التسميات

الخميس، 9 أكتوبر 2014

الاستخدام البيئى لمياه الصرف الصحى ...

الاستخدام البيئى لمياه الصرف الصحى

جريدة الأهرام الرقمي - مقالات وكتاب - 1 أغسطس 2011 م - المصدر : مجلة الحياة :
بقلم د. حمدي هاشم :
   هناك دول توفر مياه الشرب النقية لمواطنيها من معالجة مياه الصرف الصحي، ومنها ناميبيا أكثر دول جنوب أفريقيا جفافاً وأقل دول العالم في الكثافة السكانية (2.5 نسمة - كم2- 2009). والفرق كبير بين مصر وناميبيا في وفرة المياه الطبيعية بحساب إيراد نهر النيل واختلاف نتائج الجغرافيا الاقتصادية، حيث تستثمر الثانية مواردها من الألماس واليورانيوم والذهب والنحاس والزنك والغاز الطبيعي والسياحة البيئية. بينما قد تجاوزت الأولي حد الفقر المائي (1000م3- نسمة) بدلالة الحجم السنوي من الزيادة السكانية وتزايد احتياجاتها المستمرة من المياه. الأمر الذي يقتضي ضرورة الاعتماد على الموارد المائية غير التقليدية لدفع عجلة التنمية المستديمة في البلاد.


   تأتي الاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة في أغراض الري ضمن المصادر الإضافية والمتجددة لسد احتياجات الأراضي الزراعية والمستصلحة من المياه وكذلك الاستفادة بما تحتويه من العناصر المغذية للنباتات في زيادة الإنتاج وتقليل الاعتماد علي الأسمدة الكيميائية. وإن كان لإعادة استخدام هذه المياه في الزراعة مردود إيجابي، إلا أنها لا تخلو من التأثير السلبي على المحيط الحيوي والإضرار بالصحة العامة للمزارعين والسكان. ويحكم الري الآمن بهذه المياه مرجعية خواصها ومحتواها من المواد الصلبة ودرجة معالجتها ومدي ملاءمتها لأنواع التربة والنباتات المكافئة لها وكذلك طرق ومواقع استعمالها. ولا مفر مع إعادة استخدام هذه المياه غير التقليدية من تلوث التربة والنبات والحيوان والإنسان والمياه السطحية والجوفية.
    أعد المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء الكود المصري رقم 501- 2005 بمرجعية منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية وكذلك المعايير والمواصفات القياسية الأمريكية وبعض الدول الأوروبية والعربية، وذلك لتنظيم هذا المجال بالغ الأهمية. أضف إلى ذلك عددا من القوانين والقرارات الوزارية واللوائح التنفيذية المنظمة لإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة والتي تغطي الجوانب الإجرائية وتحدد مسئوليات مختلف الوزارات ذات العلاقة: الموارد المائية والري، الزراعة واستصلاح الأراضي، البيئة، الصحة، الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة. أضف إلى ذلك وزارة التخطيط ووزارة المالية ودورهما في تمويل تلك المشروعات القومية.
     ويعد التخلص من مياه الصرف الصحي المعالجة في البحار الأوفر اقتصادياً وصحياً وبيئياً، مقارنة بصرفها في الأنهار لشدة ضررها بالمياه العذبة المغذية لاحتياجات النشاط البشري من مياه الشرب والري والصناعة. ونظراً لطبيعة توزيع العمران في مصر تركزت محطات المعالجة بالوادي والدلتا، فكان لإعادة استخدام مياهها في الري مردوداً إيجابياً من الناحيتين الاقتصادية والبيئية، وتظل القيود الصحية رهن خصائصها الطبيعية والكيميائية والبيولوجية.
   هناك ثلاث مجموعات حددها قرار وزير الإسكان رقم 44 لسنة 2000 لإعادة استخدام هذه المياه حسب درجة المعالجة: أصحها بيئياً مياه المعالجة الثلاثية وهي خالية من الأضرار الصحية ومتوافقة مع ري جميع أنواع النباتات التي تؤكل نيئة وكذلك المحاصيل والبساتين والمراعي. بينما لا يروي بمياه المعالجة الثانوية إلا مشاتل الزهور وأشجار النخيل والقطن والكتان والتيل والجوت والأعلاف والخضراوات التي تطهي والمحاصيل المستخدمة في الصناعات الغذائية. وتصلح هذه النوعية من المياه للتربة الخفيفة ومتوسطة القوام ويحظر معها تربية ماشية اللبن أو اللحوم وأن تطهي النباتات بالضرورة قبل تناولها. أما مياه المعالجة الابتدائية فلا يروي بها غير الأشجار الخشبية، مع اتخاذ كل الاحتياطات البيئية والصحية، مثل عزل المزارع بأسلوب وحظر دخولها لغير العاملين بها ولا تربى فيها الحيوانات على الإطلاق والوقاية من مخاطر التعامل المباشر مع تلك المياه.
  وأنسب الحلول أن يعاد استخدام المياه الأخيرة في زراعة الغابات الشجرية بالأراضي الصحراوية، على أن تبعد بمسافة لا تقل عن خمسة كيلو مترات من أقرب تجمع عمراني. مع الالتزام بالمراقبة والتقييم البيئي الدوري. وقد خطي البرنامج القومي لزراعة الغابات الشجرية بمياه الصرف الصحي المعالجة خطوات إيجابية في كثير من محافظات مصر، حيث تعدت مساحة تلك الغابات 28 ألف فدان حتى عام 2008 مزروعة بالنباتات المنتجة للوقود الحيوي والزهور والأعلاف وأصناف متنوعة من الأشجار.
    تؤكد أبحاث الصحة العامة والبيئة أن مياه الصرف الصحي تتسبب في الإصابة بكثير من الأمراض مثل: الكوليرا والنزلات المعوية والتيفود والدوسنتاريا والإسكارس وأمراض الجهاز التنفسي وغير ذلك. وأن محتواها الميكروبي يظل نشطاً لعدة أسابيع، وقد يبقي بعضها في التربة لأكثر من عام، الأمر الذي يسهل انتقال العدوى من المزارع إلى مواقع الاستهلاك. ولا تفلت المزروعات والحيوانات والأسماك المنتجة بمياه الصرف الصحي غير الآمنة، بما في ذلك المزارعون والمستهلكون، من الأمراض والمخاطر الصحية والاقتصادية. ناهيك عن أضرار تلك المياه حال استخدامها في ري المراعي والملاعب الرياضية والحدائق والمتنزهات العامة.
   هذا وتصمم محطات الصرف الصحي في مصر للقيام بالمعالجة الابتدائية والثانوية والتخلص من مياهها في المصارف الزراعية، بينما تقتصر محطات المعالجة الثلاثية على المشروعات الاستثمارية الكبرى لإعادة استخدام مياهها في ري الحدائق والأشجار المثمرة. ومن ناحية أخري، فإن التكلفة المالية والصحية تحكم الارتقاء بمقياس الصرف الصحي بين الدول والتي تقدر بنحو 300، 450، 800 دولار - فرد، لمنظومة المعالجة الابتدائية والثانوية والثلاثية علي التوالي. وأن عدم كفاية الموارد المالية والقدرات التقنية مصحوباً في بعض الحالات بنقص مياه الشرب النقية، يجعل من غير الواقعي افتراض أن نموذج البلدان المتقدمة في الصرف الصحي يمكن تعميقه بسرعة في البلدان النامية. ناهيك عن قيام علاقة طردية قوية بين التكاليف الرأسمالية لتطوير منظومة الصرف الصحي والمزايا الصحية ذات المردود الإيجابي على السكان والبيئة، حيث تزداد عائدات التنمية البشرية بشكل تدريجي في كل المستويات. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا