التسميات

الاثنين، 9 يناير 2017

أثر التوزيع المكاني للصناعات في المملكة العربية السعودية على الفوارق الإقليمية : دراسة تحليلية لوضع الصناعة في المملكة العربية السعودية

أثر التوزيع المكاني للصناعات في المملكة العربية السعودية على الفوارق الإقليمية
دراسة تحليلية لوضع الصناعة في المملكة العربية السعودية
دفايز إبراهيم الحبيب[*]                                          دمحمد عبد الرحمن[**]
أفدغوش كميخ حنيظل المريخي[***]

1- مقدمة:
من أهم المشاكل التي تعاني منها الكثير من الدول النامية هي عدم توازن التوزيع السكاني على الحيز المكاني في هذه الدول، ويمثل التركز السكاني في المناطق الريفية أحد تلك المظاهرويرجع ذلك إلى أسباب اجتماعية وسياسية واقتصادية، ولعل أهم الأسباب الاقتصادية هو الدور الذي يلعبه القطاع الزراعي في الاقتصاد الوطني، أساليب الإنتاج التي تعتمد على أسلوب الكثافة العمالية Labor intensive، بالإضافة إلى سياسات الدول النامية، والخاصة بتوجيه جرعات متتالية من الاستثمارات الوطنية إلى المناطق الحضرية، وخاصة في قطاع الخدمات ومشروعات الهياكل الأساسية Infrastructure على حساب المناطق الريفية.

ومن جهة أخرى تتجه كثير من الدول النامية إلى تركزي معظم الاستثمارات الصناعية في عدد محدود من المناطق الحضريةأما لتوفر فرص التجمع الصناعي Economies of Agglomoration بما لها من مميزات في خلق وفورات الإنتاج، أو لقربها من منافذ التوزيع أو مصادر الطاقة والمواد الأولية ومصادر اليد العاملة المدربة.
هذا وقد أدت تلك السياسات إلى تشجيع الهجرة من الريف إلى الحضر، وخاصة من بين فئات الشباب Brain and Youth drain وأصبحت علاقات التبادل الاقتصادية المكانية لصالح الحضر وعلى حساب الريف.
وعلى الرغم من كثيرا من المفكرين الاقتصاديين يرون أن مثل هذا النمط من التنمية Unbalanced Growth عادة ما يؤدي إلى دفع عجلة التنمية، وخاصة إذا ما لجأت الحكومات إلى اتباع سياسات مكملة لإعادة توزيع الدخل القومي عن طريق سياسات الأنفاق والضرائب، إلا أن هذا المنهج قد أثبتت عدم فعاليته في كثير من البلدان النامية.
ولعل ظروف المملكة العربية السعودية تختلف عن ظروف كثير من البلدان الناميةحيث أن الزراعة لا تعتبر القطاع الأول الرئيسي في الاقتصاد الوطني، إضافة إلى أن صغر حجم السكان وتوزيعهم المكاني يتسم بالانتشار، كما أن المملكة استطاعت في السنوات الأخيرة عن طريق الإمكانات المالية التي توافرت لها من العائدات البتروليةأن تولي اهتماما كبير المشاريع الهياكل الأساسيةوفي نفس الوقت دفع حركة التنمية في قطاع الإنتاج الزراعي والصناعي.
ولكن تظل توجد تساؤلات منها:
ما هو نمط التوزيع المكاني للصناعات في المملكة The Spatial pattern of Industrialization وما هي طبيعة التوطن الإقليمي للصناعة في المملكة؟
وما هي الاتجاهات المستقبلية لهذا النمط من التوزيع المكاني والتوطن الإقليمي للصناعة في المملكة وأثرها على الفوارق الإقليمية؟
بجانب الإجابة على هذه التساؤلات عن طريق تحليل البيانات المتوافرة عن التوزيع المكاني للصناعات بالمملكة سيحاول البحث أيضا تقديم بعض التوصيات المتعلقة بالسياسات والحوافز التي تحقق التنمية المكانية Spatial Development على أسس تقلل من الفوارق الإقليمية في المملكة.
وينقسم البحث إلى ستة أقسام:
في القسم الأول، تقدم خلفية نظرية لأهمية توزيع الصناعات على الحيز المكاني بغية تحقيق التنمية الإقليمية الحضرية والريفية حيث نتطرق أيضا لأهمية التفرقة بين التنمية الريفية والتنمية الزراعية.
وفي القسم الثاني نعطي ملامح موجزة عن مجهودات التنمية في القطاع الصناعي في المملكة.
ثم نتناول في القسم الثالث، توزيع الصناعات المنتجة على الحيز المكاني في المملكة.
وفي القسم الرابع، نقوم باختبار التوطن الإقليمي للصناعة في المملكة.
وفي القسم الخامس، نتناول الاتجاهات المستقبلية ودلالتها المكانية.
وفي القسم السادس، نقدم نتائج وتوصيات البحث التي يمكن بمقتضاها إيجاد توازن في التوزيع المكاني للصناعات والأساليب التي تعمل على جذب الصناعات إلى المناطق الريفية ودور القطاع الخاص والحكومي في تحقيق ذلك.

2- خلفية نظرية:
يعتمد اختيار موقع صناعة ما ومن ثم التجمع الصناعيIndustrial Agglomoration على الأهمية النسبية للموقع مقارنة بالمواقع الأخرى البديلة داخل المجتمعوتعتمد الأهمية النسبية للموقع على بعض العوامل التي نذكر منها:
1 توافر عناصر الإنتاج اللازمة لتلك الصناعة، كالأيدي العاملة، ورأس المال، إضافة إلى قرب الموقعمن أماكن المواد الخام، والسلع، والوسيطة.
2  التوزيع المكاني Spatial Distribution للطلب على المنتج النهائي.
3  تكلفة النقل لمستلزمات الإنتاج وللمنتج النهائي.
4   توافر خدمات التجهيزات الأساسية، خاصة شبكة الطرق والكهرباء والمياه.
5   قرب الموقع من منافذ التوزيع الدولية.
وبالنظر إلى هذه العوامل، وفي غياب سياسة واضحة للأهداف المكانية Spatial Objectives على مستوى التخطيط الوطني في كثير من الدول النامية يلاحظ تركز النشاط الصناعي في مناطق معينة في هذه الدول خاصة حول المدن الرئيسةوقد ساعد هذا النمط من التركز المكاني عاملانأحدهما يتعلق بعنصر تحقيق Efficiency في استغلال الموارد المتاحة، والآخر يتعلق بسياسات المحاباة التي تتبعها الحكومات نحو التحضر بصفة عامة، والنصاعة بصفة خاصة.
أما العنصر الأول فيقترح الكثير من الاقتصاديين في مقدمتهم هيرشمان وميردالأن أسلوب التركز المكاني للأنشطة الاقتصادية، خاصة الصناعة هو الأسلوب التنموي الملائم لمرحلة الانطلاق في الدول النامية، ويؤيد هذا الاتجاه أيضا المنظمات الدوليةكالبنك الدولي، والهيئات ا لمتخصصة التي تضع التركز المكاني ضمن شروطها لإقراض الدول النامية.
أما العنصر الثاني فيتعلق بسياسات الحكومات المتحيزة نحو المناطق الحضرية كالإعانات، والمساعدات والتسهيلات الإدارية التي تمنحها للصناعة، وتساعد على تركزها في هذه المناطقفعلى سبيل المثال تمثل الاتصالات المباشرة بالجهات الحكومية المسئولية عن التراخيص الصناعية والتجارية والإئتمانات دافعا قويا لاتجاه الصناعة نحو المدن الرئيسة خاصة تجاه عواصم الدولكما وان التسهيلات الحكومية المتمثلة في تعريفات النقل وأسعار الطاقة غالبا ما تحابى المدن الكبرى، مما يؤثر على حوافز تحديد مواقع الصناعات بأن تجعل هذه المدن اكثر جاذبية من غيرها.
هذا السياسات المتعلقة بالتركز المكاني للأنشطة الاقتصادية وان كان الهدف منها تحقيق الكفاءة في استخدام الموارد المتاحة، إلا أنها تتجاهل عنصر المساواة Equaty في حصول المناطق المختلفة في المجتمع على النصيب العادل من الأنفاق الوطني، وينتج عن ذلك تدهور الأحوال المعيشية في المناطق المحرومة والتي تتركز أساسا في المناطق الريفية، إضافة إلى إحداث ضغوط واختناقات في المناطق الحضرية بسبب الهجرات المتزايدة إليها من المناطق الريفية.
لذا بدأ اهتمام الساسة والمخططون يتجه نحو العمل على إحداث توازن بين نمو المناطق الحضرية والمناطق الريفيةهذا التوازن لا يقصد منه تحقيق معدلات نمو متساوية بين ا لمناطق الحضرية والمناطق الريفية، ولكن القصد منه العمل على توزيع الأنشطة الاقتصادية المختلفة على هذا المناطق، بحيث تحقق التكامل المنشود على نطاق الحيز الوطني ككلومن هذا المنطلق أصبحت التنمية الريفية من الأهداف الرئيسة لبرامج التنمية، وكما ذكر أحد الاقتصاديينانه لتحقيق التنمية الذاتية في الدول النامية فلا بد أن نبدا في المناطق الريفية بصفة عامة، والقطاع الزراعي بصفة خاصة، فكثير من المشاكل التي تعاين منها الدول الناميةكالفقر، وعدم عدالة توزيع الدخل، وارتفاع نسبة البطالة، إنما يرجع غالبيته لسوء الأحوال المعيشية وتدهورها في المناطق الريفية ([1]).
ولا تقتصر تنمية المناطق الريفية على مجرد رفع إنتاجية القطاع الزراعي حيث أثبتت تجارب بعض الدولأن الاهتمام بالقطاع الزراعي وحده لن يكون كافيا لتطوير المناطق الريفية وتوفير فرص العمل وتحقيق الاستقرار لسكانها من اجل تخفيف الضغط على المدن الرئيسة، ويتحقق ذلك عن طريق التوزيع المكاني للأنشطة الاقتصادية غير الزراعية، بحيث تناول المناطق الريفية النصيب العادل، منهاففي دراسة عن تايوان وجد صمويل هو Samuel P. S Hoأن التوزيع المكاني للصناعات ساعد تايوان كثيرا على سرعة التصنيع من ناحية، وعلى تنمية الريف من ناحية أخرى ([2]).
بناء على ما تقدم فإن نمط تركز الصناعة خاصة المدن الرئيسة، بالرغم ن إيجابياته إلا أن المشاكل التي تنجم عنه لا سيما فيما يتعلق بعدم التوازن المكاني Spatial Disequilibra تستوجب العمل على توزيع الصناعات على الحيز الوطنيهذا التوزيع المكاني للصناعات لن يفيد فقط في تحقيق المكاسب المادية للتنمية الشاملة، بل سيعمل على:
1  تحقيق الاستقرار لأبناء المناطق الريفية الذين يمثلون نسبة كبيرة من السكان، ومن ثم زيادة مساهمتهم في مجهودات التنمية الشاملة.
2  توفير الحاجات الأساسية Basic Needs لأبناء المناطق المختلفة على أساس العدالة.
3 أضعاف الثنائيات التي تعاني منها الدول النامية كالثنائية بين القطاع الحديث (الصناعة– الخدماتوالقطاع التقليدي– الزراعة– والثنائية بين المناطق الحضرية، والمناطق الريفية، والثنائية بين نمط توزيع الدخل، ونمط الاستهلاك بين الريف والمدن.
4 أن توزيع الصناعات على الحيز المكاني يساهم في استغلال الوسائل الفنية المتاحة والتي تتمشى مع متطلبات الأقاليم التي تقام بها، كما أنها ستمكن الصناعات من إنتاج السلع التي تتناسب مع أذواق تلك الأقاليم، ومن ثم تتغلب على المشاكل التسويقية التي تعترض الكثير من الصناعات الناشئة.
5  أن توزيع الصناعات سيساهم في تنمية المناطق الريفية التي ينظر إليها في الوقت الحاضر على أنها المخرج للمشاكل التي تتعرض لها المناطق الحريةكالبطالة، والإختناقات، وتلوث البيئة.
هذه العوالم السالفة الذكر توضح بجلاء اثر التوزيع المكاني للصناعات على تقليل الفوارق الإقليمية إلا انه يجدر الإشارة إلى أن الطريق أمام تحقيق نجاح هذا الأسلوب يعترضه بعض المشاكل والتي منها:
1 عدم توافر التجهيزات الأساسية خارج المناطق الحضرية.
2  بالرغم من توافر العمالة خارج المناطق الحضرية إلا أن هذه العمالة تفتقر إلى المهارات اللازمة للانخراط في عمليات التصنيع، ومن ثم تحتاج إلى برامج تدريبية لا يمكن أن يقوم بها المستثمر، ومن ثم يقع عبؤها على ميزانية الدولة التي تعاين من قلة في الموارد المالية لدى الكثير من الدول النامية.
3 ضعف مستوى دخول المناطق الريفية يضعف بدوره القوة الشرائية في هذه المناطق وهذا بدوره يضعف الطلب الفعال على المنتجات الصناعية.
ولكن بالرغم من كل هذه الصعوبات سالفة الذكر وبالنظر للفوائد التي ستجنيها الدول النامية من وراء توزيع الصناعات على الحيز المكاني، فإنه يمكن توجيه برامج وسياسات التنمية الهادفة نحو تطوير المناطق الريفية وتحسين الأحوال المعيشية لأبنائها مما يعمل على نجاح استراتيجية توزيع الصناعات على الحيز المكاني للمجتمع التي بدورها ستعمل على تقليل الفوارق بين الأقاليم المختلفة.
على ضوء هذه الاعتبارات النظرية نحاول في الأجزاء التالية تحليل التوزيع المكاني للصناعات في المملكة، واثر لك على الفوارق الإقليمية وذلك بعد أن نعطي خلفية موجزة عن مجهودات التنمية في القطاع الصناعي بالمملكة.
3- مجهودات التنمية في القطاع الصناعي في المملكة العربية السعودية:
يأتي تحديث وتطوير القطاع الصناعي في المملكة العربية السعودية من الدور البالغ الأهمية لهذا القطاع في دفع عجلة التنمية ليس فقد بهدف رفع معدل زيادة الدخل الوطني، بل وأيضا في تغيير وتنويع الهيكل الإنتاجي على المستوى الإقليمي والوطني.
ولقد دأبت الحكومة على دعم وتعزيز الظروف المواتية للنمو الصناعي عن طريق تقديم الكثير من الحوافز والتسهيلات، مثل:
-         إنشاء المناطق الصناعية، وتوفير التجهيزات الأساسية الضرورية للتصنيع بها.
-   تقديم القروض بشروط ميسرة.
-   المعاونة في الدراسات والبرامج.
-  تقديم الكثير من التسهيلاتكالإعفاءات من الرسوم الجمركية على الآلات والمعدات المستوردة، والتسهيلات المتعلقة بالضرائب.
-   إعطاء الأولوية من قبل الجهات الحكومية لشراء منتجات هذه المصانع.
-  تأمين الحماية الجمركية للصناعات الناشئة.
إضافة إلى ذلك تعلب الحكومة دورا مباشرا في تأسيس الصناعات الثقيلة مثلمصانع الحديد والصلب في جدة، ومصنع السماد بالقرب من الدمام، ومصانع تجميع الغاز الطبيعي، ومراكز الصناعات الثقيلة في الجبيل وينبع.
3- 1-: مكونات القطاع الصناعي بالمملكة:
يتألف القطاع الصناعي في المملكة العربية السعودية من مجموعتين رئيستين من الصناعات.
              الأولى تمثل قطاع الصناعات الأساسية المستندة على المواد الهيدروكربونية.
              والثانية قطاع الصناعات التحويلية.
وبجانب هاتين المجموعتين توجد مجموعات الصناعات الصغيرة التي تقوم بأعمال الإصلاح، وإنتاج السلع على نطاق صغيروفيما يلي نعطي نبذة صغيرة عن كل منهم:
3- 1- 1-: الصناعات الأساسية:
تقوم بإنتاج معظم هذه الصناعات الشركات المنشأة من قبل الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابكالمملوكة جزئيا للحكومة، والتي تم إنشاؤها في عام 1396 هـ (1976مبهدف تطوير الصناعات الثقيلة الأساسية، بالتعاون مع القطاع الخاص، وتنتمي معظم الصناعات التي أدخلتها سابك في المملكة العربية السعودية إلى الهيدروكربونات والصناعات المعدنية الثقيلةوهذه الصناعات تتصف بكثافة استخدام رأس المال والطاقة في العملية الإنتاجية وتستخدم المواد الخام المشتقة من زيت النفط، وتتغذى على الصناعات القائمة على الغاز الطبيعي، ومعظم المشاريع الصناعية المنفذة، وتتغذى على الصناعات القائمة على الغازومعظم المشاريع الصناعية المنفذة تأخذ شكل مشاريع تضامنية مع شركات عالميةوتقع غالبية هذه المشاريع في مدينتي الجبيل وينبع ا لصناعيتين المشيدتين خصيصا لاستيعاب هذه الصناعة، وقد شهدت هاتان المدينتان استثمارات هائلة لإنشاء مراكز الصناعات الأساسية على الخليج العربي والبحر الأحمر على التواليوبنهاية فترة الخطة الثالثة للتنمية 1405هـ قدرت سابك أجمالي الاستثمارات المحلية في الطاقة الإنتاجية في المشاريع الثمانية المستكملة بـ 36.9 بليون ريال سعوديويجري حاليا تقويم الجيل الثاني من الصناعات Down Stream وبعض منها يوشك على الدخول إلى حيز التنفيذومن الأمثلة على هذه الصناعاتأنابيب الـ P V C، إطارات السيارات، ألياف البوليستر للمنسوجات، الألياف الأكريليكية للسجاد والملابس، والمنظفات الصناعية، الأفلام البلاستيكية، لدائن الـ P V C للتنجيد.
3- 1- 2-: الصناعات التحويلية:
وتشتمل على الصناعات المواد الغذائية، ومواد البناء، والمنسوجات، والملابس الجاهزة، والصناعات الخشبية، والأثاث، والورق، والمنتجات المعدنية، وغيرها، وهي كما نلاحظ صناعات مختارة لتلائم احتياجات السوق المحليةويرخص بإنشاء هذه الصناعات وزارة الصناعة والكهرباء، كما أن معظمها مملوكة للقطاع الخاص، وممولة بقروض من صندوق التنمية الصناعية السعودي.
3- 1- 3-: الصناعات الصغيرة (الورش):
تتألف المجموعة الثالثة من الصناعات من ورش إصلاح صغيرة، وأنشطة إنتاجية ضيقة النطاق، ذات كثافة عمالية عاليةوتستلزم هذا الأنشطة الصناعية الحصول على تراخيص من البلدياتوتقتصر الاحتياجات المالية لهذا النوع من الصناعات على رأس المال التشغيلي ، الذي يوفره في معظم الأحوال أصحاب الورشويمكن استكمال رأس المال التشغيلي هذا بوساطة قروض من صندوق التنمية الصناعية السعودية، إذا كان صاحب الورشة قد أنهى التدريب المهني الذي توفره المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني.
3- 2-: دور القطاع الصناعي في التنمية الوطنية:
ما زال القطاع الصناعي في المملكة يمثل نسبة صغيرة من أجمالي الناتج المحلي، بالرغم من ارتفاع معدل نموه السنوي خلال الفترة الأخيرةفقد معدل النمو السنوي لقطاع الصناعة 14.1 في المائة خلال خطة التنمية الثالثة 1400– 1405 هـ حسب الأسعار الثابتة، بينما بلغت مساهمته في الناتج المحلي 3.8% بنهاية الخطة مرتفعا من 1.7- في السنة الأولى للخطة– انظر الجدول رقم (1)– مقارنة بالإنتاج، فقد ارتفع معدل توظيف القوى العاملة في الصناعة بسرعة اكبر خلال نفس الفترة، حيث بلغ19.3% سنويا، حيث ارتفع عدد القوى العاملة في الصناعة من حوالي 170 آلف في عام 1399/ 1400هـ إلى 411.4 ألفا في عام 1404/ 1405 هـ وتشير التقديرات إلى أن 87% من هذه الزيادة تركزت في الصناعات الصغيرة (الورشالمرخصة من قبل البلديات ([3]).
جدول رقم (1)
اسهم القطاع الصناعي في أجمالي الناتج المحلي
(بملايين الريالات بالأسعار الجارية) 

المصدراعد هذا الجدول من البيانات الواردة بالجدول رقم (2/3)، خطة التنمية الرابعة ص 52.
3- 3- تطور عدد الصناعات المنتجة المرخصة في المملكة:
زاد عدد الصناعات المنتجة المرخصة خلال الخمسة عشر سنة الماضية إلى اكثر من أربعة أضعاف، حيث ارتفع العدد من 456 مصنعا بنهاية عام 1390 هـ (1970مإلى 1864 مصنعا بنهاية عام 1405 هـ (1985م). وكما يتضح من البيانات الواردة بالجدول رقم (2) أن الزيادة في عدد الصناعات تركزت في فترة الطفرة البترولية (1396– 1400 هـ) (1976– 1980محيث وصل عدد الصناعات في هذه الفترة 928 صناعة وهي تمثل ضعف عدد الصناعات التي تمت بنهاية فترة 1390– 395هـ أو بنهاية فترة 1401– 1405هـويعود السبب في هذه الزيادة إلى ازدياد حركة التشييد، وبناء التجهيزات الأساسية في فترة الطفرة وما تبعها من ارتفاع في عدد صناعات مواد البناء المواد المعدنية، كما سيتضح لنا فيما بعد.
ويتبين لنا أيضا من البيانات الواردة بالجدول رقم (2) أن 79% من إجمالي عدد الصناعات المنتجة حتى نهاية عام 1405 هـ هي صناعات مملوكة بالكامل لمواطنين سعوديينأما المشروعات الصناعية التي يسدهم المواطنون السعوديون من المستثمرين الأجانب وكذلك المشروعات الصناعة التي يمتلكها المستثمرون الأجانب وحدهم فقد بلغ عددها بنهاية عام 1405هـ (391) مصنعا منتجا أي 21 من أجمالي عدد الصناعات المنتجة في المملكة، ويتركز اغلبها في الصناعات المعدنية والهندسية40% والكيماوية 22% ثم مواد البناء 17 % والصناعات الغذائية 11% وباقي الصناعات 10%..([4])
جدول رقم (2)
عدد الصناعات المنتجة المرخصة من نهاية عام 1390 هـ إلى نهاية عام 1045هـ 
المصدروزارة الصناعة والكهربا، وكالة الوزارة لشئون الصناعة– النشرة الإحصائية الصناعية لعام 1405 هـ (1985م)– جدول رقم (1) ص 14.

4- التوزيع المكاني للصناعات المنتجة بالمملكة العربية السعودية:

تنقسم المملكة العربية السعودية إداريا إلى أربعة عشر إمارة هي:
مكة المكرمة– الرياض– الشرقية– المدينة المنورة– القصيم– الباحة– نجران– عسير– جيزان– القريات– عرعر– تبوك– الجوف– حائلوتقع كل مجموعة من هذه الإمارات فيما عدا إمارة المنطقة الشرقية التي تعتبر إمارة ومنطقة قائمة بذاتها في إحدى المناطق الخمسة الرئيسة التي تستخدم كمناطق تخطيطية على مستوى التخطيط القومي وهيالمنطقة الغربية وبها إمارتا (مكة المكرمة، والمدينة المنورةوالمنطقة الوسطى وبها (الرياض والقصيموالمنطقة الشمالية وبها (تبوك وحائل والجوف والقريات وعرعروالمنطقة الجنوبية الغربية فيها (الباحة ونجران وجيزان وعسيروالمنطقة الشرقية.. انظر الخريطة.
ولدراسة التوزيع المكاني للصناعات المنتجة في المملكة سوف نستخدم التقسيم المتبع في جمع المعلومات عن الصناعات في المملكة وهو على مستوى الإمارات الأربع عشرة سالفة الذكرويوضح الجدول رقم (3) التوزيع المكاني للصناعات المنتجة والقوى العاملة حتى نهاية عام 1405هـ حسب الإمارة والصناعة.

جدول رقم (3)
التوزيع المكاني للصناعات المنتجة المرخص بها على الإمارات المختلفة بالمملكة العربية
السعودية (مؤسسات عمالةحتى نهاية عام 1405 هـ- 1985م 

المصدروزارة الصناعة والكهرباء– النشرة الإحصائية الصناعية مصدر سابق– جدول رقم (2) وجدول رقم (15) ص 16 وص 30.

وبتحليل التوزيع المكاني للصناعات يتضح لنا ما يلي:
أتمثل صناعة مواد التشييد والبناء والصناعات المعدنية اكثر من نصف عدد الصناعات المنتجة المرخص بها في المملكة، وترتبط هاتان الصناعتان بعضهما ببعض حيث توسعتها بدرجة كبيرة نتيجة الازدهار في مجال التشييد خلال خطتي التنمية الثانية والثالثة.
وتلي هاتان الصناعتان من حيث الأهمية صناعة الكيماويات، وصناعة المواد الغذائية، حيث بدأت الصناعات الغذائية في الآونة الأخيرة تعتمد جزئيا على المنتجات المحلية من المحاصيل الزراعية والحيوانية.
بتتركز الصناعات بشكل مكثف في المراكز الحضرية الرئيسة في الملكة، وبخاصة تلك الواقعة على طول المحور الممتد من جدة في المنطقة الغربية، إلى الدمام في المنطقة الشرقية، مع وقوع الرياض عاصمة البلاد كنقطة مركزية لهذا المحور، وهو ما يمكن أن نطلق عليهالمحور الشرقي الغربيوقد جذبت هذه الإمارات الثلاث مزيجا من الصناعات المتنوعة يفوق 79 في المائة من أجمالي المؤسسات الصناعية المنتجة المرخصة، ومن ثم استحوذت على غالبية قوة العمل المستخدمة في الصناعةانظر الجدول رقم (4).
ويعود هذا التركز للأنشطة الصناعية في هذه الإمارات الثلاث لاحتوائها على أهم المراكز الرئيسية في المملكة، فهذه المراكز الحضرية الثلاثة تمثل أهمية بالغة في تشكيل الهيكل الاستيطاني للمملكة، فالرياض بموقعها المركزي هي عاصمة البلاد، وتضم اكبر عدد من السكان الحضريين.
وجدة هي نقطة النقلالشحن البحري الرئيسة المطلة على البحر الأحمر فضلا عن كونها البوابة الرئيسة للاماكن المقدسة.. مكة المكرمة والمدينة المنورة، كما أنها اكبر ثاني مركز حضاري بالمملكة.
والدمام بوصفها البوابة الشرقية للمملكة تعتبر أيضا نقطة رئيسة للنقلالشحن على الخليج العربي فضلا عن كونها المركز الرئيس لصناعة زيت النفط.
جـيلي المحور الشرقي الغربي في الأهميةالقصيم، ثم المدينة المنورةفي حين تأتي المنطقتان الشمالية والجنوبية كأقل المناطق جذبا للصناعات المرخص بها، وتتمثل معظمها في الصناعات المتعلقة بقطاع التشييد (صناعات مواد البناء والصناعات المعدنية). انظر الجدول رقم (3).
دباختيار مدى تركز الصناعات على مستوى المدينة تفحصنا البيانات الخاصة بتوزيع الصناعات على المدن الرئيسة في المملكة بنهاية عام 1404 هـ (1984م([5])، واتضح وجود تركز مكثف للصناعات في المدن الرئيسية في المحور الشرقي الغربي أيضا وهذه المدن هيالرياض، ومكة، وجدة، والدمام، والخبر، والظهرانحيث تضم هذه المدن 1295 صناعة من أجمالي عدد الصناعات بالمملكة البالغ عددها 1711 أي بنسبة 76% كما أنها تستحوذ على 91.6% من أجمالي عدد الصناعات بالإمارات الثلاثانظر الجدول رقم (5).

جدول رقم (4)
التركز المكاني للصناعات المنتجة المرخصة في المملكة
حسب نوعية ا لصناعة حتى نهاية عام 1405هـ (1985م)

وتأتى مدينة الرياض في مقدمة مدن المملكة حيث يتركز بها 31.9% من أجمالي عدد الصناعات في المملكة و 42% من أجمالي عدد الصناعات على مستوى المدن الرئيسة في الإمارات الثلاث و 97% من الصناعات في إمارة الرياض نفسها، يليها مدينة جدة ومكة التي يقع بهما 25% من أجمالي عدد الصناعات في المملكة و 33% عدد الصناعات في الإمارات الثلاث و 95% من الصناعات في إمارة مكة، ثم مدن الدمام والخبر والظهران 17.1% من عدد الصناعات بالمملكة و 25% من أجمالي عدد الصناعات على مستوى المدن الرئيسة في الإمارات الثلاث و 80% من عدد الصناعات في إمارة الشرقية.
جدول رقم (5)
عدد المصانع حسب المدن الرئيسة في إمارات الرياض– مكة– الشرقية

حتى نهاية عام 1404هـ


المصدرتم إعداد هذا الجدول من البينات الصادرة عن وزارة الصناعة والكهرباء النشرة الإحصائية الصناعية لعام 1404هـ (1984موقائمة المصانع المنتجة المرخصة، 1404 (1984م).

5- التوطن الإقليمي للصناعات بالمملكة:

بالرغم من أن التوطن الإقليمي للصناعات يعتمد اعتمادا كبيرا على العوامل الاقتصادية إلا انه يعتمد أيضا على جوانب اجتماعية يجب مراعاتهاوقد حرصت خطة التنمية الرابعة على الإشارة إلى ذلك في أحد بنود الأسس الاستراتيجية للخطة، وذلك بالقول بضرورة اختيار مراكز للنمو في المناطق القابلة لاحتواء المشروعات الإنتاجية وتدعيمها، لتجذب السكان من المناطق المحيطة بها غير المتوافرة فيها مقومات النمو، وعلى هذا الأساس سيتم اختيار الصناعات الجديدة و توزيعها وبناء المرافق الصناعية المساندةوذلك لكي تستفيد الصناعات من الميزات البيئية ومن التكامل والترابط الصناعي الذي يحقق خفض التكاليف وزيادة الإنتاجية ". ([6])
              وفي محاولة لاختيار التوطن الإقليمي للصناعة في المملكة (أي لكل إمارةنستخدم معامل التوطن للصناعات المنتجة المرخصة لعام 1405 هـ Industrial Location Quotients وذلك باستخدام المعادلة التالية:
معامل التوطن لصناعة ما في إمارة معينة ـــــ

حيث تمثل Ei العمالة في صناعة ما داخل إمارة معينة وتمثل E مجموع العمالة الصناعية داخل هذه الإمارة وتمثل Ni العمالة على المستوى الوطني لهذه الصناعة و N تمثل أجمالي العمالة الصناعية على المستوى الوطني.
وفي حالة أن يكون معامل التوطن اكبر من الواحد صحيح فهذا يعنيأن الإمارة تستحوذ على نصيب اكبر من الصناعة المعنية، وفي حالة أن معامل التوطن اقل من الواحد صحيح فهذا يعني أن الإمارة لا تحصل على نصيبها العادل منم الصناعة محل الدراسة([7])
وبتطبيق معامل التوطن على البيانات الواردة بالجدول رقم (3) نحصل على معاملات التوطن الإقليمي للصناعات المرخصة لعام 1405هـ والواردة بالجدول رقم (6) ويتضح من هذه المعاملات ما يلي:
1  أن الإمارات التي تضم اكبر عدد من الصناعات المتوطنة (معامل التوطن الصناعي اكبر من 1) هي إمارات الرياض، المدينة المنورة، مكة المكرمة، القصيم– والشرقية.
2  الصناعات الغذائية والصناعات المرتبطة بالزراعةهي اكثر الصناعات انتشارا من حيث التوزيع المكاني للمنشآت والعمالة، وهذه الصناعات متوطنة في خ مس إمارات هي القصيم، وعسير، ونجران، وتبوك، ومكة المكرمةوهذه الإمارات معروفة بهيمنة القطاع الزراعي على الأنشطة الاقتصادية.
3 تميزت صناعة مواد البناء والتشييد بالانتشار في معظم مناطق المملكةفي الرياض، والمدينة المنورة، والقصيم، وعسير، والباحة، وجيزان، وحائل، وتبوكويرجع السبب الرئيس في ذلك إلى أن مستلزمات الإنتاج المطلوبة لهذه الصناعة موجودة في كل المواقع تقريبا، بالإضافة إلى أن الطلب المتزايد على منتجات هذه الصناعة خلال خطتي التنمية الثانية والثالثة قد أدى إلى استجابة القطاع الخاص لفرص الاستثمار فيها.
4 صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة متوطنة في المراكز الحضرية الكبيرة وخاصةالرياض، ومكة المكرمة، والمدينة المنورةأما في الإمارات الجنوبية، فإن هذه الصناعة متوطنة في إمارة جيزان فقط.
5    صناعة الجلود والمنتجات الجلدية متوطنة في الرياض، ومكة المكرمة، والقصيم، والشرقية، والمدينة المنورة.
6 صناعة المنتجات الخشبية تتألف متوطنة فيالرياض والمنطقة الشرقية، وحائل في الشمال، ونجران في الجنوب.
7  صناعة الورق والمنتجات الورقية في إمارة المنطقة الشرقية ومكة المكرمة.
8  صناعة الكيماويات متوطنة في إمارة المنطقة الشرقية، والمدينة المنورة، وتبوك الإمارة الشمالية.
9   الصناعات المعدنية متوطنة في إمارة الرياض، المنطقة الشرقية، ومكة المكرمة، ونجران.
6- الاتجاهات المستقبلية ودلالاتها المكانية:
نظرا لان تمركز الصناعة والأنشطة المالية والتجارية المساندة في منطقة ما يعتبر من أهم العوامل التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند اختيار مواقع جديدة لصناعات مستقبلية، لذا يمكن القولأن النمط المكاني للنمو الصناعي مستقبلا سوف يعتمد إلى حد كبير على مدى التركز الصناعي المكاني في الماضي، للنمو الصناعي مستقبلا سوف يعتمد إلى حد كبير على مدى التركز الصناعي المكاني في الماضي، وعلى ضوء هذه الافتراضات، فسوف تستمر المراكز الرئيسة الحضرية وخاصة الرياضجدة– الدمام– مكة المكرمة– والمدينة المنورة، نقاطا لمزيد من تركز الأنشطة الصناعية المستقبلية ومضموناتها المكانية للصناعة في المملكة كما يلي:
-1 الصناعات الحديثة العهد نسبيا للمملكة وبخاصة البتروكيماويات، يتوقع لها أن تحتل مركز الريادة في المستقبل، ومن الجائز أن تفضل هذه الأنشطة الصناعية الجديدة، التوطن على مقربة من المستلزمات الوسطية التي تنتجها الأقطاب الصناعية الجديدة، في الجبيل وينبع، أو على مقربة من الأسواق الكبرىوفي كلتا الحالتين، ومن المتوقع أن تكون حصة الإمارات الشمالية والجنوبية محددة من هذه الصناعات السريعة النمو. 
جدول رقم (6)
معامل التوطن الإقليمي للصناعات المنتجة المرخصة حتى نهاية عام 1405هـ - (1985م) 

إمكانات التوسع الصناعي في أنشطة صناعية غير مرتبطة مباشرة بقطاع الزراعة في كل من الإمارات الشمالية والجنوبية بالمملكة سوف يعتمد إلى حد كبير على مدى توافر القوى البشرية المدربة، والقنوات التسويقية المناسبةهذا بالإضافة إلى مقومات أخرى سنتحدث عنها فيما بعد.
-2 الصناعات التحويلية وخاصة تلك المرتبطة بتصنيع المنتجات الزراعية، من المنتظر أن تظل اكثر القطاعات الصناعية الفرعية انتشارا، على الرغم من أنها ستظل تفضل التوطن في المناطق الاستهلاكية الكبيرة، إلا إذا توافرت لها مقومات التصنيع بالقرب من المناطق الزراعية.
-3 سوف تستمر حركة الهجرة بين المناطق في تأثرها بعوامل الجذب الاقتصادية، وخاصة بالتغيرات التي تطرأ على معدلات الإنتاجية والكسبومن المتوقع أن تظل المراكز الحضرية الرئيسة في الإمارات الشرقية والغربية والرياض هي مناطق استحداث فرص عمل جديدة مع ارتفاع في معدل الإنتاجوبالتالي ستستمر الهجرة في زحفها نحو هذه المناطق
-4  التنويع الصناعي الناجح في المراكز الحضرية الثانوية، وخاصة في المناطق الشمالية والجنوبية من المملكة، سوف يتوقف بدرجة كبيرة على مدى ترابط هذه الصناعات مع صناعات وأنشطة إنتاجية في المراكز الحضرية الرئيسة.
-5 حيث أن تقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية يعتبر واحدا من الأهداف الرئيسة لخطة التنمية الرابعةفسوف يتوقف النجاح في الصناعة على مستوى المملكة على مدى توافر وقدرة مؤسسات التدريب على تأمين المهارات المطلوبة كما وكيفا، وذلك وفقا للاحتياجات المستقبلية.
-6     نتائج وتوصيات البحث:
أن الفوارق الإقليمية التي أبرزتها هذه الدراسة ليست بحالة خاصة تنفرد بها المملكة العربية السعودية، أنها ظاهرة عامة في كل الدول سواء المتقدمة منها أو الناميةهذه الفوارق الإقليمية على الرغم من أنها قد تشكل أحد عوائق التكامل في عملية التنمية المكانية، فإن كثيرا من المفكرين الاقتصاديين يرونأن مثل هذه الفوارق الإقليمية من أحد متطلبات التنمية المكانية الشاملة ويرى هؤلاء المفكرونانه بعد الوصول إلى مرحلة معينة من التنمية يمكن للأقاليم المتقدمة أن تجذب حركة التنمية في الأقاليم التي لم تحظ بنصيب معقول من التنميةومن الجدير ذكرهأن هذا من أحد الظواهر الخاصة التي لوحظت في الدول الصناعية التي وصل اقتصادها إلى مرحلة النضوج، والذي ربما لا ينطبق على ظروف التنمية ومراحلها للمملكة.
ولكن ما يجدر الإشارة إليهأن هذه الفوارق إذا ما تركت دون تدخل أو تنظيم من جانب الجهات التخطيطية فعادة ما يترتب عليها تركز متزايد للأنشطة الاقتصادية والسكان في إجراء محدودة من الحيز المكاني الوطنيوعادة ما يترتب على ذلك عدم المساواة في توزيع فرص التنمية، وعدم الكفاءة في استخدام الموارد، إضافة إلى صعوبة تحقيق التكامل بين الأجراء المختلفة للمجتمع.
أن التنمية الصناعية للإمارات التي تتسم بالصفة الزراعية تحتاج إلى استراتيجية مدروسةولا بد أن تعتمد هذه الاستراتيجية على دراسات مفصلة لتحديد الإمكانات التنموية بالإمارات المختلفة وخاصة في مجال الصناعة والمشاكل التي تواجه تنفيذ مثل هذه الاستراتيجية.
فالانخفاض النسبي في نصيب الإمارات الشمالية والجنوبية من التطور الصناعي على مستوى المملكة يرجع إلى مجموعة مرتبطة من العوالم تشمل:
البعد النسبي عن الأسواق الوطنية الكبيرة.
الانتشار الواسع والبعيد لمناطق العمران بالمملكة.
عدم توافر هياكل بنية أساسية وخدمات مكملة تسمح بالنمو الصناعي.
عدم توافر أيد عاملة ماهرة مدربة وذات خبرة.
انخفاض نسبة الحضر إلى أجمالي السكان بما لا يسمح بتركز صناعات مختلفة.
              ولا شك أن تشجيع الصناعات على التوطن في الإمارات الشمالية والجنوبية بهدف الوصول إلى توزيع اكثر توازنا لصناعات على مستوى الحيز المكاني الوطني مما يساعد على سد الفوارق الإقليمية، سوف يتطلب توفير فرصا لتشجيع الصناعات للتوطن في هذه الإمارات، ليس فقط عن طريق القطاع الخاص، ولكن عن طريق المشاركة الفعلية للحكومةويتم ذلك عن طريق القطاع الخاص، ولكن عن طريق المشاركة الفعلية للحكومةويتم ذلك عن طريق المساعدة في تنويع اقتصاديات الإمارات بهدف تهيئة المناخ الملائم للمشاركة الفعلية بواسطة القطاع الخاص.
ولعل السبب في الحاجة إلى المشاركة الفعلية للحكومة، هو أن القطاع الخاص عموما في معظم الدول النامية عادة ما يفضل اختيار مواقع لمشروعات صناعية جديدةأما داخل أو بالقرب من المدن الكبيرةوالسبب المنطقي لذلك هو سعي القطاع الخاص لأراء الربح، أو نتيجة لعدم توافر معلومات كافية عن المزايا النسبية للمناطق البعيدة، التي قد تعتبر من وجهة نظر القطاع الخاص مناطق لا تتوافر فيها إمكانات لنجاح الصناعةومن ثم فليس من المتوقع أن يكون القطاع الخاص متحمسا للاستثمار في مشروعات صناعية خارج مراكز التسويق المعروفة.
واستنادا إلى ذلك فإنه من الضروري العمل على توفير المقومات الخاصة بالتنمية المكانية في الإمارات التي لم تحظ بنصيب وافر مقارنة بغيرها من الإمارات.
ومن أمثلة هذه المقومات ما يلي:
-1 توفير مقومات التنمية الزراعية في الإمارات الشمالية والجنوبية، حيث أن قطاع الزراعة لا يقل أهمية عن قطاع الصناعة، وكلاهما يكمل الآخروبلا شك فإن الاتجاه إلى تدعيم وتعزيز أهمية المحاصيل السوقية ذات العائد الاقتصادي المرتفع سوف تسمح بزيادة الدخول الفردية والقوى الشرائية بالمناطق الريفية، كما سيساعد على قيام الصناعات التي تعتمد على المنتجات الزراعية.
-2  الاهتمام بالميزات الطبيعية النسبية، ومنهاالمناخ والقرب من المسطحات المائية بما يدعم وينشط حركة السياحة الداخلية وذلك بالإضافة إلى الاستفادة من المواقع المتاخمة للبحر الأحمر والخليج العربي، والاهتمام بأنشطة صيد الأسماك، وإدخال صناعات حفظها وتعليبها في المناطق المجاورة.
-3 الاهتمام بتدعيم مشروعات التدريب المهني لتامين الأيدي العاملة المدربة في قطاعات الزراعة والصناعةوبلا شك أن توافر الأيدي العاملة المدربة في قطاعات الزراعة والصناعةوبلا شك أن توافر الأيدي العاملة المدربة سوف يسهم في تقليل مخاطر الاستثمار في مشروعات صناعة بواسطة القطاع الخاص في المناطق التي تبعد عن الأسواق الرئيسة للمملكة.
-4      تأمين مناطق صناعية ذات خدمات متكاملة في المدن الرئيسة بالإمارات الشمالية والجنوبية.
-5      مساعدة المستثمرين في تحديد نوعية الصناعات التي يمكن أن تحقق نجاحا في المناطق الريفية.. هذا بالإضافة إلى تقديم المشاورات الفنية اللازمة خلال مرحلة أعداد الدراسات وبدء تنفيذ تلك الصناعات.

المراجع

1-                M. P. Todaro, Economic Development in the third World, (New York: Long man Group Limited, N. Y. 1977).
2-                Samuel P. S. Ho., “ Decentralized Industrialization and Rural Develop- ment: Evidence From Taiwan” , Economic Development and Cultural Change. 1979 , Vol. 28, PP. 77- 79.
3-                Farouk El Gammal and El– Sayed El– Bushra. “ Geographic Analysis of Manufacturing Industry in Saudi Arabia “, Geo Journal 13. 2 , 1986 , PP. 157– 171.
-4   المملكة العربية السعودية، وزارة التخطيط– خطة التنمية الرابعة، 1405– 1410.
-5 المملكة العربية السعودية، وزارة الصناعة والكهرباء، وكالة الوزارة لشؤون الصناعة، النشرة الإحصائية الصناعية، لعام 1405 هـ- 1985م.


[*] أستاذ اقتصاد مشاركجامعة الملك سعود ومستشار غير متفرغ بمكتب الأمم المتحدة وكالة تخطيط المدن.
[**] خبير هيئة الأمم المتحدةالاقتصاد الإقليمي.
[***] باحث وكالة تخطيط المدن وزارة الشؤون البلدية والقروية.
[1] M. P. TODARO , ECONOMIC DEVELOPMENT IN THE THIRD WORLD, (NEW YORK: LONG MAN GROUP LTD. N. Y. 1977). P. 205.
[2] SAMUEL P. S. HO. DECENTRALIZED INDUSTRIALIZATION AND RURAL DEVELOPMENT: DROM TALWAN , ECONOMIC DEVELOPMENT AND CULTURAL CHANGE. 1979, VOL. 28, PP. 77- 96.
[3] وزارة التخطيط، خطة التنمية الرابعة 1400– 1405 هـ ص 223– 224.
[4] وزارة الصناعة والكهرباء– النشرة الإحصائية– مصر سابق ص 19.
[5] لعدم توافر بيانات عن توزيع الصناعات على المدن الرئيسة في المملكة لعام 1405 هـ لجانا إلى استخدام بيانات عام 1404هـ (1984م).
[6] خطة التنمية الرابعة ص 232.
[7] تجدر الإشارة هنا إلى انه في بعض الحالات عندما تكون قاعدة العمالة بإمارة معينة صغيرةقد يجعل نسبة العمالة في صناعة ما لإجمالي العمالة الصناعية بهذه الإمارة أعلى من المعدل العام على المستوى الوطني، ومن ثم نحصل على قيمة عالية لمعامل التوطن، كما نلاحظ بالنسبة لصناعة منتجات الورق في الباحة وصناعة المنسوجات في جيزان تتألف والمنتجات في نجران وحائل والمنتجات المعدنية في نجران.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا