التسميات

الأحد، 2 نوفمبر 2014

نحو تطوير مؤشرات للتنمية البشرية خاصة بالدول العربية ...





نحو تطوير مؤشرات للتنمية البشرية
خاصة بالدول العربية
كمال صالح - المساعد الفني للمدير العام
دائرة الإحصاءات العامة - المملكة الأردنية الهاشمية
 الملخص التنفيذي :
    أصبح قياس القدم المجتمعي أولوية ملحة في الوقت الحاضر وذلك لضمان الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة من جهة، والتعرف على مكامن الخلل في الجوانب الحياتية ليتسنى التعامل معها وإيصالها إلى مستوى تنموي مناسب من جهة أخرى.  ونظرا للتفاوت في المستوى التنموي بين الدول، فقد كان من الضروري إيجاد إطار للمؤشرات التي يمكن استخدامها لقياس المستويات التنموية للدول وإتاحة المقارنات الدولية.  وفي هذا المجال، فقد استحدث دليل التنمية البشرية وتبعه استحداث أدلة أخرى تستند في معظمها إلى عدد محدود من المؤشرات يشكل البعد الاقتصادي الجزء الأهم فيها.  كما ظهرت أطر أخرى لقياس التقدم المجتمعي كمؤشرات أهداف الألفية ومؤشرات التنمية المستدامة.  وعلى الرغم من تعدد أطر قياس التطور التنموي، إلا أنها لا تزال بحاجة إلى المزيد من التنقيح سواء بما يتعلق بأساليب اختيار مكونات الأدلة التنموية المستخدمة في قياس التقدم أو مدى مناسبتها للظروف المحلية وخصوصية الدول وأولوياتها الوطنية.  ولا شك أن إيجاد إطار متكامل لقياس التقدم المجتمعي هو أمر في غاية الأهمية لكافة الدول، حيث أن وجود هذا الإطار سيساعد في التعرف على جوانب القصور ومعالجتها من خلال   توجيه البرامج والخطط التنموية الهادفة لضمان توزيع أمثل للخدمات التنموية لتحسين المستوى المعيشي للسكان في المجتمع بكافة مكوناته وشرائحه.



1. مقدمة :
    أصبح موضوع التنمية البشرية الموضوع الأكثر استهدافا من قبل كافة الدول والمجتمعات وذلك لصلته الوثيقة بالعملية الكلية للإنتاج، ففي غياب التنمية البشرية لا يكون المجتمع قادرا على القيام بوظائفه الطبيعية في المجالات المختلفة.  وتتوقف عملية التنمية البشرية في أي مجتمع من المجتمعات على توافر العديد من العناصرالتي بدونها لا يتم الوصول الى المستويات المرغوبة للتنمية من جهة، ويظل المجتمع في مكانة متخلفة مقارنة بغيره من المجتمعات التي استغلت العناصر المتوافرة لتحقيق التقدم التنموي المطلوب من جهة أخرى. 
     وتعدد أشكال التنمية البشرية وتشتمل على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والصحية والثقافية وغيرها من الجوانب.  وترتبط الجوانب المختلفة للتنمية ببعضها البعض بشكل لا يتيح تطوير أحدها بمعزل عن الآخر، الأمر الذي يتطلب توفير الظروف المناسبة لتكون عملية التطوير عملية شاملة تستند إلى أسس علمية واضحة ومنهجية مجربة تتضمن آلية فعالة تتحكم بطبيعة العلاقات الحيوية بين الجوانب التنموية المختلفة.
     ولا شك أن قياس التقدم التنموي في أي مجال من المجالات يتطلب وجود أدوات للقياس تمكن من التعرف على مدى التقدم نحو الأهداف المرسومة التي تسعى الخطة التنموية إلى تحقيقها.  وتشتمل أدوات القياس عادة على المنتج الذي تم تحقيقه في كل مرحلة من مراحل التنفيذ، وكذلك على مؤشرات تتيح التعرف على مدى القرب من الهدف المرسوم.  وعليه، فإن اختيار مقياس التقدم التنموي يتطلب معرفة بالأوضاع المحيطة بكل مرحلة من المراحل التي تتضمنها الخطة التنموية.  وقد تختلف المقاييس والأدوات اللازمة لقياس التقدم تبعا لاختلاف طبيعة المراحل، كما قد يكون المقياس المستخدم لقياس التقدم في مرحلة ما غير صالح للاستخدام في مرحلة أخرى.

2. خلفية عامة :
     تضمن التقرير الأول للتنمية البشرية الذي نشر في عام 1990 مقياسا يعكس التنمية البشرية بشكل عام وعرف هذا المقياس بدليل التنمية البشرية (HDI).  ويتكون الدليل من ثلاثة عناصر رئيسية هي: مدة البقاء على قيد الحياة والمستوى التعليمي ومستوى المعيشة.  وقد تم تلخيص هذه الأبعاد الانسانية الواسعة –لأغراض القياس- بأدلة ثلاثة هي دليل توقع الحياة وقت الولادة، ودليل التعليم معبرا عنه بمعدل مشترك  يعكس معدل تعلم البالغين ومعدل الالتحاق في مراحل التعليم الأساسي والثانوي والتعليم العالي، ودليل المستوى المعيشي معبرا عنه بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي (محولا إلى الدولار باستخدام القوة الشرائية).  وبغض النظر عن أن الدليل هو دليل عام وتلخيصي يمكن استخدامه في أي دولة من الدول، فإنه أصبح بالإمكان التعرف على مكانة أي دولة من الدول من حيث درجة التنمية البشرية مقارنة بالدول الأخرى حسب الافتراضات التي استند إليها الدليل.
    وقد تم استنباط عدد من الأدلة بعد ذلك كدليل التنمية للنوع الاجتماعي ((GDI الذي قدم في عام 1995، واستخدم في حسابه نفس المتغيرات التي استخدمت في حساب دليل التنمية البشرية ولكن باختلافات بسيطة في توقع الحياة وقت الولادة والمستوى التعليمي والدخل لتعكس التباينات بما حققه الرجل والمراة في العناصر الرئيسية التي يتكون منها دليل التنمية البشرية.  وبشكل عام، فإن الدليل يتأثر بشكل قوي بالتباينات في المتغيرات المذكورة التي يتكون منها.  وعليه فإن الدليل يميل إلى الانخفاض إذا كانت التباينات كبيرة في التنمية البشرية المحققة لكل من الرجل والمرأة.
     وتم تقديم مقياس آخر في عام 1995 هو مقياس تمكين النوع الاجتماعي (GEM) الذي يعكس عدم المساواة بين الجنسين في الجوانب الاقتصادية والمشاركة السياسية واتخاذ القرارات.  وقد بني الدليل باستخدام متغيرات استنبطت بشكل واضح لقياس القوة النسبية التي حققها كل من الرجل والمرأة في المجالات الاقتصادية والسياسية.  ويأخذ المقياس بالاعتبار نسبة النساء في البرلمان، ونسبة النساء في المواقع الوظيفية الإدارية، ونصيبهن النسبي في المهن المتخصصة والفنية، بالإضافة إلى دخلهن مقارنة بدخل الرجال.  وعلى العكس من دليل التنمية للنوع الاجتماعي، فإن مقياس تمكين النوع الاجتماعي يظهر عدم المساواة في الفرص في بعض المجالات المختارة.
      كما تم استحداث دليل آخر هو دليل الفقر البشري (HPI) في عام 1997.  ويحتوي الدليل كمقياس تلخيصي خصائص متعددة للحرمان بهدف الوصول إلى دليل عام  للتعرف على الفقر في منطقة ما.  ويركز الدليل على الحرمان في ثلاثة جوانب حياتية تم تحديدها في دليل التنمية البشرية هي مدة الحياة والتعلم والمستوى المعيشي.  ويعكس الوجه الأول للحرمان فرصة البقاء على قيد الحياة من خلال الوفاة في عمر مبكر نسبيا، بينما يعكس الوجه الثاني للحرمان من المعرفة من خلال الاستبعاد من عالم التعلم والاتصال والتواصل، في حين يركز الوجه الثالث من الحرمان على عدم وجود مستوى معيشي مقبول من خلال التخصيص الاقتصادي الكلي. 
وقد تم تقسيم دليل الفقر البشري في عام 1998 إلى دليلين هما: دليل الفقر البشري الأول HPI-1 الذي يستخدم لقياس مدى انتشار ظاهرة الفقر في الدول النامية ودليل الفقر الثاني HPI-2 الذي يستخدم لقياس الفقر في الدول المتقدمة.  ولا شك أن هذه المقاييس - بعضها لا يزال مجالا للتطوير والتحسين- قد وفرت إمكانيات أكثر عمقا لدراسة أوضاع التنمية البشرية من خلال توسيع الأبعاد المتعلقة بالخيارات والقدرات البشرية من جهة، والأبعاد المتعددة للحرمان والتي منها الفقر والأوضاع الصحية الخطرة والأمية والفقر البيئي.

الجدول 1 دليل التنمية البشرية HDI ودليل التنمية للنوع الاجتماعي GDI ودليلي الفقر البشري الأول
HPI-1 والثاني HPI-2
الدليل
مدة الحياة
المعرفة
المستوى المعيشي
المشاركة او الاستبعاد
HDI
توقع الحياة وقت الولادة
1.      معدل تعلم البالغين
2.      معدل الالتحاق الإجمالي
دخل الفرد المعدل بالدولار العالمي

GDI
توقع الحياة وقت الولادة
للذكور والاناث
1.      معدل التعلم للبالغين الذكور والإناث
2.      معدل الالتحاق المشترك للذكور والإناث
نصيب الإناث والذكور من الدخل

HPI-1
نسبة السكان الذين لا يتوقع أن يظلوا على قيد الحياة حتى العمر 40 سنة
معدل الأمية
1.    نسبة السكان الذين لا يحصلون على مياة نقية ولا على الخدمات الصحية
2.    نسبة الأطفال ناقصي الوزن في أعمار دون الخامسة

HPI-2
نسبة السكان الذين لا يتوقع ان يظلوا على قيد الحياة حتى العمر 60 سنة
معدل الأمية الوظيفي
نسبة السكان تحت خط الفقر للدخل (نسبة السكان دون وسيط الدخل)
البطالة طويلة الأمد (سنة فأكثر)

3. منطقية مؤشرات القياس :
      على الرغم من التغيرات التي شهدها العالم خلال النصف الثاني من القرن الماضي في كافة الجوانب، إلا أن هذه التغيرات لم تكن متساوية في قوتها في كافة المناطق وذلك للعديد من الأسباب والتي من أهمها الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.  كما لعبت الأسباب ذاتها وفي معظم الأحيان دورا كبيرا في الحد من انتقال تأثير تلك التغيرات من المناطق التي حدثت فيها إلى المناطق الأخرى.  وكان للاختلاف الجوهري بين المجتمعات من حيث طبيعتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أثر كبير في قابليتها للتفاعل والتأثر بالتغيرات الخارجية.  وارتبط بطؤ أو تسارع التفاعل مع التغيرات الخارجية بقوة أو ضعف الأسباب التي أشرنا اليها. 
    لا شك أن لكل منطقة من المناطق خصوصية معينة تجعلها مختلفة عن المناطق الأخرى إما بشكل كلي أو جزئي.  وتشكل المنطقة العربية منطقة ذات طبيعة اجتماعية واقتصادية وثقافية واحدة تختلف عن باقي المناطق الأخرى في العالم.  وقد اتصفت هذه المنطقة منذ زمن ليس بالقصير بخصائص جعلتها ذات طبيعة مميزة سواء من حيث طبيعة اقتصادها أو تركيبها الاجتماعي أو إرثها الثقافي، وذلك لبقائها لفترات زمنية طويلة وحدة سياسية واحدة تتفاعل كافة أجزائها دون قيود.  ولما كانت التنمية البشرية ذات علاقة بالانسان الذي يشكل هدفها الأخير، فإن الإنسان في المنطقة العربية هو عرضة لتأثير كافة العوامل التي أشرنا إليها أعلاه. 
   وكما بينا سابقا من أن مقاييس التقدم نحو تحقيق التنمية تختلف من مرحلة لأخرى تبعا لاختلاف المراحل وطبيعتها، فإن المؤشرات التي تستخدم في قياس التنمية الكلية قد تختلف أيضا تبعا لاختلاف المنطقة وطبيعتها الكلية التي تتشكل نتيجة لتفاعل مجموعة متشابكة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية والسياسية والثقافية وغيرها من العوامل.  وعليه فإن اختلاف هذه العوامل قد يشكل عائقا أمام استخدام المؤشرات المختارة التي قد تكون صالحة لقياس التنمية البشرية في منطقة ما وغير صالحة لقياسها في مناطق أخرى.
وعلى الرغم من تضمن دليل التنمية البشرية مؤشرات اجتماعية واقتصادية وديموغرافية إلا أنه لم يتضمن مؤشرات تتعلق بجوانب أخرى قد يكون لها تأثير مباشر على التنمية البشرية والتي تعكس الجوانب المعيشية والمستوى الحياتي والتي منها على سبيل المثال مؤشرات الفقر والرفاه والبيئة وغير ذلك من مؤشرات.  كما تضمن دليل التنمية البشرية مؤشرات تمثل وحدات قياس مختلفة كالنسب والأعداد المطلقة.

1.3 استخدام الناتج المحلي الإجمالي :
   إن استخدام الناتج المحلي الإجمالي كعنصر من عناصر دليل التنمية البشرية يطرح العديد من التساؤلات، حيث أن من المعروف أن هذا المؤشر هو مقياس تلخيصي يعكس حجم الاقتصاد في منطقة ما، ويفترض توزيعا متماثلا للناتج المحلي الإجمالي على كافة الأفراد في المجتمع دون تمييز حسب الخصائص الخاصة بالأفراد سواء الديموغرافية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.  ولما كان الهدف من احتساب دليل التنمية البشرية هو قياس الرفاه في الجوانب المعيشية فإن التساؤل الرئيسي هو مدى قدرة مؤشر الناتج المحلي الإجمالي على قياس الرفاه بمفهومه العام في المجتمع. 
    كما أن التساؤلات تظل قائمة حول العلاقة بين نمو الناتج المحلي الإجمالي وبعض الظواهر التي تسود في بعض المجتمعات كظاهرتي الفقر والبطالة اللتان تشكلان التحدي الأكبر أمام كافة الدول النامية.  وقد يكون من المفيد طرح بعض التساؤلات والتي منها ما يلي: هل تنخفض نسبة الفقر إذا ما ارتفع حجم الناتج المحلي الإجمالي؟.  إن الإجابة على هذا التساؤل تظل غير واضحة وغير قاطعة وذلك لأن مكونات الناتج المحلي الإجمالي قد لا يمكن تفصيلها بشكل دقيق لقياس مدى تأثيرها على الجوانب المعيشية للفقراء.

أما التساؤل الثاني فهو: هل يعني ارتفاع حجم الناتج المحلي الإجمالي انخفاض معدلات البطالة؟.  إن الإجابة على هذا التساؤل هي أمر في منتهى التعقيد وذلك لأن ظاهرة البطالة هي ظاهرة ذات أبعاد متعددة، حيث أنها تأخذ الطابع الاقتصادي والاجتماعي وغيرهما من أبعاد.  ولا شك أن زيادة حجم الاستثمارات قد يكون لها أثر فعال في تخفيض معدلات البطالة إذا تم توجيه تلك الاستثمارات لإنشاء مشاريع تعتمد على الأيدي العاملة مما يساعد في الحصول على فرص العمل للباحثين عنه، وقد لا يكون للاستثمارات  تأثير ملموس على معدلات البطالة إذا ما كانت موجهة نحو إنشاء مشاريع تعتمد بشكل رئيسي  على التقنيات المتقدمة التي لا تحتاج إلى أيد عاملة كثيفة وتشترط توافر مهارات عالية للعاملين في مجالات محددة أو تلك الأنشطة التي تدار من قبل عدد محدود من العاملين كالأنشطة العقارية. 

ولا تتأثر ظاهرة البطالة بالاستثمارات فقط، وإنما تتأثر أيضا بمستويات الأجور السائدة، حيث أشارت العديد من الدراسات إلى عزوف المتعطلين عن العمل عن القبول بفرص العمل المتاحة إذا كانت الأجور لتلك الفرص متدنية ولا تلبي طموح الباحثين عن العمل، الأمر الذي يبقي معدلات البطالة على حالها دون انخفاض على الرغم من توسع سوق العمل وتشعب أنشطته.  وهناك العديد من العوامل الاجتماعية التي قد تحول دون إحداث انخفاض في معدلات البطالة وخاصة بين الإناث إذا ما كانت الاستثمارات مركزة في مناطق معينة يصعب الوصول إليها من قبل الإناث لاعتبارات عائلية أو تقاليد وعادات لا تسمح بابتعاد المرأة عن أسرتها لفترات طويلة. وقد يكون لطبيعة الاستثمارات أثر أيضا على عدم إحداث التغير في معدلات البطالة إذا ما كانت هذه الاستثمارات ممولة من قبل جهات خارجية تشترط إحضار العمالة من خارج البلاد مما لا يؤدي إلى انخفاض في معدلات البطالة غالبا. 

أما التساؤل الثالث فيتعلق بالعلاقة بين ارتفاع حجم الناتج المحلي الإجمالي ونسبة الفقر التي تعاني منها معظم الدول بدرجات متفاوتة.  ويتمثل هذا التساؤل حول العلاقة بين المتغيرين في مدى تأثير زيادة الناتج المحلي الإجمالي على انخفاض نسبة الفقراء في المجتمع. ولا شك أن ارتفاع حجم الناتج المحلي الإجمالي لدولة ما لا يعني بالضرورة أن نسبة الفقراء قد انخفضت أو أنها ستنخفض نتيجة هذا الارتفاع، كما أنه ليس بالضرورة أن تنعكس زيادة الناتج المحلي الإجمالي بشكل ايجابي على الجوانب الحياتية الأخرى كالجوانب الاجتماعية والصحية وغيرها.   

وتشير الدراسات إلى أن النمو في الناتج المحلي الإجمالي ليس شرطا كافيا لتخفيض نسبة الفقر وذلك لأن الأسباب الكامنة وراء ظاهرة الفقر هي أسباب متعددة ومنها وجود البطالة على سبيل المثال، حيث أن المصادر التي ساهمت في الناتج المحلي الإجمالي وتوزيع الفوائد المترتبة على النمو في تلك المصادر هي العامل الأهم في إحداث التغير المطلوب في نسبة الفقر وتخفيض نسبة الفقراء.  كما أن هناك العديد من المتغيرات التي ترتبط بظاهرة الفقر والتي تشتمل على مجموعة كبيرة من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية كخصائص الأسرة وأفرادها والتعليم ومستوى الأجور ونوع النشاط الاقتصادي الممارس وقطاع العمل وقانونية العمل (منظم أو غير منظم) وملكية الثروة المتمثلة بالأراضي والعقارات وغيرها وما إلى ذلك من متغيرات.
 ولا يعني ما أوردناه أعلاه أن الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي لا تساهم في انخفاض نسبة الفقر مطلقا، بل تساهم فيه ولكن بشكل غير مباشر وذلك من خلال الإجراءات التي يتم اتخاذها في إطار السياسات والخطط الاقتصادية والاجتماعية الهادفة للحد من انتشار الظاهرة أو تفاقمها من خلال برامج التشغيل واستحداث فرص العمل وتمويل المشاريع الذاتية البسيطة للأفراد والأسر وغير ذلك من إجراءات.  ولظاهرة الفقر انعكاسات خطيرة على الجوانب الحياتية للأفراد والمجتمعات وخاصة على الجانب الصحي، حيث بينت الدراسات انخفاض توقع الحياة وقت الولادة بين الفئات السكانية الفقيرة نتيجة لعدم قدرة الأسر على تلبية احتياجات أفرادها من الغذاء والمسكن المناسب وما إلى ذلك من احتياجات. 
وتعاني تقديرات الناتج المحلي الإجمالي من العيوب وخاصة في الدول التي يشكل فيها القطاع الاقتصادي غير المنظم نسبة كبيرة من حجم الاقتصاد.  وتكمن الصعوبة في حصر مساهمة القطاعات الاقتصادية غير المنظمة في الناتج المحلي الإجمالي سواء من حيث القيمة المضافة أو الضرائب أو غيرها من العناصر التي تدخل في حساب الناتج المحلي الإجمالي.  ويشكل تقدير مساهمة المرأة في الناتج المحلي الإجمالي تحديا آخر أمام العاملين في الحسابات القومية وخاصة في الدول التي تواجه صعوبة في تغطية المشاركة الاقتصادية الاقتصادي للمرأة.

4. مؤشرات أهداف الألفية :
تشكل مؤشرات الألفية إطارا عالميا لقياس التقدم في المجالات المختلفة، حيث غطت هذه المؤشرات عددا من الجوانب التي لها مساس بالمستوى المعيشي للسكان.  وعلى الرغم من تعدد المؤشرات إلا أن الإطار لا يزال بحاجة إلى مزيد من التطوير ليشتمل على مؤشرات تعكس بوضوح الواقع العملي للمجتمعات.

وقد تضمن إعلان أهداف الألفية تحديد إطار زمني للوصول إلى الأهداف المرسومة وذلك بحلول العام 2015.  وعليه فإن الاختلاف بين دليل التنمية البشرية ومؤشرات أهداف الألفية هو اختلاف جوهري سواء من حيث المؤشرات المستخدمة في الإطارين أو في البعد الزمني أو في الأهداف الرئيسية.  ويشكل توفير المؤشرات التي تضمنها إعلان أهداف الألفية بشكل مستمر عبئا على الدول وخاصة النامية منها، حيث يستلزم توفير العديد من المؤشرات تنفيذ دراسات إحصائية لجمع البيانات التي يتطلبها حساب المؤشرات إما بأسلوب العينات أو المسح الشامل.  ويشكل إجراء الدراسات الإحصائية من مسوح وتعدادات لتوفير البيانات اللازمة لحساب مؤشرات أهداف الألفية تحديا حقيقيا أمام الأجهزة الإحصائية التي تعاني أصلا من نقص الموارد المالية بشكل أساسي، إلى جانب الصعوبات التي تواجهها في تلبية الاحتياجات المستجدة والروتينية لمستخدمي البيانات ومتخذي القرارات.
ونظرا لتعدد مصادر البيانات التي يستند إليها حساب مؤشرات أهداف الألفية، فإن التحديات تظل قائمة نظرا للتفاوت الجوهري في دقة البيانات من المصادر المختلفة.  وتعاني المصادر المختلفة للبيانات في الدول النامية من العديد من العيوب كعيوب التغطية واختلاف المنهجيات بين المصادر واختلاف التعاريف والتصانيف واختلاف الدورية.  ولا شك أن لهذه العيوب انعكاسات سلبية على البيانات المنتجة من قبل المصادر المختلفة من جهة، وعلى المؤشرات المحسوبة من تلك البيانات من جهة أخرى.  وتشكل التباينات في دقة المؤشرات المنتجة في الدول المختلفة عقبة حقيقية أمام إجراء المقارنات الدولية نظرا للشكوك المشروعة في مدى دقتها وواقعيتها.
ولا يقتصر الأمر على ما أوردناه أعلاه بشأن الصعوبات في الحصول على المؤشرات المطلوبة وضمان دقتها وواقعيتها، وإنما يتعداه إلى النقص الواضح في المعلومات الداعمة لتلك المؤشرات والتي تتضمن مصادرها ومنهجياتها وتعاريفها وما إلى ذلك من معلومات توضيحية تساعد المستخدمين في الحصول على صورة واقعية عن الأوضاع السائدة في الجوانب التي تضمنها إعلان أهداف الألفية.
وتواجه الدول النامية مصاعب جمة في تحقيق تقدم نحو الأهداف المعلنة للألفية بحلول عام 2015 وذلك للعديد من الأسباب والتي منها ما يلي:
· نقص الإمكانات اللازمة لتحقيق بعض الأهداف الفرعية سواء كانت الإمكانات المالية أو البشرية
· غياب الآليات اللازمة لرصد التقدم نحو تحقيق أهداف الألفية، كخرائط الطريق التي تعتبر أدوات ضرورية لتحديد المسارات نحو تحقيق أهداف الألفية
· عدم إدماج أهداف الألفية ضمن الخطط التنموية في الكثير من الدول
·  غياب التنسيق بين القطاعات المعنية في المجالات المختلفة ذات الصلة بالأهداف المختلفة التي تضمنها إعلان الألفية
·  عدم الالتزام الجدي لدى المستويات العليا في بعض الدول نحو تحقيق الأهداف التي تضمنها إعلان الألفية
ولا شك أن المصاعب المذكورة أعلاه سيكون لها انعكاسات سلبية على مسيرة التقدم نحو تحقيق الأهداف التي تضمنها إعلان الألفية ضمن الإطار الزمني المحدد وذلك لتنوع طبيعة تلك الصعوبات، الأمر الذي يترتب عليه اتخاذ إجراءات مختلفة تتلاءم مع طبيعة الصعوبات من جهة، وإتباع آليات متنوعة للحد من الصعوبات أو إزالتها بشكل كلي من جهة أخرى.  ويؤدي وجود مثل هذه الصعوبات إلى بروز صعوبات أخرى، منها ورود خانات فارغة لبعض المؤشرات غير المتوافرة في التقارير الوطنية والدولية التي يتم إعدادها لرصد التقدم نحو تحقيق أهداف الألفية. 
وقد تلجأ بعض الدول إلى سد الثغرات في سلسلة المؤشرات المتعلقة بأهداف الألفية وذلك باستخدام الأساليب الرياضية والإحصائية للتقدير التي تعتمد على الأساليب الخطية، الأمر الذي يجب التعامل معه بحذر نظرا لأن التغير في قيم المؤشرات (في معظمها مؤشرات اجتماعية) يعتمد بشكل كبير على الإجراءات التي تتضمنها السياسات في المجالات المختلفة، وكذلك على التغيرات في مجموعة متشابكة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.  
ونظرا للتفاوت التنموي بين الدول، فقد يكون من الضروري مراجعة قائمة المؤشرات المتعلقة بأهداف الألفية بهدف تنقيحها واستبعاد المؤشرات التي لا تنطبق على دول معينة أو إقليم معين، حيث أن بعض الظواهر السلبية التي قد تسود في منطقة ما قد لا تكون سائدة في منطقة أخرى منذ زمن بعيد (مثال ذلك انتشار الملاريا والوفيات الناجمة عنها).
إن البيانات المتعلقة ببعض المؤشرات الموصى بها كمؤشرات لأهداف الألفية كنسبة الفقر على سبيل المثال تختلف في مفهومها من دولة لأخرى، مما يستوجب تفسيرها والتعامل معها بكثير من الحذر وذلك لأن قياس الفقر وتقدير مستوياته ليس متماثلا بين الدول.  وحتى في الدولة الواحدة قد لا يكون الأسلوب لقياس ظاهرة الفقر أسلوبا واحدا وإنما يعتمد على التقديرات المختلفة للباحثين.  وتحتاج المعلومات المتعلقة بالفقر في الدول المختلفة إلى العديد من التصحيحات لتصبح قابلة للمقارنة الدولية.  وحتى عند القيام بالتصحيح فإن الافتراضات التي بنيت عليها التصحيحات قد لا تكون مناسبة وقد يعتريها الكثير من العيوب وتكون عرضة للنقد من قبل الباحثين ومستخدمي البيانات.  وتنبع صعوبة إجراء المقارنات الدولية بما يتعلق ببيانات الفقر مما يلي:

1.  إن مفهوم الدخل المستخدم لتحديد مستويات الفقر قد يختلف من دولة لأخرى.  ففي كثير من الأحيان قد يتم استثناء الدخل المتأتي من التحويلات - ليس فقط الأموال التي يرسلها أفراد الأسرة الذين يعيشون في الخارج ولكن أيضا التحويلات التي تتم ضمن حدود الدولة الواحدة.  كما قد تستبعد أحيانا قيم السلع المنتجة ذاتيا من قبل الأسر، وقيم السلع الزراعية التي تستهلكها الأسر المنتجة لها، أو يتم تقدير قيمها بمبالغ رمزية، كما قد يتم استبعاد القيم التقديرية لإيجارات المساكن التي تملكها الأسر المقيمة فيها.  وعليه فإن تقدير نسب الفقر يكون أعلى من الواقع ويميل في كثير من الأحيان إلى المبالغة.
2.  عدم تسجيل الدخل في المسوح بالعينة لأسباب مختلفة منها رفض الأسرة الإدلاء عن الدخل أو غياب الأسرة أو عدم وجود شخص مؤهل للإدلاء عن الدخل.
3.   تخصيص تغطية المسوح بالعينة لمناطق جغرافية معينة واستثناء بعض المناطق التي قد تكون فقيرة.
4. تستند بعض تقديرات الفقر على دخل الأسرة، في حين يستند البعض الآخر على دخل الفرد، وعليه فإن الحسابات قد تختلف تبعا لاختلاف أسلوب التقدير المتبع.
5.  تتباين البيانات من المسوح المنفذة في نوعيتها تبعا لأسلوب جمعها ومعالجتها وتحليلها من دولة لأخرى.
6. عدم إتباع الدورية اللازمة في تنفيذ المسوح التي تستند إليها حسابات الفقر، كما أن عدم تنفيذ المسوح في أشهر محددة كل مرة قد يؤثر على النتائج المتحصل عليها بسبب التأثيرات الموسمية.
7.    قد يكون للتغييرات في المنهجيات في تنفيذ المسوح أثر على النتائج المتحصل عليها من تلك المسوح.
وبناء على ما سبق، فإن تطوير المؤشرات لقياس التقدم التنموي للمجتمعات يتطلب إيجاد إطار عمل متكامل يتضمن آليات واضحة تعكس العلاقات التبادلية بين المؤشرات مما يساعد في فهم اتجاهاتها، الأمر الذي يمكن من توجيه البرامج والخطط نحو الجوانب التي تحتاج إلى التطوير.  ومن المعروف أن العديد من المؤشرات ترتبط بشكل مباشر مع مؤشرات أخرى مما يجعل من الصعب تحسينها دون تحسين المؤشرات المؤثرة فيها. 
وعليه، فإن إيجاد إطار متكامل من المؤشرات التي تعكس الجوانب الحياتية المختلفة للمجتمع هو أمر في غاية الأهمية وذلك لأن العملية التنموية هي عملية كلية يصعب تجزئتها أو تفعيل جانب من جوانبها دون النظر إلى  الجوانب الأخرى.  من هنا، فإن تبني مقاييس محددة لقياس التقدم التنموي للمجتمعات وتعميمها قد لا يكون هو الأسلوب الأمثل نظرا لاختلاف مكامن الخلل في الجوانب الحياتية للمجتمعات من جهة، وتباين القدرات والإمكانات المتاحة لدى المجتمعات من جهة أخرى.
ومن الضروري أن يؤخذ البعد الإقليمي والخصوصية الوطنية والأولويات الوطنية بالاعتبار أثناء إعداد الإطار وذلك تجنبا للثغرات التي قد تظهر عند التطبيق العملي.  وقد بينت التجارب المتكررة لتطبيق الأطر الدولية للمؤشرات غياب قيم العديد من المؤشرات التي تضمنتها تلك الأطر للعديد من الدول وذلك للأسباب التالية:
·  غياب الدورية اللازمة للحصول على المؤشر نظرا لعدم توافر المخصصات المالية اللازمة لجمع البيانات
·  عدم مناسبة المؤشر للمنطقة
·  عدم الحاجة إلى حساب المؤشر لعدم وجود الظاهرة المراد قياس مؤشراتها
·  عدم الدقة في حساب المؤشرات، إما بسبب العيوب في البيانات أو عدم إتباع منهجيات موحدة
·  عدم اتساق قيم المؤشرات وتذبذب قيمها في النقاط الزمنية المختلفة، وذلك بسبب الاعتماد في حسابها على مصادر مختلفة للبيانات دون الأخذ بالاعتبار التباينات في واقعية ودقة البيانات ومنهجيات جمعها
·  وجود ثغرات غير منطقية لدى مقارنة قيم المؤشرات المختلفة، حيث أن العلاقات بين  المؤشرات هي علاقة سببية إذ تنحصر قيم مؤشرات معينة ضمن مدى محدد بناء على قيم مؤشرات أخرى (مثال ذلك العلاقة الحيوية بين معدل وفيات الأطفال الرضع وتوقع الحياة وقت الولادة)
·  وجود قيم لا تتصف بالمصداقية لبعض المؤشرات نتيجة لإتباع أساليب خطية في تقديرها
·  غياب قواعد المؤشرات الوطنية المحدثة في كثير من الدول
·  إتباع معايير وتعاريف مختلفة للمؤشرات بين الدول
· غياب المعلومات المساندة للمؤشرات التي تبين تعريف ومنهجية قياس المؤشر ومصدره وأخطاء التقدير إذا استند إلى العينة والتغطية الجغرافية للمؤشر وما إلى ذلك من معلومات
وقد أدى تعدد الجهات الدولية التي تتعامل مع المؤشرات، وعدم التنسيق بين تلك الجهات إلى عدم وضوح الأولويات المتعلقة بالمؤشرات، فالمؤشرات التي تعتبر ذات أولوية لجهة دولية معينة قد لا تكون كذلك بالنسبة لجهة دولية أخرى.  كما أدى كذلك إلى زيادة العبء على الأجهزة الإحصائية التي أصبحت موزعة الجهود بين الاحتياجات الوطنية واحتياجات الجهات الدولية. ويشكل تزايد الطلب على البيانات والمؤشرات بأنواعها سواء محليا أو دوليا تحديا يواجه معظم الأجهزة الإحصائية العربية، حيث تسعى هذه الأجهزة إلى تلبية الاحتياجات المتنوعة من البيانات والمؤشرات في ظل نقص جوهري في الموارد المالية والبشرية.

التوصيات
ان البحث في مؤشرات قياس التقدم ورصد العملية التنموية قد بين العديد من القضايا التي يجب أخذها بالاعتبار لتكون عملية الرصد والقياس عملية مجدية وحقيقية، ولعل من اهم القضايا الملحة في هذا المجال ما يلي:

· إن الادلة المستخدمة في قياس التقدم في الدول العربية لا تعكس حقيقة ذلك التقدم نظرا لانها تتضمن مؤشرات لا تنطبق على الاوضاع في تلك الدول.
·  هناك حاجة ماسة لاستحداث ادلة لقياس التقدم في الدول العربية تأخذ بالاعتبار الظروف الخاصة بتلك الدول.
·  إن تضمين الادلة الحالية بعض المؤشرات التي لا تعكس الاوضاع السائدة قد جعل تلك الادلة ادوات غير صالحة للمقارنة بين الدول وذلك لتأثيرها على الترتيب العام للدول حسب قيم الدليل المستخدم.
·        ضرورة مراجعة الاهمية النسبية للمؤشرات التي يتضمنها دليل التنمية البشرية وخاصة الاهمية النسبية لدليل التعلم.
·  هناك حاجة ماسة للتنسيق بين الهيئات والمنظمات الدولية من جهة وبين الدول للوصول إلى الأدلة المناسبة لرصد التقدم التنموي وقياسه لتلافي العيوب المتنوعة التي تعانيها الأدلة الحالية.
· ضرورة استخدام المعايير الدولية في حساب المؤشرات المختلفة لتلافي التضارب المحتمل في حساب المؤشرات في الحلات التي لا يتم فيها استخدام المعايير الدولية.
·   ضرورة التأكد من دقة المؤشرات المستخدمة قبل اجراء المقارنات الدولية.

·  ضرورة رفد المؤشرات بالبيانات الداعمة (METADATA) ، مما سيساعد في التعرف على مدى صلاحية المؤشرات ودقتها.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا