خطة التنمية الوطنية ( العراق ) 2010 - 2014
بغداد كانون الأول / 2009
تمهيد
ولدت فكرة إعداد خطة تنمية وطنية متوسطة المدى من الإخفاقات والمشاكل التي واجهت إعداد البرامج الاستثمارية السنوية وخاصة صعوبة وضع رؤى تنموية شاملة متوسطة وبعيدة المدى، وتحديد أولويات المشاريع وتكاملها على أساس المنهج السنوي للتنمية. لذا اقترحت وزارة التخطيط على مجلس الوزراء الموقر فكرة التحول إلى إعداد برامج تنموية متوسطة الأمد ( خمس سنوات) وأقر المجلس الموقر الفكرة عام 2008 بقراره المرقم (20ز/8013/15/1/10) بتاريخ 2008/4/15، وبدأت وزارة التخطيط بالتهيؤ إلعداد خطة تنمية وطنية خمسية وباشرت العمل الفعلي المكثف إلعداد الخطة في بداية عام 2009.
أولاً: منهجية إعداد الخطة اعتمد في بناء الخطة على المنهج الواقعي في التحليل والإستنباط، حيث تم إجراء تحليل شامل لواقع الاقتصاد العراقي بأبعاده الكلية والقطاعية والمكانية خلال العقود الأربعة الماضية مع التأكيد على الفترة 2008 - 2004.
كما تم تحليل واقع الخدمات العامة والبنى الإرتكازية والواقع البيئي والوضع الاجتماعي بما فيه من فقر وبطالة مع التركيز على الفئات الهشة (المرأة، الأطفال، المعوقين...الخ).
وقد حرصت الخطة ضمن منهجها المنطقي، وفي كل نشاط او خدمة تناولتها، أن تستعرض السياسات السابقة، وما أدت إليه تلك السياسات من واقع حال بجوانبه الإيجابية والسلبية، حيث اشتقت منه المشاكل والتحديات التي يواجهها النشاط أو الخدمة، وفي ضوء ذلك وضعت الرؤية للسنوات الخمس القادمة، وترجمت الرؤية الى أهداف كمية ونوعية أكثر تفصيلاً بحسب طبيعة كل نشاط أو خدمة أو فعالية، ومن ثم تم طرح وسائل تحقيق هذه الأهداف لتنتهي الخطة بملحق البرنامج الاستثماري الشامل حسب القطاعات والأنشطة والمحافظات لسنوات الخطة.
الخلاصة التنفيذية
الفصل الأول /الإطار الاقتصادي والاجتماعي للخطة
الفصل الثاني /السكان والقوى العاملة
الفصل الثالث /الاقتصاد الكلي
الفصل الرابع /القطاع المالي والنقدي
الفصل الخامس /الزراعة والموارد المائية
الفصل السادس /الصناعة والطاقة
الفصل السابع /البنى التحتية
الفصل الثامن /الخدمات العامة
الفصل التاسع /الوضع الاجتماعي
الفصل العاشر /التنمية المكانية والإستدامة البيئية
الفصل الحادي عشر/القطاع الخاص
الفصل الثاني عشر /الحوكمة الرشيدة
الخلاصة التنفيذية
تؤمن خطة التنمية الوطنية المتوسطة المدى (الخمسية) فرصاً جدية لتأشير التحديات والإمكانات التنموية على المستوى الكلي والقطاعي والمكاني وتساعد في رسم رؤى ووضع أهداف كمية ونوعية لتطور الاقتصاد والمجتمع على المدى الزمني لها، إذا ما قورنت بالبرامج الإستثمارية السنوية.
تنطلق الخطة من التحديات التي يواجهها الاقتصاد والمجتمع العراقي ومن الإمكانات المادية والبشرية التي يتمتع بها والتي تتلخص بالآتي:
1. يؤشر الجانب الاقتصادي الاعتماد شبه الكامل على موارد النفط في تمويل الموازنة الاتحادية للدولة وفي تكوين حوالي نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلد وعلى انكشاف الاقتصاد العراقي للعالم الخارجي نتيجة تدني مساهمة القطاعات السلعية عدا النفط في توليد الناتج المحلي الإجمالي وفي تكوين العرض السلعي المحلي، والدور المحدود للقطاع الخاص في العملية التنموية.
في حين يؤشر الجانب الاجتماعي، وجود تحديات جسيمة في مجال التربية والتعليم والصحة بمؤشراتها الكمية والنوعية، وارتفاع نسبة الفئات الهشة، وارتفاع معدلات البطالة إلى (15%) وخصوصاً بين الشباب والنساء، فضلاً عن وقوع نسبة (23%) من السكان دون مستوى خط الفقر، إلى جانب العجز الكبير في السكن الذي يصل في بعض التقديرات إلى (3.5) مليون وحدة سكنية.
وفي مجال البنى الارتكازية يعاني العراق من تدني في معدلات التجهيز الكمية والنوعية في مياه الشرب، حيث لا تزيد نسبة التغطية عن (90%) في المناطق الحضرية و(65%) في المناطق الريفية. أما في مجال الصرف الصحي فان المشكلة أكبر حيث بلغت نسبة التغطية بمشاريع الصرف الصحي في مدينة بغداد حوالي (75%) ولم تتجاوز (30%) في بقية المناطق الحضرية، مع حرمان كامل للمناطق الريفية من هذه الخدمات.
ولم تكن التنمية المكانية أفضل حالاً إذ يوجد تباين كبير في مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي الخدمات سواء بين المحافظات أو على مستوى الريف والحضر، مع الميل باتجاه تدني مؤشرات التنمية البشرية بدلالة ارتفاع مستويات الحرمان والفقر في معظم المحافظات الجنوبية باستثناء البصرة، مع ارتفاع نسبي في محافظات الوسط وإقليم كردستان.
وفي مجال التنمية الريفية، يؤشر تـخلف واضح للريف بكافة المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية بما فيها تدني الإنتاجية الزراعية ؛ارتفاع مستويات الأمية؛ تدني نسب الالتحاق وارتفاع نسب التسرب من المدارس خاصة الإناث؛ ارتفاع مستويات الفقر عن المعدل العام للبلد؛ تـخلف الخدمات والرعاية الصحية؛ ارتفاع معدلات الحرمان من الخدمات والسكن؛ وضعف ربط الريف عموماً بالمناطق الحضرية.
وفي مجال البيئة، يؤشر ضعف الاهتمام بالبعد البيئي للتنمية وارتفاع مؤشرات تلوث عناصر البيئة (الماء والهواء والتربة) نتيجة ذلك، وضعف برامج الرصد والمراقبة والمتابعة للملوثات، إلى جانب ضعف الوعي البيئي للمجتمع والمؤسسات، فضلاً عن عدم وجود تشخيص شامل لآثار الحروب المتعاقبة التي استـخدم فيها الأسلحة المدمرة للبيئة، وذات الآثار بعيدة الأمد.
إن الحروب والأزمات المتعاقبة التي مر بها العراق والتغير السريع بعد عام 2003 تمخض عنها وضع مجتمعي لم يستوعب المتغيرات والتحولات الجديدة، مما ولد حالات من الفساد انعكست بآثارها على مسارات التنمية.
2. في ضوء التحديات المؤشرة فيما سبق وفي ظل أجواء من الديمقراطية الاتحادية تهدف الخطة إلى أن يكون العراق بلداً فاعلاً، من خلال العمل وفق آليات السوق، وأن يكون قوة اقتصادية إقليمية تتكامل وتندمج بالاقتصاد العالمي تجسيدا لمبدأ الشراكة الدولية. وعلى هذا الأساس تسعى الخطة إلى توظيف العراق لموارده الاقتصادية، البشرية منها والطبيعية، بشكل فاعل وصولاً إلى اقتصاد تنافسي متنوع يتبوأ فيه القطاع الخاص دورا رائدا في توليد الثروة والوظائف، وتمارس الحكومة دورا تنظيمياً وتمكينياً من أجل مواجهة إخفاقات السوق وضمان توزيع عادل للدخل القومي لتمكين فئات المجتمع الأكثر عرضة للمخاطر من أن يمارسوا دورهم بشكل فاعل في تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي.
3. الأهداف؛ تترجم خطة التنمية الرؤية الإستراتيجية من خلال الأهداف العامة الآتية:
- زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة (9.38%) كمعدل نمو سنوي خلال مدة الخطة.
- توليد مابين 4.5 - 3 مليون فرصة عمل جديدة إستناداً إلى التناسبات بين كثافة رأس المال والعمل التي سوف تستـخدم في الأنشطة والمشاريع التي تبنتها الخطة.
- تنويع الاقتصاد العراقي من خلال تحقيق زيادات تدريجية في نسبة مساهمة القطاعات الأخرى في الناتج المحلي الإجمالي وبخاصة القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية، فضلاً عن السياحة والتي تتميز بوجود إمكانات تنافسية لها أو لبعض أنشطتها في الاقتصاد العراقي، إضافة إلى كونها من القطاعات التي يلعب النشاط الاقتصادي الخاص دوراً تاريـخياً فيها. ويمكن تعزيز هذا الدور مستقبلاً سواء في توليد الناتج المحلي الإجمالي أو في فرص العمل التي يمكن أن يولدها.
- تعزيز دور القطاع الخاص المحلي والأجنبي سواء من حيث حجم الاستثمار المتوقع داخل البلد والذي قدرته الخطة بحوالي (46%) أو من حيث فرص العمل المتوقع استحداثها. إذ سعت الخطة الى توسيع وتنويع الأنشطة التي يمكن للقطاع الخاص أن يستثمر فيها وخاصة المشاريع الزراعية المتكاملة بشقيها،الإنتاج النباتي والحيواني، والثروة السمكية، السياحة بمختلف أنواعها، الصناعات التحويلية وخاصة ذات الميزة النسبية في العراق، وقطاعات نقل الركاب والبضائع والاتصاالت وإدارة الموانئ والمطارات، إضافة إلى الدعوة إلى تعزيز مساهمة القطاع الخاص في ميادين التربية والتعليم والصحة والسكن الذي دعت الخطة أن يكون دور الدولة في السكن تمكينيا لتشجيع القطاع العائلي والخاص (الوطني والأجنبي) للاستثمار في السكن مع ضرورة استمرار مسؤولية الدولة لتأمين السكن للفئات الهشة.
- تحسين وزيادة مستوى الإنتاجية وتطوير مبدأ المنافسة، خاصة في الأنشطة ذات الميزة النسبية، في سبيل المثال لا الحصر النفط والغاز، الصناعات البتر وكيماوية، الأسمدة الكيماوية، الإسمنت، الصناعات الدوائية، إنتاج التمور والفواكه، تربية الحيوانات الاقتصادية، والسياحة بكافة أنواعها (الترويحية والدينية والتاريـخية)، وعلى امتداد محافظات العراق كافة كل حسب إمكاناتها وميزاتها النسبية.
- تقليل معدلات الفقر بنسبة (30%) عن معدلاتها لعام 2007، وذلك من خلال التركيز على التنمية المتكاملة في الريف، وخلق فرص العمل بخاصة للفئات الهشة من الشباب والنساء، والتركيز في تأمين الخدمات الأساسية –خاصة خدمات التعليم والرعاية الصحية - للمناطق الريفية والفئات الهشة.
- التأسيس لنمط تنمية مكانية يتصف بتوزيع عادل لخدمات البنى الارتكازية والخدمات العامة (ماء وصرف صحي، صحة، تربية..) على كافة محافظات العراق بشكل ينسجم مع حجومها السكانية ودرجة حرمانها وحاجتها إلى مختلف هذه الخدمات، فضلاً عن توزيع الأنشطة الإنتاجية والسياحية على عموم المحافظات بما ينسجم مع إمكاناتها النسبية وقدرتها التنافسية على مستوى العراق والمستوى الإقليمي والدولي، مع التركيز على أرياف المحافظات كافة والعشوائيات الحضرية باعتبارها الأكثر حرماناً وحاجة لإعطاء الأولوية.
- التأسيس لتنمية مستدامة توازن بين الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية من أجل الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية المتاحة دون الإخلال بحقوق الأجيال القادمة فيها، والعمل على مواكبة التطورات العالمية في مجال التغيرات المناخية، واستـخدام التقانات الصديقة للبيئة في مختلف الأنشطة الإنتاجية والخدمية التي تستحدثها الخطة.
- تعزيز دور الحكومات المحلية في تنمية محافظاتها وبناء القدرات اللازمة لذلك، مع التنسيق والتكامل بين المحافظات المتجاورة بهدف استغلال الميزات النسبية لكل منها.
4. لتحقيق هذه الأهداف فإن الخطة
قدرت الاستثمار المطلوب تأمينه بحوالي (218) تريليون دينار عراقي أي ما يعادل (186) مليار دولار خلال السنوات الخمسة للخطة، يمول (100) مليار دولار منها من الموازنة الاتحادية وعلى أساس معدل (30%) سنويا من إجمالي الموازنة الاتحادية، على أن تمول ال(86) مليار دولار الأخرى من القطاع الخاص المحلي والأجنبي بحيث تكون مساهمة القطاعين الحكومي والخاص (53.7%) (46.3%) على التوالي .
تم توزيع الأولويات الاستثمارية بإعطاء قطاعي النفط والكهرباء أسبقية متقدمة باعتبار ان النفط هو الممول الأساسي للموارد المالية الستدامة التنمية على الأقل في المدى المتوسط، وقطاع الكهرباء باعتباره بنية ارتكازية أساسية لتحقيق أي تنمية وتطور في القطاعات الإنتاجية والخدمية، فضلاً عن رفاهية السكان. كما تم إعطاء أولوية متقدمة لقطاع الزراعة والنقل والاتصالات باعتبار الزراعة مصدرا مهما وذات إمكانات واعدة للمساهمة في تنويع الاقتصاد وتأمين الأمن الغذائي للبلد، فضلاً عن دورها في توليد فرص عمل تساهم بشكل فاعل في الحد من مستويات البطالة والفقر واستقرار القوى العاملة المنتجة في الريف، وعدم الهجرة إلى المناطق الحضرية ومزاحمتها للخدمات الشحيحة أصلاً في المدن. كما تم إعطاء قطاع النقل والاتصاالت أولوية بوصفه بنية ارتكازية مهمة ذات تشابكات وظيفية عالية مع القطاعات الأخرى. واحتل موضوع بناء الإنسان أولوية مناسبة باعتبار أن الإنسان هو وسيلة التنمية وغايتها، وان أي تنمية مادية لا يمكن تحقيقها دون تأمين الموارد البشرية الكفوءة والقادرة على تنفيذها وإدارتها. وتعزيزا لمبدأ المركزية إدارة التنمية وتفعيل الدور المعطى للحكومات المحلية في تحديد احتياجاتها ومتطلباتها التنموية خصوصاً ذات الطابع المحلي، فقد سعت الخطة إلى تأمين (12.5%) من استثماراتها إلى برنامج تنمية الأقاليم إضافة إلى حصة إقليم كردستان البالغة (17%). والجدول (1) يبين الأهمية النسبية للاستثمارات الموجهة لقطاعات الخطة .
إن تأمين الاستثمار وحده لا يكفي لتحقيق الأهداف على الرغم من كونه حجر الزاوية إلى عملية تنموية، بل البدء أن يدعم في المجال المالي والنقدي، وفي مجال التطوير المؤسسي والإصلاح الإداري والقانوني، وفي مجال أنظمة الرصد والمتابعة للخطة، حيث ركزت الخطة على هذه الجوانب واقترحت عددا من السياسات المالية والنقدية التي تتناغم مع السياسة الاستثمارية ومع الأهداف الإستراتيجية والقطاعية والمكانية والاجتماعية للخطة .
كذلك اقترحت الخطة جملة من الإصلاحات المؤسسية على مستوى القطاعات وأكدت على موضوع بناء القدرات البشرية والفنية، إضافة الى توظيف التكنولوجيا الحديثة والتأكيد على اقتصادية المشاريع المتبناة في الخطة وموضوع الحوكمة الرشيدة بما فيها من مبادئ سيادة القانون والمساءلة والشفافية والعدالة والشمولية والفاعلية والكفاءة، فضلاً عن تحديث القطاع العام وفق هذه الأسس والمبادئ.
إن المسار الذي تبنته الخطة في تحقيق أهدافها يدعو أيضا إلى توظيف التقانات الحديثة والجانب المعرفي والاستفادة من أبرز التجارب الإقليمية والدولية، والتوسع في مجال اقتصاد المعرفة وتوظيفه لخدمة أهداف الخطة.
النص كاملاً : للقراءة أونلاين والتحميل إضغط هنا
أو
أو
أو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق