التسميات

السبت، 5 أغسطس 2017

دور جودة التعليم في الموائمة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل ...


 دور جودة التعليم في الموائمة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل

المؤتمر العربي الدولي الخامس لضمان جودة التعليم العالي

خلال الفترة 3-5 مارس 2015  

جامعة الشارقة - الإمارات العربية المتحدة, Volume: 5


دور جودة التعليم في الموائمة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل

د. رايس فضيل
كلية العلوم الإقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير
قسم العلوم الإقتصادية
جامعة العربي التبسي – تبسة- الجزائر
foudil.rais@yahoo.com
 

الملخص: ينطلق البحث من أن إهتمام الجامعة بجودة مخرجاتها لها دور كبير في التقليل من مشكلة البطالة كما يساعد ذلك على تعظيم الإستفادة من مورد هام وثمين في المجتمع وهو رأس المال البشري، ونظرا لأن مخرجات الجامعة تتعدد فمنها البحوث والإبتكارات والإكتشافات وحملة الشهادات الذين أصبحوا في الكثير من دول العالم ومنها الدول العربية عبئا على سوق العمل الأمر الذي يستدعي الإسراع في إبتكار سبل وطرائق للموائمة بين مخرجات المؤسسات الجامعية ومتطلبات سوق العمل، ومن بين النتائج التي توصل لها البحث، أن كفاءات الخريجين لاتتلائم في أغلب الأحيان مع متطلبات سوق العمل نتيجة أن السوق يطلب مؤهلات أعلى، أو لأن هذا السوق متخلف وبالتالي لا يتوفر على مايلائم الخريجين، من جهة أخرى تشير الدراسات أنه في كامل الدول العربية هناك إنفصام واضح بين السياسات المتبعة والمناهج الدراسية في الجامعات، بحيث هناك إفراط من جهة في التكوين في بعض التخصصات التي نتج عنها تضخم كبير لدى طالبي الوظائف، ومن جهة أخرى هناك تفريط يتمثل في عدم الإهتمام بتكوين العدد الكافي من الخريجين في تخصصات أخرى والتي لا يوجد مشكلة في حصولهم على وظائف بمجرد تخرجهم، ولسد هذه الفجوة تعتبر جودة التعليم بكل أبعادها مدخلا إستراتيجيا للمواءمة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل.

الكلمات المفتاحية: جودة التعليم العالي، بيئة سوق العمل، الإنتاجية، الكفاءة، المخرجات، الموائمة.


المقدمة (Introduction):
تسعى أي دولة الى الوصول الى المواءمة بين القوى العاملة المؤهلة- وخاصة خرجي الجامعات- ودرجة الحاجة إليها في سوق العمل من أجل تفادي الوقوع في ظاهرة البطالة بين المتخرجين من الجامعات، ويحتاج الأمر الى إحداث توازن بين الطلب على القوى العاملة وعرضها حسب مستواها وتخصصها التعليمي، بحيث لا نجد هناك زيادة ولا قلة في اليد العاملة المتخرجة من الجامعة، أي لا يحدث فائض في مخرجات التعليم العالي تزيد عن الطلب الموجود في سوق العمل، وبالتالي إجتناب الوقوع في بطالة المتعلمين والتي تتضمن هدرا في الموارد البشرية من خلال عدم الإنتفاع الإنتاجي منهم نتيجة عدم إستخدامهم في مختلف النشاطات الإقتصادية، ويتضمن هذا الأمر أيضا هدرا في الكلف التي تم إنفاقها في التعليم، كما قد يحصل عدم توافق بين متطلبات الأعمال ومؤهلات الخريجين فقد يكون المستوى أعلى من متطلبات العمل كما قد يكون العكس مما ينجر عنه عدم الإستخدام الأمثل للموارد البشرية المتاحة فيؤدي ذلك إلى ضعف الحوافز عن العمل وعدم الرضا الوظيفي وقصور في الأداء ويقل الإنتفاع بتعليميم، ومن هنا تبرز الأهمية الماسة لجودة مخرجات التعليم العالي من أجل تحقيق التناسب والتوافق بين عرض القوى العاملة خاصة خريجي الجامعات وبين إحتياجات سوق العمل الأمر الذي يخفض من إحتمال حدوث  بطالة المتخرجين.
الأخذ بمفهوم الجودة في مجال التعليم العالي ينعكس على نوعية هذا التعليم ومستواه كخدمة، وتطبيق مفاهيم الجودة الشاملة في هذه المجالات لا يعد فقط أمرا حتميا لمحاربة البطالة بل يمثل وقاية لتآكل رأس المال البشري للدولة لما لمستوى التعليم والتدريب من آثار فعالة على معدلات النمو الإقتصادي ولما يحقق الأخذ بمفاهيم الجودة في مجال التعليم من الإستجابة لأسواق العمل المتغيرة وإقتصاديات السوق بإعتبار أن الجودة عامل مؤثر في تطوير جانب العرض بسوق العمل، ويشمل مفهوم الجودة في مجال التعليم والتدريب ليس فقط تحسين مستوى أداء الخدمة التعليمية بل أيضا عناصر تكاليفها.
من جهة أخرى فإن حاجات سوق العمل ينبغي أن تفهم على أنها تلك الحاجات المتجددة المتطورة التي تجري في عصر سمته التحرك والتغيير السريع في بنية الأعمال وأدواتها، ومن غير الجائز أن تكون إسقاطات الإنتاج والإعداد التعليمي له مستندة إلى بنى الإنتاج وحاجاته الحالية أو حاجات قريبة المدى، ولابد من دراسات إستراتيجية طويلة الأمد تأخذ بعين الإعتبار إنقراض العديد من الوظائف وبزوغ وظائف جديدة، وتحيط علما بالتحولات الجذرية السريعة في العلم والتكنلوجيا، وعلى رأسمال ينبغي أن نوليه أهمية متزايدة.
ويعكس الواقع غياب مفاهيم الجودة عن معظم الدول العربية مما يؤدي إلى الإختلال في التوازن بين العرض من الخريجين وبين إحتياجات الطلب في أسواق العمل، وبمعنى آخر المنهج الذي يقوم على تحديد إحتياجات العملاء ووضع معدلات الأداء التي تتوافق مع هذه الإحتياجات والرقابة على العمليات التي تتضمن الوفاء بالمعدلات، فمهمة الجامعة المتمثلة في إمداد المجتمع بالبحوث والإبتكارات والخريجين المؤهلين تصطدم بواقع جد صعب لسوق العمل، وأبرز الصعوبات في هذا المجال عدم الموائمة بين الوظائف التي يوفرها سوق العمل ومؤهلات الخريجين، فالمشكلة متعددة الأبعاد فمن جهة يمكن أن يكون هناك تضخم في بعض الوظائف وندرة في المؤهلات وممكن أن يكون العكس، كما أن الجامعة يمكن أن تقدم خريجين دوي مؤهلات متطورة ولا تجد لها مكانا في سوق العمل الحالي، وكل هذه المشاكل ينجر عنها أثار سلبية للخريج وللإقتصاد ككل، فهناك أثار سلبية تلحق بالخريجين، كما يمكن أن يدفع كل ذلك إلى هجرة للأدمغة تضر كثيرا بالإقتصاد المعني.
إن وجود هذه الفجوة بين مخرجات التعليم العالي يستدعي الإهتمام أكثر بأسباب وأبعاد هذه المشكلة للوصول لأنجع الحلول وتعظيم الإستفادة من أندر وأثمن أنواع رأس المال في الإقتصاد وهو رأس المال البشري، ويعتبر الإهتمام بجودة التعليم مدخلا مهما لحل هذه المشكلة فالإهتمام بالجودة مكن المؤسسات الصناعية من التنافس والتطور، أما في قطاع التعليم العالي فالمنتظر من الجودة هو جعل التعليم جهدا مثمرا من حيث البحوث والإبتكارات ومدى إستفادة القطاع الإقتصادي منها، ومن جهة أخرى جعل الخريجين مؤهلين لشغل وظائف بمجرد إنهائهم الدراسة.
مشكلة الدراسة:
          مع تزايد الإهتمام بموضوع الجودة وتطبيقه في المؤسسات الجامعية يظهر أن كل الجهود التي تبذل خاصة في الوطن العربي مازالت منحصرة في جدران الجامعة، ولم تؤتي ثمارها في الواقع وأبرز ما يؤكد ذلك المشاكل المتفاقمة التي يعرفها سوق العمل، فالسواد الأعظم من الخريجين نادرا ما تتوافق رغباتهم مع المناصب التي يتيحها هذا السوق، مما جعل الفجوة بين أعداد الخريجين وواقع سوق العمل تتسع يوما بعد يوم والأكثر من ذلك فالفجوة في حالة الدول العربية هي فجوة هيكلية، بحيث أن القضاء على هذه المشكلة يتطلب وقتا وجهدا مضاعفا، ولعل جودة العملية التعليمية من المداخل التي ينبغي إستغلالها أحسن إستغلال، فحصول الطلبة على شهادات جامعية لا يعني أنهم مؤهلين للعمل بمجرد دخولهم سوق العمل، فهناك الكثير من العوائق التي تحول دون حصولهم على وظائف تلائم شهاداتهم ومؤهلاتهم.
تأسيسا على ما سبق تتجلى مشكلة الدراسة في السؤال التالي:
 كيف تساهم جودة التعليم العالي في تحقيق الموائمة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل؟

فرضية الدراسة:
يفترض الباحث أن جودة التعليم العالي لا تنحصر فقط في العملية التعليمية وأن من معايير الجودة خارج الجامعة نظرة سوق العمل للخريجين ومدى توافق مؤهلاتهم مع ديناميكية هذه السوق.

أهداف الدراسة:
          تسعى هذه الدراسة إلى:
- تعريف جودة التعليم العالي من منظور سوق العمل.
- أهمية وأهداف تحسين الجودة في التعليم العالي.
- مدى مواكبة الجامعات لسرعة إقتصاد المعرفة.
- المشاكل التي يعرفها سوق العمل والتي تحول دون توظيف حملة الشهادات الجامعية.
- أهمية تعميق الشراكة مع القطاع الخاص للإستفادة من مخرجات الجامعة ودور الجودة في هذا المجال.
- تقديم مقترحات قصد تقليص الفجوة الموجودة في سوق العمل بين الإحتياجات المطلوبة ومؤهلات الخريجين وموقع الجودة ضمن سياسات التعليم والتوظيف.
1- تحديات ومشكلات قطاع التعليم العالي في الدول العربية:
يواجه التعليم الجامعي في الدول العربية العديد من التحديات والمشكلات التي تحول دون تحقيق أهدافه ومن أبرز هذه المعوقات والمشكلات هي:[1]
·         ازدياد أعداد الطلبة المقبولين في الجامعات.
·         التزايد الكمي في الجامعات على حساب المستوى الكيفي مما أدى الى تدني جودة التعليم الجامعي.
·         بروز الجامعات الأهلية التي تهدف الى الربحية في أهدافها مما يؤدي الى فقدان الاداءالنوعي في عمليات التعليم.
·         عدم تأهيل وتدريب الكادر الأكاديمي والفني والطلبة في رسم السياسة العامة للتعليم الجامعي.
·         تعقيد الأنظمة والقوانين والتعليمات مما يؤدي الى عرقلة الأمور الأدارية والتعليمية.
·         فرص العمل للخريجين محدودة بعد تخرجهم.
·         مركزية اتخاذ القرارات وانعدام مشاركة من تهمه العملية التعليمية في اتخاذ القرارات.
·         ضعف الأداء التدريسي لأعضاء هيئة التدريس ومساعديهم.
·         عدم تغيير الإدارات بصورة مستمرة لإفساح المجال للطاقات المختلفة لإثبات قدراتها والتخلص من البيروقراطية والروتين والفساد الأداري.
·         تدني مستوى البحث العلمي .
وفي ضوء ماسبق وفي ظل الإقبال المتزايد على التعليم الجامعي وانسجاما مع الأصوات التي تنادي بضرورة تطوير هذا التعليم والوصول به الى مستويات نوعية أفضل، ينبغي أن يتم تطبيق معايير الجودة في مؤسسات التعليم العالي للمحافظة على الأداء النوعي والمتميز لهذه المؤسسات.
ولمواكبة التطورات العلمية والمعرفية، مما يدعو الجامعات لإعادة النظر في العملية التربوية والتعليمية (مدخلات، وعمليات، ومخرجات ) من أجل رفع كفاءة التعليم وتجويد مكوناته وتجسيد البعد النوعي لعناصر النظام التعليمي في الجامعات.
2- مفهوم جودة التعليم العالي من منظور بيئة سوق العمل:
تعرف الجودة في التعليم العالي بأنها " فلسفة شاملة للحياة والعمل في المؤسسات التعليمية، تحدد أسلوبا في الممارسة الإدارية بهدف الوصول إلى التحسين المستمر لعمليات التعليم والتعلم وتطوير مخرجات التعليم على أساس العمل الجماعي، بما يضمن رضا الأساتذة والطلبة وأولياء الأمور وسوق العمل"[2].
ويعرفها البعض بأنها "ترجمة إحتياجات وتوقعات مستخدمي خريجي الجامعة كمخرجات لنظام التعليم في كل كلية إلى خصائص ومعايير محددة في الخريج تكون أساسا لتصميم وتنفيذ برامج التعليم مع التطوير المستمر لها"[3].
وتعرف أيضا بأنها "طريقة حياة جديدة داخل الجامعات أو الكليات، تنظر إلى التنظيم الجامعي على أنه سلسلة جودة مستمرة تبدأ من المنتج إلى المستهلك، مارة بعمليات الإنتاج نفسها، وهي شاملة لأنها تشمل كل جوانب العملية التعليمية"[4].
          وفيما يتعلق بالجودة الشاملة يمكن القول بأنها فلسفة شاملة للحياة والعمل في المؤسسات التعليمية، فهي تحدد أسلوب الممارسة الإدارية بهدف الوصول إلى التحسين المستمر لعمليات التعليم وتطوير مخرجات التعليم على أساس العمل الجماعي بما يضمن رضا المدرسين والطلبة وأولياء الأمور وسوق العمل.
وفي ضوء ما تقدم يمكن إستخلاص أن الجودة هي أداة الإدارة التي تهدف من خلالها إلى تأكيد الجودة وشموليتها من خلال:[5]
-        مقابلة توقعات جميع الزبائن في النظام التعليمي.
-        تأكيد الجودة لضمان التوافق مع المواصفات والمعايير الموضوعة من قبل الزبائن.
-        التأكيد على وجود وسائل لقياس الأداء والحصول على التغذية العكسية.
الجدول الموالي يوضح الهيئات القائمة عن الجودة في بعض الجامعات العربية ومدى الإهتمام بمتطلبات سوق العمل ضمن إهتمامات الجودة لكل جامعة:
جدول رقم (01): أمثلة عن هيئات الجودة في بعض الجامعات العربية
الدولة
الجامعة
الهيئة المسؤولة عن الجودة
مهام هيئة الجودة
المملكة العربية السعودية
الملك فيصل
عمادة ضمان الجودة والإعتماد الأكاديمي
مهام عمادة ضمان الجودة والإعتماد الأكاديمي: الريادة في وضع معايير الجودة العالية، وتعزيز جودة البرامج الأكاديمية والخدمية والإدارية وفقاً للمعايير الدولية، والتأهب للاعتماد المحلي والإقليمي والدولي وكسب ثقة المستفيدين في المجتمع.
الإمارات العربية المتحدة
الإماارت العربية المتحدة
مكتب ضمان الجودة الأكاديمي
مهام مكتب ضمان الجودة الأكاديمي: يحدد ويخطط وينفذ مقاييس لتحسين البرامج الأكاديمية وممارسات التعليم والموارد، ويهدف باستمرار إلى رفع معايير إنجازات الطلاب، كما يعمل على تحسين المعايير الأكاديمية لإضافة قيمة إلى خريجي جامعة الإمارات من خلال تقديم دليل على إنجازاتهم، ويعمل على تنمية سمعة الجامعة كجامعة ملتزمة بالتحسين المستمر والتوقعات العالية.
مصر
القاهرة
مركز ضمان الجودة والإعتماد
المساهمة في وضع جامعة القاهرة على الخريطة الدولية للجامعات المتقدمة ذات الهوية العلمية المتميزة بما يضمن الاعتراف الدولي بها، وبحيث تكون قادرة على إنتاج خريج متميز قادر على المنافسة في أسواق العمل المحلية والإقليمية والدولية، وأن يسهم البحث العلمي بها في حل مشاكل المجتمع القومية وأن يقوم علماؤها البارزون بدور فعال في تطوير العلوم واستكشافاته واستحداث نظرياته.
مصر
الإسكندرية
مركز ضمان الجودة
تهيئة جامعة الإسكندرية للوفاء بمتطلبات ومعايير الهيئة القومية لضمان الجودة والاعتماد، ونشر ثقافة الجودة، وقيادة عملية التحسين المستمر للأداء المؤسسي والأكاديمي، وكسب ثقة المجتمع في الخريجين وفقاً لمعايير عالمية يرضى عنها المجتمع لجودة الأداء، ومتابعة الخطط التنفيذية لإست ا رتيجية الجامعة لضمان الجودة.
من خلال ما ورد في الجدول تظهر الأهمية التي توليها هذه الجامعات للعلاقة بين جودة التعليم ومتطلبات سوق العمل، وبالتالي فدخول الخريجين لسوق العمل وتوائمهم مع هذا السوق دليل على جودة تعليمهم في المؤسسات الجامعية.
3- أهمية الجودة في التعليم العالي:
ينبع الإهتمام بالجودة في التعليم العالي في كثير من الدول من علاقات الترابط بين مؤسسات التعليم العالي وبقية القطاعات في المجتمع ولعل منها:[6]
-        الحكومة التي تعتبر المسؤولة في الغالب على الإنفاق على التعليم.
-        المواطنون دافعوا الضرائب للدولة.
-        القائمون على توظيف خريجي الجامعات سواءا من القطاع الخاص او من القطاع العام.
-        الطلاب وأولياء الأمور.
-        أعضاء هيئة التدريس والقائمون على إدارة الجامعة.
وتكمن دواعي الإهتمام بالجودة في التعليم بصفة عامة والتعليم العالي بصفة خاصة فيمايلي:[7]
-        يعتبر منتج المؤسسة التعليمية أغلى وأندر منتج في أي مجتمع من المجتمعات، وذلك لأن نجاح المنظمات غير التعليمية في تحقيق أهدافها لا يمكن أن يتأتى إلا بعد نجاح النظم التعليمية في حسن إعداد وتأهيل أفراد المجتمع تأهيلا جيدا، ولذا فإن تقدم المجتمع يتوقف بدرجة كبيرة على مدى جودة المنتج التعليمي فيه.
-        التعليم الجامعي يستأثر بقدر كبير من ميزانية الدول لأنه على رأس قائمة الأنشطة الإجتماعية المهمة مثل التعليم الأساسي والثانوي، والرعاية الصحية، والأمن الإجتماعي، فيكون الإهتمام بجودة مؤسسات التعليم الجامعي لتعظيم العائد من وراء هذا الإنفاق.
-        العديد من الدول النامية حملت على عاتقها التوسع الضخم في التعليم، والنظر إليه على أنه العامل الأساسي للتنمية الإقتصادية والإجتماعية وتحقيق المساواة والعدالة وقد صاحب ذلك في بعض الأحيان التضحية ببعض شروط الجودة في التعليم مما أدى إلى ضعف إعداد العديد من الخريجين للحياة والعمل.
-        التغيرات المتصاعدة في القيم والمعايير وسواها من المتغيرات التي ألقت على عاتق الجامعة مسؤولية الحفاظ على الهوية الثقافية والقومية، وإكساب طلابها نوعا من التفكير والمعرفة يمكنهم من التكيف والتأقلم السريع مع كل تحول وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا في ظل تعليم جامعي تتوافر فيه معايير الجودة.
-        التغيرات الإقتصادية المصاحبة للإنفجار العلمي والتكنلوجي، حيث أثرت هذه التغيرات في تركيبة العمالة، فقل الطلب على الوظائف التي تتطلب جهدا جسديا، وزاد الطلب على المتخصصين الماهرين والذين يجيدون إنجاز أعمال مرتفعة التعقيد، فضلا عن تمكنهم من إستيعاب التكنلوجيا السريعة، ولذا كان على المؤسسات التعليمية أن تراجع جودة ما تقدمه حتى يؤدي إلى إعداد خريجين على درجة عالية من الجودة تمكنهم من إستيعاب تكنلوجيا العصر شديدة التعقيد وسريعة التغير.
-        زيادة التحرك الدولي للطلاب، مع نمو تدويل الأسواق العالمية، أدى ذلك للتأكيد على المعايير والجودة، والتركيز أكثر على المؤهلات، ويظهر ذلك بوضوح في الدول النشطة في تصدير التعليم، كما هو الحال في نيوزيلاندا وماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا وأستراليا، حيث تحاول هذه الدول تحسين جودة تعليمها الجامعي بهدف تصديره، وذلك بجذب المزيد من الطلاب الأجانب من الدول الأخرى والذين يدفعون نفقات تعليمهم.
-        ضعف جدوى إصلاح هياكل النظم التعليمية دون إصلاح العملية التعليمية ذاتها مما أدى إلى وصول أعداد كبيرة من الطلاب إلى نهاية تعليمهم بمستويات تحصيلية منخفضة بشكل واضح، وبدون حماس للتعليم، وكان هذا سببا في زيادة الإهتمام بمتغيرات الجودة على مستوى المؤسسات التعليمية وطرائق التدريس وغيرها من الأمور الدقيقة التي بدونها تفقد الإصلاحات البنيوية جدواها وربما تصبح ضارة.
-        القصور التعليمي المتمثل في الإستثمار دون عائد مرضي نظرا لأن المخرجات لا تلقى الطلب الفعال في أسواق العمل، وكذلك إرتفاع معدلات البطالة وإرتفاع تكلفة التعليم، والخلل في الأدوار التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى المناداة بأهمية الجودة ودورها في تفعيل مخرجات التعليم لتلبية إحتياجات سوق العمل من خلال تحسين مدخلات التعليم وعملياته.
4- أهداف تحسين جودة التعليم العالي:
إن الهدف الأساسي من تطبيق عملية تحسين الجودة في أي مؤسسة تعليمية "الجامعات" هو تطوير جودة الأداء والخدمات مع خفض تكاليف الوقت والجهد الضائعين لتحسين الخدمة المقدمة للطلاب وكسب رضاهم ويشمل هذا الهدف على الفوائد التالية:
  • خفض التكاليف: إن الجودة تتطلب عمل الأشياء الصحيحة بالطريقة الصحيحة من أول مرة، ويعني هذا تقليل الأشياء التالفة، أوإعادة إنجازها وبالتالي تقليل التكاليف.
  • تقليل الوقت: فالإجراءات التي وضعت من قبل المؤسسات التعليمية لإنجاز العمل للطلاب قد ركزت على تحقيق الأهداف ومراقبتها، وبالتالي يتم تقليل الوقت اللازم لانجاز الأعمال.
  • تحقيق الجودة:  وذلك بتطوير المنتجات والخدمات حسب رغبة الطلاب، حيث إن عدم الإهتمام بالجودة يؤدي إلى زيادة الوقت في أداء وإنجاز المهام وزيادة أعمال المراقبة، وبالتالي زيادة شكاوى الطلاب من هذ الخدمات.
  • زيادة الكفاء:  وذلك عن طريق التعاون بين الإدارات وتشجيع العمل الجماعي.
  • تعليم الإدارة والعاملين كيفية تحديد وترتيب وتحليل المشاكل وتجزئتها إلى أجزاء أصغر حتى يمكن السيطرة عليها.
  • تقليل المهام عديمة الفائدة ومنها العمل المتكرر.
  • تحقيق الثقة في أداء العاملين لعملهم.
  • الطلاب وأولياء الأمور: يمكن أن يكون الطلاب وأولياء الأمور مصدراً عن القيمة لأفكار تحسين الجودة عن طريق الاقتراحات أو الشكاوى المرسلة، وبالتالي فإن التحليل المتأني لتلك الاقتراحات أو الشكاوى يمكن أن يوجه نظرنا ويعلمنا كيفية استقبال الطلاب لشكل الجودة وما هي المتغيرات المطلوبة في نوعية الخريج.
  • العاملون: يمكن أن يكون العاملون مصدراً لإعطاء اقتراحات التحسين في كل من الإعداد والتقيد، ولكن في الحقيقة تقوم بعض المؤسسات بأخذ رأي العاملين بكل جدية، بينما تقوم مؤسسات أخرى بإهمال أراء العاملين وتجاهلهما، ربما تكون حلقات الجودة واحدة من صور الاستجابة لاقتراحات التطوير مما يزيد من إحساس العاملين بانتمائهم لمؤسساتهم.
  • القيم المشتركة: إن الغرض الرئيسي من ذلك هو إيجاد ثقافة تنظيمية جديدة تقدر جودة الخدمة، وهذا يعني أنه يجب علينا أن ندرس الثقافة ونحدد نظام القيم السائدة ونستبدلها بثقافة وقائية لتتلاءم مع التطوير المستمر.
إن الغرض من برنامج تحسين الجودة هو التقييم والتأكيد والتحسين لجودة رعاية الطلاب، وبرنامج تحسين الجودة يبرز أوجه الضعف في العمليات وتحسين المحتوى، حيث تكون الخدمة أفضل للمجتمع عند استخدام مصادر أكثر كفاءة.
5- الإنتاجية والكفاءة في قطاع التعليم العالي:
          زاد الإهتمام – مؤخراً -  بإستخدام المفاهيم الاقتصادية في الدراسات والبحوث بحقل التعليم عموماً والتعليم العالي بشكل خاص، وذلك تبعاً لتزايد وتنامي البعد الاقتصادي في التعليم العالي وإعتباره إستثماراً بشرياً ضرورياَ لضمان نجاح تحقيق أهداف التنمية، وبلوغ النمو الكمي والنوعي المرغوب، ومن بين المفاهيم الإقتصادية التي تعبر عن مدى الإهتمام بالبعد الإقتصادي للتعليم، مفهومي الإنتاجية والكفاءة، حيث تعرف الإنتاجية في الإقتصاد بأنها معدل ما يمكن الحصول عليه من الإنتاج على معدل ما يصرف للحصول على هذا الإنتاج،  ويأخذ هذا المعدل صيغة تناسب بين مجموع المخرجات التي يتم الحصول عليها من سلع وغيرها ومجموع المدخلات التي يتم إدخالها في سبيل إنتاج هذه السلع من عمل وآلات ومواد أولية[8].
وإرتباطاً بالتعليم ورد بأنها تعني " دراسة العلاقة بين المدخلات والمخرجات التعليمية، بحيث تعبر عن نسبة المدخلات إلى المخرجات، وتشمل المدخلات التعليمية كل العناصر الداخلة في التعليم من مبان ومعدات وأدوات ومدرسين وإدارة وطلبة وبرامج، كما تشمل المخرجات الطلاب الناجحين والنمو المهني، أما الكفاءة التعليمية، فتعني " مدى قدرة النظام التعليمي على تحقيق الأهداف المنشودة منه بأقل هدر، كما أنها تعني ... " الحصول على أكبر قدر ممكن من المخرجات بإستخدام أدني قدر من المدخلات[9]، وتتجلى العلاقة بين الإنتاجية والكفاءة، في كون الإنتاجية تعنى مقدار الوحده من المخرجات بالنسبة للوحدة من المدخلات، بينما الكفاءة ترتبط بدرجة الإستخدام الأمثل للإمكانيات المتاحة (المدخلات بأقل كلفة ممكنة ) للحصول على أكبر قدر من المخرجات، فالإرتباط بين الإنتاجية التعليمية والكفاءة التعليمية يكمن في كون الإنتاجية محصلة للكفاءة، ومن ثم فهي دالة فيها، وعموماً كلاهما يرتبطان بالبعد الإقتصادي في التعليم، الذي يهدف الحصول على أكبر عائد تعليمي بأدنى جهد وأقصر وقت وأقل كلفة، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن علماء إقتصاديات التعليم إجتهدوا في تصنيف الكفاءة التعليمية إلى نوعين أساسين يتفرع من كل منها نوعين ثانويين . وذلك على النحو التالي:[10]
- الكفاءة الداخلية: يعبر عنها بالعلاقة بين مدخلات ومخرجات النظام، بمعنى " العمليات والنشاطات الداخلية للنظام التعليمي وقدرته على القيام بالأدوار المتوقعة منه وحسن تصريفها وتكاملها والمتمثلة أساساً في الإحتفاظ بمدخلاته من الطلاب والإنتقال بهم من صف دراسي الى آخر دون تسرب أو رسوب، وعليه فإن الكفاءة الداخلية ( الكمية ) للنظام التعليمي، تعني مدى قدرة النظام على إنتاج اكبر عدد من الخريجين مقابل العدد الكلي من الطلاب الداخلين في النظام. ( أي عن نسبة المخرجات إلى المدخلات ) وتكون نسبة هذه الكفاءة 100% إذا تخرج الطلاب الذين التحقوا في نفس السنة الدراسية بنجاح في مدة الحد الادنى لعدد سنوات الدراسة. لذا تعبر مؤشرات الكفاءة الداخلية الكمية المرتفعة عن تحسن الإنتاجية التعليمية، وتخفيض نسبة الرسوب والتسرب وتقليل الكلفة، بينما الكفاءة الداخلية ( النوعية ) للنظام تركز على نوعية المخرجات وتعبر عن تطابق نوع المخرجات للمواصفات الموضوعة لها، أي أنها تشير إلى قدرة النظام التعليمي على إنتاج خريج ذي مواصفات يفي بالغرض المعد له، فالأنظمة التعليمية الحديثة لا تحصر إهتمامها في تخريج أعداد معينة من الطلاب ولكن يمتد ذلك إلى توفير نوعية جيدة من الخريجين.
-  الكفاءة الخارجية: يقصد بها قدرة النظام على تحقيق أهداف المجتمع الخارجي الذي وجد النظام من أجل خدمته، ويراها آخرون بأنها " مدى ملاءمة التأهيل العلمي ونتائج الخبرة العلمية والنواحي الشخصية التي إكتسبها الفرد من خلال دراسته لمتطلبات العمل المسند إليه في الحياة العملية ... بالإضافة إلى إكتسابه مزيجاً من الإتجاهات الإنسانية والعلمية التي تساعد في تجديد ومواجهة مشكلات مجتمعه، وينظر إلى الكفاءة الخارجية من المنظور الكمي بأنها .... " مدى تلبية النظام التعليمي لحاجات المجتمع، ومدى توازن أعداد الخريجين مع الأعداد المطلوبة لسوق العمل، بينما ينظر إليها من المنظور النوعي بأنها تعبر عن مدى إعداد وتأهيل الطلاب للقيام بأدوارهم المستقبلية في المجتمع.
6-    مواصفات مخرجات التعليم العالي الملائمة لإقتصاد المعرفة:
نظرا لكون الجامعة طرفا إجتماعيا فاعلا ينتظر منها أن تسهم بفعالية في تطوير المجتمع، فتكوين الطلبة لحصولهم على الشهادات يعتبر إنجازا بالنسبة للجامعات، إلا أن المشكلة أكبر من ذلك فلييست الشهادة فقط معيار على مساهمة الخريج في الحياة العملية، فنظرا للكم الهائل من الطلبة الذين يدخلون سنويا للجامعات ويتخرج كم كبير أيضا منهم، ورغم تعدد التخصصات التي توفرها الجامعات لطلبتها، تبقى هناك مشكلة وهي: لماذا الحديث دائما عن بطالة الخريجين؟ رغم أن التكوين في التعليم العالي يعتبر درجة راقية للمجتمع مقارنة بالتكوين والتدريب المهني، هذا الأخير يساعد كثيرا الشباب في إيجاد فرص للتوظيف مقارنة بالتعليم العالي، المشكلة المطروحة معقدة ومتشابكة الأبعاد والأطراف ويستلزم الأمر الإسراع في إيجاد حلول لها، فمن جهة الجامعة يتعلق الأمرب:
-        التخصصات المتوفرة.
-        جودة التعليم في هذه التخصصات ويتعلق ذلك ب: جودة البرامج التدريسية، جودة الهيئة التدريسية، جودة الهياكل والإمكانات المادية للجامعة.
-        جودة العلاقات الخارجية للجامعة: المساههمة في تنمية وتطوير المجتمع، الإنفتاح على التطور التكنلوجي والمعرفي، مواكبة سوق العمل ومدى الإحساس بالمسؤولية حول مصير الخريجين الذين لا يجدون مناصب شغل.
بالنسبة للنقطة الأخيرة يتطلب الأمر من المؤسسات الجامعية أن تعي أنها حلقة ضرورية ومهمة وفعالة في التوظيف، وفي عالم اليوم نجد أن مصدر التكنلوجيا الحديثة عادة ما يكون مخابر البحث في الجامعات، أو هم أساتذة الجامعة وفر لهم القطاع الخاص إمكانيات للإبتكار والإبداع التكنلوجي، فكما يكون هناك إبتكار لتطوير التصنيع والزراعة وغزو الفضاء، لا بد أن يكون هناك إبتكار موازي يهتم بالإنسان وكيفية ضمان منصب شغل له، وعلى الرغم أنه من سلبيات التكنلوجيا أنها تقضي على العمالة التقليدية، وتستبدلها بتطور الألات، إلا أن هذا يجب إعتباره حافزا على التعليم ولكن بجودة عالية.
في العالم النامي والدول العربية بالخصوص تتسع الفرص للإستفادة من إقتصاد المعرفة، ولولوج والإستفادة من هذا النوع من الأنشطة يجب أن تكون الجامعة حاضرة بكل إمكاناتها المادية والبشرية، فلا يمكن تطوير التعليم بدون تطور في القطاعات الأخرى من الإقتصاد ( الصناعة، الزراعة، العلوم، الفلك والفيزياء....)، فإقتصاد المعرفة يقوم على المعرفة والمعلومة، وبوجود الجامعة كحلقة وصل مع القطاع الصناعي مثلا يجب ضمان وجود التغذية العكسية.
من الضروري بالنسبة للجامعات أن تهتم بالتخطيط الإستراتيجي لأنشطتها، وذلك بتوضح رؤيتها، ورسالتها، وتشخيص بيئتها الداخلية والخارجية، والمفاضلة بين البدائل المتاحة أمامها للوصول لأفضل بديل، ففيما يتعلق بجودة التعليم المطلوبة لولوج ومواكبة إقتصاد المعرفة يتطلب الأمر دراسة عميقة لإحتياجات المجتمع والسعي لتلبيتها بحيث تكون الجامعة طرفا يقرر ويأخذ ويعطي، فعلى سبيل المثال يجب وضع مخطط للقبول وتوزيع الطلبة على التخصصات المتوفرة، يأخذ بعين الإعتبار أفاق تطور القطاعات الإقتصادية الموجودة والمحتملة، ولا يكون ذلك إلا بإتباع سياسات وإستراتيجيات قطاعية على الأقل، بالإضافة لذلك يجب على الجامعة تعظيم الإستفادة من خريجيها عن طريق توفير مناصب عمل للأوائل مثلا، جعل المخابر مفتوحة لحملة الشهادات الذين ثبتت كفاءتهم أثناء مسارهم الدراسي والإستفادة من أبحاثهم، ضرورة مواكبة التطورات في العالم الخارجي وذلك بعقد إتفاقيات تعاون وبحث مع الأطراف الخارجية خاصة القطاع الصناعي.
عموما فإن إقتصاد المعرفة يبدأ من الجامعة ولكي تكون الجامعة رائدة في هذا المجال يستلزم الأمر الإنفتاح والإهتمام بجودة التعليم، ويجب البحث عن أليات تضمن إستمرا التغذية العكسية بين الجامعة والمحيط الخارجي وخاصة سوق العمل وذلك للحصول على معلومات متعلقة أساسا ب:
·      نوعية العمالة المطلوبة،
·      التكنلوجيا السائدة وأفاق تطويرها،
·      الفرص المتاحة للجامعة لعرض وتوظيف البحوث والإبتكارات المخبرية،
·      ضرورة الإستفادة من خريجيها الذين يشغلون مناصب تعتبر مفتاحا للمعرفة والإبتكار.
وعموما فإن متابعة الجامعة للتطورات المحيطة بها يدفعها لتوفير خريجين بمواصفات تخولهم المنافسة في مجتمع المعرفة وأهم هذه المواصفات موضحة في الشكل الموالي:
شكل رقم (01): كفايات الخريج 
شكل بيضوي: الكفايات الشخصيةشكل بيضوي: الخريج المرتقبشكل بيضوي: الكفايات الأكاديميةشكل بيضوي: كفايات التواصل والإتصالشكل بيضوي: الكفايات المهنيةشكل بيضوي: الكفايات الثقافية               






المصدر: إيهاب عبد الرزاق حسين الحيالي، ضمان جودة مخرجات التعليم العالي من أجل تلبية إحتياجات سوق العمل، المؤتمر العربي الثالث لضمان جودة التعليم العالي، جامعة الزيتونة، الأردن، 2013.
بالنسبة للكفايات المهنية تتعلق بالتناسب بين الوظيفة والإختصاص، ومدى الإستفادة من الإعداد الأكاديمي الجامعي في ممارسة المهنة، أما فيما يتعلق بالكفايات الأكاديمية فترتبط بالمعرفة الواسعة في مجال التخصص- الإطلاع على التطورات العلمية الحديثة، الإطلاع على الدراسات والأبحاث العلمية الحديثة، التمكن اللازم من تكنلوجيا الحاسوب واللغة الأم واللغات الأجنبية، بالنسبة للكفايات الثقافية تتعلق بالمشاركة في الندوات والإجتمعات الثقافية، الإهتمام بما تنشره وسائل الإعلام محليا وعالميا، كفايات الإتصال والتواصل تتعلق بالقدرة على التواصل مع الأخرين بشتى الوسائل الحديثة بما في ذلك مهارات النقاش والحوار، أما فيما يتعلق بالكفايات الشخصية فتتعلق بالتعاون والعمل بشكل فعال ضمن فريق العمل، والقدرة على إدارة الوقت، القدرة على معالجة المشكلات بسرعة، القدرة على إبداء أفكار مبتكرة ........[11]
7-    خصائص ومتطلبات سوق العمل وضرورة تحسين جودة خريجي الجامعات:
يشهد سوق العمل تحولات وتغيرات هيكلية عميقة مما جعل الفجوة بين مخرجات التعليم العالي وإحتياجات هذا السوق تتسع، فالتطورات السريعة التي يعرفها الإقتصاد نتيجة التطور التكنلوجي والمنافسة بين شركات الأعمال أثرت بشدة على شكل وسلوك العرض والطلب في هذا السوق، فالتطور التكنلوجي بقدر ما ساهم في تحسين وتطوير الإنتاج كما ونوعا، سبب مشكلة في تراجع فرص العمل خاصة أمام الوافدين لأول مرة لهذا السوق وهم بالأساس خريجي الجامعات، فسوق العمل عرف تحولات لا يمكن للمؤسسات الجامعية التغافل عنها ومن هذه التحولات مايلي:[12]
-        تطور تقنيات وأساليب التكنلوجيا.
-        تطور نظم الإدارة والتسويق والتخطيط والجودة.
-        التطور التقني في مجال المعلومات والإتصالات وتأثيراتها على بيئة العمل.
-        تزايد متسارع وتنوع واسع وكبير في الأنشطة والمنتجات السلعية والخدمية.
-        التراجع في دعم وإدارة أنشطة القطاع الخاص.
-        التحولات المؤسسية والهيكلية الكبيرة في فكر القيادة والإدارة.
-        إنفتاح الأسواق وكسر القيود المفروضة على حرية التجارة وتبادل السلع والخدمات.
فنواتج الأنظمة التعليمية لا تستجيب على النحو المناسب لطلب سوق العمل وأصحاب المشروعات الصناعية لأن النظام التعليمي القائم لا يزود الطلاب بما يكفي من المهارات التي يتطلبها أرباب العمل (الخاص والحكومي) إذ يتزايد الطلب على الأيدي العاملة ذات المهارات العالية والفنية وهذا يخفف الطلب على المتخرجين الشباب فيؤدي الى إرتفاع معدل البطالة ويحبط عزيمة الشباب المتعلمين ويزيد إنخفاض نوعية التعليم والتدريب غير الملائم من صعوبة حصول الوافدين الجدد على العمل المنتج .
ونتيجة لذلك يسجل فائض في المعروض من الخريجين الباحثين عن عمل المفتقرين الى الخبرة وفائض في الطلب على العمل ذوي الخبرة العالية ويمثل هذا الإتجاه تحديا هيكليا خطيرا للحكومة والقطاع الخاص مما يتطلب المبادرة الى الإلتزام  بتحسين التدريب الفني والمهني فالحاجة القائمة الى تكثيف العمل من أجل تحسين نوعية التعلم وتزويد الطلبة بالمزيد من المؤهلالات الفنية ولاسيما مهارات تكنولوجية المعلومات.
للتغلب على العوائق التي تحول بين الخريجين وحصولهم على مناصب شغل ينبغي جمع وتحديث ونشر معلومات عن متطلبات المهارات حاضرا ومستقبلا وترجمة هذه المعلومات إلى تزويد فوري بالمهارات والكفاءات المهنية والمتعلقة بإقامة المشاريع، ولا بد من وضع المعلومات وتقديمها إلى صناع القرار في جميع مراحل عمليات التغيير هذه، والمعلومات الرامية إلى تحسين الربط بين عرض المهارات والطلب عليها تحسن فعالية أسواق العمل، والمعلومات المتاحة والموثوق بها فيما يتعلق بالمهارات التي ستصبح لازمة وقيّمة وتلك التي يتعلمها العمال والشباب فعلاً تحد من أوجه إنعدام اليقين التي تحافظ بدورها على حوافز الإستثمار في التكنولوجيات والمهارات الجديدة على حد سواء والقيام على نحو مبكر بتحديد المهارات التي ستكون مطلوبة في القطاعات التي ستنمو أمر لا غنى عنه أي يتسنى لأصحاب العمل وللعمال إتخاذ قرارات سياسية واعية والقيام بخيارات إستثمارية رشيدة،  ولا بد من أن تستند إستراتيجيات التنمية وسياسات المهارات الوطنية إلى بيانات مصنفة بحسب نوع التخصصات بغية رصد التحيز على أساس هذه الخاصية  في التعليم والعمالة والتغلب عليه.
في المملكة المتحدة على سبيل المثال لاحظ أصحاب العمل أن العديد من طالبي العمل تنقصهم بعض مهارات العمل الأساسية، بما في ذلك مهارات التواصل والعلاقات مع الزبائن والعمل ضمن فريق وتسوية المشاكل، وأيضاً مهارات الكتابة والقراءة والحساب والمعلومات العامة والتكنولوجيا، وهو ما يعرقل عملية التوظيف ويلحق بالمنشآت خسارة في الإنتاجية المحتملة.[13]
تدعو الضرورة إلى العمل على زيادة التواصل بين قطاعات التعليم وقطاعات الأعمال والإنتاج حتى يتمكن رجال الأعمال من الإطلاع على المناهج التي تدرس في قطاع التعليم العالي وذلك في التخصصات التي تهم رجال الأعمال، وكذلك تمكين الأساتذة بالجامعات والطلاب من الإطلاع على التقنيات المستخدمة في المؤسسات الإنتاجية، مما يعطي الفرصة للجامعات في إمكانية تعديل مناهج الدراسة، وإضافة تخصصات مستحدثة تلائم متطلبات القطاعات الإنتاجية، وبالتالي تحقيق الترابط المنشود بين الجامعات والقطاعات الإنتاجية للمجتمع.[14]
8- أسباب ضعف موائمة مخرجات التعليم العالي لمتطلبات سوق العمل:
          يعبر مصطلح موائمة مخرجات التعليم العالي لمتطلبات سوق العمل عن مدى إنسجام مخرجات التعليم العالي مع متطلبات سوق العمل المتغير بشكل يعزز رسالة التعليم العالي ويعظم من قدرته على مواجهة التغير الحاصل في السوق والتنبؤ به قبل حدوثه، وتوفير التسهيلات من كفاءات وخبرات وقدرات الملائمة لمتطلباته، وتنمية الوعي لدى قطاع الأعمال ومؤسساته حول أهمية أن الخريج المنتظر والمجتمع محورا لنشاطه الإقتصادي وليس مجرد الكسب المادي[15].
يظهر من التوضيح أعلاه أن قضية الموائمة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل ضرورة ملحة في الوقت الحالي، بعدما كانت قضية ثانوية في هذا المجال، وتزيد أهمية هذه المسألة في ظل التغيرات والتحولات التي عرفها عالم الشغل في السنوات الأخيرة وترجع الدراسات والأبحاث ضعف الموائمة ما بين مخرجات التعليم العالي وإحتياجات سوق العمل إلى الأسباب التالية:[16]
-      إنخفاض الكفاءة النوعية لمؤسسات التعليم العالي التي من مؤشراتها (تدني التحصيل المعرفي والتأهيل التخصصي، وضعف القدرات التحليلية والإبتكارية، والتطبيقية، والقصور في تعزيز القيم والإتجاهات الإنتاجية).
-      إنخفاض الكفاءة الخارجية الكمية والنوعية ويتمثل ذلك في تخريج أعدادا من الخريجين في تخصصات لا يحتاجها سوق العمل مع وجود عجز وطلب في تخصصات أخرى.
بالإضافة إلى ماسبق هناك العديد من الأسباب الرئيسية تساهم في نقص المهارات ما يلي:[17]
-        زيادة أهمية وتأثير المعلومات والمعرفة والثقافة والوعي والقدرات التنافسية في الأسواق مقابل توسع الفجوة المعرفية والمعلوماتية والتقنية في المجتمع.
-        تزايد حاجة بيئة العمل المعاصرة إلى معيار الكفاءة والمهارة والإبداع في التوظيف.
-        تطور نظم الإدارة والتسويق والجودة.
-        تركز الفرص الوظيفية في سوق العمل على الأعمال التي لا يدخل التعليم ضمن متطلبات الوظيفة أو التي لا تتطلب أكثر من الحد الأدنى من التعليم الأساسي والثانوي.
-        قصور الفكر الإداري والثقافة المؤسسية في فهم وهيكلة الوظائف والمهن القائمة حاليا وتصنيفهاتها العلمية والمهارية والسلوكية اللازمة للإرتقاء بالأداء.
-        عدم وجود تصنيفات مهنية وعلمية دقيقة تنظم توجه عملية التشغيل والتوظيف وفق المعايير والشروط المواكبة للمتغيرات.
-        ضعف قدرة النظام التعليمي في الإستجابة السريعة والمواكبة للمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية المؤثرة سلبا وإيجابا على سوق العمل.
-        إغفال البعد الإقتصادي والتنموي في تخطيط التعليم وفق طبيعة وإحتياجات سوق العمل.
-        إختلال بنية ونظم التعليم بشكل يؤدي إلى إضعاف أهمية مخرجات التعليم في تطوير سوق العمل.
-        ضعف كفاءة المناهج التعليمية من حيث مواكبة التطورات المستمرة والتركيز على التخصص والتمكين العلمي السليم للطالب والإهتمام بالبعد التطبيقي والبحثي.
-        ضعف الكفاءة الداخلية والخارجية في مؤسسات التعليم وضعف كفاءة أنظمة الجودة والتقييم والتحسين المستمر.
-        محدودية الربط مع جامعات عالمية وإقليمية متقدمة تعمل على إثراء تجاربها والإرتقاء بقدراتها العلمية والأكاديمية وتحسين مستوى المخرجات.
9- أشكال العلاقات بين الجامعات ومنظمات القطاع الخاص: تتأثر الجامعات وتؤثر في محيطها ولم يعد ممكنا أن تجد جامعة ناجحة تعمل بمعزل عن مؤسسات المجتمع المدني والقطاعات الإنتاجية، وتدرك الجامعات مدى الحاجة لتعزيز هذه الشراكة وتنميتها، وتبدأ الشراكة الفاعلة بين الجامعات والمجتمع من خلال العملية التعليمية والتدريبية التي ينتج عنهما إمداد قطاعات المجتمع بالخريجين المؤهلين تأهيلا علميا وأكاديميا متميزا في مختلف التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، وعموما تتنوع وسائل أو أشكال العلاقة بين الجامعات والقطاع الخاص ومن أهم هذه الوسائل ما يلي:[18]
أ- الإستشارات : تعد الإستشارات من أكثر أشكال العلاقات بين الجامعات ومنظمات القطاع الخاص وتأخذ هذه العلاقة طابعين هما الطابع الرسمي مثل قيام الشركات الصناعية بإبرام عقود إستشارات مع الجامعات في مجالات بحثية محددة مقابل أجور متفق عليها بين مراكز الإستشارات في الجامعات والشركات الصناعية, والطابع غير الرسمي للإستشارات يتم بصورة فردية بين الباحثين في الجامعات والشركات الصناعية، وللإشارة فإن أكثر العلاقات الإستشارية غير متكافئة بين الطرفين حيث أن الشركات الصناعية هي التي تقوم بتحديد نوع الخبرات والإستشارات المطلوبة وتحال هذه الطلبات إلى المختصين في مراكز الإستشارات بالجامعات للقيام بها مقابل أجر محدد.
ب-  التطبيق العملي وتطوير البرامج والمقررات الدراسية: ويشمل هذا الشكل من العلاقات عدة جوانب منها: ( مشاركة منظمات القطاع الخاص في ورش عمل أو مؤتمرات لتطوير البرامج والمقررات الدراسية في الجامعات, السماح لطلاب الجامعات بالتطبيق العملي في الشركات، الزيارات العلمية للشركات, إقامة الدورات المشتركة, التعليم المستمر, دورات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، تبادل الخبراء والموظفين، الخ....) .
ج- الشراكة البحثية ومراكز الأبحاث: ويتم من خلال هذا الشكل من العلاقات بين الجامعة ومنظمات الأعمال إجراء عقود شراكة في مشاريع وأبحاث تطبيقية مشتركة بين الطرفين بهدف نقل المعرفة من أقسام ومعامل ومختبرات الجامعات إلى التطبيق العملي في قطاع الأعمال .
ونقل المعرفة من خلال مراكز الأبحاث في الجامعات هو النمط الأكثر فاعلية في تعزيز العلاقة بين الجامعات ومنظمات القطاع الخاص من مجرد الإعتماد على نتائج البحوث التعاقدية بين الجامعة ومنظمات القطاع الخاص. حيث أن مراكز الأبحاث تركز في إنتاج أبحاث تحقق التقدم للقطاع الصناعي ليواكب أحدث التقنيات ويتم نقل نتائج هذه الأبحاث عبر التواصل المباشر بين الباحثين والخبراء في الجامعات والقطاع الصناعي من خلال العون الذي يقدمه الخبراء والمختصين في الصناعة لطلاب الجامعات لإستكمال وانحاز أبحاثهم بدعم وإعانة من القطاع الصناعي بالإضافة إلى التواصل من خلال الزيارات العلمية والمناقشات الإستراتيجية بين الطرفين في الوقت الحقيقي Rail-time للعديد من القضايا والإهتمامات المشتركة .
ه- منح التراخيص بإستغلال حقوق الملكية الفكرية وبراءات الإختراع: حيث تمنح الجامعات تراخيص للشركات الصناعية بحق إستغلال براءات الإختراع والملكية الفكرية المتولدة في الجامعات بما يحقق الإبداع وإنتاج منتجات جديدة.
و- الحاضنات التكنولوجية: هي المكان الذي يقوم  بتقديم خدمات وخبرات وتجهيزات وتسهيلات للراغبين بتأسيس منشآت صغيرة تحت إشراف فني وإداري من قبل أصحاب خبرة وإختصاص، ويستفيد من هذه الحاضنات: حاملو أفكار مشاريع تقنية المعلومات والإتصالات (ICTوخريجو الجامعات ذات الإختصاصات المناسبة، أصحاب المشاريع والأفكار التي تصب في هذا المجال، ومن هنا كان تعبير الحاضنة, وتهدف الحاضنة إلى "تبني" المبدعين والمبتكرين وتحويل أفكارهم ومشاريعهم من مجرد نموذج مخبري إلى الإنتاج والإستثمار من خلال توفير الخدمات والدعم والمساعدة العملية للمبتكرين في سبيل الحصول على المنتج الذي يخلق قيمة مضافة في إقتصاد السوق.
يقدم الجدول التالي عرضا للتعاون والشراكات بين عدد من الجامعات وشركات البترول العالمية في برامج بحوث أساسية لنظم الطاقة، والتغيرات المناخية، والوقود الحيوي، وإنبعاثات غازات الإحتباس الحراري، وإدارة الكربون ...... إلخ
جدول رقم (02): نماذج للتعاون والشراكات بين عدد من الجامعات وشركات البترول العالمية
الجهات المنفذة
الجهات الممولة
برنامج البحث
مقدار التميول (610 مليون $)
الفترة (سنة)
جامعة كاليفورنيا- بركلي/ جامعة إلنوي/ مختبر لورانس بيركلي
بريتش بترليوم
الوقود الحيوي
500
10
جامعة ستانفورد
إكسون موبيل- جنرال إلكتريك- تيوتا- شلمبرجير
الطاقة الشمسية والهيدروجين
225
10
معهد مساشوستس للتقنية
إيني الإيطالية- بريتيش بترليوم- مصدر- شيفرون- شلمبرجير- بوش- أبي بي- سيمنز- توتال
مبادرة الطاقة وتغير المناخ وتحليل سياسات الطاقة
100
5
جامعة كاليفورنيا- دافيس
شيفرون
الوقود الحيوي
25
5
جامعة كارينغي ميلون
إكسون موبايل- معهد البترول الأمريكي- معهد بحوث الطاقة
تغير المناخ وتحليل سياسات الطاقة
20
13
جامعة برنستون
بريتيش بترليوم/ فورد
خزن ثاني أكسيد الكربون
20
10
معهد جيورجيا للتقنية
شيفرون
وقود بديل
12
5
معهد كاليفورنيا للتقنية
بريتيش بتروليوم
الطاقة الشمسية
5
5
جامعة رايس
شل
هيدرات الميثان/ إدراة الكربون/ تقنية النانو
3.5
سنويا
المصدر: جميل أحمد محمود خضر، تسويق مخرجات البحث العلمي كمتطلب رئيس من متطلبات الجودة والشراكة المجتمعية، ورقة عمل مقدمة إلى المؤتمر العربي الدولي لضمان جودة التعليم العالي المزمع عقده في رحاب جامعة الزرقاء الخاصة - المملكة الأردنية الهاشمية، في الفترة 09-013 ماي 2011. ص: 17.
10- مقترحات لسد الفجوة بين واقع سوق العمل ونتائج العملية التعليمية ( الخريجين):
إن التعليم العالي إستثمار إستراتيجي لرأس المال البشري كما أنه يمثل من جانب أخر حلقة وصل محورية يبن البنية التعليمية والمخرجات التي يستقبلها سوق العمل، إضافة إلى ذلك فإن التعليم العالي يرسي الأساس لمرحلة التراكم العلمي والخبرة العملية لخريجيه ولتستند إليها فيما بعد مساراتهم الوظيفية وأدوارهم المجتمعية، مما يجعل منه وبحق نقطة فارقة ليس فقط في مساراتهم الوظيفية وأدوارهم المجتمعية، بل في حياة ومسار المجتمع ككل، وذلك من خلال إعداد وتأهيل مخرجاته لدخول سوق العمل، هذا وبإعتبار الإستثمار في التعليم العالي يؤدي إلى زيادة الرصيد المتاح من رأس المال البشري، فإن ذلك يمثل مصدرا مهما وقوة دافعة للتنمية الإقتصادية من خلال إسهامه في دعم المخرجات المعرفية، والقدرة على التعلم لدى الخريجين، الأمر الذي عادة ما يحظى بتقدير وترحيب أصحاب الأعمال، حتى أنهم يمارسون ضغوطهم على المؤسسات الجامعية لتحسين وتطوير المؤهلات لدى خريجها بتزويدهم بالخبرة اللازمة للعمل وتعريفهم بنماذج وأنواع المشروعات المتنوعة، وتقديم النصح المهني لهم.
وفيما يلي بعض المقترحات التي من الممكن أن تساهم في تقليص الفجوة بين كفاءات ومهارات الخريجين ومتطلبات سوق العمل، وهذه المقترحات ترتبط بجودة الخريجين من جهة وإصلاحات تربتط بسوق العمل وتوفير أنظمة معلومات تساعد أصحاب القرار على تعظيم الإستفادة من خريجي الجامعات:
·         المحافظة على علاقات وإتصالات مع الخريجين، وإستطلاع آراء المؤسسات وأرباب العمل في مستوى جودة الخريجين.
·         الإستطلاع الدوري لآراء الخريجين وآراء الطلبة والإسترشاد بها حول مستوى جودة كامل النظام التعليمي بالجامعة.
·         التحليل الدوري لجدوى المساقات المطروحة في ضوء التطور في الإختصاص وإحتياجات أسواق العمل، وهذا يتبعه تطوير وتعديل المقررات والخطط الدراسية أينما وكلما لزم الأمر.
·         التأهيل الكافي للطلبة للخروج إلى أسواق العمل، وهذا يجري عبر تصميم البرامج التدريبية اللازمة وإستضافة مديرين ومتخصصين من المؤسسات وأسواق العمل، وتعزيز وترسيخ علاقات الطلبة مع هذه المؤسسات وهذه الأسواق قبل التخرج. 
·         السعي لإبتكار طرق لقياس نقص الكفاءات وتحليل الثغرات لتكييف سياسات وإستراتيجيات التعليم للتنبؤ بالإحتياجات على المدى المتوسط والطويل لتحسين الصلة بين التعليم العالي وطلب سوق العمل.
·         يجب أن ترتبط جهود التنبؤ والتحليل إرتباطاً وثيقاً بتقديم المعلومات والمشورة والإرشاد، حيث تساعد هذه المعلومات الشباب على القيام بإختيارات واعية وتسمح لصناع القرار بتخصيص الموارد المالية على نحو أكثر فعالية، كما تسمح بتعديل المناهج الدراسية وإتخاذ خطوات لإجتذاب الخريجين إلى بعض الوظائف أو إلى إحتياجات محددة من المهارات.
·         يجب بذل المزيد من الجهود من طرف إدارات التوظيف العامة من أجل: تحسين مطابقة الوظائف وتقديم المزيد من المعلومات في المجالات الأكثر تضرراً من نقص الكفاءات.
·         إعادة تصميم سمات المهارات والكفاءات للمؤهلات المطلوبة من أصحاب العمل في القطاعات سريعة النمو وفي المهن الجديدة مع زيادة فعالية خدمات المطابقة والتوظيف.
·         التركيز على النهج القطاعية ومجالس المهارات في القطاعات أو الصناعات والتي تمثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتطلب إعداد البحوث وتتخذ القرارات بشأن التعليم المقدم استجابة لطلب محدد على الكفاءات والمهارات.
·         إستباق الإحتياجات من المهارات حيث يمثل ذلك  حجر أساس لإستراتيجيات قوية بشأن التعليم الجامعي، وتستخدم أساليب متعددة للتنبؤ بالإحتياجات المستقبلية من الكفاءات والمهارات وتشمل هذه الأساليب: التنبؤ بسمات المهن والمهارات مختلفة الأصناف، الحوار الاجتماعي، نظم معلومات سوق العمل وخدمات التوظيف، تحليل أداء مؤسسات التعليم العالي، بما في ذلك دراسات التقصي.
·         ولتفادي المشاكل التي تنشأ عن حدود التنبؤ بالمهارات والكفاءات من الأفضل التركيز على تقديم مهارات أساسية عرضية قابلة للتكيف، وبخاصة التركيز على بناء القدرة على التعلم، وليس على التدريب على تلبية التنبؤات المفصلة المتعلقة بالإحتياجات من المهارات والكفاءات التقنية، لأنها قد تتغير قبل أن تتمكن المناهج الدراسية من التكيف، ويمكن للجامعات تنظيم أو المشاركة في دورات تدريبية قصيرة والتي تركز على المهارات التقنية والأساسية العامة حيث يساعد ذلك على التقليل إلى أقصى حد من الفوارق الزمنية بين ظهور الإحتياجات من المهارات وتقديم التدريب والتعليم المناسب، ويعد التحليل الكمي القائم على معلومات سوق العمل مفيداً عندما يستكمل بمعلومات نوعية مقدمة من أصحاب العمل والعمال.
الخلاصة
          في الدول العربية يؤشر إتساع الفجوة بين مخرجات الجامعات المتمثلة أساسا في الخريجين حملة الشهادات على فشل السياسات الحكومية في النهوض بالتعليم العالي وكذا إحتواء بطالة الخريجين، كما يؤشر أيضا على الهدر الهائل في الموارد البشرية وعدم الإنتفاع منها، فرغم أن التعليم العالي يعتبر بوابة التحصيل العلمي والتسلح بالكفاءة والمهارة لدخول سوق العمل، يثبت الواقع أن كل دول العالم تجد مشاكل عديدة للموائمة بين مخرجات الجامعة وإحتياجات سوق العمل، وفي دولنا العربية يضاف هذا الخلل الهيكلي لسوق العمل إلى الإختلالات الهيكلية الأخرى في الإقتصاد الكلي ليعمق الهوة بين الواقع والمأمول، فمعالجة بطالة الخريجين تستلزم أن تطبق سياسات بشكل متوازي تمس التعليم الجامعي وكذا مسح لواقع القطاع الخاص والحكومي وبناء توقعات دقيقة حول نوع الوظائف وحجمها، ولابد للجامعة أن تلعب دور الجامع لكل الأطراف من ممثلين للقطاع الحكومي والقطاع الخاص وحصر التخصصات الأكثر طلبا في سوق العمل والسعي للتأثير على الطلاب للتوجه إليها، بالإضافة إلى إبتكار تخصصات تمكن الطلبة من الإبداع والتعاقد مع القطاع الخاص للإستثمار في أنشطة تتطلب مهارات تكون الجامعة قد أعدتها وهيأتها، ويساعد ذلك على التقليل من التكاليف لكل الأطراف فبدل إستيراد الكفاءات من طرف القطاع الخاص والحكومي، يمثل إستغلال الجامعة لإمداد سوق العمل بالكفاءات المطلوبة إستغلالا كفؤا للنفقات على التعليم العالي بل ويعد أحسن أنواع الإنفاق لأنه يطور ويحسن أثمن أنواع رأس المال في المجتمع ألا وهو رأس المال البشري. كما يجب زرع فكرة القابلية لتوظيف الخريجين لدى كل الأطراف وجعل عملية التعليم منتجة لكل الأطراف فالخريج يعتبر منتجا للقطاع الإقتصادي كلما ساهم في تطوير المؤسسة التي وظفته، كما أن توظيفه في أي وظيفة يعبر عن إنتاجية الجامعة التي تخرج منها، وفي هذا المجال تعتبر الجودة مدخلا حيويا لتعظيم الإستفادة من الموارد البشرية المتاحة في المجتمع، والجودة المطلوبة تمس كافة الجوانب التي تجعل من العملية التعليمية مثمرة، خاصة الخريج الذي يسعى للحصول على وظيفة، فجودة مؤهلاته ومهاراته تمكنه من الحصول على وظيفة بجودة هذه المهارات والمؤهلات وجودة هذه الأخيرة يكتسبها من جودة التعليم العالي في الجامعات.
قائمة المراجع:
1.    الحيالي إيهاب عبد الرزاق حسين، (2013)، ضمان جودة مخرجات التعليم العالي من أجل تلبية إحتياجات سوق العمل، المؤتمر العربي الثالث لضمان جودة التعليم العالي، جامعة الزيتونة، الأردن.
2.     الحريري خالد حسن علي، (2010)، العلاقة بين الجامعات والقطاع الخاص ودورها في تحقيق جودة التعليم العالي في الجمهورية اليمنية، المؤتمر العلمي الرابع لجامعة عدن: " جودة التعليم العالي نحو تحقيق التنمية المستدامة "، عدن.ـ متوفر على الموقع: http://uniaden- adc.com/5thConference_papers/banaga.htm
3.    باناجه محمد عمر، مقبل أحمد محمد أحمد،( 2010)، قياس جودة التعليم الجامعي عبر مدخلي الإنتاجية والكفاءة -" دراسة حالة : كلية الاقتصاد – جامعة عدن "، المؤتمر العلمي الرابع لجامعة عدن " جودة التعليم العالي نحو تحقيق التنمية المستدامة "، عدن، متوفر على الموقع: http://uniaden-adc.com/5thConference_papers/banaga.htm
4.   جبر دريب محمد، التطبيقات الأجرائية لضمان الجودة في التعليم الجامعي, متوفر على الموقع: www.uokufa.edu.iq/qac/qac_1_2/10/draib.doc
5.   دويدين أحمد يوسف، (2011 أهمية تطبيق الجودة الشاملة في التعليم العالي في الوطن العربي، بحث مقدم للمؤتمر العربى الدولى الأول لضمان جودة التعليم العالى، ، جامعة الزرقاء الأردن.
6.   وجيه عبد الرسول العلي، (1983)، الإنتاجية: مفهومها، قياسها، العوامل المؤثرة فيها، دار الطليعة، بيروت، لبنان.
7.   كيطان حسين سالم وأخرون، (2014)، دراسة تجريبية لتقييم الفجوة بين تأثير مخرجات التعليم العالي في متطلبات سوق العمل، بحث قد للمؤتمر العربي الرابع لضمان جودة التعليم العالي، جامعة الزرقاء الأردن.
8.   نغم حسين نعمة، خالد محمد طلال بني حمدان، (2011)، نحو ألية لتطبيق إدارة الجودة الشاملة في الجامعات العربية – قراءة لبعض التجارب الرائدة: العالمية والعربية- بحث مقدم للمؤتمر العربى الدولى الأول لضمان جودة التعليم العالى،  جامعة الزرقاء الأردن.
9.   ياسر ميمون عباس، (2011)، الجودة فى التعليم الجامعى: مفهومها وأهميتها, أساليب تقويمها ومعاييرها، بحث مقدم للمؤتمر العربى الدولى الأول لضمان جودة التعليم العالى،  جامعة الزرقاء الأردن.
10.         صبري حافظ، يوسف مصطفى، (أبريل 2000)، متطلبات إدارة الجودة الشاملة بكليات التربية، مجلة العلوم التربوية، جامعة الأزهر.
11.          قبة فاطمة، (2012)، دور منتجات المؤسسات الجامعية في تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية، الندوة الدولية الأولى المشتركة بين جامعة تبسة الجزائرية وجامعة قفصة التونسية حول الإدماج المهني لحملة الشهادات الجامعية، جامعة تبسة، الجزائر.
12.         التقرير الخامس: مهارات من أجل تحسين الإنتاجية ونمو العمالة والتنمية، البند الخامس من جدول الأعمال، مؤتمر العمل الدولي، الدورة 97، 2008.
13.  Frazer, M, (1994), Quality in Higher Education An International Perspective , What Is Quality in Higher Education?, Green, D. (Editor), SRHE & Open University Press, Great Britain.
   


[1] - محمد جبر دريب ، التطبيقات الأجرائية لضمان الجودة في التعليم الجامعي. متوفر على الموقع: www.uokufa.edu.iq/qac/qac_1_2/10/draib.doc
[2] - أحمد يوسف دويدين، أهمية تطبيق الجودة الشاملة في التعليم العالي في الوطن العربي، بحث مقدم للمؤتمر العربى الدولى لضمان جودة التعليم العالى، 2011 / 5 / 12-10، جامعة الزرقاء الأردن.
[3] - نفس المرجع السابق.
[4] - حافظ صبري، مصطفى يوسف، متطلبات إدارة الجودة الشاملة بكليات التربية، مجلة العلوم التربوية، جامعة الأزهر، أبريل 2000، ص: 25.
[5] - نغم حسين نعمة، خالد محمد طلال بني حمدان، نحو ألية لتطبيق إدارة الجودة الشاملة في الجامعات العربية – قراءة لبعض التجارب الرائدة: العالمية والعربية- بحث مقدم للمؤتمر العربى الدولى الأول لضمان جودة التعليم العالى،  جامعة الزرقاء الأردن، ص: 06.
[6] - Frazer, M. , Quality in Higher Education An International Perspective , What Is Quality in Higher Education?, Green, D. (Editor), SRHE & Open University Press, Great Britain, 1994, p: 101-102.
[7] - ياسر ميمون عباس ، الجودة فى التعليم الجامعى: مفهومها وأهميتها, أساليب تقويمها ومعاييرها، بحث مقدم للمؤتمر العربى الدولى لضمان جودة التعليم العالى، 2011 / 5 / 12-10، جامعة الزرقاء الأردن.
[8] - للمزيد حول مفهوم الإنتاجية يمكن الرجوع إلى:
وجيه عبد الرسول العلي، افنتاجية: مفهومها، قياسها، العوامل المؤثرة فيها، دار الطليعة، بيروت، لبنان، 1983.
[9]  -محمد عمر باناجه، أحمد محمد أحمد مقبل، قياس جودة التعليم الجامعي عبر مدخلي الإنتاجية والكفاءة -" دراسة حالة : كلية الاقتصاد – جامعة عدن "، المؤتمر العلمي الرابع لجامعة عدن " جودة التعليم العالي نحو تحقيق التنمية المستدامة "، عدن، 11 – 13 أكتوبر 2010م. متوفر على الموقع:  http://uniaden-adc.com/5thConference_papers/banaga.htm
[10] - نفس المرجع السابق.
[11] - إيهاب عبد الرزاق حسين الحيالي، ضمان جودة مخرجات التعليم العالي من أجل تلبية إحتياجات سوق العمل، المؤتمر العربي الثالث لضمان جودة التعليم العالي، جامعة الزيتونة، الأردن، 2013.
[12] - حسين سالم كيطان وأخرون، دراسة تجريبية لتقييم الفجوة بين تأثير مخرجات التعليم العالي في متطلبات سوق العمل، بحث قد للمؤتمر العربي الرابع لضمان جودة التعليم العالي، 1-3 أبريل 2014، جامعة الزرقاء الأردن.
[13] - التقرير الخامس: مهارات من أجل تحسين الإنتاجية ونمو العمالة والتنمية، البند الخامس من جدول الأعمال، مؤتمر العمل الدولي، الدورة  97، 2008، ص: 20.
[14]  - قبة فاطمة، دور منتجات المؤسسات الجامعية في تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية، الندوة الدولية الأولى المشتركة بين جامعة تبسة الجزائرية وجامعة قفصة التونسية حول الإدماج المهني لحملة الشهادات الجامعية، 10-11 أكتوبر 2012.
[15] - حسين سالم كيطان، إيمان قاسم الصفار، سهير غازي حسين، دراسة تجريبية لتقييم تأثير مخرجات التعليم العالي في متطلبات سوق العمل، المؤتمر الدولي الرابع لضمان جودة التعليم العالي، جامعة الزرقاء الأردن، 1-3 أفريل 2014، ص: 795.
[16] - إيهاب عبد الرزاق الحيالي، ضمان جودة مخرجات التعليم العالي من أجل تلبية إحتياجات المجتمع وسوق العمل، المؤتمر العربي الثالث لضمان جودة التعليم العالي، جامعة الزيتونة، الأردن،2013 ، ص: 575.
[17] - حسين سالم كيطان، إيمان قاسم الصفار، سهير غازي حسين، مرجع سابق، ص: 793.
[18] - د. خالد حسن علي الحريري، العلاقة بين الجامعات والقطاع الخاص ودورها في تحقيق جودة التعليم العالي في الجمهورية اليمنية، المؤتمر العلمي الرابع لجامعة عدن: " جودة التعليم العالي نحو تحقيق التنمية المستدامة "، عدن، 11 – 13 أكتوبر 2010م.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا