صعوبة الحصول على المسكن و امتلاكه
في ظل المتغيرات الراهنة في المملكة العربية السعودية
علي بن سالم بن عمر باهمـام
أستاذ، قسم العمارة وعلوم البناء
كلية العمارة والتخطيط
جامعة الملك سعود - الرياض
المملكة العربية السعودية
ملخص الدراسة
ظهرت قضية ارتفاع تكلفة الحصول على المسكن وصعوبة امتلاكه في العقد الماضي بصفتها واحدة من المشكلات التي تواجه نسبة من الأسر السعودية خصوصاً في المدن الرئيسة ونتيجة لذلك صدرت مجموعة من الأوامر الحكومية التنظيمية والمالية بين عامي(2011-2006م) لدعم قطاع الإسكان؛ حيث تم تخصيص دعم حكومي ضخم يفوق الثلاثمائة مليار ريال، بالإضافة إلى استحداث وزارة للإسكان. ومع ذلك لا تزال صعوبة الحصول على المسكن وامتلاكه قائمة. وما لم يتم تشخيص أسباب المشكلة بشكل دقيق فإن المشكلة ستستمر، وقد تتفاقم؛ لأن التركيبة العمرية الشابة تعد أحد أهم الملامح المستقبلية للسكان السعوديين، وسوف تؤدي هذه التركيبة - كما أوضحت خطة التنمية التاسعة - إلى تكوين أُسر بمعدلات مرتفعة، وزيادة الطلب – من ثم - على الوحدات السكنية بنسب أكبر.
تهدف هذه الدراسة إلى رصد الوضع الراهن للإسكان في المملكة العربية السعودية، وتحديد الأسباب التي أدت إلى صعوبة حصول نسبة من الأسر السعودية على المسكن وامتلاكه؛ بهدف تمكين المعنيين بقطاع الإسكان من فهم أبعاد المشكلة للتمكن من معالجتها بشكل دائم ومستمر.
The Difficulty of Obtaining and Possessing a Dwelling in Light of the Recent Circumstances in Saudi Arabia
Ali S. O. Bahammam Professor of Architecture and Housing, King Saud University,Riyadh, Saudi Arabia
Abstract :
During the past decade, high cost of obtaining and possessing a dwelling has surfaced as one of the difficulties facing a portion of Saudi’s households, especially in urban areas and major cities. Therefore, between (2006-2011), a number of government regulatory and financial orders have been issued to support the housing sector, over three hundred billion Saudi riyals (eighty billion US dollars) has been allocated as funding for housing and the Ministry for Housing has been established. However, the problem of obtaining and possessing an adequate dwelling still exists. Unless the roots of the problem has been well identified, the problem will continue and might even aggravated, especially that Saudi population structure is dominated by youth. As indicated at the Ninth Development Plan, the youth population feature will lead to the formation of households at high rates, which in turn will increase demand for dwelling units at high rates
This paper aims to exhibit the contemporary state of housing in Saudi Arabia, as well as, to identify the causes that led to the difficulties which prevent a percentage of Saudi’s households from obtaining and possessing a dwelling, in order to enable the officials to realize the dimensions of the problem, so they can address them permanently and continuously.
الخلاصة :
أظهرت هذه الدراسة كبر حجم الطلب على الإسكان نتيجة للنمو السكاني المطرد وما يصاحبه من تزايد أعداد الأسر السعودية، خصوصاً أنغالبية السكان تتركز في الفئات العمرية الشابة المتطلعة لتكوين أسر حديثة والبحث عن المسكن. ولكن صعوبة الحصول على المسكن الملائم وامتلاكه تواجه نسبة كبيرة منهم، فتكلفة الحصول على المسكن وامتلاكه قد زادت زيادة كبيرة مقارنة بالزيادة في الدخل. فظهرت نتيجة لذلك فجوة بين العرض والطلب نتيجة الزيادة المرتفعة في معدلات الطلب على المساكن الميسرة، في سوق تنخفض فيه معدلات العرض. فالسوق لا يوفر إلا ثلاثة أنواع فقط من المساكن هي:( الفيلات، والدوبلكسات، والشقق )، حيث تزيد تكلفة الوحدات المستقلة (من الفيلات والدوبلكسات) المرغوبة من قبل الأسر عن متوسط مقدرتهم المالية؛ بينما لا يرغبون في الشقق ويحجمون عنها، على الرغم من أنها النموذج الأقرب إلى إمكانياتهم المالية، نتيجة لسوء تصميمها أو لطريقة تجميعها في مبنى واحد.
وأظهرت الدارسة أيضاً أن الأسباب المؤدية إلى صعوبة الحصول على المسكن وامتلاكه لدى نسبة من الأسر السعودية تعود إلى أبعاد ثلاثة: اقتصادي وفني وثقافي - اجتماعي. فبسبب عدم نمو الدخل بنسب مماثلة لمعدلات التضخم العالمية للسلع، و بسبب طول فترة الانتظار للحصول على الدعم الحكومي ( المتمثل في: منحة الأرض السكنية أو قرض من صندوق التنمية العقارية) ؛ أثر بشكل سلبي على المقدرة المالية لنسبة من الأسر على الحصول على المسكن الملائم. وهو ما يتطلب العناية بإيجاد مجموعة من برامج الدعم والتمكين المالي والعيني والتنظيمي وتفعيلها.
كما أظهرت الدراسة حجم التأثير الكبير للضوابط والاشتراطات البلدية في إنتاج مساكن كبيرة مرتفعة التكلفة، وهو ما يدعو إلى مراجعة تلك التشريعات وتطويرها بهدف إنتاج مساكن ميسرة توافق مقدرة الأسر المالية وتناسب متطلباتهم المعيشية. كما أظهرت الدراسة أن نظام البناء الهيكلي في َّ الموقع بالخرسانة المسلحة "المعروف بالمسلح "؛ هو نظام البناء السائد لتنفيذ الغالبية العظمى من المساكن في مناطق المملكة جميعها، ولكن هذا النظام يتطلب مدة زمنية طويلة نسبيا للتنفيذ، وأعدادا كبيرة من العمالة الماهرة ذات الأجور المرتفعة، كما ينتج عنه هدر كبير لمواد البناء التي أخذت أسعارها عالميا في الارتفاع خلال السنوات الماضية بشكل مستمر ومتزايد وهو ما رفع من تكلفة تنفيذ المساكن. ويستدعي ذلك الحاجة إلى استخدام أنظمة البناء المصنعة لإنتاج المساكن بالجملة، ولكن مع مراعاة تحقيق التنوع في رغبات السكان.
وأخيراً أظهرت الدارسة أن جزءاً من المشكلة ذو بعد ثقافي - اجتماعي يتطلب عملاً توعوياً مكثفاً لتوعية الأسر للقبول بمساكن صغيرة تفي بمتطلباتها، وتحقق احتياجاتها، وتتوافق مع إمكانياتها المالية، وتوعيتها كذلك بأهمية الادخار للإسكان من وقت مبكر، وتوجيهها إليه ضمن برامج تشجيعية لاستخدام المبالغ المدخرة بوصفها دفعات أولية للحصول على المسكن.
وفي الختام فإن مجموع المتغيرات الديموغرافية والاقتصادية و الاجتماعية التي يعيشها المجتمع السعودي تستدعي تضافر الجهود في المرحلة المقبلة بين المعنيين بقطاع الإسكان جميعهم؛ لتمكين المواطنين من الحصول على المسكن الملائم سواء كان ذلك بحلول التمويل الميسرة، أو بتعديل تنظيمات بناء المساكن واشتراطات تخطيط المناطق السكنية، أو بإصدار التنظيمات التي تحد من جماح ارتفاع أسعار الإراضي السكنية، أو بالتوعية والتشجيع على الادخار، أو بالعمل على تقديم نماذج بديلة من الوحدات السكنية التي تفي بمتطلبات الأسر السعودية واحتياجاتها الوظيفية، وتتوافق مع رغباتها الاجتماعية إمكانياتها المالية ؛ بهدف تحقيق التكامل والانسجام بين خصائص الأسر و نماذج الوحدات السكنية المتاحة في السوق.
النص كاملاً : للقراءة أونلاين والتحميل إضغط هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق