التسميات

السبت، 19 مارس 2016

مواجهة آثار التغيرات المناخية المرتقبة على المدن التراثية الساحلية في مصر ...


مواجهة آثار التغيرات المناخية المرتقبة

 على المدن التراثية الساحلية في مصر


عبدالفتاح البنا 

ملخص البحث :

حث الإهتمام المتزايد من قبل المجتمع الدولي لظاهرة الإحتباس الحراري و التغيرات المناخية المرتقبة على البحار المفتوحة المؤلف لقراءة المعطيات التي توفرها التقنيات الحديثة و استشعار المخاطر لرصد تأثير البحر الأبيض المتوسط على العديد من المواقع الأثرية والتاريخية بالشاطئ الشمالي المصري ومحوها من الخريطة الجغرافية والسياحية لمصر. هذا الحدث الذي ندنوا منه دون أن نستشعر، وهو اختفاء المدن الساحلية التاريخية كالإسكندرية بمواقعها الأثرية الشهيرة (مقابر الشاطبي، مصطفي كامل، الانفوشي، كوم الشقافة، شارع تيجران، قلعة قايتباي). كما تتعرض لنفس الظاهرة مدن رشيد، دمياط، بور سعيد و تل الفرما (منطقة بلوزيوم الأثرية شمال سيناء) لنفس المخاطر التي تتعرض لها المواقع الأثرية بمدينة الأسكندرية حيث تنتشر هذه المدن التراثية على طول ٣٥٠ كم هو امتداد خط الشاطئ من الأسكندرية غربا حتى سهل الطينة بشمال سيناء شرقا.

  و على الرغم من تمثيل مصر كأول دولة عربية في الملتقي الدولي ريو دي جانيرو عام ٩٢ الذي ناقش ظاهرة الإحتباس الحراري و التغيرات المناخية العالمية، و مؤتمر كيتو عام ٩٧، و ما ينتج عنها من ارتفاع منسوب سطح البحر بمقدار ٥٠سم عام ٢٠٥٠ يصل إلى ١متر عام ٢١٠٠ م، و تباعات ذلك من غرق الشواطئ المصرية خاصة المناطق والجيوب المنخفضة بمعدل ٣٠% أو ثلث مساحة هذه المدن دون أن ينتبه القائمون على إدارة المناطق الأثرية السياحية في مصر لهذا الحدث.

  والراصد لخط الساحل الشمالي يمكنه ملاحظة تراجع هذه الشواطىء عن طريق التصوير الجوى بالأقمار الصناعية وذلك خلال تتبع سلسلة زمنية لهذه الأراضى. فبعد إنشاء السد العالى بأسوان، لم يعد نهر النيل قادراً على جلب طمى النيل إلى ضفتى الدلتا، ونتيجة لذلك أصبح مستوى بعض أجزاء من أراضى الدلتا أقل من مستوى سطح البحر، و تظهر هذه المشكلة في تسرب مياه البحر إلى العديد من المواقع الأثرية في كل من مدينة الاسكندرية، رشيد و تل الفرما. ومن المتوقع غمر هذه الأجزاء بمياه البحر عند ارتفاع مستوى مياه البحر نتيجة لارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية جراء ظاهرة الإحتباس الحراري و التغيرات المناخية العالمية.

(ظاهرة عالمية Global Phenomenon، ارتفاع سطح البحر S.L. R ، المواقع الأثرية Archaeological Sites)


أولا: المقدمة

  فى تاريخ مصر المسجل حدثت تغيرات مناخية عدة مرات، ما بين عام ١٠٠٠ و٢٠٠٠ قبل الميلاد حدثت حادثتان هما الأشهر فيما يتعلق بالتغيرات المناخية، الحادثة الأولى هى أن الأرض شهدت فترة دفء وذاب الجليد وارتفع منسوب المياه وغرقت بحيرة المنزلة، فهذه البحيرة عمرها ٩٠٠ سنة فقط، قبل ذلك كانت منطقة عامرة، ومقر تجارة الشام وتركيا ودول البحر الأبيض المتوسط، أما الحادثة الثانية كانت عام ١٨٥٠ حيث شهدت الأرض عصر الجليد الصغير لمدة مائة عام، حيث تجمعت المياه وزحفت على الوديان ووصلت إلى سويسرا وانخفض منسوب البحر وكبرت مساحة مصر حيث اكتسبت جزءا من الأرض حتى إن الطوابى التى بناها الأتراك فى ذلك الوقت أصبحت الآن داخل مياه البحر.

  أما الآن و بحلول القرن ٢١، بدأ المجتمع الدولي ينتبه إلى ظاهرة تغير المناخ و كان أول طرح للظاهرة خلال مؤتمر البيئة الذي عقد بمدينة استكهولم ١٩٧٢، ومما شد الانتباه الى ظاهرة تغير المناخ بالذات أنها ظاهرة دولية عابرة للحدود وتأثيراتها متعددة فهي تؤثر على التنوع البيولوجي والزراعة وهطول الأمطار وارتفاع أسطح البحار وغرق البلدان الجزرية والدلتاوات بالأماكن المختلفة وتم متابعة هذا الاهتمام بعمل العديد من الدراسات وتشكيل العديد من مجموعات العمل التي أخذت صورها النهائية في شكل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية IPCC والتي أنشأتها منظمة الأرصاد العالمية  WMO  ١٩٨٨ م. 

  وقد قامت هذه اللجنة بإعداد مسودة لاتفاقية تغير المناخ ١٩٩٠م و تم التوقيع على إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغيرات المناخية (UNFCCC)١٩٩٢م بريودي جانيرو (البرازيل) أثناء قمة الأرض وقد وقع عليها أغلب بلدان العالم وكان من بينها مصر. و تهدف جهود المجتمع الدولي للحيلولة دون حدوث تغير للمناخ مما يؤدي الى اختلال النظام الحيوي للكرة الأرضية بوجه عام وزيادة متوسط درجة حرارة الغلاف الجوي وذوبان القطبين (ارتفاع مستوى أسطح البحار والمحيطات) غرق الدول الجزرية والدلتا واختلال أنماط الأمطار (نوبات من الفيضان والجفاف) والتأثير السلبي على إنتاجية الأراضي الزراعية وزيادة احتياجاتها المائية والتأثير السلبي على الصحة العامة وانتقال الأمراض الوبائية.

  و بإعتبار أن هذه الورقة البحثية تركز على تأثير ظاهرة إرتفاع منسوب البحر على المواقع الأثرية التي تمثل عصب السياحة كمورد هام من موارد الثروة الطبيعية في مصر حيث تمثل حوالي (١٠%) من الدخل القومي، و في الواقع لا توجد دراسات تفصيلية عن مدى تأثر السياحة بتغير المناخ - و إن كان هناك بعض التوقعات مثل:

   و بإعتبار أن هذه الورقة البحثية تركز على تأثير ظاهرة إرتفاع منسوب البحر على المواقع الأثرية التي تمثل عصب السياحة كمورد هام من موارد الثروة الطبيعية في مصر حيث تمثل حوالي (١٠%) من الدخل القومي، و في الواقع لا توجد دراسات تفصيلية عن مدى تأثر السياحة بتغير المناخ - و إن كان هناك بعض التوقعات مثل: 

١. اختفاء بعض الشواطئ الساحلية في الساحل الشمالي سوف يؤدي إلى فقدان العديد من الآثار القائمة في المدن المهددة بالغرق و بالتالي فقدان الشواهد الحضارية لمصر على مر العصور. 

٢. تشبع التربة بمياه البحر سيحرك التراكيب الجيولوجيا النوعية كالطفلة ذات الخصائص الإنتفاشية، مما يزيد من الحركة النسبية والإنزلاقات على المنحدرات تنتهي بتدمير تام للمنشآت الأثرية القائمة في نطاق هذه التراكيب الجيولوجية. 

٣. زيادة درجات الحرارة والرطوبة سوف يؤدي إلى سرعة تدهور الآثار ونقص عمرها. 

٤. فقدان الآثار الغارقة على طول شواطئ المدن التاريخية قبل إنقاذها. 

٥. السيول غير المتوقعة و سوء التخطيط يؤدي إلى انهيار الأثار القائمة وخاصة المقامة في مناطق مخرات السيول. 

٦. هبوب الرياح و زيادة سرعتها تؤدي حمل الأتربة و الرمال مما يزيد من معدلات تحات أسطح الآثار إلى جانب التأثير الميكانيكي لحمل الرياح.

٧. تأثر حركة السياحة في مجملها كنتيجة طبيعية في حالة تأثر المواقع الأثرية. 

 ولما كانت هذه الظاهرة ذات اهمية خاصة وتأثيرات قد لا يمكن تلافي أضرارها، لذلك يتقدم الباحث هذه الدراسة التفصيلية بمشاركة شركاء التتنمية للبحوث و الأستشارات و التدريب كأحد الأوراق البحثية في مؤتمر التغيرات المناخية و تأثيرها على مصر المنعقد في الفترة من ٣:٢ نوفمبر ٢٠٠٩م، لما للشواهد الأثرية التي يزخر بها التاريخ المصري على مدار سبعة ألاف عام مردود في عمليات الإنماء ورفع المستوى المعيشي للمصريين. وهو ما يجعل لهذا الإرث التاريخي فعل السحر سواء على الصعيد الثقافي أو الأقتصادي، ودوره الإيجابي في علاقتنا السياسية الخارجية ونظرة شعوب العالم للآثار المصرية كتراث إنساني يجب المحافظة عليه، مما دعا لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو إلى إدراج ستة مواقع أثرية و موقع للمحميات الطبيعية بمصر ضمن قائمة التراث العالمي مسجلة كتراث ثقافى عالمى فى قائمة منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم والتعليم (UNESCO,1972). وهي منف القديمة وجبانتها، طيبة القديمة وجبانتها، معابد النوبة من أبي سنبل حتى فيلة، القاهرة الإسلامية و الأطلال المسيحية في أبي مينا بالساحل الشمالي منطقة سانت كاترين و أخيرا ضمت محمية وادي الحيتان بالفيوم.

  يمثل تراث مصر الثقافي أحد الأصول الاقتصادية الرئيسية كما أنه يمدنا بالعديد من عناصر الهوية القومية والإحساس بالاستمرارية، بعض هذه المواقع تتعرض الأن لمخاطر الغرق نتيجة للتغيرات المناخية التي تسود العالم نتيجة لظاهرة الاحتباس الحراري و زيادة معدل درجات الحرارة، والتي يفترض أن يواكب هذه الرؤية سعيا حثيثا من جانب المسئولين و المهتمين بالآثار نحو تحديد السياسات التي من شأنها الحفاظ على هذا التراث و تدفع بخطط التنمية السياحية إلى الأمام. و على الرغم من أن ظاهرة التغيرات المناخية تعتبر ظاهرة عالمية (Global Phenomenon) إلا أن تأثيراتها محلية – أى تختلف من مكان الى مكان على الكرة الأرضية نظراً لطبيعة وحساسية النظم البيئية فى كل منطقة – ولذا فإنه من الضرورى تقدير مدى تأثر مصر وبخاصة مواردها الاقتصادية من الثروة الطبيعية مثل مصادر المياه والانتاج الزراعي جنبا إلى جنب مع المواقع الأثرية التي تشكل الخريطة السياحية لمصر، وتعتبر المناطق الساحلية أكثر تلك المناطق تأثراً حيث تتأثر بارتفاع سطح البحر بالإضافة إلى تأثر مواردها من المياه والزراعة و السياحة و بعدها التاريخي بالنسبة للحضارات القديمة.

التوصيات 

۱. تشكيل مجموعات عمل من المتخصصين في أفرع الجيولوجيا الهندسية، صيانة المواقع الأثرية، آثاريين، علوم المياه، الهندسة الإنشائية لإدارة البيئة الساحلية في مواجهة تهديد إرتفاع مستوى سطح البحر المرتقب. 

۲. خطط للتنمية في المناطق الساحلية التي تم التعامل معها، بعد التأكد من إكتمال التغذية الصناعية بساتر من المصدات على أبعاد لا تقل عن خمسة كليومترات من الشاطئ، مما يسمح بوجود شواطئ هادئة. 

۳. الصيانة الدورية للشواطئ و كذالك السواتر و مصدات الرياح. 

٤. حصر المناطق القريبة من الساحل بشكل توثيقي و دراسة احتياجاتها الضرورية لعملية المواجهة، خاصة تلك التي تعرضت للغرق من قبل في عصور سابقة. 

٥. مراقبة المناطق التي تكون شديدة الإنحدار عن مستوى السطح مما يجعلها عرضة لتجمع المياه. 

٦. الإهتمام ببناء مصادات الأمواج و بناء الكواسر، مع مراعاة أن تكون هذه المصدات على مسافات مناسبة من الشاطئ و ألا تلتحم به حيث أن أعماق المياه الضحلة تحد من من قطر الموجه و التالي كتلتها و شدتها. 

۷. تكاتف كل العاملين في الحقل الأثري بل تكاتف الشعب المصري في معركته مع الطبيعة للحفاظ على السجل المرئي لمدنه التاريخية في شمال الأقليم. 

۸. هذا النهج يمكن أن يطبق على المناطق الساحلية الأخرى في مصر (على سبيل المثال جنوب سيناء والصحراء الشرقية والشمالية والمناطق الساحلية بالبحر الأحمر).

خامسا: المراجع 

١. المراجع العربية

أحمد التابعي ٢٠٠٦:بلوزيوم (تل الفرما)دراسة تاريخية اثرية ، ماجستير ،قسم الحضارة المصرية ، المعهد العالي لحضارات الشرق الادني القديم ،جامعة الزقازيق . 

أحمد رمضان١٩٧٤: شبه جزيرة سيناء في القرنين (١٢،١٣)، رسالة ماجستير، قسم التاريخ، كلية الآداب، جامعة القاهرة .

جمال حمدان ١٩٨٠: شخصية مصر- دراسة في عبقرية المكان ، دار الكتب.

رشدي سعيد١٩٩٢: نهر النيل نشأته و استخدام مياه في الماضي و الحاضر، دار الهلال. 

علي باشا مبارك١٩٩٤: الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة و مدنها و بلادها القديمة و الشهيرة، الجزء العاشر، الطبعة الثانية، طبعة بولاق ١٣٠٥ هجرية، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

عمران فريحي، ألفي فانوس ٢٠٠٣: أثار تقلب المناخ و تغير مستوى البحر على الأسكندرية، الإسكندرية و الحفاظ على تراثها الساحلي، اليونسكو

موسوعة سيناء الجديدة : وزارة التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي، اللجنة العليا لتنمية وتعمير سيناء، ٣٠ مارس١٩٨٠م. 

نعوم شقير : تاريخ سيناء القديم والحديث، دار الجيل، بيروت.

و ليم الصورية: الحروب الصليبية ١١٨٤-١٠٩٤، ترجمة حسن حبشي ، ج ٤، دار الكتب. 


Agrawala,S., Moehner, A., El Raey,M., 2004. DEVELOPMENT AND CLIMATE CHANGE IN EGYPT: FOCUS ON COASTAL RESOURCES AND THE NILE, Organization for Economic Co-operation and Development, OECD, France.

Azab, M.A. and Noor, A.M., Change Detection of the North Sinai Coast by Using Remote Sensing and Geographic Information System, Egyptian Geological Survey and Mining Authority (EGSMA)

Burton.B.1988, The great and terrible wilderness,London. 

El-Raey, M. E., Nasr, S. M., El-Hattab, M. M. and Frihy, O. E.: 1995a, Change Detection of Rosetta Promontory Over the Last Forty Years, Int. J. Rem. Sensing,16.

El-Raey, M., Nasr, S., Frihy, O., Desouki, S. and Dewidar, Kh.: 1995b, Potential Inpacts of Accelerated Sea-Level Rise on Alexandria Governorate, Egypt, J. Coast. Res.14,

El-Raey, M., 2002, Vulnerability Assessment of the Coastal Zone of Egypt, to the Impacts of Sea Level Rise

Frihy, O. E.; Lotfy, M. F., 1997, Shoreline changes and beach sand sorting along the Northern Sinai Coast of Egypt , Geo. Marine Letters, V.17, no.2

Simonett, Otto, 2002, Nile Delta: Potential Impact of Sea Level Rise, UNEP/GRID-Arendal, http://maps.grida.no/go/graphic/nile_delta_potential_impact_of_sea_level_rise (accessed June4, 2009)

UNESCO & WORLD HERITAGE CENTER,1972. PROPERTIES INSCRIBED ON THE WORLD HERITAGE LIST.

Wendy .S,1985: remarks on the names of pelusium . IN Gottenger Miszllen , heft 84 Gottengn W. Omar, et al.: 2005, Alexandria Engineering Journal, Vol. 44, No. 4.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا