التسميات

الاثنين، 9 يناير 2017

بحيرة المنزلة ...


بحيرة المنزلة

 بحيرة المنزلة

 المهندس مسعد سليمان

  بحيرة المنزلة أحد أكبر واهم البحيرات الطبيعية الداخلية بمصر وأخصبها، تطل عليها مدينة المطرية وعلى ضفافها أربعة محافظات. وهي تتصل بقناة السويس من خلال بوغاز يحد بورسعيد من الجنوب ويسمى «قناة الاتصال» ويصلها بالبحر الأبيض المتوسط بوغازي «الجميل». يتوفر لها أهم مقومات المربى السمكي الطبيعي لتوافر المواد الغذائية الطبيعية واعتدال المناخ طوال العام وتنتج ما يقرب من 48 % من إنتاج البحيرات الطبيعية وكان لاتصالها بالبحر الأبيض من خلال البواغيز والفتحات التي تسمح بتبادل المياه وتوازنها ودخول وخروج الأسماك ميزة ساعدت على وجود افخر أنواع الأسماك في وقت من الأوقات يشرف عليها مجلس مدينة المنزلة المجاورة بمحافظة الدقهلية. وهى تتصل بالبحر المتوسط.

  تخللها مشاكل بيئية (مثلا القمامة، والتلوث المنصب من مصرف بحر البقر، وانسداد البواغيز، ونفايات المصانع) وأمنية (من عصابات بلطجية) كبيرة أدت إلى انهيار اقتصادي للمنطقة في العقود الأخيرة. الجغرافيا :

  كانت مساحه بحيرة المنزلة قبل التجفيف 750 الف فدان (50 كيلو مترا طولا وما بين 30- 35 كيلومترا عرضا) وهى تعادل ما يقرب من عشر مساحه ارض الدلتا كلها. تناقصت مساحه البحيرة من 750 الف فدان إلى 190 الف فدان عام 1990 حتى وصلت اليوم 125 الف فدان وذلك نتيجه اعمال الردم والتجفيف والتجريف في مناطق كبيرة منها فبعد أن كانت تطل على خمس محافظات أصبحت تطل الآن على ثلاث محافظات فقط.
  تقع بحيرة المنزلة في موقع فريد ومتميز في الركن الشمالى الشرقى لدلتاالنيل يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط ومن الشرق قناة السويس ومن الغرب نهر النيل فرع دمياط ومن الجنوب سهل الحسينية تطل بحيرة المنزلة على اربع محافظات هي:
1- محافظة بورسعيد في الشرق والشمال الشرقى.
2- محافظة دمياط في الشمال والشمال الغربي.
3- محافظة الشرقية في الجنوب.
4_محافظة الدقهلية في الغرب والجنوب الغربي من البحيرة.

أقسامها :

تنقسم بحيرة المنزلة جغرافيا إلى خمسة اجزاء رئيسية هي:

منطقة المثلث
  وهى الجزء الشمالى لحدود البحيرة ويقع كاملا داخل حدود دمياط وهى طريق دمياط عزبة البرج بطول 15 كم من التاحية الغربية ويمثل قاعدة المثلث ومن الشمال طريق دمياط بورسعيد القديم على ساحل البحر والضلع الثالث طريق دمياط شطا بورسعيد وحتى الديبة من الناحية القبلية والتي تمثل راس المثلث ويربط بينة وبين البحيرة الام عدة فتحات على طريق دمياط بورسعيد وترتيبها من دمياط إلى بورسعيد.

فتحة سورجان بجوار مرور شطا وهو عبارة عن ماسورتين بقطر 2 م للواحدة مغلق نصفها بالطمى ويصعب تطهيرها.
فتحة الكيلو 4.5 على طريق بورسعيد دمياط عبارة عن ماسورتين بقطر 2 م.
فتحة الكيلو 19 على نفس الطريق وبنفس المواصفات.
فتحة الجمازرة على نفس الطريق وبنفس المواصفات.
فتحة البغدادى وهى عبارة عن كوبرى والفتحة بعرض 36 م وتعتبر المغذى الرئيسى بين المثلث والبحيرة.
فتحة البغدادى على طرق دمياط بورسعيد.
أهم الفتحات المغذية للمثلث
قناة الصفارة.
البوغاز الجديد.
فتحة الكراكة.
فتحة العلامة.
فتحة الشيخ على.
إضافة إلى العديد من الفتحات التي اقامها اصحاب المزارع.

  وتبلغ مساحة هذا الجزء 33 الف فدان معظمها مزارع سمكية حيث تبلغ مساحة المزارع 19 الف فدان تقريبا وتختلف درجات الملوحة في هذا الجزء حيث ترتفع درجات الملوحة في المناطق الشمالية من المثلث بالقرب من الفتحات وتقل في الانخفاض كلما اتجهنا جنوبا بالقرب من طريق بورسعيد دمياط وتعتمد على تربية الاسماك البحرية كالعائلة البوريـة (البورى والطوبار) واسماك الدنيس والقاروص واتواع الجمبري، منطقة قعر البحر.

  وتقع هذة المساحة في قطاع بورسعيد في الجزء الجنوبى والغربي لمدينة بورسعيد وهى منطقة شبة معزولة بالطريق الدولي الدائرى خلف بورسعيد وهى بمساحة تزيد عن الفين فدان محصورة بين الطريق الدولي الدائرى ومدينة بورسعيد وتخص التعمير ويغذيها قناة القابوطى من قناة السويس واربعة فتحات على الطريق الدائرى لبورسعيد وتعتبر من أفضل مناطق البحيرة لارتفاع الاعماق بها وكانت حتى وقت قريب بعيدة عن التعديات وبدا منذ مايقرب من عام تقريبا تظهر بها تعديات على استحياء ممثلة في وجود ظاهرة اللبش وهى تجمعات للنباتات داخل البحيرة مع وجود تعديات باقامة مزارع في الجزء الجنوبى منها.

منطقة بوز البلاط
  وهى في نطاق قطاع بورسعيد في الجزء الشمالى من بحيرة المنزلة محصورة بين طريق دمياط بورسعيد القديم شمالا والطريق الدولي جنوبا ومن الغرب محور الديبة ومن الشرق أول الطريق الدائرى الجزء الشرقى من بوز البلاط ويغذية فتحتى الجميل القديم والجديد وبه كم من التعديات الحديثة ويعتبرا بوغازى الجميل من اهم مشاكل البحيرة لوجود مهربى الزريعة وعدم السيطرة عليه امنيا.

منطقة الجحر
  وهى المنطقة المحصورة بين حدود محافظة الشرقية من الجنوب وشمالا مصرف بحر حادوس بالدقهلية وهى بالكامل تقع في نطاق محافظة الشرقية وهى بمساحة ثلاثة آلاف فدان تقريبا وتتغذى بالمياة من خلال مصرف بحر البقر القديم ومصرف بحر حدوس وتخضع لولاية الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية دون سيطرة نهائيا عليها وبها العديد من التعديات الصارخة ممثلة في اقامة حوش سمكية واستزراع نباتى واقامة مبانى حتى داخل البحيرة وتم حصر كافة التعديات الموجودة بها دون جدوى لتدخل الاخرين.

البحيرة الأم
  وهى باقى عموم البحيرة بمساحة 75 الف فدان تقريبا وتضم ثلاث محافظات هي بورسعيد دمياط الدقهلية وتتراوح درجات الملوحة بها ما بين الارتفاع والانخفاض ترتفع شمالا ومن الشمال الشرقى وتنخفض حتى العذوبة في الغرب والجنوب ويوجد بها العديد من التعديات داخل وعلى حدود البحيرة ممثلة في تجفيف واقامة حوش مخافة وتتاثر المناطق الجنوبية والغربية بوجود البوص والغاب بكثافة ويوجد العديد من الجزر داخل البحيرة أهمها جزيرة العزبى ويقطنها اكثر من الفى فرد واثر ابن سلام والفرشة وبر المعامل وغزلات والذي يمثل مشكلة في عدم سريا ن المياة من الشمال إلى الجنوب على الرغم من وجود مقاطع ويحتاج الامر إلى شق مقاطع كبيرة بالشفاط ويمكن وضوح اثر ذلك من الصورة.

مياه البحيرة :
  تعتمد بحيرة المنزلة في تغذيتها بالمياة على العديد من المصادر التي تغذيها بالمياة العذبة والمالحة ومياة البحيرة من النوع الشروب وتتدرج ملوحتها بين الدرجات الدنيا في المناطق الغربيه والجنوبية وتصل إلى 2 جزء في الالف وتزداد كلما اتجهنا شمالا بالقرب من فتحات البواغيز لتصل إلى اكثر من 45 جزء في الالف شمالا.

مصادر التغذية بالمياة المالحة
1. بوغاز الجميل القديم على ساحل البحر الأبيض ويقع في نطاق بورسعيد.
2. بوغاز الجميل الجديدعلى ساحل البحر الأبيض ويقع في نطاق بورسعيد.
3. قناة القابوطى أو مايعرف بالرسوة واتصاله شرقا بقناة السويس بالجزء الجنوبى من بورسعيد.
4. قناة الرطمه وتتصل مباشرة بنهر النيل الجزء المالح شمال دمياط بمسافة 7 كيلو.
5. قناة الصفارة بمدينة عزبة البرج في مصب النيل مباشرة وتبعد عن دمياط ب15 كم.
6. بوغاز عزبة البرج الجديدة من البحر الأبيض شمالا وقد تم انشاؤه في عام 2001 ويبعد عن مدينة عزبة البرج بمسافة 2 كم بتكلفة 17 مليون جنية إلا أن هذا البوغاز يحتاج إلى حماية كبيرة من قراصنة الزريعة ويحتاج إلى إنشاء نقطة حراسة من ناحية البحيرة.
7. فتحه الكراكة الكيلو 6 على ساحل البحر الأبيض بمسافة 6 كم من عزبة البرج وتصل بين البحيرة وطوال الكراكة شمال المثلث وهو الموقع الذي تم اختياره لإنشاء ميناء الصيد الجديد.
8. فتحه الشيخ على على ساحل البحر الأبيض وتبعد بمسافة 18 كم من عزبة البرج وقد انشات في السبعينات بتكلفة 50 الف جنية.
9. فتحه العلامة على ساحل البحر الأبيض وتبعد عن عزبة البرج مسافة 24 كم.

مصادر المياة العذبة
  يصب في بحيرة المنزلة العديد من المصارف بالمياة المعالجة وغير المعالجة وتصل مياه الصرف إلى البحيرة من خلال تسعة مصادر رئيسيه اضافه إلى الصرف الصحى لعدد من المدن ابتداء من القاهرة وحتى بورسعيد ودمياط والمطرية حيث تستقبل البحيرة اكثر من 6 ملايين متر مكعب من المياه الناتجة عن الصناعه والزراعة ومخلفات المنازل.

أهمها :
1. مصرف بحر البقر وهو أكبر المصارف ويبلغ طوله 190 كيلو يمتد من القاهرة مارا بالقليوبية والشرقية والإسماعيلية ويعتمد على الصرف الصحى لتلك المدن.
2. مصرف حادوس ويفصل بين محافظتى الشرقبة والدقهلية وهو عبارة عن صرف زراعى.
3. مصرف العنانية ويربط بين النيل والبحيرة جنوب دمباط وهو عبارة عن صرف زراعى وفى بعض الأحيان كان يستخدم كمفيض للنيل في حالة ارتفاع مياة النيل قبل إنشاء ترعة السلام.
4. مصرف السرو داخل محافظة دمياط وهو صرف زراعى.
5. مصرف رمسيس بمحفظة الدقهلية ومحمل بمياة الصرف الزراعى.
6. مصرف ضخ المطرية.
7. محطة طرد اولاد حمام بدمياط وهو صرف زراعى لقطاع فارسكور.
8. مصرف الخواطرية بين دمياط والدقهلية.
9. مصرف محب والسيالة وهو عبارة عن صرف صحى لجزء من مدينة دمياط والسيالة.
10. محطة صرف الخياطة (والتي تصب في منطقة الهيشة بالمثلث)

  و قد أدى التغير في النظام المائى للبحيرة نتيجة تناقص مخزون المياه بها وزيادة العذوبة لعدم فاعليه البواغيز الحاليه في صرف كميات من البحر إلى البحيرة وانسداد وضيق الفتحات ما بين طريق دمياط وبورسعيد القديم الامر الذي اثر على حركة سريان المياة ما بين منطقة المثلث والبحيرة الام إلى تغيير في التركيب النوعى لأسماك البحيرة وتمثل 92 % بلطى والباقى 8 % هي كل الأنواع الأخرى.

كما شجع زيادة الغطاء النباتى في جميع اجزاء البحيرة وعذوبة المياة إلى توالد وتكاثر سمك البلطي وفى نفس الوقت الذي صارت فية عذوبة المياة ونمو النبات سببا في اعتبارها مناطق طرد لا جذب للأسماك البحريه.

  كذلك إنشاء وشق الطرق داخل البحيرة وتقسيمها بدون عمل فتحات كافية أو اعتبار لحركة المياة ودورانها ____اوصت دراسة مصرية حديثة بمعالجة مياه الصرف الزراعي والصناعي والصحي التي تصب في بحيرة المنزلة, خصوصا مصرف بحر البقر, وتتبع التغيرات البيولوجية والكيميائية أمام مصبات هذه المصارف, وداخل البحيرة.
كي يتم الحفاظ عليها باعتبارها من أهم مصادر الثروة السمكية بمصر.

  كما أوصت الدراسة بتطبيق القانون رقم4 لسنة1994 الذي يحظر التخلص من النفايات الصناعية والمنزلية والزراعية والصلبة في المسطحات المائية; بالإضافة الي رصد وتتبع التغيرات الحادثة بالبحيرة للوصول إلي وسائل تحد من التدهور الحادث بها, من خلال تحليل الصور الفضائية والزيارات الحقلية والتحاليل المعملية وتطبيق برامج نظم المعلومات الجغرافية.

  الدراسة عنوانها استخدام تقنيات الاستشعار من البعد ونظم المعلومات الجغرافية لتعظيم العائد الاقتصادي لبحيرة المنزلة, وتمت بالتعاون بين كل من: كلية العلوم بجامعة عين شمس والهيئة القومية للاستشعار عن بعد, عبر الإشراف علي الدراسة التي أجرتها الباحثة هاجر محمود, بهدف وضع خطة لإدارة بيئة بحيرة المنزلة, وذلك تحت إشراف الدكاترة: مجدي توفيق أستاذ البيئة بعلوم عين شمس, ومحمود حسين, وسامح الكفراوي بالهيئة.

  استهدفت الدراسة رصد وتتبع التغيرات الحادثة ببحيرة المنزلة من عام2003 حتي عام2012, وتأثيرها علي النظام البيئي للبحيرة, والوصول الي وسائل للحد من التدهور الحادث بها. وأظهرت تركيز الفسفور الكلي في البحيرة عام2003 في الجزء الشرقي بينما ظهر أعلي تركيز له عام2011 في الجزء الشمال الغربي. وكان النيتروجين الكلي في2003 و2011 منتشرا في الجزء الشرقي للبحيرة. بينما ظهر أعلي تركيز للكلوروفيل عام2003 في الجزء الشرقي للبحيرة, وظهر عام2011 في الجزء الشمال الشرقي للبحيرة.

  أما توزيع الغطاء النباتي خلال عام2003, كما تبين من صور القمر الصناعي, فظهر في الجزء الجنوبي للبحيرة, وظهر أنه يقل كلما اتجهنا شمالا.

  وبحساب مساحة المسطح المائي للبحيرة باستخدام وتحليل صور الأقمار الصناعية( لاند سات) لعامي1987 و2000 تبين أيضا أن معدل التغير الحادث في المسطح المائي103 كيلو مترات مربعة خلال الثلاث عشرة سنة. بينما أوضحت تحاليل صور الاستشعار عن بعد الفضائية متعددة التواريخ أنه حدث نقص في مساحة البحيرة بين عامي1987 و2011 بنحو644.2 كيلو متر مربع خلال هذه الفترة.

  وأوضحت الدراسة بصورة قاطعة زيادة تركيز الأملاح, مما قد يؤدي إلي تلوث عضوي, ونقص كبير في التنوع البيولوجي للبحيرة جزيرة تنيس وتاريخها:

  تنيس مدينة مصرية قديمة من مدن مصر القديمة تقع في الناحية الشرقية متاخمة لمدينة بيلوز ( الفرما ) ..هي الآن جزيرة صغيرة تقع في وسط بحيرة المنزلة التي كانت تدعى من قبل بحيرة تنيس " بحيرة المنزلة " ..أول من أطلق عليها اسم بحيرة المنزلة هو خليل الظاهري في كتابه " على ضفاف بحيرات مصر ـ الجزء الأول" ..أما الرحالة العربي المسعودي في كتب في كتابه الشهير "مروج الذهب" يقول :" قبيل القرن الثالث الميلادي لم تكن توجد في هذه المنطقة أية بحيرات فقد كانت أرضاً زراعية لم يكن في مصر بأسرها مايضارعها من استواء وتربة طيبة ، وبها من الجنات والنخيل والكروم والشجر والزرع مالا يضاهيها ، حيث كان مائها يتحدر فيها دونما انقطاع في الصيف أو في الشتاء ، يصب هذا الماء في البحر من عند موضع يسمي " أشتوم الجميل " ..ففي القرن السادس الميلادي ضرب زلزال كبير المنطقة التي تقع فيها مدينة تنيس وطغي ماء البحر المتوسط علي الأراضي الواطئة المحيطة بها بينما بقيت تنيس و بعض الجزر العالية.أما كتاب " فتح العرب لمصر " لمؤلفه د. الفريد . ج . بتلر وترجمه لنا محمد فريد أبو حديد ، فقد جاء فيه بأن اسم تنيس كما يزعم المؤرخ "كاترمير"مشتق من اللفظ اليوناني " نيسوس " ومعناها الجزيرة وقد أضيف في أوله علامة التعريف " تي " القبطية للمؤنث فإذا صح ذلك كان لابد من أن تلك البلاد غمرت بالمياه منذ زمن بعيد قبيل القرن السادس ..ويرجح المؤلف هذه المقولة بقوله "بأن (كاسيان ) وكان في مصر سنة ( 390 - 397م ) يقول على وجه اليقين بأن Thinnesus تنيس جزيرة يحيط بها من جميع جهاتها بحر أو بحيرات ملحة حتى أن أهلها كانوا يعتمدون كل الاعتماد على البحر في الانتقال من مكان إلى مكان ، وكانوا يأتون بالطين في السفن إذا أرادوا أن يوسعوا أرضاً ليبنوا عليها بناء".ويقول " كاترمير" أن مساحة المدينة كانت ميلاً مربعاً فقط ، وهذا في الواقع من الأخطاء ، فقد حدث وأن دُمرت تنيس بأسرها في سنة 624من الهجرة ، ولم يتبق منها سوي بعض الأطلال ، وجزيرة تنيس لم تزل حتي الآن قائمة ولا تزال توجد بها بعض الآثار القديمة ..كانت تنيس يطلق عليها اسم " بغداد الصغري " وهي تقع في الجنوب الغربي من مدينة بورسعيد علي بُعد مسافة تسعة كيلومترات ..ويذكر المقريزي " الخطط " بأن جزيرة تنيس يرجع اسمها إلي اسم تنيس بن حام بن نوح وقد بناها أحد ملوك الأقباط وكان بها مائة باب ولكبرها وعظمتها وهي من أكثر المدن المنتجة للحرير .

  وفي كتاب " مناظرات يوحنا كاسيان مع آباء البرية " جاء في وصفه للبرية التي كانت بها تنيس بأنها كانت قبلاً أغنى منطقة وكما يقال أن مائدة الملك كانت تعد من منتجاتها ، وأن هذه الأرض طغى عليها البحر وصارت خراباً فتحولت إلى مستنقعات مالحة حتى ليكاد من يراها يظن أنها هي التي قيل عنها في المزامير " سيجعل الأنهار قفاراً و مجاري المياه متعطشة والأرض المثمرة سغبة " ( مز 107 : 23 , 24).و يستطرد الكاتب " في هذه البقاع دمرت مدن كثيرة وهجرها أهلها وتحولت إلى جزائر وصارت مسكناً لراغبي الوحدة " العزلةمن النساك القديسين" ومضى يصف من بينهم ثلاثة رجال تقـــــدموا في السن حيث قال عن أحدهم " انه جاوز المائة من عمره وانحني ظهره بعامل الزمن مع دأبه في صلاة دائمة ، كان يبدو وكأنه قد عاد لطفولته مرة أخرى وهو يزحف بيديه اللتين تدليتا لأسفل وهما تكادان أن تلامسان الأرض. "سأله يوحنا كاسيان بأن يقول له كلمة ويعرفه بالتعاليم ، فتنهد الناسك بعمق وكان مما قاله :" أي تعاليم يمكنني أن أعلمها لكم ، وأنا قد وهن العظم مني وأنا في سن وضعف ؟".

  وجاء عن تنيس في كتاب فتح العرب لمصر حيث يقول " وكانت الأرض التي تغطيها مياه بحيرة المنزلة إلى ما قبل الفتح العربي بقرن واحد لا يضارعها في بلاد مصر كلها أرض أخرى في جودتها وخصبها وغناها إلا إذا قلت بلاد الفيوم فقد تكون مساوية لها ، كانت أرضها ترويها ترع لا تنضب مياهها تأتى من النيل ، فكانت تنبت نباتا يانعاً من القمح والنخيل والأعناب وسائر الشجر .غير أن البحر طغى عليها فأقتحم ما كان يحجزه من كثبان رملية، كانت المياه يزيد طغيانها عاماً بعد عام حتى عمت السهل الوطئ كله ،ولم يبق فوق بعضها إلا عدداً من الجزر بعد أن أكلت المياه ما كان هناك من حقول و قرى فلم ينجٍ منها إلا ما كان عالياً لا تناله المياه .

 وأعظم ما نجا من قرى تلك الأرض مدينة تنيس الشهيرة وكانت مدينة لها شئ من الإتساع والكبر وكانت ذات بناء جميل تجود بها صناعة المنسوجات الرقيقة ، وكانت في البحيرة التي تخلفت مدائن أخري اشتهرت ببراعة صناعتها في النسيج مثل طونة ـ دميرة ـ دبيق ، ولكن لم تبلغ أي واحدة منها مبلغ ماوصلته تنيس ، إذ كانت تضارع دمياط وشطا في دقة منسوجاتها وجودة أنواعها فما كان في البلاد كلها غير تنيس ودمياط وشطا مايستطيع أن يخرج ثوباً من الكتان يبلغ ثمنه مائة دينار .ويذكرالمسعودى في تاريخه أن ثوباً صنع هناك للخليفة من عرض واحد بلغ ثمنه ألف دينار وكان مصنوعاً من خيوط الذهب مخلوطة باليسير من دقيق الكتان" خيوطه ".

  وقد ورد في الأخبار كذلك أن تجارة كانت بين تنيس وبين العراق وحده بلغت مابين عشرين ألف دينارإلي ثلاثين ألف دينار في السنة الواحدة ، كانت ذلك قبل أن تُفرض عليها الضرائب الفادحة .

  كانت تنيس جزيرة فسيحة وكانت تصل إليها من الجنوب ترعة اسمها بحر الروم ، ولعلها كانت بقية فرع النيل التنيسي الذي كان يصل إلي الصالحية أو علي الأقل بينها وبين " الطينة " وهي ثغر الفرما علي ساحل البحر.وقيل أن تنيس كان لا يزال بها إلي القرن العاشر بعض الآثار القديمة ، وكان بها حوالي ماوصل عدده إلي مائة وستون مسجداً لكل مسجد منها مئذنة عالية مزينة ..كما كان بها اثنتان وسبعون كنيسة ، غير العديد من الحمامات التي بلغ عددها نحو ستة وثلاثون حماماً ..وكانت تنيس مدينة محصنة بالأسوار وبها عدد تسعة عشر من الأبواب المصفحة بالحديد الثقيل ، وقيل أن الموتي في الجزر الأخري كانت تحمل لتدفن في تنيس ، ويبدو أنها كان يتم تحنيطها هناك .

  زارها بعد ذلك بقرن الرحالة الفارسي ناصر خسرو في عام 1047 للميلاد فعجب مما رآه من ثرائها ورواج أسواقها فهو يذكر :" كان بها عشرة آلاف متجر وخمسين ألفا من الناس وكانت في جزيرتها مراسٍ تكفي لألف سفينة ولم يكن بها شئ من الزرع بل كانت تعتمد في كل أقواتها على تجارتها .

  وكان النيل إذا علا وفاض يقوم بطرد كل ما حول جزيرة تنيس من مياه البحر المالح ويملأ بالماء العذب ما كان فيها من الصهاريج ومخازن المياه الدفينة في الأرض وكانت هذه المياه كافية لشرب الناس طول الحول.وقد بلغت منسوجات القطن البديعة ذات الألوان شأناً عظيماً لم تبلغه في وقت من الأوقات، فكان للسلطان مناسج خاصة تنسج فيها الأثواب له وحده .

  كان الثوب المخصص لعمامته تبلغ قيمته أربعة آلاف دينار ، ولكن الأثواب التي كانت تصنع للسلطان لم تكن تعرض في الأسواق للعامة .وقد حدث أن إمبراطور الروم دعا بأن تخضع تنيس لإمرته مقابل تنازله عن مائة مدينة من مدائن دولته عوضاً عنها ، وعلي الرغم من ذلك لم يستجب لدعوته .

  كان يصنع في هذه المدينة من الأثواب الملكية نوعاً اسمه " بو قلمون " وكان من الحرير المتغير اللون حيث كانت لمعته زاهية حتي قيل أنه كانت تتغير ألوانه في كل ساعة من ساعات النهار عما هو معهود .

  كما كانت صناعة السلاح المتخذ من الصلب من أهم الصناعات ولكنها لم تكن لتبلغ في تنيس مبلغ منسوجاتها وكانت على ذلك مدينة من أعجب المدائن وأعظمها شأناً.ويروي في القصص أن حاكم تنيس كان وقت الفتح الإسلامي لمصر كان رجلاً من العرب النصاري واسمه " أبو طور" وأنه خرج لقتال المسلمين علي رأس عشرين ألف من القبط والروم والعرب ، فلقيهم في سيرهم إلي تنيس بعد أن فتحوا دمياط فناجزهم في مواطن كثيرة قبل أن يظفر العرب ويهزموا جيشه ويأخذونه أسيراً ، ومنذ تم لهم ذلك فتحوا المدينة وغنموا أموالها وقسموها ثم ساروا إلي الفرما .

  كانت جزيرة تنيس مكشوفة للغزو من جهة البحر عليها أنها كانت محصنة فيها رباط قوي ، وأمر صلاح الدين الأيوبي بإخلائها عام 1192م ثم جاء من بعده الملك الكامل عام 1227م فهدم حصونها وأسوارها حتي تركها أطلالاً .ويذكر المقريزي في الخطط عن مدينة شطا بأنها تقع بين تنيس ودمياط وأن اسمها يرجع لرجل اسمه " شطا بن الهموك " وهذا الاشتقاق ليس له أي أثر من الصحة .

  وتذكر القصة بأن العرب حين حاصروا دمياط وفتحوها خرج إليهم حاكمها شطا ومعه ألفان من الناس فأظهر إسلامه ، وكان قبلها عاكفاً علي درسه والنظر فيه زمناً طويلاً ، ثم أن الرجل لما رأي أن العرب أبطأ عليهم فتح تنيس جمع جيشاً من البرلس ودميرة وأشمون وطناح ، وجهزه ولحق بإمداد المسلمين الذين بعث بهم عمرو بن العاص ثم سار حتي إلتقي بالعدو وأظهر من الشجاعة وحسن البلاء مايظهره الأبطال وقتل بيده اثني عشر رجلاً من فرسان أهل تنيس وشجعانهم وظل يقاتل حتي قًتل في ذلك اليوم ودفن في ظاهر المدينة ..أما عن خرابها ومالحق به من دمار فيقول اللواء عبد المنصف محمود بعد ما ذكر الكثير من تاريخ تنيس :" ولكن العرب لم يجدوا ما يحبب لهم المقام في هذه المدينة وأشباهها من الجزائر التي كانت وسط البحيرة فبقيت إلى أن قضي عليها وزالت أخبارها".ويعود المسعودي ليذكر أن " بحيرتها الآن يصطاد منها السمك وهي قليلة العمق يتم الإنتقال بين جزرها بإستخدام الفلايك والقوارب واللنشات ، وتعرف اليوم ب" المراحات " ويسكنها طائفة من الصيادين الذين يتخذون من الصيد حرفة لهم ، ومؤخراً انشئت بها المدارس لتعليم أبناء هذه المراحات .

  فليت الهيئة العامة لتنشيط السياحة تضع جزيرة تنيس ومابها من آثار ضمن مواقعها علي مستوي السياحة الداخلية والخارجية ، ولعلي أذكر أننا في سنوات الدراسة كنا نسعد بالرحلات التي تقصد هذه الجزيرة حيث تزخر تلالها وروابيها بتاريخ كبير يجب أن يعرفه أبناءنامن طلاب المدارس وأن نضع في الحسبان مدي الفائدة التي تعود عليهم من خلال هذه الزيارات وأن تكون موضع التنفيذ _توصيات علمية لتأهيل بحيرة المنزلة بيئيا:

  أوصت دراسة مصرية حديثة بمعالجة مياه الصرف الزراعي والصناعي والصحي التي تصب في بحيرة المنزلة, خصوصا مصرف بحر البقر, وتتبع التغيرات البيولوجية والكيميائية أمام مصبات هذه المصارف, وداخل البحيرة.
كي يتم الحفاظ عليها باعتبارها من أهم مصادر الثروة السمكية بمصر.
  كما أوصت الدراسة بتطبيق القانون رقم4 لسنة1994 الذي يحظر التخلص من النفايات الصناعية والمنزلية والزراعية والصلبة في المسطحات المائية; بالإضافة الي رصد وتتبع التغيرات الحادثة بالبحيرة للوصول إلي وسائل تحد من التدهور الحادث بها, من خلال تحليل الصور الفضائية والزيارات الحقلية والتحاليل المعملية وتطبيق برامج نظم المعلومات الجغرافية.
  الدراسة عنوانها استخدام تقنيات الاستشعار من البعد ونظم المعلومات الجغرافية لتعظيم العائد الاقتصادي لبحيرة المنزلة, وتمت بالتعاون بين كل من: كلية العلوم بجامعة عين شمس والهيئة القومية للاستشعار عن بعد, عبر الإشراف علي الدراسة التي أجرتها الباحثة هاجر محمود, بهدف وضع خطة لإدارة بيئة بحيرة المنزلة, وذلك تحت إشراف الدكاترة: مجدي توفيق أستاذ البيئة بعلوم عين شمس, ومحمود حسين, وسامح الكفراوي بالهيئة.
  استهدفت الدراسة رصد وتتبع التغيرات الحادثة ببحيرة المنزلة من عام2003 حتي عام2012, وتأثيرها علي النظام البيئي للبحيرة, والوصول الي وسائل للحد من التدهور الحادث بها. وأظهرت تركيز الفسفور الكلي في البحيرة عام2003 في الجزء الشرقي بينما ظهر أعلي تركيز له عام2011 في الجزء الشمال الغربي. وكان النيتروجين الكلي في2003 و2011 منتشرا في الجزء الشرقي للبحيرة. بينما ظهر أعلي تركيز للكلوروفيل عام2003 في الجزء الشرقي للبحيرة, وظهر عام2011 في الجزء الشمال الشرقي للبحيرة.

  أما توزيع الغطاء النباتي خلال عام2003, كما تبين من صور القمر الصناعي, فظهر في الجزء الجنوبي للبحيرة, وظهر أنه يقل كلما اتجهنا شمالا.

  وبحساب مساحة المسطح المائي للبحيرة باستخدام وتحليل صور الأقمار الصناعية( لاند سات) لعامي1987 و2000 تبين أيضا أن معدل التغير الحادث في المسطح المائي103 كيلو مترات مربعة خلال الثلاث عشرة سنة. بينما أوضحت تحاليل صور الاستشعار عن بعد الفضائية متعددة التواريخ أنه حدث نقص في مساحة البحيرة بين عامي1987 و2011 بنحو644.2 كيلو متر مربع خلال هذه الفترة.

  وأوضحت الدراسة بصورة قاطعة زيادة تركيز الأملاح, مما قد يؤدي إلي تلوث عضوي, ونقص كبير في التنوع البيولوجي للبحيرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا