النشرة الشهرية - الجمعية الليبية للتخطيط العمراني - المجلد الأول - الإصدار الأول - أغسطس 2011 - ص 4:
يتمتع إقليم الجبل الأخضر ببيئة متفردة عن باقي أقاليم البلاد حيث تبلغ مساحته 9000 كم2 فھو لا يمثل إلا 1% فقط إجمالي من مساحة البلاد، غير أنه يمتاز بتنوعه الحيوي الكبير؛ حيث يضم أكثر من 50% من إجمالي الأنواع النباتية المنتشرة في مساحة ليبيا بأكملھا.
قد يصل عدد الأنواع النباتية بھذا الإقليم حوالي 1100 نوع من إجمالي الأنواع النباتية الليبية المقدر عددھا بحوالي 2000 نوع، كما يوجد نحو 75 نوعاً من النباتات لا تنمو إلا في ھذا الإقليم من العالم كله. وتعتبر أشجار العرعار أكثر الأنواع انتشارا فھي تشكل 80% من إجمالي أعداد الأشجار والشجيرات دائمة الخضرة بمناطق الجبل الأخضر، إضافة إلى أشجار الشماري والبطوم والخروب والزيتون والبلوط والصنوبر التي تعد من أھم الأنواع النباتية السائدة في ھذا الإقليم كما يضم الغطاء النباتي بالإقليم أنواعاً ھامة من النباتات الطبية والعطرية التي من أھمھا الإكليل والزعتر والريحان والزريقا والحرمل والشيح والقميلة والحلاب والقعمول والرند وغيرھا.
وبذلك يكتسب الغطاء النباتي أھمية كبرى من الناحية البيئية فھو يحمي ويثبت التربة ويلطف المناخ المحلي فضلاً عن ھيدرولوجية التربة وكفاءة دورة المغذيات بين التربة والنبات ، كما له أھمية اقتصادية فھو غني بالنباتات الطبية والعطرية التي تدخل في إنتاج بعض المركبات الدوائية، كما يعتبر منتجاً لأجود أنواع عسل النحل من بينھا عسل الحنون الذي ينتج من أزھار أشجار الشماري.
على الرغم من ھذه الأھمية الاقتصادية والبيئية التي تقدمھا ھذه النباتات إلا أنھا قد تعرضت للتناقص نتيجة لظروف طبيعية وبشرية منھا الانخفاض الشديد في معدلات سقوط الأمطار مع ارتفاع درجات الحرارة وحدوث موجات الحرارة واتساع المدى الحراري اليومي والسنوي إذ تصل في فصل الصيف إلى 31.93 درجة مئوية.
وفي بعض الأحيان إلى 34.15 درجة مئوية مع شدة الرياح وسيادة الرياح ذات المنشأ القاري أكثر من الرياح ذات المنشأ البحري التي نجم عنھا أضرار جسيمة بالغطاء النباتي، بالإضافة إلى الاعتداء البشري المكثف من حيث قطع جائر للغابات لتلبية الاحتياجات من حطب وفحم وغيرھا ،مع وجود عمليات قطع شاسعة للغابات بھدف تحويلھا إلى أراضي زراعية فقد قدرت المساحة التي تم إزالتھا بأكثر من 26650 ھكتار للتوسع الزراعي .
كما قدرت المساحات التي تزال من الغطاء النباتي سنوياً لغرض استخدامھا كفحم بـ 450 ھكتار أي ما يقارب من 56250 شجرة تقطع لصناعة الفحم سنوياً ،كما تعرضت إلي نشوب الحرائق فقد سجلت المساحة التي تعرضت للحرائق بـ33230 ھكتار أي بمعدل 2769 ھكتار سنوياً.على الرغم من ارتفاع معدلات الإزالة من مساحات الغطاء النباتي خلال الفترة السابقة إلا أن معدلات الإزالة قد تفاقمت بصورة أكثر من أي فترة أخرى خلال ھذه الأزمة التي تشھدھا بلادنا اليوم ،فقد انتھز العديد من المواطنين الذين لھم صفة الملكية على الأراضي فرصة عدم وجود جھات رقابية من بينھا جھاز الشرطة الزراعية؛ حيث قاموا بإزالة الغطاء النباتي بصورة مفرطة عن طريق استخدام الجرافات التي لھا القدرة على إزالة مساحات شاسعة من الغطاء النباتي بصورة سريعة أكثر من أي أداة أخرى من أجل التوسع في مساحات الأراضي الزراعية والرعوية ؛مما أدى ذلك إلى ظھور تقلص واضح في مساحات الغطاء النباتي خلال ھذه الفترة الحرجة فھؤلاء الأشخاص تنقصھم الدراية حول الكفاءة الإنتاجية للأراضي الزراعية التي لا تتحدد في الاتساع الأفقي بل تتحدد الكفاءة الإنتاجية في الاتساع الرأسي للرقعة الزراعية عن طريق تحسين جودة التربة.
وعليه تدعو الجمعية الليبية للتخطيط العمراني جھات الاختصاص والمواطنين إلى تدارك ھذه الظاھرة الخطيرة ،والتصدي لھا وتكليف جھات الاختصاص بالإشراف وتطبيق أشد العقوبات على مرتكبيھا؛ نظراً لأن إھمالھا سيؤدي إلى عدة مساوئ سلبية منھا اختلال التوازن البيئي مع انخفاض الجدوى الاقتصادية للموارد الأرضية التي يمكن أن تؤثر في سياسات التنمية الحضرية المستدامة في المنطقة مستقبلاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق