التسميات

الأربعاء، 16 أغسطس 2017

محاضرة 22: إقليم المدينة ...


محاضرة 22: إقليم المدينة
  
   يعد إقليم المدينة Region  City أو مجال نفوذها Sphere of Influence    واحدا من الموضوعات الهامة في دراسة جغرافية المدن .ذلك لان الإقليم هو المحدد لحركة النمو العمراني للمدينة التي تتأثر به وتؤثر فيه بصورة متبادلة .

ويطلق على إقليم المدينة بالوظيفة الإقليمية لهاRegion Function   ويعني ذلك أن المدينة داخل بيئتها تمارس نوعا من النفوذ والسيطرة على المناطق المجاورة لها ويبحث جغرافيوا المدن عن مظاهر هذه السيطرة ومداها والوقوف على تحديدها بدقة إلا أن هذه السيطرة ليست مطلقة ،أنما تعتمد على قوة ومتانة الوظائف المركزية للمدن ،إذ أن وظيفة المدينة الإقليمية ما هي إلا تابعة ومكملة ويعتمد وجودها على الوظائف المحلية الأساسية .فكلما زادت الوظائف  أهمية زاد نمو الوظائف الإقليمية وقويت العلاقات المتبادلة مع إقليمها  .
وبما أن لكل مدينة نطاقا من الأرض يحيط بها تخدمه ويخدمها ،وتنشأ بينهما علاقات متبادلة ومتعددة فهذا النطاق (الإقليمالمحاذي لها ممكن إن يكون نطاقا طبيعيا أو اقتصاديا أو تخطيطيا أو أداريا أو حضريا وذلك على أساس الهدف من تحديده والمعايير المعتمدة لذلك.
   وان العلاقة بين المدينة وإقليمها لا  يمكن الفصل بينهما من الناحية الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية إلى درجة انه لا يمكن أن تظهر أي مدينة إلا بعد أن يدعوها الإقليم للظهور ،ثم لا يمكن أن تتطور بدون إقليم يتبعها ويتفاعل معها بغض النظر عن سعة وطبيعة ذلك الإقليم (53).
يضم إقليم المدينة مجموعة من القرى والمستوطنات الريفية وشبه الريفية والأراضي الزراعية وعدد من المدن الصغيرة الحجم وأحياء حضرية وضواحي وتوابع كما يدخل ضمن الإقليم أنواع مختلفة من موارد الثروة الطبيعية والبشرية فضلا عن انه يضم المدينة المركزية التي تعتبر عقدة هذه العناصر على اختلاف أنواعها ودرجاتها .
   وإذا كانت العلاقة بين المدينة وإقليمها قائمة في كل الأحوال ،إلا أن لعامل المسافة دورا في تحديد درجة هذه العلاقة ،وعلى أساس ذلك يمكن تقسيم إقليم المدينة حسب المسافة إلى نوعين هما :
1- الأقاليم المتماسة أو الكثيفةتلك التي تلتصق بالمدينة مباشرة وترتبط بالمدينة بدرجة شديدة أي أن 80% من السكان في هذا النوع يرتبطون بالمدينة بمراجعات شبه يومية للحصول على حاجاتهم منها .ولذلك فإنها قد تسمى أحيانا بالمنطقة المتماسة Contiguous  أو النطاق الملاصق للمدينة Upland   .
2- الأقاليم غير المجاورة أو الواسعة :والتي بالرغم من وجود علاقة لها مع المدينة فإنها تمتد لمسافات بعيدة عنها وهي في ذات الوقت ترتبط بعلاقات مع مدن أخرى .
   ولاختيار الأسس التي يمكن بمقتضاها تحديد (مجال تأثير المدينةThe area of influence of the city )أو إقليم المدينة يجب أن ندخل في الاعتبارالخدمات ( Services المهمة التي تقدمها المدينة ثم نرى إلى أي حد يمكن الاستفادة من هذه الخدمات خارج حدود المدينة، ويؤكد سميلز Smills هذا الأساس ويعتبر الخدمات من أهم العلاقات التي تربط بين المدينة وإقليمها بل انه يعتبرها مبرر وجود المدينة وازدهارها(54).

تحديد إقليم المدينة
   ظهر لنا من العرض السابق أن المدينة لا تظهر من نفسها وأنها لا يمكن أن تعيش في فراغ بل يقيمها ريفها لتقوم بإعمال لابد أن تؤدي في أماكن مركزية فجوهر فكرة المدينة هو أنها تخدم منطقة تابعة والأصل في وظيفتها هو الجانب الإقليمي فهناك تفاعل وثيق بين المدينة وريفها (إقليمهايتكون من مجموعة من الأفعال وردود الأفعال المتبادلة فهي تخدم إقليمها كمراكز للعمالة وكنقط لتجميع وتسويق منتجات الإقليم المحيط بها ، وكذلك كمراكز لتوزيع السلع الآتية إليها من خارج حدودها فضلا عن ذلك تقوم أيضا كمراكز للخدمات الاجتماعية مثل الخدمات التعليمية والصحية والترفيهية والثقافية وخدمات أدارية .
  وإن لكل واحدة من هذه الخدمات إقليما خاصا بها وبالتالي فقد يحدد الإقليم على أساس مقياس واحد أو عدد من المقاييس حسب ما يراه الباحث أو حسب ما يتطلبه البحث والهدف المتوخى منها .وكلما تعددت الأسس والوظائف كلما كان التحديد اقرب إلى الواقع ولكنه لا يمكن الحصول على تطابق مجالات الخدمات المختلفة فهي تتقاطع وتقترب وتتباعد بتأثير ضوابط مختلفة ،وبالتالي فان نفوذ المدينة على المنطقة المحيطة بها سيكون له طبيعة متدرجة ، فهذا النفوذ لا يمتد بكثافة متساوية إلى حد معين ثم يتوقف عنده فجأة وإنما توجد هناك نطاقات من النفوذ المتدرج طالما أن الوظائف والخدمات المختلفة تصل إلى مدى ابعد من سواها .
   ولغرض تحديد الإقليم بدقة لا بد من معرفة ابعد مكان تصل إليه خدمة المدينة أي أماكن سكن المستفيدين من خدماتها ، ومن جانب أخر تحديد مواقع المؤسسات التي تقدم منها الخدمات أو الوظائف داخل المدينة ،لكي يكون بالإمكان رسم العلاقات الإقليمية للمدينة على مستوى خدماتها أولا ومن ثم تحديد سعة الإقليم الذي تخدمه لكل وظيفة وبالتالي تحديد نفوذ المدينة الكلي .
أذن المقاييس المستخدمة في تحديد الإقليم تتعدد بتعدد الوظائف والخدمات التي تمثل كل واحدة منها مقياسا لتحديد الإقليم وتشمل :
  توزيع الصحف اليومية ، توزيع الحليب ، توزيع البضائع (جملة ومفردتوزيع الماء والكهرباء ، خدمات المحامين ،الخدمات الصحية ،الخدمات التعليمية ، حركة الباصات بين المدينة والإقليم ، الرحلة إلى العمل .
   ويمكن الحصول على المعلومات لهذه المتغيرات نظريا أو ميدانيا عن طريق الاستجواب المباشر لعينة من أصحاب المؤسسات أو العاملين فيها لتحديد أماكن قدوم الزبائن أو عدد وعناوين المشتركين في مؤسسات مماثلة لتلك المؤسسات .أو استجواب عينة من الأسر المنتشرة في الإقليم لمعرفة المراكز التي يترددون عليها .
   واختلف الباحثون في الطرق التي اتبعوها لتحديد إقليم المدينة ، فهوارد جرين H.Green اختار المنطقة الجنوبية من إقليم نيوانجلاند بالولايات المتحدة الأمريكية لكي يحدد فيها الخط الفاصل بين مجالي نفوذ كل من المدينتين الكبيرتين نيويورك وبوسطن ،وتضم هذه المنطقة الجنوبية ثلاث ولايات أمريكية هي :
   ماساتشوستس كنكتكت رودايلند ،وتدخل كل منطقة من هذه الولايات الثلاث كجزء في مجال نفوذ كل من مدينتي نيويورك وبوسطن ،وقد اعتمد جرين في هذا التحديد سبعة معايير تصلح للتطبيق على مناطق مثل هذه المدن انظر الشكل (41).
  فيما استخدم Relliy  قانون الجاذبية لتجارة المفرد والذي يتلخص بالأتي :
(في حالة وجود مدينتين تقومان بتزويد مدينة ثالثة اصغر حجما منهما ،فان كل واحدة منهما تزود بما يتناسب طرديا مع سكانهما وبنسبة عكسية مع مربع المسافة )أي أنها تكاد تختفي عندما تبلغ مسافة تعادل مربع البعد بين المدينة وحدود قوتها الحقيقية .
  أما فتر Fetter  فقد حاول التعرف على حدود الإقليم لمدينتين وفق ثلاث حالات هي :
   كون كلفة الإنتاج وكلفة النقل متشابهة ،واختلاف كلفة النقل مع بقاء كلفة الإنتاج ثابتة ،وتساوي كلفة النقل مع اختلاف كلفة الإنتاج ،وجعل لكل حالة حدود تقترب وتبتعد عن إحدى المدينتين بحسب ذلك.
 على أية حال ،يندر أن توجد حدود منتظمة في دائرتيها حول مركز المدينة الحضري بسبب وجود عوامل طبيعية تحول دون ذلك كالأنهار والجبال أو أنظمة الطرق وأنواعها ودرجة التنافس بين المراكز الحضرية وبذلك لا يكون عامل سهولة الوصول العامل الوحيد في تشكيل إقليم المدينة.
  هذا إلى جانب حقيقة أخرى وهي أن تأثير المدينة من خلال وظيفة ما يكون في جزء من الإقليم أقوى من جزء آخر ،مما ينبغي التوجه إلى بحثه لأهميته .كما توجد انطقه حدّية (انتقالية Marginal transition ) تتنافس عليها المدن وفي حالات معينة عندما تكون المدينتين على مسافة متساوية من السكان فان هؤلاء قد يجدون المدينتان مناسبتين للتردد عليهما .وفي حالات أخرى قد لا يجدون المدينتين مناسبتين فيتجهون نحو مدن أخرى مما يتداخل مع عوامل أخرى بما فيها العوامل النفسية .
  وقد تتداخل الانطقة الفاصلة بين المدن المتنافسة أو توجد مناطق خالية حيث لا تخدم من قبل هذه المدن وان لطبيعة ودرجة التحضر أثره على تشكيل الأقاليم ،وبالتالي فان الأقاليم تأخذ أشكالا عدة حسب المحددات الطبيعية كان يكون طوليا على امتداد نهر أو طريق مواصلات أو قريب من المربع أو البيضوي أو الدائري الشكل 42).
  وتعد طريقة تحديد إقليم المدينةبالعمل الحقلي Field workمن أفضل الطرق وأكثرها دقة وواقعية بالرغم من أنها تحتاج إلى فريق عمل كاف ليغطي متطلبات التحديد .وتعتمد هذه الطريقة على مبدأ العلاقات المتكاملة بين المدينة والريف والأماكن المركزية الدنيا الواقعة تحت تأثير المدينة الأم ،ويبرمج العمل ضمن اتجاهين هما:
1- تحديد إقليم خدمات المدينة الأم يتم في هذه الطريقة رسم لكل فعالية خدمية مركزية إطارها الإقليمي معزولا عن الإطارات الخدمية الأخرى ،فمثلا يحدد إقليم خدمات المدينة للبيع بالجملة والبيع بالمفرد والصناعة وخدمات الباص Bus Services والخدمات الصحية والتعليمية .......الخ.ثم تجمع خرائط الأقاليم المرسومة أصلا على ورق شفاف بعضها فوق الآخر في خارطة موحدة وعندئذ تستخرج معدلات التباعد في الإطارات الإقليمية تبعا للمتوسط أو الوسيط وعلى محاور متعددة يحددها الباحث .وكلما كانت المحاور أكثر عددا كان المتوسط أكثر دقة انظر الشكل(43).
  ويحسب الباحث الأبعاد على مقياس الرسم الخطي أو على المسطرة وبالطريقتين الآتيتين:
1-   بعد اقرب حد إقليمي زائدا وبعد ابعد إطار إقليمي مقسوما على 2.
2-   بعد الحد الإقليمي الأول الحد الإقليمي الثاني .........إلى الحد الإقليمي (نمقسوما على عددها .
عند ذلك يوضع على كل محور المتوسط ومن خلال تحديد كل المتوسطات على المحاور يوصل خط بينهما ليمثل مجال تأثير المدينة المركزي في الإقليم .
2- تحديد مناطق تأثير الإقليم على المدينة المركزية
  تعد مناطق تأثير الإقليم على المدينة المركزية الوجه الثاني من العلاقة الإقليمية بين المدينة وإقليمها ويستعمل في رسمها الصيغة نفسها التي اتبعت في تحديد مجال تأثير المدينة المركزية على الإقليم.فيقوم الباحث مثلا بتحديد الإطار الإقليمي لمناطق تجهيز المدينة بالخضراوات والألبان والحبوب الغذائية والفاكهة .........الخ.بعد ذلك تجمع الإطارات الإقليمية ضمن خريطة واحدة وتستعمل ذات الطريقة في استخراج متوسط الإبعاد لمناطق تجهيز المدينة الشكل (44).
  بعد هاتين العمليتين تكون لدينا طريقتان الأولى تمثل مجالات تأثير المدينة المركزية والأخرى تمثل متوسط مجالات الظهير الريفي على المدينة المركزية ثم تجمع هاتين الخريطتين في خريطة واحدةويستخرج متوسط أبعادهما وتكون النتيجة الحدود الإقليمية للمدينة المركزية .

العلاقة بين المدينة وإقليمها The relationship between the city and region
   تأخذ هذه العلاقات عدة مظاهر ويعد اتساع مجال نفوذ المدينة انعكاسا لشبكة النقل والمواصلات التي تربط المدينة والمراكز الحضرية في إقليمها وتحدد العلاقات بين المدينة وإقليمها حجم وشكل وحدود وبنية الإقليم .ويمكن إدراج هذه العلاقات بالشكل الآتي :
1- العلاقات الإدارية والثقافية والصحية
  تعد المدينة قاعدة لوحدة إدارية صغرت أم كبرت  والدور الإداري للمدينة هو من أقدم أدوارها وربما كانت حدود الإقليم المدني من ناحية الدور الإداري للمدينة هي الوحيدة المحددة بصرامة وبخطوط معلومة .وان غالبية الخدمات الإدارية ذات طبيعة مزدوجة من حيث خدمة سكانها وسكان الإقليم التابع لها بصيغة أو بأخرى إذ لا يوجد أي بلد إلا وله تركيبه الإداري الذي ينعكس على الأهمية الإدارية لكل مستوطنة حضرية فيه ابتداء من العاصمة وحتى اصغر مرتبة إدارية .إذ تمثل المدينة مركز الإدارة والإعمال المالية  لإقليمها .
  وبما أن هناك عددا ليس بالقليل من الخدمات الإدارية فان لكل من هذه الخدمات تسلسلا أو تدرجا هرميا بالأهمية مما يفسر تباين سعة الأقاليم التابعة للمدن المختلفة.
  أما عن العلاقات الثقافية ،فان لكل مدينة مؤسساتها الثقافية التي تخدم إقليم المدينة وعلى أساس نوع المؤسسات الثقافية والتعليمية والإعلامية يتحدد دور المدينة بالنسبة لإقليمها .فالمدينة هي بالنسبة للإقليم الريفي تمثل المدرسة والمعهد والجامعة بل إن اغلب طلبة المدن الإقليمية من الريف . وقراه أكثر من أبناء تلك المدن وكلما ارتفعت درجة المؤسسة التعليمية كلما ازداد تركزها في مدينة اكبر وبالتالي يمكن قياس الأهمية الإقليمية للمؤسسات  الثقافية بحساب نسبة الطلبة القادمين من إقليم هذه المدن .
  ومن الخدمات الثقافية الأخرى التي تتركز في المدينة هي المسارح ودور السينما والملاهي والنوادي الثقافية ومؤسسات الإذاعة والتلفزيون ودور الصحف والنشر .والمدينة مؤهلة لان تكون مركزا للنشاط الإعلامي بسبب تركز نسبة عالية من التخصصات والكفاءات العلمية والأدبية فيها مقارنة بالريف المحيط بها عموما .
  وقد يفوق تأثير وسائل الإعلام على الإقليم تأثير الجامعات .ومما يساعد على ذلك هو تطور وسائط النقل وتكنولوجيا الإعلام حيث أجهزة الترانسستر Transistors والمسجلات والفضائيات والانترنتInternet ومن ثم فان الدور الثقافي للمدينة في إقليمها يجعلها تبدو كمصدر إشعاع فكري إقليمي.
  وترتبط المدينة بإقليمها بعلاقات صحية وطبية ،إذ تمثل المدن في حالات عديدة مركزا صحيا وطبيا ذو طابع إقليمي يتمثل في الأول تركز المستشفيات ذات التخصصات الطبية الدقيقة في المدينة والذييندر أن يوجد ما يماثلها في المدن الصغيرة في الإقليم .أما الجانب الثاني فيتمثل بتركز الأطباء ذوي الاختصاصات النادرة في المدن المركزية وسواء العاملين منهم في مؤسساتها الصحية أم العاملين في عياداتهم الخاصة والذين يمثلون مراكز جذب عالية من سكان الريف والمدن الصغيرة فقد بلغت نسبة التمثيل الإقليمي لمستشفيات بغداد عام 1989 43%(55) ،فيما بلغت نسبة المراجعين لأطبائها في عياداتهم الخاصة 62% (56).
  هذا إلى جانب تواجد الصيدليات ومصانع الأدوية والإطراف الصناعية والعلاج الطبيعي وتتعدى العلاقات الإقليمية الصحية للمدينة جانب العلاج والمراجعة للحصول على الدواء فضلا من إن  هذه المؤسسات توفر فرص عمل للكثير من سكان إقليم المدينة.

2- العلاقات الاقتصادية Economic relations
 وتقسم إلى :
أالزراعة   Agriculture
  تعد الزراعة من أهم العلاقات وأوضحها بين المدينة وإقليمها الذي يعد بالنسبة لها مطعمها الفسيح لما يوفره لها من مواد غذائية ومنتجات حيوانية ،فالمدينة هي سوق استهلاكية ضخمة للغذاء ومن ثم يفرض نفوذه في توجيه الإنتاج الزراعي في الريف المحيط .والواقع أن اثر المدينة الخلاق على الزراعة الإقليمية اثر عالمي فحول المدن الكبرى والصغرى تخضع الجغرافية الزراعية تماما لجغرافية المدن ،والمدينة تؤثر على زراعة الإقليم بعاملين:
الأول      الطلب فيها كسوق
والثاني   اثر نمو المدينة على سعر الأرض.
  فنمو المدن غالبا ما يكون على حساب الأراضي الزراعية الملاصقة لها ولهذا يرتفع سعرها مما يحّتم على الزراعة في مثل هذه المناطق بان تكون كثيفة لتنتزع منها اكبر عائد ممكن كما يتحدد نوع المحصول بالقرب من المدينة حيث تكون المحاصيل عالية القيمة سريعة التلف وتشغل اقرب ارض للمدينة كالخضراوات والفاكهة والزهور والمنتجات الحيوانية من الألبان .
بالصناعة    Industry
    تتجسد العلاقة بين المدينة وإقليمها في مجال الصناعة في حاجة الصناعات المدنية على موادها الأولية من الإقليم المحيط بها والبعيد عنها كالمواد الزراعية والمنتجات الحيوانية (الصوف والجلود والألبان واللحوموالمواد المعدنية .فضلاعن حاجة بعض الصناعات إلى الأيدي العاملة غير الماهرة من الريف.
  وبعد تضخم المدن وتطورها ضاقت أرضها بالصناعات المتوسطة والثقيلة ،فنزعت إلى انتشارها في المناطق الريفية المجاورة لرخص الأرض وسعتها وتخلصا من ملوثات الصناعة فيها.
ت التجارة    Trade
  التجارة من أهم أوجه العلاقة الوظيفية بين المدينة والإقليم ،فالمدينة تمثل الوسيط في الاتصال بين أجزاء الإقليم بعضها  مع البعض الآخر وبين الإقليم والمدينة بما يحويه هذا الإقليم من قرى أو مدن صغيرة وعلى ذلك فالجمع والتوزيع هما أوجه النشاط الإقليمي للمدينة ، ويمكن أن نحدد تجارة المدينة الإقليمية في ثلاثة ادوار :دور المتّجر أو سوق التجزئة ودور سوق الماشية  ودور المستودع أو سوق الجملة .
  ورغم محدودية تجارة التجزئة (المفردإلا إن اغلب سكان الأرياف لا يجدون كل ما يحتاجونه في قراهم ،فيلجئون للحصول على حاجاتهم من المدينة في رحلة شبه يومية ،ومما يسهل في ذلك هو ترددهم إلى المدينة بغرض بيع منتجاتهم الخاصة من الألبان والخضراوات والماشية في سوق المدينة.
  أما عن سوق الحيوانات فان اغلبها تقام في المدن والى الوقت الحاضر وسوق الماشية من أهم الظاهرات التجارية التي يفد إليها الريفيون لبيع أو شراء الحيوانات .
    وتجارة الجملة تشمل أوسع دور للمدينة مع إقليمها وبفضلها تؤدي المدينة دور مكتب الإعمال ودور المستودع أو الوساطة والتوزيع للإقليم الريفي.
    فالمدينة هي التي تتولى توفير حاجات الريف التجارية وتبيعها بالجملة للقرى والأرياف فيه.وقد تكون هذه السلع من إنتاج المدينة ذاتها أومن إنتاج مدن أخرى .وبالنظر لأهمية نطاق تجارة الجملة فان المدن المتجاورة غالبا ما تتنازعه فيما بينها .
3- العلاقات السكانية   Population Relations
 يمكن تمييز ظاهرتين واضحتين بين المدينة وإقليمها ما يتعلق بالسكان هما :
أ-ظاهرة الهجرة الدائمة من الريف إلى المدن Rural migration to urban phenomenon
برحلة العمل اليومية   Daily work trip

أظاهرة الهجرة الريفية إلى المدن Rural migration to urban phenomenon
    يعد الريف الممول الرئيس للمدينة بالسكان منذ القدم إلا إن ظاهرة الهجرة اتخذت أبعادا أوسع واخطر منذ الثورة الصناعية وما صاحبها من تقدم تقني ،وما زالت هذه الحركة في أوجهها في بعض البلدان وان كانت مدن العصر الصناعي تدين بنشأتها للهجرة الريفية فان استمرارها وتزايدها يدين لها أكثر .وقد تكون الهجرة إلى المدينة ناتجة عن عوامل كثيرة أهمها تقدم كفاءة الفنون الزراعية مما يؤدي إلى وجود فائض من السكان في الريف ،كما إن ضغط وإفراط سكان الريف وما يترتب عليه من عوامل الفقر المادي كضالة الملكية وتناقص الغلة وانخفاض مستوى المعيشة وكل هذه تمثل عوامل طرد من الريف يقابلها عوامل جذب من المدن كارتفاع مستوى الأجور والمعيشة وأضواء المدينة الساحرة والطلب على العمل خاصة في النشاط الصناعي.
   وأدتالهجرة السكانية Population migrationإلى المدن إلى تغيرات هائلة في النظم الاقتصادية والاجتماعية إذ يمكن حصر آثار الهجرة على النحو الأتي (57):
1-   تضاعف عدد سكان المدن في مدد وجيزة .
-2   تعقد مشكلات السكان والعلاقات الاجتماعية بين فئات المجتمع .
-3   انخفاض مستوى الدخل ومن ثم انخفاض المستوى ألمعاشي .
-4   انخفاض مستوى أداء الخدمات الاجتماعية والحضارية بسبب الضغط السكاني الكبير عليها .
  وبالمقابل فان الهجرة الريفية إلى المدن أدت إلى تعرية بشرية واضحة في الريف ،وهذا الأمر يتطلب إلى إعادة التخطيط التنموي والإقليمي لإعادة التوازن بين المدينة والريف باعتباره أسلوبا امثل للتنمية الإقليمية السليمة .وتعطي التقانة فيما إذا كرّست ضمن خطط التنمية في المنطقة العربية إشباع ثلاث حاجات أساسية لسكان المدن :
1- توفير السلع والخدمات المطلوبة بكميات كافية.
2- الحفاظ على أنماط التنمية القابلة للاستمرار بيئيا .
3- كفالة التوزيع العادل للمزايا أو الفوائد التي تترتب عليها تغيرات في أنماط الاستهلاك بعيدا عن الأنماط المغالية في الإسراف ،علما إن التقانة الجديدة مطلوبة بوجه عام من اجل كفالة الاستمرارية.
    وبالرغم من الإجراءات التي اتخذتها الدول العربية للحد من التركز السكاني في المدن إلا أنها لم تف بالغرض المطلوب ،الأمر الذي يدفع بالضرورة إلى تبّني قواعد وأسس جديدة لهذا الغرض ،تأتي التقانة والعلم والتنمية ثالوث لا مفر منه لغرض إجراء تغيرات في الأهداف المتعلقة باستقرار السكان من خلال نشر الاستثمار وتطور الإنتاج وزيادة الموارد بحيث تتواكب مع حاجات السكان واستغلال الموارد التي لم تستغل بعد ورفع مستوى الخدمات العامة في الريف.
ب-الرحلة إلى العمل The journey to work
  هناك رحلة يومية إلى العمل تجعل من إقليم المدينة ما يسمى بمنطقة الرحلة اليومية Commuting Zone إذ أن كثيرا ممن يعمل في المدينة ويسكن خارجها في الإقليم الريفي .ومن أسباب هذه الرحلة هو توفر فرص العمل في المدن وخاصة في النشاط الصناعي إلى جانب ارتفاع سعر الإيجار ،ويساعد في ذلك تقدم وسائط النقل والمواصلات التي وسعت من مدى الرحلة اليومية بين المدينة وإقليمها ،وكلما قربت المسافة بين السكن الريفي ومكان العمل في المدن كلما ازدادت كثافة المتنقلين نحو المدينة وتفضل المسافة التي لا تستغرق أكثر من ساعة من الوقت .
   وبشكل عام فان المنطقة المجاورة للمدينة هي أكثر المناطق في حركة سكانها اليومية إذ يخرج منها من الناحية النظرية بين 5-10 % من قوتها العاملة.
   ويقابل الرحلة اليومية الداخلة إلى المدينة رحلة أخرى خارجة من المدينة نحو إقليمها للعمل في الإقليم .وتتميز بهذه الرحلة المعاكسة المدن التي وصلت إلى مرحلة معينة من التطور .وهذه الحركة على نوعين :الأول يرتبط بالذهاب إلى العمل صباحا والعودة مساء والثاني يرتبط بالسكن .ويتمثل النوع الأول في المدن الصناعية حيث ينتقل عشرات الآلاف من السكان من الإحياء الوسطى من المدينة للعمل في المصانع التي تقع عادة في ضواحي متخصصة أو في مناطق تمتد على طول الطرق البرية والحديدية والمائية .
  وهذه الحركة تمثل إسهاما من المدينة في سبيل بث الحياة والنشاط في إقليمها .إما النوع الثاني المرتبط بالسكن فهو نتيجة رغبة سكان المدن الكبيرة في هجر قلب المدينة للعيش في الضواحي والإطراف سعيا وراء الهدوء والراحة أو طلبا للسكن في وحدات سكنية ملائمة لمدخولاتهم المتوسطة .ويتم ذلك على مراحل تنمو في كل منها حلقة تحيط بالمدينة الكبيرة تسهم في خلقها بالدرجة الأولى وسائل المواصلات الحديثة.
  وبصفة عامة يمكن القول إن هناك ثلاث سمات مميزة للعلاقات السكانية بين الحضر والريف هي :
1- تتصف المدن بان هناك تيارا عائدا من المدينة إلى الريف Back Flow يشمل الشيوخ المعتزلة ولكن أبناءهم يظلون في المدينة ويشمل حركة توسع ضواحي المدينة إلى خارج نطاقها الإداري هربا من الغلاء والفوائد ولكن هذا التيار صغير قليل الأهمية .
2- أما السمة الثانية فان الخروج الريفي يعد ظاهرة طبيعية سليمة وان انعدامه دليل على الخمول والمرض الحضاري .فان هناك مرحلة بعدها يصبح الخروج الريفي داء لا دواء حيث يؤدي إلى إقفار وإفقار الريف من القوة البشرية Rural Depopulation ويترك الأرض بورا كما حدث في مناطق عديدة من الأقطار العربية .
3- والسمة الثالثة أن الهجرة إلى المدينة انتخابية Selective  بحيث تترك في السكان غير المتجانسين في الريف خصائص ديموغرافية معينة والظاهرة العالمية أن التأثير الحضاري للمدينة يقل بالابتعادعنها ،أي أن هناك انحدارا مطردا مع المسافة من المدينة إلى الريف بصوره تعبر تماما عن قوة المدينة كعامل في تشكيل البشر في إقليمها الريفي.وينعكس ذلك على التركيب العمري للسكان حيث أن سحب العناصر البشرية يترك سكان الريف بتركيب عمري هامشي أي ترتفع فيه نسبة الصغار دون العاشرة والكبار 50 سنة فأكثر،أي أن الريف يخسر دائما فهو بعد أن يتكلف تعليم أبناءه الصغار تأخذهم المدينة بالمجان أي أن الجاذبية الانتخابية تترك الريف مثقلا بنسبة اكبر من غير المنتجين .



الجامعة المستنصرية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا