التسميات

الخميس، 5 مايو 2016

الفساد الاجتماعي : دراسة في جغرافية ومناخات الفعل الإجرامي النسائي - أ.د. إسماعيل قـيرة ...


الفساد الاجتماعي

دراسة في جغرافية ومناخات الفعل الإجرامي النسائي 

أ.د. إسماعيل قـيرة


من الفصل الأول : تأملات في تضاريس الواقع الاجتماعي - جامعة 20 أوت 1955- سكيكدة :

 http://www.univ-skikda.dz/doc_site/revues_SH/article11(2).pdf


   مالت معظم المقالات والتقارير الصحفية الصادرة في السنوات الأخيرة إلى استخدام عبارة الفساد الاجتماعي، للدلالة على تزايد منحنى انتهاك قواعد المجتمع، وتفسح منظومة القيم الاجتماعية ونهب المال العام، فضلا عن إثارة القلاقل والفوضى، " وتعريض" المجتمع لعدم الاستقرار، "و القيل والقال" من أجل النيل من هيبته ومكانته .

  والمتصفح لهذه المقالات والتقارير يستطيع أن يستشف على الفور إلى أي مدى تنوعت الصور التي قدمت عن هذا الفساد الذي استشرى كالطاعون الذي أصبح "يرهب" الصغير قبل الكبير .

   إنها تلك الصور القاتمة التي أصبحت تلون واقعنا وتعرضه لمزيد من عدم الاستقرار،بسبب تصاعد موجة الاختلاسات والرشاوي، تفاقم جرائم الفساد (الإداري، الاقتصادي والسياسي) والكسب غير المشروع،ضمور القيم والمبادئ السامية،تدفق قيم الفساد والانحراف والخيانة والخبث الاجتماعي بشتى صوره وأشكاله .

   في سياق هذا التحول المليء بالتناقضات والصراعات والاختلالات الهيكلية، تؤكد الشواهد الواقعية أن اتساع نطاق ما يتداوله الناس في مجالسهم عن سرطنية ظاهرة الفساد،يوحي بتنامي معدلات التذمر والقلق،الاحتقان الاجتماعي، فقدان المواطن ثقته في هيبة القانون .

   ولاغرو إذن أن يقترن صعود فئة المفسدين و"المسنودين" وانتشارهم في كل مناحي الحياة،بزيادة ضعف ثقة الأفراد في المؤسسات،وخلق حالة من الخوف والريبة في كل ما هو آت . 

  ولقد صاحب هذا الانهيار في النسيج المعياري للمجتمع،صعود الحثالة الاجتماعية والمتسقلين (غير المؤهلين) الذين نشروا ثقافة "حوص حوص". وليس من الغريب أن تصبح هذه الثقافة النموذج المفضل لاستعمال الموقع الوظيفي من أجل الكسب ووضع اليد على المال العام، واستخدام المحسوبية لتسهيل مرور وتعيين "الأحباب والأنساب". ومن هنا فإن هذا الخطر الداهم قد واكبه انتشار مخيف للامبالاة والسلبية، فضلا عن اختلال نسق معايير الالتزام والخطأ والصواب، سيادة الرداءة والنميمة و"التقطاع" "و الهف واللف "و" الضرب من الخلف" ،وتصفية الحسابات.إنها مسرحية تراجيدية تحكي قصة قوم آلوا على أنفسهم حمل معاول التخريب والتهديم. وليس من المستبعد أن تكون النتيجة كارثية أو مولدة لانفجارات اجتماعية هائلة . 

   ومن هنا وتأسيسا على ما سبق،يبدو جليا أن انتشار الفساد والرشوة والمحسوبية في معاملاتنا اليومية،يهدد مسيرة المجتمع،وخلخلة القيم الأخلاقية،إلى جانب ضعف النمو الاقتصادي، ترسيخ السلوكيات السلبية، حدوث الاضطرابات والقلاقل التي تهدد أمن واستقرار المجتمع. ومن ثم يتضح أن شيوع الجريمة هي نتيجة مباشرة لما ينطوي عليه البناء الاجتماعي من آليات القهر والاستغلال والفساد واللامساواة. إذ بالامكان في مثل هذه الأوضاع شراء الولاءات،استشراء روح اليأس،زيادة عدد الفقراء والمهمشين...الخ. ومن هنا كانت النتيجة المنطقية مزيداً من تدهور القيم الاجتماعية والأخلاقية في المجتمع، وتسارع وتائر الجرائم التي شملت مختلف جوانب الحياة.ولعل أخطر الصور التي باتت تؤرق المشهد الجزائري هي ولوج المرأة عالم الجريمة والفساد .

   وفي هذا الإطار،شهدت العقود الأخيرة تحولات عميقة في البنية الاجتماعية والطبقية، وتزايد الوزن النوعي للمرأة، وتعاظم دورها الفعال في تحديد مسارات التنمية والتحول،فضلاً عن ولوجها ثقافات وعوالم منقسمة ومتصارعة. ويبدو أن واقع التطور التاريخي لانخراط المرأة في ممارسة العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادين وحصولها على مزيد من الحرية والمساواة بينها وبين الرجل، يثير العديد من التساؤلات حول انخراطها في الفساد الاجتماعي، وممارسة السلوك الإجرامي .

   ومن هنا تزايد التأكيد في السنوات الأخيرة على تناول طبيعة الجريمة الأنثوية من حيث مداها ونطاقها، الأبعاد النظرية والمفاهيمية للفعل الإجرامي النسائي، المرأة الخارقة للقانون،جرائم المرأة والانحراف،الجريمة،الجنس والنظام الاجتماعي،المرأة في نظام القانون الجنائي،عندما تقتل المرأة،السجن والمرأة،المرأة الجامحة الصعبة المراس،الجريمة والاقتصاد غير الرسمي...الخ .

   ولقد مالت معظم الدراسات الاجتماعية التي ظهرت في السنوات الأخيرة من القرن المنصرم وبداية هذا القرن إلى طرح جملة من القضايا المعبرة عن جريمة المرأة. والمتصفح لهذه الدراسات يستطيع أن يتلمس على الفور إلى أي مدى تنوعت الصور التي قدمت عن هذه الجريمة من دراسة إلى أخرى، وذلك بتنوع التوجيهات النظرية من ناحية،وتباين الظروف الذاتية والموضوعية المحيطة بالمرأة من ناحية أخرى.ورغم هذا التنوع المرتبط بجرائم المرأة، إلا أنه يمكن التوصل إلى جملة من الاستنتاجات التي يمكن طرحها على النحو التالي -:

1. ترتبط جرائم المرأة بفرضيات التحرر. (1)

2. يرتبط تزايد جرائم المرأة،بتعدد أنواع وأشكال العنف ونموه في المجتمع.

3. تفرز الصراعات الذكرية-الأنثوية أشكالا جديدة من عنف المرأة.

4. تعكس جريمة المرأة مكانتها في المجتمع.

5. يؤدي عدم قدرة المرأة على الوصول إلى بعض مؤسسات المجتمع،إلى خلق أنواع محددة من الجرائم،كالسرقة والدعارة. 

6. يرتبط تحرك المجتمع نحو تحقيق مساواة أكثر بين الرجل والمرأة،وحصول هذه الأخيرة على حقوقها،وولوجها مختلف مؤسسات المجتمع،بظهور أشكال محددة من الجرائم،مثل القتل،الاحتيال،التزوير،المخدرات.

7. تؤدي تنافسية الفرص المتاحة (سوق العمل،التعليم،الجيش...الخ) أمام كل من الرجل والمرأة إلى اتساع مجالات الجريمة النسوية وتشتتها.

8. يرتبط تزايد قبول العنف في المجتمع،بتزايد معدل الجرائم لدى كل من المرأة والرجل على حد سواء.

9. أدى "تكسير" معوق الجنس (ذكر،أنثى) إلى تزايد أشكال الجريمة النسوية.

10. أصبحت المرأة تنافس الرجل في الجرائم التي يسيطر عليها.

11. تتزايد معدلات جرائم الشارع بوتائر عالية(الدعارة،تعاطي المخدرات...الخ)

12. يتزايد دخول المرأة إلى الاقتصاد غير الرسمي،وممارستها للأنشطة غير الرسمية/غير المشروعة.

13. يشكل الكسب الاقتصادي(المال والمنافع الاقتصادية) عامل جذب لولوج عالم الجريمة،كما يشكل الفقر دافعا قويا لدخول هذا العالم.

14. تتركز جريمة المرأة في المدن والمناطق السكنية المكتظة. 

15. بالاستناد إلى النظرة الشعبية المنمطة للمرأة في المجتمع،توصف الأنثى المذنبة بالمرأة الهستيرية التي يعوزها التفكير السليم،وغير القادرة على أن تكون مسؤولة مسؤولية كاملة على تصرفاتها،وجرائمها المرتبطة بتكوينها البيولوجي والجنسي. وفي المقابل،نجد تياراً متنامياً يسم انتهاكاتها بالفعل العقلاني، أي أن (*) جرائمها هي نتاج اختيار عقلاني .



(1) Gill McIvor, women who offend, Jessica kingsley publishers,London,2004,pp221-235.  

16. تتباين وتتعدد الطرق المؤدية للجريمة (1) :

• نساء الشارع.

• النساء المنخرطات في علاقة مع رجل عنيف قاس.

• النساء اللواتي لهن أصدقاء /شركاء منخرطين في بيع المخدرات/أو تعاطيها.

• النساء الباحثات عن الكسب المادي(جاذبية المال والمكافأة الاقتصادية).

• تجنب الفقر والتعسف الاجتماعي والأسري.

• تأثير ضغوط القوى الاجتماعية.

• تأثير المناخات الاجتماعية القلقة والمضطربة.

أولا - مناخات الجريمة النسائية

   لعل من أهم النتائج التي أسلم إليها البحث في جرائم المرأة تلك التي أكدت أهمية الأبعاد السوسيو- ثقافية والسوسيو-اقتصادية، وتناول سلو كها الإجرامي في علاقته بدور الأسرة في التوجيه والتنشئة. ومن الجدير بالذكر أن المنظورات البنائية، الشخصية والجماعات الصغيرة قد شكلت المقاربات الأكثر شيوعاً وانتشاراً لدراسة مناخات جريمة المرأة .

  وفي هذا الإطار،شهدت الدراسات الاجتماعية اهتماماً كبيراً بالجريمة النسوية. فخلال العشريتين الماضيتين، طالعتنا العديد من الصحف والمجلات،بأخبار متفرقة عن الفعل الإجرامي النسائي الذي تركز في :

1. الخلافات الزوجية والعنف الأسري.

2. السحر والشعوذة.

3. الحرمان العاطفي والبطالة.

4. قضايا الآداب العامة (الجرائم الأخلاقية،الاجهاض).

5. جنايات القتل المتعمدة (الانتقام،النزاع العائلي،الانتقام،دافع العار،الدفاع عن النفس،الغيرة...الخ).

6. الاحتيال وحيازة الأموال المسروقة والبغاء والرشوة.

7. السرقة والاختلاس.

8. التضحية،الانفعال،الرغبة في التجربة،الرغبة في إرضاء الطرف الآخر...الخ.

9. الحالات المرضية(اختلال عقلي).

10. الدوافع الشخصية(العمر مثلاً).

11. الجهل والأمية (عدم اكتمال النضج الفكري والعقلي لديها). 

12. العوامل الاقتصادية (مثل الفقر).

13.الوسط العائلي المختل وانحطاط الأخلاق.

14.البيئة والتربية،الثقة في الآخرين بشكل مبالغ فيه. 

15.الإهمال، سوء المعاملة الأسرية،المشكلات والنزاعات،التفرقة في المعاملة.

(1) Garthine walker, crime,Gender and the social order,Cambridge university press,2003,pp75-80. 

 16. رفض تزويجها من قبل ولي أمرها،إكراهها على الزواج من شخص غير مناسب.

17.إدمان الزوج...الخ.

  وبالنظر إلى الجريمة كفعل يؤدي إلى الإخلال بالنظم والقوانين،فإن المناخات المثلى للجريمة النسائية تتمثل في الخلافات الزوجية وما يعتريها من شكوك وغيرة وانتقام،فضلا عن السحر والشعوذة...الخ .

 وإذا كانت الجرائم الأنثوية (المقصورة على المرأة فقط) تدور في مجملها حول الإجهاض والدعارة (إدارة محل للبغاء،الاتجار بالبغاء واستغلاله،ممارسة البغاء، الاتجار بالبغاء داخل البلاد وخارجها،مطبوعات فاضحة)، فإن الشواهد الواقعية تؤكد اتساع خريطة الجريمة النسوية وشمولها مختلف الأنشطة المجتمعية،فضلاً عن ارتباطها ببنية المجتمع ومؤسساته. وقد يكون للعوامل الذاتية دورها، إلا أن تحديد الفعل الإجرامي النسائي، يبقى أصلاً أمراً اجتماعياً. فهناك شواهد حديثة متنوعة تشير إلى أن تواتر جرائم المرأة تر سم في الواقع صورة لحركية جريمتها التي تعد انعكاسا للظروف التاريخية والبنائية التي يمر بها المجتمع، وفي نفس الوقت تعبر عن درجة المراقبة والضبط واستقرار الأمن به. ومن الطبيعي أن يؤدي اختلال وتناقض هذه الظروف وعدم الاستقرار الاجتماعي إلى ظهور أشكال متعددة للجريمة. وتتلون هذه الأشكال بطبيعة التنويعات التاريخية داخل المجتمع .

  وهذا ما تؤكده الشواهد الاحصائية المتعلقة بحالة الجريمة النسوية في الجزائر. ولعل ذلك يفسر تصاعد معدل جريمة المرأة من حقبة تاريخية إلى أخرى، بدء من ستينيات القرن العشرين،وانتهاء بالعشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين. ولقد توصلت الدراسات المعنية بهذه المسألة إلى أن تورط المرأة الجزائرية في الفعل الإجرامي قد تنامى بفعل انهيار النسيج المعياري للمجتمع، عدم الاستقرار الاجتماعي وغياب الأمن،اختلال معايير التقييم والانجاز، اختلال معايير المثل العليا،فضلاً عن التعسف العائلي،البؤس والظروف الاجتماعية المزرية. ولقد شمل هذا التورط الجرائم التالية :

1. ممارسة الدعارة.

2. قضايا الهجرة السرية نحو أوربا.

3. المخدرات والتهريب(تهريب السجائر والمتاجرة بالمخدرات).

4. التزوير في المحررات الرسمية(وثائق السيارات والنقود).

 5. الاعتداء والقتل (الضرب،الجرح،القتل).

6. الاحتيال.

7. سرقة السيارات.

  هذا،ولم تعد المرأة تكتفي بالمشاركة كعضو في جماعة الأشرار،أو في تنفيذ الجريمة ، وإنما أصبحت العقل المدبر واليد المنفذة ، وهذا ما تؤكده الكثير من المعطيات التي أفادت تسيير المرأة لعدد من العصابات المختصة في الاعتداء،السطو،السرقة والتهريب(1). ولقد ارتبط اتساع نطاق الجريمة النسوية بالتحولات والانهيارات التي خبرها النسيج المعياري للمجتمع،خلال العشريتين الأخيرتين التي تميزت بعدم الاستقرار الاجتماعي،صعود الحثالة الاجتماعية، الفساد، إرهاب الجماعات المتطرفة،سيطرة الايديولوجية الدينية في بعدها الشعبي المرتبط بالكثير من الخرافات،انهيار النسيج القيمي واختلال المعايير، وضعف آليات المقاومة حتى أصبحنا نقلد الضعيف والمتخلف في أفعاله وسلوكاته ومظهره، وصارت المرأة في الأسماء واللباس والتصرف حتى أصبح المرء يخشى أن تندثر (*) تقلد المشرقيات أسماء أبنائنا وأجدادنا كما اندثر "لعجار "و" لملايا".

   وفي خضم هذا التململ أصبحت جدلية الخضوع/التحرر تنتج صوراً وأشكالاً متعددة من إجرام المرأة التي أراد البعض تحويلها إلى قطع متحركة للتملك أحيانا، والاستخدام أحيانا أخرى . ولا غرو إذن أن تتغير في غضون عشرية من حالة إلى حالة أخرى، ومن شكل إلى آخر، والكل يتفرج، لأن التبريرات المقدمة تندرج ضمن ثنائية المقدس/الشعبي. والواقع أن هذه الثنائية تشكل أداة تحليلية لفهم الخضوع والانسياق لكل الفئات والشرائح خلف حملة ثقافة الشارع الذين أحكموا قبضتهم على مختلف المؤسسات والوحدات الاجتماعية، بما في ذلك الأسواق والأزقة الضيقة والشوارع. وقد يوحي لنا ذلك بأن المجتمع هو في حالة التهيؤ للانتقال والتحول نحو قطب "عودة الأولياء الصالحين" وإن كنا نجد بعض الشواهد القليلة التي تؤكد أن المجتمع قد يتحرك نحو غذ أفضل. وعلى أية حال،فإنه بإمكاننا تفسير هذا الموقف في ضوء طبيعة التطور الاجتماعي والاقتصادي الذي يمر به المجتمع الجزائري وتناقض مكوناته الأساسية. في سياق هذه المناخات ينمو الفعل الإجرامي ويتلون حسب طبيعة المحركين والمتآمرين على أمن واستقرار المجتمع.

 ( 1) حمد العيساوي،المرأة والجريمة،دار المعارف،القاھرة،2008،ص21 - 32.

ثانيا - محددات الفعل الإجرامي : 

  إذا كانت النظريات النفسية تفسر الفعل الإجرامي، في ضوء السلوك الفردي بدوافعه السوية منها والمرضية،فإن النظريات الاجتماعية تتناول هذه الظاهرة المتعددة المستويات والأبعاد في مناخاتها المرتبطة بطبيعة البنية الاجتماعية .

  ويتوقف شكل هذا الفعل على شروط الحياة في المجتمع، طبيعة العوامل السائدة في علاقتها بالإطار الاجتماعي، الترابط الاجتماعي، الدوافع الشخصية للانتماء إلى جماعة جانحة تشجع على الانحراف وتغري بخرق القوانين .

  وفي المقابل نجد تفسيرات ميرتون تتمحور حول اعتبار السلوك الجانح وليد الوضعية الاجتماعية التي يجد الشخص نفسه فيها، وليس وليد هذا أو ذاك من لأسباب الداخلية أو الخارجية المعزولة عن إطارها الحياتي الفرد بأن المؤسسات الاجتماعية القائمة تشكل عقبة أمام تحقيق أهدافه المشروعة، يؤدي إلى مزيد من الشك والريبة في هذه المؤسسات، فضلاً عن خلق حالة صراع شديد،خصوصا عندما تزداد الضغوط في اتجاه الأهداف. هذه الزيادة تؤدي عادة إلى اختلال التوازن بين الغايات والمعايير، وبالتالي يظهر التراخي الاجتماعي، ويكون من نتيجته ظهور السلوك المنحرف .

    وبناء على ما تقدم،يمكن القول أن الانحراف ينتج عن تفاعل البنية الاجتماعية بكل تناقضاتها المولدة للانحراف مع الشخصية بتناقضاتها الداخلية. هذه التناقضات الذاتية هي بدورها وليدة مآزق علائقية على مستوى الأسرة والجماعة المحلية .

   ويشيع في كثير من الدراسات السكانية مسألة ارتباط الجرائم بالأحياء الشعبية والمتخلفة، الهجرة،صعوبة التكيف،الفقر...الخ. ويرجع علماء الاجتماع أسباب ذلك كله إلى عدة عوامل فاعلة على مستوى المجتمع/مستوى الثقافة،مستوى الشخصية. ومن الطبيعي أن تتلاقى هذه المستويات على اختلاف اتساعها وتتفاعل فيما بينها لينتج عن ذلك سوء التكيف عموماً ومن أشكاله الانحراف. ولعل ذلك يفسر فشل المناهج الميكانيكية ذات الاتجاه الواحد الجامد(سبب ونتيجة،بداية ونهاية). فالاضطراب الفردي ما هو إلا تعبير عن خلل في الجماعة، فالخلل في هذه الأخيرة ما هو إلا نتاج مظاهر سوء الأداء الوظيفي في المجتمع .

    وعليه ينبغي تجاوز ثنائية الفردي/الاجتماعي،في تفسير الفعل الاجرامي،والتركيز على تفاعل طرفيها (التفسير النفسي والاجتماعي). أي أن السلوك الجانح هو وليد تفاعل الذاتي ،الاجتماعي ، وإشكالات البنية الاجتماعية  . ومن هنا يتضح أن الفعل الإجرامي هو شكل من أشكال مرضى الانغراس (الاغتراب الاجتماعي،الموقع الهامشي،العلاقة التشييئية ....الخ) الناجم عن التفاعل الاجتماعي،العلائقي،الذاتي بشكل تاريخي جدلي .

   ومهما يكن،فإن الظروف الاجتماعية المحيطة بالفرد،أو ما قد يصيب الفرد من قصور بيولوجي أو ما قد يعتريه من اضطراب نفسي قد يدفعه إلى ارتكاب السلوك الإجرامي . فنظرية المخالطة الفاصلة تذهب إلى أن السلوك الإجرامي يعد سلوكا متعلما من خلال الاختلاط والاتصال والتفاعل مع الآخرين،في حين تفسره نظرية الوصم في ضوء الصراع بين الفرد والجماعة أو حسب تصور كوهن Cohen عن الثقافة الخاصة الجانحة .

   إن استخدام طريقة العوامل السائدة (الفقر والعوز مثلا) في تفسير ظاهرة الانحراف، يكرس مبدأ السببية الميكانيكية، ويقدم رؤية تتسم بالجمود والعزلة عن إطارها. وتعتمد هذه الطريقة على نتائج الإحصائيات التي تحاول تلخيص الوقائع في سلاسل من الأرقام واستخراج قوانين تفسيرية للظاهرة .

   وفي المقابل،نجد نظرية الترابط الفارقي تقرن الفعل الإجرامي بتعرض الفرد (1) لمعايير جماعة تجتذبه بشكل تتغلب فيه على معايير الجماعات المتكيفة. وهناك محاولات أخرى(ميرتون) انطلقت من تحليل البنية الاجتماعية لإظهار قوى الدفع نحو الانحراف،في حين حاولت أخرى الانطلاق من نظرة علائقية دينامية،تفاعلية للظواهر المعتبرة في حالة صيرورة تاريخية . ٕ 

  وإذا كانت المرأة اليوم تلج عوالم مختلفة ومنقسمة،فإنها مازالت تخضع لهيمنة  الرجل وهيمنة التقاليد،وتعيش تناقضات صارخة،وروتيناً قاتلاً في خضم قوى مكبلة لكل محاولة للتحرر. إن إحساس المرأة بهذه الضغوط يدفعها للقيام بالفعل الإجرامي للتعبير عن مشاعر الدونية وانعدام القيمة. إن هذا الفعل،يعتبر وسيلة لإعادة الاعتبار إلى الذات من خلال الانتقام للغبن الذي لحق بها أو حلا للقلق الذي تفجره الميول العدوانية .

   هذا، وتؤكد الشواهد الواقعية أن انتماء المرأة لجماعات متطرفة أو منحرفة قادها إلى ارتكابها العديد من الجرائم الاقتصادية والاجتماعية. إن هذه الحالات من الفعل الإجرامي هي حوار مع العالم ومع الآخرين ومع الذات يطال بالاعتراف بالقيمة الذاتية وفرضها على الآخر. وحري بنا أن نشير إلى وجود أساليب الضغط والإغراء لجذب المرأة إلى حلبة الجريمة، فضلاً عن اغترابها الاجتماعي وموقعها الهامشي والعلاقة التشييئية التي تقضي على إنسانيتها .

   إن إعطاء صورة عن الواقع الاجتماعي لإجرام المرأة يتطلب الإحاطة الإحصائية وعرض الوقائع الحية ثم محاولة تفسيرها بشكل دينامي. ولذا فإن محددات الفعل الإجرامي ترتبط بتفاعل ثلاثة مستويات: الفرد،الجماعة والمجتمع. ومن نافلة القول أن تلك المحددات قد احتلت مؤخراً حيزاً كبيراً ضمن مجال اهتمامات وكتابات الباحثين الاجتماعيين، وذلك في محاولة لبلورة رؤية متميزة تأخذ بعين الاعتبار عناصر ومكونات البناء الاجتماعي،فضلاً عن طبيعة المرحلة التاريخية التي يخبرها المجتمع . ولعل الإشكالية الكبرى التي تطرح نفسها منذ البداية،هي عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي الذي زاد من تراكم وتعقد المشكلات الاجتماعية وولَّد أزمات متعددة مست ، مختلف الفئات، وفي نفس الوقت أدى إلى صعود الحثالة الاجتماعية،الأمر الذي قاد إلى تشوه البنى الاجتماعية والنسيج الاجتماعي .

(1) محمد الجوھري وآخرون،علم اجتماع المشكلات الاجتماعية،دار المعرفة الجامعية،الإسكندرية،2004،ص 37- 53. 

ثالثا - البحث الامبريقي والجريمة النسوية

   إن مشكلة تزايد الفعل الإجرامي النسوي، تحتل أهمية نظرية وعملية كبيرة في فهم طبيعة التناقضات والصراعات في المجتمعات المعاصرة. ولذا فإن الاهتمام الامبريقي بهذا الفعل قد سعى منذ البداية إلى الكشف عن العوامل المؤدية إلى ارتكاب الجريمة، مع الأخذ بعين الاعتبار خصائص وسمات المرأة المجرمة .

    وفي ضوء تتبع حركية الإجرام النسوي، تؤكد الكثير من الأبحاث الميدانية أن المرأة أكثر ميلاً للإجرام والقسوة والعنف. والمشكلة على هذا النحو خضعت لجدل من نوع مختلف عن ذلك الجدل الذي قدمه الكثير من الكتاب والباحثين عن رقة المرأة وحنانها. هذا، وتركز دراسات أخرى على تزايد نسب الإجرام لدى المرأة. فدراسة المركز القومي للبحوث الاجتماعية(سوريا) تؤكد أن :

• القتل العمد يحتل المرتبة الأولى بين جنايات النساء.

• التلفاز يلعب دوراً فاعلاً في اكتساب المرأة لخبرة القتل .

• ضحايا المرأة كثيرون: الأزواج، الجيران...الخ.

• الآلات المستخدمة في ارتكاب الجريمة: الآلات الحادة، الشنق والخنق، المسدسات...الخ.

   ويبدو أن إجرام المرأة مرتبط بعدد من العوامل الذاتية والاجتماعية التي تدفعها إلى ممارسة السلوك الإجرامي. ويبدو هذا أوضح ما يكون في دراسة لمكتب التحقيقات الفدرالي في الولايات المتحدة،والتي كشف فيها عن ارتفاع معدل الجريمة (1) بين السيدات . ولعل من أهم النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة،نذكر أن :

• ارتفاع معدل الجريمة النسائية ارتبط بنمو حركات التحرر النسائي.

• التزايد المذهل للاعتقالات بين النساء.

• منح المرأة حقوق متساوية مع الرجل يشجعها على ارتكاب نفس الجرائم التي يرتكبها الرجل.

وفي الجانب المقابل، تركز دراسات أخرى على :

• ارتباط دوافع جرائم القتل التي ترتكبها المرأة بالدفاع عن النفس أو المرتب الذي يتعرض لسطو الزوج.

• ارتباط جريمة المرأة بالانتقام من الزوج (الزواج من أخريات،إقامة علاقات عاطفية، إدمان الزوج...الخ).

  وضمن هذا الإطار،كشفت الدراسة التي أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية(القاهرة) أن جنايات القتل المتعمدة تحتل المرتبة الأولى في قائمة الجرائم التي ترتكبها النساء. ولقد أرجعت هذه الدراسة أسباب ارتكاب المرأة للجريمة إلى جملة من العوامل،أهمها: الانتقام،النزاع العائلي،دافع العار،الحصول على المال،تسهيل ارتكاب الجريمة،الدفاع عن النفس،الغيرة،النزاع على الإرث وغيره.

(1) Anne Worrall, offending women:Female law breakers and the criminal justice system, routledge, London, 1990, pp 42-51. 

   هذا ما أكدته دراسات أخرى توصلت إلى أن الأسباب الدافعة للجريمة النسوية، هي: الحالات المرضية مثل: الاختلال العقلي،الدوافع الشخصية ( صغر السن ،) الجهل وعدم النضج الفكري والعقلي،الفقر وغيره من العوامل الاقتصادية الأخرى،الوسط العائلي المتفكك وانحطاط الأخلاق،البيئة والتنشئة الاجتماعية .

   وفي دراسة أخرى أجريت بإحدى السجون بالسعودية، توصل معدوها إلى أن أغلب جرائم النساء هي الاحتيال وحيازة الأموال المسروقة،البغاء،النشل ،القتل العمد(خاصة الأزواج )(*)، التهديد بالقتل. وإذا كانت القيم والتقاليد قد جعلت المرأة في المجتمع العربي ترتكب جرائم أقل (4 %) من الرجل(96 %)،فإن تنامي حجم الجريمة النسوية في السنوات الأخيرة، ترجعه الكثير من الدراسات إلى:

  التضحية،الغيرة،الانفعال،الانتقام،الرغبة في التجربة، الرغبة في أرضاء الطرف الآخر .

وعلى العموم يمكن تقسيم الجرائم إلى نوعين أساسيين :

1. الجرائم الخاصة (يشيع ارتكابها من طرف المرأة) :

• قتل المواليد

• الإجهاض

• الفساد

• السحر

• الشعوذة

• التسول

2. الجرائم العامة (وهي الجرائم التي يرتكبها الرجل والمرأة على حد سواء).

• جرائم الآداب.

• جرائم الاعتداء على الأموال.

• جرائم الاعتداء على الأشخاص.

   والجدير بالإشارة أن أغلب الجرائم الخاصة لا تصل إلى علم الشرطة،ولا تدرج ضمن الإحصائيات الجنائية. ففي دراسة أجريت بمدينة مكناس في 2004 تبين أن من بين 33 خيانة زوجية لا يصل إلى المحكمة إلا حالتين (جريمتين). وتؤكد هذه الدراسة أن جرائم الاعتداء على الأشخاص تشكل نسبة 26.34 % من مجموع الجرائم المرتكبة من طرف النساء خلال 2004، والبالغة 167جريمة،وفي نفس الوقت، تحدد نوع الجرائم كما يلي: الإيذاء،الشرف،القتل،حرمة المسكن،الاستيلاء على مال الغير (السرقة،النصب،خيانة الأمانة)،إتلاف المال قصد الإضرار بصاحبه(جرائم الإحراق،التخريب،الاتلاف)، الجرائم الماسة بالأخلاق العامة(الاخلال العلني بالحياء، هتك العرض، التحريض على الفساد، السكر العلني...الخ ).

   وهناك بعد ذلك محاولات عديدة،حاولت التعرف بطريقة ملموسة (1) على نطاق جريمة المرأة ومداها كما تمارس في الواقع. من ذلك مثلاً: ما ذهبت الدراسة إليه التي أعدها معهد دراسات التنمية (الهند)،بأن نصيب المرأة(1996-1991 ).

(*) من بين 10 جرائم قتل تقترفھا المرأة، 8 منھا من  7 الأزواج .

(1) Blinda Morrissey, when women kill :Question of agency and subjectivity, routledge, London, 2003, pp 17-27. 
   
   من الجرائم الخاضعة وغير الخاضعة لقانون العقوبات الهندي ارتفع بصورة ملحوظة. وأوضحت هذه الدراسة تنامي معدل الجريمة النسوية في الهند وتورط المرأة في جرائم عدة،مثل: القتل، الاحتيال،تهريب المخدرات والمشروبات الكحولية...الخ . 

  ولقد لفتت دراسة جزائرية الأنظار إلى أن الاتجاه المتنامي للجريمة النسوية (*) يعطي دلالة على نشوء مشكلة حقيقية. ولعل أهم ما تكشف عنه هذه الدراسة هو تورط المرأة في مختلف الجرائم حتى تلك التي توصف بالبشعه.ومن أهم هذه الجرائم :

• التكوين والانضمام لجماعة أشرار.

• الضرب والجرح العمدي.

• الهجرة السرية.

• تزوير وثائق إدارية.

• القتل العمدي.

• المخدرات.  

   وإذا كانت الجزائريات تطرقن أبواب الجريمة بوتيرة متنامية،فإن دراسة قامت بها خلية الاتصال بجهاز أمن الدرك الوطني الجزائري تقيد اقتحام المرأة الجزائرية عالم الجريمة بأشكالها المختلفة،وبطريقة احترافية .

   وضمن هذا السياق، تشير هذه الدراسة إلى أن عدد المجرمات بلغ نحو 10623 ما بين 2001 و 2005، وتم توقيف 1136 مجرمة عام 2006 وعدد كبير تم توقيفهن خلال الأشهر الستة من العام الجاري(2009) لتورطهن في جرائم مختلفة، فضلا عن قيادة حوالي 1086إمرأة الجرائم. ولا غرو أن يقترن هذا الصعود في منحنى جريمة المرأة بانتشار الفقر والظلم، التفكك وانهيار النسيج الاجتماعي، إلى جانب عدم الاستقرار الاجتماعي وهمجية الإرهاب. فمنذ التسعينيات من القرن المنصرم، شهدت الجزائر تحولات خطيرة بفعل الإرهاب والانقسامات الداخلية وصعود الحاملين لشعارات دينية نابعة من مصالحهم وتوجهاتهم الضيقة، فضلا عن استخدامهم العنف اللفظي والفيزيقي وتوريط المرأة في كثير من الأعمال التي عقدت المسألة الاجتماعية، ودفعت بفئة من النساء إلى المساهمة في الفساد والتخريب وإثارة الفوضى وعدم الاستقرار. ووسط هذه الضغوط عملوا على تهييج العواطف ودفعوا المرأة إلى تغيير سلوكاتها وتكبيل حريتها والعودة بها إلى عصر الإقطاع لامتلاكها وسط سكوت مذهل: الكل يتفرج والتاريخ يسجل تآمرنا على تكريس الفساد والدعوة إلى قبول الأمر الواقع بتعقيداته وتضاريسه التي تنبئ بانقضاضهم في لحظة ما على التاريخ وتوقيفه من أجل إشباع أنانيتهم وأحلامهم الدموية .

(*) تشير مصالح الأمن بالجزائر عن تورط 1585 إمرأة منذ بداية العام 2008 إلى شھر أوت منه. كما سجلت ذات المصالح تورط 648 في جرائم أخرى مختلفة.

   ومن الانصاف أن أشير في هذا السياق إلى ذلك التكالب على "المناصب" وترسيخ مبدأ المصلحة والأنانية، والعبث بالممتلكات العامة، وعدم ترشيد العمل المؤسساتي في خضم سعي الميكيافليين الجدد إلى استخدام كل الوسائل بما في ذلك العشيرة والقبيلة و "التآمر". وسط هذه المناخات الاجتماعية إزدادت الرذيلة وازداد توريط المرأة إلى أن أصبحت اليوم تقوم بالفعل الإجرامي في وضح النهار. ومن المرجح استمرار هذا السيناريو بفعل اختلال معايير الصواب والخطأ، ومعايير التقييم والالتزام والمثل العليا، وكذلك تغير الرؤى بتغير المواقف والمؤثرات الخارجية،والحراك الاجتماعي الصاعد.هذا التقلب في المواقف الفعلية قد زاد من آلية التناقض وتراكم وتعقد المشكلات الاجتماعية. ومن الطبيعي أن تنعكس هذه الظروف على كل شرائح المجتمع، ومنها المرأة التي ولجت حلبة الصراع، وأصبحت خاضعة لثنائية: "المواجهة/المناورة"،من أجل التكيف مع بيئتها المتغيرة والمنطوية على تناقضات صارخة، وضغوط قاسية تدفعها إلى القيام بسلوكات إجرامية حفاظاً على بقائها واستمرارها من ناحية، وتنفيذاً لأوامر مواقع التأثير من ناحية أخرى، إلا أن المشكلة الأهم في تقدير خطورة الفعل الإجرامي تتلخص في تحديد مركزها :

1. الخطورة الذاتية ــــــ اتسام الشخصية بخصائص معينة.

2. الخطورة العلائقية ـــــــ ارتباط الجريمة بوضعيات علائقية محددة.

3. الخطورة الاجتماعية ـــــــــ خطورة الإجرام والمحيط الاجتماعي ــــــــــــ ضغوط تدفع نحو الانحراف أو عوامل تعيق التكيف.

  وإذا كان البعض يعتقد أن الجريمة هي وليدة عملية تفاعل علائقي واصم،فإن  البعض الآخر يشير إلى ارتباط الجريمة بالضغوط والتعرض لقوى تسد أمام المجرم (1) سبيل الاندماج وتحقيق المآرب، فضلاً عن تعقيدات الحياة الاجتماعية وتناقضاتها . ولاغرو أن نشير هنا إلى تنوع جريمة المرأة وارتباطها بظروفها الحياتية الصعبة،بدءاً من الأسرة والجيرة، وانتهاءاً بالجماعات الاجتماعية والاضطراب الحياتي. وثمة شواهد واقعية تؤكد تزايد منحنى الجريمة النسوية .

    أما فيما يتعلق بالأبعاد الجغرافية والديمغرافية لجرائم المرأة، فقد دلت البيانات أن أغلبها يتركز في المناطق ذات الكثافة السكانية، وخاصة المدن الكبيرة والصناعية،أين نلاحظ ارتباط متغير التزاحم بالجريمة حيث افتقاد الخصوصية، وإتاحة الفرص لوقوع الجرائم، وتجنيد الآخرين للانخراط فيها. وثمة أبعاد ديمغرافية لمرتكبات الجرائم (السن، الحالة التعليمية، الحالة الزواجية، المهنة...الخ ،) اللواتي يقابلن بالرفض الاجتماعي والوصم. ويمتد هذا الرفض والنبذ الاجتماعي ليشمل أسرهن ومحيطهن القائم على أساس الشبكة العلائقية. وهذا ما تؤكده الكثير من الدراسات التي تشير إلى تعرض المرأة المجرمة إلى المقاطعة ونعتها بأوصاف بذيئة،فضلاً عن مدى الخراب والتدمير الذي يؤثر على تفاعل أسرتها مع المحيط ومحاصرتها.

1) مصطفى حجازي،مرجع سابق،ص 23 - 30. 

  إن انعدام التوافق الاجتماعي بين المرأة المجرمة وبيئتها يؤدي إلى انعكاسات سلبية على مسار حياتها، منها فساد الأخلاق، والإحساس بالاغتراب داخل المجتمع،إلى جانب تلك الصورة السيئة التي تنبت في ذهن أفراد الأسرة والتي يصعب استئصالها . وبالتالي فإن فقدانها لمعنى الدور الاجتماعي، يزيد من درجات القلق والتوتر. وقد يمتد هذا الاهتزاز في النسق القيمي إلى تفكك أسرتها، وظهور صور من الجريمة داخلها، فضلاً عن التشويش الاجتماعي الواقع عليها بصورة دائمة .

    إن رفض الآخر يبنى على أساس التصورات التي ترسخت في الذهن والإدراك، وقد تترجم إلى أفعال ومواقف تعبر عن عدم القبول والنبذ والاحتقار. وكلها صور تثير العواطف وتشحد الأحقاد وتذكي وتيرة الخلاف والعنف. إنها الحلقة الجهنمية للتفكك ورفض المحيط، وتدخل الآخر كرقيب على الأخلاق،أو كفرد فضولي يعجبه وضع الزيت على النار .

   في ضوء هذه الخلفية، أشير إلى أن هناك الكثير من مفردات الواقع التي تزيد من عملية "التشهير" والرفض والوصم، منها الإشاعة، الفراغ،الانشغال بأمور الناس الأمية، نشر غسيل الآخر،التشويه و"إفساد" السمعة،التلذذ "بالتمنشير "و" التقطاع ".

رابعا- المراة،الجريمة والاقتصاد غير الرسمي

    طرحت الدراسات الحضرية المعنية بالإنتاج الصغير في مدن البلدان النامية، وجود قطاعين متميزين من الاقتصاد الحضري،هما:القطاع الحضري الرسمي،والقطاع الحضر ي غير الرسمي المتكون من الشريحة السوسيو اقتصادية الأكثر حرماناً أو ما يسمى بالقطب أو الاقتصاد الهامشي الذي يتضمن هو الآخر فئات عديدة توجد خارج سوق العمل المنظم، ومنها الحثالة الاجتماعية المتكونة من التعساء،اللصوص المنحرفون، العاهرات ومن لف لفهم. وهذا ما دعا الكثير من المتخصصين إلى تقسيم أنشطة القطاع الحضري غير الرسمي إلى نوعين،هما: الأنشطة الحضرية غير الرسمية الشرعية، والأنشطة الحضرية غير الرسمية غير الشرعية (الحثالة الاجتماعية ).

  وفي ظل الاهتمام بدراسة جريمة المرأة في القطاع الحضري غير الرسمي أو (1) القطب الهامشي استخدمت العديد من المسميات لتطلق على هذا القطاع،مثل :

1. القطاع غير المنظم .

2. الاقتصاد أو القطاع غير المرخص له (غير القانوني).

3. الاقتصاد السري.

4. اقتصاد الظل.

5. الأنشطة (أو الاقتصاد) غير المشروعة .

6. الاقتصاد الخفي(السري)

(1) Pamela Davies, Women crime and informal economy: Female offending and crime for gain, British society of criminal, Queens university, Belfast,1997,pp 1-8.

7. اقتصاد الجريمة أو أنشطة الجريمة.(أنظر الجرائم الاقتصادية).

8. الاقتصاد غير الرسمي .

9. الاقتصاد غير القابل للقياس.

10. الاقتصاد الأسود.

11. اقتصاد الجريمة غير الرسمي.

12. الاقتصاد الخفي .

13. الاقتصاد غير المنظم.

   وفي هذا السياق، تم التركيز على دراسة جرائم المرأة في الاقتصاد غير الرسمي، كنشاط اقتصادي عقلاني موجه نحو الحصول على المال وتقليل المخاطر. وتتدرج أنشطة الجريمة النسوية عبر متصل يمتد من جريمة العبث،الدعارة إلى السرقة،الرشوة،الاعتداء، التزوير، المخدرات...الخ .

   كل هذه الجرائم يمكن النظر إليها كاستجابة عقلانية لنقص المال أو عدم القدرة على الحصول على مال كاف من المصادر التقليدية والشرعية. وفي نفس الوقت، توصلت الكثير من الدراسات إلى استخدام الفرص غير المشروعة وكذا الطرق غير القانونية للحصول على المال وتحقيق النجاح المالي هو في تزايد مستمر. ولاغرو إذن أن تهتم دراسات أخرى بمحاولة :

1. فهم سلوكات المرأة المنغمسة في الجريمة.

2. دوافع ارتكابها للجريمة.

3. طبيعة أدوارها الإجرامية.

4. الظروف المؤدية إلى الجريمة.

5. محاولة فهم طبيعة واتجاهات وأنماط المرأة المجرمة.

6. الأنشطة غير الرسمية الأكثر جذب لجريمة المرأة.

1. المرأة والعمل غير الرسمي

   تثير الدراسات المعنية بالمرأة والعمل غير الرسمي،جملة من القضايا المتمحورة حول تجمع النساء في القطاع غير الرسمي، وتركزهن في شريحة الدخل الدنيا. ومن خلال تحليل الدراسات المهتمة بهذه القضايا يمكن استنتاج أربعة عوامل تفسر تركز المرأة والشكل الذي يتخذه عملها في القطاع غير الرسمي، وهذه العوامل هي :

• هيكل العمالة المتغيرة باستمرار.

• الاستخدام الانتقائي للعمل.

• الافتراضات الايديولوجية التي تحدد طبيعة الأعمال المسندة إلى المرأة،والقيمة المعطاة لعملها.

• العلاقة المتبادلة بين دورها في المنزل وخارجه. والجدير بالذكر انه على الرغم من أن عدد المشتغلات قد ازداد في المدن أكثر من ذي قبل،فإن عملها قد ازداد هو الآخر تمركزا في قطاعات التجارة، الخدمات والقطاعات غير النظامية، وخصوصا الخدمات المحلية التي تستوعب أغلبية الشابات .

2. استغلال المرأة

   تعتبر القوى العاملة من العناصر الإنتاجية الهامة التي لا يمكن الاستغناء عنها في أي وقت من الأوقات. لكن الشواهد المتوفرة عن هذا الموضوع تشير إلى عدم الاستخدام العقلاني لهذه القوة الخلاقة،وغالباً ما يكون نصفها أو أكثر معطلاً أو مستخدماً استخداماً ناقصاً، خاصة العنصر النسوي الذي مازالت القيم تكبله والنظرة التمييزية تهمشه. ولقد أعار بعض الباحثين أهمية كبيرة لدراسة وضع المرأة في البلدان النامية من خلال مساهمتها في الأنشطة الحضرية غير الرسمية. ولعل هذه الحقيقة المستمدة من الواقع تطرح للتحقيق الامبريقي قضايا تتعلق بدورها الاجتماعي-الانتاجي ومختلف الضغوط التي تتعرض لها في حياتها اليومية. فموزار،سافانا،هايز وغيرهم أجروا أبحاثا امبريقية تحاول الغوص أكثر في أعماق الواقع للكشف عن مظاهر التحكم والاستغلال الكامنة في الأبنية الاجتماعية المختلفة. ويتجلى هذا واضحا في دراسة سافانا عن تنظيم أنبيرنا بالهند، حيث أوضحت من خلال عينة تتكون من مائة امرأة تمارس أنشطة اقتصادية غير رسمية في شوارع (1) أنبيرنا إلى عدد من النتائج ذات الأهمية البالغة،أذكر منها :

1. تتعرض المرأة التي أجبرتها ظروف الحياة على البحث عن مصدر رزق خارج العمالة المؤجرة للاحتقار والإهانة، لكونها تعيش تحت رحمة السماسرة،تجار التجزئة والجملة وغيرهم. فهي لا تؤمن على حياتها طالما أن النظام الاجتماعي لا يحميها،ومن ثم تصبح معرضة من حين إلى آخر للانحدار الاجتماعي .

2. يصعب تقدير دخلها على اعتبار أنها تصرف كل ما تحصل عليه يوميا لشراء مكونات الوجبة القادمة. ومما يدعم ويزيد في صحة هذه النتائج الامبريقية ما أكدته موزر في دراستها عن أكبر مدينة –غوايكيل-بالإكوادور حيث ركزت على إحدى التجمعات المحلية انديوغوياس- لدراسة قطاعها غير الرسمي. ولقد اختارت عينة من النساء اللواتي تمارس أنشطة غير رسمية سواء في البيت أو الشارع، وتوصلت إلى جملة من النتائج،أهمها:

• لم تحقق المرأة في القطاع غير الرسمي أياً من المكاسب التي يخولها النظام.

• تخضع لاستغلال تسلسلي بسبب ضعف إمكانياتها وقلة احتكاكها بالمحيط،الأمر الذي يجعلها عرضة للمساومات التي تمس شخصيتها.

• تمييز في المعاملة زاد من تدهور وضع المرأة. فهي لا تتمتع بحقوقها في التعليم والتكوين، فضلاً عن عدم وجود نقابة تدافع عنها أو تعمل على تحسين وضعها الاجتماعي. وفضلاً عما سبق تعرضت موزر إلى مسألة استقلالية العمل المنزلي غير المرتبط بالوحدات الانتاجية، وتناولت عدداً من المتغيرات التي أبرزت حريته ومرونته،وذلك في ظل نتائجها الامبريقية التي دلت أن ممارسة هذا النشاط تقرر متى تبدأ عملها ومتى تنتهي، وهي التي تحدد سرعته وطريقة أدائه،لعدم خضوعها للمراقب أو الملاحظ. ومع ذلك،تضيف موزر، أن التعمق في تحليل علاقة هذه العاملة بالعملية الإنتاجية والسوق الخارجي تكشف على الفور وجود عدد من ميكانزمات تمارس عليها ضغوط شتى. فأحياناً تتوقف عن لعمل بسبب اختفاء المواد التي تعتمد عليها في عملها ولجوئها إلى السوق السوداء يزيد من درجة خضوعها زيادة عن الضغوط العائلية التي تحاصرها وتحد من نشاطها. كل هذه العوامل والظروف التي تزيد من معاناة المرأة واستغلالها تدفعها إلى ولوج عالم الجريمة والفساد بأشكاله المختلفة.

(1) إسماعيل قيرة،الأنشطة الحضرية غير الرسمية في المجتمع الجزائري،جامعة القاھرة،القاھرة،1990،ص225-230  . 

   وبناءاً على ما سبق، استخلصت موزر من دراستها قضية على أهمية بالغة،وهي أن التركيز على جوانب النظام والانتظام والتناغم في عناصر الواقع،يزيد من طمسه وقهر الإنسان،الأمر الذي يتطلب ضرورة الاهتمام بمسألة الصراع إعادة توزيع السلطة وخلق النظام الذي يلائم الواقع الجديد .

خامسا - الثقافة والفعل الإجرامي النسائي

  يشكل الفعل الإجرامي النسائي مشكلة معقدة، ترتبط بثقافة المجتمع ومحددات (*) الواقع الاجتماعي للمرأة الذي يتعرض لهزات واختراقات تنبئ بحدوث انهيارات في النسق القيمي والنسيج المعياري، مما يفتح المجال واسعاً أمام احتمالات تصاعد الاعتداءات والتفكك بمختلف أشكاله وأبعاده .

  وتثير مثل هذه السلوكات الكثير من الفوضى والاضطراب الذي يقلق أمن المواطنين، ويسيء إلى ثقافة المجتمع. إنها عدوان على الحقوق، وانتهاك للقيم والأخلاق الاجتماعية الثابثة. ومن هنا أصبحت التصورات الشائعة عن العوامل والظروف التي تدفع المرأة لارتكاب الجريمة، هي المحور الرئيسي لكثير من دراسات علم الجريمة، وذلك على الرغم من التـأكيد على الجوانب النفسية والذاتية .

   وهذا يعني أنه إذا كانت بعض الدراسات قد اتخذت من الفقر والظروف الاقتصادية عامة،مدخلها لولوج و فهم عالم الجريمة، فإن الضغوط الحياتية، وآليات الإبعاد والتهميش، أصبحت من بين العوامل التي تحظى باهتمام مختلف الدوائر العلمية .

    وثمة تصور آخر مختلف تبناه بعض كتاب الماركسية الجديدة إذ على الرغم من نظرتهم إلى السلوكات الإجرامية على أنه تجلي لما ينطوي عليه البناء الاجتماعي من قهر واستغلال، إلا أنهم يعترفون بتفردية أو خصوصية الفعل الإجرامي. وهذا لا يعني أن هذه التفردية تتم بمعزل عن تناقضات وتأثيرات البنية الاجتماعية.وليس من أنظر الحتمية الثقافية(سلوك الفرد،انعكاس للخصائص الثقافية والاجتماعية والحضارية)،تفسير السلوك الإجرامي في ضوء:

العوامل الموقفية أو صفات وخصائص المجرم،أو طبيعة المكان .

   الصعب بحال من الأحوال تصور وجود علاقة ارتباط بين انفتاح المرأة على عوالم منقسمة ومختلفة من جانب، وبين اتساع نطاق فعلها الإجرامي.والأدلة على ذلك كثيرة فقد لوحظ أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين تزايد منحنى تحرر المرأة ومعدلات الجريمة النسائية. ومع الاعتراف بأن هناك أسباب أخرى لارتفاع الجريمة النسوية لا تقتصر فقط على التحرر إلا أنه بالإمكان استناداً على الشواهد الامبريقية إثبات أن هذا الارتباط يعكس علاقة سببية. كذلك لا يقتصر الموقف على الجريمة والتغير أو الحرية فحسب بل لوحظ أيضاً أن ضغط القيم وقسوتها ذات صلة وثيقة بتزايد الفعل الإجرامي النسوي. ولقد كشفت بعض الدراسات التي أجريت حول التفكك والانحراف عن أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين جريمة المرأة وبين انتقالها بين ثقافات فرعية عديدة،الأمر الذي أثار بدوره بعض الافتراضات حول إمكانية وجود علاقة بين طبيعة هذه الثقافات وبين ظهور الفعل الإجرامي. وتكشف بعض الدراسات الاجتماعية عن أن انتماء المرأة لجماعة فرعية منحرفة ينتج عنها زيادة في نسبة مرتكبات الجرائم وتعتبر عاملاً هاماً في انتشار الأفعال المخلة بالحياء .

   وبالمثل ترتبط مشكلة الجريمة والاضطراب أيضاً بالظروف غير الملائمة التي تعيشها المرأة. وتوضح خرائط التوزيع الايكولوجي والمكاني لحالات الجريمة النسوية عن تركزها في الأحياء الشعبية والمتخلفة. وقد يرجع ذلك إلى الفقر والتهميش واليأس. ومن المؤكد أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين سوء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية وبين تفشي الكثير من الأمراض الاجتماعية والاقتصادية. وفي هذا الصدد نشير إلى ذلك الكم الهائل من الدراسات المسحية التي أجريت للتعرف على أنماط جرائم المرأة، والتي أشارت إلى وجود اتجاه متزايد نحو تنوع جرائمها بفعل عوامل نفسية اجتماعية،اقتصادية،سياسية، وثقافية . 

   وإذا كان تطبيق المنهج الميكانيكي لفهم إجرام المرأة ينطلق من السببية الطولية (سبب معين يؤدي إلى نتيجة معينة) أو السببية المبسطة(التي تؤدي إلى ظاهرة العزل) على حساب وحدة وكلية الظاهرة، فإن المنهج الجدلي ينطلق من نظرة علائقية،دينامية تفاعلية بين الأسباب والنتائج. ولذلك فلكي نفهم سلوكاً ما علينا أن ندرس مجموع العلاقات التاريخية التي ينغرس فيها الشخص صاحب ذلك السلوك .

    وبناء على ما تقدم،نشير إلى أن السلوك الإجرامي ليس فقط وليد المستوى اللاواعي (التحليل النفسي)، ولا هو وليد المستوى العلائقي فقط، ولا هو وليد إشكالات البنية الاجتماعية وحسب،بل أنه وليد تفاعل كل هذه المستويات في آن معاً. ومن الواضح أن هذا التفاعل يشمل خصائص ذاتية وظروف تاريخية وتفاعل علائقي، وذلك من أجل الإحاطة بالظاهرة بكل تعقيداتها،فلا يغلب العام على حساب الخاص، ولا يغرق في الذاتي على حساب الاجتماعي. وهذا يعني أنه لا يمكن النظر إلى الفعل الإجرامي النسائي كفعل منعزل بل هو قبل ذلك جملة العلاقات الأساسية التي تقيمها المرأة مع الآخرين أو التي تنغرس فيها تاريخياً، إنها جملة الدلالات والقيم والأدوار التي تأخذها في هذه العلاقات المحكومة بأطر زمانية ومكانية ومناخات اجتماعية متباينة خاصة تلك المتميزة بالقمع وانتشار الفساد .

   وعلى أية حال فإنه على الرغم من أن جريمة المرأة آخذة في النمو من حيث الحجم والنوعية،إلا أن تفشي ظاهرة الفساد قد أدخلها دهاليز التآمر، وباتت إحدى مفردات التدمير. وفي هذا الصدد،لابد من الإشارة إلى تزايد الضغوط المحيطة بها،ودفعها إلى حلبة الانحراف والكسب غير المشروع .

   لذلك كله، تنظر معظم دراسات الجريمة في مدن البلدان النامية إلى انحراف المرأة كتعبير عن الظلم والقهر والاستغلال من ناحية، والفقر وصعوبة العيش من ناحية ثانية، وسطوة القيم والأعراف من ناحية ثالثة. زد على ذلك تأكيدها على تعقد البيئات الحضرية، وولوج المرأة عوالم منقسمة وثقافات فرعية كفيلة بتشكيل سلوكها، ودفعها لارتكاب أفعال تخل بقواعد وقيم المجتمع .

  موجز القول يتضح أن مناطق الانحراف في المدن الكبيرة تتطابق تقريباً مع مناطق تواجد التجمعات السكانية غير المنغرسة اجتماعياً والضعيفة اقتصادية وغير (1) المتخصصة مهنيا والبائسة ثقافياً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا