التسميات

آخر المواضيع

الجمعة، 10 أكتوبر 2014

المناجم الحضرية وتحسين جودة الحياة ...

 المناجم الحضرية وتحسين جودة الحياة

جريدة الأهرام اليومي - مقالات وكتاب -27  مايو 2010 :

بقلم د. حمدي هاشم :


   انتبهوا أيها السادة أن الزبالة وهي المخلفات البلدية الصلبة قد تكون بمثابة المناجم الحضرية لدي بعض دول العالم التي تقدر محتواها البيئي وتملك تكنولوجيا استغلال النافع منها اقتصاديا سواء بإعادة الاستعمال أو التدوير أو الاسترداد لإنتاج الأسمدة العضوية والأيدروجين والطاقة ومنتجات البلاستيك والكرتون والورق والصفيح وخردة المعادن وغير ذلك.
     أما مناجم المخلفات الإلكترونية فتستخرج منها المعادن الثقيلة و على  رأسها الذهب والفضة، بينما تتسبب تلك التراكمات الحضرية بكثير من مدن العالم في تفاقم المشكلات البيئية والصحية، علاوة على استهلاكها من الأموال العامة لمجرد التخلص منها، والأثر السلبي لذلك على  معدلات التنمية المحلية، وفي الآونة الأخيرة، تنفق الدول الغنية أكثر من 120 مليار دولار سنوياً للتخلص من مخلفاتها الصلبة، ورغم ذلك يسبح منها نحو 100 مليون طن بمياه المحيط بين هاواي وكاليفورنيا، نتيجة أن الأراضي الأمريكية لم يعد فيها متسع للتخلص من تلك الكميات الضخمة والمتزايدة من المخلفات الصلبة ، وقامت على ذلك شركات جمع ومعالجة القمامة في مناطق مثل الصين والهند والبرازيل، يستثمر فيها سنوياً نحو 5 مليارات دولار أمريكي.
   وجدير بالذكر أن القمامة تتسبب في 4% من حجم غازات الانحباس الحراري على مستوي العالم. هذا وتؤكد دراسة اقتصادية أن طن القمامة المصرية قد يدر عائداً يتجاوز الألف دولار أمريكي، علاوة على المساهمة الفعلية في حل أزمة البطالة في مصر.
   يوكد الوعي المصري ذلك الفرق العضوي والأثر البيئي بين ورق اللحمة وأكياس الفاكهة بعد الانتشار الواسع للبلاستيك واستخداماته في الوقت الحاضر، بل أصبحنا مكرهين على تناول بقايا المواد السامة العالقة بمنتجات البلاستيك ذات النوعية الرديئة.
   وكان المستوقد بالمناطق الشعبية يحرق الزبالة ذات المحتوي الحراري (الخالي من مادة الديوكسين المسببة للسرطان) لاستغلال الطاقة المولدة في تدميس الفول وكذلك تسخين مياه الحمامات العامة ومنها الملاطيلي وقلاوون وباب البحر وكان يصنع من الرماد المتبقي طوبا للبناء. 
   ومع تغير الأحوال المصرية اختفت استخدامات توليد الطاقة من القمامة، وظهرت الخنازير ( في مرحلة تالية) لتتغذي على بقايا مخلفات زبالة الحضر المجلوبة من مناطق تولدها والتي يتم فرزها للاستفادة الاقتصادية منها لأقصي درجة. وقد توطنت أكثر من 1500 ورشة بمنشية ناصر، تدعمها مدرسة غير رسمية لإعادة تدوير البلاستيك وفرز عبوات الشامبو الأكثر مبيعاً في مصر. وتعد هذه القرية من أكبر مواقع التداول اليدوي لثروة القمامة بمدن العالم.
    وبعد الإبادة الوقائية للخنازير وتوقيف جامعي القمامة وغياب المنظومة المتكاملة للتخلص الآمن من المخلفات الصلبة والاستفادة الاقتصادية منها تفاقمت مشكلة القمامة وعلى رأسها القاهرة ومن بعدها بقية الحواضر المصرية.
   لا تزال سلوكيات الأفراد والمنشآت والمحليات ونقص الوعي البيئي والصحي لدي الأفراد والأنظمة الإدارية وعدم تقديرهم لأهمية المشكلة وأساليب التعامل معها، وراء استمرارية هذه الأزمة البيئية ، ومنها عشوائية التخلص من مخلفات الهدم والبناء بالشوارع والأماكن البعيدة عن المراقبة، ونبش القمامة للاحتفاظ بالنافع منها اقتصادياً وترك ما دون ذلك في الشوارع للقطط والكلاب الضالة، بل وإحجام أغلب الزبالين عن العمل في الأحياء الفقيرة والمناطق العشوائية بسبب قلة العائد المالي منها وتدني القيمة الاقتصادية لمخلفاتها الصلبة، علاوة على تخلص بعض المحال العامة من مخلفاتها بإلقائها في غير الأماكن المخصصة وذلك في الطرق والشوارع المحيطة بها ، ناهيك عن أسلوب الردم العشوائي خارج الكتلة السكنية في بعض أجهزة المدن، بالأماكن الفضاء المتاحة والتي قد يزحف عليها العمران إذا ما تحرك في نموه باتجاه تلك المواقع العشوائية ، وكذلك تلوث الهواء، مثلما يشعر به سكان مدينة نصر بالمناطق الجنوبية الشرقية في أثناء اشتعال الحرائق بمقلب القمامة القريب منها، وذلك حسب الظروف المناخية السائدة وأوقات الحرق، وكذلك الحال بمناطق المطرية والزيتون وأجزاء من مصر الجديدة المتأثرة بحرائق مقلب القمامة في شمالي مدينة شبرا الخيمة.
   وكانت قد تقدمت اليابان لمحافظة الإسكندرية (في عام 1982) بدراسة جدوى اقتصادية لتصنيع الزبالة وتحويلها إلى سماد عضوي بتكلفة استثمارية بلغت 30 مليون جنيه للمصنع الواحد ، بطاقة إنتاجية تقدر بنحو ألف طن يوميا، ويتولد الآن عن الحواضر المصرية ما يزيد على 20 ألف طن من المخلفات البلدية الصلبة في اليوم (2010)، أي المطلوب 20مصنعاً يقع منها 12 مصنعاً بإقليم القاهرة بمفرده، مع الأخذ في الاعتبار الفرق المالي والتكنولوجي .
    ويتطلب البرنامج الحكومي لإدارة المخلفات البلدية الصلبة في مصر توفير ما يزيد قليلاً على المليارين من الجنيهات المصرية، يستخدم أكثر من نصفها لرفع كفاءة عمليات الجمع والنقل وإنشاء المدافن الصحية وما تبقي لرفع التراكمات وإنشاء المحطات الوسيطة ومراكز التدوير. 
   والمطلوب تأسيس شركات وطنية تعمل في مجال جمع ومعالجة المخلفات الصلبة وتوفر مزيداً من فرص العمل للشباب، وكذلك إنشاء مراكز تدريب للمخلفات الصلبة وإعادة التدوير والتصنيع، مع رفع كفاءة المحليات للمساهمة بمسئوليتها في إدارة تلك المناجم الحضرية. وفي ذلك حل لخفض نسب التلوث البيئي وتحسين جودة الحياة والارتفاع بمستوي دخل الفرد وضبط إيقاع النمو العمراني. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا