التمثلات الاجتماعية للمهاجرين الأفارقة
جنوب الصحراء بالمغرب
نموذج مدينة تطوان
عزيزة عسو
باحثة في سلك الدكتوراه
د.محسن إدالي
مختبر دينامية المشاهد والمخاطر والتراث
كلية الآداب والعلوم الانسانية بني ملال - المغرب
المؤتمر الدولي الجغرافية - تونس 2018
26 - 30 نوفمبر 2018
12 Edition Of The Internationl Congress
Geo - TUNIS 2018
26 - 30 November 2018
مقدمة :
شهدت ظاهرة الهجرة الدولية في السنوات الأخيرة اهتماماً متزايداً، وتجاذبات سياسية وأكاديمية وأيدولوجية على أعلى مستوى، غدتها الوقائع والتطورات و التوظيفات والاشكالات المختلفة التي طرحها ملف الهجرة الشائك والمعقد ، بمقاييسه المتداخلة محلياً وإقليمياً ودولياً. وبامتداداته الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والمجالية - الجغرافية والثقافية والاديولوجية، وبرهاناته وتحدياته الجيوستراتيجية والجيوسياسية .... الخ.
والمغرب ونظراً لموقعه الجغرافي الاستراتيجي في الزاوية الشمالية الغربية للقارة الإفريقية، وباعتباره أقرب نقطة للقارة الأوروبية، شكل دائما هدفاً ونقطة استراتيجية للمهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء الراغبين في بلوغ القارة الأوربية. وفي السنين الأخيرة ونظراً للقوانين المتشددة الصادرة من طرف الاتحاد الأوروبي، سيتحول المغرب من بلد عبور إلى بلد استقرار لهؤلاء المهاجرين، وهو ما شكل ضغطاً كبيراً على كل المستويات بالنسبة للدولة، من الناحية السياسية والحقوقية وأيضاً من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وأيضاً من ناحية الحكامة وتدبير هذا الملف. وهكذا سيصبح المغرب موضوعاً تتجاذبه النقاشات الأكاديمية والسياسية والانفعالات الشعبية، حول ما تبناه من إجراءات جديدة وفريدة في مجال الهجرة واللجوء، والتي توزعت حولها وجهات النظر، بين تلك التي تتبنى التفسير من خلال ما هو داخلي، وتلك التي تنحو إلى التفسير من خلال ما هو خارجي. هذا التجاذب لم يقتصر فقط على الجانب السياسي والحقوقي، بل شمل أيضاً الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والهوياتية والقيمية...، مستنداً في طروحاته على المؤشرات الرقمية، وعلى المعطيات الإحصائية الخاصة بالتنمية البشرية في المغرب، ومتأثراً أيضاً بمنسوب كبير من الرمزية المرتبطة بالتمثلات والأفكار النمطية، التي أصبحت تغزو المشهد الاجتماعي بخصوص المهاجرين وسياسة المغرب في هدا المجال منسوب الرمزية هذا هو الذي سنناقشه في هذا المقال من خلال موضوع: "التمثلات الاجتماعية للمهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء بالمغرب: نموذج مدينة تطوان" وهو الذي شكل موضوع بحثنا للحصول . على شهادة الماجستير في الهجرة الدولية: المجال والمجتمع سنة 2017.
وسنركز على التساؤل الرئيسي التالي:
- ما طبيعة العلاقات الاجتماعية التي تجمع بين المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء وكل من الساكنة التطوانية والسلطات المحلية، وما هي تمثلات الطرفان اتجاه بعضهما البعض؟.
وحتى نتمكن من الإجابة على هذا التساؤل، اعتمدنا من الناحية المنهجية على تقنية التحري الميداني من خلال توظيف تقنية الاستمارة والاستجواب والخرائط الذهنية، وهو ما أتاح لنا إمكانية التشخيص الميداني واستغلال الأرقام والنسب المتوصل إليها، ثم بلورة خلاصات تركيبية هامة في هذا الشأن، بالرغم من الصعوبات الكثيرة والحساسية الكبيرة التي يتميز بها موضوع كهذا .
1 – تحديد مجال الدراسة: (مدينة تطوان)
مدينة تطوان من المدن المغربية العريقة، الضاربة في القدم، تناولتها كتب عديدة من كتب التاريخ والسير وغيرها لمؤلفين محليين ومغاربة وأجانب. ولمدينة تطوان أسماء متعددة، وقد اختلف في تسميتها، ومن بين الأسماء المتوافق حولها نجد "تطوان" ، ويطلق على المدينة أيضاً اسم "تطاون" وهي الصيغة التي ينطق بها سكان هذه المدينة، وقد اتجهت معاني اسم المدينة إلى العيون ، وقد يرجع ذلك لكثرة العيون بها. ويكتب اسم المدينة باللغة الفرنسية وهي مدينة أحيائها القديمة أندلسية الطابع، تقع "Tetuan" أما باللغة الأسبانية والإيطالية فيكتب "Tetouan" في منطقة الريف الكبير وفي منطقة فلاحية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بين مرتفعات جبل درسة وسلسلة جبال الريف. تتميز تطوان بقدرتها الحفاظ على الحضارة الأندلسية فيها، مع تكيفها المستمر مع الروافد الثقافية الواردة إليها، مما أثرى وميز تاريخها العريق.
لا تزال المدينة تحتوي على الكثير من المعالم الأثرية القديمة التي تبرز عظمة عمران المدينة وتحكي تاريخ الحضارة الإسلامية بها، وقد تم تسجيل تطوان كموقع تراثي عالمي سنة 1990م من جانب منظمة اليونسكو، وفي تطوان عدد من الأزقة الرئيسية التي تربط ما بين أبواب المدينة وساحاتها وبناياتها العمومية كالفنادق والمساجد والزوايا، بالإضافة إلى مختلف الأحياء التجارية الأخرى الخاصة بالحرف التقليدية القديمة.
تبلغ ساكنة المدينة حالياً ما يناهز 390 ألف نسمة يشكل منهم الأجانب بشكل قانوني 564 نسمة حسب إحصاء 2014 ينتشرون في مساحة تبلغ 11.570 كيلو متر مربع، وهي تنتمي لجهة طنجة - تطوان شمال المغرب، وهي جهة شهدت في السنوات الأخيرة نهضة عمرانية وصناعية كبيرة ومميزة، ساهمت في الرفع من معدل الاستقطاب سواء بالنسبة للسكان المغاربة أو المهاجرين الأجانب، نظراً لما أصبحت تتيحه من إمكانيات للاندماج في سوق الشغل (ميناء طنجة المتوسط، مصنع السيارات رونو، المشاريع المهيكلة وخاصة القطار فائق السرعة TGV، وأيضا المشاريع السياحية على طول الشريط الساحلي المتوسطي، هذا إلى جانب التجارة وخاصة السلع المهربة في نقط الحدود بكل من طنجة والفنيدق...الخ). وعليه ستعرف المدينة وفود العديد من المهاجرين غير القانونيين من عدة دول إفريقية شأنها شأن باقي مدن المغرب، لتصاب بنيتها الاجتماعية باختلالات وهزات ثقافية وقيمية واضحة، بفعل الثقافات المختلفة للمهاجرين.
إن وضع المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء في مدينة تطوان متعدد الدلالات وله قراءات مختلفة حسب التخصصات وحسب المصالح ووجهات النظر، لكن عندما نعالجه ضمن علاقته بالتمثل، فإن إحالته كفعل اجتماعي، على الواقع المرجعي الرمزي والمادي لمدينة تطوان تصبح ضرورية ومشروعة، وتتيح لنا فهم الجانب السيكولوجي المتبادل بين الساكنة المحلية والمهاجرين، على مستوى المخيال الشعبي والتمثلات الاجتماعية في شموليتها، علماً بأن التشخيص ليس سهلاً على مستوى الأدوات الموظفة وخاصة الاستمارات والاستجوابات والخرائط الذهنية. قبل الخوض في أهم النتائج المتوصل إليها في هذا الجانب يكون من المفيد أن نعرف بالمفهوم الإجرائي الأساسي لدراستنا هاته وهو مفهوم التمثل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق