:

قوة العلم والمعرفة.

والتفوق في الآلة العسكرية.

زراعة فكرة الإنسان الأبيض المتفوق عن من سواه.. صعدت هذه الدول إلى قمة هرم العالم لتحتكر القوة فيه.

  النقطة الخامسة: “كل حلم يسعى للسيطرة على العالم ينتهي بالتفكك والانهيار في النهاية.”

  فمن خلال نموذج جنكيز خان يستعرض الكاتب مراحل تشكّل الحلم من خلال الرجل الفولاذي جنكيز خان، فهو الذي وحّد القبائل المتناثرة تحت رايته، ورسم طموحه ورؤيته للتوسع في صورة خيالية رسم أبعادها الجغرافية على مساحة تقدر بـ30 مليون كيلو متر مربع!

   وكنتيجة طبيعة لهذا التوسع الكبير بدأت موارد الإمبراطورية تُستنزف، ودخلت في طور الهزائم العسكرية الصغيرة التي تراكمت وهدت الجسم الكبير للإمبراطورية.. كما كان لاحتكاكهم بشعوب وديانات المناطق التي احتلوها أثر في تفككهم.. فقد أثروا وتأثروا.. وكان للانقسام داخل الجسم الحاكم الأثر الكبير، واختلاف المصالح الرؤى فيما بينهم لعب دوره في إضعاف نسيج الإمبراطورية.

  أما العبرة من قصة جنكيز خان فتتجسد في تقاطع حلمه مع أحلام القوى العظمى اليوم في التمدد والتوسع وبناء قوى تسيطر على القوى الأضعف.. فتدخل في طور الحلم ثم التوسع والتمدد ثم بداية الانهيار والتفكك.

   النقطة السادسة: “روح الجيوبولتيك” بعيدا عن التسمية واختلاف الأكاديميين حولها.. ما الذي يعنيه هذا العلم عمليا على الأرض من الناحية التطبيقية هو المهم، والأهم أن نظريات الجيوبولتيك هي التي تحكم القرار السياسي لمتخذه.. فمن خلال هذا العلم صاغ (راتزل) نظريته القائلة إن الدولة كائن عضوي يكبر وتزداد احتياجاته باستمرار، وأن الحدود أشبه بجلد الكائن العضوي، والذي يجب أن تتمدد باستمرار مع نموه، وما هتلر وحراكه النازي سوا إحدى تجليات هذه النظرية!

   النقطة السابعة (كيف تشكّل العالم اقتصاديا؟).. سؤال يحمل في طياته مسار تاريخي من الأحداث العظيمة، وكيف تم سحب البساط من تحت القوى القديمة المسيطرة على أهم الممرات التجارية؟ بداية الرحلة ولدت بفكرة البحث عن بديل للمرات الآسيوية والتي كان العرب والمسلمون يسيطرون بها على حركة التجارة، ومن خلال اكتشاف رأس الرجاء الصالح والأمريكتين وما تحويه من كنوز، وتطور عالم الأفكار وانتقال مركزية الاهتمام من الله للإنسان، وبروز الأفكار التحولية كالحرية والعمل في التجارة..تشكّل العالم اقتصاديا.

   النقطة الثامنة: أثر الاقتصاد على السياسة العالمية. فالعالم كتلة واحدة.. هكذا ينظر رجل السياسة للعالم، وهو في مخيلته يعتبرها ساحة يزدحم فيها اللاعبون.. كرقعة الشطرنج تماما، وكل حجر يتحرك فيها يعني أن العالم بأسره سيتأثر بها.

   أحد أهم الأمثلة الأكثر حضورا على الساحة الدولية هو موضوع النفط.. والنفط سلعة لها أبعادها التي تتجاوز الاسم، فهناك مواقع الآبار والدول التي تمر بها الأنابيب والممرات التي ستعبر منها الناقلات، والدول التي تشتري هذه السلعة، ومدى ترابطها مع بقية السلع الآخرى. عندما نرى الصورة كاملة يمكننا أن نتخيل بعدها معنى كلمة حماية النفط.

  النقطة التاسعة: مستويات دول العالم: ينظر رجل السياسة لدول العالم بناء على مستويات متفاوتة فيما بينها، فهو يصنفها بناء على حضورها وقوتها في العالم، فهناك دول المبادرة، ودول القابلية، ودول الطموح الإقليمي، ودول المسرح، ودول الخمول، ودول الحضور.. وعند النظر استراتيجيا لمختلف اللاعبين تبرز أسئلة مهمة: ما هي رؤية قياداتها وطموحاتهم ؟ ما أثر تحركها على القوى الأخرى؟ ما هي قدراتها وإمكانياتها؟ ما هو محطيها وما علاقتها به؟ وما هي احتياجاتها ومخاوفها؟

   كل هذه الأسئلة تحتاج لإجابات واضحة من رجل السياسة، ومنها يستطيع فهم وإدراك أبعاد تحركات كل لاعب على الساحة الدولية.

النقطة العاشرة: تطبيقات الجيوبولتيك – أمريكا نموذجا.

   من أبرز الأمثلة الجيوبولتيكية حضورا هو المثال الألماني، فهتلر انطلق لاحتلال قلب العالم، وكاد أن ينجح لولا انكسار جيشه عند ستالينغراد.. وبعدها سنجد أمريكا تسير على نفس الفكرة.. فهي وارثة الحضارة الغربية وآخر تجلياتها، ومن هنا بدأت أمريكا من خلال طريقين رئيسين السيطرة على العالم: الأولى من خلال الترتيبات العسكرية والتي تضم: (أساطيل، قواعد عسكرية، تسهيلات عسكرية، تحكم بشبكة الاتصالات، الدرع الصاروخي، أحلاف عسكرية.)، والثانية من خلال الترتيبات الغير عسكرية (الأمم المتحدة، قوة الانتاج والمعرفة، التحكم بالاقتصاد العالمي).

النقطة الحادية عشر: (عالم ما بعد أمريكا والقوى العالمية)

   هناك قوى في العالم تسعى لتحسين وضعها باستمرار في مقابل القوى العظمى في العالم، فالصين مثلا تمتلك الطموح العالمي، والسؤال لدى صانع القرار الغربي اتجاهها متى يجب أن نقلق من تزايد قوتها الناعمة؟ فمع كل نجاح للصين تقترب من صنع معادلة التوازن الاستراتيجي من خلال اقتصادها النامي والقوي.. ومن هنا تأتي حيرة اللاعب الغربي.

  أما روسيا فتمتلك الطاقة العلمية واقتصادها ينمو باطراد وروحها القومية متوثبة وذاكرتها في الصراع مع الغرب حاضرة..وأحد أهم أهدافها قطع الطريق على أمريكا من خلال السيطرة على أسيا وذلك بتحالفها مع الصين.

  أما النمور الآسيوية (سنغفورة، ماليزيا، كوريا الجنوبية، تايلند) فقد أصبحت نموذجا يشار إليه عاليا بسبب نموذجها التنموي، وقد تبنت هذه الدول الليبرالية الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات الاجنبية، واعتمدت التصنيع والتصدير للدول الغنية، ورغم عدد من الإخفاقات التي لحقت بها إلا أنها استطاعت تحويلها لنجاحات بفضل منظومتها الفكرية التي تقدّس العمل والتخطيط الدقيق، وبفضل جديتها في قبول التحدي واستعداداها للمعالجة الجذرية لأي أزمة تمر بها.

  ولنا أن نسأل أنفسنا هنا: هل خامة الإنسان الآسيوي في هذه الدول من ناحية مفاهيم العمل والانضباط متفوقة على نظيره العربي؟ كيف تخلصت هذه الدول من عائق البيروقراطية وتحصلت على مستوى من الشفافية سمح بتقليل الفساد والهدر؟

   أما تركيا فقد دخلت من خلال حزب العدالة والتنمية لعهد جديد رسمت فيه ملامح تركيا المستقبل بقوة اقتصادية تنافسية مع كبرى الدول، أما من الناحية السياسية فقد ملئت تركيا الفراغ في المنطقة متنافسة مع إيران وإسرائيل خاصة فيما يتعلق بقضية فلسطين، وذلك تحت حاجة أمريكية للاعب مهم في المنطقة لإدارة المشهد العالمي…والسؤال الكبير هنا عن فرصة المشروع العربي الضائع في الالتحام بتركيا كقوة إقليمية كبرى.

  أما إيران فتتأرجح اليوم بين مفهوم الدولة الحديثة والحلم الديني الكوني المتمثل بعودة المهدي.. فهي من جهة تمتلك قوة نامية إقليميا وتعلب دور رئيسي في محيطها الجغرافي.. وفي نفس الوقت تسعى لخلق نقاط ارتكاز لها في دول الجوار..والسؤال هنا هل ستقود أيديولوجية إيران الدينية الحادة دولتها النامية لذات مصير من سبقها من الدول الأيديولوجية الحادة والمتصادمة مع العالم؟

النقطة الثانية عشر: (نحو نظرية جيوبوليتيكية عربية)

يمكننا حصر أهم عناصر الحلم العربي في:

   الفكر والواقع السياسي: شكلت نظريات الجيوبولتيك تصورا وبوصلة للمستقبل عند أمم الأرض، لذلك فأول ما نحتاجه اليوم هو وضع سياق جيوبولتيكي للعقل العربي وخاصة عند صناع القرار، ولنا أن نسأل أنفسنا: هل آن الأوان لتحرير إرادتنا والتفكير في وضعنا ككتلة عالمية بدل هذا التذبذب الذي يطبع الفكر العربي السياسي حتى اللحظة؟

  والحل يبدأ بتنمية الشعور بالمصير المشترك للأمة العربية،والأهم هو وضع هذا الشعور تحت منصة التشريح وإعطاءه لغة ومعنى وحيوية جديدة تجعله لغة تواصل ومن ثم لغة تنسيق وتوجيه.

   التصور الجغرافي للمنطقة: علينا إدراك أن العصر الحالي لم يعد يعترف بالكيانات الصغيرة، بل يتحرك من خلال كيانات كبرى طبيعية أو مختلفة..فعندما ننظر لحقائق الوطن العربي نجد أنه يشكل رابع أكبر الوحدات السكانية في العالم، أما مساحته فهي تفوق مساحة قارة أوروبا ومساحة أمريكا.

  ما يتمتع به الوطن العربي من موقع متميز يجعل منه موطن السفينة والجمل، فهو يتمتع بقابلية الحركة على الأرض أو في البحار وقابلية التواصل مع البقع الاقتصادية الأهم في العالم كأسواق وكمستقبل، وفي نفس الوقت يطل الوطن العربي على أهم الممرات العالمية المعاصرة، والجسر الذي يربط اليابس الأوروبي بآسيا وإفريقيا.

  والوطن العربي هو خزان الطاقة للعالم المعتمد على النفط والغاز، وتكمن أهمية النفط كونه مصدرا للمواد الخام الأساسية لشتى فروع الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية وغيرها كثير.

  والمنطقة العربية تحوي على أربعة أحواض كبرى للنفط، مع العلم أن كثير من مناطق الوطن العربي لم تُمسح بعد…كما أنها خزان الطاقة الشمسية،ومع ذلك كله فالصناعة العربية ما زالت في مجملها صناعات استخراجية.

  رأينا كيف يمتلك الوطن العربي المساحة والعمق الاستراتيجي، والكتلة البشرية، والطاقة، والأرض الزراعية، والممرات الحيوية..بقي أن نعالج نقاط الضعف وبناء التصور.

   بوصلة التاريخ: يقدم سبيكمان وهو واضع تصورات الولايات المتحدة الجيوبولتيكة فكرة أهمية أرض الحافة وتشمل (المناطق البرية والبحرية وأرض الجزيرة العربية والعراق وإيران وأفغانستان والهند وجنوب شرق اسيا والصين وكوريا وشرقي سيبيريا) وهو يقدمها بسبب مهم يراه وهو أن هذه المناطق شهدت في تاريخيها قيام دول قوية غزت الغرب وتوغلت في وسط جنوب أوربا، ويقدم نموذجين أولهما الفتوح الإسلامية التي وصلت لحدود فرنسا غربا وحولت البحر الأبيض إلى بحيرة عربية، والنموذج الثاني هو الدولة العثمانية التي وصلت لشرق ووسط أوربا وبالتالي يدعو لتجنب مثل هذا السيناريو…ويبقى الحديث عن أرض الحافة أوسع من مقولة سيبكمان فهي متعلقة بالسيطرة على الجزيرة العالمية ومن ثم العالم..وهو ما يطرح علينا كعرب سؤال الموقع العربي الجيوبولتيكي وترجمته.. ففهمنا للمنظور الجيوبولتيكي للمنطقة العربية يقودنا مباشرة لفهم حركة القوى المحيطة بالوطن العربي وعلاقتها بالمنطقة، وهي مناطق شكّلت عبر التاريخ عوامل جدب أو طرد فصحراء الجزيرة العربية وجبال ايران والأناضول أو آسيا الصغرى شكّلت مناطق الطرد في اتجاه بلاد مابين النهرين او العراق والشام وحين تقوى حضارة ما سرعان ما تتدفق قواتها في محيطها الحيوي للسيطرة على طرق تجارتها وبذلك تنشأ الإمبراطوريات.. وهنا الإشارة إلى أن أي ضعف للقوة العربية يعني تمدد النفوذ الغربي والشرقي، لتصبح المنطقة العربية رهينة لمشاريع كبرى لتتحول لمناطق ارتكاز ودول وظيفية للاعبين الكبار.

  أما لحظة ظهور الوحي وانبعاث الفكرة الجديدة فإن ما حصل هو العكس..فقد امتد المشروع الإسلامي ليستوعب شعوبا ومناطق (جبال ايران، مصر، هضبة الأناضول) تحت عنوان واحد هو الإسلام ليسدوا الباب أمام قوى ما وراء البحار القادمة من أوربا.

  إنه إعلان ما يمكن أن نسميه مثلث (العرب والفرس والترك) حين يجد معادلة التعاون والتنسيق تكتسب المنطقة حصانتها في وجه قوى ما وراء البحار، وحين لا يجد معادلته الصحيحة ينقلب على ذاته ويدمّرها ثم يخضع للقادمين من وراء البحار كما حدث مع الصليبيين، أو كما حدث في الغزو المغولي الكبير.

النقطة الثالثة عشر: نحو خارطة طريق أولية

  حين تفكّر الكتل الإقليمية (ايران وتركيا) للتمركز في عالم الغد، وتفكر في ذلك دويلة صغيرة مثل: (إسرائيل) بملايينها الخمسة، وحين تفكر في الأمر نفسه دول العالم كلها فمن المعيب أن نعجز نجن عن ذلك..إن المستقبل هو ابن الأحلام الكبيرة.. والأحلام الكبيرة هي بنت الإرادات التي تؤمن بها وتشق لها المسار.

   وضع الكاتب عناصر الخريطة وفق المخطط التالي: (الرؤية – المهمة – التحديات – الأهداف الكبرى والمرحلية – السياسات- الحركة والتنفيذ – آليات التقويم)

  حين ندرك خطورة أداة الجيوبوليتيك وأثرها الكبير على مصائر الأمم.. وندرك درجة غيابها عن العقل العربي..وبعدها عن ساحات التفكير في المنطقة.. وندرك حجم الخطر الذي نتعرض له..فإن كان العالم متغيرا تزول فيه إمبراطوريات وتُمسح دول من على الخرائط وتفتت أوطان، وكل ذلك بفعل حركة التدافع الكوني.. فحري بنا أن نتوقف للنظر لمستقبل أوطاننا ونستجمع عزيمتنا لصناعة منظورنا الجيوبوليتيكي والذي يعني تصورنا لمصالحنا وأمننا واستقرارنا في عالم غير مستقر.

  ويمثل هذا الكتاب الحلقة الأولى لفهم أداة الجيوبولتيك.. والناظر للمنطقة العربية والعالم من حولها سيرى نماذج كثيرة لتطبيقات تمثل اليوم تحديات حقيقية أمام مستقبل المنطقة.



حمله من   هنا أو هنا أو هنا أو هنا أو هنا


قراءة مباشرة من هنا


للقراءة والتحميل 

اضغط  هنا أو هنا أو هنا أو هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا