التسميات

الجمعة، 30 ديسمبر 2016

التنمية الزراعية في العراق - د.خالد العبيدي



التنمية الزراعية في العراق

د. خالد العبيدي

مركز الرافدين للدراسات والبحوث الإستراتيجية - أقسام الدراسات - بحوث و دراسات أقتصادية - 15 - 10 - 2013 :

  يعد العراق بلداً زراعياً منذ عصور بعيدة، بما تميز به من مناخ ملائم وتربة خصبة وفيرة. (( تبلغ مساحة العراق ما يقارب (447/444) كيلومتراً مربع، منها (709/208 ) كيلومتراً مربعا تمثل مساحة بواديه الثلاث الشمالية والجنوبية و الجزيرة، والباقي منها وهو (733/357) كيلومتراً مربعا يمثل مساحة المحافظات الثمانية عشر، أو ما يعادل (94) مليون مشارة (( المشارة 2500 مترا" مربعا" وهي الوحدة المستعملة في العراق لقياس مساحات الأراضي، و ( الدونم) يساوي 40 مشارة، وكل 410 مشارة تعادل كيلو مترا مربعا)) . وقد وردت مساحة العراق بأرقام مختلفة، فقد أشار عبد الرزاق الهلالي في معجم العراق أن مساحة العراق (452) ألف كيلو مترا مربعا مستندا إلى تقرير أعمال مديرية الري العام الصادر عام 1954، في حين ذكرها احمد سوسه في كتابه أطلس العراق الحديث بـ (444,474)ألف كيلو مترا مربعا .

تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة (48) مليون مشارة وتقسم إلى قسمين:-

1- المنطقة الشمالية من العراق، ويعتمد في زراعته على مياه الأمطار والعيون والآبار، وتعرف بالمنطقة المطرية، وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة فيه بحوالي (16) مليون مشارة موزعة في اربيل و السليمانية ودهوك و نينوى وكركوك وديالى.

2- المنطقة الوسطى والجنوبية، ويعتمد في زرعها على الأنهار وتعرف بالمنطقة الأروائية وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة فيه حوالي (32) مشارة موزعة على بغداد والانبار وبابل والقادسية والمثنى وكربلاء والنجف و الكوت والعمارة والناصرية والبصرة، والقسم الجنوبي من محافظة ديالى هذه المنطقة عبارة عن دلتا نهر دجله والفرات التي تبدأ من بلدة سامراء على نهر دجلة وبلدة هيت على نهر الفرات، وتمتد إلى الجهة الجنوبية على طول مجرى نهري دجلة والفرات إلى البصرة، وتعتبر هذه المنطقة من الأراضي الزراعية الخصبة في الشرق الأوسط.

  وقــد مثلت الزراعة في العراق بعصب الحياة الاقتصادية فيما يتعلق بمقدار ما يسهم به الـدخل الزراعي من إجمالي الدخل القومي ولاسيما قبل تصدير النفـــط بكميات كبيرة. وبما أن الزراعة قد شكلت المحور الأساسي في النشاط الاقتصادي العراقي ، فكان من الطبيعي أن تحظى باهتمام الحكومات العراقية المتعاقبة في تلك الفترة. كون النشاط الزراعي كان في الدرجة الأولى من النشاطات الاقتصادية ،حيث تراوح نسبة العاملين في القطاع الزراعي 70-80 بالمائة من مجموع الأفراد القادرين على العمل حتى نهاية الخمسينات. كما أن قطاعي الصناعة والتجارة اعتمدا إلى حد كبير على المنتجات الزراعية والحيوانية.

  وكان موضوع تنمية القطاع الزراعي قد حظي باهتمام الدولة العراقية الحديثة ممثلة بالملك فيصل الأول (1883 - 1933). فقد عبر الملك خلال سنوات حكمه في العراق، على جدلية العلاقة بين الاستقلال السياسي والاستقلال الاقتصادي، فقد اختتم خطاب العرش الذي ألقاه في افتتاح مجلس الأمة في تموز 1925 بالقول:(( يجب الاهتمام التام بالاقتصاديات في الأمور الزراعية والتجارية وغير ذلك من المرافق الحيوية إذ لا استقلالا سياسيا دون استقلال اقتصادي)).

  إلا إن عوائق عدة جابهت الدولة العراقية الحديثة في تحقيق تنمية في القطاع الاقتصادي سيما في النشاط الزراعي فترتقي به إلى المستوى المتقدم.

وكانت من أهم هذه العوائق:-

1- طبيعة العلاقات الإقطاعية السائدة فالإقطاع كما قال د. كمال مظهر(( هو المجتمع الطبقي الثاني بعد مجتمع العبيد، وهو في الوقت نفسه مجتمع ما قبل الرأسمالية، وقد جاء ظهور الإقطاع على أنقاض مجتمع العبيد في الغالب أو المجتمع المشاعي البدائي في حالات معينة، وبالنسبة للمجتمع المشاعي يشكل الإقطاع المجتمع الطبقي الأول، و في بعض المجتمعات ظهر الإقطاع دون المرور بمرحلة العبيد، والإقطاع في واقعه تكوين اقتصادي اجتماعي تمتد أثاره إلى جميع نواحي المجتمع بما في ذلك أسلوب التفكير والقيم السائدة )) والتي أثرت بشكل كبير على كل جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، إذ أدى نظام الإقطاع إلى توزيع غير متكافئ للأراضي الزراعية، حيث مكن فئة قليلة من الملاكين من امتلاك مساحات شاسعة من الأراضي على حساب الفلاحين، الذين انخفض مستواهم المعاشي والاجتماعي بشكل كبير. كما وساهمت بعض التشريعات بإضفاء الصفة القانونية على الإقطاع وتقويته كان منها قانون اللزمة رقم 51 لسنة1932، وقانون تسوية حقوق الأراضي رقم 29 لسنة 1938.

2- سلطة الانتداب البريطاني الذين كانوا يؤكدون على التمسك بالهيكل الاجتماعي القائم آنذاك ضمانا لسلطتهم وللدولة العراقية، وكان الهيكل الاجتماعي القائم في العراق يقسم إلى ثلاث أقسام رئيسه هي: البدو أو العشائر الرحل، وكانوا يشكلون في مطلع القرن العشرين (17%) من مجموع السكان البالغ عددهم (مليوني ربع المليون) نسمة أي يعادل (393) ألف نسمة، أما القسم الثاني، فقد كان الريفيون أو العشائر المستقرة، وهم الذين يكسبون عيشهم من الزراعة والرعي، وكانت نسبتهم إلى سكان العراق في مطلع القرن العشرين يبلغ (59%)، أي ما يعادل (324/1) مليون نسمة. وكان القسم الثالث يمثل سكان المدن، وبلغت نسبتهم في مطلع القرن العشرين حوالي (24%) من سكان العراق إي يعادل (533) ألف نسمه، وكانوا يقطنون المدن الكبيرة والمدن الدينية والمدن الصغيرة فيما بين المناطق العشائرية.
3- انخفاض إنتاجية الأرض والفلاح، ويعود ذلك إلى ترك أراضِ زراعية شاسعة دون استغلال، وأتباع الطرق التقليدية في الزراعة، وعدم كفاية وسائل الري والصرف.وقلة استخدام المكائن والآلات الزراعية والأسمدة والبذور المحسنة والمبيدات الزراعية.

  رغم ذلك شهدت الزراعة في عهد الانتداب، تحولات جذرية في مختلف مجالاتها إن كان ذلك في البنية العامة للهيئة الزراعة المنتجة أو في مجال المشاريع الاروائية أو في مجال الفعاليات الإنتاجية ، فعلى الرغم من الزراعة كانت الأكثر حضورا خلال الحكم العثماني الأخير للعراق 1869-1914 ، واستمرارها بمركزها خلال عهد الاحتلال والانتداب، إلا إنها أضحت أكثر فعالية وابعد عمقا عن المرحلة السابقة. بعد تشكيل الحكم الوطني 1921 والذي كان من الطبيعي أن يؤسس لمؤسسات رسمية كان عليها أن تقوم بأعباء الواجبات الأساسية في الكيان الرسمي الذي تملكه الدولة الجديدة.

  لقد بذلت الدولة العراقية الحديثة المتمثلة بالمملكة العراقية جهوداً ملحوظة لتنظيم وتهيئة مستلزمات الزراعة، من خلال إصدار تشريعات عديدة تهدف إلى تشجيع وتمكين الزراع من استخدام البذور المحسنة و المكننة الحديثة وتهيئة مصادر التسليف وتنظيم زراعة بعض المحاصيل مثل الرز والتبغ والكتان، وكانت هناك محاولات في مجال مكافحة الآفات الزراعية، وشرعت بعض القوانين وأبرمت الاتفاقيات لتحقيق هذا الغرض.

بعض التشريعات المتعلقة بأمور الري والزراعة

صدرت في هذا المجال عدد من التشريعات المهمة منها:-

1- قانون الري والسدود لسنة 1923 الذي نص على صيانة الجداول والسداد وتنظيمها وتوزيع المياه، وعلى هذا بدأ ت الدراسات لإنشاء مشروعي الحبانية وسد الفلوجة.

2- قانون الاستعانة الاضطرارية لسنة 1923 وكانت الحكومة العراقية قد أصدرته في سنة 1923 لأجل مكافحة الفيضانات، وكان هذا القانون موضع انتقاد من بعض النواب، كونه كان يسوق الأذى بالفلاحين خصوصا وانه اعتمد نظام السخرة في مكافحة الفيضانات، بما يدل على عجز الحكومة في وضع الحلول الصحيحة لمكافحة الفيضانات. وبموجب قانون الاستعانة الاضطرارية لسنة 1923 المعدل، فقد خولت السلطات الإدارية صلاحيات واسعة في جمع الحشود، حيث تقوم أجهزة الشرطة بسوق هذه الحشود إلى مواقع العمل ليهرب معظمهم في الليل، تخلصا من الأعمال المرهقة المتضمنة نقل الأتربة على ظهور الرجال ومن مسافات بعيدة عن السدة، ويشكل الفلاحون الأغلبية من هذه الحشود، حيث يجبرون على ترك أراضيهم ومزارعهم وأهاليهم فترة تقارب الأربعة اشهر بدون مقابل عدا إطعامهم الخبز والتمر قانون توريد النبات الصادر سنة 1924.

3- قانون حماية الأسماك الصادر عام 1924 للحفاظ على الثروة السمكية.

4- قانون تشجيع الزراع على استخدام المضخات لسنة 1926 وقد أقدمت الحكومة العراقية عام 1926 على سن هذا القانون بهدف منح المزارعين إعفاءاً لعامين متتالين من الرسوم، كما إنها خفضت الضريبة على الأراضي المسقية بالمضخات، فاستفاد من ذلك مالك المضخة وهو في الوقت نفسه مالك الأرض، الأمر الذي شجع الكثير من الفلاحين على نصب المضخات. رأت الحكومة العراقية أن التوسع في استخدام المضخات يسهم إلى حد بعيد في توسيع المساحة المستقبلية للزراعة مقارنة بوسائل رفع المياه التقليدية (النواعير والكرود).

5- قانون تسليف الزراع ثمن نفط الديزل رقم 37 لسنة 1930 والذي تقرر بموجبه تسليف الزراع ثمن نفط الديزل الذي يشترى من شركة خانقين بدون فائدة، على أن يدفع للشركة ضعف السلف المقررة، وقد اعتبرت الحكومة فيما بعد هذه السلف منحا بموجب (قانون رقم 14 لسنة1933). هذه الإجراءات تعطي مؤشراً بان الدولة العراقية كانت جادة في تنشيط الزراعة في البلد من خلال سن قوانين تشجيع المزارعين على التوسع في الإنتاج وخاصة إنتاج الحبوب.

6- قانون الأعمال العمرانية الرئيسة رقم 79 لسنة 1931. وتحدد بموجب هذا القانون على وجه التقريب مشاريع الري في العراق، حيث نص على إجراء مناقصة للقيام بمشروع الحبانية وصدر أبي غريب خلال خمس سنوات، بكلفة لا تتجاوز (135) ألف روبية، كما نصت المادة السادسة، على إجراء مناقصة للقيام بمشروع سدة الغراف بكلفة لا تتجاوز (12) ألف روبية.

7- قانون حقوق وواجبات الزراع رقم 28 لسنة 1932 شرع هذا القانون من اجل حماية الزراع وتحديد حقوقهم و واجباتهم، ألا أن هذا القانون على الرغم من عنوانه كان مشروعا لحماية (حقوق الإقطاعيين) ، فهو((لم يحم حقوق الفلاحين بل كان بالمرصاد لكل فلاح يحاول ترك ارض الإقطاعي نتيجة للظلم الذي كان يمارسه))، أو التخلص من الديون الربوبية المتراكمة عليه، إذ نص صراحة في المادة الثانية عشر على عدم جواز تشغيل الفلاح الذي قام بهجر ارض الإقطاعي وهو مدين له من قبل الملاكين الآخرين في الريف ومن قبل كافة الدوائر والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية والأهلية. ويعطي هذا التشريع صورة واضحة عن مدى تأثير نفوذ الاقطاعين على صناع القرار الذين قيدوا الفلاح بقانون أشبه بنظام القنانة.

8- قانون تسوية الأراضي رقم 50 لعام 1932 وبموجب القانون قسمت الأراضي إلى أربعة أصناف رئيسية: الأراضي المملوكة والأراضي المتروكة والأراضي الموقوفة والأراضي الأميرية، وقد اعتبرت أراضي الموات بموجب هذا القانون ضمن الأراضي الأميرية الصرفة، هذا القانون يعتبر من القوانين التي كانت في صالح الإقطاعية وإرضاء لأصحاب النفوذ من شيوخ العشائر والتجار وأرباب المصالح الكبار من خلال نزع الملكية من الفلاحين الذين يشغلون الأرض وتمليكها إلى شيوخ العشائر.

9- قانون الغرف الزراعية رقم 38 لسنة 1939 في عهد الحكومة السعيدية الرابعة نشر هذا القانون الذي تم بمقتضاه تحددت واجبات الغرف الزراعية :-

- نشر الوسائل التي تزيد في الإنتاج
- السعي لإزالة العراقيل التي تعترض تقدم الزراعة
- التوسيط بين الزراع والدوائر المختصة
- تعيين الخبراء الزراعيين
- التوسط لدى المصارف في صالح المزارعين وحثهم على تطبيق الإرشادات الزراعية ... الخ

10- قانون تأسيس مصرف زراعي رقم 18 لسنة1940. نشرت الحكومة العراقية هذا القانون سنة 1940، وحدد القانون أن يكون مركز المصرف في بغداد وتفتح له فروع في الألوية بموافقة وزير المالية. والغاية من المصرف كما ورد في القانون((معاونة الزراع وإنهاض الزراعة وتحسينها )) .ويقوم المصرف الزراعي بأعمال عديدة أهمها، التسليف لنفقات الزراعة والحصاد، والتسليف لشراء أللآلات الزراعية والماشية، كذلك بيع الآلات الزراعية والماشية والأسمدة والبذور، والتسليف لأجل التشجير ولتحسين الفواكه والخضر وبيع الشتايل والأقلام، كما له أن يتوسط في شراء المنتجات الزراعية لقاء عمولة .

11- قانون تفويض الأراضي الأميرية رقم 48 لسنة 1941 في عام 1941 أقدمت الحكومة على إصدار القانون، وكانت تهدف من ذلك زيادة فعالية القطاع الزراعي، وقد خول القانون وزير المالية صلاحية أن يعوض ببدل المثل ارض أميرية صرف اكتسبت قرار تسويتها الدرجة القطعية إلى طالبها، واشترط أن يكون الطالب عراقيا.
وساعدت إجراءات وممارسات أخرى اتخذتها الحكومات المتعاقبة في تنمية القطاع الزراعي كان منها:

  اهتمام الملك فيصل الأول شخصيا بالزراعة، ففي عهده تأسست الجمعية الزراعية الملكية، والذي جاء تأسيسها بمبادرة منه. كما شهد في عهده افتتاح أول مدرسة للزراعة في العراق عام 1926 بمنطقة الرستمية في بغداد. وخلال تلك الفترة تشكلت وزارة الري و الزراعة عام 1927 ، كما أسست مدرسة للزراعة الريفية تهتم بتعليم أبناء الريف الزراعة الحديثة.

  استخدام المضخات أسهم في معالجة نقص المياه في فصل الصيهود بالنسبة للأراضي السيحية. كان التوسع في استخدام المضخات أهم تطور شهده العراق في هذا العهد بعد أن كان هذا النوع من الري يكاد يكون معدوما بالنسبة إلى طريقة الري سيحا اذ بلغ عددا لمضخات عام 1918 ما يقارب (143) مضخة وتوسعت خلال الثلاثينيات و الأربعينيات حيث بلغت عام 1941-1950 حوالي (3600) مضخة وساهمت الحكومة من خلال تشريع قانون تقرر بموجبه تسلف الزراع ثمن نفط الديزل بدون فائدة على تشجيع استخدامها. وقد تحولت هذه السلف إلى منحه حكومية في السنوات اللاحقة.

  زيادة ارتباط الريف بالمدينة، الأمر الذي أدى إلى تعزيز الإنتاج من اجل السوق بدلا منه الإنتاج الطبيعي. كان ذلك قد استقى أساسه من تركز الحياة الاقتصادية حول المدينة والقبيلة كوحدتين للتعاون الاقتصادي والسياسي معا، حيث تطورت العلاقة التي مثلها التجار و المسؤولين عن تسويق الحاصل والقبيلة التي تمثل الفئات المنتجة بفعل عامل الزمن واكتساب الخبرة لدى الطرفين.

المكننة الزراعية، اتخذت الدولة العراقية تدابير عديدة تتعلق بتشجيع الزراع على اقتناء واستخدام الآلات الزراعية، وحضر استيراد وبيع وتوزيع المكائن والآلات الزراعية في العراق بمؤسسة حكومية هي ( مصلحة المكائن والآلات الزراعية). كذلك أسست معامل تصليح وإدامة المكائن والمعدات والآلات الزراعية، ومخازن للأدوات الاحتياطية.

التسليف الزراعي: سعت الحكومة ومنذ السنوات الأولى لتأسيس الدولة العراقية إلى سياسة إقراض المزارعين. وقد صدرت حينه بعض القوانين، تخول بإقراض المزارعين في لوائي الموصل و اربيل، كما شطبت القروض الزراعية التي منحتها الحكومة للأشخاص قبل الحادي والثلاثين من آذار 1921، بموجب قانون صدرعن الحكومة وتدخلت الدولة في دعم من تضرروا بفيضانات سنة 1939 من المزارعين وأصحاب المضخات، حيث تقرر منح سلف زراعية لهم.

  منذ عام 1940 عمل المصرف الزراعي الذي اختص بالتسليف الزراعي بهدف إسكان أفراد العشائر في الأراضي الزراعية، ومعاونة المنكوبين بالآفات الزراعية، والتسليف لفك رهن الأراضي الزراعية، والقيام بمشاريع زراعية وبأمور أخرى تتعلق بالنهوض بالزراعة. وفتح المصرف فروع له في بعض الألوية العراقية في السليمانية و اربيل والبصرة و الكوت في فترات متعاقبة.

  وبمقارنة بين الأراضي التي زرعت عام 1918على نهري دجلة والفرات والجداول المتفرعة منها، والتي بلغ (3800) كم مربع، أي ما يعادل (000/500/1) دونم مع مساحة الأرضي الزراعية عام 1945 والتي بلغت (000/16) كم مربع، أي حوالي (000/400/6) دونم في المنطقة الاروائية فقط يمكن رؤية آثار هذه الإجراءات على توسيع الأراضي الزراعية إذ تضاعفت مساحة الأرضي المزروعة في المنطقة الاروائية أربع مرات مابين عامي 1918-1944 نتيجة الاستخدام المضخات على نطاق واسع وإنجاز بعض المشاريع. انعكست هذه الزيادة في مساحة الأرضي الصالحة للزراعة على زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية كالقمح والشعير بالدرجة الأولى و التمور بالدرجة الثانية ثم القطن والرز والكتان والعدس والخضروات، وكما يلي:-

1- ازدادت المساحة المخصصة لزراعة الحنطة في المنطقتين الوسطى والجنوبية عام 1941 إلى (000/150/1) دونم، وفي عام 1945 إلى (000/250/1) دونم. واخذ محصول الحنطة يزداد تدريجيا، فبلغ عام 1941، (532) ألف طن، ووصلت غلة الدونم الواحد من الأرضي المزروعة بالقمح إلى (61) كيلو غرام في عام 1946.

2- بلغت الأراضي الزراعية المخصصة لزراعة الشعير(000/100/1) دونم في عام 1941، وارتفعت إلى (000/500/1) عام 1944 والى (000/850/1) دونم عام 1948, ونتيجة لذلك فقد ازداد إنتاجه بشكل كبير بحيث غطى كافة متطلبات السوق المحلية، وصدرت كميات كبيرة فائضة على حاجته بلغت (008/242) طن عام 1945. ولتنظيم تجارة الحبوب، فقد قامت الدولة بتأسيس لجنة تنظيم تجارة الحبوب، بموجب قانون رقم 32 لسنة 1939، وتألفت اللجنة من رئيس و (11) عضوا يمثلون الزراع وتجار الحبوب والمصرف الزراعي ووزارة المالية وغرفة تجارة وأنيط بها مهمة تنظيم وتخزين وتصدير الحبوب.

3- ظهر تحسن واضح في إنتاج التمور ومساعد على ذلك إنشاء جمعية التمور عام 1939 حيث جرى تشكيلها برئاسة مدير عام ومعاون له، وتسعة أعضاء يمثل ستة منهم ملاكي تمور البصرة واثنان من ملاكي التمور الآخرين، وواحد يمثل الحكومة، واختصت هذه الجمعية بعدة أمور منها:-

  تحديد الأسعار الدنيا لمختلف أنواع ودرجات التمور من قبل الملاكين إلى التجار وقد بلغت صادرات التمور عام 1945، (390/153) طن ، وارتفع عام 1947 إلى (226,310) طن.

  أما القطن فعلى الرغم من زراعته في العراق كانت حديثه إلا ان إنتاجه ازداد إلى الحد الذي صدرت كميات كبيرة منه خارج العراق بعد ان غطى حاجة السوق المحلية. وكانت زراعة القطن في العراق قد بدأت بقيام مديرية الزراعة العامة بإنشاء حقول نموذجية لزراعة القطن، وتدريب المزارعين على زراعته وفق الأساليب والطرق الحديثة. كما قامت المديرية المذكورة بتوزيع بذور القطن مجانا وتعيين مناطق زراعته، وبلغت صادرات العراق القطن عام 1942، (1000) طن وارتفعت في عام 1947، إلى (2224) طن.

زراعة الرز، وهو المحصول الصيفي الرئيس في العراق، فقد حددت زراعته في مناطق معينة في بعض الألوية من اجل الاقتصاد في المياه. إذ أصدرت الحكومة العراقية سنة 1941 قانون زراعة الرز 1941، حددت بموجب هذا القانون مناطق زراعته في ( القرنة والهارثة) في لواء البصرة وفي لواء الناصرية وجنوب لواء الديوانية، ولواء الحلة، كما حددت زراعته في لوائي ديالى وكركوك. لذلك فانه إنتاج محصول الرز كان بالكاد يسد حاجة السوق المحلية، ولكنه في نهاية الأربعينات، بعد أن حدث تطور في مشاريع الري، ارتفعت كميات إنتاج الرز وتمكن العراق من تصدير كميات محددة منه بعد أن سد متطلبات السوق المحلية. في مجال الإصلاح الزراعي: فقد اتجهت سياسة الدولة بعد الحرب العالمية الثانية للقيام بعدة محاولات لإجراء إصلاح زراعي في البلد من خلال:-

- أنماء الأراضي الحكومية وتوزيعها على شكل ملكيات صغيرة بموجب قانون أعمار واستثمار أراضي (الدجيلة) رقم 32 لسنة 1945 والذي شمل (99) ألف هكتار من الأراضي المروية في لواء الكوت.

- إنشاء مشاريع زراعية حديثة مثل الحويجة ،وشهرزور،وسنجار، ومخمور، واللطيفية والحلة والمسيب، لتوزيعها بمساحات صغيرة على خريجي المدارس الزراعية والمتقاعدين من ضباط الشرطة والموظفين المدنيين.

  ويبدو إن الحكومات العراقية المتعاقبة كانت جادة في أحداث نقلة نوعية في القطاع الزراعي وتنميته، وتطوير أساليب الإنتاج، إلا إن الملاحظ رغم التطور الذي أصاب هذا القطاع وهو بالتأكيد نتيجة مجهود كبير ، بقي الفلاح العراقي وهو أهم عنصر في العملية الزراعية في محله ولعل التخلف والمستوى المتدني اجتماعيا واقتصاديا للفلاح خير دليل على ذلك .

تطور مشاريع الري:

   واجهت الدولة العراقية الحديثة مهمة إحياء الزراعة من خلال العناية بأمور الري والسداد،إذ كانت هناك مساحات واسعة من الأراضي القابلة للزراعة غير مستعملة، ويتطلب التوسع في استثمارها استثمارا مبنيا على كمية المياه التي يمكن توفرها من خلال التوسع في مشاريع الري على نهري دجلة والفرات. وقد شرعت الحكومات العراقية بوضع الخطط لإنجاز مشاريع ري كبرى في العراق، أهمها على نهر دجلة أنشئت سدة الكوت سنة 1933 – 1939 التي تعد أول مشاريع الري الكبرى بعد الحرب العالمية الأولى، ثم شق جدول الدجيلة وإحياء مساحات واسعة من الأراضي الزراعية ، كما تم إنجاز سد ديالى الثابت سنة 1933 – 1940، ومشروع الحويجة وغيرها من المشاريع. ومن المشاريع التي أنشئت على نهر الفرات، سدة الهندية عام 1913، وشط الحلة وجداول الكفل

  وبني حسن والحسينية وجداول الصقلاوية واليوسفية واللطيفية وأبي غريب عام 1932- 1933، ومشروع الحبانية سنة 1931 ومشروع المسيب الكبير.

المصادر

عبد الرزاق الهلالي: معجم العراق.

شاكر موسى علي، التجارة الخارجية والتنمية في العراق.

يحيى كاظم المعموري: تطور الري في العراق.

سعيد عبود السامرائي: مقدمة في التاريخ الاقتصادي العراق.

غازي دحام فهد المرسومي: البلاط الملكي في العراق.

كمال مظهر احمد: صفحات من تاريخ العراق المعاصر.

محمد سلمان حسين: التطور الاقتصادي في العراق.

فؤاد حسين الوكيل: جماعة الاهالي.

هوشيار معروف: الاقتصاد العراقي.

إسماعيل نوري الربيعي : تاريخ العراق الاقتصادي.

عدنان احمد دلي: العراق المعاصر.

عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزارات العراقية.

كمال محمد حسين الخياط: لتطور التاريخي لحيازة الأراضي.

عبد الرحمن ألجليلي: محاضرات في اقتصاديات العراق.

كاثلين أم. لانكي: تصنيع العراق.

عدنان أحمد دلي : العراق المعاصر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا