النمو العام للسكان
مفهومه ومراحله والتنبؤ به
المحاضرة الثامنة: جامعة بابل:
أولا- مفهوم النمو العام: يقصد بالنمو العام هو التغير الذي يطرأ على حجم السكان من خلال حركتي السكان الطبيعية والمكانية ويقصد بالحركة الأولى تغير السكان الطبيعي الناجم عن الفرق بين الولادات والوفيات ولا يفترض أن تكون الزيادة فعلية بقدر ما هي إلا تغير طبيعي نتائجه الزيادة أو النقصان الطبيعي أما الحركة الثانية والتي تعني الهجرة والتي يتسبب عنها تغبر موطن الفرد وهي الأخرى نتائجها الزيادة من خلال الوافدين والنقصان من خلال النازحين ويتوقف تأثير هذه الحركة على طبيعة المجتمع المدروس حيث يرز تأثيرها بشكل واضح في المجتمعات المفتوحة لكونها معرضة لتياراتها ويذلك يصعب دراستها وتحديد اتجاهاتها، أما المجتمعات المغلقة فهي لا تنتابها تيارات الهجرة وبذلك لا تتأثر ألا بنتائج الحركة الأولى ولكن في كلا المجتمعين المغلق والمفتوح تبقى الحركة الطبيعية العامل الأساسي في نمو المجتمع، وكما أشرنا سابقا تعتمد دراسة هذه الحركة على الإحصاءات السكانية المتعلقة بالولادات والوفيات التي تسجل في الدوائر الحكومية ذات العلاقة والتي غالبا تكون منشورة عن طريق الجهاز المركزي للإحصاء .
ثانيا- مراحل النمو السكاني: وكما أشرنا سابقا أن حركة السكان الطبيعية هي العامل الأساسي في نمو السكن، وفي كل دول العالم تتفوق معدلات الولادات على مثيلاتها في الوفيات إلا أن الفرق بينهما يختلف بين دول العالم وبين الأقاليم التابعة للدولة الواحدة بل وحتى بين الطبقات الاجتماعية داخل الأقليم الواحد وهكذا يتضح أن لكل دولة نمط خاص للنمو السكاني يختلف عن الدولة الأخرى وعلى ضوء ذلك تم تقسيم العالم الى مراحل ديموغرافية لكل مرحلة لها خصائصها التي تعتمد على معدلات الولادات والوفيات، وقد جاء ريموند بيرل بنظريته التي أطلق عليها (النمو السكاني الطبيعي) والذي استنتج من خلالها أن النمو الطبيعي يمر في دورات بطيئة في بادئ الأمر ثم يتزايد بالتدريج بنسبة ثابته حتى يصل الى منتصف الدورة وبعد ذلك تأخذ الزيادة المطلقة بالتناقص التدريج حتى نهاية الدورة وعلى ذلك تم تقسيم العالم إلى أربعة مراحل من النمو السكاني وهي: تعد الولادات العامل الرئيسي المؤثر في حجم السكان:
أ- المرحلة الأولى (البدائية) وتتميز هذه المرحلة بارتفاع معدلات الولادات والوفيات معا وتصل الوفيات في هذه المرحلة الى معدلات كبيرة تتجاوز أكثر من (20) بالألف أما وفيات الأطفال الرضع فقد تصل الى أكثر من (250) بالألف وكما أن نصف الأطفال يموتون قبل وصولهم الى سن الخامسة عشر وذلك نتيجة لتعرض السكان في هذه المرحلة الى الأوبئة والمجاعات، وقد مرت كل مجتمعات العالم في هذه المرحلة حتى القرن السابع عشر أما في الوقت الحاضر فأن هذه المرحلة تقتصر على بعض المجتمعات المنعزلة في بعض أجزاء وسط أفريقيا وبعض جزر جنوب شرق أسيا وفي بعض دول أمريكاالجنوبية حيث تزيد فيها معدلات الولادات والوفيات عن (20) بالألف وبالتالي لا يزيد معل النمو السكاني إلا قليلا ويبقى مرتبطا بظروف التخلف الصحي والاجتماعي السائدة ولا شك أن زيادة اتصال هذه المجتمعات بالعالم المتحضر سيؤدي الى تقليل من معدلات الوفيات وبالتالي تدخل المرحلة الثانية من الدورة.
ب- المرحلة الثانية: المرحلة الديموغرافية الشابة والتي يطلق عليها مرحلة (الانفجار السكاني) حيث تتميز بالنمو السريع للسكان الناتج من ارتفاع معدلات الولادات وبالمقابل انخفاض معدلات الوفيات مما يؤدي إلى زيادة الفرق بينهما وتضم هذه المرحلة معظم الدول النامية ومنها الدول العربية حيث العراق جزء منها وقد دخلت الدول النامية في هذه المرحلة نتيجة للتطور الصحي والثقافي الذي أصابها مما أدى إلى خفض معدلات الوفيات وبقى معدل الولادات على حاله ويتضاعف حجم سكان دول هذه المرحلة خلال مدة (30الى 40سنة) وذلك لارتفاع نسبة الزيادة الطبيعية فيها إلى أكثر (2،5%) وتتميز الدول في هذه المرحلة بارتفاع نسبة صغار السن نتيجة لارتفاع معدلات الولادات.
ج-المرحلة الثالثة: وتعرف بمرحلة التزايد السكاني المتأخر وتتميز الدول في هذه المرحلة بأن معدلات الولادات فيها أكثر بقليل من معدلات الوفيات التي تبلغ حوالي (10بالألف) وبذلك لا تتجاوز الزيادة السكانية الطبيعية فيها أكثر من (2%) وتضم هذه المرحلة دول مارس سكانها تخطيط وتنظيم الأسرة وهي الصين، كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وكوبا والأرجنتين وشيلي.
د- المرحلة الرابعة: وهي مرحلة الثبات الديموغرافي وتتميز الدول التي تمر في هذه المرحلة بانخفاض معدلات الولادات والوفيات معا بشكل ملحوظا مما يسبب في هبوط معدل النمو السكاني فيها والذي يصل في المتوسط (2،%0) سنويا كما هو الحال في دول شمال وغرب أوربا سويسرا والنرويج وفرنسا وإيطاليا وهولندا والمملكة المتحدة وغيرها،وتعد اليابان الدولة الأسيوية الوحيدة التي وصلت إلى هذه المرحلة وذلك نتيجة السياسة الحازمة في تخفيض معدل نموها السكاني الذي وصل إلى (3،0% ) وقد تصل معدلات دول هذه المرحلة الى التناقص الطبيعي كم حدث في عام 1996 في خمسة عشر دولة حيث وصل معدل نموها السنوي الى (- %1،3) سنويا كمثل روسيا وبلاروسيا وإيطاليا وبلغاريا وكرواتيا وأوكرانيا النمو السكاني والنظريات المتعلقة به: تعدد النظريات التي تحاول أيجاد تفسير متكامل للمشاكل السكانية وانعكاسها على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.
وتعد نظرية مالثوس من أبرز النظريات التي ظهرت في العصر الحديث التي كانت تحمل في طياتها أفكارا تشائمية في مستقبل العلاقة بين العوامل السكانية والعوامل الاقتصادية ويمكن أيجاز مضمون نظرية مالثوس بالنقاط التالية:
ا- أكد مالثوس أن السكان ينمو بسرعة تفوق سرعة قدرة الأرض على الانتاج فالسكان ينمو حسب متوالية هندسية / 1، 2، 4 ، 8 ، 16 ، 32 ، 64 وهكذا بينما ينمو انتاج الغذاء بمتوالية حسابية / 1، 2 ، 3 ، 4 ،5 ،6 ،7 ،8 وهكذا فالسكان يتضاعف كل (25) سنة وفق المتوالية الهندسية بينما لا يتضاعف الإنتاج وفق المتوالية الحسابية وإذ ما استمرت هذه النسب خلال (150) سنة زاد حجم السكان إلى (64) مرة من حجمهم الأصلي بينما لا يزيد الإنتاج إلا(7) أمثال مقداره.
ب- أراد مالثوس أن يوضح مدى الفارق الكبير بين قدرة الإنسان على الزيادة وقدرة الأرض على الانتاج والتي توفر له العيش.
ج- أعتقد مالثوس أن بطء النمو السكاني في جميع دول أوربا الحديثة يعود إلى الموانع الإيجابية والوقائية فالأولى تمثل الأوبئة والحروب والمجاعات أما الثانية والذي سماه مالثوس الضغط الأخلاقي وتشمل الإمتناع عن الزواج أو تأخيره مع المحافظة على العفة ويرى مالثوس أن القدرة على الإنجاب أكبر بكثير من القدرة على إنتاج الغذاء الذي يكون محكوم بقانون تناقص الغلات.
د- يعتقد مالثوس أن حالة عدم التوازن حالة مؤقته حيث سرعان ما يتحقق التوازن بسبب الموانع الإيجابية.
هـ- وجه مالثوس نقده الشديد إلى الفقير الذي يتزوج وينجب أطفالا ليس لهم مكان على المائدة الطبيعية وليس من حقه طلب المعونة من المؤسات الخيرية أو غيرها مادام هو أقترف الذنب بنفسه وذلك بمعارضته لقوانين الطبيعة وعدم إصغاءه إلى صوت العقل.
الانتقادات التي وجهت الى نظرية مالثوس: أفترض مالثوس أن السكان يتزايدون وفق المتولية الهندسية والإنتاج وفق المتوالية الحسابية وهو افتراض صحيح من الوجهة الرياضية ولكن ليس من الضرورة أن يستمر نمو السكان بمتوالية هندسية والغذاء بتموالية حسابية إلى ما لا نهاية فقد شهدت الكثير من المجتمعات الاوربية نقصا في عدد من المواليد نتيجة استخدام وسائل منع الحمل الذي اعتبرها مالثوس رذيلة ضمن الموانع التي تعوق نمو السكان ونصح بتأجيل الزواج أو الأعراض عنه فهو بذلك لم يضع في حسابه التطور العلمي في مجال وسائل منع الحمل التي من شأنها تقلل النمو السكاني ويصدق القول هذا على قارة أوربا التي عانت من النقص في نمو السكان بعد مرور مائة عام على نظرية مالثوس ففي سنة 1860 كان معدل المواليد في تسع دول أوربية (34) بالألف وبعد مرور (75) سنة انخفض هذا المعدل إلى النصف ، وكما أنه لم يضع في حسبانه دور التقدم العلمي في زيادة الإنتاج الغذائي بصورة كبيرة الذي ساعد في التوازن بين السكان والغذاء.
حمله من هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق