نظرية التحول الوبائي
Epidemiological Transition Theory
إعداد: نسيم ماطر – مكة المكرمة
المقدمة:
تدخل نظرية التحول الوبائي ضمن النظريات المهمة في مجال الجغرافيا الطبية Medical Geography التي تهتم بدراسة بيئة المرض Diseases Ecology إضافة لاهتمامها بمجال الرعاية الطبية Medical Care, وهذه النظرية تهتم في تفاصيلها بشرح وتفسير بيئة المرض في الأقاليم المختلفة من خلال تصنيفها لأمراض المجتمعات في مراحل مختلفة.
وتستفيد عدة تخصصات من نظرية التحول الوبائي كعلم الوبائيات Epidemiology, وعلم السكان Population, والجغرافياGeography .
وبصفة عامة فأنه يمكن تعريف التحول بأنه كلمة تستخدم في وصف التغيرات التي تحدث للشيء في مظهره وشكله. أما الوباء Epidemic فتعرفه الموسوعة العربية العالمية بأنه مرض يهاجم عددا من الناس في وقت واحد تقريبا وقد ينتشر في مجتمع واحد أو عدة مجتمعات (الموسوعة العربية العالمية, 1996م:46). ويعرف بريه الوباء " بأنه ظهور عدد من حالات المرض في مجتمع أو إقليم ما على نطاق واسع أكثر من المعتاد, أو على نحو غير متوقع بالقياس والزمان المفترضين" (ر. بيغلهول وآخرون, 1997: 119).ويتطلب وصف الوباء تحديد الإقليم الجغرافي, والفترة الزمنية, وخصوصية المجتمع الذي حدث فيه.
و قد يشمل الوباء انتشار عدة أمراض كالأمراض المعدية Infectious, والأمراض السارية Communicable التي تعرّف بأنها أمراض تنشأ بفعل انتقال عامل معد نوعي أو منتجاته السمية من شخص أو حيوان مصاب إلى شخص ثَوِيّHost –هو الشخص أو الحيوان الذي يكون لديه استعداد للعدوى-..., سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.( ر. بيغلهول وآخرون, 1997: 119) وقد يشمل الوباء كذلك انتشار الأمراض المتوطنة التي هي أمراض معدية لكنها توجد بصفة مستمرة في منطقة جغرافية معينة(الموسوعة العربية العالمية, 1996م: 106), أو الأمراض البيئية Environmental Diseases, أو الأمراض المزمنة التي تلازم الإنسان لفترة طويلة, والتي تعتبر بصفة عامة مرض غير معدي إلا في حالات قليلة.
نبذه عن واضع النظرية:
- هو الدكتور عبدالرحيم عمران الطبيب الأمريكي من أصل عربي "مصري".
- عمل كأستاذ للوبائيات بمدرسة الصحة العامة.
- شغل منصب مدير المركز المتعاون بجامعة كارولينا الشمالية North Carolina University بتشابل هيل في الولايات المتحدة الأمريكية.
- شارك في إعداد العديد من الأبحاث العلمية, كما أن له عدة أبحاث نُشرت من قبل منظمة الصحة العالمية World Health Organization WHO" ".
- في العام 1971م صاغ نظريته التي ذاع صيتها في العالم أجمع, وأطلق عليها مسمى نظرية التحول الوبائي Epidemiological Transition Theory.
- أعاد عمران النظر في نظريته في العام 1999م, مستفيدا من النقد الذي وجه له, وذلك لتتوافق مع الدول المتقدمة, وكان ذلك قبيل وفاته مباشرةً.
نظرية التحول الوبائي:
استفاد عمران عند وضع نظرية التحول الوبائيEpidemiological Transition Theory من نظرية التحول الديموغرافي Demographic Transition Theory, فارتبطت نظريته بها خاصة فيما يتعلق بتذبذب واختلاف معدلات المواليد والوفيات في العالم, وبشكل خاص تشرح وتحلل نظرية التحول الوبائي علاقة الحالة الصحية العامة التي يمر بها سكان العالم بمراحل نمو السكان المختلفة والتي تصنفها نظرية التحول الديموغرافي لأربع مراحل. بحيث يرتكز نمو السكان على معدلات الإصابة بالأمراض وما يرتبط بها من وفيات, والتي لها آثارها على نمو السكان العام (اللبان, 1999م, 61). وقد أرسى عمران نظريته على الاستدلال الوبائي للتغير في المرض والصحة والوفاة والبقاء على قيد الحياة والخصوبة عبر الزمن(عبدالجليل, 2003م: 30), وذلك من خلال التعرف على الخلفية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وأسلوب حياة الفرد والمجتمع والعوامل الديموغرافية ومستوى الرعاية الصحية في الدولة والمستوى التقني المستخدم فيها.
وقد لاحظ عمران أن المجتمع السكاني في أي منطقة من مناطق العالم من الناحية الصحية يمر بثلاث مراحل هي على النحو الأتي:
المرحلة الأولى:
مرحلة الأوبئة والمجاعات:
تمتد هذه المرحلة منذ قرون عديدة حتى بدايات منتصف القرن العشرين الميلادي. حيث صنف عمران أمراض هذه المرحلة على أساس أنها امتداد لأنماط الأمراض السائدة في العصور القديمة, والتي تشكل فيها الأمراض المتوطنة, وأمراض نقص التغذية "المجاعات", والأوبئة خطرا قضى على العديد من السكان في تلك الفترة خاصة فئة صغار السن والشباب. وتميزت هذه المرحلة بانخفاض معدلات نمو السكان, حيث إن ارتفاع معدلات المواليد تزامن مع ارتفاع معدلات الوفيات. وقد كانت للمجاعات والأمراض الوبائية السائدة في ذلك الوقت دورا رئيسا في حدوث ذلك. وقد أطلق عمران على هذه المرحلة مسمى The age Of Pestilence and Gamine.
وتعتبر المجاعات والأمراض الوبائية بشكل عام ضلعين مهمين في ما عرف بثالوث مالتوس المشئوم " المجاعات والأوبئة والحروب".فالمجاعات تنتج غالبا بفعل الكوارث الطبيعية التي تتسبب أما في حدوث فيضانات تدمر وتتلف المحاصيل الزراعية,أو جفاف يقضي عليها أو يحول دون قيامها. مما يؤدي إلى عدم توفر الأغذية اللازمة لسكان المناطق التي تعرضت لتلك الكوارث.
وترتبط العديد من الأوبئة بالقحط والمجاعات, فعلى اثر حدوث المجاعة يتبع ذلك ظهور بعض الأمراض الوبائية كالطاعون Plague, الحصبة, الجدري Smallpox, الكوليرا Cholera, الدفتيريا, الاسهالات المعوية, السل, والأنفلونزاInfluenza وجميع تلك الأمراض كانت تحصد أرواح الملايين من الناس خاصة الأطفال منهم, فهؤلاء لم يكونوا قد اكتسبوا المناعة ضد الأمراض, ولم تكن المطاعيم والأمصال للوقاية من المرض قد عرفت بعد, أو لم تكن منتشرة في كل أنحاء العالم.(الطرزي, 1990: 155). كما ارتبط انتشار الأمراض الوبائية بعوامل عدة كنقص المياه النقية, وسوء الشروط الصحية والبيئية العامة, وسوء حالة المواصلات, ونقص التعليم, وغياب التوعية الصحية, وهذه العوامل جميعها كانت سائدة في ذلك الوقت.
وتعتبر الأمراض المعدية والطفيلية من المسببات الكبرى للوفيات المرتفعة في الدول النامية, وهي المسئولة بصفة خاصة عن وفيات الأجنة قبل الوضع ووفيات الطفولة, وقد أظهرت الإحصائيات العالمية المرتبطة بالعمر بأن أكثر من 15% من كل أطفال الدول النامية سوف لن تصل إلى 15سنة(ماكيت, إ.م, وأخر, 1424هـ:1). وهذه الأمراض لا تزال تلعب دور في الدول الفقيرة حيث إن معدلات الوفاة عموما ووفيات الأطفال الرضع على الخصوص تصل إلى 150 لكل ألف من السكان في السنة وهي تماثل تلك التي سادت في دول أوربا خلال القرن السابع عشر والثامن عشر والتي كانت تتعرض لمثل هذه الأمراض الوبائية وتؤكد منظمة الصحة العالمية بأن الأمراض المعدية والطفيلية وأمراض الجهاز التنفسي بالإضافة إلى حالات سوء التغذية هي المسؤولة عن معظم الوفيات في العالم الآن (الطرزي, 1990م: 155).
هذا ويعتبر مرض الطاعون Plague "الموت الأسود"من أشد أمراض المرحلة الأولى من مراحل التحول الوبائي فتكا وخطرا. ففي أوربا في مرحلة ما قبل التصنيع أدى مرض الطاعون إلى فقد معظم سكان المدن الأوربية خلال بضعة شهور,ويقال أن ايطاليا فقدت نصف سكانها, وإن كلا من انجلترا وفرنسا فقدتا ثلث سكانهما فيما فقدت قبرص كل سكانها. أما في الدول النامية فقد انتشر مرض الطاعون بصورة خطيرة ومفزعة ففي دولة الكويت على سبيل المثال انتشر المرض سنة 1831 م وهلك معظم السكان, ولم ينج من الوباء إلا بعض البحارة الذين كانوا خارج الكويت وقت اجتياح المرض, وحين وصلوها وجدوها شبة خالية من السكان... ... وكان الطاعون قد انتشر في البصرة سنة 1773م وأفنى السكان ثم سنة 1802, 1831م,وفي مسقط و بوشهر(عبدالجليل, 2003م:31). و قد شكل الجدري أحد الأمراض الوبائية الفتاكة في تلك المرحلة فقد ضرب منطقة الخليج العربي في ثلاثينيات القرن العشرين مثيرا رعبا كبيرا بين السكان, وفي مدينة لندن بإنجلترا قتل الجدري مابين أعوام1780م إلى 1800م ما يربو على 36000من البشر(ماكيت, إ.م, وأخر, 1424هـ:1). كما أدت الأنفلونزا Influenza إلى قتل أعداد كبيرة من السكان, كان أقساها الذي حدث في 1918-1919م حيث أودى المرض بحياة ما يربوعن 20 مليون نسمة, وهو أكثر من العدد الكلي لضحايا الوفيات في الحرب العالمية الأولى(ماكيت, إ.م, وأخر, 1424هـ:1).
المرحلة الثانية:
مرحلة انحسار الأوبئة:
تبدأ هذه المرحلة من منتصف القرن العشرين, حيث انخفض فيها معدل الوفيات بشكل متسارع - وان كان يبدو ذلك الانخفاض انخفاضا بطيئا في البداية-, في حين أن معدلات المواليد بقيت مرتفعة. وأدى ذلك الانخفاض في معدلات الوفياتخاصة في فئة صغار السن وفئة الشباب لزيادة معدلات نمو السكان, ويعود ذلك الأمر إلى التحسن الذي طرأ على الحالة الصحية للسكان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. فمع تطور الطب وتقدم المستوى العلاجي في مقاومة الأمراض من خلال اكتشاف الطعوم والأمصال, وتوفر الأدوية استطاع العالم التغلب على العديد من الأمراض الوبائية التي كانت في الماضي تشكل تهديدا عظيما يقف في وجه الإنسان ويهدد وجوده على الأرض. وقد ساعد التطور الاقتصادي الذي طرأ على عددا من الدول في تحسين الحالة الصحية بفعل تبني السياسات الرامية لتحقيق ذلك. كما أن لمنظمة الصحة العالمية World Health Organization WHO" " دورا كبيرا ساهمت من خلاله ببرامجها المتعددة في القضاء على العديد من تلك الأمراض والأوبئة.
و يمكن تسمية هذه المرحلة بالمرحلة الانتقالية, والتي ينتقل فيها المجتمع من ناحية صحية من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثالثة من مراحل التحول الوبائي, بحيث ينتقل المجتمع صحيا من نمط الأمراض الوبائية المعدية والتقليدية نحو نمط الأمراض المزمنة.
المرحلة الثالثة:
مرحلة الأمراض الانحلالية والأمراض من صنيع الإنسان The Age Of Degenerative and Man-made Diseases:
تتميز معدلات نمو السكان في هذه المرحلة بنموها البطيء, حيث تنخفض معدلات الوفيات وكذلك معدلات المواليد مما يؤدي إلى ذلك النوع من النمو السكاني.
وتحدث الوفيات في هذه المرحلة في سن متأخرة " سن الشيخوخة" عكس الوفيات في المرحلة الأولى والتي كانت تحدث لدى فئة صغار السن والشباب.
ففي الدول التي وصلت لهذه المراحل -وهي بشكل عام دول متقدمة- تم القضاء على الأمراض الوبائية الخطرة بشكل تام, وانتقلت بتغير طبيعة الأمراض لمرحلة الأمراض المزمنة Chronic Diseases كالأمراض الخبيثة MalignantDiseases مثل مرض السرطان Cancer بأنواعه المختلفة, وأمراض القلب, ومرض السكرDiabetes Mellitus, وأمراض ضغط الدم, وأمراض الفشل الكلوي, وأمراض التحضر كأمراض سوء التغذية Malnutrition "السمنة وزيادةالوزن "Obesity", والأمراض المهنية Occupational Diseases والأمراض النفسية. والأمراض الانحلالية Degenerative Diseases الناجمة عن التفسخ الأخلاقي كمرض نقص المناعة المكتسب Human Immunodeficiency "الإيدزAIDS".
فمرض القلب يعتبر حاليا المسبب الأول للوفاة في العالم. حيث يودي سنويا بحياة أكثر من ستة ملايين شخص... ففي بريطانيا مثلا يتسبب مرض القلب بوفاة شخص كل ثلاث دقائق. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فتسقط ضحية بسببه كل دقيقة واحدة. ويموت العديد من الأشخاص بهذا المرض في سن مبكرة... ... لقد أصبح مرض القلب مرضا متفشيا ومميتا. والمشكلة مرشحة للاستمرار والتفاقم لأن الناس يعيشون حياة أطول اليوم ويتبعون أساليب عيش غير صحية. ... ... وإذا استمرت الأحوال على ماهي عليه, فإن هذا المرض سيكون مسؤولا بحلول عام 2020م عن وفاة 19 مليون شخص كل سنة (ليناس, 2004م:6, 14).
أما فيما يخص مرض السرطان فإنه مابين الأطفال الذين ولدوا في العام 1986م هناك احتمال أن يصاب بالسرطان في نهاية المطاف واحد من ثلاثة. ومن بين المصابين الذكور هناك احتمال وفاة واحد من كل أربعة, والإناث واحدة من كل خمس مصابات تقريبا. وكما أن الأبحاث أثبتت أن 80% من حالات السرطان ناتجة عن الظروف المحيطة بنا.(الطيبي, 2002م:11, 13).
وقد ظهرت العديد من هذه الأمراض كنتيجة لمستوى التحضر الذي وصل إليه العالم اليوم, سواء كان ذلك التحضر تحضرا اقتصادي أم حضاري أم تقني. فانتقال الإنسان من الحياة الريفية البسيطة التي كانت تعتمد على الجهد البدني بشكل كلي ومباشر في إنجاز جميع شئون الحياة اليومية, إلى الحياة التي أصبح للآلة فيها الكلمة الأولى, وأصبحت تلك الآلة تسير كافة أوجه الحياة, وأصبح بمقدور الإنسان من خلالها اختزال الوقت والجهد في تأدية أعماله, فاستمرت وتيرة الحياة بشكل متسارع توفر للإنسان جهده العضلي, والذهني فرغم أن للتحضر والتقدم جوانب ايجابية, فأن له جوانب سلبية أثرت مباشرة على الإنسان وعلى صحته في المقام الأول فظهرت الأمراض الخطرة التي أصبحت تلازمه لفترات طويلة, وتهدد بقاءه على سطح الأرض.
وكذلك فإن معظم الأمراض المزمنة التي يشهدها العالم تنجم عن نمط الحياة العصرية برتمها المتسارع وطبيعتها الفوضوية, والتي ساعدت في خلق تلك الأمراض, فنمط الغذاء السائد في العديد من الدول والذي يمتاز بارتفاع السعرات الحرارية وقلة المواد المغذية, أدى لظهور أمراض لم يعرفها الإنسان من قبل, كما أن وسائل المواصلات التي سهلت انتقال الإنسان بين مختلف الأقاليم والمناطق في العالم ساعدت في انتقال الأمراض خاصة ذات الطبيعة الانتقالية كمرض الإيدز والأمراض الالتهابية الحادة, كما أنها ساعدت في إعادة توزيع وانتشار الأمراض على مستوى العالم, كما أن للتطور الصناعي والحضاري دورا سلبيا في تلويث البيئة والذي انعكس على الإنسان وصحته في المقام الأول, ثم أن لحالة الفوضى الذي عاشها العالم من خلال الحرب الكونية الأولى والثانية والحروب الإقليمية, التي استخدمت فيها الأسلحة النووية والذرية والبيولوجية, والمحرمة دوليا, والسباق الدولي للتسلح خاصة التسلح النووي أدت جميعها لخلق العديد من الأمراض الفتاكة التي وقف الإنسان عاجزا في حيرة من أمره أمامها.
وبشكل عام فإن دول العالم تتفاوت في المرور بهذه المرحلة من مراحل التحول الوبائي, ويرجع ذلك للتباين في معدلات النمو الصناعي والحضاري والاقتصادي والطبي( اللبان, 1990:62). ففي حين أن الدول المتقدمة قد وصلت لمرحلة الأمراض الانحلالية والأمراض من صنيع الإنسان, إلا أننا نجد أن العديد من الدول النامية لا تزال تمر في المرحلة الانتقالية من مراحل التحول الوبائي فمعظم هذه الدول استطاعت القضاء على العديد من الأمراض الوبائية المعدية ولكنها في نفس الوقت أصبحت تعاني من ظهور أمراض مزمنة عصرية, ولكن ليس بالمستوى الذي وصلت له الدول المتقدمة, في ذلك الحين نجد أن الدول الفقيرة وخاصة تلك التي في أفريقيا لا تزال تنؤ بعبء أمراض المرحلة الأولى.
فرضيات النظرية:
افترض عمران أن التحول الوبائي من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثالثة قد استغرق 100(مائة عام) في الدول الصناعية الغربية, ولكنه حدث بأكثر سرعة في اليابان وفي شرق أوروبا, وبعض الدول النامية لا تزال تشهد التحول وتجتازه(عبدالجليل, 1999: 184).
النقد الموجه للنظرية:
- يأخذ ماكينباشMackebach على عمران تحديده للمدة التي استغرقتها الدول المتقدمة صناعيا للتحول من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثالثة من مراحل نظرية التحول الوبائي بمائة عام, ويزعم أن التحول من المرحلة الأولى إلى الثالثة استغرق وقتا أطول في الدول الصناعية (عبدالجليل, 1999م:184). و يحمل نقد ماكينباشMackebach بعض الصحة ذلك أن التحديد الخاص بعمران يمكن أن ينطبق على الدول النامية والتي حدث فيها التحول الوبائي بصورة أسرع - وخاصة في الدول التي شهدت تحول حضاري سريع ومفاجئ كدول الخليج العربي- مما حدث في الدول المتقدمة والتي استغرقت عقود طويلة للتحول من مرحلة لأخرى, و يمكن القول أن النظرية بشكلها السالف الذكر لا تنطبق عليها.
- كما أن لماكينباشMackebach مأخذ أخر على عمران وذلك بوصفه للمرحلة الثالثة من مراحل التحول الوبائي بأنها مرحلة الأمراض من صنيع الإنسان وأعتبر ذلك الوصف تعبير خادع أو مضلل لأن أمراض مثل السرطان أو أمراض القلب لها أسباب عديدة ومعقدة وليست فقط من صنع الإنسان إذ أن هذه الأمراض لها استعداد خاص عند الشخص إضافة للبيئة(عبدالجليل, 1999م: 184), إلا أن ذلك المأخذ يمكن أن يكون مثار جدل خاصة عند تناول اثر الإنسان السلبي على البيئة بشكل خاص, فيعيد ذلك وضع الإنسان في دائرة التساؤل حول دوره في صناعة وخلق الأمراض المزمنة والخطرة.
الخاتمة:
أخذ التحول الوبائي شكله الذي رسمه عمران له, وخاصة في الدول النامية. إلا إن توجه العديد من دول العالم نحو المراحل المتقدمة من التحول الوبائي, كما إن عودة بعض الأمراض المعدية التي تم القضاء عليها في العديد من مناطق العالمللواجهة في دول تجاوزت مرحلة الأمراض المعدية منذ زمن كمرض الدرن الذي لازم انتشار مرض الإيدز. وتغير طبيعة الأمراض الوبائية خاصة الأمراض السارية والمعدية وظهورها في أشكال جديدة كمرض سارس SARS, ومرض أنفلونزا الطيور, ورغم التقدم الذي يشهده العالم في المجالات المختلفة وخاصة الطبية والتقنية ظهرت تلك الأمراض في مناطق مختلفة من العالم, فوجدت في مناطق عديدة من أسيا خاصة الصين وتايلاند, كما وجدت في دول متقدمة ككندا التي تعد دولة من الدول المتقدمة وأحد أغنى دول العالم. كما إن عودة أمراض بيولوجية تحمل طبيعة الأمراض المعدية كمرض الجمرة الخبيثة Anthrax "أنتراكس" يجعل إعادة النظر في نظرية التحول الوبائي أمر ضروري, خاصة وأنه يمكننا من خلال العرض السابق التنبؤ بتحول وبائي جديد ممكن الحدوث بعد مرحلة الأمراض الانحلالية والأمراض من صنيع الإنسان.
الأسئلة:
-1 ترتبط نظرية التحول الوبائي بنظرية التحول الديموغرافي في تفاصيلها باختلاف معدلات الخصوبة فقط (خطأ).
-2 تتميز المرحلة الأولى من مراحل نظرية التحول الوبائي بمعدلات نمو سكاني منخفض ( صح).
-3 أهم ما يميز المرحلة الثالثة من مراحل نظرية التحول الوبائي هو بقاء معدلات المواليد مرتفعة مع انخفاض معدلات الوفيات بفعل انحسار الأمراض المعدية والوبائية (خطأ).
-4 تحسن الحالة الصحية العامة للسكان بفعل التطور الاقتصادي, واكتشاف وسائل العلاج الحديثة والتطعيمات ضد الأمراض المعدية أدت إلى زيادة معدلات نمو السكان في المرحلة الثانية.( صح).
-5 أهم ما يميز المرحلة الثالثة من مراحل نظرية التحول الوبائي هو مواكبة انخفاض معدلات الوفيات, انخفاض في معدلات المواليد.(صح).
-6 تتساوى دول العالم في المدة التي تستغرقها في التحول الوبائي من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثالثة كما حددها عمران بمائة عام(خطأ).
-7 لا يوجد تفاوت في مرور دول العالم بجميع مراحل نظرية التحول الوبائي (خطأ).
-8 تشكل بعض الأمراض المزمنة أو أمراض المرحلة الثالثة في بعض الدول طبيعة وبائية(صح).
-9 التباين في المستوى الحضاري والاقتصادي والطبي لدى دول العالم يؤثر تأثيرا واضحا في تحديد وضع الدولة من مراحل نظرية التحول الوبائي(صح).
10- أهم الأمراض التي تميز المرحلة الأولى من مراحل التحول الوبائي هي مرض الطاعون والكوليرا والأمراض النفسية(خطأ).
المجموعة الثانية:
1- ترتبط نظرية التحول الوبائي بنظرية التحول الديموغرافي في تفاصيلها:
-1 باختلاف معدلات الخصوبة والوفاة.
2- باختلاف معدلات الخصوبة فقط.
3- بالتغير في المرض والصحة والوفاة والبقاء على قيد الحياة عبر الزمن.
4- جميع ما سبق.
الجواب رقم 1 وَ 3.
2- أهم ما يميز المرحلة الثانية من مراحل نظرية التحول الوبائي:
1- معدلات مواليد مرتفعة مع انخفاض معدلات الوفيات.
2- معدلات مواليد منخفضة مع ارتفاع معدلات الوفيات.
3- معدلات مواليد مرتفعة مع ارتفاع معدلات الوفيات.
4- معدلات مواليد منخفضة مع انخفاض معدلات المواليد.
الجواب رقم 1.
3- تتركز وفيات المرحلة الأولى من مراحل نظرية التحول الوبائي في:
1- فئة كبار السن.
2- فئة كبار السن والشباب.
3- فئة صغار السن.
4- فئة الشباب.
الجواب رقم 3 وَ 4.
4- أطلق عمران على المرحلة الثالثة من مراحل نظرية التحول الوبائي والتي تنتشر في الدول المتقدمة مسمى:
1- مرحلة الأوبئة والأمراض المعدية.
2- مرحلة انحسار الأوبئة.
3- مرحلة الأمراض الانحلالية والأمراض من صنيع الإنسان.
4- مرحلة الأمراض المزمنة.
الجواب رقم 3.
5- لا تزال معظم الأمراض المعدية والوبائية تشكل وباء سائدا في بعض:
1- الدول النامية والمتقدمة على حد سواء.
2- الدول النامية.
3-الدول المتقدمة.
4- لا تشكل وباء في أي منهما.
الجواب رقم 2.
قائمة المراجع:
-1 بيغلهول, ر, بونيتا, ر, كييلستروم, ت, (1997م), أساسيات علـم الوبائيات, منظمة الصحة العالمية المكتب الإقليمي لشرق المتوسط, أكاديميا انترناشيونال, بيروت.
-2 سلطان, غانم, (1997م), مرض الإيدز دراسة تحليلية في الجغرافيا الصحية, مجلة العلوم الاجتماعية, مجلد25, العدد2, جامعة الكويت مجلس النشر العلمي, الكويت.
-3 الطرزي, عبدالله حمادة, (1411هـ), مبادئ في علم السكان, دار الفرقان, الأردن.
-4 الطرزي, عبدالله حمادة, (1422هـ), الخصائص الديموغرافية- الجغرافية والمشكلات السكانية في سلطنة عمان, دراسات الخليج والجزيرة العربية, العدد101, صـ165- 202.
-5 الطيبي, عكاشة عبد المنان, (2002م), أسئلة حائرة كيف أقهر السرطان بالغذاء والفيتامينات؟, المكتبة الثقافية, بيروت.
-6 عبدالجليل, محمد مدحت جابر, (1999م), الأبعاد الجغرافية لمرض الإيدز في العالم مع إشارة خاصة لمنطقة الخليج العربية, مكتبة الأنجلو المصرية, القاهرة.
-7 عبد الجليل, محمد مدحت جابر, (1424هـ), التحول الوبائي في دولة الإمارات العربية المتحدة"دراسة في الجغرافية الطبية", حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية, الرسالة 204, الحولية24, جامعة الكويت, الكويت.
-8 عمران, عبدالرحيم, (1981م), دراسات جديدة حول أنماط الأسرة وصحتها, منظمة الصحة العالمية, جنيف.
-9 اللبان, خلف الله حسن محمد, (1999م), الصحة والبيئة في التخطيط الطبي, دار المعرفة الجامعية, القاهرة.
-10 ليناس, جاكي, (2004م), الطبخ الصحي لمرضى القلب, ترجمة ملص, محمد حسان, أكاديمية انترناشيونال, بيروت, لبنان.
-11 ماكيت, إ.م, و ويليامز, جيه. دي, (1424هـ), اللقاحات البشرية والتطعيم, ترجمة حسين, ماهر البسيوني, و البسيوني, نرمين ماهر, النشر العلمي, الرياض.
-12 الموسوعة العربية العالمية, (1416هـ), مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع, الرياض.
13- www.alwatan.com
14- www.ipsr.mahidol.ac.th
15- www.pitt.edu
16- www.who.org
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق