التسميات

الثلاثاء، 12 يناير 2021

التنمية الصناعية في محافظة الأنبار دراسة في جغرافية الصناعة - إيهاب لطيف مخلف العاني - رسالة ماجستير 2012م


التنمية الصناعية في محافظة الأنبار 

دراسة في جغرافية الصناعة 

رسالة تقدم بها

إيهاب لطيف مخلف العاني

إلى مجلس كلية الآداب – جامعة الأنبار 

وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير 

آداب في الجغرافية

بإشراف

الأستاذ المساعد الدكتور

ياسين حميد بدع المحمدي

1433 هـ - 2012 م



         عنــوان الموضــوع

الصفحة

الآيــــــــــة

أ

الإهــــــداء

ب

شكر وتقدير

ت

المستخلص

ث - ج

   قائمة المحتويات

ح -  ز

   قائمة الجــــداول

ز- ص

   قائمــة الخرائــط

ص-ض

  قائمــة الأشكــال

ض-ط

المقــــــدمـــة

1 - 6

الفصل الأول : - الدليل النظري للدراسة.

7- 32

التمهيد .

7

      المبحث الأول :- الدليل النظري الجغرافي لمحافظة الأنبار.

8-12

1- 1 .. الموقع والحدود.

8

1- 2 .. التضاريس ( مظاهر سطح الأرض ).

8

1-3.. المناخ.

8

1- 4 .. المساحة والتقسيمات الإدارية.

10

1-5 .. السكان.

10

     المبحث الثاني :- الدليل النظري الجغرافي للتنمية الصناعية.

12-32

2-1 .. ماهية التنمية الصناعية.

13

2 -2.. ستراتيجيات تحقيق التنمية الصناعية ضمن الإقليم.

14-16

2-3 .. الأبعاد التنموية لتحقيق التنمية الصناعية ضمن الإقليم .

16-17

2-4.. التجارب التنموية في مجــال تحقيـــق التنميـــة الصناعيـــة لـــدول مختــارة

18- 31

  2-4-1... تجربة التصنيع في ماليزيا .

19- 24

  2-4-2 ... تجربة التصنيع في كوريا الجنوبية .

24-31

الخلاصـة .

32

      الفصل الثاني :- مرتكزات ومحددات تحقيق التنمية

                                     الصناعية في محافظة الانبار

33- 136

          عنــوان الموضــوع

الصفحة

التمهيد.

33

         المبحث الأول :- المرتكزات التنموية الطبيعية للتنمية الصناعية.

34-54

1- 1 ... الموقع الجغرافي

35-36

1 -2 ... المناخ .

36-38

1- 3 .. التكوين الجيولوجي .

39-42

1-  4.. مظاهر سطح الأرض .

42-47

1- 5 .. الموارد المائية .

47-54

          المبحث الثاني :- المرتكزات التنموية البشرية والاقتصادية

                                  للتنمية الصناعية

54-105

2-1 ... السكان والقوى العاملة .

54-62

2-1-1 ... دراسة واقع التوزيع الجغرافي للسكان في محافظة الأنبار

                           وتحليله .

55-62

2-2 ... السياسات الحكومية .

62-68

2-3... رأس المال .

68-74

2-4 ... المواد الخام الأولية .

74-89

     2-4-1... المواد الخام المعدنية .

75- 81

     2-4-2... المواد الخام الزراعية .

81-89

2-5 ... السـوق .

89-93

2-6 ... شبكة الطرق ووسائل النقل .

93-100

2-7 ... مصادر الطاقة والوقود .

100-105

         المبحث الثالث :- تحديد طبيعة المؤهلات التنموية في محافظة الأنبار وفقاً لمعيار الملائمة المكانية .

106-113

         المبحث الرابع :- الواقع الجغرافي لمحددات تحقيق التنمية

                       الصناعية في محافظة الأنبار .

114-135

4-1 ... المواد الخام الأولية .

114-117

4-2 ... السـوق .

117-120

عنــوان الموضــوع

الصفحة

4-3 ... السياسات الحكومية .

120-124

4-4 ... مشكلة توزيع السكان والقوى العاملة مكانيا وقطاعيا .

125-126

4-5 ... مشكلة تخلف التكنولوجيا الصناعية .

126-128

4-6 ... اقتصاديات التكتل الصناعي – الحضري.

128-129

4-7 ... مشكلة تخلف خدمات البنى الارتكازية .

129-133

4-8 ... الاعتبارات البيئية .

133-134

الخلاصـة .

135-136

الفصل الثالث :- الواقع القائم لمستوى توطن النشاط الصناعي التحويلي وتطوره في محافظة الأنبار للمدة 1960 2010 .

137-211

التمهيد .

137

        المبحث الأول :- واقع التوطن لإجمالي القطاع الصناعي في محافظة الأنبار مقارنة بالقطر للمدة 1960 – 2010 .    

138-148

1-1 ... المرحلة الأولى (1960 – 1989 ) .

138-143

1-2 ... المرحلة الثانية ( 1990 – 2010 ) .

143-148

         المبحث الثاني :- اتجاهات التوطن لهيكل القطاع الصناعي

                    في محافظة الأنبار حسب الملكية للمدة 1960-2010 .

148-153

         المبحث الثالث :- واقع التوطن لإجمالي القطاع الصناعي في

                   محافظة الأنبار وفقاً لحجم المنشات الصناعية (الكبيرة

                                     والصغيرة ) .    

154-158

         المبحث الرابع :- واقع التوطن لفروع النشاط الصناعي

                    التحويلي في محافظة الأنبار للمدة 1980 – 2008 .

159-192

4 – 1 ... واقع التوطن لفروع النشاط الصناعي التحويلي في

              محافظة الأنبار وفقا لمعيار عدد المنشآت الصناعية للمدة

                                      1980 – 2008 .

160-166

4 – 2 ... واقع التوطن لفروع النشاط الصناعي التحويلي في  محافظة الأنبار وفقاً لمعيار عدد العاملين للمدة 1980 – 2008.

167-173

         عنــوان الموضــوع

الصفحة

4 – 3 ... واقع التوطن لفروع النشاط الصناعي التحويلي في محافظة الأنبار وفقاً لمعيار أجور العاملين للمدة 1980 – 2008 .

174-178

4 – 4 ... واقع التوطن لفروع النشاط الصناعي التحويلي في   محافظة الأنبار وفقاً لمعيار القيمة المضافة للمدة 1980 – 2008 .

179-183

4 – 5 ... واقع التوطن لفروع النشاط الصناعي التحويلي في

        محافظة الأنبار وفقاً لمعدل الأهمية النسبية لإجمالي المؤشرات

                  الصناعية المعتمدة لعام 2010 .    

184-192

            المبحث الخامس :- واقع واتجاهات التوطن للنشاط الصناعي

                    التحويلي على مستوى الوحدات الإدارية(( الأقضية )) في         

                               محافظة الانبار لعام 2010 .

193-209

الخلاصـة .

210-211

             الفصل الرابع :- تحليل جغرافي اقتصادي لمستويات

                          التنمية الصناعية واتجاهاتها المكانية في

                                         محافظة الأنبار .

212-232

التمهيد .

212

   المبحث الأول :- تحليل مستوى الكفاءة الاقتصادية للأنشطة

       الصناعية المتوطنة في محافظة الأنبار للمدة 1980-2010 .

213-227

1-1 ... تحليل اتجاهات التغير النسبي لفروع النشاط الصناعي التحويلي في محافظة  الأنبار للمدة 1980 – 2008 .

214-216

1-2  ... تحليل مستويات التوطن لفروع النشاط الصناعي التحويلي في محافظة الأنبار باستعمال معامل الموقع الصناعي للسنوات 1980 – 2010 .

216-219

1-3 ... تحليل الأهمية الاقتصادية لفروع النشاط الصناعي التحويلي في محافظة الأنبار وفقاً لمعيار درجة التصنيع لعام 2010 .

220-221

1-4 ... تحليل الأهمية الاقتصادية لفروع النشاط الصناعي التحويلي في محافظة الأنبار باستعمال معامل الكم الصناعي لعام 2010 .

222-223

1-5... تحليل الأهمية الاقتصادية لفروع النشاط الصناعي التحويلي في   محافظة الأنبار لعام 2010 وفقا لقياس معدل الأهمية الصناعية .

224-226

         المبحث الثاني :- تحليل الواقع القائم لمستويات التنمية الصناعية

                       واتجاهاتها المكانية في محافظة الأنبار لعام 2010 .

227-231

الخلاصـة .

232


         عنــوان الموضــوع

الصفحة

الفصل الخامس :- تحديد الاتجاهات المستقبلية للتنمية

      الصناعية في   إطار توجهات تحقيق التنمية المكانية ضمن

أقضية محافظة الأنبار .

233-273

التمهيد .

233

المبحث الأول ... التوجهات التنموية المستقبلية في إطار معالجة     محددات تحقيق التنمية الصناعية وتحقيق الاستغلال الأمثل للمؤهلات التنموية المتاحة

234-257

1 – 1  ... المواد الخام الأولية .

234-239

1 – 2  ... الســـوق .

239-241

1 – 3  ... السياسات الحكومية .

241-245

1 – 4  ... السكان والقوى العاملة .

245-248

1 – 5  ... التكنولوجيا الصناعية .

249-250

1 – 6   ... اقتصاديات التكتل .

250-251

1 – 7  ... خدمات البنى الارتكازية.

251-255

1 – 8 ... الاعتبارات البيئية .

255-256

        المبحث الثاني:- تحديد الستراتيجيات التنموية الملائمة في إطار

                        التوجهات المستقبلية لتحقيق التنمية الصناعية في محافظة

                                                              الأنبار .

256- 273

2 – 1 ... التوجهات التنموية المستقبلية لتطوير مستويات التنمية الصناعية ضمن مناطق التوطن الصناعي في محافظة الأنبار .

258-261

2 – 2 ... التوجهات التنموية المستقبلية لتحقيق التنمية الصناعية في

         محافظة الأنبار وفقاً لنموذج التنمية المكانية اللامتوازنة . 

262-263

2 – 3 ... التوجهات التنموية المستقبلية لتحقيق التنمية الصناعية في

          محافظة الأنبار وفقا لنموذج التنمية المكانية المتوازنة .      

264-273

الخلاصـة .

274

الاستنتاجات والتوصيات .

275-282

قائمة المصـادر .

283-292

 

 المستـخـلـص

         حظيت التنمية الصناعية في الوقت الحاضر باهتمام كبير من الدول المتقدمة صناعياً والدول النامية ( المتخلفة) صناعياً أيضاً ؛ وذلك لأهمية تحقيق التنمية الصناعية باعتبارها العنصر الحاسم والسريع في إحداث أي تغيرات تنموية إيجابية في الهيكل الاقتصادي والاجتماعي والعمراني ضمن الإقليم .

ومن هذا المنطلق ، فقد تناول هذا البحث دراسة واقع التنمية الصناعية في محافظة الأنبار وتحليله ، مع وضع الستراتيجيات التنموية المستقبلية الملائمة لتطوير مستويات التنمية المكانية ضمن أقضية المحافظة المختلفة . وذلك من خلال خمسة فصول رئيسة اشتمل عليها هيكل البحث بالإضافة إلى الاستنتاجات والتوصيات . حيث تضمن الفصل الأول - ومن خلال مبحثين - عرض الدليل النظري للتنمية الصناعية ومنطقة الدراسة . واشتمل الفصل الثاني - ومن خلال أربعة مباحث - على تحديد طبيعة مرتكزات ومحددات تحقيق التنمية الصناعية في محافظة الانبار ، في حين اشتمل الفصل الثالث - ومن خلال خمسة مباحث-  على عرض الواقع القائم لتوطن النشاط الصناعي التحويلي في محافظة الانبار خلال المدة 1960-2010 . أما الفصل الرابع فقد تم الاعتماد فيه على استخدام الأساليب الإحصائية والكمية في تحليل واقع توطن النشاط الصناعي التحويلي في محافظة الأنبار ؛ بهدف معرفة مستوى الكفاءة الاقتصادية واتجاهات التوطن للأنشطة الصناعية ومدى إسهامها في تطوير مستويات التنمية المكانية في أقضية محافظة الأنبار . وتضمن الفصل الخامس - ومن خلال مبحثين رئيسين- تحديد التوجهات المستقبلية لتحقيق التنمية الصناعية في محافظة الأنبار ، من خلال تحديد التوجهات المناسبة لمعالجة محددات تحقيق التنمية الصناعية وتحقيق الاستغلال الأمثل للإمكانيات التنموية المتاحة ، بالإضافة إلى تحديد الستراتيجيات التنموية التي تتضمن عدة بدائل تنموية لإعطاء مرونة كبيرة في مجال توجهات تحقيق التنمية الصناعية ومن ثم تطوير مستويات التنمية المكانية ضمن أقضية محافظة الأنبار المختلفة . ومن خلال النتائج التي تم التوصل إليها ، تبين لنا أنه وعلى الرغم من امتلاك المحافظة أنشطة صناعية كبيرة ومتنوعة وذات طابع تصديري ومتميزة بالإضافة إلى امتلاكها إمكانيات تنموية كبيرة ومتميزة من حيث الكم والنوع على مستوى

القطر إلا أن مستوى توطن الأنشطة الصناعية واستغلال الإمكانيات التنموية المتاحة ، ما يزال لا يتلاءم مع متطلبات تحقيق التنمية المكانية المتوازنة نسبياً ضمن أقضية محافظة ألانبار المختلفة ؛ بسبب التراجع الكبير لمستوى التوطن الصناعي في المحافظة بعد احتلال العراق ،مع تراجع مستوى الكفاءة الإنتاجية والاقتصادية للأنشطة الصناعية وعدم قدرتها على تحقيق الاستغلال الأمثل للإمكانيات التنموية المتاحة ، ومن ثم ضعف مساهمتها في تطوير مستويات التنمية المكانية ضمن أقضية محافظة الأنبار المختلفة .

المقدمـة .  Introduction                                                

          حظيت عملية تحقيق التنمية الصناعية على المستوى الأكاديمي بالاهتمام المتزايد في الدراسات الاقتصادية عموماً وجغرافية التنمية على وجه التحديد ؛ وذلك بسبب الاهتمام المتزايد من الدول المتقدمة صناعياً والدول النامية (المتخلفة صناعياً) بأهمية تحقيق التنمية الصناعية ؛ لكونها تلعب دوراً رئيساً في بناء اقتصاديات الدول وتطوير قطاعاتها المختلفة الأخرى ، وهذا له تأثير كبير على قوة القرار السياسي للدولة .

ولأهمية تحقيق التنمية الصناعية  فقد جاء موضوع هذا البحث الموسوم (( التنمية الصناعية في محافظة الأنبار الواقع القائم والتوجهات المستقبلية )) ؛ للكشف عن طبيعة الخصائص  الجغرافية والاقتصادية للواقع القائم للتنمية الصناعية ، مع تحديد التوجهات المستقبلية لها ضمن أقضية محافظة الأنبار المختلفة . وتأتي أهمية اختيار محافظة الأنبار موضوعاً لهذا البحث ؛ بالاعتبارات التنموية الآتية :-

1-   امتلاك المحافظة موقعٌ متميزٌ على المستوى الدولي والمحلي ، بالإضافة إلى بُعداً مساحياً يشكل (31.9%) من مساحة القطر الكلية البالغة (138288 كم2 ) . والذي أوجد لها ميزة التنوع في الإمكانيات التنموية التي حباها بها الله تعالى ، لها إذ تتفوق فيها على جميع محافظات القطر الأخرى من حيث الكم والنوع ، كما إنها تتفوق في خامات معينة كالفوسفات حتى على المستوى الدولي . وهذا له أهمية كبيرة في مجال تحقيق التنمية الصناعية في المحافظة .

2-  امتلاك المحافظة أنشطة صناعية كبيرة في الوقت الحاضر ، لكنها ما زالت تعاني من مشاكل كبيرة انعكست سلباً على ضعف مستوى كفاءتها الاقتصادية والإنتاجية .

3-  عدم وجود دراسات سابقة تناولت موضوع التنمية الصناعية في محافظة الأنبار من منظور جغرافي اقتصادي شامل وتفصيلي .

وفيما يتعلق بمشكلة البحث (Research question ) فقد تحددت بآلاتي :-

1-   تُعد محافظة الأنبار إقليماً جغرافياً ما زال يعاني من ضعف مستوى خدمات البنى الارتكازية ضمن مناطق المحافظة المختلفة .

 2-   وجــود اختلال كبير في هيكل الاستيطان البشري الذي يمتاز بالتركز السكاني الكبير ضمن أقضية محددة من المحافظة  ولاسيما أقضية الفلوجة ، الرمادي وهيت . مقابل ضعف الحجوم السكانية للأقضية الأخرى .

3-  ضعف مستوى الأنشطة الاقتصادية عموماً ، والأنشطة الصناعية على وجه التحديد مع تركزها ضمن مناطق محددة من المحافظة بشكل لا يتلاءم مع البُعد المساحي للمحافظة وحجم الإمكانيات التنموية المتاحة ومن ثم توجهات تحقيق التنمية الصناعية ضمن أقضية محافظة الأنبار المختلفة .

4-  ضعف دور التخطيط الصناعي وسياسات التنمية المكانية في وضع ستراتيجيات تنموية ملائمة لمعالجة واقع التوطن الصناعي المتدهور ومن ثم تطوير مستويات التنمية المكانية .

5-   عدم استغلال البُعد المساحي للمحافظة في مجال تحقيق الموازنة المكانية في توزيع السكان والأنشطة الاقتصادية لاسيما الصناعية منها ، بالإضافة إلى الأنشطة الخدمية  وبما يتلاءم مع متطلبات تحقيق التنمية المكانية المتوازنة نسبياً ضمن أقضية المحافظة المختلفة .

أما فرضية البحث (Research Hypothesis) فقد تحددت بالآتي :-

1-  تتمتع محافظة الأنبار بإمكانيات تنموية متميزة من حيث الكم والنوع ، يمكن أن يحقق استغلالها الأمثل من خلال اعتماد التخطيط الصناعي السليم ووضع الستراتيجيات التنموية الملائمة في تطوير مستويات التنمية المكانية ، غير ان مستوى استثمار هذه الإمكانيات التنموية ما يزال أقل مما أتيح  منها بكثير ودون المستوى المطلوب لتحقيق التنمية المكانية ضمن أقضية المحافظة المختلفة .

2-   إن مستوى توطن الأنشطة الصناعية  وتوزيعها قطاعياً ومكانياً ضمن فروع صناعية واقضيه محددة ، ما يزال لا يتلاءم مع ما هو متاح من إمكانيات تنموية متنوعة وتوجهات تطوير مستويات التنمية المكانية المتوازنة نسبياً ضمن أقضية محافظة الأنبار المختلفة .

3-  إن الأنشطة الصناعية الكبيرة المتوطنة في محافظة الأنبار يمكن أن تُسهم بدور كبير في تطوير مستويات التنمية المكانية في المحافظة ، فيما لو تم وضع الستراتيجيات التنموية الملائمة لتطوير مستوى كفاءتها الإنتاجية والاقتصادية .

4-   توفر الإمكانيات التنموية المتاحة في المحافظة التي ما زالت غير مستثمرة صناعياً والتي يمكن استثمارها في  إمكانية قيام أنشطة صناعية جديدة متنوعة وذات طابع تصديري ، ويكون لها دور رئيس ومؤثر في تعزيز فرص تطوير مستويات التنمية المكانية ومن ثم إزالة الفوارق التنموية بين أقضية محافظة الأنبار المختلفة .

       وفي ضوء تحديد مشكلة البحث وفرضيته ، فقد تضمن هدف البحث (Research objective) ما يأتي :-

1-   تحديد طبيعة الإمكانيات التنموية المتاحة وتوزيعها المكاني من حيث الكم والنوع ، مع بيان أهميتها في مجال تحقيق التنمية الصناعية ضمن أقضية محافظة الانبار المختلفة ، وذلك من خلال اعتماد مؤشرات إحصائية معززة بأساليب كمية لتحديد ما يتمتع به كل قضاء من إمكانيات تنموية يمكن استثمارها صناعياً باتجاه تطوير مستويات التنمية المكانية في المحافظة .

2-   تحديد مستوى واتجاهات توطن الأنشطة الصناعية الكبيرة في المحافظة ، مع بيان العوامل المؤثرة في مستوى توطنها وتوزيعها المكاني ، بالإضافة إلى تحديد مستوى الكفاءة الاقتصادية والإنتاجية للأنشطة الصناعية المتوطنة ، ومدى أهميتها في مجال تطوير مستويات التنمية المكانية ضمن أقضية محافظة الأنبار المختلفة .

3-    تحديد التوجهات التنموية المستقبلية التي تحقق أفضل استغلال للإمكانيات التنموية المتاحة ومعالجة محددات تحقيق التنمية الصناعية ، بهدف الإسهام في خلق قاعدة صناعية متطورة تحقق الموازنة المكانية بين توقيع الأنشطة الصناعية الجديدة واستغلال الإمكانيات التنموية المتاحة ، وبما يتلاءم مع متطلبات تحقيق التنمية المكانية المتوازنة نسبياً ضمن أقضية محافظة الأنبار المختلفة .

وفيما يتعلق بحـدود البحث Research Boundaries)  ) ، فقد تحدد بالاتي :-

1-  البُعد المكاني للدراسة ، ويتمثل بدراسة الواقع القائم للتنمية الصناعية واتجاهاتها المستقبلية ضمن الحدود الإدارية لمحافظة الأنبار .

2-     البُعد الزماني للدراسة ، وتحدد بالمدة 1960 2010 .

ومن أجل إكمال متطلبات البحث ، فقد تضمنت منهجية هذا البحث (Research Methodology) التركيز على جمع المعلومات والبيانات اللازمة عن منطقة الدراسة وتوظيفها بشكل يتلاءم مع هدف البحث وصياغة التوجهات التنموية المستقبلية في محافظة الأنبار، وقد تحقق ذلك من خلال الآتي :-

1-  مراجعة الدوائر الرسمية ذات العلاقة للحصول على المعلومات والبيانات اللازمة والمبينة من خلال اعتمادها كمصادر رسمية في البحث .

2-   العمل المكتبي للاطلاع على الدراسات المتعلقة بموضوع التنمية الصناعية عموماً ، والدراسات المتعلقة بمنطقة الدراسة على وجه التحديد ، سواءٌ أكان ذلك كتباً أم بحوثاً أم رسائل ماجستير وأطاريح ، .... الخ .

3-   الدراسة الميدانية التي قام بها الباحث للمنشآت الصناعية الكبيرة المتوطنة في محافظة الأنبار خلال المدة من 10 / 1/ 2011 إلى 7/ 4/2011. وذلك من أجل إكمال النقص في المعلومات والبيانات اللازمة وتحديثها بشكل يلائم متطلبات البحث.

4-   تحليل المعلومات والبيانات وتقويمها بالاعتماد على التحليل الجغرافي النظري ، بالإضافة إلى استعمال العديد من الأساليب الكمية في التحليل لإظهار الطابع التنموي والتخطيطي وفقاً لنماذج تنموية تُسهم في إعطاء درجة عالية من الدقة في التحليل ، وبما يتلاءم مع هدف البحث .

وفي ضوء اعتماد هذه المنهجية ، ولتحقيق هدف البحث ، فقد تضمن هيكل البحث (Research Structure) خمسة فصول رئيسة تتمثل بالآتي :-

الفصل الأول ... الدليل النظري .

المبحث الأول :- الدليل النظري الجغرافي لمنطقة الدراسة .

المبحث الثاني :- الأسس والمفاهيم النظرية للتنمية الصناعية .

الفصل الثاني ... مرتكزات ومحددات تحقيق التنمية الصناعية في محافظة الأنبار .

 المبحث الأول :- المرتكزات التنموية الطبيعية للتنمية الصناعية .

المبحث الثاني :- المرتكزات التنموية البشرية والاقتصادية للتنمية الصناعية.

   المبحث الثالث :- تحديد طبيعة المؤهلات التنموية المتاحة في محافظة الأنبار وفقاً  لمعيار الملائمة المكانية .

   المبحث الرابع :- الواقع الجغرافي لمحددات تحقيق التنمية الصناعية في محافظة الأنبار .

الفصل الثالث ... الواقع القائم لمستوى توطن النشاط الصناعي التحويلي وتطوره في محافظة الأنبار للمدة 1960 2010 .

المبحث الأول :- واقع التوطن لإجمالي القطاع الصناعي في محافظة الأنبار مقارنة  بالقطر للمدة 1960 2010 .

المبحث الثاني :- واقع التوطن لإجمالي القطاع الصناعي في محافظة الأنبار حسب الملكية (( قطاع عام ، قطاع خاص )) للمدة 1960 2010 .

المبحث الثالث :- واقع التوطن لإجمالي القطاع الصناعي في محافظة الأنبار وفقاً لحجم المنشات الصناعية للمدة 1972 2009 .

المبحث الرابع :- واقع التوطن لفروع النشاط الصناعي التحويلي في محافظة الأنبار للمدة 1980 2010 .

المبحث الخامس :- واقع واتجاهات التوطن للنشاط الصناعي التحويلي على مستوى الوحدات الإدارية (( الأقضية )) في محافظة الأنبار لعام 2010 .

الفصل الرابع ... تحليل جغرافي اقتصادي لمستويات التنمية الصناعية واتجاهاتها المكانية في محافظة الأنبار .

المبحث الأول .. تحليل مستوى الكفاءة الاقتصادية للأنشطة الصناعية المتوطنة في محافظة الأنبار للمدة 1980 2010 .

المبحث الثاني .. تحليل الواقع القائم لمستويات التنمية الصناعية واتجاهاتها المكانية في محافظة الأنبار لعام 2010 .

 الفصل الخامس ... تحديد الاتجاهات المستقبلية للتنمية الصناعية في إطار توجهات تحقيق التنمية المكانية ضمن أقضية محافظة الأنبار .

المبحث الأول :- التوجهات التنموية المستقبلية في إطار معالجة محددات تحقيق التنمية الصناعية وتحقيق الاستغلال الأمثل للمؤهلات التنموية المتاحة .

المبحث الثاني :-  تحديد الستراتيجيات التنموية الملائمة في إطار التوجهات المستقبلية لتحقيق التنمية الصناعية في محافظة الأنبار .


Industrial Development in the Governorate of Anbar

A Study in the Geography of  Industrial

 

A dissertation Submitted by

Ehab Lateef Mukhlef Al-Ani

 

 

Al-Essawy 

To The Council Of The College Of Art – Anbar university  

in Partial Fulfillment of The requirements For the Degree of master of arts in Geography

 


Supervised by

Assist. Prof.Dr.

 Yassin Hameed Beda' Al-Mehemdi

          

   2012A.D.  - 1433A.H.


Abstract

      The industrial development is the main concern of superpowers and developmental countries nowadays. This is due to the importance of industrial improvement achievement as being a decisive  element in making positive improvement changes in the economic, social and constructional structure in the region.

  On this basis, this study deals with the industrial development situation in Al-Anbar in addition to setting appropriate future strategies to improve spatial development levels.

    The study comprises five chapters in addition to conclusions and recommendations. The first chapter, comprises two sections, shows the theoretical improvement and the field of the study.

     The second chapter, comprises four sections, deals with the bases of industrial improvement achievement in Al-Anbar. The third chapter, comprises three sections, is an overview and analysis of the current reality to establish the transformational industrial action in Al-Anbar during 1960-2010.

   The fourth chapter deals with the qualitative and statistical ways in analyzing the establishment of the transformational industrial action in Al-Anbar in order to diagnose the economic proficiency and the establishment directions of industrial actions and their role in developing the levels of the spatial development in the districts of Al-Anbar.

   The fifth  chapter, comprises two section, deals with the future tendencies to achieve industrial improvement in Al-Anbar through appropriate tendencies for treating the points of achieving industrial improvement, in addition to limiting the improvement strategies of different developmental substitutes in order to give large flexibility in achieving the industrial improvement and, then, developing the levels of the spatial improvement in different districts of Al-Anbar.

   The study concludes that the province has great and different industrial actions. In addition, the province has developmental possibilities and they are distinguished as for as quality and quantity are concerned on the level of the country. However, the level of the industrial actions achievements and exploiting the improvement abilities existed  do not coincidence with the requirements of achieving the spatial  improvement which is relatively balanced within the province districts. This is due to the large degradation of the level of the industrial establishment in the province after the American occupation for Iraqi, in addition to degradation of the level of the economic productivity of industrial actions. Besides, there is no better exploitation for developmental abilities and they have no contribution in developing the level of the special improvement within districts of Al-Anbar.   

التمهيـد .  

         تضمن هذا الفصل بناء دليل نظري اشتمل على تعريف أهم الخصائص الجغرافية لمحافظة الأنبار ، بالإضافة إلى مناقشة الأسس والمفاهيم النظرية للتنمية الصناعية . وقد تم ذلك من خلال عرض المباحث الرئيسة الآتية ومناقشتها :-

المبحث الأول :-  الدليل النظري الجغرافي لمحافظة الأنبار .

1-1          ..        الموقع والحدود.

1-2          ..   التضاريس(مظاهر سطح الأرض)

1-3          ..   المناخ.

1-4          ..  المساحة والتقسيمات الإدارية.

1-5          ..  السكان.

  المبحث الثاني :- الأسس والمفاهيم النظرية للتنمية الصناعية .

   2-1   ..     ماهية التنمية الصناعية.

  2 -2   ..    ستراتيجيات تحقيق التنمية الصناعية ضمن الإقليم .

  2-3   ..     الأبعاد التنموية لتحقيق التنمية الصناعية ضمن الإقليم .

  2-4   ..     التجارب التنموية في مجال تحقيق التنمية الصناعية لدول مختارة .

    كما اشتمل الفصل على خلاصة ، تضمنت أهم الاستنتاجات النظرية التي تم التوصل إليها من خلال عرض مباحث هذا الفصل ومناقشتها .

الـمبحــث الأول :- الدليل النظري الجغرافي لمنطقة الدراسة .

 1 1 ... الموقع والحدود

               تقع محافظة الأنبار في القسم الغربي من العراق ، إذ تحدها من الشمال محافظتا نينوى وصلاح الدين ، ومن الشرق محافظات صلاح الدين  ، بغداد  ، كربلاء  والنجف ، أما من جهة الجنوب فتمثل حدودها جزءاً من حدود العراق السياسية مع المملكة العربية السعودية ، كما تمثل حدودها الغربية جزءا من حدود العراق السياسية مع المملكة الأردنية وسوريا . ويتحدد موقعها الفلكي بين دائرتي عرض (31.5 ْ 35 ْ) شمالا وخطي طول

( 39 ْ 44 ْ) شرقاً . (( انظر خارطة رقم 1 )) .

1 2 ... التضاريس (( مظاهر سطح الأرض )) .

          ساهم الموقع الجغرافي والامتداد المساحي لمحافظة الأنبار في تنوع البيئات الجغرافية من الناحية التضاريسية التي تحددت بشكل رئيس في بيئة منطقة سهول الفرات التي تشكل ( 6 % ) ([1])، من مساحة المحافظة الكلية البالغة ( 138288 كم 2 )([2])، فضلا عن منطقة الهضبة الغربية التي تشكل ( 94% )([3])، من مساحة المحافظة الكلية ، وتضم من الناحية التضاريسية مناطق ثانوية تتمثل بـ ( منطقة الجزيرة  ، منطقة الحماد  ، منطقة الحجارة ومنطقة الوديان العليا والسفلى ) .

1 3 ... المناخ .

         ساهم الموقع الفلكي للمحافظة وطبيعة التضاريس السائدة في سيادة المناخ الصحراوي الجاف الذي يمتاز بقلة سقوط الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وانخفاض الرطوبة . مع وجود تباين كبير بين درجة حرارة الليل والنهار . أما طبيعة الرياح السائدة لمعظم أيام السنة فهي الرياح الشمالية الغربية والشمالية التي تجلب أعاصير البحر المتوسط وتتسبب بسقوط الأمطار شتاءً والرياح الجنوبية الشرقية ([4]).

1 4 المساحة والتقسيمات الإدارية .

             تبلغ مساحة محافظة الأنبار ( 138288 كم2 )([5]) ، وتشكل ما نسبته (31.9 % ) من مساحة القطر الكلية البالغة (434128 كم2)([6]) . ومن الناحية الإدارية تتكون المحافظة من ثمانية أقضية وأربعة عشر ناحية . كما مبين في الخارطة رقم ( 2 ) والجدول رقم (1).

1 5 السكان .

           بلغ عدد سكان محافظة الأنبار ( 820690 ) نسمة ، وبنسبة ( 5 % ) من مجموع سكان القطر البالغ ( 16335199 ) نسمة لعام 1987. ثم وصل العدد إلى

( 1203736 ) نسمة ، وبنسبة ( 4.6 % ) من مجموع سكان القطر البالغ ( 22046244 ) نسمة  لعام 1997 ([7]). وبمعدل نمو سنوي بلغ ( 3.9 %) للمدة 1987 1997 . بينما بلغ سكان محافظة الأنبار ( 1483359 ) نسمة وبنسبة ( 4.7% ) من إجمالي سكان القطر البالغ ( 31664466 ) نسمة لعام 2010 ([8]). وبمعدل نمو سنوي بلغ ( 1.6% ) خلال المدة 1997 2010 .

جدول رقم ( 1 )

الوحدات الإدارية ومساحاتها في محافظة الأنبار لعام 2009

القضاء

الوحدة الإدارية

المساحه كم 2

 

قضاء الرمادي

مركز قضاء الرمادي

7829

ناحية الحبانية

714

ناحية الوفاء

-

مجموع المساحة

8543

 

قضاء هيت

مركز قضاء هيت

5445

ناحية البغدادي

480

ناحية كبيسة

2428

ناحية الفرات

-

مجموع المساحة

8353

 

قضاء الفلوجة

مركز قضاء الفلوجة

478

ناحية العامرية

2532

ناحية الصقلاوية

157

ناحية الكرمة

1038

مجموع المساحه

4205

قضاء عنه

مركز قضاء عنه

5597

قضاء راوه

مركز قضاء راوه

5676

 

قضاء حديثة

مركز قضاء حديثة

1689

ناحية الحقلانية

-

ناحية بروانة

1995

مجموع المساحة

3644

قضاء القائم

مجموع المساحة

8825

قضاء الرطبة

مجموع المساحة

93445

المجموع

مجموع المساحة

138288

المصدر : جمهورية العراق وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي دائرة التنمية الإقليمية والمحلية شعبة تخطيط محافظة الأنبار ، الواقع التنموي لمحافظة الأنبار ، دراسة تحليلية للسنوات ( 1997 2010 ) ، جدول رقم 1 1 ، ص 6 ، غير منشورة .

 المبحث الثاني :- الأسس والمفاهيم النظرية للتنمية الصناعية .

2- 1 ... ماهية التنمية الصناعية .

             تتباين الآراء حول تحديد مفهوم التنمية ( development ) عموما والتنمية الصناعية ( Industrial development  ) على وجه التحديد ، لدى المختصين في هذا المجال . فهناك من يرى أن التنمية تعني جميع النتائج الإيجابية فقط التي تترتب على تطبيق الخطط المختلفة وتنفيذها ، فإذا كانت الخطط صحيحة وتطبيقها صحيحا ، فإن النتائج ستكون إيجابية وتتحقق التنمية ، أما إذا  كانت الخطط خاطئة وتطبيقاتها خاطئة فإن النتائج ستكون سلبية وما سيتحقق هو التخلف ، وهذا ما يحصل في البلدان النامية ([9]) . ويحدد البعض مفهوم التنمية ضمن إطار إزالة المعوقات التنموية كافة وصولا إلى تحقيق التوازن في التنمية المكانية([10]) .

كما تعرف التنمية أيضا بكونها عملية الارتقاء بالمكونات الجغرافية المتاحة وتعظيمها سواء أكانت مكونات طبيعية أم بشرية في ثنائية متكاملة متوازنة بما يخدم حاجات المجتمع الآنية والمستقبلية ([11]) .

أما مفهوم التنمية الصناعية ، فهو يشير إلى  السياسة المخططة أو المستهدفة لبناء الصناعة الوطنية وتطويرها وإقامة المشاريع الصناعية ؛ لغرض إجراء تغيير في البنية الصناعية للاقتصاد الوطني عبر تطوير عمليات استخراج وإنتاج الخامات المعدنية والمواد الأولية وبناء قاعدة كفوءة لإنتاج الطاقة ، كما تهدف إلى رفع الإنتاج الصناعي . عموما فالتنمية الصناعية تعني التسريع في عملية البناء والإنتاج بالاستفادة من مقومات النشاط الصناعي ([12]) .

 2 2 ... ستراتيجيات تحقيق التنمية الصناعية ضمن الإقليم الاقليم .

      تتطلب عملية تحقيق التنمية الصناعية اعتماد ستراتيجيات تنموية محددة تتلاءم مع الواقع التنموي القائم وحجم الاستثمارات التنموية وطبيعة المؤهلات التنموية المتاحة فضلا عن الأهداف التنموية المطلوب تحقيقها . وفي ضوء ذلك يمكن أن نبين أنموذجين من ستراتيجيات تحقيق التنمية الصناعية ضمن الإقليم :-

أولاً :-  نموذج التنمية المكانية اللامتوازنة (قطب النمو ) () .

       يستعمل هذا النموذج لتحقيق التنمية المكانية في الأقاليم الجغرافية المتخلفة في البلدان النامية التي تُعاني من ضعف حجم التخصيصات الاستثمارية والإمكانيات التنموية مما يجعلها غير قادرة على تحقيق تنمية مكانية شاملة لجميع مناطق الإقليم . لذلك فإن آلية عمل هذا النموذج تركز على توزيع الاستثمارات التنموية في أماكن محددة ومشاريع يمكن أن تُشكل لاحقاً أقطاباً لتحقيق التنمية المكانية في الإقليم ([13]).

          ويتطلب اعتماد هذا النموذج ، ولاسيما في البلدان المتخلفة صناعياً وجود القدرة على اتخاذ القرارات وبصورة خاصة قرارات الاستثمار ، ومن ثم تبحث عن الشروط الواجب توافرها لاتخاذ هذه القرارات بكفاءة عالية ، وتتمثل سياستها في تركيز الجهود الإنمائية على عدد محدود من الصناعات القائدة ()، وتشترط هذه الإستراتيجية أن يكون للصناعات القائدة من قوة الروابط الأمامية والخلفية ما يمكنها من إمداد القطاعات الأخرى باحتياجاتها ، وهنا تبرز أهمية علاقات التشابك بين القطاعات ؛ كونها الوسيلة الأساسية التي يمكن عن طريقها تحديد هذه القطاعات ([14]).

   لاسيما وان الاستثمار في ظل اعتماد هذا النموذج يكون أكثر كفاءة من خلال التركيز على توجيه الموارد المتاحة نحو القطاعات في إيجاد دوافع الاستثمار في قطاعات الاقتصاد القومي ([15]).

ثانيا:- نموذج التنمية المكانية المتوازنة .

          يُستعمل هذا النموذج لتحقيق التنمية المكانية ضمن الأقاليم المتخلفة في الدول المتقدمة والدول المتخلفة التي تتوافر فيها استثمارات تنموية كافية لتحقيق تنمية مكانية متوازنة نسبيا ضمن مناطق الأقاليم المتخلفة . إذ تتحدد آلية عمل هذا النموذج بالآتي ([16]):-

1-  تدفق استثمارات تنموية كبيرة مع القدرة على الاستثمار .

2-  تحمل تكاليف تنموية عالية ؛ بسبب ضعف خدمات البنى الارتكازية مع ارتفاع تكاليف تطويرها ضمن المناطق المتخلفة .

3- القبول بمعدلات أو مستويات غير عالية للنمو ، ومن ثم مردودات اقتصادية محدودة ، ولاسيما خلال المرحلة الأولى للتنمية . بيان فاعلية هذا النموذج سوف تظهر خلال المراحل اللاحقة للتنمية من خلال القدرة على تحقيق مردودات اقتصادية كبيرة تُسهم في تحقيق أهداف التنمية المكانية ومعالجتها .

ومما ينبغي الإشارة إليه هنا ، أن النمو المتوازن الذي يُشكل أساس فلسفة هذا النموذج ، لا يعني أن تنمو جميع القطاعات والصناعات بمعدلات متساوية ؛ ذلك أن معيار التوازن من وجهة نظر هذه الإستراتيجية هو أن ينمو كل قطاع وكل صناعة بمعدل نمو يتلاءم ومرونة طلب الدخل من وجهة نظر الاقتصاد القومي كله على منتجاته ، فنمط النمو يكون متوازنا إذا تحدد معدل نمو كل قطاع ، على أساس مرونة طلب الدخل القومي على منتجاته ([17]).

     ولتحقيق تنمية مكانية متوازنة على مستوى القطر بأقاليمه يمكن الاعتماد على الخطوات الآتية ([18]) :-

1-  تحديد معدل النمو المطلوب على مستوى القطر وأقاليمه .

2-   حصر الإمكانات المتوافرة واللازمة لتحقيق غايات خطط التنمية المكانية وأهدافها .

3-  تحديد الغايات والأهداف المرادة من خطة التنمية المكانية في القطر وعلى المستويين القومي والإقليمي .

4-  إيجاد الموازنة والتناسق بين عناصر الخطة التنموية على مستوى القطر وأقاليمه .

     عموماً تبقى عملية اختيار النموذج الملائم لتحقيق التنمية المكانية ترتبط بمحددات تنموية تتعلق بشكل رئيس بالواقع التنموي القائم وحجم الاستثمارات والإمكانيات التنموية المحددة وطبيعة الأهداف التنموية المطلوب تحقيقها .بالإضافة إلى تحديات أخرى قد تواجه عملية تحقيق التنمية الصناعية ضمن الأقاليم ، ولاسيما فيما يتعلق بتحديد نوع الصناعة وحجمها ، وتحديد الموقع الأمثل للأنشطة الصناعية ، فضلا عن عملية الموازنة أو المفاضلة في تطوير القطاعات الاقتصادية والأنشطة الخدمية المختلفة لوجود ترابط كبير بينهما ، ولاسيما الأنشطة الاقتصادية الأساسية ( الصناعية والزراعية ).

2 3 الأبعاد التنموية لتحقيق التنمية الصناعية ضمن الإقليم .

        تترتب على تحقيق التنمية الصناعية ضمن الحيز المكاني للإقليم آثار ايجابية ذات أبعاد تنموية تنعكس في مجالات عديدة تتمثل بالآتي :-

أولاً:- تحقق الأنشطة الصناعية المتوطنة الاستغلال الأمثل للإمكانيات التنموية المتاحة من خلال تنويع فروع الإنتاج الصناعي . مما يُسهم ذلك في تنوع فرص العمل وزيادتها ومن ثم زيادة الدخول المتحققة . وهذا له أثارٌ ايجابية على الهيكل الاقتصادي والاجتماعي للإقليم .

ثانياً:- يمارس التصنيع تأثيرات اقتصادية عديدة ، ولاسيما فيما يتعلق بالتغير في هيكل الإنتاج والقوى العاملة والدخل المتحقق للإقليم . وهذه التأثيرات تخلق حالات جديدة على صعيد التوزيع والاستهلاك أو على صعيد الإنتاج من حيث إقامة صناعات جديدة ( New industries ) أو التوسع في الصناعات القائمة من خلال التوسع في الطاقة الإنتاجية مما يجعل الصناعات تنمو وتزدهر قطاعيا ومكانيا ([19]).

ثالثاً :-  تطوير الأنشطة الخدمية والاقتصادية الأخرى في الإقليم ؛ لأن الاستثمار الصناعي يرافقه أيضاً استثمارات في تلك الأنشطة من اجل تطويرها بما يتلاءم مع متطلبات تحقيق التنمية الصناعية لذلك فإن هذه الاستثمارات والتأثيرات المضاعفة للتنمية الصناعية سوف تُسهم بشكل كبير في تطوير الأنشطة الخدمية والاقتصادية الأخرى في الإقليم .

رابعاً :-  تُساهم التنمية الصناعية في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي للإقليم ؛ لان أسعار المنتجات الصناعية تكون أكثر استقراراً في الأسواق من أسعار المنتجات الأخرى لاسيما المواد الخام الأولية . لذلك فان الدول التي تتمتع بقاعدة صناعية متطورة هي الأكثر استقراراً من الناحية الاقتصادية والسياسية . أي إن الدول التي تعتمد على المواد الخام تعاني من حالة عدم الاستقرار في الدخل المتحقق ؛ بسبب عدم استقرار أسعار المواد الأولية، على العكس من الدول الصناعية التي تعتمد على التصنيع في صادراتها فإنها أكثر استقراراً ([20]).

خامساً :- للأنشطة الصناعية تأثير كبير في تنوع استعمالات الأرض في الإقليم مع توسع العمران وتطوير الأحياء السكنية ؛ لأن إنشاء المشاريع الصناعية ضمن هذه المناطق يصاحبه أيضاً إنشاء مجمعات سكنية  تتوافر فيها كافة الخدمات اللازمة المتمثلة بالخدمات (الصحية ،التعليمية  ، النقل  ، الاتصالات  ، الخدمات المصرفية  والكهرباء و.... الخ) . من أجل توفير السكن الملائم للعاملين في المشاريع الصناعية والأنشطة الخدمية الأخرى([21]) .

2 4 ...التجارب التنموية في مجال تحقيق التنمية الصناعية لدول مختارة .

          يشكل تحقيق التنمية الصناعية هدفاً تسعى إليه جميع الدول ، ولاسيما الدول المتخلفة صناعياً ؛ سعياً منها للوصول إلى مراحل متقدمة من التنمية 0 لذا تم التركيز على مناقشة تجارب بعض الدول الآسيوية ، لاسيما ( ماليزيا وكوريا الجنوبية ) كونهما من الدول التي كانت تصنف مع الدول النامية والمتخلفة صناعياً، إلا أنهما حققتا التنمية خلال مراحل سريعة ووقت قصير ، لذلك تم التركيز على تجارب التنمية الصناعية في مثل هذه الدول للاستفادة منها في صياغة توجهات تحقيق التنمية المكانية على مستوى القطر عموما ومحافظة الأنبار على وجه التحديد ، فيما لو تم وضع ستراتيجيات تنموية مستقبلية ملائمة لتحقيق التنمية المكانية .

وقبل الحديث عن هذه التجارب سوف يتم إجراء مقارنة بين دولة (ماليزيا وكوريا الجنوبية ) من جهة وبين العراق من جهة ثانية من حيث الإمكانيات التنموية وفقا للحقائق الآتية ([22]):-

أولاًً :- من حيث المساحة والحدود ، تبلغ مساحة ماليزيا ( 239.744 كم2 ) ، بينما تبلغ مساحة كوريا الجنوبية ( 98.859 كم2 ) ، في حين تبلغ مساحة العراق (434.320 كم2 )([23]) ، مما يعني ذلك إن مساحة العراق تشكل ضعف مساحة ماليزيا ، وتتجاوز أربعة أضعاف مساحة كوريا الجنوبية . هذا من جانب المساحة أما فيما يتعلق بالحدود ، فتحدها ماليزيا ثلاث دول ، أما كوريا الجنوبية فتحدها دولة واحدة ، في حين نجد العراق تحده ست دول بالإضافة إلى موقعه على الخليج العربي . ومن خلال تلك المؤشرات يتضح بأن العراق يمتلك إمكانيات لتحقيق التنمية الصناعية أكبر من ماليزيا وكوريا الجنوبية ، سواء من حيث المساحة التي تعني امتلاك إمكانيات تنموية اكبر سواء أكانت موارد معدنية أم زراعية ، أو من حيث الحدود التي تنشط العلاقات التجارية والاقتصادية بين دول الجوار ، وهذا يعني أن العراق مؤهل لتحقيق التنمية الصناعية كما حصل في ماليزيا وكوريا الجنوبية . فيما لو توفرت الإرادة الحقيقية والاستغلال السياسي والاقتصادي .

ثانياً :- الإمكانيات التنموية الزراعية . تنتج ماليزيا ( المطاط ، الزيوت ، الأخشاب  ،الكاكاو  ،التوابل والأرز ) ، بينما أهم منتجات كوريا الجنوبية هي ( الرز ،القمح  ،الشعير ، التبغ والخضراوات ) . أما الإمكانيات التنموية المتاحة للعراق ، فإنه يمتلك مساحة صالحة للزراعة تبلغ ( 48 ) مليون دونم ، ومنتجات زراعية أهمها ( الحبوب بأنواعها والخضراوات والفاكهة وأبرزها النخيل ، فضلاً عن الثروة الحيوانية ) وهو ما يعني ان العراق يمتلك أيضاً إمكانيات للإنتاج الزراعي تؤهله لتحقيق تنمية زراعية فيما  لو تم استثمارها بهذا الاتجاه .

ثالثاً:- تستورد ماليزيا ( المكائن  ، معدات النقل  ، المواد الكيمياوية  ، السلع المصنعة ، المواد الغذائية والنفط ) ، في حين تستورد كوريا الجنوبية ( النفط  ، الحديد ، الأخشاب  ، المواد الغذائية  ، المواد الكيمياوية والمعادن ) ، بينما يمتلك العراق ثروات معدنية متنوعة أهمها ( الغاز الطبيعي  ، الكبريت  ، الفوسفات  وثاني اكبر احتياطي للنفط في العالم ، فضلا عن المعادن الأخرى ) ، وفي الوقت نفسه يستورد العراق أغلب احتياجاته من المواد المصنعة من دول عديدة .

ومن خلال ما تقدم يتضح أن الدولتين الآسيويتين ( ماليزيا وكوريا الجنوبية ) وعلى الرغم من مواردهما المحدودة فأنهما حققتا معدلات تنموية كبيرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي كما سنبين ذلك ، بالمقابل تخلف العراق تنموياً على الرغم من الإمكانيات التنموية الكبيرة التي يمتلكها .

لذلك ، يمكن استعراض وبإيجازٍِِ وافٍِِ تجربتي تحقيق التنمية الصناعية في ماليزيا وكوريا الجنوبية على النحو الأتي :-

2 4 1 ... تجربة التصنيع في ماليزيا .

         تُعد ماليزيا من الدول الآسيوية التي لها تجربة رائدة في عملية التصنيع ، فقد مثلت اليابان النموذج التصنيعي الذي أخذ عنه الماليزيون أصالة القيم وكيفية إعداد الخطط ، حتى كان لسان حالها (( اليابان .... قدوتنا ))  ، وشيئاً فشيئاً طورت ماليزيا صناعاتها من تلك التي تعتمد على كثافة العمل إلى صناعات تركز على كثافة رأس المال وتحديداً الصناعات التكنولوجية التي لها قيمة مضافة كبيرة . أي إن تجربة التصنيع في ماليزيا قد مرت بمراحل عديدة تتمثل بالآتي ([24]):-

1- مرحلة الصناعات لإحلال الواردات .

 بدأت هذه المرحلة في بداية التجربة التنموية خلال الستينيات من القرن الماضي ، وعلى أساسها قامت صناعات صغيرة الحجم وأخرى لإنتاج السلع التي تحل محل السلع المستوردة كالصناعات ( الغذائية  ، مواد البناء  ، التبغ ،الطباعة  ،البلاستيك والكيميائيات ) ، وتم إصدار قانون تشجيع الاستثمار في عام 1968 لجذب الاستثمارات الأجنبية في تلك المجالات .

2- مرحلة الصناعات التصديرية .

بدأت في مطلع السبعينيات من القرن الماضي ، حيث شجعت الحكومة دخول الاستثمارات الأجنبية في مجال الالكترونيات وصناعة النسيج من خلال توفير العمالة الرخيصة وحوافز ضريبية مغرية وإصدار تراخيص منتجات أجنبية وعملت الحكومة على استضافة الشركات متعددة الجنسية لتشغيل خطوط إنتاجية في ماليزيا ، وسمحت للشركات الأجنبية التي تنتج سلعا للتصدير بالملكية التامة دون اشتراط المساهمة المحلية .وفي هذه المرحلة حدث تحول جذري ، إذ تحولت سياسة التصنيع من سياسة احلال الواردات إلى سياسة التصنيع الموجه إلى التصدير والصناعات كثيفة العمالة كالصناعات الالكترونية والنسيج ، بالإضافة إلى التركيز على الصناعات المعتمدة على الموارد الطبيعية الماليزية كزيت النخيل والأخشاب والمطاط . وفي عام 1971 صدر قانون منطقة التجارة الحره ؛ بهدف إتاحة المزيد من الحوافز الخاصة بالصناعات الموجهة نحو التصدير .

3- مرحلة التصنيع الثقيل والصناعات المعتمدة على الموارد الماليزية .

 بدأت هذه المرحلة في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي ، إذ شجعت الحكومة على قيام الصناعات المعتمدة على الموارد الطبيعية ثم التصنيع الثقيل وتصنيع السيارات الماليزية الوطنية ( بروتون ) ، كذلك التوسع في صناعات الاسمنت والحديد والصلب والتركيز على الصناعات الالكترونية والنسيج التي أصبحت تساهم بثلثي القيمة المضافة للقطاع الصناعي وتستوعب ( 40 % ) من الأيدي العاملة في ماليزيا.وشهدت هذه المرحلة تمتع الصناعات الوطنية بالحماية الحكومية ودخول الدولة في مشروعات كثيرة تغطي كافة النشاطات الاقتصادية .

4- مرحلة تشجيع الصناعات عالية التقنية وذات القيمة المضافة .

بدأت هذه المرحلة في التسعينيات من القرن الماضي ، وشجعت الدولة فيها الصناعات ذات التقنية العالية وكثيفة رأس المال المستثمر وتستعمل قوى عاملة ماهرة وتحقق القيمة المضافة العالية ؛ وذلك من اجل زيادة تنافسية المنتجات الماليزية وتوسيع دائرة سوقها المحلية .

ومن خلال اعتماد هذه المراحل في تحقيق التنمية الصناعية في ماليزيا ، فقد حققت تجربة التصنيع في ماليزيا نجاحاً كبيراً يمكن الاستدلال عليه بإيجاز من خلال المؤشرات التنموية الآتية ([25]):-

1- تعتبر ماليزيا دولة ذات دخل متوسط ، حولت اقتصادها من بلد يعتمد بشكل أساسي على تصدير بعض المواد الأولية الزراعية إلى بلد مصدر للسلع الصناعية في مجالات المعدات والآلات الكهربائية والالكترونيات . فتقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لعام 2001 ، رصد أهم ( 30 ) دولة مصدرة للتقنية العالمية ، فكانت ماليزيا في المرتبة التاسعة([26]) .

2 ارتفاع متوسط دخل الفرد من ( 5.153 ) ألف دولار في عام 1988 ، وصل إلى

( 13.653 ) ألف دولار عام 2001 ، وبمتوسط نمو ( 7.9 % )([27]).

3- حققت ماليزيا مستويات عالية من رأس المال الثابت ، إذ بلغ ( 121.494 ) مليار دولار في عام 1997 .

4- انخفاض نسبة الفقر في ماليزيا إلى مستويات قياسية ، إذ انخفضت من ( 52% ) لعام 1970 إلى ( 5.5% ) لعام 1998 .

5 انخفاض نسبة البطالة لتصل إلى ( 3.5 % ) فقط لعام 2000 .

لقد أسهمت عوامل عديدة ساعدت ماليزيا في نجاح عملية تنفيذ مراحل تحقيق التنمية الصناعية فيها والتي يمكن إيجازها بالآتي([28]) :-

أولاً :- استقرار السياسات الاقتصادية .

 واحد من الأسباب الرئيسة للنجاح في ماليزيا هو تطبيق العناصر الأساسية للسياسة الاقتصادية بأسلوب سليم ، فالأداء الكلي للاقتصاد تميز بالاستقرار ، مما وفر بيئة مؤاتية لنمو المدخرات المحلية ، وجذب الاستثمارات الخارجية . كما إن الدولة لعبت دوراً مهماً في التخصيص الكفوء للموارد المتاحة ، إذ إنها توجهت نحو الاستعمالات والاستثمارات ذات الإنتاجية العالية ، وقد استعملت مزيجاً من آليات اقتصاد السوق والتدخل الحكومي عند اتخاذ قرارات متعلقة بنوع السياسة التجارية أو المالية المستهدفة .

ثانياً :- المشاركة في التنمية .

 لم يكتف الذين أُسندت إليهم إدارة البلاد بتأييد الصفوة الاقتصادية ورجال الأعمال ، بل عملوا على الحصول على التأييد الشعبي ؛ من أجل أن يحصل تعاون وتأييد من الطبقات المتوسطة والفقيرة للمجتمع ، ويكون لديهم شعور بالاستفادة الحقيقية من عملية النمو الاقتصادي والسياسات المعلنة في هذا الجانب ، الأمر الذي انعكس على تضافر الجهود للخروج من الكبوة .

ثالثاً :- الإدارة الجيدة .

عملت حكومة ماليزيا منذ استقلالها على اختيار موظفين مؤهلين لتقلد أعباء إدارية رفيعة المستوى ، فاستعانت بفكرة المجالس الاقتصادية والوزارات المتخصصة لإنجاز أهداف محددة وفق اعتمادات مالية مضمونة ، وبصفة عامة يمكن وصف الخدمة المدنية الماليزية بأنها تقوم على أساس ديواني مرتب وأهداف واضحة ، وفي الوقت نفسه تتمتع بدعم سياسي قوي ، الأمر الذي يجعلها في خدمة المصالح الوطنية .

رابعاً :- الاتجاه شرقاً .

أعلنت ماليزيا النظر شرقاً في عام 1981 ، وامتد العمل بها إلى عام 1991 ، وتهدف هذه السياسة  إلى تشجيع الماليزيين على الاقتداء والتعلم من التجربة اليابانية المواقف الايجابية ، مثل ، أخلاقيات العمل والمنهجية الصناعية والتطور التقني والأداء الاقتصادي المميز فضلاً عن سياسة مالية ونقدية وتجارية كلية متوازنة وحكيمة .

خامساً :- الإجراءات التشجيعية والحوافز التي قدمتها الحكومة الماليزية خلال مختلف   مراحل تحقيق التنمية الصناعية التي تتمثل بالآتي ([29]):-

1-  في عام 1958 تضمنت الحوافز الممنوحة إعفاءات ضريبية لمدة ( 2 إلى 5 ) سنوات للاستثمار في صناعات إحلال الواردات ( كالأغذية  ، المشروبات ، البلاستيك  ، الكيمياويات وصناعة الطباعة والنشر ) .

2-  في عام 1968 تم إدخال تعديلات على الحوافز لتشجيع التشغيل والصناعات كثيفة الاستعمال لرأس المال شملت إعفاءات لضريبة الأرباح تراوحت بين ( 2 إلى 10 ) سنوات .

3-  في السبعينيات من القرن الماضي ، تركز الترويج على الصناعات كثيفة الاستعمال لعنصر العمل والصناعات الموجهة للتصدير . وتضمن ذلك إنشاء ( 10 ) مناطق حرة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع الالكترونيات والنسيج ، وشملت خدمات البنية الأساسية المدعومة ، وتسريع الإجراءات الجمركية ، والإعفاءات من رسوم الجمارك والضرائب ، والإعفاءات للمناطق الحرة من قوانين الملكية .

4-  في عام 1986 ، تم تحرير كافة القيود الخاصة بحقوق الملكية في الشركات وتحت مظلة قانون تشجيع الاستثمارات ، التي تتضمن زيادة في نسبة حصص الأجانب والإعفاءات والحوافز الضريبية .

5-  في عام 1990 ، استجابة للتدفقات الضخمة للاستثمار الأجنبي المباشر،إذ قامت الحكومة بتعديل هيكل الحوافز بالتركيز على نوعية الاستثمار مقاسه بالمكون التقني والقيمة المضافة . كما تم توسيع الحوافز الضريبية لتشمل خدمات المراكز الإقليمية للشركات متعددة الجنسيات فيما يختص بالإمداد والتنسيق والإدارة .

6-  في عام 1991 ، تمت مراجعة شاملة لسياسة الحوافز بهدف تنظيم الحوافز وتوجيهها ، وتقوية المردود الضريبي وتشجيع تنمية الصناعات ذات القدرات التنافسية .

7-  في عام 1995 ، بدأ التقليل من منح الحوافز للمشاريع الكثيفة الاستعمال لعنصر العمل والتركيز على الاستثمارات الرأسمالية مقاسه بمقدار الاستثمار .

2- 4 2 ... تجربة التصنيع في كوريا الجنوبية .

         بلغ عدد سكان دولة كوريا الجنوبية ( 45 ) مليون نسمة ، وكانت قبل تحقيق التنمية الصناعية دولة فقيرة لا تحمل أي مقومات لنجاح تحقيق التنمية الصناعية ، وخلال مدة الخمسينيات من القرن الماضي عانى الاقتصاد الكوري من ضعف شديد مع فقر شديد في الموارد الطبيعية ولم يكن التصدير يشكل سوى ( 3% ) من الناتج القومي ، وشكلت المساعدات الدولية ( 10 % ) من الدخل القومي ، كما تم تصنيف كوريا الجنوبية بأنها ثالث أفقر دولة اسيوية مع عدم وجود أي أمال في النمو . غير ان اقتصادها في الوقت الحاضر عُد من أسرع اقتصاديات العالم نمواً ورقم واحد في صناعات البتروكيمياويات والسفن وإدارة الموانئ ، بالإضافة إلى تفوقها في صناعة السيارات لاسيما بعد الإصلاحات الجذرية التي نفذتها الحكومة الكورية ، التي مكنتها من الانطلاق بالسرعة المطلوبة للمنافسة مع الاقتصاد العالمي لتصبح من أفضل الاقتصاديات النامية في العالم ([30]). مرت تجربة التصنيع في كوريا الجنوبية بمراحل زمنية عديدة تتمثل بالآتي ([31]):-

أولاً :- المرحلة الأولى ( 1953 1965 ) إعادة هيكلة الاقتصاد (( سياسة إحلال الواردات )) .

تبنت كوريا الجنوبية خلال هذه المرحلة نظام الحماية واستراتيجية دعم صناعات إحلال الواردات ، وعلى وجه الخصوص في الصناعات التي تمتاز كوريا بميزة نسبية فيها ، مثل صناعة (الملابس والنسيج ، صناعة الأحذية والجلود ، الصناعات الغذائية والصناعات التي تنتج السلع والمواد الوسيطة كالاسمنت والأسمدة ) ، وركزت على الصناعات كثيفة العمالة لاستيعاب أكبر عدد ممكن من القوى العاملة العاطلة عن العمل . وخلال هذه المرحلة تم تنفيذ الخطة الخمسية الأولى للتنمية الاقتصادية

( 1962 1966 ) التي كان هدفها إحراز التقدم الصناعي وبناء الأساس السليم للنمو الاقتصادي المستديم . وبانتهاج سياسة إحلال الواردات شجعت الحكومة إقامة بعض الصناعات الثقيلة والكيمياوية الضرورية مثل صناعة  الحديد والصلب ، وصناعة الاسمنت ، وصناعة البتروكيمياويات وتكرير البترول  ، وقامت بتوجيه الاستثمارات نحو هذه الصناعات وتوفير الحوافز المناسبة لدفع الشركات ، ولاسيما المجمعات الصناعية للاستثمار في هذه الصناعات ؛ لأنها تعمل على نشوء الترابطات الأمامية والخلفية داخل القطاع الصناعي ، وبين القطاع الصناعي والقطاعات الاقتصادية الأخرى .

لقد نجحت سياسة إحلال الواردات خلال هذه المرحلة ( لاسيما السلع غير المعمرة ومستلزماتها من المواد الخام ) ؛ وذلك بسبب توفر العاملة الرخيصة ، والمواد الخام والسلع الوسيطة من مصدر محلي لهذه الصناعات . وقد اكتملت سياسة التوجه للداخل كمرحلة اولى  لسياسة التصنيع فيها ، ووصل السوق المحلي إلى درجة الإشباع . لذلك ومن خلال هذه السياسة وضع الاقتصاد الكوري بنجاح الأساس للتصنيع .

ثانياً :- المرحلة الثانية (1966 1972) سياسة الإصلاح وسياسة التصنيع للتصدير .

تحولت سياسة الحكومة الكورية من تطبيق سياسة التصنيع القائم على إحلال الواردات إلى سياسة التصنيع الموجه للتصدير ، وذلك خلال الخطة الاقتصادية الثانية  (1967-1971 ) ، إذ ركزت الحكومة خلال هذه المدة على تعزيز الوضع التنافسي للصناعات التصديرية في الأسواق الدولية . وتم استصدار تشريع جديد لترويج التجارة الخارجية وتشجيعها ، وهو ما أدى إلى توفير تسهيلات تمويلية ، وتطبيق حوافز ضريبية لتشجيع الصناعات الموجهة نحو التصدير . وقد نتج عن تبني استراتيجية التوجه للخارج ، المساهمة في تسريع عملية التصنيع ، على ان إتباع هذه الاستراتيجية في ذلك الوقت كان مناسباً؛ وذلك بسبب قلة المصادر الطبيعية في كوريا الجنوبية ، وانخفاض نسبة الادخار وصغر السوق المحلي . لهذا شجعت هذه الاستراتيجية النمو الاقتصادي اعتماداً على صناعات التصدير كثيفة العمل التي يمكن لكوريا أن تتمتع فيها بميزة نسبية مثل ( المنسوجات ، الأحذية ، السلع الغذائية والخشب ) ، إذ كانت ذات قدرة تنافسية عالمية ؛ بسبب تكاليف العمل الرخيصة وكانت قادرة على استيعاب الموارد البشرية المعطلة .

لقد لعبت المبادرات الحكومية دورا مهما في هذه العملية فشجعت تدفق رأس المال الأجنبي لسد النقص في الادخار المحلي ومكنت من تحقيق نمو سريع في الصادرات وزيادات متتالية في الدخل وقد نجحت هذه الاستراتيجية في زيادة الوزن النسبي لقطاع الصناعة في مجمل الصادرات ، كما ساهمت في زيادة الناتج المحلي الإجمالي .

لقد حققت كوريا الجنوبية نجاحات كبيرة خلال خطتي التنمية الاقتصادية الأولى والثانية ، ونما قطاع الصناعة بنسبة ( 15%  ) خلال خطة التنمية الأولى ( 1962 1966 ) وبنسبة ( 21%) خلال خطة التنمية الثانية ( 1967 1971 ). كما نمت نسب الادخار المحلي وتوسعت الصادرات بشكل ملحوظ .

ثالثاً :- المرحلة الثالثة (1973 1979) سياسة الصناعات الثقيلة والبتروكيمياويات .

في أوائل السبعينيات من القرن الماضي ، واجهت كوريا الجنوبية مناخاً جديداً من الحماية ، التي انتشرت بسرعة وتزامنت مع الكساد العالمي الذي سببته الأزمة النفطية العالمية الأولى في عام 1973 . وقد واجهت الصناعات الخفيفة كثيفة العمل منافسة شديدة من الدول النامية الأخرى ، إذ أجبرت هذه الأحوال الاقتصاد الكوري على تعديل هدفه الاستراتيجي . لذلك نتج عن تلك الأحوال الاقتصادية إعادة هيكلة الصناعة من خلال الترويج لإقامة الصناعات الثقيلة والكيمياوية ، مثل بناء السفن ، وصناعة الحديد والفولاذ ، وصناعة السيارات والمكائن والصناعات البتروكيمياوية ، في إطار ما يسمى باستراتيجية الصناعات الثقيلة والكيمياوية ذات الكثافة الرأسمالية والقيمة المضافة العالية .

رابعاً :- المرحلة الرابعة ( 1980 1996 ) إعادة هيكلة الصناعة والتحول إلى النظام المفتوح .

كانت السياسة الصناعية التي ميزت مرحلة الثمانينيات من القرن الماضي تقوم على فكرة تحقيق النمو الصناعي المتوازن بين القطاعات الصناعية ، وأعطت الأولوية للاستثمارات في الصناعات الثقيلة وكثيفة استعمال رأس المال مثل صناعة السيارات ومحركات الاحتراق الداخلي والماكينات الكهربائية الثقيلة .

وخلال هذه المرحلة ، بدأت الحكومة بتشكيلة واسعة من السياسات الموجهة نحو تحرير السوق والمرتبطة مع برنامج استقرار الأسعار . فقد تحولت الحكومة من استراتيجية التدخل المباشر إلى التدخل غير المباشر . وعجلت بتحرير الاستيراد ، وخفضت كل سياسات القروض المدعومة وأزيلت في النهاية وفقاً لمتطلبات برنامج تحرير السوق المالية . فقد ساعدت هذه الإجراءات الاقتصاد الكوري الجنوبي على أن يستعيد زخمه المفقود في أواخر الثمانينيات . فقد أحرزت كوريا الجنوبية نمواً حقيقياً بمعدل ( 9.2 % ) سنويا بين الأعوام 1982 1985 و ( 12.5 % ) بين عامي 1986 1988 . وخلال المدة من 1993 1999 ، تغير هيكل الصناعة الكورية بصورة كبيرة لصالح الصناعات الثقيلة والكيميائية التي زادت مساهمتها في القطاع الصناعي من ( 71.7 % ) في عام 1993 ، إلى ( 77 % ) لعام 1999 ، مقارنة بالصناعات الخفيفة التي انخفضت بالمقابل مساهمتها في الصناعة من ( 28.3 % ) لعام 1993 إلى ( 23 % ) لعام 1999 .

     لقد حققت كوريا الجنوبية قفزات تنموية سريعة ونوعية . إذ ارتبط هذا التطور باعتماد إجراءات عديدة اعتمدتها في طريقها نحو تحقيق التنمية الصناعية خلال مختلف المراحل الزمنية التي مرت بها التجربة الكورية.ومن أبرز هذه الإجراءات ما يأتي:-

1- إتاحة الفرصة للقطاع الخاص في تحريك عجلة التنمية .

2- الدعم الموجه للقطاع الصناعي وتهيئة المناخ للتصدير .

3- اعتماد النمو الاقتصادي الكوري الجنوبي في بداية عملية التنمية على الصناعات الخفيفة ذات الكثافة العمالية كصناعة النسيج على وجه التحديد .

4 - تغيير الصناعات الخفيفة بصورة منتظمة لتحل محلها الصناعات الثقيلة  والصناعات الكيمياوية التي تمثل أكثر من نصف إجمالي الإنتاج الصناعي .

5 - التركز على الصناعات الأساسية ، كصناعة السمنت ، الأسمدة الكيمياوية والأطعمة . ويمكن أن نبين أبرز تلك الصناعات على النحو الآتي([32]) :-

أ صناعة الحديد .

ففي عام 1989 كانت كوريا الجنوبية تحتل المركز العاشر في إنتاج الحديد وتساهم بـ ( 2.3 % ) من الإنتاج العالمي .

ب الالكترونيات .

تحتل المركز السادس على مستوى العالم في صناعة الالكترونيات .

ج صناعة السفن .

خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي أصبحت كوريا الجنوبية منتج بارز في صناعة السفن بأنواعها المختلفة .

د صناعة السيارات وقطع الغيار .

كانت صناعة السيارات واحدة من أكبر الصناعات الأساسية في كوريا الجنوبية في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي ، وكذلك كانت أكبر صناعة تصديرية في ذلك الوقت . وزادت طاقة صناعة السيارات أكثر من خمسة أضعاف منذ عام 1984 ، إذ تجاوزت ( المليون وحده ) في عام 1988 . وإن حجم الاستثمارات في صناعة السيارات والأجزاء المكونة لها يقدر بأكثر من ( 3 ) بليون دولار في عام 1989 .

 ر صناعة الأسلحة .

       تعتبر كوريا الجنوبية منتجة مهمة للأسلحة وذلك للاستعمال المحلي وللتصدير أيضاً،إذ قدر حجم الصادرات بحوالي ( 975 ) مليون دولار في عام 1982 .

و صناعة المنسوجات وصناعة الأحذية .

     إن المنسوجات والمنتجات الجلدية تمثل حوالي ( 24 % ) من إنتاج كوريا الجنوبية ، وخلال الثمانينيات من القرن الماضي قدرت الصادرات من المنسوجات ، إذ قدرت بـ ( 11.9 ) بليون دولار ، وفي عام 1989 بلغت صادرات المنسوجات حوالي ( 15.340 ) بليون دولار ، وتوسعت أيضا صناعة الأحذية ، إذ بلغت عام 1988 ( 3.8 ) بليون دولار .

هـ المواد الكيمياوية .

      بدأ إنتاج الصناعات الكيمياوية في السبعينيات من القرن الماضي على الرغم من اعتمادها على استيراد المواد الأولية ، إلا أنها ساهمت في إنتاج السلع الوسيطة التي تدخل في إنتاج النسيج كالمطاط الصناعي والأحذية المطاطية ومصانع الطلاء واستطاعت أن تجعل كوريا الجنوبية مكتفية ذاتيا في إنتاج المخصبات .

6 خلال المدة 1962 1972 بدأت كوريا تخطو خطوات حثيثة على طريق التنمية والتحول إلى  النمط الصناعي التصديري . كما منعت الاستيراد إلا في حالات الآلات المستعملة في عمليات التصنيع ، واتجهت إلى خطوة طموحه باستعمال الشركات الكبرى لتنشئ لها مصانع في المدن الكورية ، ولتعود منتجاتها إلى صالح تلك الشركات فتستفيد من هذه التجربة وتكتسب الخبرة ([33]).

7 الاهتمام بتطوير التكنولوجيا ، من خلال تأسيس مجلس الرئاسة الاستشاري للعلوم والتكنولوجيا في إبريل 1999 ؛ لإجراء التنسيق الكلي والخطط الكلية لتطوير العلوم والتكنولوجيا ، وتوسيع دائرة العلوم والتكنولوجيا المتعلقة بالاستثمار ووضع الأولوية لبرامج الأبحاث والتنمية ([34]).

وعلى الرغم من الانتكاسات التي تعرض لها الاقتصاد الكوري لاسيما خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي ؛ بسبب  ارتفاع أسعار البترول والمواد الأولية وما تلاها من كساد عالمي وكذلك بسبب اعتماد الحكومة بشدة على الاقتراض الأجنبي للمشاريع الاستثمارية الضخمة وكان نتيجة ذلك زيادة الدين الخارجي الذي وصل إلى ( 25 ) مليار دولار في عام 1980 ، أي حوالي ( 45 % ) من الناتج المحلي . بالإضافة إلى الانهيارات التي شهدتها اقتصاديات نمور أسيا عام 1998 ، التي أدت إلى تراجع مستوى التجارة الخارجية . إلا أن تجربة التصنيع في كوريا الجنوبية استمرت نحو النجاح بمؤشرات تنموية إيجابية تتضح من خلال الحقائق الآتية ([35]):-  

1- ارتفاع  مؤشر الدخل القومي الإجمالي لكوريا الجنوبية ليصل إلى ( 6.3 ) بليون دولار لعام 2005 ، بعد إن كان لا يتجاوز ( 2.3 ) بليون دولار عام 1962 . كما وصل متوسط دخل الفرد السنوي إلى ( 10.076 ) ألف دولار ، بعد أن كان لا يتجاوز(100 ) دولار فقط قبل 25 عاما.

2- أصبحت كوريا الجنوبية العضو التاسع والعشرين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام 1996 .

3 - نمو الصادرات الكورية في التجارة من (5.17) مليارات عام 1980 ، إلى ( 65 ) ملياراً عام 1990 ، ومن ثم إلى ( 193.8 و254 ) مليار دولار عام 2003 و 2004 على التوالي .

4 - حدوث تحولات هائلة في التنمية الصناعية لكوريا ، إذ تنوعت الصناعات الرئيسة لتشمل صناعة السيارات ، البتركيمياويات ، الالكترونيات ، صناعة السفن ،النسيج ، فضلاً عن منتجات الصلب .

5 ارتفاع معدل النمو في الناتج السنوي الإجمالي من ( 4.3 % ) لعام 2005 إلى (5%) في عامي 2006 ، 2007 . حيث بلغ الناتج القومي الإجمالي ( 791.3 ) مليار دولار لعام 2005 ، ووصل إلى ( 887.5 ) مليار دولار لعام 2006 .

6 إن النمو الاقتصادي المكثف جعل كوريا تقفز إلى المرتبة الثانية عشرة كأكبر اقتصاد وشريك تجاري على مستوى العالم ، وكان هذه النمو مدفوعاً بمعدلات من الادخار والاستثمار والتعليم المكثف الذي ساهم في زيادة معدل الملتحقين بالجامعات ، مع ارتفاع الصادرات والناتج القومي .

7 احتلال كوريا الجنوبية المرتبة الأولى عالميا في صناعة السفن والبتروكيمياويات والخامسة في صناعة السيارات وصناعة الحديد والصلب . وترتيبها الرابع على مستوى دول العالم في احتياطي العملات الأجنبية .

8 ساهم نجاح عملية التصنيع في كوريا إلى رفع نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي إلى ( 20 ) ألف دولار .

ومن خلال مناقشة خصائص تجربتي التصنيع في ماليزيا وكوريا الجنوبية ، فإنه يمكن أن نبين أهم الاستنتاجات العامة حول هاتين التجربتين على النحو الآتي ([36]):-

1-  على الرغم من محدودية مواردهما إلا أنهما حققتا معدلات نمو اقتصادية عالية .

2-  على الرغم من حداثة تجاربهما إلا أنهما حققتا نقلات نوعية وأصبحتا تنافسان الدول في الإنتاج .

3- للحكومات الوطنية دور من خلال تسخير ما لديها من موارد وإمكانيات لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية  .

4- الحرية ورعاية الإبداع والسماح للجميع باتخاذ القرارات سواء أكان ذلك بشكل مباشر أم بغير مباشر .

5- بدأت تجاربهما التنموية بدايات يسيرة ومن ثم أخذتا التطور والتقدم شيئا فشيئا ، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب الدول الأخرى وخبرتها من اجل تسخيرها لتحقيق التنمية بشكل يواكب التطورات العالمية .

الخلاصـة .                                                                             

         التنمية الصناعية مفهوم واسع ينطوي على مدلولات ذات أبعاد تنموية تنعكس في مجالات عديدة ، اقتصادية ، واجتماعية وعمرانية . أي إنها ومن خلال النتائج التنموية المترتبة على تحقيقها ، ستؤثر إيجاباً على الهيكل الاقتصادي والاجتماعي والعمراني للإقليم . وهذا يتحقق من خلال اعتماد ستراتيجيات تنموية ملائمة تُسهم في نقل الإقليم من واقع التخلف إلى التطور . بحيث تتلاءم هذه الستراتيجيات المعتمدة مع الواقع التنموي القائم وحجم الاستثمارات التنموية المخصصة ، فضلاً عن طبيعة المؤهلات التنموية المتاحة وتوزيعها المكاني من حيث الكم والنوع ، والأهداف التنموية المطلوب تحقيقها في الإقليم . كما ينبغي ان تتضمن هذه الستراتيجيات رؤية مستقبلية واضحة لتحقيق التنمية الصناعية ، وأن تعتمد على استعمال التكنولوجيا الصناعية المتطورة التي تحقق أفضل استغلال للإمكانيات التنموية المتاحة وتُسهم في تطوير مستويات التنمية المكانية ضمن الإقليم ، من خلال تنويع فروع الإنتاج الصناعي من حيث الكم والنوع ، وتوفير فرص عمل مناسبة مع تطور مستويات الدخول المتحققة للإقليم . كما ينبغي ضرورة الاستفادة من التجارب التنموية الناجحة على المستوى الدولي في هذا المجال .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1)    الكربولي ، جاسم محمد إبراهيم ، القوى العاملة البشرية في محافظة الأنبار عام 1997 – دراسة في جغرافية  السكان ، رسالة ماجستير (غ . م ) ، كلية التربية ، جامعة الأنبار ، قسم الجغرافية ، 2004 ، ص89 .

 (2)   جمهورية العراق – وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي – دائرة التنمية الإقليمية والمحلية – شعبة تخطيط محافظة   الأنبار ، الواقع التنموي  لمحافظة الأنبار ، دراسة تحليلية للسنوات ( 1997 – 2010 ) ، ص 5 .

 (3)    الكربولي ، جاسم محمد إبراهيم ، مصدر سابق ، ص91 .

(4)    الفهداوي ، ليث محمود خليفة ، التحليل المناخي لعنصر الرياح في محافظة الأنبار ومجالاته التطبيقية ، رسالة ماجستير ( غ . م ) ،   كلية    التربية  ، جامعة الأنبار ، قسم الجغرافية ، 2011 ، ص 92 –94 .

 (1)  جمهورية العراق – وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي – دائرة التنمية الإقليمية والمحلية – شعبة تخطيط محافظة الأنبار ، الواقع التنموي لمحافظة الأنبار ، دراسة تحليلية للسنوات ( 1997 – 2010 ) ، ص6  , دراسة غير منشورة .

(2)  جمهورية العراق – وزارة التخطيط – الجهاز المركزي للإحصاء ، المجموعة الإحصائية السنوية ( 2008 – 2009 ) ، ص9   .

(3)  جمهورية العراق – وزارة التخطيط  - الجهاز المركزي للإحصاء – دائرة الإحصاء السكاني ، نتائج التعداد العام للسكان لعام ( 1987 – 1997 ) ، بيانات غير منشورة .

(4)  جمهورية العراق – وزارة التخطيط – الهيئة العامة للتعداد العام للسكان والمساكن ، التعداد العام للمباني والمساكن والمنشات والأسر ، سلسلة تفارير الترقيم والحصر ، تقرير رقم ( 1 ) ، تموز \ 2011 ، جدول رقم ( 14 ) ، صفحات متفرقة ، غير منشورة .

 (1)  السعدي ، سعدي محمد صالح ، الديمقراطية والتنمية والهوة الإنمائية ، الطريق للثقافة والنشر ، بغداد ، 2007 ،

ص 12 .

 (2)   خيرة  ، صفوح ، التنمية والتخطيط الإقليمي ، منشورات وزارة الثقافة ، دمشق ، 2000 ، ص 12 .

(3)  غنيمي ، زين الدين عبد المقصود ، الجغرافي المعاصر والتنمية ( الحقيقة الغائبة ) ، رسائل جغرافية ( 331 ) ، 2007 ، ص 10 ، نشرت على الموقع الالكتروني   http://www.4geography.com/vb/showthread  .  .

 (4)  السماك ، محمد أزهر سعيد ، جغرافية الصناعة بمنظور معاصر ، الطبعة الأولى ، 2008 ، ص 63 .

 (1)  الحديثي ، حسن محمود علي ، جغرافية التنمية بين ماهية النشاط الاقتصادي وحيزه الجغرافي ، مجلة الجغرافي العربي – اتحاد الجغرافيين العرب ، العددان الثاني والثالث ، تموز ، 1995 ، ص 249 – 251 .

B. Higglins , Economic Development , costble company Ltd . , London , 1959 , p. 338 .  (2)

()قطب النمو:- هو مجموعة من الأنشطة الصناعية المتطورة ،التي لديها القدرة على تحقيق التنمية المكانية من خلال العلاقات المتبادلة فيما بينها وزيادة انتاجية الأنشطة الأخرى المرتبطة بها. 

(1)  سماره ، إحسان هاني  وآخرون ، التخلف والتنمية ، المعهد القومي للتخطيط ، تشرين الثاني 1986 ، ص 179 – 180 .

(2)  الحديثي ، حسن محمود علي ، جغرافية التنمية بين ماهية النشاط الاقتصادي وحيزه الجغرافي ، مصدر سابق ، ص 252 – 253 .

(3)  الدين ، عمر محي ، التخلف والتنمية ، دار النهضة العربية ، 1976 ، ص 297 .

(1) الاشعب ، خالص ، إقليم المدينة بين التخطيط الإقليمي والتنمية الشاملة ، بيت الحكمة ، جامعة بغداد ، 1989 ،

ص 216 .

(1)  حمادي ، عباس عبيد ، النمو الصناعي والاتجاهات المكانية للمواقع الصناعية ، مجلة البحوث الجغرافية ، كلية القائد للتربية للبنات ، جامعة الكوفة ، العدد ( 3 ) ، 2002 ، ص 340 .

(2 ) MURRAYD .BRYCE .Indstrial development agide For Accelerating Economic Growth . Mc  Graw Hill company , INC , new york , 1960 .P.4.

(3) المحمدي ، ياسين حميد بدع ، التنمية الصناعية واتجاهاتها المكانية في محافظة أربيل ، أطروحة دكتوراه ( غ . م ) ، جامعة بغداد ، كلية الآداب ، قسم الجغرافية ، 2006 ، ص 37 .

(1)  المياح ، علي محمد ، العراق ودول جنوب شرق آسيا ، مجلة الحكمة ، العدد ( 11 ) ، بغداد ، 1999 ، ص 48 – 49 .

(2)  جمهورية العراق – وزارة التخطيط – الجهاز المركزي للإحصاء ، المجموعة الإحصائية السنوية ( 2008– 2009 ) ، ص9 .

(1)  القادر، عبد الماجد عبد ، نظرية الاوز الطائر(•) ، نشرت على الموقع الالكتروني ،

                                                                                . http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=22119

(•) هذه النظرية تمثل التنمية الاقتصادية في دول شرق آسيا بأسراب الأوز الطائرة، حيث تأتي في مقدمة السرب دولة اليابان كونها القائدة ويليها السرب الأول الذي يضم كوريا الجنوبية وتايوان وهونج كونج وسنغافورا ثم السرب الثاني ويشمل ماليزيا وتايلاند واندونيسيا، أما السرب الثالث فيضم كمبوديا وفيتنام.. وتفصل بين كل سرب والذي يليه مسافة تحددها سرعة السرب ومقدار علو طيرانه وهو ما يعكس مرحلة ونمط التطور الإقتصادي في كل دولة .

 (1) العبيد ، سعد بن محمد ، التجربة الماليزية ، نشرت على الموقع الالكتروني ، http://cpsfiles.imamu.edu.sa/ar/documents

(1) محمد ، حاكم محسن ، مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول النمور الآسيوية (ماليزيا وكوريا الجنوبية نموذجاً مع الإشارة إلى العراق ) ، مركز إنماء للبحوث والدراسات ، نشرت على الموقع الالكتروني ، http://enmaacenter.org/news.php?action=view&id=36

(2)  العبيد ، سعد بن محمد ، التجربة الماليزية ، مصدر سابق .

(3)  المصدر نفسه .

(1) المعهد العربي للتخطيط – الكويت 2005 ، التجارب الدولية ، تجربة ماليزيا في تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، نشرت على الموقع الالكتروني ، http://www.arab-api.org/course22/c22_4.htm    

(1)  الشبكة الكورية بالعربية – قسم القضايا ، بداية الحلم وإمكانيات الإنسان ، كوريا الجنوبية ، اسطورة النشأة ومعجزة التنمية الاقتصادية ، ص 2 ، منشورة على الموقع الالكتروني ، http \ Arabic . korea . net

(2)  التنمية الاقتصادية واقتصاد السوق لدول الشرق الأوسط وإفريقيا ( 2005 ) ، الوكالة الكورية للتعاون الدولي ، بالتعاون مع معهد استراتيجية التنمية ، ترجمة سمير زهير الصوص ، قسم السياسات والتحليل والإحصاء ، وزارة الاقتصاد الوطني ، قلقيلية ، 2006 ، ص 42 – 52 . نشرت على الموقع الالكتروني ، http://www.myqalqilia.com/South-Korea-experience-in-economic-development.pdf

(1)  التنمية الاقتصادية واقتصاد السوق لدول الشرق الأوسط وافريقيا ( 2005 ) ، الوكالة الكورية للتعاون الدولي ، بالتعاون مع معهد استراتيجية التنمية ، مصدر سابق ، صفحات متفرقة .

(1)  الشبكة الكورية بالعربية – قسم قضايا ،مصدر سابق ، ص3 .

 (2) المصدر نفسه ، ص 2 .

(1)  التنمية الاقتصادية واقتصاد السوق لدول الشرق الأوسط وإفريقيا ( 2005 ) ، الوكالة الكورية للتعاون الدولي ، بالتعاون مع معهد استراتيجية التنمية ، مصدر سابق . ص 111 .

(1) محمد ، حاكم محسن ، مصدر سابق . 








الاستنتاجات

1-        لقد وهب الله تعالى الأنبار ثرواتٍ طبيعية هائلة وحباها بها من حيث الكم والنوع ، إذ تتوافر في أقضيتها المختلفة إمكانيات تنموية متنوعة تتمثل في الموقع الجغرافي المتميز على المستويين الدولي والمحلي ، والبعد المساحي الذي تتميز به والذي أوجد لها بحكم تنوع تكويناتها الجيولوجية ثروات معدنية متميزة من حيث الكم والنوع كالجبس ، الكلس ، أطيان السمنت ، الحصى والرمال ، الفوسفات ، رمال الزجاج ، القير ، الدولومايت ، الحديد الرسوبي ، البوكسايت ، الكبريت ، الذهب ، اليورانيوم والزركون والنورمالين في منطقة الكعرة وعكاشات ... الخ . إضافة إلى إمكانيات التنمية الزراعية من حيث توافر الموارد المائية اللازمة والمساحات الواسعة من الأراضي الزراعية . وهذه تُشكل مرتكزات تنموية لقيام أنشطة صناعية متنوعة ذات أهمية في تطوير مستويات التنمية ضن أقضية المحافظة المختلفة .

2-    ضعف دور السياسات الحكومية في معالجة واقع التوطن الصناعي في محافظة الأنبار ، ولاسيما خلال المدة ما بعد احتلال العراق 2003 ، وذلك من خلال ضعف الدعم الحكومي للمنشآت الصناعية الكبيرة مما أدى ذلك إلى توقف قسم منها عن الإنتاج بصورة كلية أو جزئية ، مع تراجع مستوى كفاءتها الإنتاجية والاقتصادية . ومن ثم ضعف مساهمتها في تحقيق الاستغلال الأمثل للإمكانيات التنموية المتاحة في المحافظة .

3-   وجود تركز صناعي واضح للأنشطة الصناعية الكبيرة ضمن أقضية محددة من المحافظة لاسيما أقضية الفلوجة ، القائم ، هيت ... الخ . مقابل ضعف أهمية تركز الأنشطة الصناعية ضمن الاقضية الأخرى ، مع افتقار قضاءي حديثة والرطبة لوجود أي أنشطة صناعية كبيرة .

4-        وجود تراجع واضح في مستوى توطن الأنشطة الصناعية المكونة لهيكل القطاع الصناعي في محافظة الأنبار خلال المدة 1978 2010 . وهذا لا يتلاءم مع متطلبات تطوير مستويات التنمية المكانية ضمن أقضية المحافظة المختلفة .

5-    وجود اختلال في توزيع القوى العاملة مكانياً وقطاعياً في المحافظة . يتضح ذلك من خلال تركز (66.3%) من القوى العاملة في المحافظة ضمن الأنشطة الاقتصادية اللاأساسية ، مقابل (33.7%) في الأنشطة الاقتصادية الأساسية  وهذا لا يتلاءم مع متطلبات تحقيق التنمية المكانية في هذه المحافظة .

6-    إن مستوى تطور الأنشطة الاقتصادية ، لاسيما النشاط الصناعي من حيث الكم والنوع ما يزال اقل مما هو متاح من إمكانيات تنموية متنوعة وقابلة للاستثمار الصناعي ضمن أقضية محافظة الأنبار المختلفة ، كما إن مستوى تطورها لا يتلاءم أيضاً مع متطلبات تطوير مستويات التنمية المكانية في المحافظة .

7-    تعاني الأنشطة الصناعية الكبيرة المتوطنة في أقضية المحافظة المختلفة من مشاكل إنتاجية كثيرة تتعلق بضعف الدعم المادي ، قلة الخبرة الفنية ، نقص قطع الغيار اللازمة ؛ بسبب صعوبة توفيرها ، بالإضافة منافسة المنتجات الصناعية المستوردة مع نقص كبير في مصادر الطاقة اللازمة .... الخ . مما انعكس ذلك سلباً على ضعف كفاءتها الإنتاجية والاقتصادية ، ومن ثم ضعف مساهمتها في تطوير مستويات التنمية المكانية في المحافظة،لاسيما بعد احتلال العراق في نيسان 2003 .

8-   انعكس التباين في حجم الهيكل السكاني ومستوى تطور خدمات البنى الارتكازية بين أقضية المحافظة ، على تباين فرص الاستقطاب المكاني للاستثمارات التنموية  لاسيما استثمارات القطاع الخاص . إذ شكلت أقضية الفلوجة ، هيت والرمادي التي تمتاز بحجوم سكانية كبيرة وخدمات بنى ارتكازية متطورة نسبياً مراكز استقطاب للاستثمارات الصناعية التابعة للقطاع الخاص على حساب فرص الاستقطاب ضمن الأقضية الأخرى من محافظة الأنبار ذات الحجوم السكانية الصغيرة ؛ ذلك لأهمية عامل السكان في توفير الأسواق المحلية الملائمة والقوى العاملة اللازمة من حيث الكم التي تحتاج إليها الأنشطة الصناعية التابعة للقطاع الخاص ذات الطابع الاستهلاكي . بالإضافة إلى الاستفادة من خدمات البنى الارتكازية فيها والقرب من أسواق المحافظات الأخرى ، لاسيما العاصمة بغداد ، مما عزز ذلك من دور اقتصاديات التكتل الحضري في خفض تكاليف الإنتاج وزيادة الأرباح المتحققة للمشاريع الصناعية التابعة للقطاع الخاص والمتوطنة ضمن أقضية الفلوجة والرمادي وهيت .

9-  إن تغير الفلسفة الاقتصادية للدولة بعد احتلال العراق من خلال التراجع الكبير لدور القطاع العام على حساب إعطاء الدور الأكبر للقطاع الخاص ، سوف يشكل عاملاً سلبياً على توجهات تحقيق التنمية المكانية المتوازنة نسبياً ضمن أقضية المحافظة ، لاسيما المتخلفة اقتصادياً التي لا يتوافر فيها مناخ استثماري ملائم ، مما يعني ذلك وفقاً لفلسفة القطاع الخاص ، أن هذا التوجه سيؤدي إلى زيادة الهوة الانمائية بين أقضية المحافظة ، كما انه سيؤدي إلى استنزاف للثروات والموارد المتاحة في المحافظة وفقاً للاعتبارات الاقتصادية في حسابات القطاع الخاص دون النظر إلى الشمولية في تحقيق التنمية المكانية المستدامة .

10-    تتطلب عملية تحقيق التنمية الصناعية ضمن أقضية محافظة الأنبار المختلفة ، وفي ضوء ستراتيجيات وبدائل تحقيق التنمية المكانية ، ضرورة الموازنة في دور القطاع العام والخاص في مجال تحقيق التنمية الصناعية وبما يتلاءم مع توجهات تحقيق التنمية المكانية المتوازنة نسبياً ، بالإضافة إلى الموازنة بين تحقيق مبدأ الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية في توزيع الاستثمارات التنموية وفقاً لمتطلبات تطوير مستويات التنمية المكانية ضمن أقضية المحافظة المختلفة .

الــتـــوصيــات .

1-  إجراء دراسات علمية دقيقة وتفصيلية لجميع الإمكانيات التنموية المتاحة ضمن أقضية محافظة الأنبار من حيث الكم والنوع ، مع تحديد أهميتها الصناعية ؛ بهدف تعزيز القدرة على وضع الستراتيجيات أو الخطط التنموية الصحيحة والملائمة لتعزيز فرص تحقيق التنمية المكانية المتوازنة نسبياً ضمن أقضية المحافظة المختلفة . فقد وهب الله سبحانه وتعالى الأنبار ثروات طبيعية هائلة من حيث الكم والنوع وتفوقت فيها على جميع محافظات القطر الأخرى ، ومن خلالها يمكن أن تلعب دوراً رئيساً ومؤثراً في الأمن الغذائي للعراق ، فهي تمتلك مساحات واسعة من الأراضي الزراعية مع توافر الموارد المائية اللازمة من حيث الكم والنوع . وهي تمتلك أكبر احتياطي للفوسفات يصل عمره إلى (500 ) سنة ، وهذه الخامات تستعمل في منتجات عديدة ، لاسيما صناعة الأسمدة الزراعية التي تُشكل عامل رئيس في دعم القطاع الزراعي وتنميته في المحافظة والقطر ومن ثم تحقيق الأمن الغذائي للقطر ، من خلال تنمية استثمار هذه الخامات. بالإضافة إلى امتلاكها احتياطي كبير من الغاز والذي له أهمية كمصدر للطاقة أولاً والاستفادة من منتجاته الأخرى في دعم الأنشطة الاقتصادية ، لاسيما الصناعة والزراعة .

2-  ضرورة معالجة المشاكل التي تعاني منها الأنشطة الصناعية المتوطنة في المحافظة ، مع معالجة محددات تحقيق التنمية الصناعية ضمن أقضية محافظة الأنبار المختلفة .

3-    التركيز على دعم القطاع الصناعي العام ؛ لكونه القطاع الرائد في مجال تطوير مستويات التنمية المكانية ضمن المناطق المتخلفة اقتصادياً لامتلاكه القدرة على تحقيق ذلك ، على العكس من القطاع الخاص .

4-    اعتماد المهنية والمعايير العلمية الصحيحة في إدارة شؤون التنمية المكانية عموماً والتنمية الصناعية على وجه التحديد ، وذلك من خلال إعداد الكوادر العلمية والإدارية المتخصصة في هذا المجال بعيداً عن دور الاعتبارات الشخصية والحزبية والعشائرية ، مع محاربة الفساد الإداري بكل أشكاله وضمن مختلف المستويات .

5-    إنشاء مراكز متطورة لتدريب القوى العاملة وتأهيلها في محافظة الأنبار ؛ من أجل إعداد القوى العاملة اللازمة وبمختلف المستويات المهارية والتي تحقق أفضل استغلال للإمكانيات التنموية مع تحقيق الكفاءة الإنتاجية للمشاريع الصناعية في المحافظة .

6-    تفعيل دور السياسات الحكومية في دعم القطاع الصناعي وتطويره من خلال تقديم الدعم المالي اللازم للمشاريع الصناعية الجديدة التي يتم توقيعها ضمن المناطق المتخلفة صناعياً من محافظة الأنبار ، مع تطوير المشاريع الصناعية القائمة ، بالإضافة إلى توفير الحماية اللازمة للإنتاج الصناعي المحلي من منافسة المنتجات المستوردة ، وذلك من خلال وضع ضوابط صارمة لتنظيم عملية الاستيراد للمنتجات التي لا يتم إنتاجها محلياً أو تلك التي يوجد نقص في إنتاجها محلياً وفقاً لحاجة السوق ؛ من أجل الحفاظ على مستوى الكفاءة الاقتصادية والإنتاجية للأنشطة الصناعية في المحافظة .

7-    تحقيق الترابط الوظيفي بين الأنشطة الصناعية المتوطنة والمراكز البحثية في المحافظة والقطر ؛ من أجل تطوير هذه الأنشطة ورفع كفاءتها الإنتاجية بما يلبي متطلبات تحقيق التنمية المكانية في محافظة الأنبار .

8-    التأكيد على استعمال التكنولوجيا الصناعية المتطورة التي تحقق أفضل استغلال للإمكانيات التنموية المتاحة مع تطوير الإنتاج الصناعي من حيث الكم والنوع .

9-    إيقاف عملية الاستغلال العشوائي غير المخطط للإمكانيات التنموية المتاحة ، لاسيما الثروات المعدنية غير المتجددة ؛ من أجل الحفاظ عليها لتبلي متطلبات تحقيق التنمية المكانية المستدامة في محافظة الأنبار .

10- ينبغي التركيز في ضوء التوجهات التنموية المستقبلية على تحقيق تنوع في فروع الإنتاج الصناعي على مستوى أقضية المحافظة ؛ لأن ذلك سيُسهم في تحقيق أفضل استغلال للإمكانيات التنموية المتاحة والمتنوعة في المحافظة ، بالإضافة إلى توفير فرص عمل أكبر ومن ثم امتصاص الفائض من القوى العاملة والتخلص من مشكلة البطالة ، فضلاً عن تنوع مصادر الدخل . وهذا بحد ذاته يُعد من متطلبات تحقيق التنمية المكانية المتوازنة نسبياً ضمن أقضية محافظة الأنبار المختلفة .

11- تطوير خدمات البنى الارتكازية ضمن المناطق المتخلفة اقتصادياً من محافظة الأنبار ، وتتوافر فيها إمكانيات تنموية غير مستثمرة صناعياً كقضاء الرطبة ؛ من أجل توفير المناخ الملائم لجذب الاستثمارات التنموية إلى هذه المناطق .

12- التركيز على توقيع الأنشطة الصناعية التي تفتقر إليها المحافظة أولاً ، وتلك التي تخصص لأغراض التصدير اعتماداً على الثروات المعدنية المتوفرة في المحافظة ، كالصناعات الكيمياوية المتنوعة المتوطنة حالياً وتلك التي يمكن توقيعها مستقبلاً اعتماداً على ما هو متوافر من احتياطي كبير من النفط والغاز الطبيعي وخامات الفوسفات ومعادن أخرى متنوعة . بالإضافة إلى الصناعات الإنشائية . وهذا يُعد من المتطلبات الرئيسة لتحقيق تنمية صناعية حقيقية ومؤثرة في تطوير الهيكل الاقتصادي والاجتماعي ضمن أقضية محافظة الأنبار المختلفة .

13- وضع الضوابط والإجراءات القانونية الدقيقة والصارمة لموضوع الاستثمار الخاص سواء أكان محلياً أم اجنبياً ؛ بسبب المساوئ التي تترتب على ذلك في ظل الوضع الاقتصادي والأمني والسياسي المربك على مستوى القطر والمستوى الدولي ، وفي ظل تنامي الدور السلبي للشركات متعددة الجنسية التي تسعى باستمرار إلى استغلال ثروات البلدان النامية بأكثر منفعة لهذه الشركات دون مراعاة حقوق الشعوب ومتطلبات تحقيق التنمية المكانية المستدامة . إذ توجد في محافظة الأنبار مصانع كبيرة ومهمة ، ولاسيما صناعة السمنت . وهي صناعات قائمة وأنشأت برأس مال حكومي (قطاع عام ) وبكافة ملحقاتها ، وتعتمد على مواد خام متوفرة محلياً في المحافظة . وكانت منتجات هذه الصناعات تصل إلى المواطن العراقي بسعر مدعوم ومناسب ؛ غير أنه عندما وضعت مثل هذه الصناعات تحت مظلة ( الاستثمار ) ، فقد أصبحت جزء من ملكية هذه الصناعات تابعة للقطاع الخاص ، وأصبح التعامل مع هذه الصناعات وكأنها قد أنشأت حديثاً وليس من المال العام ، مما ترتب على ذلك أن منتجات هذه الصناعات أصبحت تصل إلى المواطن بنفس سعر المنتجات المستوردة دون الأخذ في الاعتبار حق المواطن من هذه الثروات والموارد . لذلك ينبغي أن لا يُعول على موضوع الاستثمار الذي يروج إليه حالياً في المحافظة في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية السائدة مع انتشار الفساد الإداري وتغليب المصلحة الشخصية أو الحزبية على المصلحة العامة للسكان .

14- التأكيد على وضع الخطط التنموية الملائمة لتحقيق التنمية الزراعية في محافظة الأنبار التي تتوافر فيها إمكانيات تنموية كبيرة في هذا المجال ، لاسيما فيما يتعلق بتوافر الموارد المائية اللازمة ومساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة وما زالت مساحات واسعة منها غير مستثمرة زراعياً ، بالإضافة إلى توافر القوى العاملة من حيث الكم ؛ وذلك لأهمية هذا التوجه في تعزيز فرص تحقيق التنمية الصناعية ؛ بسبب الارتباط الوظيفي الوثيق بين قطاعي الزراعة والصناعة ، من حيث كونها أنشطة اقتصادية أساسية ، ويُسهمان بشكل كبير في معالجة الاختلال المكاني لتوزيع السكان ، ومن ثم تطوير الهيكل الاقتصادي والاجتماعي ضمن أقضية محافظة الأنبار المختلفة .

15- تحقيق الموازنة في توزيع القوى العاملة مكانياً وقطاعياً ، وبما يتلاءم مع متطلبات تحقيق التنمية المكانية ضمن أقضية محافظة الأنبار المختلفة .

16- إجراء دراسات علمية دقيقة وتفصيلية تتعلق بطبيعة المشاريع الصناعية الجديدة التي يمكن توقيعها ضمن أقضية المحافظة ، مع التأكيد على اعتماد الإجراءات التخطيطية الدقيقة والشاملة في توقيع أي مشروع صناعي ، أي تحديد نوع المشروع الصناعي وحجمه وطبيعة منتجاته وكمياتها ، مع تحديد الموقع المناسب للمشروع الصناعي بما يتلاءم مع طبيعة متطلبات السوق والوضع الاقتصادي السائد ، بالإضافة إلى الإمكانيات التنموية المتاحة من حيث الكم والنوع ومتطلبات تطوير مستويات التنمية المكانية ضمن أقضية المحافظة المختلفة .

17- توفير مصادر الطاقة اللازمة من حيث الكم والنوع لدعم توجهات تحقيق التنمية الاقتصادية ( الصناعية والزراعية ) ضمن أقضية محافظة الأنبار المختلفة .

18- ضرورة الاستفادة العملية من تجارب التصنيع الناجحة على المستوى الدولي ، كتجربة التصنيع في ماليزيا التي تًعد أنموذجاً مثالياً يحتذى به في هذا المجال . والتركيز هنا ينبغي ان يكون على الأسباب التي وقفت وراء نجاح التجربة الماليزية وليس الاهتمام فقط بنوع الصناعات أو الحصول على التكنولوجيا الصناعية . وإنما من خلال التركيز على الالتزام بأخلاقيات العمل والإخلاص ، وخلق الإدارة الصناعية الناجحة ذات الطابع المهني والتخصصي . وفي الوقت نفسه ينبغي الاستفادة من أخطاء الآخرين لتجنب الوقوع بها ولنا في نموذج الاستثمار في أندونيسيا مثالاً لذلك ، عندما حصل الانهيار الاقتصادي لها ؛ بسبب مساوئ الاستثمار الخارجي غير المدروس وغير المعروف من حيث تبعية رؤوس الأموال وأهداف الشركات متعددة الجنسية السيئة .

19- التأكيد على ضرورة الاهتمام بتطوير الصناعات الصغيرة في محافظة الأنبار إلى جانب تطوير الصناعات الكبيرة ؛ وذلك لأهمية هذه الصناعات في توفير احتياجات إعداد كبيرة من السكان من السلع الاستهلاكية ، بالإضافة إلى الخدمات الصناعية التي تقدمها للأنشطة المختلفة . لذا ينبغي أن تتم عملية التطوير بشكل متوازن نسبياً دون التركيز على صناعات معينة على حساب صناعات أخرى . فالتنمية الصناعية لا تعتمد على تطوير الصناعات الكبيرة وتنويعها فقط ؛ بل تحتاج أيضاً إلى أن يكون هناك أيضاً تطوير وتنويع الصناعات الصغيرة من أجل إعطاء مرونة أكبر في عملية تحقيق التنمية الصناعية المتوازنة نسبياً قطاعياً ومكانياً . ولنا في تجربة تحقيق التنمية الصناعية في ماليزيا أنموذجاً يحتذى به في هذا المجال كما بينا ذلك مسبقاً . عندما ركزت على تطوير الصناعات ذات الطابع الاستهلاكي ومن ثم تحولت تدريجياً نحو الصناعات ذات الطابع التصديري وتحولت بذلك من دولة متخلفة اقتصادياً إلى دولة متطورة صناعياً .


تحميل الرسالة

👇👇👇

👈  mega.nz

👇

👈 4shared

👇

👈 top4top





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا