خطة التنمية الوطنية للاعوام 2013 – 2017
جمهورية العراق
الخلاصة التنفيذية
1. المدخل
1-1 العراق جيواستراتيجياً
أن تحديد دور أي بلد جيوإستراتيجيا، يعتمد من بني أمور أخرى على الإمكانات المتاحة والميزات النسبية لذلك البلد، فضلاً عن موقعه ضمن الدائرة الإقليمية المحيطة به وخصوصياته الدميوغرافية والاثنية.. إلخ. والأكثر من ذلك أن لبعض البلدان أدواراً اقتصادية وحضارية تفوق نطاق الدائرة المحيطة بها، إذ أن قراءة أولية للميزة النسبية للموارد والإمكانات العراقية تظهر أن العراق يحتوي »حسب الدراسات الجيولوجية« على حوالي 530 تركيباً جيولوجياً تعطي مؤشرات قوية بوجود كم نفطي هائل، لم يحفر من هذه التراكيب سوى 115 من بينها 71 ثبت احتواؤها على احتياطات نفطية هائلة تتوزع على كثير من الحقول. وتبلغ الحقول العراقية المكتشفة 71 حقلاً ولم يستغل منها سوى 27 حقلاً من بينها عشرة عملاقة. كما تظهر الخرائط الجيولوجية الاقتصادية لإمكانية توزيع مناطق وجود رواسب املوارد املعدنية يف العراق، وجود حمافظات غنية ببعض المواد المعدنية سواء من حيث احجام الكميات الاحتياطية المتوفرة أو تعدد أنواع هذه المواد.
هذه الإمكانات الكبيرة جعلت العراق ينعم بثروات هائلة بامتلاكه خزينا لثالث أكبر احتياطي للنفط في العالم، ويحتل المرتبة العاشرة في الاحتياطات ً المثبتة للغاز الطبيعي، مما يجعله لاعبا مؤثراً في دورة الماكنة الحضارية وفعالا ً أساسيا ً في الاقتصاد العالمي، ومنافسا ً قويا على الصعيد الإقليمي. فضلاً عن إمكانات عالية على مستوى انتاج المشتقات النفطية وبأسعار تنافسية لانخفاض كلف انتاج النفط واستخراجه في العراق مقارنة مع الدول الأخرى. كما يمتلك العراق إمكانات وخبرات تنافسية في مجال الصناعات المرتبطة بالكبريت، إلى جانب الإنتاج الواسع للاسمدة النرتوجينية والفوسفات فضلاً عن احتياطات عالية جداَ من السليكات التي تعد من أنقى أنواع السليكات في العالم.
لقد أنعم الله على أرض الرافدين إلى جانب موارده البشرية المميزة بموارد طبيعية متنوعة وموقع استراتيجي جعله يتموضع في موقع جغرافي ينفتح على الشرق والغرب، وامكان تحوله إلى قناة جافة للنقل تختصر المسافات بينهما وما لذلك من مزايا اقتصادية وجيوبولتيكية تعزز مكانة العراق وأهميته المستقبلية.
النص كاملاً : للقراءة أونلاين والتحميل إضغط هنا
شبكة الإقتصاديين العراقيين 31/05/2013 - د. كامل العضاض - مستشار إقليمي سابق في الأمم المتحدة : “خطة التنمية الوطنية في العراق، 2013-2017، ثانيةً، ملاحظات محددة؛ المنهجية والإتساق والتنفيذ والمتابعة”
وزارة التخطيط - جمهورية العراق
الجزء الاول
الجزء الثاني
الجزء الثالث
الجزء الاول
الجزء الثاني
الجزء الثالث
شبكة الإقتصاديين العراقيين 31/05/2013 - د. كامل العضاض - مستشار إقليمي سابق في الأمم المتحدة : “خطة التنمية الوطنية في العراق، 2013-2017، ثانيةً، ملاحظات محددة؛ المنهجية والإتساق والتنفيذ والمتابعة”
تمهيد:
توفر الآن لدينا الوقت لدراسة مجلد الخطة أعلاه، بفصولها التسعة. بدءا لابد من الإقرار بأهمية وسعة القاعدة المعرفية والأسس البيانية التي أُعتمدت في إعداد هذه الخطة الثانية، اي التي تأتي بإعقاب خطة سابقة، للسنوات 2010-2014، والتي كانت الأولى التي أُعدت بعد عام 2003، بما يجعل من هذه الخطة الثانية إطارا مناسبا للبناء عليه ولتطوير محاورها المختلفة. وعليه نحن نكرر شكرنا لكوادر وزارة التخطيط ولمجموعات اللجان الفنية والخبراء ممن شاركوا في إعدادها. ونحن، بسبب ضيق الوقت، كنا قد قدمنا على عجالة في ورقة سابقة، (أنظر 1 ادناه)، نقدا مركزا لمنهجية إعداد هذه الخطة الجديدة، وبيّنا، بإيجاز، بعض الوسائل الفنية لتطوير هذه المنهجية، بما يجعل عناصر هذه الخطة تكاملية ومتسقة وقابلة للتنفيذ وللمتابعة والتقويم. كما قدم كل من الزميلين، الدكتور فاضل عباس مهدي والدكتور علي مرزا، (أنظر 2 و3، أدناه)، ملاحظات محددة وحصيفة حول جوانب من هذه الخطة. ومن أجل الإستمرار في إغناء النقاش أو تعميقه، نحاول في هذه الورقة الثانية أن نقدم ملاحظات، أكثر تفصيلا، نتناول فيها المنهجية، مرة أخرى، وسبل تحقيق الترابط والإتساق بين مكوناتها، ولتسهيل التنفيذ والمتابعة والتقويم.
مقدمة:
قبل المباشرة في عرض ملاحظاتنا، تجدر الإشارة الى مضمون خطة التنمية الوطنية، للسنوات 2013-2017، وعناوين فصولها الأساسية. يتألف مجلد هذه الخطة من تسعة فصول؛ الأول؛ التنمية في العراق- المسار والآفاق، الثاني؛ السكان والقوى العاملة، والثالث؛ التنمية الإقتصادية- الإطار الكلي، الرابع؛ التنمية القطاعية، الخامس؛ التنمية المكانية، السادس؛ التنمية الإجتماعية؛ السابع؛ الإستدامة البيئية- الطريق الى الإقتصاد الأخضر، الثامن؛ الحكم الرشيد، التاسع؛ المتابعة والتقييم. لا يتسع نطاق هذه الورقة لمناقشة مضامين جميع هذه الفصول، وعلى ذلك لابد أن نكون إنتقائيين، حيث سنركز نقدنا الموضوعي على عدد محدد من جوانب الخطة، بأمل إستكمال المزيد من النقاشن عندما تسمح الظروف بذلك. سنلقي بعض الأضواء على أربعة محاور، نراها مهمة؛ في القسم الأول، سنناقش بعض الجوانب المنهجية والأسلوبية، في الثاني، سنناقش مسألة تصنيف القطاعات الإقتصادية، وتحديد الأولويات، والإتساق ومقدار إعتمادية بعض التقديرات. وفي الثالث، سنناقش تنظيم آليات التنفيذ الكفء للخطة، وفي الرابع، سنناقش لنفس الغرض المتابعة والتقويم، وفي الخامس، سنحاول تقديم خلاصة وبعض التوصيات.
أولا: أشرنا في ورقتنا السابقة حول منهجية إعداد خطة التنمية الوطنية، 2013-2017، بأنها قامت على أساس تقرير سقوف عليا للإستثمارات، قُدرت بناءا على توقعات معينة للإيرادات النفطية، مع تقدير هامشي، بحدود 5%، لإيرادات محلية، غالبا من مصادر ضريبية، وذلك إستنادا الى إفترضات حول سعر تصدير ثابت للبرميل من النفط الخام، بحدود 85 دولار، وتقديرات لكميات النفط الخام المنتج والكميات المتاحة للتصدير. ثم جرى توزيع هذه الإستثمارات، كتخصيصات على القطاعات أو النشاطات الإقتصادية، حسب تصنيفها الدولي المفترض. على أن يتبع هذا التخصيص، تخصيصات تفصيلية على مستوى المشاريع الجديدة المراد تنفيذها خلال سنوات الخطة والتي تعدها الوزارات والهيئات غير المرتبطة بوزارة، وإن عدد هذه المشاريع يتجاوز الخمسة آلاف وثمانمئة مشروع. وبطبيعة الحال، إستند التوزيع الى دراسة وتحليل للواقع الإقتصادي والإجتماعي، ومن ثم إستجلاء التحديات القائمة، بهدف إستنباط رؤية محددة لكل قطاع أو نشاط، من أجل ليس فقط تحديد الأهداف الفرعية للقطاع والأهداف الجزئية للمشاريع التي ستنفذ، مع الإجتهاد لإقتراح وسائل تحقيق الأهداف. ويلاحظ هنا بأن معدي الخطة قد إجتهدوا فعلا لتحليل الواقع، ولتقرير التحديات، ثم لتشكيل الرؤية، ومن ثم تحديد الأهداف ووسائل تحقيقها، مستندين الى أرضية من المعلومات الكلية والقطاعية عن الإقتصاد العراقي. وهذه جهود مهمة في إعداد الخطط التنموية، وتصلح، بالتأكيد، للبناء عليها من أجل تطوير الخطة منهجيا ولجعل متغيراتها ومعالمها أكثر واقعية وترابطا وإتساقا، كما سنبين في ملاحظاتنا أدناه بهذا الخصوص.
إستخدم المخطط معاملا، (او نسبة)، معروفا في الأدب الإقتصادي، وهو معامل رأس المال الى الإنتاج، C/O، بهدف تقدير حجم الإستثمارات المطلوبة على المستوى الكلي، وذلك بمقدار 4:1، ولكننا لاندري إن هو إعتمدها لتقدير الإستثمارات على المستويين القطاعي والكلي أيضا؟ وكما هو معلوم بإن هذه النسبة تعني بأنه لإنتاج وحدة واحدة جديدة من الإنتاج، عليك توظيف أربع وحدات من رأس المال. وهذا التناسب يمثل مستوى التقنية المستخدمة، وهي بهذا ستكون تقنية فوق المتوسطة. والسؤال هو هل يجوز إستخدام مثل هذه العلاقة التقنية لكل القطاعات وحتى على مستوى المشاريع؟ طبعا لا يجوز ذلك لإن بعض النشاطات، وخصوصا الخدمية لا تتطلب مدخلات رأسمالية عالية بسبب غلبة العنصر البشري فيها لتحقيق الإنتاج. كما إن الخطة شخصّت ليس فقط إرتفاعا عاليا في نمو السكان، بل ووجود بطالة تدعي أنها تدنت الى 11% في عام 2011، ولكنها، قدرت إنها تصل الى 15.5% للفئات العمرية 15- 29 للذكور و33.3% للأناث. علما بأن الخطة تهدف الى خفض البطالة الى 6%، فكيف تم هذا التقدير؟ لاسيما وإن الخطة تهدف أيضا الى رفع نسبة المشاركة في النشاط الإقتصادي الى 50% من السكان للأعمار من 15 الى 64 سنة. هل تم تقدير الإحتياجات من قوة العمل بمنهجية رياضية توظف مصفوفة العلاقات التقنية، أو، في الأقل، توظيف معاملات العمل للإنتاج والعمل لرأس المال؛ L/O وL/C ، سواء على المستوى الكلي أو القطاعي أو الجزئي، أي على مستوى المشروع؟ طبعا، لم يُعتمد هذا المنهج، بل هي تقديرات أقرب للتخمينات الإستمنائية، أي wishful thinking، وبهذا سوف لا تتسق المعدلات المتوقعة مع ما سيتحقق بالواقع العملي، سواء بالنسبة للإنتاج المخطط أو بالنسبة لتحقق فرص تشغيل للقوى العاملة التي ستزداد نسبة البطالة فيها بسبب زيادة السكان من جهة، وبسبب عدم توفر فرص لخريجي المدارس الثانوية والمعاهد وحتى الكليات، خلال سنوات الخطة الخمسة، من جهة أخرى، حسبما تقدرهم الخطة نفسها. إن بعض الدول التي تعاني من فائض سكاني ونسبة عالية من البطالة تلجأ الى إعتماد تقنيات إنتاج كثيفة العمالة وخفيفة رأس المال، كما حصل في بعض دول جنوب شرق آسيا، وهذا يعني بأن معامل رأس المال قد يستوجب أن يكون أقل من 4:1 في بعض الصناعات او النشاطات التي تناسبه التقنية التي يكون فيها عنصر العمل كثيفا.
إن حالة عدم الإتساق في متغيرات الخطة والتوقعات في نسب النمو وفي نسب الإنجازات، سواء من حيث زيادة الإنتاج أو في تخفيض البطالة وزيادة نسب المشاركة في النشاط الإقتصادي، او في تحقيق الأهداف الفرعية الأخرى، ستتضح بسبب المنهج الإجتزائي غير المترابط الذي إعتمدته الخطة. هناك إسلوبان للتخطيط المركزي، بسبب تركز الموارد لدى الحكومة المركزية، الأول هو اسلوب التقدير والإحتساب من فوق الى أسفل، Top- Down، والثاني، من اسفل الى فوق، Down- Top والأفضل هو إستخدام الإتجاهين معا. ونعني ب؛ من فوق الى أسفل، هو أن تفترض الخطة توقع موارد مركزية، فتخصص نسبه مهمة منها للإستثمار، وتوزعها قطاعيا، حسب المؤشرات التي أتاحتها البيانات المستخدمة لتحليل الواقع، ثم تطلب من الوزارات والهيئات الأخرى تقديم قوائم لمشاريع جديدة مع تقديرات لكلفها. وبإستخدام معاملات كلية مثل معامل رأس المال الى الإنتاج، لتقدير الإنتاج الجديد المتوقع، وبالتالي يجري توزيع الإستثمارات القطاعية على المشاريع في حدود الإيرادات المتوقعة وفي حدود الزيادات المتوقعة وفرص التشغيل المتوقعة. وكثيرا ما يقود هذا المنهج الى تمخض نتائج لا تتماهى مع التوقعات. ولذلك، تلجا الدول المتمرسة في التخطيط المركزي الى إتباع إسلوب من أسفل الى فوق، اي تضع تصوراتها الكلية عن الإقتصاد على جنب، ثم توّحد قوائم وتفاصيل وخصائص المشاريع المقترحة من قبل كل الوزارات والهيئات، اي من الأسفل، وتمحّص تكاليفها الإستثمارية وإحتياجاتها من قوة العمل، ومن السلع المستوردة، لتقوم بإحتساب وتجميع حجم الإستثمارات المطلوبة على المستوى القطاعي للمشاريع، حسب تصنيفها القطاعي، وكذلك بالنسبة للإحتياجات من قوة العمل، ومن الإحتياجات من عناصر الإنتاج الأخرى، كالأرض والبنى الإرتكازية وخدمات الأمن والحماية وغير ذلك، ثم توّحد هذه الكلف على المستوى الكلي للإقتصاد الوطني. وحينها ستجرى مقارنة ومراجعة مع تقديراتها الأولية المستندة على تحليلها للواقع، وكذلك في ضؤ الإيرادات المتوقعة التي ستكون متاحة للإستثمار. وبعدها تجري مناقشات فنية مستفيضة مع مقترحي المشاريع من الوزارات والهيئات، ليتم بعد ذلك تعديل التخصيصات الأولية، ومن ثم إعادة إحتساب النسب والمعدلات المتوقعة بواقعية أكثر. وهناك إسلوب أكثر علمية وعمق، وهو أن تجري التقديرات الكلية والقطاعية بإستخدام نماذج رياضية، تضمن الإتساق بين المتغيرات الكلية والقطاعية، ربما بإستخدام نموذج ليونتيف الديناميكي الذي يقوم على توظيف مصفوفات المستخدم/المنتج ومصوفة معاملات رأس المال الى الإنتاج،* لتقوم بعد ذلك بمقارنة النتائج مع قوائم المشاريع الواردة من الأسفل الى فوق، فتعيد تنقيحها وتعدل إحتساباتها الكلية، او حتى بعض إفتراضاتها، وتعيدها بعد ذلك للنقاش المستفيض، ثم تقرها بعد ذلك من فوق الى أسفل. إنها عملية مضنية، لكنها أكثر موضوعية وإعتمادية من حيث علمية ورصانة التقديرات والمعدلات المحسوبة.
حينما يحدد المخطط أهم معوقات الإقتصاد الوطني، ويقرر حجم الموارد المتاحة للإستثمار، ثم يضع الأهداف على المستويين الكلي والقطاعي، ويضع تصورا موضوعيا للتحديات ووسائلا لتحقيق الأهداف، ينبغي أن يعطي للمعوقات الأساسية الكلية الأولوية في توزيع الإستثمارات وفي تقرير نسب النمو المرغوب بها. فالخطة حددت ريعية الإقتصاد العراقي، كاهم عائق أمام تنويعه، وأن توسيع قاعدة الإنتاج يجب ان يكون بزيادة الإعتماد على النشاطات السلعية غير النفطية. ومعنى ذلك بأن معدلات النمو في القطاعات أو النشاطات الإنتاجية السلعية، كالزراعة والصناعة التحويلية والكهرباء والماء والنقل والمواصلات والتشييد والبناء، ثم تليها الخدمات المصرفية والعامة والثقافة والصحة والخدمات الأخرى، ينبغي أن تنمو بمعدلات أعلى
تكتب صياغة النموذج الديناميكي، بدون شرح، كالاتي:
X (t) = (I-A-gB) -1 F (t)
من الناحية النسبية، بالمقارنة مع نمو صناعة إستخراج النفط الخام؛ ولكن هذا لايعني أن يكون حجم أو قيمة الإستثمارات بالضرورة أكبر من الإستثمارات لزيادة إنتاج النفط الخام، بإعتباره مصدرا مهما للعوائد الإستثمارية. ولكن النسب لابد أن تكون أعلى حين تبدأ من قاعدة إنتاج ضعيفة أو واطئة أصلا، فمثلا، حين تقيم معملا جديدا في قطاع النقلالذي يقل فيه عدد المعامل، فإن معدل النمو في هذا القطاع الفرعي سيكون عاليا جدا بالتأكيد، بينما لا يكون كذلك في قطاع الصناعة التحويلية التي قد يحتوي على عدد أكبر من المعامل.
ثانيا: تحديد الأولويات والتصنيف والإتساق والإعتمادية؛ جاء في فروض خطة التنمية الوطنية هذه بأنه، وفقا لتشخيصها الإستشرافي لأهم معوقات التنمية في العراق، لابد من الخروج والتحرر من ربقة ريعية الإقتصاد الوطني وإرتهانه لنشاط أحادي، هو تصدير النفط الخام، والخضوع لكل إملاءات التجارية الخارجية وتقلبات أسعار برميل النفط في السوق العالمية. وهذا ما يدعو، منطقيا، الى توسيع قاعدة النشاطات غير النفطية، وخصوصا نشاطات الزراعة والصناعة التحويلية والتشييد والبناء، لاسيما في ضؤ شحة هائلة في توفر الوحدات السكنية، إضافة الى تطوير النشطات التوزيعية، ثم الخدمية، كالسياحة، والخدمات الإجتماعية والعامة. وعليه، فإن التنوع هو المدخل الرئيس للخروج من ربقة الريعية. فضلا عن ذلك، فإن الخطة تدعو لدعم اللامركزية، والعمل على تحسين البيئة، او تخضير الإستثمار، كما تتبنى الدعوة الى تحقيق التمكين وتحقيق تكافؤ الفرص، مع هدف محدد لخفض البطالة الى نسبة 6%، بالإضافة الى وضع معايير لتأمين العمل اللائق والمحمي. هذه هي أهم الأهداف العليا للخطة. ومنطقيا ينبغي أن يأتي توزيع الإستثمار على وفقها. فماذا نجد؟
– وضعت الخطة نسبة معدل نمو للناتج المحلي خلال سنوات الخطة، 2013-2017، بحدود 13.3% بالأسعار الثابتة لعام 2012، وليس الإعتراض على وضع هذا المعدل، إنما على كيفية أحتسابه؟ في غياب الإنطلاق من تحليل وتكميم لكلف المشاريع على المستوى الجزئي، سيصار الى إستخدام معدل التغير النسبي، إستنادا الى سنة أساس قريبة جدا هي سنة 2012، وإن الزيادة ستعتمد على إستخدام معامل ثابت لرأس المال الى الإنتاج، بمقدار 14:1، وهذا أسلوب مشكوك في دقته، بسبب عدم مناسبة هذا المعامل لكافة النشاطات الإقتصادية أو القطاعات. كان يجب الإنطلاق من الإحتساب من أسفل الى فوق، وليس من فوق الى أعلى. وليس بإمكاننا إعادة الإحتساب بسبب عدم توفر البيانات الخاصة بالمشاريع المقترحة في الخطة.
– وضعت الخطة نسبة نمو لجميع النشاطات غير النفطية؛ السلعية والتوزيعية والخدمية، بحدود 7.5%، بينما قدرت نسبة نمو لنشاط إستخراج النفط الخام بمقدار 18.7%. لا إعتراض على رفع الإنتاج من النفط الخام، بإعتباره مصدرا رئيسا للموارد والإستثمارات، لكن الفارق كبير، وليس فيه ما يحقق أي تنوّع أو خروج من ربقة الريعية خلال سنوات الخطة، ولذلك، فإن هذا الهدف يُعلن لكنه، عمليا مؤجل. ولكن الخطة تعيد تصنيف نشاط إستخراج النفط ضمن قطاع سمته الصناعة والطاقة، ومعلوم بإن خصائص نشاط الإستخراج مختلفة عن خصائص الإنتاج في الصناعة التحويلية ونشاط الماء والكهرباء. في التصنيف المعياري الدولي، يحتل قطاع الإستخراج المرتبة الأولى، (1) وتفريعتها. والزراعة تحتل المرتبة رقم (2) وتفريعاته، والصناعة التحويلية رقم، (3)، وهكذا.
– ومعلوم أيضا بأن المشاريع المقرة في الخطة سوف لن تباشر في الإنتاج إلا بعد تنفيذها، فهناك ما يُسمى مدة النضوج، gestation period، ولكن خلال سنوات تخصيص الإستثمارات والبدء بالتنفيذ، فإن هناك عمليات الإستيراد للمعدات والمكائن والناقلات وما شابه، كما ستكون هناك فعاليات تشييد وبناء ونشاطات فنية، وغير ذلك. وهنا، وقبل البدء بالإنتاج، أي في فترة النضوج، سيزداد الناتج المحلي من خلال الزيادة الحاصلة في تكوين رأس المال الثابت، (آلات وتشييد، ألخ)، كما سيزداد بمقدار الزيادات المدفوعة للمشتغلين على تشييد هذه المشاريع، ضمن قطاع التشييد والبناء المحسوب ضمن الناتج المحلي الإجمالي. وعليه، فإن تعميم معدل نمو تأريخي بإستخدام مسطرة جاهزة، هي معامل رأس المال الى الإنتاج، لا يعطي تقديرات بإعتمادية مقبولة ولا دقيقة.
– قدرت الخطة حجم الإستثمار الحكومي خلال سنوات الخطة ب812.263 تريليون دينار، أي ما يعادل 282 مليار دولار، وهذا المبلغ يشكل 69% من حجم الإستثمارات الكلية المخططة. فإفترضت الخطة إن بقية الأستثمارات ستأتي عن طريق القطاع الخاص، اي بحدود 88 تريليون دينار أو ما يعادل 75 مليار دولار، وهنا يثور السؤال، في ضؤ ما قدمته الخطة نفسها من تحليل لدور القطاع الخاص في المساهمة في تمويل الخطة الخمسية السابقة، 2010-2014، إذ كان هذا الدور متواضعا ولايرقى الى نسبة مهمة، وذلك، بالطبع، بسبب ظروف غيرمواتية، منها حالة عدم الإستقرار وضعف الأمن وتفشي الفساد، وعدم توفر القوانين المناسبة، وضعف التسهيلات الإئتمانية في القطاع المصرفي، وفتح الإستيراد على مصرعيه، وغياب قانون التعريفة الجمركية، وعوامل أخرى معاكسة، لا يزال معظمها حاضرا، فكيف تفترض الخطة أن ترفع مساهمة القطاع الخاص في مجموع الإستثمارات المخططة الى نسبة تصل الى حوالي 24% دفعة واحدة، أليس في ذلك مغالاة في الطموح؟ ولكن الخطة لم تفكر في وضع نظام للإقتراض سواء من الجمهور عن طريق إصدار سندات، او من مصادر مصرفية محلية وأجنبية، للتحسب بإحتمال تلكؤ القطاع الخاص في المساهمة. وهذا فضلا عن كون تقديرات الخطة للإيرادات النفطية المتوقعة لم يستند الى دراسة إستقرائية تأريخية عن حجم الطلب العالمي للنفط الخام في السوق الدولية، ولا عن توقعات التغيرات في سعر البرميل للنفط الخام في السوق العالمي، بل هي إستندت الى إعتماد رقم كيفي متحفظ لسعر البرميل بمقدار 85 دولار. ومعلوم أن عرض النفط في العالم يتأثر بتطوير مصادر النفط الحجري وغيره، الى جانب تصاعد للطلب على النفط وخصوصا في الدول السائرة على طريق التصنيع. كان حريا بوزارة النفط أن تشكل فريقا من الخبراء والمختصين لوضع دراسة عن العوامل المؤثرة على حجم وإتجاهات النمو في الطلب على النفط عالميا، ولا تكتفي بتوقعات منظمة الطاقة الدولية. كما إن افتراض الخطة بإمكانية زيادة تصدير النفط الى 6 مليون برميل يوميا خلال السنوات الخمس القادمة يبدو غيرمبرر بسبب البطء في بناء المخازن وتوسيع شبكات أنابيب النفط، ،ولتفرد إقليم كردستان في محاولة إتباع سياسة تسويق منفصلة عن المركز، مما يفتت إستراتيجية تطوير صناعة إستخراج النفط وطنيا.
– لم تقم الخطة بتقديم دراسة منفصلة لتقدير حجم وميول الطلب الأستهلاكي الذي سيزداد، لعدد من العوامل، منها زيادة السكان، ومنها إحتمال زيادة الدخول الشخصية، بما يفضي الى زيادة الإنفاق الإستهلاكي. ومعلوم، حسب الخطة، أن الإنتاج المحلي المتوقع سوف لا يكون فاعلا لتحقيق نسبة ملموسة في تعويض الإستيرادات، وخصوصا لإغراض الإستهلاك. كما أن سياسة الباب المفتوح وعدم تفعيل قانون التعرفة الجمركية، سيُبقي الميل الى الإستهلاك عاليا، مما قد يولد ضغوط تضخمية، وقد يؤدي الى تدهور سعر صرف الدينار. وكان البنك المركزي العراقي، تحت إدارته السابقة، قادرا على السيطرة على معدلات التضخم، فحصرها بحدود متدنية ومقبولة، والآن تحت الإدارة الحالية، نلاحظ بأن معدلات التضخم في إزدياد، وإن سعر صرف الدينار قد بدء بالتدهور. ولكن الخطة تطمح الى حصر التضخم الى مرتبة رقمية واحدة، فكيف سيتحقق ذلك من دون السعي للسيطرة على الإستيراد، وإن هناك ما يقرب من 370 مليار دولار أو حوالي 900 ترليون دينار، سيجري ضخها في الإقتصاد العراقي خلال السنوات الخمس القادمة، بالإضافة الى الإنفاق الحكومي الجاري بأضعاف هذا الحجم؟
– في ضؤ هذه العوامل، يبدو بأن خفض البطالة الى 6% مبالغا به، طالما إن فرص التشغيل سوف لن تكون عالية في القطاعات السلعية، وحيث إن التوظيف في القطاع الحكومي قد بلغ مستوا عاليا جدا وغير مقبول، بل صار موطنا للبطالة المقنعة. هل سيساهم القطاع الخاص في توفير فرص عمل لمئات الآلاف من العاطلين من الشباب من الذكور والنساء؟ لا تبدو الصورة مشرقة مثلما نتمنى. ولابد من إعادة التفكير، أما بالأهداف، او بالإجراءآت والخطط التمكينة.
– ولابد من التشديد بالقول بانه مهما كانت خطط التنمية علمية ورصينة وواقعية، فهي قد تفشل بالتنفيذ لعوامل مضادة مثل عدم توفر الأمن، وشيوع الإرهاب والفساد والتناحر السياسي وعدم توفر الأكفاء والنزيهين والمجربين المؤهلين.
ثالثا: تنظيم آليات التنفيذ الكفء للخطة؛ في رأينا، إن افضل تنظيم لعملية تنفيذ الخطة بكفائة، هو إتباع منهج من أسفل الى فوق في إعداد الخطة، حيث تعد جداول مفصّلة للمشاريع المقترحة حسب خصائصها الإقتصادية والفنية وتصنيفاتها القطاعية، وحسب التقديرات الملازمة للكلف أو الإستثمارت المطلوبة والإحتياجات من قوة العمل، وفقا لخصائصها المهنية والمهارية، وللإحتياجات من الإستيرادات اللاحقة للمواد الخام أو المدخلات، من مصادر محلية واجنبية، فضلا عن الإحتياجات لعوامل الإنتاج الأخرى، كالأرض والأبنية، وغير ذلك. وندرج للتوضيح مثالا لجدول مختصر، لإعتماده كخريطة لتوزيع المسؤوليات من قبل الجهات المسؤولة عن التنفيذ، كما يمكن الرجوع له ولجداول مفصلة أخرى، لإغراض متابعة التنفيذ ولأغراض التقويم، كما سنبين لاحقا.
جدول إيضاحي لعرض أهم المعلومات التخطيطية لمشاريع الخطة لكل سنة من سنوات الخطة
القطاع/ المشروع
|
رقم المشروع
وموقعه الجغرافي ومواصفاته
|
الكلفة التخمينية للمشروع- بالدينار أو الدولار، (مليار اومليون)
|
تقديرات للإحتياجات من قوة العمل، حسب تخصصاتها
|
الجهة المسؤولة عن الإشراف المباشر على التنفيذ
|
المدة الزمنية المقدرة بالأشهر لتنفيذ المشروع حسب مراحله، إعتبارا من مرحلة الإحالة
|
1.الصناعة الإستخراجية:
1. تطوير حقول نفطية جديدة
2. تأهيل آبار وضخ مياه
3. إستكشاف حقول نفطية وغازية جديدة
وهكذا
.
.
2. الزراعة
1-كري أنهار
2-معالجة ملوحة
3-تشييد سد
وهكذا
3.الصناعة التحويلية: 1.معمل لإطارات السيارات
2.مصنع لمعالجة الغاز
3.معمل للمعدات الثقيلة
وهكذا
.
.
|
إن المساحة في هذا المقال لا تسمح في تفصيل الجدول أعلاه، لجعله مناسبا لرسم خريطة بيانية توضح مراحل تنفيذ المشروع وإحتياجات كل مرحلة، بل وحتى لبيان الإجراءات المطلوب إتخاذها لكل مرحلة، ومسؤولية الجهة التي تتولى تنفيذ هذه الإجراءآت، بالأسماء والتوقيتات، ومعلومات للإتصال والإستعلام لاحقا من اجل المتابعة، وذلك للمساعدة في حل أية إشكالات قد تعيق تنفيذ كل مرحلة.
ولتأمين السيطرة على التنفيذ ومراقبته، سيكون مناسبا وضع التعليمات والمعايير الآتية:
- وضع تعليمات واضحة للخطوات المطلوبة للتنفيذ لكل مرحلة من مراحله، إعتبارا من مرحلة فتح العطاءآت، وإحالة المناقصات، وفتح الإعتمادات لإغراض الإستيراد، او إجراءآت إستملاك، أو غير ذلك.
- المطالبة بوضع جداول أو جارتات لخطوات التنفيذ بتوقيتات متتابعة لكل مشروع، مع معلومات للإتصال.
- إعداد تقارير عن سير العمل، تكون أساس لتقارير المتابعة الشهرية أو الفصلية والسنوية اللاحقة.
- عقد جلسات شهرية وفصلية مع المسؤولين عن التنفيذ، لمعالجة معوقات التنفيذ.
- تعد كل وزارة تقرير فصلي عن سير التنفيذ في جميع مشاريعها وتلخصها بتقرير إعلامي لكل من مجلس الوزراء ومجلس النواب.
- ولضمان كفاءة ودقة التنفيذ ونزاهته ينبغي تعيين أكفاء على رأس كل مشروع معد للتنفيذ، فضلا عن توفير عاملين مؤهلين، إعتمادا على كفائتهم قبل كل شيْ، وليس على إعتبارات سياسية أو طائفية أو عرقية أو مناطقية، فالعراق لكل العراقيين.
رابعا: المتابعة والتقويم؛ في رأينا، يُعتبر هذا الموضوع من أهم واخطر المراحل لضمان ليس فقط كفاءة التنفيذ، إنما ايضا لتشخيص المعوقات والإنحرافات، ثم توفير المعلومات والمعطيات للمعالجات والتصويبات المناسبة، بل ووضع المعلومات المطلوبة لتطوير العمل التخطيطي، ولإدارة السياسات التصحيحية بحصافة وإتقان، وبأقل مدة من الزمن. يستلزم نشاط المتابعة والتقويم حزمة من البيانات والمعلومات الفنية والإدارية عن المشاريع تحت التنفيذ، بدوريات زمنية متتابعة، تتراوح ما بين الشهرية والفصلية، حسب حجم المشروع، وطول مدة نضوجه، أي مدة تنفيذه. ونوجز أهم الإجراءآت والبيانات المطلوبة.
على غرار جداول المشاريع المعدة للتنفيذ، تُعد جداول شهرية وأخرى فصلية، اكثر تفصيلا، تتضمن معلومات مفصلة ليس فقط عن خصائص المشروع العامة، بل وتفصيل نوعية ومراحل نصب معداته وتشييد أبنيته، مع الوحدات القياسية المناسبة، مثل عدد وسعة المكائن المنصوبة، وكميات الأمتار المربعة والطولية والمكعبة المبنية، وكميات المواد الإنشائية المستهلكة أو اللازمة لكل مرحلة، ومقدار المتوفر في المخازن.
تحتسب نسب بالوحدات القياسية المناسبة لكميات العمل المنجز، وإذا كانت هناك أسباب للتأخر في تنفيذ أي مرحلة أو عمل، تفصل الأسباب، كما يحددها ليس فقط المسؤولون الحكوميون، إنما أيضا المقاولون والشركات المتعهدة بالتنفيذ.
ترفع التقارير الى المشرف الأعلى على المشروع، وقد يكون الوزير هو المشرف الأعلى المسؤل.
تعد تقارير ملخصة فصلية لترفع لمجلسي الوزراء والنواب، لإعلامهم عن سير العمل، ليس عن التخصيصات الإستثمارية المنفقة، إنما أيضا عن نسب التنفيذ، بمعايير كمية، أمتار مربعة أو طولية أو مكعبة، الى جانب تقدير للمدة المتوقعة لإنجاز المشروع تماما.
إن تنظيم عمليات التخطيط والمتابعة يوفر ليس فقط في الوقت المستغرق للتنفيذ، بل يجنب الهدر والضياعات، ويضمن كفاءة تنفيذ مشاريع خطة التنمية الوطنية.
خامسا: خلاصة وبعض التوصيات؛ بالطبع لم تناقش هذه الورقة الموجزة، كما قصدناها أن تكون لتجد قراءا أوسع، لم تناقش سوى بعض المحاور المختارة التي حسبناها مهمة. لم نناقش جوانب كثيرة تضمنتها الخطة، مثل التنمية المكانية، والإستثمار الأخضر والتنمية الإجتماعية والحكم الرشيد، فهذه موضوعات مهمة وتستحق ملاحظات خاصة بها، وقد يسمح الوقت بذلك لاحقا. ونوجز أهم توصياتنا في هذه الورقة كالآتي:
لعل أهم توصية هي الدعوة لتطوير البيانات والإحصاءآت الرسمية، ليس فقط القطاعية التقليدية، إنما وبشكل خاص منظومة الحسابات القومية، بما فيها جداول العرض والإستخدام، ومصفوفات المدخلات/ المخرجات، الى جانب الحسابات المتكاملة للنشاطات الإقتصادية، وما يتفرع عنها من حسابات الإنتاج، وتوليد الدخل وحسابات التوزيع الأولي للدخل والتوزيع الثانوي للدخل، وحسابات الدخل القابل للتصرف به، وحسابات تكوين راس المال وتمويله، وصولا الى حسابات الميزانية العامة للإقتصاد الوطني. نحن نعتقد إن توفير هكذا قاعدة من البيانات الإحصائية والحسابات الإقتصادية والمالية ستوفر،بالتاكيد، اساسا رصينا لبناء خطة علمية، تقوم على تقديرات ونسب، ليست فقط موثوقة، وإنما واقعية، ذلك لإنها تصور تصويرا دقيقا العمليات الإنتاجية والتبادلية في الإقتصاد الوطني، مما سيقلل هوامش الخطأ، وقد يؤدي الى تجنب الهدر في المال والزمن.
في ضؤ ما قدمنا وقدم الزميلان الآخران، ضمن شبكة الإقتصاديين العراقيين، نعتقد ليس من المضير إطلاقا مراجعة هذه الخطة وتصويبها، لاسيما وإن شبكة الإقتصاديين العراقيين أبدت إستعدادها للمسؤولين المهتمين في العراق للتعاون التام في هذا المجال.
نختم بتكرار الشكر للاخوة معدي الخطة في وزارة التخطيط، ونعتقد إن جهودهم المبذولة قد عبدت الطريق لتطوير منهجيات التخطيط في العراق.
1. http://iraqieconomists.net/ar/2013/05/20/ كامل العضاض- بعض الملاحظات الأولية حول خطة التنمية الوط-د
2. http://iraqieconomists.net/ar/2013/05/20/د-فاضل-عباس-مهدي-ملاحظات-حول-الفصل-الا
3. http://iraqieconomists.net/ar/2013/05/23/د-علي-مرزا-ملاحظات-على-خطة-التنمية-الو
قراءة في خطة التنمية الوطنية للسنوات
الحزب الشيوعي العراقي _2013- 2017 / فرحان قاسم
تتكون خطة التنمية الوطنية للسنوات 2013- 2017 من تسعة فصول، نشرت منها الفصول الستة الاولى وهي : التنمية في العراق، السكان والقوى العاملة، التنمية الاقتصادية، التنمية القطاعية، التنمية المكانية، التنمية البشرية والاجتماعية . ولم تنشر الفصول الثلاثة المتعلقة بالاستدامة البيئية للتنمية والحكم الرشيد والمتابعة والتقييم .
اكدت خطة التنمية الوطنية لسنة 2013- 2017 على "ان رسم طريق واضح للتنمية لا يتم الا من خلال وضع خطط واستراتيجيات متوسطة وبعيدة المدى مبنية على اسس منهجية سليمة واستقراء للواقع الاقتصادي والاجتماعي والعمراني والبيئي". ومن خلال قراءة متأنية للخطة واجهتنا إشكاليات واسئلة عديدة منها :
إشكالية التخطيط والتطبيق:
من المعروف ان افضل الخطط والبرامج تبقى حبرا على ورق اذا كانت غير قابلة للتطبيق ، والغريب في هذه الخطة ان الفريق الذي اعدها يعترف صراحة بعدم امكانية تطبيقها حيث ورد في الصفحة السابعة ما ياتي " ان وضع خطط تنمية واقعية يتطلب مستوى عاليا من الاستقرار الامني، والاقتصادي، وهذا شرط افتقدته الى درجة ما عملية اعداد هذه الخطة مما يجعل فرص ترجمتها على ارض الواقع يكتنفه عدم اليقين" وورد في مكان اخر مايشير الى مكامن فشلها مسبقا " يواجه مشروع اعداد خطة التنمية الوطنية للسنوات 2013- 2017 ظروفا لا تختلف عن مجمل التحديات و?لمعطيات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي واجهتها خطة التنمية للسنوات 2010- 2014 " و"ان الخطة تؤمن باستمرار قوة التحديات السياسية والامنية فضلا عن التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وهو ما فسر انخفاض كفاءة تنفيذ اهداف الخطة السابقة وانخفاض امكانات الوصول الى اهداف الخطة الحالية " .
اذا ما علمنا انه " بعد عام كامل من العمل المكثف والمنهجي للكوادر القيادية والاختصاصية في وزارة التخطيط وبمشاركة فاعلة وجادة من كافة الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات وممثلين عن القطاع الخاص وبعض منظمات المجتمع المدني وعدد من الاكاديميين انجزت هذه الوثيقة الاستراتيجية الوطنية " اليس من حقنا ان نسال عن جذور التناقض بين " اعداد الخطة على اسس منهجية سليمة واستقراء للواقع " من جهة وبين " تحديات اقتصادية واجتماعية وبيئية تجعل فرص ترجمتها على ارض الواقع يكتنفه عدم اليقين " و ما الذي يجعل فريق عمل يك?ل خطة هو لا يمتلك يقينا انها قابلة للتنفيذ . ان مثل هذه الحالة سابقة غير مالوفة، فمن حق اي باحث ان يبين رايه بعدم واقعية الخطة ومن واجب وحق المخطط ان يدافع عن واقعية خطته، اما ان يعترف المخطط بان الخطة التي وضعها غير قابلة للتطبيق فامر غير منطقي على الاطلاق و يثير اسئلة كثيرة عن السبب وراء صياغة "وثيقة استراتيجية وطنية" يشك واضعوها في امكانية "ترجمتها على ارض الواقع". ان ما طرحه فريق البحث وبشكل صريح بانخفاض "امكانات الوصول الى اهداف الخطة الحالية" حفزنا لدراسة الاسباب الحقيقية الكامنة وراء استنتاجهم هذا.
اذا ما علمنا انه " بعد عام كامل من العمل المكثف والمنهجي للكوادر القيادية والاختصاصية في وزارة التخطيط وبمشاركة فاعلة وجادة من كافة الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات وممثلين عن القطاع الخاص وبعض منظمات المجتمع المدني وعدد من الاكاديميين انجزت هذه الوثيقة الاستراتيجية الوطنية " اليس من حقنا ان نسال عن جذور التناقض بين " اعداد الخطة على اسس منهجية سليمة واستقراء للواقع " من جهة وبين " تحديات اقتصادية واجتماعية وبيئية تجعل فرص ترجمتها على ارض الواقع يكتنفه عدم اليقين " و ما الذي يجعل فريق عمل يك?ل خطة هو لا يمتلك يقينا انها قابلة للتنفيذ . ان مثل هذه الحالة سابقة غير مالوفة، فمن حق اي باحث ان يبين رايه بعدم واقعية الخطة ومن واجب وحق المخطط ان يدافع عن واقعية خطته، اما ان يعترف المخطط بان الخطة التي وضعها غير قابلة للتطبيق فامر غير منطقي على الاطلاق و يثير اسئلة كثيرة عن السبب وراء صياغة "وثيقة استراتيجية وطنية" يشك واضعوها في امكانية "ترجمتها على ارض الواقع". ان ما طرحه فريق البحث وبشكل صريح بانخفاض "امكانات الوصول الى اهداف الخطة الحالية" حفزنا لدراسة الاسباب الحقيقية الكامنة وراء استنتاجهم هذا.
اولا: الاصلاح الاقتصادي بين الشكل والمضمون
ان الازمة البنيوية التي نشات بفعل سياسات النظام الدكتاتوري السابق، والتي تعمقت واخذت مديات اوسع بعد 9 نيسان 2003 بفعل مشروع الاحتلال، وما نتج عنه من تبني المحاصصة اساسا للنظام السياسي سبب خرابا شمل مختلف الجوانب دون استثناء، الامر الذي جعل من الاصلاح امرا ضروريا تفرضه عوامل موضوعية تجلت في "اختلالات وتشوهات عميقة في الاقتصاد، وتدهورا شاخصا في الخدمات "، انعكس على ازمات متكررة ضمن الازمة البنيوية الشاملة . لذلك يجمع الاختصاصيون على ضرورة الاصلاح الاقتصادي وان اختلفوا في مضامين هذا الاصلاح حيث نجد فريقا منه يسعى :
1- "الى إعادة هيكلة الاقتصاد العراقي وفق متطلبات التحول لاقتصاد السوق وتوسيع قاعدة الانتاج من خلال اعتماد آليات السوق وتحرير التجارة الداخلية والخارجية والانتقال من الادارة المركزية للاقتصاد الى الادارة اللا مركزية وتسهيل خصخصة الشركات العامة
2- اعادة النظر في طبيعة الدولة العراقية بتحويلها من دولة مالكة الى دولة حارسة أي كشرطي يقوم بحماية النمط الجديد من التطور".
2- اعادة النظر في طبيعة الدولة العراقية بتحويلها من دولة مالكة الى دولة حارسة أي كشرطي يقوم بحماية النمط الجديد من التطور".
وفريق آخر يرى:
"ان الاصلاح عملية اقتصادية اجتماعية سياسية ثقافية شاملة وليس عملية فنية بحتة تعتمد :
"ان الاصلاح عملية اقتصادية اجتماعية سياسية ثقافية شاملة وليس عملية فنية بحتة تعتمد :
1- استراتيجية تنموية متكاملة بديلة توظف جميع القطاعات الاقتصادية وهذه الاستراتيجية مرتبطة بشكل ومحتوى الدولة كبديل لدولة الاستبداد التي انتجت آليات النهب وسوء الادارة والبيروقراطية والطفيلية .
2- توفير ارادة سياسية حازمة وقوى اجتماعية قادرة على وضع مشروع الاصلاح موضع التطبيق ."
من الجلي ان مرجعية الاختيار الاول هو اللبرالية الجديدة التي تسعى الى تعزيز تبعية العراق الى عجلة الاقتصاد الراسمالي العالمي، ومنظماته الدولية المتمثلة بالمصرف الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، وافضل مشروع لهذا الاختيار هو مشروع بريمر الذي يعتمد الخصخصة، واقتصاد السوق الراسمالية، واعادة هيكلة القطاع العام . و مرجعية الاختيار الثاني هي اعتماد استراتيجية تنموية تستثمر العوائد النفطية لاعادة هيكلة الاقتصاد العراقي لصالح تطوير الصناعة والزراعة و انقاذه من الاقتصاد الريعي الاحادي الجانب .
والسؤال المنطقي الذي يفرض نفسه هو اين تضع الخطة نفسها من هذين الاختيارين ؟ وحينما تبحث عن اجابة لهذا السؤال تجد نفسك امام مجموعة كبيرة من المفاهيم والعبارات المتقاطعة في الظاهر، فمن جهة تشير الخطة انها " تهيئ الظروف للاقتصاد العراقي في نهاية مرحلتها للانطلاق والبدء في التحرر من ريعية الاقتصاد واعتماده على مورد النفط الوحيد باتجاه توزيع قاعدة الاعتماد على الانشطة الاخرى" و"رؤية مستقبلية بعيدة المدى تهدف الى بناء اقتصاد متنوع ومزدهر تقوده قطاعات الصناعة والطاقة والزراعة والسياحة كاقطاب تنموية يكون القطا? العام والخاص والمجتمع المدني شركاء في التنمية " ومن جهة اخرى تؤكد الخطة على ان " الاصلاح الاقتصادي يتضمن التحول من الاقتصاد المخطط مركزيا الى اقتصاد السوق والحرية الاقتصادية والانفتاح الاقتصادي والاندماج مع العالم " . ورغم ان الخطة توصلت الى استنتاج له اهمية كبيرة وهو " ان طبيعة تحديات التحول الى اقتصاد السوق اوجدت بيئة مضطربة توزعت افرازاتها لتغطي مفاصل الاقتصاد العراقي كافة فضلا عن التلكؤ في تنفيذ مراحل التحول ومنهجياته وترحيل التشريعات الساندة له الى اجل غير مسمى كقانون الخصخصة " فان جوهر ما ورد في ا?خطة حول " الاصلاح الاقتصادي " يشير الى اعادة انتاج ما دأبت عليه الخطط السابقة منذ 2003 وهو محاولة ترسيخ وصفة صندوق النقد الدولي التي واجهت تحديات ومصاعب كثيرة في التطبيق ادت الى :
2- توفير ارادة سياسية حازمة وقوى اجتماعية قادرة على وضع مشروع الاصلاح موضع التطبيق ."
من الجلي ان مرجعية الاختيار الاول هو اللبرالية الجديدة التي تسعى الى تعزيز تبعية العراق الى عجلة الاقتصاد الراسمالي العالمي، ومنظماته الدولية المتمثلة بالمصرف الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، وافضل مشروع لهذا الاختيار هو مشروع بريمر الذي يعتمد الخصخصة، واقتصاد السوق الراسمالية، واعادة هيكلة القطاع العام . و مرجعية الاختيار الثاني هي اعتماد استراتيجية تنموية تستثمر العوائد النفطية لاعادة هيكلة الاقتصاد العراقي لصالح تطوير الصناعة والزراعة و انقاذه من الاقتصاد الريعي الاحادي الجانب .
والسؤال المنطقي الذي يفرض نفسه هو اين تضع الخطة نفسها من هذين الاختيارين ؟ وحينما تبحث عن اجابة لهذا السؤال تجد نفسك امام مجموعة كبيرة من المفاهيم والعبارات المتقاطعة في الظاهر، فمن جهة تشير الخطة انها " تهيئ الظروف للاقتصاد العراقي في نهاية مرحلتها للانطلاق والبدء في التحرر من ريعية الاقتصاد واعتماده على مورد النفط الوحيد باتجاه توزيع قاعدة الاعتماد على الانشطة الاخرى" و"رؤية مستقبلية بعيدة المدى تهدف الى بناء اقتصاد متنوع ومزدهر تقوده قطاعات الصناعة والطاقة والزراعة والسياحة كاقطاب تنموية يكون القطا? العام والخاص والمجتمع المدني شركاء في التنمية " ومن جهة اخرى تؤكد الخطة على ان " الاصلاح الاقتصادي يتضمن التحول من الاقتصاد المخطط مركزيا الى اقتصاد السوق والحرية الاقتصادية والانفتاح الاقتصادي والاندماج مع العالم " . ورغم ان الخطة توصلت الى استنتاج له اهمية كبيرة وهو " ان طبيعة تحديات التحول الى اقتصاد السوق اوجدت بيئة مضطربة توزعت افرازاتها لتغطي مفاصل الاقتصاد العراقي كافة فضلا عن التلكؤ في تنفيذ مراحل التحول ومنهجياته وترحيل التشريعات الساندة له الى اجل غير مسمى كقانون الخصخصة " فان جوهر ما ورد في ا?خطة حول " الاصلاح الاقتصادي " يشير الى اعادة انتاج ما دأبت عليه الخطط السابقة منذ 2003 وهو محاولة ترسيخ وصفة صندوق النقد الدولي التي واجهت تحديات ومصاعب كثيرة في التطبيق ادت الى :
1- "تكريس ريعية الاقتصاد العراقي، وانكشافه للعالم الخارجي .
2- انخفاض نسبة الانشطة السلعية في توليد الناتج المحلي .
3- محدودية الدور التنموي للجهاز المصرفي .
4- اختلال بنية الانفاق العام لصالح النفقات التشغيلية من اجمالي الانفاق العام حيث بلغت 68بالمئة يقابلها 32بالمئة نسبة النفقات الاستثمارية لسنة2012.
5- اتساع نطاق الاقتصاد غير المنظم وتقليدية سوق العمل العراقية " .
ما تقدم انتج كما تشير الخطة الى :
1- "تعمق في التمايزات الاجتماعية وزيادة في مساحة الفئات المهمشة .
2- استمرار الازمات .
3- اتساع الامية لتصل خمس سكان العراق.
4- هبوط في مشاركة المراة في النشاط الاقتصادي 13بالمئة .
5- ضعف المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل .
6- تفاقم العجز في الوحدات السكانية حيث بلغ مليوني وحدة سكنية.
7- معاناة بيئية بعناصرها الثلاثة الماء والهواء والتربة".
8- الارتفاع النسبي ما بين البطالة والمستوى التعليمي .
9- وصل العجز في الابنية المدرسية الى ( 7000 ) .
10- اتساع الفساد المالي والاداري عموديا وافقيا .
2- انخفاض نسبة الانشطة السلعية في توليد الناتج المحلي .
3- محدودية الدور التنموي للجهاز المصرفي .
4- اختلال بنية الانفاق العام لصالح النفقات التشغيلية من اجمالي الانفاق العام حيث بلغت 68بالمئة يقابلها 32بالمئة نسبة النفقات الاستثمارية لسنة2012.
5- اتساع نطاق الاقتصاد غير المنظم وتقليدية سوق العمل العراقية " .
ما تقدم انتج كما تشير الخطة الى :
1- "تعمق في التمايزات الاجتماعية وزيادة في مساحة الفئات المهمشة .
2- استمرار الازمات .
3- اتساع الامية لتصل خمس سكان العراق.
4- هبوط في مشاركة المراة في النشاط الاقتصادي 13بالمئة .
5- ضعف المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل .
6- تفاقم العجز في الوحدات السكانية حيث بلغ مليوني وحدة سكنية.
7- معاناة بيئية بعناصرها الثلاثة الماء والهواء والتربة".
8- الارتفاع النسبي ما بين البطالة والمستوى التعليمي .
9- وصل العجز في الابنية المدرسية الى ( 7000 ) .
10- اتساع الفساد المالي والاداري عموديا وافقيا .
يتضح ان السبب وراء عدم قناعة فريق العمل الذي اعد هذه الخطة بعدم امكانية تحقيق اهدافها هو اعتمادهم مرجعية حاولت فرض وصفة جاهزة لم تزكها الوقائع، و انتجت فوضى ضاربة في ارجاء المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والخطة تشير الى حقيقة ناصعة وهي " ان مشروع الخطة يواجه ظروفا لا تختلف عن مجمل التحديات والمعطيات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي واجهتها خطة التنمية للسنوات 2010 – 2014 " وهو ما فسر كما ذكرنا انخفاض كفاءة تنفيذ اهداف الخطة السابقة وانخفاض امكانات الوصول الى اهداف الخطة الحالية .
ثانيا: الفساد المالي.. ناتج عرضي ام تكوين بنيوي؟
لا احد يختلف على ان الفساد المالي اتسع نطاقه، واتخذ طابعا مافيويا منظما، واصبح عائقا كبيرا امام تنفيذ اية خطة تنمية، وحوتا يبتلع الاموال الضخمة للموازنة، وحاجزا امام الاستثمار وقدوم الشركات الرصينة. لقد تعاملت الخطة مع هذه الظاهرة الخطيرة على انها ظاهرة اخلاقية وفنية واحالتها الى:
1- "انتشار القيم الاجتماعية والادارية الحاضنة للفساد والحامية له والمتسامحة معه " دون ان تسأل الخطة لماذا انتشرت تلك القيم وتعمقت .
2- "ضعف الشفافية في التصرفات المالية وضعف النظام المصرفي وعجزه عن الامساك بادوات التطبيق السليم لاجراءات ومتطلبات منع عمليات غسيل الاموال والقصور في معاقبة المفسدين".
ان الوقائع اثبتت بما لا يقبل الشك ان الفساد المالي ابعد بكثير من كونه ظاهرة اخلاقية فنية، وانه جزء من التكوين البنيوي لمشروع الاحتلال الاقتصادي، فهو الوسيلة الناجعة والمجربة لخلق طبقات اجتماعية جديدة، تكون ساندة للمشروع العولمي في بلد خرج من معطف الدكتاتورية باغلبية ساحقة تعاني من الفقر المدقع، وبلوحة طبقية مشوهة، لذلك رفع الاحتلال يده عن عمليات الاستحواذ على المال العام والخاص وعطل من الناحية العملية العقوبات الجزائية بحق المفسدين بغض النظر عن مواقعهم، اضافة الى ان الفساد لم يعد مقصورا على الجهاز الحكومي ?قط، وانما اتسع نطاقه الى مختلف القطاعات، وما يبدو على المشهد الطبقي من بروز شريحة كومبرادورية ترتبط مصالحها بالراسمال العالمي لها تاثيرعلى مراكز القرار السياسي والاقتصادي الا دليل واضح على نجاح الفساد المالي في خلق هذه الشريحة التي لم يكن لقسم من افرادها اي دور في الحياة الاقتصادية قبل 2003، اضافة الى بروز اخطر لشريحة البيروقراطية التي استغلت وجودها في مراكز الدولة لغرض الاثراء على حساب المال العام اولا، واستغلال العمولات التي تفرضها على الشركات والمقاولين لتعزيز مكانتها المالية، وتحول قسم من اقطابها الى ا?حاب شركات تمارس اعمالها سواء داخل العراق ام خارجه.
يكاد يجمع الاختصاصيون على انه لا مستقبل لاية خطة تنموية دون ان تضع القضاء على الفساد المالي كاحد اولوياتها اذ بدون ذلك لن ترى تلك الخطط النور وستتحول اغلب اموالها الى جيوب المفسدين او الى مشاريع فاشلة او متلكئة، ولم المس في خطة التنمية للسنوات 2013 – 2014 اي اولوية في معالجة هذا الجانب الحاسم في نجاح او فشل اية خطة تنموية .
1- "انتشار القيم الاجتماعية والادارية الحاضنة للفساد والحامية له والمتسامحة معه " دون ان تسأل الخطة لماذا انتشرت تلك القيم وتعمقت .
2- "ضعف الشفافية في التصرفات المالية وضعف النظام المصرفي وعجزه عن الامساك بادوات التطبيق السليم لاجراءات ومتطلبات منع عمليات غسيل الاموال والقصور في معاقبة المفسدين".
ان الوقائع اثبتت بما لا يقبل الشك ان الفساد المالي ابعد بكثير من كونه ظاهرة اخلاقية فنية، وانه جزء من التكوين البنيوي لمشروع الاحتلال الاقتصادي، فهو الوسيلة الناجعة والمجربة لخلق طبقات اجتماعية جديدة، تكون ساندة للمشروع العولمي في بلد خرج من معطف الدكتاتورية باغلبية ساحقة تعاني من الفقر المدقع، وبلوحة طبقية مشوهة، لذلك رفع الاحتلال يده عن عمليات الاستحواذ على المال العام والخاص وعطل من الناحية العملية العقوبات الجزائية بحق المفسدين بغض النظر عن مواقعهم، اضافة الى ان الفساد لم يعد مقصورا على الجهاز الحكومي ?قط، وانما اتسع نطاقه الى مختلف القطاعات، وما يبدو على المشهد الطبقي من بروز شريحة كومبرادورية ترتبط مصالحها بالراسمال العالمي لها تاثيرعلى مراكز القرار السياسي والاقتصادي الا دليل واضح على نجاح الفساد المالي في خلق هذه الشريحة التي لم يكن لقسم من افرادها اي دور في الحياة الاقتصادية قبل 2003، اضافة الى بروز اخطر لشريحة البيروقراطية التي استغلت وجودها في مراكز الدولة لغرض الاثراء على حساب المال العام اولا، واستغلال العمولات التي تفرضها على الشركات والمقاولين لتعزيز مكانتها المالية، وتحول قسم من اقطابها الى ا?حاب شركات تمارس اعمالها سواء داخل العراق ام خارجه.
يكاد يجمع الاختصاصيون على انه لا مستقبل لاية خطة تنموية دون ان تضع القضاء على الفساد المالي كاحد اولوياتها اذ بدون ذلك لن ترى تلك الخطط النور وستتحول اغلب اموالها الى جيوب المفسدين او الى مشاريع فاشلة او متلكئة، ولم المس في خطة التنمية للسنوات 2013 – 2014 اي اولوية في معالجة هذا الجانب الحاسم في نجاح او فشل اية خطة تنموية .
ثالثا : الإيرادات غير النفطية
اكدت الخطة على ان العراق "لم يشهد تغييرا بنيويا في اقتصاده، اذ ما زال الاتجاه العام يؤكد اولوية القطاع النفطي في توليد الناتج المحلي الاجمالي حيث يشكل 67بالمئة" كما اعتمدت الموازنات الاتحادية على الايرادات النفطية بمعدل 88 بالمئة بينما لا تشكل الايرادات غير النفطية سوى 12بالمئة في افضل الاحوال. ولغرض معالجة ضعف مساهمة الايرادات غير النفطية في الموازنة دعت الخطة الى " دعم الموازنة لاليات الانتقال الى اقتصاد السوق من خلال توزيع قاعدة الضرائب" ولم تلجا الى الاسلوب الناجع في معالجة هذا الخلل عن طريق توظيف العو?ئد النفطية الهائلة لاعادة هيكلة الاقتصاد العراقي لصالح تطوير الانتاج الصناعي والزراعي ومعالجة الخلل الرئيس الاخر في " بنية النفقات العامة حيث بقيت تميل اتجاهات الانفاق العام لصالح النفقات التشغيلية على حساب النفقات الاستثمارية". مرة اخرى تؤكد خطة التنمية الوطنية هدفها الاساس في اعادة هيكلة الاقتصاد العراقي لصالح مشروع اللبرالية الجديدة عن طريق معالجة الخلل في بنية النفقات باعتماد الية التوزيع والتبادل بدلا من الية الانتاج لتحقيق اندماج الاقتصاد العراقي بالاقتصاد الراسمالي العا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق