التسميات

السبت، 7 مايو 2016

النمو العمراني وتغير ملامح تركيب المدينة المنور - أ. د. محمد شوفي بن إبراهيم مكي ...


النمو العمراني وتغير ملامح تركيب المدينة المنورة 

أ. د. محمد شوفي بن إبراهيم مكي 
مقدمة :

  يهدف هذا البحث إلى التعرف على مراحل نمو المدينـة المنـورة لإيـضاح العوامل المؤثرة في هذا النمو ومقدار تغيير هذا النمو للوجه الحـضاري للمدينـة . وهناك عدة جوانب مهمة في دراسة هذا التطور : نمو المدينة خلال الــ ٣٠ سـنة الماضية، و فحص طبيعة التركيب العمراني الحاضر للمدينة . من الفقرتين الـسابقتين يمكن التعرف على مقدار تأثر التركيب التقليدي للمدينة . إن فهم هذه الجوانب يمكـن أن يقود إلى تحسين تخطيط وإدارة المدينة ضمن عملية التمدن الحديث مع الحفـاظ على التراث الحضاري في تركيب ووظائف المدينة المنورة.

النمو العمراني بالمدينة المنورة :

  إن النمو الطبيعي وتغير ملامح المدينة أصبح أكثر وضوحاً منذ الخمـسينات من هذا القرن العشرين (السبعينات من القرن الرابع عشر الهجري ، ) خاصـة منـذ بداية مشروع التوسعة السعودية للحرم النبوي الشريف . فالمدينة المقدسة هي المؤثر الرئيسي على حياة كل المدينة منذ عهود بعيدة . فمنذ حياة الرسول صـلى االله عليـه وسلم (٦٣٣-٦٢٢ ) م كان الحرم هو المركز الذي نمت حوله المدينة وتركزت حوله النشاطات التجارية والمهنية والتي ازدهرت بزيادة الأهمية الدينية لقلـب المدينـة، وخاصة جذب ه للحجاج في موسم الحج وما يسببه ذلك من زيادة النشاط الاقتـصادي وبالذات مع زيادة عدد الحجاج الكبيرة خلال الـ ٣٠ سنة الماضية . ولهذا ظهـرت الحاجة الماسة لتوفير السكن والخدمات للحجاج المتزايدين .وكانت توسعة الحرم أحد المساهمات الرئيسية التي قامت بها الحكومة السع ودية لخدمة الحجاج. وقد كان هـذا عاملاً هاماً جداً في التأثير على التركيب العمراني لمركز المدينة المنورة .

توسعة الحرم بين سنوات ١٩٥٥-١٩٥٠ م

  حتى الأربعينات من هذا القرن كانت مساحة المدينة المنورة تبعـاً لمـا رواه فلبي تقدر بـ ١,٤كم٢ ، وقد شغلت المنطقة المركزية (المنطقة الدينيـة والتجاريـة ) نحو ٢٠٪ من هذه المساحة . وفي هذه المدينة القديمة وزع السكان بطريقة معقولـة وبما يحقق سهولة الاتصال بالحرم النبوي الشريف . 

   وقد تشعبت معظم الطرق الرئيسية لتقود للأحياء السكنية المختلفة من منطقـة الحرم وغالباً ما واجهت هذه الطرق الرئيسي ة أحد أ بواب الحرم . فمثلاً شارع بـاب المجيدي واجه البوابة الشمالية للحرم، وشارع العين ية واجه باب السلام في الغـرب . ومن هذه الشوارع الرئيسية تشعبت الطرق الفرعية والأزقة التي اخترقت الأحيـاء المختلفة. وكان البناء أحياناً يجاور ويلاصق الحرم كما كان الحـال فـي المنطقـة الجنوبية (جهة القبلة ،) حيث لا توجد أبواب للحرم في هذا الجانب . وقد أظهر مركز المدينة نوعاً من الانسجام الفائق بين أماكن السكن وأماكن العمل .

 ولعل من أحد الأمثلة لتطوير التسهيلات في المدينة و ه توسعة الحرم النبوي بين سنوات ١٩٥٥-١٩٥٠. وقد كانت وزارة المالية والاقتصاد الوطني هي الجهـة المسئولة عن هذه التوسـعة حيـث زادت مـساحة الحـرم مـن ١٠٣٠٣م٢ إلـى ١٦٣٢٧م٢ . وبالإضافة إلى هذا هدمت بعض المباني المجاورة للتوسـعة الـسابقة وذلك لتسهيل الوصول وإنشاء الميادين حول الحرم . وقد كانت هذه المبـاني تـشغل مساحة ١٦٢٣١م٢ . كما تم بناء ٦٢٤٧م٢ من الحرم القديم. وهذا يعني بقـاء ٣٩٪ فقط من الطراز التقليدي السابق . على أي حال فمع أن هذه التوسعة للحرم لم تكـن كبيرة إلا أنها دفعت المنطقة المركزية بوظائفها التجاريـة لاحـتلال أراض جديـدة جنوب وشرق وغرب حدودها السابقة . وقد نتج عن هذا التوسع تحول ملحوظ فـي استخدامات الأرض المركزية وتوزيع السكان . فقد هدم الكثير من المباني الـسكنية لإتاحة المكان للشوارع الجديدة والميادين والمتاجر والأسواق مثل سـوق الخـضار الجديد في ذلك الوقت عند الحدود الجنوبية للمنطقة المركزية . كما حولت أجزاء من المنازل السكنية السابقة لمتاجر.

   وقد ذكرت بعض الدراسات أن ما هدم في هذه التوسعة كـان ٢٠٠ منـزل و١٠٠ متجر . ولا توجد في الواقع أي معلومات عن عدد العوائـل أو الأشـخاص الذين رحلوا من هذه المنطقة ولكن إذا سلمنا بأن حجم العائلة في المدينة هو خمـس أشخاص، فإن السكان الذين احتاجوا إلى إعادة إسكان يكو ن قـد بلـغ نحـو ١٥٠٠ شخص و . على اعتبار سكن عائلة واحدة في كل منزل ، وتأجير نصف عدد المنـازل على الأقل لعوائل أخرى تكون المنطقة جاذبة لضعف العدد الـسابق لقربهـا مـن الحرم. ولكن الرقم الحقيقي ربما كان أكثر من ذلك لأن مشاريع البلدية التي حـدثت في نفس الفترة لتنظيم المن طقة أدت إلى هدم المزيـد مـن المبـاني . فإحـصائيات تراخيص البناء الصادرة من بلدية المدينة بلغت ٤٢٠ رخصة فـي سـنة ١٩٥٦م، بمعنى أنها أكثر مما تطلبه مشروع الحرم .

  ومع أن توسع المدينة على الحواف كـان ملحوظـاً إلا أن الحاجـة لإيـواء الحجاج الذين يرغبون دائماً في السكن قرب الحرم زاد من الطلب على الأرض في المنطقة المركزية . وبالتالي نتج عن هذا نمو رأسي مكثف في المركز حيث ظهـرت المباني بأربعة إلى ستة أدوار وربما أكثر، مع أنه قبل الستينات لم تعـرف المبـاني بأكثر من أربعة أدوار في المدينة . وقد نتج عن هذا الوضع المتغير وخـط الأفـق الجديد فصل الحرم بطرازه الإسلامي الرائع عن بقية المدينة القديمة وزاد من هـذا الفصل بناء الطرق الدائرية الجديدة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا