التسميات

الأحد، 29 سبتمبر 2019

تقييم مشاريع الري القديمة في العصر العباسي بالمقارنة مع مشاريع الري الحديثة في منطقة بغداد


تقييم مشاريع الري القديمة في العصر العباسي بالمقارنة

مع مشاريع الري الحديثة في منطقة بغداد


رسالة تقدمت بها

كفاح داخل عبيس البديري

إلى مجلس كلية الآداب في جامعة بغداد 

وهي جزء من متطلبات نيل درجة ماجستير آداب في الجغرافية



بإشراف

الأستاذ الدكتور

صالح فليح حسن الهيتي


 1426هـ                      2005م





الخلاصة

   تعد مشاريع الري من أهم المواضيع التي تم دراستها منذ عهود طويلة وحتى وقتنا الحاضر لأهميتها في سد حاجة متطلبات الأراضي الزراعية من المياه اللازمة لإروائها، وتم اختيار مشاريع الري في العصر العباسي (عصر ازدهار الزراعة في العراق) لدراستها والتعرف على أسباب اندثارها، وهل لتلك أثر على مشاريع الري الحديثة في منطقة الدراسة (محافظة بغداد).
        وقد تناول البحث دراسة مشاريع الري في محافظة بغداد آخذاً بنظر الاعتبار أهمية الجانب الجغرافي في قيام مثل هذه المشاريع وعلاقة هذا الجانب بديمومة تلك المشاريع وإعطاء الأهداف المرجوة منها، ومعرفة مدى تأثير العوامل الطبيعية والبشرية في قيام وتوزيع تلك المشاريع قديماً وحديثاً، والتعرف على أهميتها والمشاكل التي كانت تعاني منها، وتأثيراتها السلبية على فاعلية وكفاءة عملها، والعمل على إيجاد السبل الكفيلة لغرض صيانتها والمحافظة عليها.
        تضمنت الرسالة مقدمة وخمسة فصول، تناول الفصل الأول: تحديد الموقع الجغرافي لمنطقة الدراسة وتحديد مشكلة وفرضية الدراسة، فضلاً عن التعرف إلى طريقة البحث وهيكليته. كما تم التطرق إلى العديد من الدراسات السابقة التي تناولت الحديث عن مشاريع الري في العراق بشكل عام ومنطقة الدراسة بشكل خاص مع ورود بعض المصطلحات الخاصة بذلك. في حين تناول الفصل الثاني: نبذة تاريخية عن مشاريع الري قديماً في المحافظة ومدى أثرها في قيام مشاريع ري حديثة في المنطقة، ولما لهذه المشاريع من أهمية في قيام العديد من المستوطنات البشرية والتي لولا هذه المشاريع لما كان هناك أي نوع من الاستيطان السكاني، أما الفصل الثالث فتناول أهم العوامل الطبيعية والبشرية لمحافظة بغداد ومدى الدور الفعال الذي لعبته في التأثير بشكل مباشر أو غير مباشر على قيام تلك المشاريع واستمرار نجاحها أو فشلها. ومن أهم هذه العوامل عامل السطح، والبنية الجيولوجية للمنطقة، ونوعية مياه الري، سواء السطحية منها أو الجوفية، كما تناولت الدراسة أهمية التربة وملوحتها وخواصها الكيمياوية والفيزياوية في قيام مشاريع الري في المنطقة. فضلاً عن تناول الجانب الزراعي وأهميته وازدهاره عن طريق الأنهار الموجودة في المنطقة قديماً وحول المدينة (في العصر العباسي) بالرغم من اندثارها لأسباب (تم ذكرها سابقا)ً في البحث واستمرار قيام مشاريع إروائية حديثة في المنطقة بالرغم من تحول معظم مناطق المحافظة إلى مشاريع سكنية وصناعية، إلا أن مشاريع الري أخذت النصيب الأوفر من إقامة تلك المشاريع. أما الفصل الرابع فتناول التوزيع الجغرافي لمشاريع الري في المحافظة قديماً (في العصر العباسي) ولما لهذه المشاريع من أهمية في إعمار المدينة وتغطية حاجة المحاصيل الزراعية من المياه وتوزيعها حديثاً بهدف توسيع الرقعة الزراعية، وإن هذا التوزيع يظهر أثر كل من العوامل الجغرافية (الطبيعية والبشرية) في تغير معظم مجاري الأنهار والتي بدورها كانت السبب في إقامة بعض المشاريع من عدمها، فضلاً عن ذلك فإن بعض مشاريع الري أقيمت في مناطق يتعذر فيها وجود المياه الكافية لهذه المشاريع مما سهل عملية فشلها. بينما تناول الفصل الخامس تقييم مشاريع الري قديماً وحديثاً في منطقة الدراسة من خلال التعرف على المساحات المزروعة قديماً (في العصر العباسي) ومقارنتها مع التوسع الحاصل في زيادة المساحات الزراعية حديثاً، وأثر هذه المشاريع الإروائية الحديثة في سعة المساحات المزروعة في المحافظة، والتقنيات العلمية الحديثة التي استخدمت في تطور هذه المشاريع وبالتالي زيادة في المساحات المزروعة مقارنة بتقنيات الماضي ومحدوديتها. فضلاً عن التطرق الى بعض المشاكل التي تعاني منها القنوات الإروائية لمنطقة الدراسة وكيفية إيجاد الحلول العلمية السلمية لمعالجتها والتقليل من آثارها، وانتهت الرسالة بجملة من الاستنتاجات والتوصيات.


المحتويات
ت
الموضوع
الصفحة
1.
الإهداء

2
شكر وتقدير

3
الخلاصة
آ-ب
4
المحتويات
ت
5
قائمة الجداول

6
قائمة الخرائط

7
قائمة  الأشكال

8
المقدمة
1-3
9
الفصل الأول : الإطار النظري للدراسة
4-20
10
تمهيد
4-5
11
المبحث الأول : الدليل النظري للبحث
6-10
12
أهمية الدراسة
6
13
مشكلة الدراسة
6
14
حدود منطقة الدراسة
6
15
فرضية الدراسة
8
16
منهجية الدراسة
8-10
17
المبحث الثاني: الدراسات السابقة
11-17
19
المفاهيم والمصطلحات الواردة في البحث
17-20
20
الفصل الثاني: نبذة تاريخية عن مشاريع الري في العراق
21-67
21
المبحث الأول: الري قديماً
25-48
22
المبحث الثاني: الري حديثا
48-67
23
الفصل الثالث:  المقومات الطبيعية والبشرية لمنطقة الدراسة
68-173
24
المبحث الأول: المقومات الطبيعية
68-148
25
الموقع
69
26
البنية الجيولوجية
71-80
27
السطح
80-88
28
المناخ
88-103
29
الاشعاع الشمسي
103-106
30
درجات الحرارة
106-107
31
الرياح
107-108
32
الأمطار
108-111
33
التبخر
112-114
34
الرطوبة النسبية
114-116
35
التربة
117-130
36
النبات الطبيعي
130-131
37
الوارد المائية في المحافظة
132
38
المياه السطحية
133-144
39
المياه الجوفية
144-148
40
المبحث الثاني : المقومات البشرية
149-173
41
المستوطنات البشرية
149-162
42
السياسة الحكومية
162-173
43
الفصل الرابع: التوزيع الجغرافي لمشاريع الري قديماً وحديثاَ
174-300
44
المبحث الأول : التوزيع الجغرافي لمشاريع الري قديماً
174-234
45
مشاريع الري المقامة على نهر دجلة
174-177
46
مشروع النهروان
177-198
47
مشروع نهر الدجيل
198-206
48
مشروع نهر الاسحاقي
206-217
49
مشاريع الري المقامة على نهر الفرات
218
50
نهر عيسى
219-229
51
نهر صرصر
229-231
52
نهر الملك
231-234
53
نهر كوثى
234
53
المبحث الثاني: التوزيع الجغرافي لمشاريع الري حديثا
239
54
مشروع الثرثار
239-267
55
مشروع الوحدة
267-273
56
مشروع 7 نيسان
273-276
57
مشروع 14 رمضان
276-278
58
مشروع الدور
279
59
مشروع هور رجب
279
60
جداول الري المتفرعة من جانبي نهر الفرات
280
61
مشروع جدول الصقلاوية
280-285
62
مشروع ابو غريب
286-292
63
مشروع الرضوانية
289-292
64
مشروع ري اليوسفية
292-297
65
مشروع ري اللطيفية
297-300
66
الفصل الخامس: تقييم مشاريع الري قديما وحديثاً
301-410
67
المبحث الأول: تقييم مشاريع الري قديماً
301-348
68
زراعة طساسيج بغداد في العصر العباسي
301-305
69
تميز العصر العباسي ببروز نظام حديث
305-306
70
تدهور وانحلال النشاط الزراعي
306-308
71
تطور النشاط الزراعي في العصر الحديث
308-310
72
معنى الخراج
310-312
73
آليات ومفاهيم الخراج وطرق استحصاله
314-315
74
أراضي سواد العراق بين الملكية العامة والخاصة
315-320
75
تقدير المساحات الزراعية لمنطقة الدراسة في ضوء الخراج
322-326
76
أهمية نظام الخراج
324-328
77
خراج المشاريع ال‘روائية القديمة لمنطقة الدراسة
329-348
78
مشروع النهروان
329-330
79
مشروع الدجيل
332
80
مشروع الإسحاقي
332-340
81
خراج مشاريع الري غرب الفرات
341
82
نهر عيسى
341-343
83
نهر صرصر
343-345
84
نهر الملك
345-346
85
نهر كوثى
346-348
86
المبحث الثاني: تقييم مشاريع حديثاَ
349-410
87
المقدمة
349-351
88
مشروع الثرثار
351-355
89
مشروع الوحدة
355-363
90
مشروع 7 نيسان
364-368
91
مشروع 14 رمضان
368-374
92
مشروع الدور
374-375
93
مشروع هور رجب
375-376
94
تقييم مشاريع الري غرب بغداد
377
95
مشروع الصقلاوية
377-384
96
مشروع أبو غريب
384-395
97
مشروع ري اليوسفية
395-397
98
مشروع ري اللطيفية
397-398
99
مشاريع الإصلاح الزراعي الواقعة ضمن محافظة بغداد
399-410
100
الاستنتاجات
411-416
101
التوصيات
417-420
102
المصادر باللغة العربية
421-448
103
المصادر باللغة الإنكليزية
459-450
104
الخلاصة باللغة الإنكليزية
1-3


The Evaluation of Old Irrigation Projects at (the Abbaside Age) in comparison with Modern Irrigation Projects in Baghdad Governorate


A thesis submitted by

Kifah Dakhel Ubeis Al-B’deri


To the Council of College of Arts/ University of Baghdad in partial fulfillment of MA Requirements in Geography


Supervised by

Prof. Dr. Saleh Flayih Hasan Al-Hiti


1426AH                  2005AD



Abstract
          Irrigation projects are considered to be the most important topics studied since long eras until not for their importance in meeting the agricultural requirements of waters needed for irrigation. The irrigation projects at the Abbaside age are chosen (the agriculture flourishing age in Iraq) to study and know the reasons behind it annihilation, and if these reasons have an an influence on the modern irrigation projects in the study region (Baghdad governorate).
          The research deals with studying of irrigation projects in Baghdad governorate taking into consideration the geographical side importance in establishing such projects and this side relationship with the continuance of those projects and their decisive goals, knowing the effect extent of the natural and human factors on establishing and distributing those projects anciently and currently, knowing their importance and problems suffering from, their negative influences on their work activation and efficiency and working to find the suitable means to maintain and retain them.
          The thesis consists of an introduction and five chapters. The first chapter deals with “defining the geographical situation of the study region, the problem and hypothesis of the study as well as knowing the research method and its frame”. Also, several previous studies are mentioned talking about irrigation projects in Iraq generally and in the study region specifically with some special related terms. Chapter two states a historical brief on irrigation projects in the governorate in the past and their influence extent in establishing modern irrigation projects in the region, their importance in establishing so many human settlements, and if without, there would not be any kind of population settlement. Chapter three is about the most important natural and human factors in Baghdad governorate and their active role they played in direct and indirect influence or erecting those projects and their success or failure continuity. Some of main factors are surface, the region geographical structure, and kind of irrigation waters (surface or ground). The study also deals with the soil importance, its saltiness and its chemical and physical characteristics in erecting irrigation projects in the region beside the agricultural side, its importance and flourishing by the rivers existed in the region anciently and around the city (at the Abbaside age) despite their annihilation for reasons mentioned previously in the research, and the continuity of erecting modern irrigation projects in the region. Despite converting most governorate regions into residential and industrial projects, the irrigation projects take the biggest part of erecting those projects. Chapter four covers the geographical distribution of irrigation projects in the governorate in the past (at the Abbaside age) and their importance in reconstructing the city, meeting the agricultural crops need of waters and distributing them currently for the purpose of expanding the agricultural spot. This distribution shows the influence of the geographical factors (natural and human) in changing most river streams which are the reason behind erecting some projects or not. In addition, some projects are established in regions with insufficient waters which facilitate the failure process. Chapter five is about evaluating irrigation projects anciently and currently in the study region through knowing the planted areas anciently (at the Abbaside age) in comparison with the expansion taken place in the increase of the agricultural areas currently, the effect of these modern irrigation projects on expanding the planted areas in the governorate, the modern scientific techniques used in developing these projects and as a result increasing the planted areas in comparison with the past techniques and their limitations. The thesis also considers some problems the irrigation canals of the study region suffering from and finds the valid scientific solutions for treatment and decreases their effects. The thesis ends with a group of conclusions and recommendations.

المقدمة:
        تعنى الجغرافية بدراسة ظواهر سطح الأرض وتحليل العوامل التي توضح تباينها من مكان لآخر، ويرد المفهوم للجغرافية في أغلب تصانيف كتب التراث الجغرافي العربي، كما لا يختلف هذا المفهوم في جوهره عن المفاهيم والتعاريف الأخرى للجغرافية. والجغرافية التاريخية فرعاً من فروع الجغرافية التي تهتم بمحاولة دراسة وصياغة أسس يمكن الاعتماد عليها في تفسير الأحداث التاريخية، أو تفسير التاريخ بأحداثه عن طريق الجغرافية. والتاريخ هو دراسة أحوال الماضي، أما الجغرافية فهي دراسة تأثير الإنسان في سطح الأرض بما فيه من ظواهر طبيعية وبشرية، وهذه من اختصاص واهتمام الباحث الجغرافي.
        وتعد الجغرافية التاريخية من العلوم الحديثة نسبياً. وأكد على ذلك عدد من الفلاسفة والباحثين الجغرافيين بأن الجغرافية التاريخية هي قسم هام من أقسام الجغرافية وان جغرافية الحاضر تكتسب عمقاً ومعنى بالرجوع إلى جغرافية الماضي. ويعد قطرنا العراقي من بين أهم وأقدم أقطار العالم التي استعمل فيها الري، وذلك لأن [العراق] يقع في المنطقة الجافة وشبه الجافة، فهو بحكم خصائصه الطبيعية والمناخية لا يمكنه الاعتماد على الأمطار في بناء اقتصاده الزراعي، وتأمين احتياجاته لإنتاج مختلف المحاصيل الزراعية، منها الغذائية والصناعية والتي تتناسب زراعتها مع الظروف المناخية السائدة في المنطقة، لذلك فإن قيام وازدهار الحضارات القديمة، كان معتمداً اساساً على الزراعة المعتمدة على الري. وان أي أرض زراعية في أي منطقة معينة لا يمكن أن تكون لها قابلية زراعية ذات انتاجية عالية إذا لم تتوفر لها احتياجات مائية مناسبة.
        وكانت أقدم الحضارات في المناطق الجافة وشبه الجافة تعتمد في تقدمها ورقيها على الزراعة الاروائية، فالري والحضارة متلازمان لا يمكن فصلهما، فأينما وجدت حضارة راقية مزدهرة وجدت معها الزراعة الاروائية، وأينما وجد ري متطور، نمت وازدهرت معه الحضارة المعتمدة على الزراعة، وشهد وادي الرافدين قيام أقدم حضارة عرفها العالم في ظل أقدم نظام للري الدائم.
        ولا عجب من ظهور أقدم الشرائع والأنظمة والقوانين التي سنت في وقتها لتنظيم حياة السكان المعتمدين على الري والزراعة في حياتهم ومعيشتهم، ويدل ذلك على اهتمام البابليين بشؤون الري، كما جاء في شريعة حمورابي من أنظمة صارمة فيما يتعلق بشؤون الري. فقد أدرك حمورابي مدى الضرر الذي ينجم عن إهمال أعمال الري، فألزم كل فلاح في شريعته ومهما كانت سعة أرضه ان يقوم بتطهير الترعة المارة بأرضه وصيانة سدودها وإصلاحها، وفرضت على من يؤذي أراضي جاره تأدية تكاليف الأضرار كافة التي يسببها لجاره. وفي حالة عجزه يباع هو لدفع المبلغ وتعويض الضرر([1]). لذلك فقد دفعت الحاجة لسكان وادي الرافدين القدامى لتنظيم واتقان فن الري من أجل توسيع رقعة أراضيهم الزراعية عن طريق شق الجداول السيحية لنقل المياه من الأنهار للأراضي الزراعية وإقامة السدود والخزانات، فضلاً عن اختراعهم لوسائل رفع المياه لاسقاء الأراضي المرتفعة . لذلك يعتقد بأن حضارة وادي الرافدين بدأت عندما بدأ الانسان القديم يكتشف سبل إيصال المياه لأراضيه الزراعية، كما ان صلة الري ترتبط ارتباطاً كلياً بتاريخ العراق القديم، مما قامت حضارة ذات شأن في تأريخ العراق والا كانت تنظيمات الري ومشاريعها تحتضن تلك الحضارة وتسير معها جنباً الى جنب. وقد مكنت الجهود التي بذلها العراقيون القدماء في تنظيم الزراعة والري، وإيجاد نظام الدائم يؤمن مياه السقي طول العام حسب حاجة المزروعات من توطيد أركان الحضارة النهرية [Basin Civilization] التي يطلق عليها البعض بالمجتمع الإروائي أو الدولة الإروائية قبل مايقرب من 3000 سنة قبل الميلاد([2]). وإن قيام أي مشروع إروائي في أي منطقة معينة يعد من وجهة نظر الباحث الجغرافي هو أحد مظاهر التفاعل ما بين الإنسان وبيئته التي يعيش فيها. وبذلك نستطيع القول إن أرض ما بين النهرين أولى البيئات التي تطورت فيها أساليب الري إلى جانب مصر والسند([3]).
        وقد عرفت محافظة بغداد منذ الأزمنة القديمة بزراعتها ومشاريعها الإروائية الصغيرة والكبيرة. ولو القينا نظرة سريعة على تاريخ بغداد القديم لوجدنا بأن هذه المدينة العريقة ذات التاريخ الحضاري الكبير كانت مركزاً حضارياً عريقاً في زمن العباسيين وإذا عرفنا أن الزراعة كانت العامل الأساسي في بناء أي حضارة ليتبين لنا أن هذه المدينة ذات تاريخ زراعي كبير، وحين كانت أراضي العراق أهم مصدر رئيس للإنتاج الزراعي في المنطقة، حيث سميت أرض العراق بـأرض السواد" نظراً لخصوبتها وسهولة أراضيها ووفرة مياهها وملائمة مناخها للزراعة طيلة أيام السنة. وهذا بحد ذاته يعد أحد الأسباب الرئيسة لاختيار أبو جعفر المنصور مدينة بغداد عاصمة لدولته الكبيرة، أقام العباسيون مزارعاً كبيرة تضم منشآت الري وقنوات وشبكات مختلفة، وطيلة مدة طويلة كانت هذه الأراضي الزراعية والمزارع الهائلة ذات قابلية كبيرة للإنتاج، إذ يكفي إنتاجها لتغذية ملايين من الناس إلا أن ما كان ينقص أسلافنا هو معرفتهم بسبل الاستغلال الرصين لهذه الأراضي ووقايتها من التدهور وانتشار الملوحة.
        ومرت مدينة بغداد بمراحل مظلمة إثر احتلال المستعمرين لها ومن مختلف الأجناس واحتلالهم لهذه الأرض والتي زادت في تدهورها التام، إذ انتشرت الأملاح وتدهور الإنتاج بشكل كبير ومن ثم إهمال مشاريع الري والبزل بما فيها قنوات وشبكات الري لمختلف نواحي وضواحي المحافظة المختلفة، وعانت مشاريع الري في المراحل المظلمة من تاريخ العراق من الإهمال والتدهور ولاسيما أثناء مراحل الاحتلال والسيطرة الأجنبية لاقتصاد العراق بصورة عامة ولاسيما منطقة الدراسة. وهناك جملة عوامل رئيسة ساهمت في خلق نوع من التخلف الزراعي وخاصة في المجتمع الريفي من أهمها سيطرة الاستعمار الأجنبي وغياب السياسات ذات التخطيط السليم، مما أوجد فجوات شاسعة بين الريف والمدينة، لهذا يجب أن تساهم العملية التخطيطية بشكل كبير وفعال لإيجاد وسائل مختلفة ومتطورة للنهوض بهذا القطاع الفعال وبصورة متوازنة سواء أكان في الريف أو المدينة وبشكل متكافئ لتحقيق التوازن مع بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى للبلد. ومن أجل النهوض بواقع القطاع الزراعي والتقدم به نحو الأفضل لابد من شمول مشاريع الري والبزل في العراق بشيء من هذه السياسة التخطيطية التنموية من أجل النهوض باقتصاد العراق بشكل عام ولاسيما منطقة الدراسة، وبذل الجهود الكبيرة والحثيثة لاستصلاح مشاريع الري التي نالت من الإهمال والنسيان ما يكفي على مر تلك السنين، واستعادتها وإرجاعها لماضيها الزاهر الذي عرفت به. وتمثلت هذه الجهود في المشاريع الزراعية الضخمة التي خططتها ونفذتها الدولة ومنها:- المشاريع الكبيرة والصغيرة في مجال استصلاح الأراضي، وفتح شبكات الري والبزل، وقد استمر الاهتمام بمشاريع الري عبر آلاف السنين، ولاسيما في المناطق التي تتميز بعدم نجاح الزراعة فيها من دون استعمال مياه الري، ويؤدي استعمال مياه الري بصورة علمية وصحيحة إلى الترشيد في استهلاك المياه، ومن ثم يقلل من المشاكل التي يخلفها استعمال المياه، ولاسيما مشاكل تملح التربة.



([1]) د. احمد سوسة، فيضانات بغداد في التاريخ، القسم الأول، مطبعة الأديب، بغداد، 1965، ص201.
([2]) د. احمد سوسة، تاريخ حضارة وادي الرافدين في ضوء مشاريع الري الزراعية والمكتشفات الآثارية والمصادر التاريخية، ج1، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1983، ص91.
([3])  Leonard M. Cartor, World geography of irrigation, Oliver and Bord, London, 1967, P.11-12. 

الاستنتاجات
1-  ارتبط ظهور العديد من الحضارات العريقة على أثر قيام مشاريع الري العملاقة القديمة كالحضارة البابلية والسومرية والاكدية.
2-  مرت مشاريع الري بمراحل عدة عبر العهود التاريخية القديمة وقطعت شوطاً كبيراً في مضمار التقدم والازدهار وكان من أهم عهودها هو العهد الساساني والعباسي اللذان شهدا قيام العديد من مشاريع الري وإحياء المهملة منها، ومعالجة المشاكل التي تعاني منها الاراضي الزراعية.
3-  كان للخلفاء الراشدين دور فعال في الاهتمام بمشاريع الري وتقدمها لا سيما في العصر العباسي إذ شهدت المشاريع الاروائية في عموم المنطقة ازدهاراً ملحوظاً في عمليات استصلاح الأراضي الزراعية، فضلاً عن دورهم المميز في العصور التاريخية السابقة كالعصر الأموي والراشدي.
4-  نالت أراضي السواد العناية والاهتمام في العصر العباسي من خلال وضع الأنظمة والقوانين التي تتعلق بزيادة الإنتاج الزراعي والإشراف على القنوات والجداول الإروائية وإصلاح المهمل منها وصيانتها والمحافظة عليها.
5-  ظهور العديد من المستوطنات البشرية في منطقة الدراسة بشكل خاص نتيجة توفر شبكة من الأنهار التي تروي أراضي المنطقة كنهر عيسى وصرصر والملك.
6-  مر نهر دجلة بعدة أطوار مختلفة، فكان لتغير مجراه الغربي الذي كان يجري فيه إلى المجرى الشرقي الحالي أثر مهم في اند راس العديد من القنوات الإروائية واندثارها، وتحول مساحات واسعة من الأراضي الزراعية إلى صحاري جرداء كمشروع الدجيل والإسحاقي.
7- كان لفيضانات نهر دجلة المتكررة وارتفاع منسوبها عبر العصور المختلفة وخاصة العصر العباسي تأثير على الزراعة وقلة المنتوج الزراعي في المنطقة.
8-  إن الاستقرار السياسي في أي بلد زراعي يعني استمرار تقدم مشاريع الري وتطورها، وهذا بدوره يلعب دوراً في زيادة نسبة المساحات المزروعة قديماً وحديثاً.
9-  يعتبر العصر العباسي من أزهى العصور التي ازدهرت فيها منطقة الدراسة في جميع نواحي الحياة وخاصة [العصر العباسي الأول] إذ شهدت مشاريع الري الاهتمام والعناية الفائقة من خلال القيام بعدة أعمال عملت على تطور الري في المنطقة، كتنظيم توزيع المياه واستثمارها بالشكل الأمثل، وشق القنوات وجداول الري، واستثمار مساحات صالحة من الأراضي بهدف زيادة في الإنتاج الزراعي، فضلاً عن إقامة السدود والخزانات لخزن المياه والإستفادة منها في أوقات تكون فيها المياه شحيحة.
10-   إن ضعف الجانب السياسي الذي أثر بدوره على مركز وقوة الدولة العباسية وسقوطها ومن ثم احتلال المغول لبغداد سنة (1258م) الذي يعد من أكثر موجات اجتياح الغزو قساوة وضراوة في التدمير والخراب أثر على المشاريع الإروائية فيها حيث تدهورت هذه المشاريع مثل إنهيار العديد من السدود والخزانات، كانهيار (سد نمرود) الترابي وهبوط مناسيب نهر دجلة في معظم ايام السنة مما أدى إلى جفاف بعض القنوات الإروائية كالنهروان والدجيل.
11-   ظهور عامل الهجرة البشرية الواسعة من الريف إلى المدينة بسبب تردي مشاريع الري في المنطقة نتيجة الخراب الذي أصابها وتقلص نسبة المساحات القديمة، كمشاريع الري المقامة على نهر الفرات كمشروع أبي غريب، والصقلاوية واليوسفية، واللطيفية، والمسيب الكبير.
12-  أولت الدولة اهتماماً كبيراً بمشاريع الري خاصة بعد سنة 1968 إذ أُنشئت مشاريع ري جديدة لتوفير المياه اللازمة للأراضي، كمشروع اليوسفية المعروف بنهر كوثى (سابقاً) وإقامة مشاريع إروائية حديثة في المحافظة كمشروع الوحدة، و7 نيسان، و14 رمضان وغيرها، بهدف توسيع رقعة المساحات المزروعة وزيادة إنتاجيتها الزراعية بعد أن سيطرت الدولة على أخطار الفيضانات بعد اكمال مشروع الثرثار والحبانية منذ عام 1956م.
13-   تتمثل طرق الإرواء في محافظة بغداد بطريقة الري السيحي إذ تشكل المساحات المروية بهذه الطريقة الإروائية في محافظة بغداد نسبة تتراوح بين (85-90%) من المساحات المروية. في حين تشكل المياه التي تروى بطريقة الري السيحي نسب مابين (60-80%) وتتمثل المساحات المروية سيحاً بحدود (1330273) دونم حيث تشكل نسبة المساحة المروية سيحاً بحدود (83.86%) يتمثل معظمها ضمن المشاريع الإروائية في اليوسفية واللطيفية، وأبو غريب، وطرق الري بالواسطة (المضخات) حيث تشكل المساحات المروية بواسطتها بنحو (16.14%) متمثلة في اكتاف الأنهار موزعة بين مناطق أبي غريب ومشروع ري النهروان والكاظمية والمحمودية والرضوانية وتستخدم هذه الطريقة لإرواء أكثر من 1/4 مليون دونم من الأراضي المزروعة بالخضروات والبساتين.
14- لم يكن هناك استخدام أمثل للمياه خلال العصر العباسي، بالرغم من سعة المساحة المزروعة. أما الآن فهناك تقنيات تستخدم لترشيد الاستهلاك بالمياه. فضلاً عن توسع في المساحات، لكن توجد مشكلة تواجه الفلاحين بشكل دائم لا سيما في الوقت الحاضر ألا وهي شحة المياه، فهناك مشاريع ري تقام ويكتب لها الفشل بسبب عدم التخطيط الأمثل لها نتيجة عدم توفر المياه الكافية لها، وهذا الأمر يتطلب إعادة النظر في دراسة استخدام تقنيات الري الحديثة والمتمثلة بالري بالرش والتنقيط خاصة في معظم مناطق بغداد الرئيسة.
15- معظم مناطق بغداد تحولت إلى مناطق صناعية وسكنية وقلت فيها المناطق الزراعية السبب الذي أدى الى تقلص مساحة المنطقة الزراعية بسبب ضعف الخطط الموضوعة من قبل الاشخاص المختصين بأمور الري. وكذلك لقلة الإمكانيات المتوفرة آنذاك، وهذا الأمر أدى بالنهاية إلى قلة العناية بالمشاريع الإروائية في المحافظة وبالتالي فشلها.
16-   تعاني شبكات البزل في المحافظة من مشاكل فنية وبيئية كنمو الأدغال والحشائش والقصب والبردي وتراكم الترسبات الطينية في مجاريها فيتسبب في ضعف كفاءة عملها.
17-   حصول عدة تجاوزات للحصول على كمية أكبر من مياه الري واتخذوا طرق غير شرعية كإنشاء الفتحات في القنوات الإروائية وإقامة مضخات على الجداول والاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الحصة المائية المقررة وهذا الأمر أثر على الكثافة الزراعية.
18- أظهرت الدراسة تطور الزراعة كماً ونوعاً في معظم المناطق المجاورة لمدينة بغداد بشكل أوسع عما هو عليه في العصر العباسي خاصة فيما يتعلق بالمزارع المتخصصة بزراعة الخضروات والفواكه، ومزارع الإنتاج الحيواني.
19- كان للعوامل الطبيعية والبشرية أثرين كبيرين في قيام العديد من المشاريع الإروائية خاصة أن منطقة الدراسة تعد من المناطق ذات المناخ الجاف.
20- إن طبيعة سطح منطقة السهل الرسوبي هيأت لها إمكانيات هائلة لإقامة مشاريع إروائية متعددة في المنطقة، فضلاً عن الظروف المناخية التي تتصف بها طبيعة المنطقة حيث كانت وراء إنشاء مشاريع واستخدام طرق الإرواء المختلفة مما سهل جريان الماء بسهولة إلى الأراضي الزراعية.
21- إن لدراسة البنية الجيولوجية لمنطقة الدراسة تأثيراً مهماً على قيام مشاريع الري والخزن إذ أن هناك علاقة وثيقة بين التركيب الجيولوجي للمنطقة وقيام مشاريع الإرواء، كما ساعد انحدار الأراضي واتجاهاتها المختلفة سواء من جهة الشمال أو الشرق أو الغرب على استثمار المياه من نهري دجلة والفرات لإرواء الأراضي الزراعية الممتدة بين ضفتي نهري دجلة والفرات.
22- تتمتع محافظة بغداد بموقع ستراتيجي مهم بالنسبة للمناطق المحيطة بها، وقد اختيرت عاصمة للعراق للدولة العباسية منذ ذلك الوقت وظلت محافظة على موقعها المميز حتى وقتنا الحاضر. وقد إستفادت من موقعها الجغرافي في عملية التنمية الاقتصادية للمدينة لا سيما من ناحية الجانب الاقتصادي حيث تزود المدينة بالمواد الغذائية التي يحتاجها سكانها كالحنطة والشعير وغيرها من المنتجات الأخرى.
23- امتاز مناخ منطقة الدراسة بمناخ صحراوي جاف حار يتصف بارتفاع درجات الحرارة العالية في فصل الصيف وانخفاضها في أشهر فصل الشتاء، وقلة كمية الأمطار الساقطة على المنطقة وتذبذبها التي لا يتجاوز معدلها عن (150ملم) سنوياً، لذا فإن هذه الكمية غير كافية للإنتاج الزراعي فاعتمد على نظام الري قديماً وحتى وقتنا الحاضر.
24- إن الظروف المناخية السائدة في منطقة الدراسة منذ (العصر العباسي) لا تتطابق مع الظروف المناخية التي تسود المنطقة حالياً بسبب الظروف الطبيعية والبشرية التي تمتاز بها المنطقة.
25- تعد العناصر المناخية في منطقة الدراسة من المقومات الرئيسية في قيام مشاريع إروائية في المنطقة. وقد امتاز مناخ المحافظة بجفافه وقاريته ومداريته والذي كان عاملاً مهماً في إنشاء مشاريع الري والبزل.
26- إن التذبذب الحاصل في معدلات التصاريف الشهرية والسنوية لنهر دجلة للفترة من (1971-1997) قد ساهم بشكل كبير على قيام العديد من السدود والخزانات لخزن المياه الفائضة عن الحاجة في أوقات زيادة التصاريف المائية للتهيؤ لاستثمارها في أوقات الصيهود، لغرض الإستفادة منها لأغراض الزراعة والشرب، كما هو الحال في العصور الماضية وخاصة في العصر العباسي عندما أقاموا سد العظيم وسد نمرود اللذان عملا في التقليل من أخطار الفيضان والتحكم بمياهها ولاستغلالها لأوقات الحاجة.
27-  تمثل هذه المنطقة جزءاً من خاصرة الرافدين التي يتعاون على مدها في المياه كل من دجلة والفرات وديالى والعظيم.
28- يعتبر المورد المائي من أهم العوامل الجغرافية الأساسية لاستغلال أراضي المنطقة وزراعتها وبالتالي يشكل عامل جذب في الماضي والحاضر، حيث أن المياه استهوت الحكام والخلفاء والأمراء مثلما فعل أبو جعفر المنصور باختيار منطقة الدراسة لبناء عاصمة لهم باعتبارها منطقة عامرة بالجداول الإروائية تتخللها المزارع والحقول وسط سهل منبسط.
29- تعد تربة منطقة الدراسة من الترب المنقولة التي تكونت نتيجة ترسبات نهري دجلة والفرات بسبب عمليات الفيضانات المتعاقبة أو تأثير عمليات الري. وتتميز بصفات وخصائص تختلف عن ترب السهل الرسوبي وسبب هذا الاختلاف (كما ذكرنا سابقاً) هو عامل الزمن الذي لعب دوراً رئيسياً في تكوين التربة ونوعيتها.
30- تتمثل الموارد المائية في منطقة الدراسة بالمياه السطحية التي تتمثل بنهري دجلة والفرات وديالى إذ يعتبر نهر دجلة وروافده السبب الرئيسي في إقامة شبكة إروائية كبيرة، فضلاً عن نهر الفرات وجداوله المتمثلة بجداول ري أبي غريب والصقلاوية بجداول ري أبي غريب والصقلاوية واللطيفية واليوسفية باعتبارها عصب الحياة بالنسبة لمعظم الأراضي الزراعية في المحافظة. بالإضافة إلى المياه الجوفية باعتبارها مصدراً مكملاً للمياه السطحية.
31- إن قلة الحصص المائية لأغراض الري للمزارعين من نهر دجلة دفعهم إلى حفر الآبار الجوفية لتعويض النقص الحاصل في تلك الحصة المائية، وقد أظهرت العديد من الدراسات أن نوعية مياه تلك الآبار بين الردئ والمتوسط.
32- إن الهدف الرئيسي لإقامة المشاريع الإروائية القديمة هي لدفع أخطار الفيضانات بالدرجة الأولى والإرواء ثانياً لسد الاحتياجات المائية لمعظم الأراضي الزراعية.
33- تميزت منطقة بغداد قديماً بكونها كانت مغطاة بشبكة من الأنهار الرئيسية والفرعية التي تروي المناطق الشرقية والغربية التي كانت سبباً رئيسياً في إنشاء العديد من المشاريع الإروائية على نهر دجلة كمشروع النهروان والدجيل والإسحاقي.
34- يعتبر مشروع النهروان والدجيل والإسحاقي من أهم المشاريع الإروائية التي ازدهرت في العصر العباسي والتي لعبت دوراً رئيسياً في إرواء أراضي وطساسيج الجانب الشرقي للمنطقة، فضلاً عن الأنهار والجداول المتفرعة منه والأجزاء الشمالية منها لا سيما طسوج قطربل الشمالي لمنطقة بغداد.
35-  يرجع إنهيار واضمحلال معظم مشاريع الري القديمة إلى تدهور الأحوال السياسية للدولة واضطراب الأمن مما ترتب عليه قلة العناية بالموارد المائية.
36- نلاحظ الإستفادة من طبيعة مجرى نهر الفرات، إذ وجد أن الأراضي تتحدر تدريجياً بالاتجاه من الشمال إلى الجنوب بشكل عام. وقد استغل هذا الانحدار حيث شقت مجموعة من جداول المنطقة تأخذ المياه من الضفة اليسرى لنهر الفرات لإرواء الأراضي الممتدة بين الفرات ودجلة.
37- إن إقامة مشاريع الري الحديثة ماهي إلا امتداد للمشاريع الإروائية القديمة. فعلى سبيل المثال أن بعض مشاريع الري أخذت تسير بنفس اتجاه المشاريع القديمة كجدولي الصقلاوية وأبي غريب اللذان أخذا يسيران بنفس اتجاه نهر عيسى ونهر الصرصر، وهكذا الحال بالنسبة للأنهار الأخرى.
38- يعتبر مشروع الثرثار من أهم المشاريع الإروائية الحديثة العملاقة المقامة على نهر دجلة والذي كان له الفضل الكبير في التخفيف من وطأة فيضان نهر دجلة على مدينة بغداد، ولولاه لاصبحت بغداد مهددة بأخطار الفيضانات.
39- كان لاستحصال ضريبة الخراج المفروضة على الأراضي الزراعية المروية من قبل المشاريع الإروائية القديمة في منطقة الدراسة دوراً فعالاً في زيادة إيرادات الدولة.
40- افتقار قنوات الري الحالية إلى عمليات الصيانة الكافية، إذ تفتقر إلى أساليب إدارة المياه كتنظيم عملية الري (أسلوب المحاصصة المائية) وغياب دور المرشد الزراعي، وإصلاح التالف منها.

التوصيات
1-  إن اختيار أي موقع لإقامة مشروع أروائي لابد من دراسة تامة للخواص الجيولوجية لذلك الموقع.
2- إن استخدامات مياه الري في العهود السابقة غير محدود ولم تكن خاضعة لأي قانون ولم يتم استثمارها بالشكل الأمثل بسبب وفرتها بكثرة إلا إننا اليوم نحتاج لكل قطرة مياه من أجل سد متطلبات الحاجة الزراعية لا سيما أن مساحات الأراضي الزراعية قد زادت في المدد الأخيرة مقارنة بالعهود الماضية وذلك باتباع طرائق الأساليب العلمية في الري كاستخدام طرق الري بالرش والتنقيط والتي بواسطتها تحول مناطق صحراوية إلى مناطق خضراء من خلال توفير المقنن المائي المناسب لكل محصول زراعي، وهذه العملية استخدمت بكثرة في الأقطار العربية كالبحرين والمملكة العربية السعودية على سبيل المثال وأثبت جدارتها.
3-  إن لتغير مجاري الانهار وشق الجداول كمجرى جدول الصقلاوية وابو غريب كانت ذات جدوى لتوفير المياه الكافية منها من نهر الفرات، بينما هناك مشاريع تقام وتفشل بسبب عدم توفر المياه الكافية لها.
4-  على الجهات المسؤولة أن تقوم بتشكيل لجنة من فنيين من وزارتي الزراعة والري تأخذ على عاتقها تبطين الجزء غير المبطن من الفرع الرئيسي الغربي لمشروع الإسحاقي وبعض القنوات غير مبطنة.
5-  على إدارة مشروع ري وبزل مشروع الإسحاقي القيام بأعمال الصيانة الدورية لشبكتي الري والبزل وذلك بتوفير الآليات اللازمة للقيام بهذه المهمة. وأن تعتني بعملية تنظيم انسيابية المياه داخل قنوات الري وذلك من خلال تعيين موظفين أكفاء يتخذون من المصلحة الجماعية أساساً لعملهم هذا.
6-  يوصي المختصون بإدارة مشروع الوحدة بالتوسع في البستنة لأسباب مختلفة منها:-
أ- توفير مصدر دخل مناسب للفلاح.
ب- رفع مستوى تغذيتهم حيث يمكن للعائلة سد احتياجاتها من الفاكهة ونشر الوعي الزراعي بينهم لزراعة مالم يألفوه من قبل.
جـ- تعلم طرق الزراعة العلمية ومعرفة طرق مكافحة الأمراض والحشرات والتسميد، وتشجير المنطقة الجرداء خاصة وأن المياه متوفرة لهذا الغرض.
7-  يوصي العاملون في المشروع بتشجيع الفلاحين في زيادة الإنتاج الحيواني لنفس الأسباب المارة الذكر في البستنة، وكذلك زيادة المساحات المخصصة لزراعة محاصيل الجت والبرسيم والشعير لأغراض العلف حيث لوحظ صغر المساحات المخصصة لها، وهذا الحال ينطبق على مزارع تعاونية الزهيري والميثاق الجماعية ضمن مشروع (14 رمضان) والعمل على معالجة المشاكل التي تواجه الفلاحين العاملين فيها بهدف المساهمة بتطوير خطط المشروع المقترحة بزيادة الإنتاج الحيواني والنباتي وغيرها من الأغراض الأخرى.
8-  تطبيق التقنية العلمية في عمليات الري واختيار الطرائق المناسبة لها، فضلاً عن تحديد المتطلبات الإروائية للمشاريع وتحديد حجم الاحتياجات المائية لكل محصول زراعي.
9-  توصي الدراسة بمضاعفة الجهود المبذولة لرفع كفاءة إنتاجية الأرض من مستوى أعلى وإلى مستوى أعلى من ذلك بالنسبة لزراعة محاصيل النخيل والقطن وذلك بتنفيذ مشاريع التوسع الرأسي على أسس علمية مدروسة وتغير الأساليب الزراعية واستخدام الأسمدة الكيمياوية والبذور المحسنة.
10-   العمل على استصلاح أراضي واسعة ضمن مشاريع الري الواقعة ضمن محافظة بغداد واستغلالها بشكل علمي وتقني كما هو الحال في مشروع أبي غريب و7 نيسان والوحدة وغيرها.
11- تطهير شبكتي الري والبزل وتنظيف المبازل الحقلية المغطاة وإعادة أعمال التعديل والتسوية.
12- نظراً لكثافة القصب بشكل يلفت النظر وفي عموم شبكة المبازل بالرغم من أعمال التطهيرات المستمرة لذا نقترح دراسة موضوع إنشاء مبازل مجمعة مغطاة والإستفادة من تجربة إنشاء مبازل مجمعة مغطاة في مشروع أبي غريب لا سيما أن هذا المشروع يعتبر لقربه من محافظة بغداد مشروعاً رائداً وينتج كميات لا بأس بها من الخضروات. علماً بأن كفاءة شبكة المبازل الحالية واطئة جداً.
13- نظراً لتواجد عدة جهات مستفيدة من المشاريع الحديثة كمشروع أبي غريب و7 نيسان لذا نوصي بالتنسيق التام بين الجهات جميعها من أجل الإستفادة من الأراضي المستصلحة وتجنب الأضرار قدر المستطاع حيث أن التنسيق معدوم حالياً.
14- ضرورة تفعيل دور اللجان الإدارية المختصة بأمور الري والمشرفة على إدارة مشاريع الري في المحافظة لصيانتها وتطهيرها على أسس علمية ووضع خطط زمنية محددة لذلك.
15- نهيب بالدوائر المختصة بمشاريع الري واستصلاح الأراضي والمسؤولين كافة الأخذ بنظر الاعتبار جميع المشاكل التي تعرضت لها مشاريع الري في المحافظة ومعالجتها واتخاذ التدابير اللازمة لوضع الحلول الكفيلة للتقليل من سلبياتها وبالتالي التخفيف من عواقبها الوخيمة لغرض رفع كفاءتها الإنتاجية. وذلك بإتباع المعالجات التالية:-
أ- تأمين المياه على أساس أنها العامل المحدد في التنمية الزراعية في القطر حيث سيتحدد على ضوئها مساحة الأراضي الممكن زراعتها بالتكثيف المقرر، وعلى ضوء ذلك فإن تحقيق أي زيادة في المردود الزراعي سيتوقف على الكفاءة التي تستخدم في استغلال المياه وعلى استخدام الأساليب العلمية في الزراعة.
ب- ضرورة تقديم دراسة مبسطة عن العوامل التي تساعد في الحصول على أعلى كفاءة من المياه المستخدمة في الزراعة كتبطين قنوات الري وتعديل، وتنعيم الأراضي، واستخدام طرق الري الحديثة.
جـ- استخدام الأسمدة الكيمياوية التي تساعد على زيادة الغلة الزراعية.
د- إمكانية استعمال مياه البزل في الزراعة بعد الحصول على التعادل الملحي في التربة.
16- بهدف الاستخدام الأمثل لمصادر المياه يتطلب ذلك إتباع مايلي:-
أ- إعطاء موضوع صيانة وتشغيل شبكات الري والبزل الأولوية المطلوبة والتعامل معها على أساس متكامل بين النشاطات الهندسية والزراعية.
ب- اتباع العمليات الزراعية الصحيحة لزيادة إنتاج الغلات الزراعية.
جـ- إقامة شبكة واسعة من المبازل الرئيسية والفرعية المكملة لشبكات الري لضرورة التخلص من المياه الزائدة في الأرض الزراعية.
17- العمل على استصلاح ترب المشاريع الإروائية الحديثة في المنطقة ومعالجة المشاكل التي تعاني منها تربة المشروع وخاصة تربة مشروع 7 نيسان لذلك نقترح مايلي:-
أ‌-  ضرورة إجراء مسح تفصيلي أو شبه تفصيلي إذا لم تتوفر الامكانيات لترب المشروع حيث يمكن وضع خارطة مفصلة لترب المشروع وعلى ضوئها يمكن تحديد اختصاص المشروع (حيواني أو نباتي) واختيار المحاصيل المناسبة في حالة كون المشروع متخصص للإنتاج النباتي. ويمكن تكليف مؤسسة التربة واستصلاح الأراضي للقيام بمثل هذه المهمة.
ب‌- إجراء الدراسات الهيدرولوجية اللازمة لوضع وتصميم المبازل الحقلية (المغطاة).
جـ- تعيين تخصيصات في ميزانية المشروع لتنفيذ الفقرتين السابقتين بأسرع ما يمكن.
د- انجاز شبكة من المبازل الحقلية مباشرة وبعد اكمال ماجاء في الإجراءات المذكورة أعلاه.
هـ- عدم ضم أراضي جديدة إلى المشروع إلا بعد انجاز شبكات البزل فيها، وبغيره فإن ذلك سيزيد من مشاكل المشروع.
و- محاولة عدم ترك أراضي بوراً وعلى مساحات صغيرة وإذا كان تبوير الأراضي اضطرارياً فيجب حينئذ حراثة التربة بدل تركها بدون حراثة.
ز. التقليل من الري الزائد والالتزام بالاحتياجات المائية اللازمة للمحاصيل.
ح. إجراء استصلاح الأراضي بعد انجاز شبكات البزل اللازمة.
18- إن تنظيم مياه الري والحد من الضائعات المائية في القناة الرئيسية والفروع المتفرعة منها والسيطرة عليها وذلك ببناء النواظم والمقاييس التي تحدد هذه الكميات وفق أسس علمية وتطبيقية مدروسة سوف تقلل من الضائعات المائية من جهة وتقلل من زيادة الأملاح من جهة ثانية.
19. اتباع الطرق الحديثة والأساليب والمكننة الزراعية المتطورة كما هو الحال في أراضي جمعية الرواد وغزة وحلب وتعميمها على بقية أراضي المشروع والمشاريع المجاورة لها مثل مشروع الوحدة.
20- تخصيص مساحات إضافية لمشروع 7 نيسان لزراعة بساتين الفاكهة لكونها ذات فائدة اقتصادية قيمة.
21- استعمال البذور المحسنة الحالية والاسمدة بأنواعها لادامة خصوبة التربة لان عمليات غسل التربة من الاملاح سيؤدي إلى ضياع معظم العناصر الغذائية التي يستفاد منها النبات.
22- إن اتباع الدورات الزراعية التي تتناسب وحاجة الأسواق المحلية من الخضر والمحاصيل الزراعية الأخرى. وإدخال المحاصيل البقولية كالجت والبرسيم في هذه الدورات الزراعية أمر ضروري لغرض زيادة التربة.


للتحميل اضغط         هنا  أو  هنا

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا