التسميات

الاثنين، 14 أكتوبر 2019

المفصل في جغرافية السكان - الجزء الأول: الفصل السادس الوفيــات


المفصل في

جغرافية السكان


الجزء الأول


  أ.د. عباس فاضل السعدي

أستاذ الجغرافيا والدراسات السكانية

 بجامعة بغداد


مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع -  عمان - الأردن

2014


الفصل السادس
الوفيــات


المفصل في

جغرافية السكان


الجزء الأول


  أ.د. عباس فاضل السعدي

أستاذ الجغرافيا والدراسات السكانية

 بجامعة بغداد


مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع -  عمان - الأردن

2014



الفصل السادس
الوفيــات


الوفيات جمع وفاة وهي الموت، وهو ظاهرة حياتية (بيولوجية) اجتماعية. ويطلق احيانا لفظ الوفيات على معدل الوفيات، وقد استعمل الكتاب العرب قديما لفظ المْوَتان بهذا المعنى. والمائت المحتضر، والمَيُّتْ والمَيْتُ والمتوَفَّى جميعا بمعنى واحد. والهالك بمعنى المائت والميت معا. واصل معنى تُوُفّي مات موتاً طبيعيا اي قضى نحبه. ولكن هذه الألفاظ وأمثالها يستعمل أحدهما مكان الآخر. واخْتُصِر واعْتُبِط مات صغيرا أو شابا قبل أن يهرم([1]).
وتعد الوفيات عنصرا مهما من عناصر تغير السكان حيث تفوق في أثرها عامل الهجرة  وإن كانت الخصوبة تسبقها في ذلك كما أنها تتناقض مع الخصوبة في أنها أكثر ثباتاً ويمكن التحكم في مستواها، ولا يبدو أثرها في تغيير حجم السكان فقط بل وفي توزيعهم وتركيبهم أيضاً ([2]). وبخاصة التركيب العمري حيث ترتبط الوفيات دائماً بمستوى التعمر Ageing ولذا يلقي التحكم في الوفيات قبولاً أكثر مما يلقاه التحكم في الخصوبة.

ويظهر أثر الوفيات عنصراً من عناصر التغير الديموغرافي في المجتمع من خلال زيادة السكان زيادة طبيعية بالمواليد ، ونقصهم نقصاً طبيعياً بالوفيات([3]).أي أن الوفيات تبقى مستمرة حتى وإن توفرت جميع الوسائل الصحية والتغذية السليمة وانعدمت الأوبئة والكوارث، لأن حياة الناس محدودة وكل إنسان يموت بعد أن يبلغ حداً معيناً من العمر. فكما أن المواليد هي مصدر زيادة السكان، فإن الوفيات تكون السبب الرئيس لتناقصهم([4]).
ويهتم الجغرافي في مجال دراسة الوفيات بأنماط التوزيع المكاني لها والأسباب الرئيسة المسببة للوفاة وارتباطها بالظروف البيئية السائدة، معتمداً في ذلك على مقاييس الوفاة التي تعد مؤشرات للأحوال الصحية السائدة. ولكن يعوق من اتساع  مجالات البحث قلة البيانات عن أسباب الوفيات في البيئات المختلفة بالعالم وبخاصة في البيئات النامية. أما الدول المتقدمة فقد بدأ التسجيل مبكراً بها، ففي بريطانيا على سبيل المثال بدأ " جون جرونت" John Graunt تسجيل الوفيات في لندن في القرن السابع عشر.  كذلك فان تسجيل وفيات الأطفال الرضع يعد من المشكلات الرئيسة في بيانات الوفيات وتمييزها عن وفيات الأجنة Fetus Deaths ولذلك فان بيانات الوفيات تشير دائماً إلى وفيات الأطفال الذين ولدوا أحياء، ويستبعد من ذلك المواليد الموتى Stillbirths أو وفيات الأجنة([5]).
وتدخل ضمن دراسة الوفيات مواضيع عديدة أبرزها ما يأتي:

أولاً: اتجاهات مستوى الوفيات وتوزيعه الجغرافي وتوقعاته المستقبلية:
أن ملاحظة الخط البياني الذي يمثل حركة الوفيات في العالم يوضح إتجاه ذلك الخط نحو الانخفاض التدريجي، ومع أن العالم قد شهد تغيرات جذرية في شكل المنحى البياني المذكور، إلاّ أن هذا الشكل يخضع في ظروفه المختلفة إلى درجة تقدم المجتمع وتراثه الفكري وتقدمه التكنولوجي. ولا شك أن الحوادث الفجائية كالحروب والزلازل والبراكين والفيضانات والمجاعات، تحدث خللاً في شكل الخط البياني الهابط المشار إليه، وذلك بإحداث درجات هابطة فجائياً يدعو كل مهتم بدراسة السكان إلى التساؤل والبحث عن أسباب ذلك([6]).
وتشير بيانات مستويات الوفيات إلى أن معدلات الوفيات الخام ووفيات الأطفال كانت مرتفعة في القرون الماضية وظلت كذلك حتى بداية القرن السابع عشر في جميع دول العالم تقريباً.ولم تبدأ تلك المعدلات بالانخفاض إلا مع بداية حركة التصنيع الكبرى التي اجتاحت غرب أوربا وانتشرت منها إلى سائر أنحاء العالم([7]).
وبحلول القرن العشرين وحتى منتصفه وما شهده العالم من تقدم في قطاعات الخدمات الإنسانية شتى حدث هبوط آخر كبير ليس في غرب أوربا فحسب وإنما امتد ليشمل أجزاء عديدة من دول العالم النامي. واستطاعت بعض الدول استئصال أمراض متوطنة فيها تقريباً استئصالاً تاماً. وبلغ الانخفاض أشده في الدول التي ما زالت معدلات وفياتها مرتفعة.حيث كان الهبوط في بعضها ضئيلاً مثل الهند والبرازيل، وكبيراً في بعضها الآخر مثل تايوان وسيلان وفنزويلاّ، إذ لم يحدث الهبوط في تلك الدول إلاّ خلال العقود الثلاثة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية([8]). كما أن الدول النامية لم تشهد كلها هبوطاً في الوفيات بدرجة متساوية. أما الدول ذات الوفيات المنخفضة فقد حققت من قبل انخفاضاً ملحوظاً في وفياتها إلى درجة لا تستطيع معها أن تواصل هذا الهبوط، ولا سيما وأن معدلات الوفيات فيها ترتفع بين كبار السن([9]).وقد وصلت معدلات وفيات الرضع فيها إلى مرحلة الاستقرار في الوقت الحاضر، ووصل معدل الوفيات الخام إلى المرحلة نفسها.
ومن المتوقع أن تشهد الدول المتخلفة في المستقبل القريب أعظم التغيرات في معدلات الوفاة.وقد خلق المجتمع الغربي وسائله الخاصة لخفض الوفيات على شكل مستويات مرتفعة للمعيشة، وتقدم علمي في الطب والصحة العامة. وقد أمكن تحقيق نتائج هذا التقدم خلال مدة تزيد على قرن من الزمن. وفي إمكان الدول النامية أن تقتبس هذه الوسائل وتحذو حذو الدول الغربية في استخدام بعضها من دون أن تمر بتجربة تغير البناء الاجتماعي والاقتصادي التي مرّ بها الغرب. وقد أدت بعض الإجراءات الصحية البسيطة مثل رش المحاصيل بالمبيدات الحشرية أو حرق المهملات إلى خفض الوفيات في بعض المناطق من دون أن ينتج عنها تعديل أساسي في البناء الاجتماعي.وقد شهدت سيلان -مثلاً- انخفاضاً في الوفيات خلال عشر سنوات مساوياً للانخفاض الذي حققته أوربا الغربية وأمريكا الشمالية في أكثر من خمسين عاماً([10]).
أما التوزيع الجغرافي لمستوى الوفيات فهو يتباين من دولة لأخرى سواء في مجموعة العالم النامي أو المتقدم.إلاّ أن التباين المذكور يظهر في الدول النامية أكثر منه بين الدول المتقدمة. ويتضح الاختلاف في مستوى الوفاة عند التعرف على المستوى المذكور في الأقاليم الرئيسة لكلا مجموعتي دول العالم. واستراليا ونيوزيلندة مثلاً تتميزان بمستويات وفيات مماثلة كثيراً لنظيراتها في أمريكا الشمالية. ويبلغ متوسط مستوى الوفيات في كلا الإقليمين بحدود  8بالألف خلال المدة 1985- 1990. في حين كان في الخمسينيات (1950- 1955) نحو 9.4 بالألف. وفي أقطار هذين الإقليمين نظام متقدم للضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، فضلاً  عن ارتفاع الدخل الفردي، لهذا يرتفع مستوى المعيشة لتلك الأقطار. ووصل أمد العمر المتوقع في الأقطار الأربعة في الإقليمين أكثر من 75سنة في عام 1985-1990 في حين كان يقرب من 69 سنة عام 1950- 1955.          ومستوى الوفاة والعمر المتوقع في إقليمي أمريكا الشمالية واوقيانوسيا يشبه  ما هو موجود في أوربا، مع ملاحظة أن مستوى الوفاة في أوربا يزيد قليلاً، وتوقع الحياة يقل عما هو في الإقليمين المذكورين. ومستوى الوفاة في الإتحاد السوفيتي السابق شبيه بالقارة الأوربية مع انخفاض توقع الحياة فيه إلى نحو (70)سنة. وهو يزيد عن مستوى التوقع فيه قبيل الحرب العالمية الثانية بمقدار 23سنة.
ويتمثل أخفض مستوى وفاة في أقاليم العالم النامي الرئيسة في أمريكا اللاتينية، وهي تمثل مكانة وسطى بين دول المستوى المنخفض للوفيات ودول المستوى المرتفع. إلاّ أنها شهدت انخفاضاً ملحوظاً في وفياتها خصوصاً في الثمانينيات([11]، بحيث وصل معدل الوفيات الخام فيها عام 1985- 1990 الى نحو 7.5 بالألف أي نصف مستواه قبل 35 عاماً (في 1950- 1955). كما ارتفع توقع الحياة فيها من  51سنة إلى 66 سنة،أي بزيادة 15 سنة خلال المدة نفسها وفي عام 1990- 1995 انخفض معدل الوفيات إلى 7 بالألف وارتفع توقع الحياة إلى 68.8 سنة.
وحققت آسيا، التي تعد من أقاليم العالم ذات المستوى المرتفع في الوفيات، نجاحاً كبيراً في انخفاض     تلك المستويات منذ أواسط السبعينيات، ولا سيما في قسمها الشرقي، مثل الصين واليابان وكوريا وهونك كونك، حيث انخفضت فيها الوفيات إلى مستويات متدنية، نتيجة البرامج الصحية والخدمات الطبية الحديثة. وتعد سري لانكا مثالاً واضحاً للانخفاض السريع في الوفيات حيث انحدرت معدلات الوفيات فيها من 24.5 بالألف قبيل الحرب العالمية الثانية (1935- 1939)([12]) إلى نحو 6 بالألف عام 1985- 1990، أي أنها انخفضت إلى مقدار الربع خلال الخمسين عاماً المنصرمة. وما يزال الفقر وسوء التغذية يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق انخفاض في مستوى الوفيات في الشعوب المزدحمة بالسكان مثل الصين والهند واندونيسيا وباكستان لذلك بقيت معدلات الوفيات في جنوبي آسيا من أعلى المعدلات في العالم باستثناء أفريقيا. ويمكن التخمين أن نصف الأطفال كانوا يموتون قبل وصولهم العام الخامس عشر من أعمارهم في عدد كبيرة من أقطار أفريقيا وأمريكا اللاتينية والهند وأقطار جنوب شرق آسيا الأخرى. وتنخفض هذه النسبة الى حوالي 5% في الاقطار المتطورة كأقطار أوربا الغربية([13]).
أما توقع الحياة في القارة الاسيوية فقد ارتفع من 41 سنة الى نحو 62 سنة بين الخمسينيات (1950 – 1955) والاعوام (1985 – 1990). وفي شرق اسيا ارتفع التوقع الى نحو 70 سنة وهو قريب من مستوى الاتحاد السوفيتي السابق.
اما قارة افريقيا فهي من اكثر اقاليم العالم ارتفاعا في مستوى الوفيات حيث يقترب معدلها حاليا من 15 بالالف. ويرتفع المعدل في شرقها ووسطها وغربها الى اكثر من ذلك، الا انه يقل في جنوبها وشمالها. فالخدمات الطبية والصحية قليلة، والسكن غير مناسب، ومستوى المعيشة منخفض، والبطالة متفشية. ومع هذا فقد حصل تقدم ظاهر في القضاء على الكثير من الامراض المعدية، كالسل والملاريا والطاعون والكوليرا والحمى الصفراء والجدري والتيفوس. لهذا انخفض معدل الوفيات فيها من 27 بالالف في عام 1950 – 1955 الى المتوسط الحالي المذكور، اي بنسبة انخفاض قدره 44% خلال 35 عاما. وفي عام 1990 – 1995 انخفض المعدل قليلا فوصل الى 14 بالالف.
وتشير التوقعات المستقبلية الى انخفاض معدل الوفيات الخام في العالم الى 8.7 بالالف في عام 1995 – 2000 بعد ان كان 9.9 بالالف في عام 1985 – 1990 (و9 بالالف في عام 1990 – 1995)، اي بفرق 1.2 بالالف خلال عشر سنوات. وقد يحدث انخفاض بطيء او زيادة طفيفة لبعض الاقطار ناجمة بصورة رئيسة عن التغيرات المتوقعة في تركيب العمر نتيجة لتغير خصائص السكان مع توقع وجود نسبة عالية، ضمن الزيادة السكانية، من الاشخاص كبيري السن. ويتوقع ان ينجم عن تباين المستويات وسرعة تغير خصائص السكان بين الاقاليم، تغير في معدلات الوفيات. وعلى سبيل المثال بلغ معدل الوفيات الخام للاقاليم الاكثر تقدما والاقل تقدما 10.1 بالالف و24.3 بالالف بالتتابع في عام 1950 – 1955، اصبح 9.8 و 9.9 بالالف في عام 1985 – 1990. ويتوقع ان تنعكس الحالة في المستقبل فتصبح المعدلات 10.6 و 7.1 بالالف في عام 2020 – 2025، بالرغم من توقع استمرار الارتفاع في تقدم الحياة وتطورها في الاقاليم الاكثر تقدما عما هي في الاقاليم الاقل تقدما([14]).
خريطة ص 437
وتشير التوقعات المستقبلية الى ان معدلات الوفيات في الاقطار النامية ستميل الى الانخفاض بدرجة اسرع من الاقطار المتقدمة. ونتيجة لذلك، سينخفض مستوى الوفيات في بعض المناطق مثل امريكا اللاتينية الى دون مستوى الوفيات في الاقطار المتقدمة، وذلك بسبب تركيبها العمري الفتي. وبالرغم من ذلك سيظل امد الحياة في الاقطار المتقدمة اطول بحوالي 8 سنوات مما يقابله في الاقطار النامية في نهاية الربع الاول من القرن الحادي والعشرين.
مما تقدم ذكره يتضح ان مستوى الوفيات قد انخفض في اغلب اقطار العالم المتقدم، الا ان سرعة الانخفاض لم تكن كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية. في حين حققت الدول النامية، ولاسيما تلك التي ارتفعت مستوياتها الاقتصادية، سرعة اكبر في مجال خفض مستوى الوفيات.
ان الاكتشافات العلمية الحديثة في مقاومة الامراض والمتمثلة بانتشار اساليب الطب الوقائي والعلاجي، والتعاون الدولي في تنسيق الخبرات وتبادلها فيما يخص مكافحة الاوبئة واكتشاف الكثير من الامصال والمضادات الحيوية مع ازدياد المعرفة بامراض الحمل والولادة. فضلا عن الوعي الثقافي الذي زاد من قابلية الافراد على فهم الصحة الفردية، بالاضافى الى التقدم الاقتصادي وارتفاع مستوى المعيشة والمتمثل بتطور الزراعة وتحسين انتاجية الارض وتوفير الغذاء، كما ونوعا، وتحسن النقل وتسهيلات الخزن وتقليل ازدحام السكن وتحسن مصادر المياه، كل ذلك ساهم في خفض مستوى الوفيات، واطالة امد الحياة.

تباين مستوى الوفيات بحسب العمر والنوع:
يعد العمر من اهم المتغيرات الديموغرافية في تحليل تباين الوفيات. ويأخذ توزيع الوفيات بحسب العمر منحنى يشبه الحرف U حيث يرتفع هذا المنحنى عند الميلاد نتيجة لارتفاع الوفيات بعد الولادة مباشرة لتعرض المولود الجديد فجأة الى بيئة جديدة مليئة بالمخاطر التي تهدد حياته بالموت([15]). مما يعني ارتفاع الوفيات في السنة الاولى من العمر، ثم تبدأ في السنة الثانية بالانخفاض التدريجي، وتهبط بسرعة الى الحد الادنى في حوالي سن الثانيةعشر. ويستمر المعدل بالانخفاض حتى منتصف الثلاثينيات، مع ملاحظة ارتفاع تدريجي خلال مدة المراهقة وسن البلوغ. ويبدأ المعدل بعد ذلك بالارتفاع حتى يصل الى الحد الأقصى الثاني الخطيرعند المدة النهائية للشيخوخة، في سن الستين والسبعين. وينطبق هذا الشكل على كلا النوعين (الذكور والاناث) فيما عدا تغيرات طفيفة. ففي معظم المجتمعات السكانية وغالبية فئات السن تقل معدلات وفيات الاناث عن المعدلات المناظرة للذكور([16]).
ويأتي الجنس بعد العمر من حيث الأهمية في تحليل الوفيات، وتظهر معدلات وفيات الذكور زيادة ملموسة على معدلات وفيات الاناث في جميع أو معظم الفئات العمرية، خاصة في المناطق ذات الوفيات المنخفضة. فكلما قل المستوى العام للوفيات مالت الوفيات بين الذكور الى التفوق على وفيات الاناث. وعلى هذا الأساس، تميل الفجوة بين معدلات الوفيات بين الجنسين الى التقلص في الأقطار النامية ذات الوفيات العالية. وهناك حالات استثنائية لهذا النمط في بعض دول العالم النامي. وقد تعزى الى العناية الفائقة بالمولود الذكر في الظروف الاعتيادية أو في حالة المرض، وقد تعود الى عدم دقة البيانات بهذا الموضوع([17]). وقد تزداد فرص التحسن للرجال بعد سن الـ (65) فينخفض معدل الوفيات، أما الإناث فينخفض المعدل بنسبة أقل كلما تقدم العمر.
إن معدلات الوفيات للذكور قد استقرت في دول العالم أو ازدادت قليلاً في السنوات القليلة الماضية، بينما استمر عدد وفيات الإناث بالانخفاض. وهكذا نجد أن الفرق بين الأجل المتوقع عند الذكور وعند الإناث في الدول المتقدمة هو في تزايد مستمر. ويظهر، أنه من المحتمل جداً، أن تستقر معدلات الوفاة لكل من الذكور والاناث في المستقبل القريب([18]).
وفي حالة المقارنة مع الدول النامية يلاحظ وجود تقارب في الأجل المتوقع للذكور والإناث بين الدول المتقدمة. في حين بقيت الاختلافات كبيرة بين الدول النامية. ففي هذه الدول تحدث معظم الوفيات مبكرة. في حين تكون الوفيات في الدول المتقدمة قبل سن الخمسين منخفضة جداً وترتفع بعد هذه السن، لارتفاع نسبة الشيوخ في تلك الدول لاسيما القديمة منها (مثل الدنمارك) في حين تقل نسبة كبار السن في الدول المتقدمة الحديثة (مثل استراليا) بسبب كثرة المهاجرين الشباب اليها. وإذا أريد زيادة الأجل المتوقع في الدول (المتقدمة) فيمكن أن يتم عن طريق تخفيض الوفيات في فئة ما فوق سن الخمسين عاماً([19])، عن طريق مقاومة الأمراض التي تصيبهم مثل أمراض جهاز الدورة الدموية ومرض السرطان.
ثانياً: مستويات واتجاهات الوفيات في الوطن العربي:
يقدر متوسط معدل الوفيات الخام في الوطن العربي بنحو 11.9 بالالف خلال المدة 1980 – 1985 قياسا بنحو 10.7 بالالف في مجموعة الدول النامية و 9.6 بالالف في مجموعة الدول المتقدمة خلال المدة نفسها. وهذا يشير الى ارتفاع مستوى الوفاة في الوطن العربي بصورة عامة برغم التقدم الذي حققته الأقطار العربية في المجالات الصحية والاقتصادية والاجتماعية والذي انعكس على انخفاض الوفيات في عموم الوطن العربي. وقد انخفض المعدل في عام 1990 – 1995 الى 8.5 بالالف، وهو أقل من متوسط الدول النامية والمتقدمة.
والملاحظ أن سرعة انخفاض مستوى الوفيات في الوطن العربي كانت أكبر من سرعة انخفاض المواليد.حيث حققت الوفيات انخفاضاً بلغت نسبتها 51% خلال المدة 1950 – 1955. بينما لم يتجاوز الانخفاض في معدل المواليد سوى 9.4% خلال المدة نفسها.
وباستخدام مؤشر آخر للوفيات، وهو الاجل المتوقع عند الميلاد، نجد النتائج متشابهة، حيث تشير البيانات الى ان الاجل المتوقع بلغ في الوطن العربي نحو 62.9 سنة، وهو قريب من مستوى الدول النامية. في حين بلغ 74.5 سنة في الدول المتقدمة. ويشير جدول رقم (28) الى ان الوطن العربي حقق ارتفاعاً في الاجل بلغ حوالي 21.7 سنة خلال العقود الاربعة المنصرمة (1950 – 1990)، اي بمستوى يقارب مستوى الدول النامية. وينتظر أن يرتفع الاجل المتوقع في الوطن العربي بما يزيد على 6 سنوات خلال المدة (1985 – 2000).
وعند مقارنة مستوى الوفيات بين الاقطار العربية نجد التفاوت واضحا فيما بينها. ويتمثل أدنى مستوى في الوفاة (عام 1993) في أقطار الخليج العربي حيث يتراوح معدل الوفيات فيها بين 2 وأقل من 5 بالالف، وامد الحياة عند الميلاد بين 69.8 و 75 سنة. ويرتفع معدل الوفيات الى ما بين 5 و 8 بالالف في أقطار بلاد الشام والعراق والشمال الافريقي، وامد الحياة فيها من 63 – 69 عاما. ويصل المعدل اقصاه في اليمن والسودان والقرن الافريقي وموريتانيا إذ يتراوح بين 13 – 18.5 بالالف، وامد الحياة بين 47 و 53 عاما([20]).

جدول رقم (28)
مستويات واتجاهات الوفيات في الوطن العربي ومجموعتي الدول
النامية والمتقدمة (1950 – 2000)
السنة
الوطن العربي
العراق
الدول النامية
الدول المتقدمة
معدل
الوفيات
(بالالف)
امد
الحياة
(سنة)
معدل
الوفيات
(بالآلف)
امد
الحياة
(سنة)
معدل
الوفيات
(بالالف)
امد
الحياة
(سنة)
معدل
الوفيات
(بالالف)
امد
الحياة
(سنة)
1950-1955
24.4
41.2
21.9
44
24.3
41
10.1
65.7
1980-1985
11.9
57.6
8.7
62.4
10.7
57.6
9.6
72.3
1990-1995
8.5
62.9
6.7
66.1
9.1
62.3
10.1
74.5
1995-2000
8.2
63.5
5.8
68
8.5
63.1
9.5
75.4
المصدر: U. N., World Population Prospects 1988, Tables 9, 15, PP. 410 – 411 & U. N., Demographic Indicators of Countries: Estimates and Projections as assessed in 1980, New York, 1982, P. 314,
World Pop. Prospects 1994, Table Annex 23, 27, Human Development Report, 1996. Table 47.

جدول رقم (29)
معدل الوفيات الخام وامد الحياة المتوقع عند الميلاد في الوطن
العربي سنة 1993
القطر
معدل الوفيات الخام بالآلف
أمد الحياة
(سنة)
القطر
معدل الوفيات الخام بالآلف
أمد الحياة
(سنة)
البحرين
4
71.7
ليبيا
7.9
63.4
الامارات
2.7
73.9
تونس
6.3
68
قطر
3.4
70.6
الجزائر
6.3
67.3
الكويت
2.1
75
المغرب
8
63.6
السعودية
4.6
69.9
موريتانيا
14.3
51.7
عُمان
4.8
69.8
جيبوتي
16
48.4
الأردن
5.4
68.1
الصومال
18.5
47.2
العراق
6.7
66.1
السودان
13
53.1
سوريا
5.7
67.3
اليمن
15.3
50.4
لبنان
7
68.7
الوطن العربي
8.5
62.9
مصر
8
63.9
المصدر: UNDP, Human Development Report, 1996, Tables: 4, 21, 47.

وعموما ينخفض معدل الوفيات أو يكون بمستوى متوسط في الاقطار البترولية، ويرتفع في الاقطار الاخرى، إذ تمكنت الاقطار البترولية من استثمار مبالغ كبيرة في مجالات الخدمات الصحية، وزيادة عدد المراكز الطبية، وتحسين مستوى الغذاء، ورفع مستوى المعيشة، وتوفير السكن المناسب، ونشر الخدمات التعليمية لاسيما في تلك الاقطار التي تتميز بقلة عدد سكانها. لهذا

خريطة ص 445
سجل مؤشر متوسط العمر المرتقب عند الولادة في بعض تلك الاقطار (البترولية) مستويات متقاربة مع مستويات الدول المتقدمة مثل دولة الامارات وقطر البحرين والكويت([21]) (70 – 75 سنة).
وعلى الرغم من ان كل من البحرين والعراق والسعودية واليمن قد سجلت خلال السنوات القليلة الماضية اسرع معدل للنمو الاقتصادي في غربي آسيا، الا ان الانخفاض في مستوى الوفيات في هذه البلدان كان متفاوتا بدرجة كبيرة([22]).
ويرتبط التباين بين الاقطار العربية، من دون شك، بالتغيرات الاقتصادية، إلا أنه من غير الصواب ان تتم الموازنة بين الوفيات المتدنية والمقاييس المعيارية للتحسن الاقتصادي، كمتوسط حصة الفرد من الناتج القومي الاجمالي مثلا. ونتيجة للزيادة الحاصلة في الدخل والناجمة من عائدات البترول، نجد العلاقة العكسية بين الوفيات والحالة الاقتصادية لا تنطبق تماما على بعض اقطار المنطقة. ويمكن ايضاح ذلك عند مقارنة لبنان بالمملكة العربية السعودية. فبينما يزيد متوسط حصة الفرد من الناتج القومي الاجمالي 25 مرة على نظيره اللبناني (8850 دولار مقابل 346 دولار سنة 1985)، تبقى توقعات الحياة عند الميلاد في السعودية اقل بمقدار 9 سنوات مما هي عليه في لبنان (62 سنة مقابل 71). وبالتالي فان تفسير تباين الوفيات في الوطن العربي يتطلب الاخذ بالحسبان الاحوال الاجتماعية السائدة الى جانب الاوضاع الاقتصادية([23]).
ومما يلاحظ ان العمر المتوقع اصبح في عام 1993 يزيد في السعودية عن لبنان بمقدار 1.2 سنة نتيجة لتحسن الظروف في الاولى وتدنيها في الثانية خلال المدة الاخيرة.

العراق:
 تشير بيانات الامم المتحدة الى ان مستوى الوفيات في العراق خلال المدة 80 – 1985 بلغ نحو 8.7 بالالف وبالتالي فهو اقل من مستوى الوطن العربي. وقد انخفض مستوى الوفيات في العراق بنسبة تزيد على 60% عن مدة الخمسينيات (1950 – 1955)، اي انه انحدر بدرجة اسرع من انحدار مستوى الوطن العربي ككل. وفي عام 1993 انخفض معدل الوفيات الى 6.7 بالالف كما ازداد توقع الحياة من 44 – 62 سنة خلال المدة نفسها، أي بأكثر من 18 سنة، وهو اكثر من مستوى تزايد مجموعة الدول النامية واجمالي الوطن العربي. مما يشير الى التقدم الاقتصادي وتوفير الخدمات الصحية للمواطنين، اذ بلغ عدد السكان لكل طبيب نحو الفي نسمة مقابل 4771 نسمة لاجمالي الوطن العربي عام 1985([24]).وفي عام 1993 ارتفع العمر المتوقع في العراق الى 66.1 سنة. وتشير التوقعات المستقبلية الى انخفاض معدل الوفيات الخام الى نحو 5.8 بالالف عام 1995 – 2000، وبذا سيقل عن مستوى الدول المتقدمة بسبب التركيب العمري الفتي للسكان. اما توقع الحياة فينتظر زيادته الى 68 عاما في سنة 1995 – 2000 بزيادة خمسة اعوام عن مجموعة الدول النامية وعن مستوى الوطن العربي ككل عند نهاية القرن العشرين.
ثالثا: مقاييس الوفيات:
هناك عدة مقاييس لتحديد مستوى الوفيات، ودراستها يعد امرا ضروريا للجغرافي وللديموغرافي، فهي الاساس في([25]):
1.     بناء جداول الحياة.
2.     لوضع السياسات السكانية والبرامج الصحية في دول العالم.
3.     لقياس نسبة التغير السكاني.
4.     لمعرفة ودراسة درجة التجانس والاختلاف في معدلات الوفاة بين مختلف اجزاء العالم وبيئاته الجغرافيىة، وفي الدولة الواحدة بين قطاعات السكان المختلفة حيث يمكن ان تظهر العوامل المسببة لهذا الاختلاف.
5.     اخيرا فهي الاساس الذي يمكن الاعتماد عليه في قياس تغير حجم السكان قبل وبعد اي تعداد، وما يرتبط بذلك من تأثيرفي متغيرات اخرى كتوزيع او كثافة السكان.

وفيما يأتي ابرز مقاييس الوفيات:
معدل الوفيات الخام: Crude Death Rate
يقيس هذا المعدل مستوى الوفاة بوجه عام ولمجتمع بأكمله في سنة معينة. ومن مميزاته سهولة فهمه لدى جمهور الدارسين. وسهولة وسرعة حسابه، وعدم احتياجه لكثير من البيانات. ومن عيوبه انه يمثل متوسط عام للمجموعات الكبيرة ولمستويات الوفاة العالية او المنخفضة. فهو يمزج من دون تمييز عناصر متعددة تمثل مجموعات سكانية كثيرة تختلف الوفيات فيما بينها اختلافا واضحا. ولهذا فان معدل الوفيات الخام يتأثر ليس فقط بمستوى الوفيات والذي من المفروض ان يعيشه، وانما يتوزع على القطاعات السكانية التي تختلف في مستوى وفياتها. وليس من الصحيح الوصول الى استنتاج محدد على أساس دلالة المعدل العام للوفاة فقط، فإن الدراسة المتعمقة للوفاة تمتد الى بعض المعدلات الاخرى والتي تعد اكثر دقة وتفصيلا عن معدل الوفيات الخام.
ويفيد معدل الوفيات الخام في معرفة الحالة الصحية وتطورها في البلد، وبخاصة في المدة القصيرة، لان تغير المعدل خلال مدة طويلة قد لا يكون بسبب تطور الحالة الصحية، وإنما بسبب تغير التركيب العمري للسكان. ولذلك لا يصح اسنخدام هذا المعدل لمقارنة الحالة الصحية وتطورها في البلد في مدتين متباعدتين يختلف فيها التركيب العمري للسكان، أو مقارنة بلدين يختلف فيهما التوزيع السكاني من ناحية العمر، لان اختلاف المعدل فيهما قد لا يكون بسبب اختلاف الحالة الصحية وانما بسبب وجود نسب مختلفة لفئات العمر في البلد الواحد او في البلدين المختلفين. ولهذا السبب ينبغي تصحيح معدلات الوفيات فيها قبل المقارنة. وعملية التصحيح تكون بتوحيد توزيعات الاعمار نظريا وحساب معدلات الوفيات على هذا الأساس. ويتم ذلك بافتراض توزيع نموذجي للاعمار أو استعمال توزيع إحدى المدن أو أحد الأقطار كتوزيع نموذجي الاعمار ويستخدم لتصحيح المعدلات بصورة مباشرة أو غير مباشرة([26]).
ويشمل مصطلح معدل الوفيات جميع المعدلات التي تقيس مدى وقوع الموت بينهم أو بين قسم منهم. واذا اطلق هذا المصطلح من دون تقييد افاد معدل الوفيات الأَوَّليّ (الخام) أو بوجه أدق المعدل الأولي السنوي للوفيات العامة. ومعنى المعدل الأولي (او الخام) هو خارج قسمة عدد الوفيات في غضون السنة التقويمية الكاملة على متوسط عدد السكان في تلك السنة. ومتوسط عدد السكان هذا يصح أن ينوب عنه عدد السكان في منتصف السنة تقريبا اذا كان تغير عدد السكان في غضون السنة منتظما. ويؤخذ هذا المعدل عادة بالالف (ألف نسمة من السكان) في دولة أو منطقة جغرافية محددة.
ويمكن صياغة معدل الوفيات الخام بالصيغة الاتية:
معدل الوفيات الخام =  × 1000 أو
وعلى سبيل المثال اذا كان عدد الوفيات في جمهورية مصر العربية عام 1985 نحو 442,258 شخصا([27])، وعدد السكان في منتصف ذلك العام 48,503,000 نسمة([28])، فان معدل الوفيات الخام يمكن حسابه بالطريقة المدونة في ادناه:
    1000 = 9.1 بالالف
 ويتصل معدل الوفيات الخام ببنية السكان ولاسيما بتوزع الاعمار بينهم فحيثما تكن فئات الاعمار الفتية في بلد معين كبيرة ينخفض معدل الوفيات الخام بعض الشيء، وحيثما تكن فئآت الاعمار المسنة كبيرة يرتفع ذلك المعدل. ولذلك اذا قصدت المقايسة بين المجتمعات في الوفيات اعتمدت معدلات الوفيات القياسية او معدلات الوفيات المنمطة. فهي تبعد تاثير بنية السكان التي تتفاوت بتفاوت فئات الاعمار فيهم. وطريقة حساب هذه المعدلات عادة ما تكون بتطبيق معدلات وفيات الاعمار في المجتمعات المراد دراستها وموازنتها على افواج فئات الاعمار في مجتمع نمطي او معياري، اي في مجتمع يعد توزع الافواج في فئات الاعمار لديه اساسا يُرْجَعُ اليه ويوازن به. وقد يتعذر الحصول على معدلات وفيات الاعمار فيمتنع عندئذ استعمال طريقة المجتمع النمطي او طريقة التنميط المباشر ويلجأ الى طريقة التنميط غير المباشر او طريقة الوفيات النمطية وذلك بالتنقيب عن أدلة قياسية للوفيات تيسر الموازنة بين وفيات المجتمعات المختلفة ويكون حسابها بالاستناد الى ما يدعى معدلات الوفيات النمطية، ثم تطبق على أفواج فئات الاعمار في المجتمع المقصود بالدراسة، ثم يقايس بين الوفيات التي تسجل في المجتمع وهي الوفيات المشاهدة او الوفيات المرصودة والوفيات المتوقعة (او الوفيات النظرية التي يشير اليها تطبيق معدلات الوفيات النمطية). وفي الغالب تساوي قاعدة هذه الوفيات 100([29])
معدل الوفيات التفصيليةAge – Specific Death Rate   
هو معدل خاص بقطاع محدد من قطاعات السكان كأن يكون معدلا لفئة سكانية بحسب السن او النوع او لأقلية قومية معينة او بحسب السبب او الحرفة. وتتمثل اهمية دراسة هذه المعدلات بما يأتي([30]):
1.     انها توضح العوامل الحقيقية المؤثرة في الوفيات وما يرتبط بها من ظروف اقتصادية واجتماعية.
2.     المعدل المستخرج يكون عادة خال من تأثير التركيب العمري للسكان وبذلك يكون اكثر دقة واصلح للمقارنة بين مستويات الوفيات في عدة اقطار او اقاليم جغرافية.
3.     انها تكشف عن اخطاء وعيوب التسجيلات الحيوية او التعددات السكانية.
ويتمثل معدل الوفيات الخاص بالعمر نسبة عدد الوفيات التي حدثت في كل فئة عمرية الى جملة السكان في نفس الفئة مضروبا في الف:
فمثلا بلغ " معدل الوفيات في الكويت في عام 1976 للفئة العمرية 20 – 39 سنة 1.2 حالة وفاة لكل 1000 من السكان في نفس تلك الفئة"([31]).
والهدف من ايجاد هذه المعدلات هو مقارنة الوفيات في الاعمار المختلفة او مقارنة التغير في الوفيات لفئة العمر نفسها عبر الزمن. ويمكن ايضا اجراء المقارنات المختلفة بين الدول والمناطق. وغالبا ما تقدم معدلات الوفيات الخاصة بالعمر بصورة منفصلة للذكور والاناث ولمختلف الجماعات القومية بين السكان.
اما معدل الوفيات بحسب النوع فهو يختلف ما بين الذكور والاناث في مراحل العمر المختلفة. فالوفيات بين الذكور هي اعلى من الوفيات بين الاناث في جميع مراحل العمر وبخاصة في السنوات الخمس الاولى والسنوات الاخيرة.
وبرغم ان عدد المواليد الذكور اكثر من المواليد الاناث في اغلب الاحوال، الا ان الذين يبقون على قيد الحياة يتقارب عددهم في سن الخامسة، حيث تكثر الوفيات بين الاطفال الذكور، ويبدأ عددهم يتناقص قياسا بعدد الاناث في سنوات العمر المقبلة ،وهذا يفسر لنا زيادة عدد السكان الاناث على عدد السكان الذكور في اكثر الاحوال. وتتميز دول العالم بارتفاع معدلات وفيات الذكور قياسا بوفيات الاناث، الا ان هناك بعض الدول النامية تكون فيها معدلات وفيات الاناث اعلى من معدلات وفيات الذكور وبخاصة تحت سن الخمسين([32]). ولهذا السبب ينبغي حساب معدلات الوفيات لكل من الذكور والاناث، كل على انفراد لمعرفة وفيات كل من الجنسين. وطريقة حسابه تكون على غرار معدل الوفيات الخام، ويأخذ الصيغة الآتية:
معدل الوفيات (للذكور او للاناث) =    1000
ففي العراق مثلا امكن حساب معدل وفيات الذكور والاناث تبعا للبيانات المسجلة عام 1985([33]) بحسب الصيغة الاتية(*):
معدل وفيات الذكور المسجلة =    1000 = 5.3 بالالف
معدل وفيات الاناث المسجلة =    1000 = 4,0 بالالف
ويلاحظ انخفاض واضح في تلك المعدلات لانها تمثل الاحصاءات الحيوية المسجلة وهي عادة ما تعاني من قصور كبير فيها كبقية الدول النامية. إذ ان الفرق ليس قليل بين وقائع الوفيات المسجلة والتي وقعت فعلا.

وفيات الاطفال:
يطلق على وفيات المواليد الاحياء قبل انتهاء السنة الاولى من حياتهم اسم "وفيات الرضع" Infant Mortality، برغم ان مدة الرضاعة قد تستغرق عامين. اما وفيات المواليد الاولي فهي التي تصيب المواليد في غضون الايام الثمانية والعشرين عقب ولادتهم، وما يقع منها في الاسبوع الاول من الولادة يدعى وفيات المواليد المبكرة. في حين يطلق اسم وفيات المواليد المتأخرة على الوفيات التي تقع بعد الثمانية والعشرين يوما من الولادة والى نهاية العام الاول. كما يطلق لفظ الوفيات الجنينية على موت نتاج الحمل قبل ان ينفصل عن امه([34]).
وظهر تحليل البيانات الخاصة بوفيات الرضع في الكويت ان اكثر من 60% من الوفيات بين الرضع انما تتركز في الشهر الاول من الحياة، وان اكثر من 76% من هذه الوفيات انما تحدث في الاسبوع الاول([35]).
وهناك تعبير اخر يطلق عليه اسم "وفيات الدُرّاج" وهو وفيات الصغار الذين اعمارهم تقع بين السنة الاولى واقل من خمس سنوات (1 – 5 سنة). ويطلق على هذا التعبير ايضا اسم "وفيات الاطفالMortality of Children ([36]). كما يطلق تعبير "وفيات الاطفال اقل من خمس سنوات" Mortality of Children Under Age 5 على احتمال الوفاة بين الميلاد والعمر خمس سنوات (صفر – 5 سنة).
ويحسب معدل الوفيات الرضع Infant Mortality Rate بوصفه نسبة بين وفيات الاطفال في السن الصفر، اي بعمر يقل عن السنة خلال مدة معينة الى عدد المواليد الاحياء خلال المدة نفسها، ويأخذ الصيغة الاتية:
وعلى سبيل المثال حُسب المعدل في فرنسا لعام 1987 تبعا للمعادلة المشار اليها، وكما هو مبين ادناه:
معدل وفيات الرضع في فرنسا([37])=       1000 = 7.6 بالالف

مستويات واتجاهات وفيات الاطفال اقل من 5 سنوات:
يعد مستوى وفيات الاطفال مرآة صادقة للرعاية الاجتماعية والتقدم الطبي، ومقياس سليم للاحوال الاجتماعية والاقتصادية ودرجة التقدم التكنولوجي التي تتحكم في الوفيات. ويفوق في هذا الصدد مستوى الوفيات الخام، لعدم تأثره بتركيب السكان العمري. وتزيد الفروق بين مستويات وفيات الاطفال عن مثيلتها في حالة الوفيات الخام.
وتشير بيانات احتمالات وفيات الاطفال لعمر اقل من 5 سنوات (جدول رقم 30) الى انحدار معدلاتها في العالم من 240 بالالف عام 1950 – 1955 الى 86 بالالف عام 1990 – 1995. اي انها انخفضت الى حوالي الثلث خلال الاربعين سنة المنصرمة. وهناك تشابه عام في اتجاه معدلات الوفاة بين الاقاليم الاكثر تقدما. ولهذا فان التباين بين اعلى وادنى معدل هو الآن اصغر مما كان عليه في اوائل الخمسينيات. اما الاقاليم الاقل تقدما فان التباين الشاسع بين اعلى وادنى معدل للوفاة فيها استمر الى الان سواء في المستوى ام في الاتجاه. كما ان عدم التكافؤ في مستوى الوفاة بين الاقطار الاكثر والاقل تقدما ما زال كبيرا. ففي عام 1990 – 1995 بلغ احتمال الوفاة للعمر اقل من 5 سنوات في الاقاليم الاقل تقدما نحو 95 بالالف، وهو اكثر من سبع مرات عما هو في الاقاليم الاكثر تقدما والبالغ نحو 13 بالالف. والتباين الواسع المذكور كان موجودا منذ الخمسينيات. ففي عام 1950 – 1955 بلغ احتمال الوفاة للعمر اقل من 5 سنوات نحو 281 بالالف في الاقاليم الاقل تقدما. وكان يزيد بمقدار يقل عن أربع مرات عن معدل الأقاليم الأكثر تقدماً والبالغ نحو 73 بالالف.
والارقام السابقة تشير الى ان نسبة الانخفاض في الاقاليم الاكثر تقدما بلغت نحو 82% بين مدتي الخمسينيات والتسعينيات. في حين كانت نسبة الانخفاض في الاقاليم الاقل تقدما بمستوى اصغر (66%) ولكنها اكبر في الارقام المطلقة. وعلى مستوى العالم كانت نسبة الانخفاض اصغر مما هي في الاقاليم الاكثر والاقل تقدما.
ومن بين الاقاليم الرئيسة في العالم النامي من حيث مستوى الوفيات تأتي أفريقيا في الصدارة ، فقد سُجل أعلى مستوى لوفيات الاطفال اقل من 5 سنوات، إذ بلغ معدل احتمال الوفاة فيها للمدة 1990 – 1995 نحو 144 بالالف، يليها جنوب وسط آسيا (114 بالالف) ثم امريكا اللاتينية (56 بالالف) وجنوب شرق آسيا وغربها (71 بالالف) وشرق آسيا (44 بالالف) واوقيانوسيا (34 بالالف). وحصل لاقليم شرق آسيا انخفاضا في الوفاة اسرع من اي اقليم اخر، إذ بلغ 82.3% بين مدتي الخمسينيات والتسعينيات([38]).
وخلال مدة الخمسينيات كان لامريكا اللاتينية اقل مستوى للوفاة بين الاقاليم الاقل تقدما. وعلى الرغم من ان انحدار الوفيات فيها كان اسرع قليلا مما هو في افريقيا وجنوب آسيا، الا انه ابطأ من انخفاض شرق آسيا.
وفي الاقاليم الاكثر تقدما تتوزع احتمالات الوفاة في العمر اقل من 5 سنوات بنسبة 80% لوفيات الرضع، اي في العمر اقل من سنة، وبنسبة 20% لوفيات الاطفال، اي في العمر 1 – 5 سنوات. اما في الاقاليم الاقل تقدما فان نسبة احتمال وفيات الاطفال (1 – 5 سنة) ترتفع الى اكثر من الثلث.

جدول رقم (30)
تقديرات وفيات الاطفال لعمر أقل من 5 سنوات بحسب الاقليم للمدتين
50 – 1955 و 90 – 1995
الاقليم
احتمال الوفاة لعمر أقل من 5 سنوات لكل الف مولود
نسبة التغير
(%)
1950-1955
1980-1985
1990-1995
1950-1990
العالم
240
118
86
50.8-
الاقاليم الاكثر تقدما
73
19
13
74.0-
الاقاليم الاقل تقدما
281
134
95
52.3-
افريقيا
322
182
144
43.5-
شرق افريقيا
286
204
160
28.7-
وسط افريقيا
307
195
149
36.5-
شمال افريقيا
326
152
87
53.4-
جنوب افريقيا
220
119
86
45.9-
غرب افريقيا
347
206
164
40.6-
امريكا اللاتينية
189
88
56
53.4-
الكاريبي
186
91
54
51.1-
امريكا الوسطى
205
84
50
59.0-
امريكا الجنوبية المعتدلة
107
38
60
64.5-
امريكا الجنوبية المدارية
196
97
60
50.5-
امريكا الشمالية
34
13
10
61.8-
شرق آسيا
248
50
44
79.8-
الصين
266
55
43
79.3-
اليابان
75
9
-
88.0-
اقطار شرق آسيا الأخرى
163
38
-
76.7-
جنوب آسيا
305
157
-
48.5-
جنوب شرق آسيا
244
111
71
45.9-
جنوب آسيا
327
177
114
62.5-
غرب آسيا
-
115
70
-
اوربا
77
17
15
77.9-
شرق اوربا
99
23
21
76.7-
شمال اوربا
34
11
9
67.6-
جنوب أوربا
104
20
14
80.8-
غرب اوربا
51
12
8
76.5-
اوقيانوسيا
96
40
34
58.3-
استراليا ونيوزيلندة
30
13
9
56.7-
ميلانيزيا
255
88
-
65.5-
مايكرونيزيا/ بولونيزيا
156
39
-
75.0-
الاتحاد السوفيتي السابق
10
31
-
69.6-
المصدر: U. N. Mortality of Children Under Age 5,1988, Table (I), P. 12.
World Pop. Prospects, the 1994 Revision, T. 67, P. 123.    U. N.  
وتشير تقديرات مدة الثمانينات (1980 – 1985) الى ان عدد الاطفال الذين يموتون سنويا يبلغ نحو 15 مليون طفل بعمر يقل عن 5 سنوات. وتحدث الوفاة بين 98% منهم في الاقاليم النامية واكثر من نصفهم في جنوب آسيا. الا ان التوقعات المستقبلية في عام 2020 – 2025 تشير الى ان نصف الوفيات العالمية للعمر اقل من 5 سنوات ستحدث في افريقيا. إذ ان قارة افريقيا هي الاقليم الوحيد الذي تزداد فيه الارقام المطلقة للوفيات، وستستمر هذه الحالة فيها حتى نهاية القرن الحالي([39]). كمايتوقع استمرار زيادة وفيات الاطفال الشباب Young Children خلال تلك المدة، بسبب طبيعة التركيب العمري للشباب، وارتفاع مستويات الخصوبة الناجمة عن زيادة عدد المواليد([40]).
وكشف جدول رقم (30) خلال مدة التسعينيات وجود أعلى مستوى للوفاة في القارة الافريقية يتمثل في شرق وغرب القارة، واقل مستوى في جنوبها. ولغرب افريقيا اعلى معدل وفاة قياسا بالاقاليم الاخرى منذ بداية الخمسينيات، ولكن الانخفاض فيه كان أسرع من شرق القارة. ولذا فإن الاقليمين الان متشابهان من حيث المستوى. وسجلت جميع اقطار القارة الافريقية مستوى وفاة تزيد عن 100 بالالف خلال مدة الثمانينيات عدا جزيرتين صغيرتين تقعان في المحيط الهندي هما موريشيوس ورينيون، حيث قدر المعدل فيهما وعلى الترتيب 36 بالالف و 17 بالالف.
وفي جنوب قارة آسيا سجل أعلى مستوى واخفض مستوى للوفيات الاطفال اقل من 5 سنوات. بالرغم من ان قطرا واحدا في الاقليم (هو سيريلانكا) له احتمال وفاة بلغ 52 بالالف خلال الثمانينيات بعد ان كان 151 بالالف في الخمسينيات، وانخفض في سنة 1993 الى 19 بالالف.
كما حصل لعدة اقطار بترولية صغيرة في غرب آسيا انخفاض سريع لوفيات الاطفال اقل من 5 سنوات مثل البحرين التي انخفض فيها المعدل من 303 بالالف الى 38بالالف بين مدتي الخمسينيات والثمانينيات، بنسبة انخفاض قدره 87%، والى 17 بالالف سنة 1990. كما لوحظت انخفاضات اخرى سريعة في اقطار غير بترولية مثل الاردن وسوريا.
اما في جنوب شرق آسيا فان تقديرات احتمال الوفاة تراوحت من 12 بالالف في سنغافورة الى 274 بالاف في تيمورالشرقية في المدة 1980 – 1985، ونحو نصف اقطار الاقليم ليس له بيانات يمكن الاعتماد عليها، مما انعكس على عدم دقة التقديرات المذكورة قياسا بالاقاليم الاخرى.
كما أن هناك اختلافات بين الأقطار في امريكا اللاتينية من حيث المستوى والاتجاه في معدلات الوفاة للعمر أقل من 5 سنوات. ففي هايتي وبوليفيا كانت المعدلات فيها أعلى من تقديرات افريقيا. وسجل أقل معدل بين مناطق القارة في امريكا الجنوبية المعتدلة ومنطقة جزر الكاريبي (باستثناء الدومنيكان وهايتي). ومن بين تلك الجزر (باربادوس) التي انخفض احتمال الوفاة فيها من 165 بالالف الى 12 بالالف او بنسبة 93% بين مدتي الخمسينيات والتسعينيات. وبلغت نسبة الانخفاض في اقطار اخرى نحو 80% كما في شيلي وكوستاريكا وكوبا.
ومن خلال تدقيق البيانات يلاحظ أن اسرع انخفاض في وفيات الاطفال ( اقل من 5 سنوات)، بين الاقاليم الرئيسة، هو الذي حدث في شرق آسيا. فقد انخفض العدد السنوي لتلك الوفيات من 7 مليون الى نحو مليون واحد بين مدتي الخمسينيات والثمانينيات. ولم يقتصر الانخفاض على عدد الوفيات فقط وإنما شمل المواليد أيضاً([41]). والنجاح الكبير هو الذي حصل في الصين، حيث انخفض معدل الوفاة من 266 الى 43 بالالف او بنسبة 84%. وبحسب مقياس الوفاة فإن الصين قد اجتازت مرحلة الدولة النامية ووصلت الى مستوى قريب من الدول المتقدمة خلال الاربعين سنة المنصرمة. كما حصل تحسن سريع أيضاً في أقطار أخرى في الاقليم مثل اليابان التي بلغت نسبة انحدار الوفيات فيها الى نحو 88% بين مدتي الخمسينيات والثمانينيات.
وسجلت الأقطار النامية ضمن اوقيانوسيا (باستثناء غينيا الجديدة) معدلا معتدلا للوفاة يقل عن 50 بالالف عام 1980- 1985. في حين قدر المعدل في غينا الجديدة بنحو 103 بالالف، وهو أكتر من ضعف معدل اوقيانوسيا ككل.
اما في الاقاليم المتقدمة فقد بلغ معدل الاطفال لعمر أقل من 5 سنوات في كل من اوربا الجنوبية والشرقية والاتحاد السوفيتي السابق نحو 14 و 21 و 31 بالالف على الترتيب عام 1990 – 1995 باستثناء الرقم الأخير فهو لعام 1980 – 1985. وفي الاقاليم الاخرى تراوح المعدل فيما بين الرقم 9 بالالف في اليابان و 13 بالالف في امريكا الشمالية واستراليا ونيوزيلندا، وانخفض الرقم قليلا في مرحلة التسعينيات، ويلاحظ وجود تقارب في مستوى الوفاة بين جميع هذه الاقطار. وبذا فإن التباين في المستوى بين تلك الأقطار هو الآن أصغر مما كان عليه في الخمسينيات. فمثلا سجل اعلى معدل وفاة للعمر أقل من 5 سنوات بين الدول المتقدمة خلال عام 1950 – 1955 في يوغسلافيا السابقة حيث بلغ 164 بالالف. في حين سجل أقل معدل في السويد ومقداره 24 بالالف. اي أن الفرق بينهما بلغ نحو سبعة أضعاف. في حين صغر الفرق في عام 1980 – 1985 الى نحو أربعة اضعاف فقط بين الدولتين، إذ أصبح مستوى الوفاة فيهما 34 بالالف في يوغسلافيا مقابل 8 بالالف في السويد.
وفي المستقبل يتوقع أن يضيق المدى في مستوى الوفاة بين أقطار مجموعة الدول الأكثر تقدما. كما يتوقع أن يتجه الانخفاض بدرجة أبطأ بين تلك الدول، وبدرجة أسرع بين الدول ذات المستوى المرتفع في الوفاة بحيث تزيد درجة الانخفاض فيها قياسا بمجموعة الدول المتقدمة. ويتضح هذا من خلال التوقعات التي تشير الى تناقص درجة انحدار متوسط احتمال وفيات الاطفال أقل من 5 سنوات في الاقاليم الاكثر تقدما من 74%، وهي النسبة المسجلة خلال الثلاثين سنة الماضية بين مدتي الخمسينيات والثمانينيات، أو من 82% بين الخمسينيات والتسعينيات الى 47% وهي النسبة المتوقع انحدارها خلال الثلاثين سنة الواقعة بين المدتين (1980 – 1985) و (2010 – 2015). حيث يتوقع انحدار متوسط الوفاة من 19 الى 10 بالالف بين مدتي الثمانينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين([42]).
في حين تشير التوقعات المستقبلية لوفيات الاطفال لعمر أقل من 5 سنوات في الاقاليم الاقل تقدما الى تشابه الانخفاض مع متوسط الانخفاض في الماضي،  أي أن نسبة الانخفاض البالغة نحو 52% بين مدتي الخمسينيات والثمانينيات ستستمر دون تغيير خلال الثلاثين سنة القادمة، وان كانت نسبة الانخفاض اكبر بين الخمسينيات والتسعينيات (66%).

مستويات واتجاهات وفيات الرضع والاطفالInfant & Child Mortality
أوضحت عدة دراسات وجود علاقة مباشرة بين ارتفاع معدل الوفيات الخام وارتفاع معدل وفيات الاطفال. فكلما ارتفع المعدل الاخير انعكس على معدل الوفيات الخام، والعكس صحيح. ويظهر ذلك من مقارنة معدل الوفيات الخام ومعدل وفيات الاطفال في عدد من الدول. وكانت معدلات وفيات الاطفال الفعلية – وهي تزيد عادة عن المسجلة – في الاقطار ذات الوفيات المرتفعة تزيد عن 200 بالالف. ومثل هذا المعدل المرتفع كانت تعرفه هولندا وايطاليا منذ قرن مضى([43]). وانخفض المعدل في قارة أفريقيا مثلا خلال المدة 1950 – 1955 الى 161 بالالف مقابل 15 بالالف في قارة اوربا. وفي هذا دليل على التقدم السريع الذي شهدته الدول الغربية وانعكس على انخفاض معدل وفيات الاطفال.
وتحضى دراسة معدلات وفيات الرضع بأهمية كبيرة، لأنها تمثل نسبة عالية من مجموعة الوفيات حتى في أكثر الدول تقدما. كما انها تمثل انعكاسا للحالة الصحية العامة وبخاصة صحة الام والطفل، ويتجلى ذلك في مقدار العناية بالحامل أو المولود قبل ولادته وخلال السنة الأولى من عمره، يليها بعد ذلك المدة الواقعة بين العام الأول والعام الخامس من العمر([44]). وقلت أهمية المؤشر الصحي، بعض الشيء، بعد الحرب العالمية الثانية بسبب انتشار الخدمات الصحية والناجمة عن التقدم السريع في مجال الصحة، وفي استخدام العقاقير الطبية الناجعة في الاقطار النامية.
ويعد معدل وفيات الرضع من أكتر المقاييس حساسية وتأثرا بالظروف الطبيعية والاقتصادية والصحية والثقافية. حث يرتفع المعدل في المناطق التي يسود فيها التأخر والجهل وتنتشر فيها الفاقة والأوبئة.
وهناك مجموعة من الأسباب تستدعي معالجة وفيات الرضع بصورة مستقلة نذكرها فيما يأتي([45]):
1.    تؤثر وفيات الرضع تاثيرا كبيرا في تحديد مستوى الوفاة في المجتمع، حيث تفوق نسبة الوفيات بين الأشخاص خلال السنة الأولى من حياتهم بقية الفئات العمرية.
2.    ترجع الوفيات في هذا العمر المبكر الى مجموعة من الأمراض الفريدة تختلف عن تلك الأمراض التي يتعرض لها الكهل.
3.    قد يتأثر معدل وفيات الرضع بسرعة وبصورة مباشرة ببعض البرامج الصحية، وبذلك فقد يتغير بدرجة أسرع من معدل الوفيات العام .
       وقد كان معدل الوفيات الخام ومعدل وفيات الأطفال حتى القرن السابع عشر مرتفعاً ومتقلباً في جميع الدول بلا استثناء. وكانت الاوبئة تعصف بالسكان وتفتك بهم من حين لآخر([46]). وقدر "جون جرانت" عدد الذين يعيشون في لندن عام 1662 من بين كل ألف مولود بنحو 640 طفلاً حتى سن السادسة و 250 مولوداً حتى سن السادسة والعشرين. إما في فرنسا، وبحسب تقدير "دوبريه دس سان مور". فلم يعش من بين كل ألف مولود سوى 540 طفلاً الى سن الخامسة و 484 طفلا الى سن العاشرة([47]). كما قدر معدل وفيات الرضع في الاقطار ذات الوفيات المرتفعة بما يتراوح بين 350 و 400 بالالف([48]).
ومع بداية حركة التصنيع التي اجتاحت غرب اوربا وانتشرت منها الى باقي اجزاء العالم، بدأ معدل الوفيات في الهبوط ([49]). فقد قدر معدل وفيات الرضع في الأقطار الصناعية في حوالي منتصف القرن الثامن عشر بنحو (200 بالالف) أو أكثر([50]). وبهذا المعدل نفسه كان مستوى وفاة الرضع في السويد في نهاية القرن المذكور([51]).
وبدأت معدلات وفيات الرضع بالتناقص في اوربا منذ نهاية القرن الثامن عشر، أي بعد أن أصبح للثورتين الصناعية والزراعية تأثير كبير في اقتصاد دولها. وحدث انخفاض بسيط في الجزر البريطانية وفرنسا وبلجيكا خلال القرن التاسع عشر. وبالرغم من حدوث مثل هذا الاتجاه في بعض الاقطار الأخرى، فنلندة وهولندة وسويسرة وايطاليا الا ان السويد والنرويج سجلتا أدنى المستويات.
إلا أن الانخفاض الحقيقي بدا يظهر في دول اوربا الغربية منذ أواخر القرن التاسع عشر، وبالذات خلال ربع القرن الذي سبق الحرب العالمية الأولى. وعموماً يمكن تمييز ثلاثة مستويات عن بدء انخفاض معدل وفيات الرضع: مستوى السويد حيث بدأ الانخفاض فيها منذ أوائل عام 1881. وحدثت قمة متأخرة للوفاة سجلت في عام 1899، ويتبع هذا المستوى هولندة وبروسيا. ثم مستوى فرنسا، تبعتها بلجيكا ومن المحتمل ايطاليا حيث بدأ الانخفاض فيها في عام 1890. اما المستوى الثالث فتمثله بريطانيا وويلز حيث كانت معدلاتها مرتفعة بين 1880 و 1890 وبدأ الانخفاض يسجل فيها في عام 1899([52]).
وقد بدأ معدل وفيات الرضع بالانخفاض السريع في اوربا الشمالية والغربية واستراليا وزيلندة الجديدة أولاً، ثم في بقية أقطار اوربا الشرقية والجنوبية فيما بعد. لذلك فقد ظلت معدلات وفيات الاطفال الرضع في اوربا الشرقية والجنوبية تزيد على 100 حتى أواخر الثلاثينيات([53]).
وبالرغم من صعوبة تتبع اتجاهات وفيات الرضع في الاقطار النامية بسبب عدم توفر البيانات الموثوقة، الا أنه يوجد دليل على ارتفاع معدلاتها وخصوصاً في جنوب الصحراء الافريقية. وتختلف هذه المعدلات في الدول النامية نفسها أكثر من اختلافها بين الدول المتقدمة. وأخذت المعدلات تنخفض بسرعة في أقطار مجموعة الدول النامية خلال العقود الحالية.
وتشير بيانات وفيات الرضع الى وجود حقيقتين بارزتين: الأولى الانخفاض الكبير الذي شهدته جميع الدول من دون استثناء، وان كان هذا الهبوط بنسب متفاوتة. والحقيقة الثانية ان مستوى وفيات الرضع في الدول النامية في السبعينيات يتشابه الى حد كبير مع نفس المستوى للدول المتقدمة في اوائل هذا القرن وبفارق زمني يصل الى ستين عاما([54]). ففي خمس دول نامية (من افريقيا وامريكا اللاتينية) تراوح معدل وفيات الرضع فيها بين 116 بالالف و 147 بالالف عام 1970([55]). يقابلها في دول اوربا الغربية ولاسيما هولندة وبلجيكا وفرنسا وانكلترا وويلز انها وصلت الى مثل هذا المستوى في مطلع القرن العشرين وبفارق زمني قدره (70 عاما) ([56]).
ويوضح الجدول رقم (32) مستويات واتجاهات وفيات الرضع والاطفال بين مدتي الخمسينيات والثمانينيات. وتشير بيانات الجدول المذكور الى انحدار معدل وفيات الرضع في الاقاليم المتقدمة من 56 بالالف الى 16 بالالف او بنسبة 71% بين مدتي الخمسينيات والثمانينيات.في حين انخفض معدل وفيات الاطفال (بين العمر 1 – 5 سنوات) من 18 بالالف الى 4 بالالف او بنسبة 78% خلال المدة نفسها.
وعموما فإن التحسن المطلق في وفيات الرضع كان أعظم في الاقاليم التي لها اعلى مستوى وفاة للرضع خلال مدة الخمسينيات. ففي شرق وجنوب اوربا مثلا، انخفض معدل وفيات الرضع من 83 و 79 بالالف بالتتابع في مدة الخمسينيات الى 18 و 11 بالالف في مدة التسعينيات. واليابان التي كان لها معدل وفيات رضع عال نسبياً خلال مدة الخمسينيات. والبالغ 51 بالالف، وهو نحو 4 بالالف وبنسبة انحدار قدره 92%.
وعادة ما يرتفع معدل وفيات الرضع خلال الشهر الاول من الحياة. ومنذ بداية السبعينيات بدأ هذا الاتجاه يتغير، بسبب الانخفاض الذي حصل لوفيات الشهر الأول والناجم عن التقدم الصحي والتطور الاقتصادي في المجتمع.
وفي أغلب الاقطار المتقدمة انخفض معدل وفيات الاطفال بدرجة أسرع من وفيات الرضع منذ الخمسينيات واوائل الستينيات. وشمل الانخفاض جميع الاقاليم المتقدمة والنامية معا. ومنذ أواخر الستينيات او اوائل السبعينيات بدأ معدل وفيات الاطفال ينخفض ببطء في أغلب الاقطار، وهو الآن أبطأ درجة مما هو في وفيات الرضع([57]). 
جدول رقم (31)
التوزيع الجغرافي لمعدلات وفيات الأطفال والرضع خلال المدتين
50-1955و 80-1985
الاقليم
معدل وفيات الاطفال (الدراج) بالالف
معدل وفيات الرضع بالالف
1950-1955
1980-1985
نسبة التغير %
1950-1955
1980-1985
1990-1995
نسبة التغير%
العالم
100
43
57-
156
78
64
50-
الاقاليم الاكثر تقدما
18
4
77.8-
56
16
10
71.4-
الاقاليم الاقل تقدما
123
51
58.5-
180
88
70
51.1-
افريقيا
161
78
51.6-
191
112
93
41.4-
شرق افريقيا
141
93
34.0-
168
120
106
28.6-
وسط افريقيا
152
88
42.1-
181
117
95
35.4-
شمال افريقيا
169
58
65.7-
189
100
67
47.1-
جنوب افريقيا
79
35
55.7-
153
87
54
43.1-
غرب افريقيا
178
95
46.6-
206
123
97
40.3-
امريكا اللاتينية
72
27
62.5-
125
62
45
50.4-
البحر الكاريبي
72
27
62.5-
124
65
42
47.6-
امريكا الوسطى
94
29
69.1-
123
57
38
53.7-
امريكا الجنوبية المعتدلة
26
6
76.9-
83
32
48
61.4-
امريكا الجنوبية المدارية
71
30
57.7-
134
69
48
48.5-
امريكا الشمالية
5
2
60.0-
29
11
9
62.1-
شرق آسيا
81
14
82.7-
182
36
41
80.2-
الصين
88
16
81.8-
195
39
44
80.0-
اليابان
26
2
92.3-
51
6
4
88.2-
شرق آسيا الاخرى
56
9
83.9-
114
29
-
74.6-
جنوب آسيا
152
60
60.5-
180
103
-
42.8-
جنوب شرق آسيا
108
41
62.0-
151
73
55
51.7-
جنوب آسيا
171
70
591-
189
115
83
39.2-
غرب آسيا
132
34
74.2-
202
81
57
59.9-
اوربا
15
3
80.0-
62
15
12
75.8-
شرق اوربا
17
4
76.5-
83
19
18
77.1-
شمال اوربا
5
2
60.0-
28
10
8
64.3-
جنوب اوربا
27
3
88.9-
79
17
11
78.5-
غرب اوربا
8
2
75.0-
44
10
7
77.3-
اوقيانوسيا
31
10
67.7-
67
31
27
53.7-
استراليا ونيوزيلندة
7
2
71.4-
24
10
7
58.3-
ميلانيزيا
101
25
75.2-
171
66
59
61.4-
مايكرونيزيا/ بولونيزيا
55
7
87.3-
107
32
41
70.1-
الاتحاد السوفيتي السابق
31
6
80.6-
73
25
-
65.8-
المصدر:U.N., Mortality of Children Under age 5, 1988, Tables 2&3, P.23, World Population Prospects 1994 (1995), Table Annex 29.   
ويتوقع أن يستمر انخفاض وفيات الرضع والاطفال مستقبلا بالرغم مما سيكون الانحدار بدرجة أبطأ. وعلى مستوى الاقطار حققت كل من اليابان وفنلندة والسويد أدنى مستوى لوفيات الرضع، حيث بلغت المعدلات فيها 6 و 6.5 و 6.4 بالالف بالتتابع سنة 1984. وفي الاقطار التي يكون فيها معدل وفيات الاطفال هو في المستوى الادنى، فإن معدلها يقترب من (1) بالالف، ويتوقع أن تبقى قريبة من هذا الرقم جتى نهاية المدة المتوقعة.
وخلال المدة من 1950 – 1980 سجلت السويد اخفض مستوى لوفيات الرضع بين جميع الاقطار. ولكن بعد 1980 أشارت البيانات المسجلة ان كل من فنلندة واليابان حققتا انخفاضا اقل لتلك المعدلات. ففي عام 1984 بلغ معدل وفيات الرضع في اليابان 6 بالالف مقابل 6.4 بالالف في السويد. الا ان السويد
رسمة ص 473 

استمرت في تسجيل أدنى معدل لوفيات الاطفال بحيث بلغ نصف ما هو في اليابان (2.1 بالالف في اليابان مقابل 0.9 بالالف في السويد).
اما الاقاليم الاقل تقدما فإن البيانات تشير الى انخفاض معدل وفيات الرضع فيها من 180 بالالف الى 88 بالالف بين مدتي الخمسينيات والثمانينيات أو بنسبة 51%. كما انخفضت وفيات الاطفال فيها من 123 الى 51 بالالف أو بنسبة 59% خلال المدة نفسها . وانخفض معدل وفيات الرضع الى 70 بالالف في مرحلة التسعينيات.
وتتباين المعدلات كثيرا بين دول الاقاليم الاقل تقدما، ففي اقليم جنوب قارة آسيا مثلا تراوح معدل وفيات الرضع من 6 بالالف في سنغافورة الى 163 بالالف في افغانستان سنة 1992([58]).

رابعاً: أسباب الوفيات:
للديموغرافيا اهتمام خاص ببعض جوانب الوفيات، ومن بينها أسباب الوفيات. وهنالك مجموعتين من الوفيات من حيث مسبباتها: وفيات داخلية المنشأ (حياتية أو طبيعية) وهي تنشأ من التكوين الوراثي للفرد، حيث تكون أسباب الوفاة اما فطرية او تعود الى تغيرات سريعة في وظائف الجسم، ويقع ضمن هذا الصنف وفيات الرضع في الايام العشرة الأولى من العمر. بالاضافة الى التشوهات الخلقية (التشوهات الولادية)، وطوارئ الولادة، وخور الشيخوخة وضعفها. اما الوفيات الخارجية المنشأ فهي على خلافها إذ تنجم عن أسباب خارجية بتأثير البيئة، مثل الأراضي التي تتجمع فيها المياه (كالاهوار والمستنقعات) والمناخ والغذاء ومستوى المعيشة المتدني، وتشمل جميع الأمراض([59])، مثل الامراض الخفجية والطفيلية والطوارئ (عدا طوارئ الولادة). كذلك ئمة اهتمام بالاصابات والأمراض التي تتعرض لها الأم في حملها ومخاضها ونفاسها. وقد تؤدي هذه الأمراض والإصابات الى وفيات الأمومة. ويستعمل لدراسة هذه الوفيات معدل وفيات الأمومة، وذلك بحساب نسبة وفيات الأمومة في السنة الى عدد مواليد السنة نفسها([60]). وإذا نسب عدد الوفيات الناجم من سبب معين الى عدد الوفيات جميعها نحصل على (معدل الوفيات بحسب السبب)، ويحسب عادة لكل مائة ألف من السكان.
ويختلف نمط الوفيات السائد بحسب السبب في الدول المتقدمة عما هو موجود في الدول النامية. ففي الدول المتقدمة، وبعد القضاء على الكثير من الامراض المعدية، انخفضت الوفيات بسبب هذه الأمراض بشكل كبير، ولكن ارتفعت الوفيات الناجمة من أمراض السرطان وكذلك أمراض القلب وخصوصاً بين من هم فوق سن الخامسة والأربعين. اما في الدول النامية فهو عكس النمط المذكور، حيث ماتزال نسبة الوفيات بسبب الأمراض المعدية والأمراض الناتجة عن الطفيليات كبيرة.
لقد أوضح تقرير لمنظمة الصحة العالمية ان الأمراض الرئيسة في الدول المتقدمة تشمل امراض القلب وهي مسؤولة عن حوالي ثلث الوفيات، والسرطان مسؤول عن خمسها. في حين تعزي 13% من تلك الوفيات الى أمراض الجهاز العصبي و 5% الى الحوادث و 3% الى الانفلونزا وذات الرئة([61]).
اما أسباب الوفاة الرئيسة في الدول النامية فتشمل أمراض المعدة وهي مسؤولة عن حوالي 10% من الوفيات، وأمراض القلب وهي مسؤولة عن 8%، والانفلونزا وذات الرئة وهما مسؤولان عن 7%، وبقدر هذه النسبة لمرض السرطان، في حين يعزى 5% من الوفيات الى الحوادث([62]). وبذا تقل أمراض القلب والسرطان وأمراض الجهاز العصبي في الدول النامية قياسا بالدول المتقدمة.
وفي العراق تقف بعض الأمراض المتوطنة وراء بعض الوفيات منها أمراض البلهارسيا والانكلوستوما المتوطنة في القسم الجنوبي والاوسط من القطر. كما ان التدرن يأخذ مسارا متوطنا وليس له حود جغرافية طبيعية مميزة، بالاضافة الى الأكياس المائية التي تتراوح تركزاتها بين المرتبة الدنيا والمرتبة المعتدلة([63]).
وعندما يشيخ السكان، أي عندما تزداد نسبة من كانت أعمارهم فوق 65 سنة، في الدول المتقدمة، ترتفع أخطار أمراض الدورة الدموية بتقدم العمر . فهي تشكل حوالي نصف وفيات كل من الذكور والاناث، واهمها تصلب الشرايين التي تمثل خطرا كبيرا على الرجال بصفة خاصة في هذه السن، يليها مرض الجهاز العصبي والسرطان.
وهناك ادلة كافية على استمرار سرطان الجهاز التنفسي في التفاقم اذ اصبح الان من الاسباب الرئيسة للوفاة في العديد من الدول. وقد تأثر الذكور بهذا السبب اكثر من الاناث. كما استفادت دولا كثيرة من القضاء على الملاريا بسبب رش مادة (د.د.ت) في مناطق تكاثر البعوض كالمستنقعات ومواطن تجمع المياه وخصوصا في الاقاليم الحارة.
ولقد قضى على الجدري أحد اسباب الوفاة في معظم دول العالم. ونتيجة للتقدم في اللقاح ستختفي امراضا اخرى مثل الحصبة والدفتريا والسعال الديكي وشلل الاطفال. وانخفض عدد الوفيات من الكوليرا والامراض الباطنية الاخرى الى مستوى متدن جدا بسبب اجراءات الوقاية والتشخيص السريع والمعالجة الفعالة وتحسين مستويات التنمية بشكل عام. وكذلك فقد قلت اهمية مرض السل بوصفه مسببا للوفاة في العديد من الدول المتقدمة. اما في الدول النامية فان معدلات الوفاة بسبب السل ما زالت مرتفعة، بالرغم من انها اتجهت نحو الانخفاض في السنوات الاخيرة([64]).
وبالرغم من انخفاض معدلات الوفيات من جراء عمليات الحمل والولادة في الدول المتقدمة الا انها ما تزال سببا رئيسا من اسباب الوفاة للنساء في سن الانجاب في العديد من الدول النامية. وينتج من ذلك معدل وفيات بين الاناث اعلى من معدل وفيات الذكور لفئات العمر نفسها.
اما الوفيات بسبب الحوادث فتأتي في المرتبة الرابعة من بين اسباب الوفاة في الدول المتقدمة. وتشكل الوفيات بفعل حوادث السيارات 40% من مجموع الوفيات الناتجة عن الحوادث بين الاطفال بعد السنة الاولى من العمر. وتقدر حالات الوفاة من الانتحار بحوالي نصف مليون نسمة وخصوصا بين فئات العمر من 15 الى 44 سنة، وهي تزداد بازدياد السن، غير ان حالات الانتحار بين الذكور تبلغ ضعف حالات الانتحار بين الاناث([65]).
وعموما يمكن تقسيم اسباب الوفاة (عدا الحوادث) الى قسمين([66]):
 ‌أ-          اسباب داخلية وهي ناجمة من امراض بيولوجية مثل امراض السكر والقلب والسرطان ووفيات الاطفال بالنزلات.
‌ب-       اسباب خارجية (بيئية) وهي ناجمة من امراض يمكن تسميتها بامراض اجتماعية مثل السل وامراض الاطفال المعدية التي تعود الى سوء التغذية وظروف السكن السيئة وجهل الامهات باصول رعاية الطفل وبمبادئ الصحة العامة.
وقد ظهر وجود ارتباط وثيق بين معدلات الوفيات ومتوسط الدخل الفردي، فكلما انخفض الدخل ارتفع معدل الوفاة، لاسيما وفيات الاطفال. ففي الوطن العربي وجد ان نسبة تتراوح بين 35% و 50% من الاطفال يموتون قبل الوصول الى سن العاشرة([67]).
وعلى اساس التصنيف السابق يمكن تقسيم اسباب وفيات الاطفال الرضع الى([68]):
1.     اسباب داخلية ناتجة من تعرض الطفل الى نقص في التكوين الجسماني (وزن اقل من 2.5 كغم عند الولادة)، والتشوهات الخلقية، واضرار الولادة والاختناق الذي يحصل بعدها، بالاضافة الى سوء التكيف للغذاء في بداية مرحلة الطفولة.
2.     اسباب خارجية ناجمة من تعرض الطفل الى امراض ذات الرئة والحوادث والامراض المعدي والطفيلية، بالاضافة الى التهاب المعدة والاثني عشري والامعاء.
ويبدو ان الاسباب الداخلية هي المسؤولة عن وفيات المواليد الاولى، اي الذين تقل اعمارهم عن 28 يوما. اذ انها ناشئة من اسباب لا تتمكن، حتى افضل الخدمات الطبية، من السيطرة عليها الا بنسبة ضئيلة. ففي عام 1960 – مثلا – كان خُمس وفيات الاطفال في الولايات المتحدة راجعا الى تشوهات خلقية لا سلطان لأحد عليها. وكان ما يقارب من ثلاثة اخماسها ناشئا من امراض تتعرض لها الطفولة المبكرة، ومنها نسبة كبيرة لا سبيل الى اتقائها مثل الاصابات عند الميلاد، والاختناق، والعدوى ممن يولدون قبل اوانهم. وهي مسؤولة عن نصف جميع وفيات الرضع او اكثر. وفي عام 1960 كانت وفيات المواليد المبكرة تشكل 70% من جميع وفيات الرضع. ويبدو ان نسبة تتراوح بين حوالي نصف وثلاثة ارباع جميع وفيات الرضع في الولايات المتحدة ترجع الى اسباب لا يمكن التحكم فيها الى حد كبير([69]).
ووجد في الهند ان وفيات الاطفال قبل اتمام الشهر الاول من حياتهم كانت ناتجة من تأثير الولادة نفسها او بعدها مباشرة. اما الاطفال الذين يموتون بعد الشهر الاول وقبل تمام السنة فهم يموتون اما من مضاعفات الولادة التي لا تظهر في الشهر الاول، او من اوبئة او امراض الجهازين التنفسي والهضمي او سوء التغذية او عوامل البيئة. وترجع الخسارة في المواليد الى عدم تلقي الأمهات ارشادات صحية او عناية طبية قبل الوضع وبعده، بالاضافة الى قلة خبرة القابلات او المولدات([70]).
وفي دراسة اجريت في الكويت ظهر من آخر بياناتها، ان اكثر من 85% من جميع الوفيات بين الرضع تعزا الى أربعة اسباب هي حالات الوفاة في اثناء المخاض، والتشوهات الخلقية، وامراض الجهاز التنفسي والامراض المعوية وظهر ان 44% من جميع وفيات الرضع في الكويت كانت بسبب حالات الوفاة في اثناء المخاض و24% كانت بسبب تشوهات خلقية و14% بسبب امراض الجهاز التنفسي و7% بسبب الامراض المعوية([71]).
وظهر من دراسات منظمة اليونسيف ان ثلثي وفيات الاطفال في العالم دون الخامسة من العمر والبالغة نحو 14 مليون وفاة سنويا ناتجة من اربعة اسباب رئيسة هي :الاسهال (28%)، والالتهابات التنفسية (19%)، والحصبة (11%)، وكزاز المواليد الجدد (6%)، في حين يكون نصيب الامراض الاخرى 36%، ويعد سوء التغذية سببا مشتركا لثلث وفيات الاطفال جميعها([72]).
خامسا: امد الحياة وجداول الحياة:
أمد الحياة : Life Tables
يقاس امد الحياة باستخدام اساليب احصائية تعتمد على جداول الحياة ويحسب دائما عند الميلاد او عند اي فئة عمرية، وذلك باستخراج مجموع عدد السنوات التي سيعيشها هؤلاء الاشخاص الى ان يتوفى اخر فرد منهم مقسومة على عدد الاشخاص في تلك السن. ويختلف امد الحياة بين الذكور والاناث، حيث يزيد بين الاناث عنه بين الذكور في جميع المجتمعات تقريبا. وعلى سبيل المثال بلغ امد الحياة عند الميلاد في السلفادور، خلال المدة 1985 – 1990 نحو 58 سنة عند الذكور و66.5 سنة عند الاناث. والتباين في امد الحياة بحسب النوع يستمر في جميع الفئات العمرية، نظرا لما تتصف به الاناث من امكانية البقاء على قيد الحياة لمدة اطول منها عند الذكور. وهو يفسر الى حد بعيد الزيادة الكبير في عدد الارامل من الاناث عنها في الذكور في المراحل المتأخرة من العمر. حيث يكون الرجل اكثر تعرضا للاخطار من المرأة. بينما تواجه المرأة، من ناحية اخرى خطر الموت عند الوضع لاسيما في الدول التي تتدنى فيها الرعاية الطبية الحديثة. اما في البلاد المتقدمة، فإن مستوى الوفاة عند الوضع قد انخفض الى حد كبير بالقضاء على حمى النفاس، لدرجة ان معدلات الوفيات بين النساء في سن الأمومة اصبحت دون مثيلتها بين الرجال. وعلى ذلك فان تفوق النساء على الرجال في متوسط العمر اعظم ما يكون في الامم المتقدمة، كما ان معدلات الوفيات تكون اعلى بين الذكور في سن الطفولة، فضلا عن فئات السن الكبيرة وهكذا.
ويبدو ان الاناث اكثر مقاومة للوفاة من الذكور لاسباب بيولوجية غير معروفة. وربما يكون استعداد الانثى الجسماني مختلفا عن الرجل، مما يؤدي الى زيادة الفروق في معدلات الوفاة على اساس النوع([73]).
ومن الملاحظ ايضا ان الاجل المتوقع في نهاية السنة الاولى من العمر اعلى منه عند الميلاد لكل من الذكور والاناث، بسبب ارتفاع نسبة وفيات الرضع ولا سيما عند الميلاد وخلال الشهر الاول قياسا ببقية الفئات العمرية عند الاطفال او البالغين. الا ان الانخفاض الكبير الذي حصل في السنوات الاخيرة لوفيات الرضع والاطفال في جميع المجتمعات، المتقدمة والنامية، هو الذي يفسر معظم الزيادة في توقع الحياة، وبقية الزيادة يفسرها النقص في وفيات بقية الفئات العمرية([74]).
وتنعكس اهمية دراسة امد الحياة على امكانية مقارنته على امتداد مدة زمنية طويلة لدراسة مدة التغير الحاصل وما يعكسه من تطور صحي واجتماعي واقتصادي. ولعل في مقارنة توقع الحياة في السويد ما يدل على ذلك، حيث ارتفع امد الحياة بأكثر من ثلاثين عاما لكلا الجنسين على امتداد 120 عاما.
ويتوقف طول العمر على بنية المولود، وصفاته الحياتية التشريحية، كما يتوقف على جنسه (ذكر او انثى) ونظام طعامه وشرابه، والمهنة التي يعمل بها، ومقدار دخله، وعلى سنه، والبيئة التي يعيش فيها (الطبيعية والاجتماعية)، والمستوى الحضاري للدولة ووضعها الصحي([75]).
وتشير البيانات المنشورة عموما الى ان الدول المتقدمة اجتماعيا والآخذة باسباب المدنية الصناعية والتي تعيش في مستوى عال، تتسع امام سكانها – من كل فئة – احتمالات الحياة والتعمير. بينما يقصر امد الحياة والتعمير امام الافراد في الدول المتخلفة اقتصاديا واجتماعيا، فيخطفهم الموت وهم اطفال، ويذوي شبابهم وتبتسر حياتهم وهم شباب.
ويرجع سبب الارتفاع في متوسط امد الحياة، في دول العالم، قياسا بالمدد السابقة، الى التقدم السريع الذي احرزته البشرية وبخاصة بعد الحرب العالمية الثانية في مجال مقاومة الامراض وبخاصة المعدية منها، وذلك فيما يعرف بالمضادات الحيوية وغيرها. وانخفاض الوفيات في الدول النامية منذ الاربعينيات كان سببه نقل التكنولوجيا الطبية من الدول المتقدمة فضلا عن رفع مستوى التغذية لسكانها وتوفير وسائل الصحة العامة، من خلال عملية التقدم الاقتصادي.
وتشير بيانات الامم المتحدة الى تباين متوسط امد الحياة من مكان لآخر ومن سنة الى اخرى. وتبعا لعام  1985-1990 وصل امد الحياة، على مستوى العالم ، الى نحو 61.5 سنة. وينخفض في الاقاليم الاقل تطورا الى 59.7 سنة، وهو اقل من مستوى الاقاليم الاكثر تطورا والبالغ نحو 73.4 سنة. ومقدار الاختلاف او التباين بين المجموعتين من الاقاليم بدأ يتناقص منذ 1950 . إذ كان التوقع في المدة 1950 – 1955 يبلغ نحو 41 سنة في الاقاليم الاقل تطورا و 65.7 سنة في الاقاليم الاكثر تطورا. وهذا يعني ان المدة او حجم التباين بلغ 24.7 سنة، انخفض الى 13.7 سنة في 1985 – 1990 بسبب سرعة زيادة توقع الحياة في الاقطار الاقل تقدما ( 45.6 %) قياسا بالاقاليم الاكثر تقدما (11.7%) خلال الثلث قرن الاخير. ويتوقع استمرار هذا الاتجاه مستقبلا بحيث يبلغ امد الحياة في الاقطار الاقل تقدما والاكثر تقدما 63.1 و 75.4 سنة على الترتيب في المدة 1995 – 2000 و70.4 و 78.7 سنة بالتتابع في المدة 2020 - 2025([76]).
وعادة ما يكون متوسط العمر المتوقع في الاناث اكبر مما هو عند الذكور، فهو 60 سنة للذكور مقابل 63 سنة للاناث خلال المدة 1985 – 1990، اي بفرق 3 سنوات بينهما. والفرق لصالح الاناث يكون اعظم في الاقاليم الاكثر تقدما، حيث يتوقع ان تعيش الاناث مدة اطول من الرجال يمقدار 7.4 سنة مما هي في الاقاليم الاقل تقدما حيث يبلغ الفرق 2.4 سنة.
وتبعا للاقاليم الرئيسة والاقطار الواقعة ضمنها، تعد افريقيا اعلى الاقاليم في مستوى الوفيات ويتوقع حياة يبلغ 51.9 سنة لكلا الجنسين للمدة 1985 – 1990. بينما قدر توقع الحياة لافريقيا بنحو 38 سنة خلال المدة 1950 – 1955، يعادل متوسط زيادة سنوي بلغ نحو 0.40 من السنة خلال ثلاثة عقود ونصف، وهي نسبة صغيرة مقارنة باقاليم اخرى اعلى في مستوى الوفاة. وضمن افريقيا، شرقها وغربها، لها متوسط في امد الحياة بقل عن 50 سنة للمدة 1985 – 1990. في حين تشير ارقام شمال وجنوب افريقيا الى انها بلغت وعلى التوالي نحو 59 سنة و 59.7 سنة.
وتوضح بيانات الامم المتحدة عن امريكا اللاتينية ان توقع الحياة فيها عن عند الميلاد قد ارتفع من 51.2 سنة خلال المدة 1950 – 1955 الى 68.6 في عام 1992. وهناك تباين واضح داخل امريكا اللاتينية تراوح من 59.4 سنة في بوليفيا و 56.6 سنة في هايتي الى 74 سنة في جمايكا وكوبا وباربادوس وكوستاريكا وبورتوريكا.
وهناك منطقة اخرى لها مستوى وفاة عال تتمثل في جنوب آسيا حيث ارتفع امد الحياة المتوقع فيها من 38.8 سنة في 1950 – 1955 الى 60.2 سنة في 1990 – 1995. وفي جنوب شرق آسيا وشرقها وغربها لها مستويات متشابهة في توقع الحياة ابان المدة 1950 – 1955، اذ بلغ فيها التوقع وعلى التوالي 41.2 و 42.7 و43.5 سنة.
واسرع تقدم لامد الحياة حصل في شرق قارة آسيا، إذ وصل امد الحياة الى ما يقرب من 70 سنة عام 1985 – 1990 كما حصل في اليابان التي سجلت اعلى توقع 79.5 سنة، وهونك كونك 78.6 سنة بالاضافة الى الصين وكوريا. في حين وصل امد الحياة الى 63.9 سنة في جنوب شرق آسيا و 60.2 سنة في جنوب القارة و 63.1 سنة في غربها عام 1992([77]).
وظهر من مقارنة خمسة اقطار مختارة من قارات العالم النامي ان امد الحياة قد ازداد خلال الثلاثين عاما بين مدتي الخمسينيات والثمانينيات (1950/ 1955-1980/1985)، وكانت الزيادة اكثر من متوسط مجموعة الاقطار الاقل نموا في ثلاثة اقطار منها هي كواتيمالا وكانت اكثرها سرعة (18 سنة) تلتها كينيا (14 سنة) ثم سيريلانكا (11سنة) وما تبقى (بنغلادش والسنغال) فكانت اقل من المتوسط المذكور والبالغ 9.6 سنة([78]).
وتشير بيانات الامم المتحدة عن امد الحياة في اوقيانوسيا انه يقدر بنحو 68.8 سنة خلال المدة 1985 – 1990، وهو يتراوح بين 75.8 سنة في استراليا  ونيوزيلنداو 57,6 سنة في ميلانيزيا.
مما تقدم ذكره يلاحظ ان الزيادة في توقعات الحياة عند الميلاد حصلت خلال العقود الثلاثة والنصف الاخيرة في الاقطار التي تمتعت بأمد عال للحياة بوقت مبكر في الخمسينيات. وعلى سبيل المثال ارتفع توقع الحياة في امريكا الشمالية من 69 سنة في 1950 – 1955 الى 75.5 سنة في 1985 – 1990، وفي اوربا من 65.3 سنة الى 74.2 سنة، ومن 64.1 الى 69.5 سنة في الاتحاد السوفيتي السابق.
ان جميع الاقاليم الرئيسة في العالم، عدا افريقيا، يتوقع ان يبلغ فيها امد الحياة عند الميلاد فوق الـ 65 سنة عام 2000، واكثر من 72 سنة عام 2025 سنة. اما افريقيا، فيتوقع – في حالة استمرار الاتجاه الحالي – ان يصل امد الحياة فيها الى نحو 57.6 سنة عام 2000 – 2005 و 65.2 سنة عام 2020 – 2025.
ان الحقائق السابقة تشير الى وجود تباين واضح في امد الحياة الواقعة في تلك الاقاليم. وهذا ناجم من تباين المستوى الاقتصادي والغذاء والمسكن والرعاية الطبية والنشاط الاقتصادي والمهنة التي يمارسها الفرد ودرجة التحضر ومقدار تلوث البيئة، بين هذه الدولة او تلك، او بين هذا الاقليم او ذاك.
جداول الحياة: Life Tables
يعد جون جروت John Graunt، الذي عاش في مدينة لندن ابان القرن السابع عشر (1604 – 1661م)، اول من بدأ بدراسة هذا النوع من الجداول. وجاء بعده عدد من الباحثين تناولوا دراسة الموضوع نفسه منهم (ادموند هالي) E. Halley و (ايولر) Euler و (برايس) Price، ثم اصبحت جداول الحياة (او كما تسمى بجداول الوفاة) اكثر تفصيلا وتعقيدا على يد لوتكا Lotka حيث اعتمدت جداوله عل التحليل الكمي، مما ارسى اسس جداول الحياة بصورتها الحديثة([79]).
وجدول الحياة هو جدول احصائي يبين مستوى الوفاة عند اي فئة عمرية خلال مدة اساس معينة وتوقع الحياة عند هذه الفئة (الاجل المتوقع) او ما يعرف بأمد الحياة Expectation، اي عدد السنوات التي يحتمل ان يعيشها الفرد بحسب عمره حاليا. والغرض من الجدول، فيما يخص التحليلات الديموغرافية، هو حساب عدد الوفيات وعدد الباقين على قيد الحياة لكل فئة عمرية، ومتوسط عدد السنوات التي يحتمل ان يعيشها كل منهم. ويمثل الفرق بين الباقين في عمر ما والباقين في العمر التالي، دالة الوفاة التي توازي دالة التعمير في الجدول. وهي تبرز عدد الباقين او المعمرين منذ ميلاد الجيل خلال مختلف الاعمار المضبوطة حيث يخضع هذا الجيل لاحتمالات الوفيات. وعدد افراد الجيل في البدء يعرف بأساس الجدول، ويأخذ هذا الاساس احدى قوى العشرة مثلا 10,000 او 100,000 مولود حي، ويدعى تناقص الجيل الاصلي انقراضا([80]).
وتعتمد دراسة جدول الحياة على تتبع مجموعة (نظرية او فعلية) من السكان وبيان التغير الذي يحصل لحياتهم من الميلاد حتى الوفاة. واعتمادا على ذلك يعطي احتمال بقاء مجموعة منهم الى سن معين وهكذا. فاذا اخذنا 100,000 من الذكور و 100,000 من الاناث في احدى المجتمعات من السكان الذين ولدوا في يوم واحد وتتبعناهم عاما بعد عام فسوف تكون لدينا في النهاية صورة متحركة تبعا للوفيات التي تنقص من اعدادهم تدريجيا وبالتالي يمكن معرفة عدد الاشخاص الذين يبقون على قيد الحياة بعد مرور عام واحد (اي كم شخصا سيتوفى منهم خلال هذا العام)، وكم شخصا سيبقى بعد مرور عامين او ثلاثة، وهكذا الى نهاية العمر. وهذه هي الصورة المبسطة لعمل جداول الحياة عن طريق تتبع حياة رعيل .Cohort ولكن ذلك يبدو مرهقا. ولهذا اصبح عمل جداول الحياة يعتمد حاليا على دراسة معدلات الوفيات في كل فئة عمرية للسكان([81]).
وجدول الحياة لا يُظهر ما سوف يحدث بل ما يمكن ان يحدث اذا بقيت معدلات الوفاة الخاصة بالعمر ثابتة. وبما ان معدلات الوفاة تنخفض باستمرار لذا يجب اعادة بناء جداول الحياة هذه. وغالبا ما تحتسب الجداول هذه لمدة تدوم عدة سنوات حتى يتم الغاء التذبذبات القصيرة الامد.
وجدول الحياة اما ان يكون تاما او مختصراً، ويطلق على الاول اسم "جدول الحياة المفصل"، ويشتمل على دوال جدول الحياة تقابلها الاعمار متدرجة سنة فسنة. على انه قد يكتفي بحساب دوال جدول الحياة لبعض الاعمار موزعة على اساس كل خمس او عشر سنوات بعد مرحلة الطفولة، فيتم الحصول على جدول حياة مختصر.
ويمكن بناء جدول الحياة على ثلاث مستويات([82]): الاول مستوى خاص بمدينة
او محافظة، والثاني مستوى قومي خاص بدولة كاملة، والثالث مستوى (نموذجي) وهو المستوى الذي تبنته الامم المتحدة واخرجت منه سلسلة من هذه الجداول([83]).
سادسا: العوامل المؤثرة في تباين مستوى الوفاة:
يتباين مستوى الوفاة من دولة لاخرى           ومن منطقة لأخرى داخل الدولة، ويصل المدى في مستوى الوفاة بين المجتمعات البدائية والمتقدمة درجة كبيرة. فقد يصل معدل الوفيات الخام في المجتمعات البدائية (والتي ما زال بعضها موجودا في العالم) نحوا من 40 بالالف. كما يبلغ توقع الحياة عند الميلاد ما يقرب من 25 عاما، مقابل 75 عاما في اشد البلدان انخفاضا في معدلات الوفيات([84]).
ويرتبط التباين المذكور في الوفيات بعدد كبير من العوامل الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية وظروف البيئة الطبيعية, وقد يتعذر فصل اي عامل عن باقي العوامل، الا انه يمكن فصل هذه العوامل جزئيا مثل العوامل المناخية عن باقي العوامل الاجتماعية. ولكن اغلب العوامل الاجتماعية والاقتصادية متداخلة مع بعضها ولا يمكن فصلها عن بعضها البعض. كما ان للمتغيرات الحياتية – الطبية تأثير مباشر في تباين وفيات الاطفال ومتداخل مع العوامل السابقة ولا سيما تجهيزات المياه النقية والكهرباء واحوال السكن والمرافق الصحية وغيرها من متطلبات الحياة العصرية([85]).
وجرت بعض المحاولات في انكلترا بحث هذه العوامل احصائيا (معادلة الانحدار) ومعرفة اثر كل منها على مستوى وفيات الاطفال. وقد اختيرت خمسة عوامل درست في 83 مدينة، فظهر ان ثلث الوفيات مرتبط بازدحام المسكن ويمثل التأثير الاول، وربع الوفيات ناجم من انخفاض دخل العمال غير المهرة، وخمسها سببه ارتفاع نسبة العمال العاطلين، وثمنها سببه الامهات العاملات في الصناعة، والعشر المتبقي ناتج من تأثير المناخ([86]).
وفيما يأتي ابرز العوامل المؤثرة في تباين الوفيات:
1.     الحالة الزواجية.
2.     العامل الجغرافي ومحل الاقامة.
3.     المكانة الاقتصادية/ الاجتماعية (مستوى المعيشة ودرجة التنمية الصناعية، المهنة، الدخل، مستوى التعليم، مستوى السكن.
4.     المناخ والتغيرات الجوية.
5.     الحروب والمجاعات والعادات السائدة بين الافراد (كالتدخين وشرب الخمر ونوع التغذية).
6.     درجة الاهتمام بالصحة العامة ومدى توفر الرعاية الطبية.

أولا: الحالة الزواجية:
تشير بيانات الحالة الزواجية من حيث ارتباطها بالوفيات الى انخفاض معدلات الوفيات بين المتزوجين قياسا بما لم يسبق لهم الزواج، خصوصا الذكور منهم. ولقد ظهر ذلك في عدة دراسات منها دراسة في الولايات المتحدة. ويعود سبب ذلك الى اختيار الاشخاص الاصحاء الى الزواج والى البيئة الصحية التي تتوفر في بيوت المتزوجين. فضلا عن ظروف الحياة العائلية التي تساعد على الاستقرار والتكيف والانتظام. كما ان المطلقين والارامل يتميزون بمعدل وفيات اعلى من المتزوجين. وقد يعود ذلك الى صعوبة الحياة التي يعيشون في ظلها، والى ارتفاع نسبة الخطأ بين هؤلاء عند اختيار شريك الحياة من ناحية الصحة والمزاج. ولذلك كانوا عاجزين عن التوافق عن الزواج، إذ أن الزواج يمثل تكييفا افضل مع الحياة من الناحيتين البدنية والعقلية مما تمثله العزوبية، والعجز المترتب مع عدم التوافق في الزواج يمكن ان يكون مرتبطا بوصفه سببا ونتيجة بنواحي الضعف الجسماني، وقد تزيد المشاق الاخرى الناجمة من الترمل من معدلات الوفاة([87]).

ثانيا:  العامل الجغرافي ومحل الاقامة:
بتباين مستوى الوفاة من مكان لآخر ضمن الدولة الواحدة سواء في مجموعة الدول المتقدمة ام النامية. ويعود سبب ذلك الى تباين المستوى الحضاري والاقتصادي والى اختلاف درجة التحضر والقدرة على العمل مع تباين الخدمات الطبية والعلاجية. والى هذا ايضا يرجع تباين الوفيات بين السلالات والمجموعات البشرية بين هذه المنطقة اوتلك.
ففي الولايات لمتحدة وجد ان معدل الوفيات للزنوج – لكلا الجنسين – هو اعلى مما هو عند البيض ولجميع الاعمار تحت سن الـ (65). ويقل توقع الحياة عند الميلاد للعناصر غير البيضاء – واغلبهم من الزنوج – بمقدار 7 او 8 سنوات عن البيض([88]).
ويتباين معدل الوفيات ايضا بحسب المناطق الجغرافية، فقد وجد في فرنسا، مثلا، ارتفاع معدل وفيات الرضع في شمالها بمقدار اعلى من المعدل العام للدولة. ويتأثر التباين بين المناطق الجغرافية للدولة الواحدة بانحدار معدلات الوفيات في الدولة ككل.
اما الاقطار النامية فالفروق اكثر وضوحا. اذ تشير بيانات معدل الوفيات الخام في الهند في عقد الخمسينيات في انخفاضه في ولاية كيرالا الى 16 بالالف مقابل ارتفاعه في ولاية آسام الى 27 بالالف. وهذا التباين فسر بمدى الاختلاف في انتشار الخدمات الصحية: الوقائية والعلاجية([89]).
وقد يتباين مستوى الوفاة بين المناطق الريفية والحضرية، والتباين في الدول النامية اكثر وضوحا من الدول المتقدمة حيث تقل الخدمات الصحية والتعليمية والسكن المناسب والغذاء في المناطق الريفية قياسا بالمدن، مع تركيز اقل فيها لاصحاب الدخول الكبيرة. فضلا عن انخفاض المستوى المعاشي وقلة الاستثمارات في مجالات الصحة العامة، كما اتضح ذلك في الدراسات التي اجريت في افريقيا وامريكا اللاتينية وآسيا. حيث يقل مستوى الوفاة في المناطق الحضرية قياسا بالمناطق الريفية، الا ان ذلك لا يمثل القاعدة العامة في تباين الوفيات الحضري والريفي. ذلك لان التناقض بينهما يكون كبيرا فقط في وفيات الاطفال الرضع. فقد قدر معدل وفيات الرضع في ايران بحوالي 110 بالالف في المناطق الريفية مقابل 75 بالالف في المناطق الحضرية.
ولا تختلف الاقطار العربية عن غيرها من اقطار العالم النامي، فهي تفتقر الى المستشفيات والمراكز الصحية لرعاية الامهات والاطفال بل الى المرافق الطبية عامة. وعمليات التوليد في المناطق الريفية غالبا ما تتم على يد قابلات يمارسن الاساليب التقليدية. وتوقعات الناس معقودة على اساس معدلات مرتفعة لوفيات الرضع. وهي تتحقق في الكثير الغالب بسبب اللامبالاة واهمال الامهات في مرحلة الامومة([90]).
وقد بلغ معدل الوفيات للسكان السعوديين 14.1 بالالف. ويتباين من 6 بالالف في المحافظات الست الكبرى الى 16 بالالف في المحافظات الصغرى، ثم الى 18 بالالف في القرى والمناطق الريفية الاخرى من الدولة ([91]). والمعدل مرتبط بدرجة التحضر حيث ان العوامل التي تساهم في قيام هذا التباين بين المدينة والريف تتمثل بمدى توفر المستشفيات والعيادات وغيرها من مرافق الرعاية الصحية. ولا شك ان ارتفاع مستويات التعليم، وارتفاع نسبة المجموعات العمرية الاصغر سنا في المناطق الحضرية تعزز بدورها هذا النمط.
وفي مصر تتأكد الحقائق السابقة ويرتفع معدل الوفيات في المناطق الريفية وذلك لانتشار امراض البلهارسيا والانكلستوما فيها. وهذا ناتج عن بقاء الفلاح مدة طويلة في الحقول الغارقة بالماء عكس المدن التي ينخفض فيها معدل الوفيات([92]).
وليست كل المدن في الدول النامية تتميز بمستوى وفاة منخفض، إذ ان الحياة الفقيرة فيها والمزدحمة بالسكان تتميز بمشاكل المياه الثقيلة، وتلوث مياه الشرب، وسوء الحالة الصحية، وانخفاض مستوى المعيشة، وظروف السكن السيئة. فتؤدي الى سوء الاحوال الاجتماعية وتدهور الاوضاع الاقتصادية بين طبقات العمال وينعكس ذلك على مستوى الوفيات حيث يرتفع معدله في المدن المذكورة.
وبالمقابل أخذ التباين يتلاشى بين الريف والحضر في الدول  المتقدمة بحيث لم تعد هناك فوارق تذكر في مجال الوفيات. فالفروق في الاجل المتوقع بين الريف والحضر هي اقل من سنة واحدة في معظم الدول الاوربية والاتحاد السوفيتي السابق ([93]).
وقد ينخفض معدل الوفيات في المناطق الريفية قياسا بالمناطق الحضرية في الدول المتقدمة كما حصل في الريف الامريكي بسبب تأخر تأثير الامراض المزمنة والعضوية التي تنشأ في المراحل المتأخرة من العمر. وهذا ناتج من توفر المزيد من الارض والفضاء والهواء النقي وبطء الخطى التي تسير فيها الحياة وامكانية وجود موارد افضل للاغذية الطازجة في حين ان الحياة في المدينة تؤثر تأثيرا واضحا في ارتفاع نسبة الوفيات حيث يمتلئ جو المدن المكتظة بغبار المصانع ودخانها فينعكس ذلك على سوء الحالة الصحية.
ثالثا : المكانة الاقتصادية / الاجتماعية:
يلاحظ ان الفئآت التي تعيش في داخل الدولة وتصل الى مستويات اقتصادية / اجتماعية جيدة (اذا ما قيست بمستوى الدخل والمهنة والتعليم والسكن وغيرها) تصل ايضا الى معدلات وفيات منخفضة قياسا بالمعدل العام للقطر. وغالبا ما تكون العوامل المؤثرة في الوفيات متداخلة، كالمهنة وعلاقاتها بالتعليم، والدخل وعلاقته بالمهنة، والدخل والتعليم وعلاقتهما بالتغذية وظروف المسكن وعادات المعيشة ([94]).
وقد اجريت دراسات عديدة تتعلق بتباين المستويات التعليمية والمهنية في عدة دول. وقد لخص (انتونوفسكي) نتائج بعض تلك الدراسات التي اجريت ذاكرا دلائل كثيرة تشير الى تأثير الطبقة الاجتماعية في الوفيات ولكن يمكن ان تنخفض هذه الفروق عندما تنخفض معدلات الوفيات الى مستوى متدن.
ويرتبط تباين الوفيات بين الطبقات الاجتماعية بصورة رئيسة بتفاوت مستوياتهم المعاشية. وتتفق هذه العلاقة مع الحقيقة المعروفة وهي ان ارتفاع مستوى المعيشة العام  ادى الى انخفاض الوفيات في اثناء الثورة الديموغرافية في الغرب. ويصدق هذا على وفيات الاطفال، حيث ان الطفل المولود في بيئة ميسورة يكون احتمال بقائه حيا مدة اطول من الطفل المولود في ظروف معيشية قاسية. اذ ان التحسينات في مستويات المعيشة العامة كانت المصدر الاساسي لانخفاض معدلات الوفيات. وتبقى العوامل الاقتصادية بالغة الاهمية في تباين مستويات الوفيات لدى الدول. ويبقى مستوى المعيشة والعوامل المرتبطة بالبرامج الصحية، بنظر "بيير فرومون" هي العوامل المهمة في تحديد مستوى الوفاة ([95]). الا ان التغيير الاقتصادي غير الهيكلي يبدو الان غير ذي فعالية في تخفيض الوفيات فقد برزت عوامل جديدة أبرزها التعليم ونشر برامج الصحة والتغذية العامة ([96]).
وأظهرت عدة دراسات وجود علاقة سالبة بين معدلات وفيات الرضع والمكانة الاجتماعية للاسرة، واشارت الدراسات التي اجريت لوفيات الرضع في كل من هنغاريا (1960 – 1973) وهولندة (1961 – 1962) وهوندوراس (1970 – 1971) ان معدل وفيات الرضع بين اصحاب الطبقة الاجتماعية الدنيا يزيد على ثلث المعدل تقريبا بين أصحاب الطبقة العليا ([97]). كما ظهرت العلاقة السالبة بين المكانة الاقتصادية / الاجتماعية ومستوى الوفاة في ولاية ميسور الهندية واحدى الولايات البرازيلية.
ويعد الدخل أحد العوامل المؤثرة في تباين مستوى الوفيات، فقد وجد في انكلترا والولايات المتحدة أن أصحاب الدخل المرتفع يتميزون بأقل المستويات، وأعلاها بين أصحاب الدخل المنخفض، في حين تكون المستويات معتدلة بين اصحاب الدخل المتوسط. واظهرت دراسة الوفيات بحسب الدخل في 14 مدينة يابانية متوسطة الحجم سنة 1939 ازدياد الدخل لانخفاض مستوى الوفيات، ويصح هذا على وفيات الرضع بصورة خاصة ([98]).
أما تباين الوفيات بحسب المهنة فإن لها تأثير بارز لأنها تحدد نوع العمل الذي قد يكون مريح للجسم فيقلل الوفيات، وقد يكون مرهقا للجسم كالعمل في المناجم وتحت الارض، والاعمال التي تحدث فيها تغيرات مفاجئة في درجة الحرارة. كما ان المهنة تحدد الى درجة كبيرة دخل الاسرة وما يؤثرذلك على المستوى المعيشي للفرد([99]).
وتبعا لما تقدم تشير الدراسات التي أجريت في انكلترا والولايات المتحدة الى وصول الوفيات الى حدها الاعلى بين الطبقات الاجتماعية الدنيا (وقد يكون غير ذلك). وأظهرت دراسة أجريت في الولايات المتحدة على أن الوفيات بين أصحاب الطبقة الاجتماعية الأولى (الفنيون) كانت أقل بكثير من متوسط المستويات الاخرى ([100]). واوضحت دراسات اخرى عن وفيات الرضع في فرنسا عامي 1952 و 1953 ان معدلاتها بلغت نحو 17 بالالف بين الطبقات الفنية و 22 بالالف بين الطبقات المتوسطة، وارتفع المعدل الى 45 بالالف بين العاملين في النشاط الزراعي، والى 54 بالالف بين العمال ([101]).
اما مستوى التعليم فقد اظهرت دراسة في الولايات المتحدة وجود علاقة سالبة بين الوفيات ومستوى التحصيل الدراسي، حيث تقل الوفيات كلما ارتفع مستوى التحصيل التعليمي. ويرتبط التحصيل التعليمي للوالدين وبخاصة تحصيل الام، بقوة مع مستوى وفيات الاطفال الرضع. فقد وجد الباحث زبادي Szabady في هنغاريا سنة 1959 علاقة سالبة قوية بين المتغيرين. حيث انخفض معدل وفيات الرضع من 95 بالالف للامهات اللواتي لم يذهبن الى المدرسة الى 27 بالالف للامهات اللواتي ذهبن الى المدرسة مدة 13 سنة فاكثر([102]).وظهرت نتائج مماثلة من دراستين أجريتا في يوغسلافيا وفرنسا ([103]).
كما وجد في احدى اقطار امريكا اللاتينية ان الاجل المتوقع عند الولادة للاميين هو اقل بمقدار 15 – 20 سنة من الاجل المتوقع عند من انهوا المرحلة الثانوية او التعليم العالي. ومن شأن تحويل دولار من الدخل نحو احراز قدر معين من التقدم على صعيد معرفة القراءة والكتابة (لغرض محاربة الامية) ان يعود بمردود اكبر على خفض معدل الوفيات من تركه يدخل خضم الاستهلاك والاستثمار بالطرق العادية. وقد حققت البلدان التي نظمت نموها بطريقة تؤدي الى رفع مستويات التعليم وانتشار برامج الصحة والتغذية العامة على نطاق واسع بين السكان، تقدما ملحوظا في اطالة امد الحياة([104]).
ومما لاشك فيه ان وضع برامج للتنمية تتمثل بتحسين مستوى الالمام بالقراءة والكتابة ونشر التغذية، ورفع مستوى السكن، وادخال الكهرباء، ومياه الشرب، ورفع سن العمل ووضع حد ادنى للاجور، وكذلك التقدم في علوم الدواء والعلوم الطبية والتوسع في برامج الصحة العامة. كل ذلك من شأنه ان يخفض الوفاة ويساعد في اطالة امد الحياة المتوقع بين المواطنين.
ان وجود التباين الشاسع في مستوى الوفاة بين المجتمعات البدائية والمجتمعات المتقدمة دليل واضح على ارتباط التباين في مستوى الوفاة ارتباطا قويا بالتنمية التي تهيء الظروف المناسبة لتحسين الصحة([105]). فالامهات الاميات اقل دراية وعلما بطرق العناية بصحتهن قبل التوليد او برعاية الوليد بعده. ولا يزال في المجتمعات العربية الى يومنا هذا معدلات مرتفعة للامية بين النساء وهي تتراوح بين 45% في الاردن ولبنان الى حوالي 98%  في سلطنة عُمان وقطر والسعودية واليمن في سنة 1975([106]).
رابعا:  المناخ والتغيرات الجوية:
يظهر اثر المناخ في تباين مستوى الوفيات بصفة خاصة على وفيات الاطفال حيث تؤثر عناصر المناخ، ولاسيما الحرارة والرطوبة، في الجهاز التنفسي لاسيما عند حصول تبدلات جوية من فصل لاخر بين منطقة واخرى داخل الدولة، فمثلا وجد ارتفاع المعدل خلال اشهر الصيف في المنطقة الحارة من جنوب فرنسا بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة بينما يرتفع المعدل في الشتاء في شمالها وشرقها.
خامسا : الحروب والمجاعات وبعض العادات السائدة:
هناك علاقة وثيقة بين العنصر البشري وموارد الغذاء في المجتمع. فالغذاء مطلب حيوي لبقاء العنصر البشري على وجه الارض. فقد جاهد الانسان، منذ وجد على الارض، من اجل حصوله على غذائه الضروري. ولقد شهد التاريخ المجاعات التي كانت تظهر عندما تحدث حالات نقص في الاغذية من جراء الجفاف وامراض (النبات والحيوان) الوبائية وموجات الحر وما الى ذلك، ففي الجزر البريطانية مثلا حدثت 200 مجاعة بين عامي 10 ق.م و 1846([107]).
والحروب عامل اخر من العوامل التي ساهمت في معدلات الوفاة المرتفعة، وخسائر الحروب بالنسبة للسكان لها ثلاث اشكال، فهناك الخسائر الحربية الواضحة ومنها الوفيات الناشئة عن تلوث الجراح والشكل الثاني هو ان عدد الموتى من المدنيين تجاوز ما كان متوقعا بالنسبة للزمان والمكان بسبب نقص الادوية والاطعمة وحالات الموت العنيفة من جراء القصف والغزو. والشكل الثالث هو انخفاض معدل المواليد، وهذا يرجع الى ما يطلق عليه "نفسية زمن الحرب"، من القلق والاضطرابات.. الخ([108]).
سادسا :  درجة الاهتمام بالصحة العامة ومدى الرعاية الطبية:
ان للمستوى الصحي ومدى نشر الرعاية الطبية تأثير بالغ في تحديد مستويات الوفاة. وهذا ما يجعل الامراض وانتشارها عامل بارز في تدني مستويات الوفاة وبالعكس كلما تقلصت الامراض وازيلت من الوجود يكون سببا في انخفاض الوفاة واطالة العمر. القرن الحالي شهد تقدما طبيا هائلا. وان الاجراءات الصحية والوقائية لم تؤد الى تخفيض الوفيات بصورة مباشرة بل ان الاصحاء اصبحوا اخصب وينجبون اطفالا اكثر.
ولا يمكن فصل الصحة عن الظروف الاقتصادية وتوفير الخدمات الاساسية غير ان اعتلال الصحة عند البالغين والاطفال الذي نشهده اليوم في كثير من الدول النامية يفوق كثيرا انعكاسات الظروف الاقتصادية وحدها. فبالرغم من وجود علاقة عامة متداخلة بين دخل الفرد والمؤشرات الصحية الرئيسة، تمكنت بلدان كثيرة من زيادة متوسط العمر المتوقع عند الولادة وتخفيض معدلات وفيات الاطفال دون السن الخامسة الى معدلات افضل من تلك التي حققتها بلدان يبلغ فيها دخل الفرد من الناتج القومي الاجمالي ضعفي او ثلاثة اضعاف دخل الفرد في تلك الدول([109]).

الزيادة الطبيعية:
لقد تمخض عن دراسة الفصلين السابقين (الخصوبة والوفيات) ظهور مصطلح سكاني يطلق عليه اسم الزيادة الطبيعية (او النمو الطبيعي) Natural Increase، وتعني الفرق بين عدد المواليد وعدد الوفيات او ما يسمى بـ (ميزان المواليد والوفيات)، وتقدر اما عدديا او نسبيا. وفي الحالة الاخيرة تكون النسبة الى مجموع السكان على اساس مئوي او ألفي وبالاشارة الى سنة معينة. وينتج عنها ما يسمى بمعدل الزيادة الطبيعية، وهو نسبة زيادة المواليد على الوفيات الى متوسط عدد السكان في الحقبة المرصودة، ويعادل الفرق بين معدل المواليد ومعدل الوفيات CRNI = CBR – CDRوهناك ما يسمى بالدليل الحيوي   Vital Index وهو "نسبة عدد المواليد   الى عدد الوفيات في حقبة زمنية واحدة، ويعادل نسبة معدل المواليد الى معدل الوفيات في الحقبة نفسها، ويكون الاساس فيه مئة، اي هو عدد المواليد التي تقابل مئة وفاة من السكان"([110]).
اما كيفية حساب معدل الزيادة الطبيعية فيمكن التوصل اليه بحسب الصيغة الاتية:
معدل الزيادة الطبيعية الخام =    1000
CRNI =  . K
 وبتطبيق هذه المعادلة على سنغافورة عام 1987 نحصل على النتيجة الاتية:
 معدل الزيادة الطبيعية في سنغافورة =  × 1000 = 11.8 بالالف
وفي العراق تحسب معدل الزيادة الطبيعية بحسب الاحصاءات الحيوية المسجلة عام 1987 بالصيغة الاتية(*):
=  × 1000 = 24.2 بالالف.

وقد أصبحت الزيادة الطبيعية في العصر الحديث هي السبب الرئيس في نمو الدول لاسيما بعد ان وضعت على الهجرة قيودا عديدة. والامر الطبيعي ان يفوق عدد المواليد على عدد الوفيات ومن ثم فهناك دائما زيادة طبيعية. ففي فنلندة بلغ عدد المواليد عام 1987 نحو 59.241 وعدد الوفيات 47.968 اي ان هناك زيادة قدرها 11.273 شخصا. اي ما يعادل 2.3 بالالف وهو يمثل الفرق بين 12 بالالف (معدل المواليد) و 9.7 بالالف (معدل الوفيات) ([111]).
واذا كانت الوفيات اكثر عددا من المواليد، فان الرقم الذي يمثل الزيادة الطبيعية تسبقه في العادة علامة ناقص . وعندئذ يقال له زيدة طبيعية سالبة أو نقص طبيعي كما هو الحال في الدانمرك وهنكاريا والمانيا الغربية في عام1987. وهكذا فإن نمو السكان يرجع أساساً الى الزيادة الطبيعية التي تختلف نسبتها من بلد لآخر، بل ومن منطقة الى اخرى داخل القطر الواحد. وعلى العموم يمكن توزيع الزيادة الطبيعية في العالم الى اربعة اقاليم رئيسة كما هي موضحة في ادناه([112]):
1.     اقليم الزيادة الطبيعية البطيئة، ويقل المعدل فيه عن 10 بالالف وهو يمثل مرحلة النضج السكاني حيث ينخفض معدل المواليد والوفيات معا، ويتمثل في كل من امريكا الشمالية وقارة اوربا والاتحاد السوفيتي السابق.
2.     اقليم الزيادة الطبيعية المعتدلة، وفيه يتراوح المعدل من 10 بالالف الى اقل من 20 بالالف ويتمثل في منطقة البحر الكاريبي وشرق آسيا وجنوب شرقها واوقيانوسيا.
3.     اقليم الزيادة الطبيعية المتوسطة، و يتراوح فيه المعدل بين 20 واقل من 25 بالالف حيث يرتفع معدل المواليد في هذا
خريطة ص 506
الاقليم مع بقاء الوفيات بمستوى متوسط، ويتمثل باقليم جنوب افريقيا وامريكا الجنوبية وجنوب اسيا.
4.     اقليم الزيادة الطبيعية المرتفعة وفيه يبلغ المعدل 25 بالالف فاكثر ويتمثل بما تبقى من اقاليم وهي: جميع اقاليم افريقيا عدا جنوبها، بالاضافة الى اقليمي امريكا الوسطى وغربي اسيا.
واذا ما استثنينا الامارات العربية التي تقع ضمن الاقليم الثاني، والبحرين ولبنان وتونس التي تقع ضمن الاقليم الثالث، فان جميع اقطار الوطن العربي الاخرى تقع ضمن الاقليم الرابع، وهو اقليم الزيادة الطبيعية المرتفعة حيث تزيد معدلاتها عن 25 بالالف. وبالامكان تقسيم اقطار الوطن العربي الى ثلاثة مستويات هي([113]):
‌أ-          اقطار تتراوح فيها معدلات الزيادة الطبيعية بين 19 واقل من 25 بالالف وتضم الامارات العربية والبحرين ولبنان وتونس. وانخفاض المعدل في اقطار هذه المجموعة ناجم من انخفاض معدلي المواليد والوفيات معا.
‌ب-       اقطار تتراوح فيها معدلات الزيادة الطبيعية بين 25 بالالف واقل من 30 بالالف، وتتمثل بكل من الكويت وقطر وجيبوتي ومصر وموريتانيا والمغرب والسودان. ويرجع سبب اعتدال معدلات الزيادة الطبيعية النسبي في اقطار هذه المجموعة الى اعتدال (او ارتفاع بسيط) في معدلات المواليد، يقابلها اعتدال (او انخفاض) في الوفيات. وهناك اقطار في هذه المجموعة (السودان، جيبوتي، موريتانيا) يكون السبب فيها ارتفاع المعدلين بنسب تجعل معدل الزيادة الطبيعية ضمن هذا الاقليم (معتدلا).
‌ج-        اقطار يبلغ فيها معدل الزيادة الطبيعية 25 بالالف فاكثر  وتضم بقية الاقطار العربية وعددها تسعة موزعة على ثلاث مجاميع، كل مجموعة تضم ثلاثة اقطار: الاولى وتقع في شرقي البحر المتوسط (سوريا، الاردن، العراق)، والثانية وتقع في الجزيرة العربية (السعودية، عُمان، اليمن)، والثالثة وموقعها في افريقيا العربية (ليبيا، الجزائر، الصومال)، ويرجع سبب ارتفاع معدل الزيادة الطبيعية في هذه المجموعة الى ارتفاع معدل المواليد وانخفاض معدل الوفيات الا ان بعض اقطار هذه المجموعة تكون وفياتها بمستوى متوسط او حتى مرتفع ولكن يبقى الفرق كبير بين معدلي المواليد والوفيات.





([1]) U,N., Multilingual Demographic Dictionary, English Section, OP. Cit, P. 57.
([2]) kennerh Hill and the U.N. Secretariat, " Uses Mortality Data for Planning and Research", In Data Bases for "Mortality Measurement U.N., New York, 1984, P. 15.
[3])عباس فاضل السعدي، دراسات (1980)، ص 132.
[4])) عبد الحسين زيني، مرجع سابق، ص 87.
( ([5] فتحي محمد أبو عيانة، مرجع سابق، ص 206.
[6])محمد عبد الرحمن الشرنوبي، جغرافية السكان، مرجع سابق، ص 103.
(([7]  المرجع نفسه، ص 116.
(([8] أبو عيانة، مرجع سابق، ص 217- 219، والشرنوبي، مرجع سابق، ص 117.
([9]دنيس هـ: رونج، مرجع سابق، ص 51.
(([10] المرجع نفسه، ص 67- 68.
([11]) Carmen A. Miro and Joseph E. Potter, Population Policy: Research Priorities in the Developing World, Frances Printer (Publishers), London, 1980, P. 73.
(([12] يونس حمادي علي، مبادئ (1985)، مرجع سابق، ص168.
[13]) ) جاكلين غارنيه، مرجع سابق، ص114.
([14]) U. N. World Population Prospects 1988, OP. Cit., Table (9), PP. 134 – 135.

[15]) ) الامانة العامة للامم المتحدة/ قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية – فرع السكان، دراسات سكانية رقم 260، الانماط العمرية والنوعية لمعدلات الوفاة، ترجمة رشا علي حسن، المركز الديموغرافي لشمال افريقيا، دار ومطابع الشعب، القاهرة، 1967، ص هـ.
[16]) ) المرجع نفسه، ص هـ.
[17]) ) يونس حمادي علي، مبادئ، مرجع سابق، ص171.
[18]) ) فوزي سهاونة، مرجع سابق، ص68 – 69.
[19]) ) المرجع نفسه، ص68 – 69.
[20]) ) راجع جدول (2).
[21]) ) جامعة الدول العربية وصندوق النقد العربي، التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 1987، ص58.
[22]) ) روبرت لوني، مرجع سابق، ص128.
[23]) ) شعبة السكان في اللجنة الاقتصادية لغربي اسيا، "الوضع الديموغرافي والاقتصادي والاجتماعي في بلدان منطقة اللجنة الاقتصادية لغربي اسيا"، النشرة السكانية، بيروت، العدد12، كانون الثاني 1977، ص10 – 11.
[24]) ) مجلة المستقبل العربي، يصدرها مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، العدد 108، شباط 1988، ص 202 – 203.
[25]) ) دولت احمد صادق، ومحمد عبدالرحمن الشرنوبي، مرجع سابق، ص104.
[26]) ) عبد الحسين زيني، مرجع سابق ص88.
([27] ) U. N. Department of International Economic and Social Affairs, Statistical Office, Demographic Yearbook 1987, New York, 1989, Table 4, P. 182.
[28]) ) مجلة المستقبل العربي، مرجع سابق، ص202 – 203.
([29] ) Multilingual , Demographic Dictionary, OP. Cit., P. 58.
[30]) ) دولت احمد صادق والشرنوبي، مرجع سابق، ص107.
[31]) ) فوزي سهاونة، مرجع سابق، ص66.
[32]) ) المرجع نفسه، ص69.
[33]) ) الجمهورية العراقية، وزارة التحطيط، الجهاز المركزي للاحصاء، دائرة النشر والعلاقات العامة، المجموعة الاحصائية السنوية لعام 1985، مطبعة الجهاز، بغداد، 1986، جدول 2/10، ص44 وجدول 2/8، ص51.
*) ) السكان في منتصف عام 1985 =  
وحسب السكان في منتصف عام 1985 بافتراض ان تقدير السكان الذكور لعام 1984 والبالغ 7,756,000 نسمة يمثل عدد السكان في مطلع عام 1985، والعدد في عام 1985 والمقدر بنحو 8,015,000 نسمة يمثل عدد السكان في نهاية عام 1985، اي ان عدد الذكور في منتصف العام يساوي:
   = 7,885,500 نسمة، وبنفس الطريقة حُسب العدد للاناث.
([34] Multilingual , Demographic Dictionary, OP. Cit., PP. 58 – 59.
[35]) ) كريشان هولي، ومساعد العميم، "مستويات واتجاهات الوفيات وتفاوتها في الكويت، 1965 – 1983"، النشرة السكانية (تصدرها الاسكو)، العدد 28، حزيرا 1986، ص111.
([36] ) Multilingual , Demographic Dictionary, OP. Cit., PP. 58 – 59.
([37] ) Demographic  Yearbook 1987, Table 4, P. 88.
([38] ) U. N. Department of International Economic and Social Affairs, Population Studies No. 105, Mortality of Children Under age 5: New York 1988, P. I, U. N., World Pop. Prospects, the 1994 Revision, Table 67, P. 123.
([39] ) Ibid, P. 1.
([40] ) Ibid, P. 19.
([41] ) Ibid, P. 19.
([42] ) Ibid, P. 19.
[43])) دنيس رونج، مرجع سابق، ص51 – 52.
[44]) ) عباس فاضل السعدي، دراسات، مرجع سابق، ص135.
([45] ) Donald J. Bogue, Principles of Demography, OP. Cit., PP. 584 – 585.
[46]) ) دولت احمد صادق والشرنوبي، مرجع سابق، ص136.
[47]) ) فوزي سهاونة، مرجع سابق، ص67 – 68 وابو عيانة، مرجع سابق، ص224.
[48]) ) بييار جورج، مرجع سابق، ص35.
[49]) ) دولت احمد صادق، مرجع سابق، ص136.
([50] ) Mayo – Smith, Statistics and Sociology, 1895, PP. 144 – 145.
عن يونس حمادي علي ، ص175، 145.
[51]) ) ابو عيانة، مرجع سابق، ص224.
([52] ) R. I. Woods, P. A. Watterson and J. H. Woodward, "The Causes of Rapid Infant Mortality Decline in England and Wales, 1861 – 1921, Part I", Population Studies: A Journal of Demography, London, Vol. 42, No. 3, Nov. 1988. PP. 348 – 349.
([53] ) Ibid. PP. 348 – 349.
[54]) ) ابو عيانة، مرجع سابق، ص225.
([55] ) Thomas Mckeown, The modern Rise of Population, Edward Arnold, London, 1977, P. 42.
([56] ) R. I. Woods, OP. Cit., P. 349.
([57] ) U. N. Mortality of Children Under 5, P. 27.
[58]) ) تقرير التنمية البشرية لعام 1995، ص169.
[59]) ) يسري الجوهري، مرجع سابق، ص127 – 128، وغارنيه، مرجع سابق، ص115 – 116.
([60] ) Multilingual Demographic Dictionary, OP. Cit., PP.61 – 62.
[61]) ) فوزي سهاونة، مرجع سابق، ص70.
[62]) ) المرجع نفسه، ص70.
[63]) ) محسن عبد الصاحب المظفر – التحليل المكاني لامراض متوطنة في العراق: دراسة في الاسس الجغرافية للتخطيط الصحي، مطبعة الارشاد، بغداد، 1979، ص111.
[64]) ) فوزي سهاونة، مرجع سابق، ص60 - 71
[65]) ) المرجع نفسه، ص72
[66]) ) محمد الغريب عبدالكريم، سسيولوجيا السكان، المكتب الجامعي الحديث، الاسكندرية، 1982، ص371 – 372.
[67]) ) السيد الباز العريني واخرون، المجتمع العربي، دار النهضة العربية، بيروت، 1968، ص45.
[68]) ) يونس حمادي علي، مبادئ، مرجع سابق، ص 179.
[69]) ) وارينز س. تومسون، دافيد ت. لويس، مرجع سابق، ص551.
[70]) س. شاندر اسكهار، مشكلة السكان وخطة تحديد النسل في الهند، ترجمة خديجة برادة، من الشرق والغرب، مطابع الدار القومية، القاهرة، بدون تاريخ، ص21.    
[71]) ) كريشان هولي، ومساعد العميم، مرجع سابق، ص111.
[72]) ) جيمس ب. غرانت، وضع الاطفال في العالم 1990، اليونسيف، المكتب الاقليمي للشرق الاوسط وشمال افريقيا/ قسم الاعلام والعلاقات الخارجية، عمان، 1990، ص17.
[73]) ) دنيس هـ. رونج، مرجع سابق، ص61 – 62.
[74]) ) ابو عيانة، مرجع سابق، ص234 – 236.
[75]) ) محمد الغريب عبدالكريم، مرجع سابق، ص370 – 371.
([76] )U. N. Word Population Prospects 1988, PP. 46 – 47.
[77]) ) تقرير التنمية البشرية لعام 1995، ص158 – 9، 214.
([78] ( U. N. Department of International Economic and Social Affairs, Population Studies No. 94. Determinants of Mortality change Differentials in Developing Countries, New York, 1986, Table (1), P. 2
[79]) ) احمد علي اسماعيل، مرجع سابق، ص35 – 36.
([80] ) Multilingual Demographic Dictionary, P. 64 & Bogue, PP.555 – 558.
([81] ) U. N. Population Studies No. 107, Step – by – Step Guide to the Estimation of Child Mortality, New York, 1990. P. 3,واحمد اسماعيل، مرجع سابق، ص36. وعبدالحسين زيني، مرجع سابق، ص106. 
[82]) ) محمد عبدالرحمن الشرنوبي، مرجع سابق، ص186.

[83]) ) راجع: U. N. Methods for Population Projection Manual III, OP. Cit., PP. 20 - 32
[84]) ) وليم براس، "السياسات الهادفة لتقليص تفاوت الوفيات"، النشرة السكانية (تصدرها الاسكوا)، العدد 16، كانون الاول 1980، ص5.
([85]U. N. Department of International Economic and Social Affairs, Socio - Economic Differentials in Child Mortality in Developing Countries, New York, 1985, PP. 2 & 242.
[86]) ) دولت احمد صادق والشرنوبي، مرجع سابق، ص133.
[87]) ) وارين تومسون، ودافيد لويس، مرجع سابق، ص564 – 565، وعبدالمنعم عبدالحي، علم السكان: الاسس النظرية والابعاد الاجتماعية، ط1، القاهرة، 1984، ص135.
([88]) Dennis H. Wrong, Population and Society, 3 rd edition, Random House, New York, 1967. P. 39.
[89]) ) فوزي سهاونة، مرجع سابق، ص62.
[90]) ) هنري عزام، "تحليل تفاضلات الخصوبة والقوى العاملة في العالم العربي"، النشرة السكانية، العدد 16، حزيران 1979، ص54.
[91]) ) روبرت لوني، مرجع سابق، ص129.
[92]) ) محمد الغريب عبدالكريم. مرجع سابق، ص372.
[93]) ) فوزي سهاونة، مرجع سابق، ص61 - 62
[94]) ) المرجع نفسه، ص 63.
[95]) ) بيير فرومون، مرجع سابق، ص48.
[96]) ) سامويل هـ. بريستون، "الوفاة والمرض والتنمية"، النشرة السكانية، العدد 15، كانون الاول 1987، ص89.
[97]) )  يونس حمادي علي، مبادئ، مرجع سابق، ص178.
[98]) ) المرجع نفسه، ص 173 – 174، وفوزي سهاونة، مرجع سابق، ص63.
[99])) عبدالمنعم عبدالحي، علم السكان: الاسس النظرية والابعاد الاجتماعية، ط1، القاهرة، ص135 – 136.
[100]) ) يونس حمادي علي، مبادئ، مرجع سابق، ص173.
[101]) ) محمد الغريب عبدالكريم. مرجع سابق، ص385.
([102] ) Egon Szabady, "Social and Biological Factors Affecting Infant Mortality in Hungary" in International Population Conference, 1961, PP. 773 – 774.
([103] ) U. N., The Determination and Consequences, Vol. I, 1973, OP. Cit., P. 139.
[104]) ) سامويل هـ. بريستون، مرجع سابق، ص89.
[105]) ) وليم براس، مرجع سابق، ص5.
[106]) ) هنري عزام، مرجع سابق، ص54.
[107]) ) عبدالمنعم عبدالحي، مرجع سابق، ص138.
[108]) ) المرجع نفسه، ص138.
[109]) ) جيمس ب. غرانت، مرجع سابق، ص37.
([110] ) Multilingual Demographic Dictionary, P. 87.
*) ) حسب السكان في منتصف عام 1987 بافتراض ان تقدير السكان لعام 1986 يمثل العدد في بداية عام 1987، والعدد في عام 1987 يمثل السكان في نهاية العام المذكور (راجع المجموعة الاحصائية السنوية التي يصدرها الجهاز المركزي للاحصاء لعام 1988، ص42، و 256 – 258).
([111] ) U. N. Demographic Yearbook 1987, Table 4, P. 188.
([112] ) Ibid, Table 4. P. 188.Table 1,P.169.
([113] ) Ibid, Table 4. PP. 182-188.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا