التسميات

الجمعة، 21 أبريل 2017

عصر المعدن - المحاضرة الحادية عشر ...

المحاضرة الحادية عشر 

        ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
              عصر المعدن

عصر المعدن  

                    ـــــــــــــــــــــــــــــــ 
أولاً:  -  تمهيد 
       - أهمية عصر المعدن 
       - الخصائص العامة لعصر المعدن        177  
         
ثانياً: أهم المراكز الحضارية في عصر المعدن: 
1- المراكز الحضارية في سوريا وفلسطين                  
2- المراكز الحضارية في الأناضول

تمهيـد                               177    

       عصر المعدن مفهوم شامل، فهو أكثر من عصر شأنه شأن العصر الحجري القديم، إذ يبدأ بعصر النحاس الذي عرفته حضارات المنطقة العربية منذ 4000 ق. م، فقد عرفته حضارة البداري في مصر منذ 4500 ق.م، أو 5000 ق.م، كما عرفته حضارة تل حلف في العراق في نفس تاريخ معرفة البداري له على وجه التقريب، 
     ويميل البعض إلى اعتبار حضارة البداري والفيوم في مصر، وتل حلف في العراق، وحضارات أخرى عاشت في أواخر العصر الحجري الحديث، تمثل عصرا قائما بذاته يمثل فترة انتقالية بين استخدام الحجر واستخدام النحاس يعرف بالعصر الحجري – النحاسي أو بالفترة الخالكوليثية.

وقد تلا عصر النحاس، عصر البرونز وكان البرونز أول سبيكة صنعها الإنسان، وتتكون من 90%  نحاس و10% قصدير.   

      وقد عرف النحاس في مصرحوالي 3500 ق.م في الفترة المعروفة بما قبل الأسرات، وفي العراث حوالي 3100 ق.م.، وبعدها في مناطق الساحل الشرقي للبحر المتوسط. 
     ويأتي يعد ذلك عصر الحديد، الذي جاء متأخرا بالنسبة للنحاس والبرونز رغم انه أسهل منهما في المعالجة، ولا يحتاج إلى درجات حرارة عالية في الصهر مثل النحاس.

أهمية عصر المعدن  

أ- يعد عصر المعدن بفتراته الثلاث نقطة تحول في تاريخ البشرية، بكل ما تشتمله من جوانب مادية واقتصادية واجتماعية وثقافية وفينة 
ب- يمثل هذا العصر الثورة الإنتاجية الثانية بعد الثورة الإنتاجية لأولى التي حدثت في العصر الحجري الحديث. 
ج- كما يمثل مرحلة المدنية Civilization. 
    الخصائص العامة لعصر المعدن: 
      تميز عصر المعدن بخصائص أو ملامح عامة، تميزه عن العصور الحجرية الحديثة، ومنها الخروج عن دائرة الاكتفاء الذاتي والتجارة في فائض الإنتاج، وهذا الفائض سمح بقيام طبقات متخصصة في الصناعة، ثم نشأت التجارة والتي اقترن بها تقدم وسائل النقل وأخيرا قيام المدن.


1- الخروج عن دائرة  الاكتفاء الذاتي: 
  اكتفى إنسان العصر الحجري القديم بتوفير الغذاء لنفسه سواء عن طريق الجمع أو القنص أو الصيد.وفى العصر الحجري الحديث ظهر نوع من الاكتفاء على مستوى الأسرة، وعلى مستوى مجموعة من الأسر التي تعيش متجاورة في محلة عمرانية، ثم بين مجموعة  
القرى المتجاورة.  
    وفى عصر المعدن، تطورت أساليب الزراعة وأدواتها، فزاد الإنتاج، وأصبح هناك فائض للطعام، وبالتالي أمكن تبادل هذا الفائض، ومن أهم الأدوات التي شهدت تطوراً المنجل والمحراث، وكان المنجل من الأدوات التي وفرت جهد الفلاح، وصنعت من النحاس والبرونز بعد أن كانت تصنع من الصوان أو الطين المحروق، ويعد المحراث التي تجره الثيران من الأدوات الزراعية التي تطور عن الفأس، فبعد أن كان سلاحه حجريا أو خشبيا، صار معدنيا، وقد أدى ذلك إلى توسعة الرقعة الزراعية وزيادة الإنتاج.                      

   وتشير  الأدلة الأثرية إلى استخدام  المحراث من جانب أصحاب حضارة  الوركاء في جنوب العراق، وعرف  في مصر منذ 2700 ق.م، وفى قبرص  من 2300-1900 ق.م ولا يعرف متى بدا  استخدامه عند السومريين.     

    وإذا كان العصر الحجري الحديث، قد شهد زراعة معظم المحاصيل، فإن الجديد في عصر المعدن هو انتقال المحاصيل من مواطنها الأولى إلى مناطق أخرى، وربما وجدت بعض المحاصيل ظروفاً أفضل فزاد إنتاجها، ومن الأمثلة على انتقال المحاصيل في عصر المعدن، أن حلت في مصر وجنوب غربي أسيا أنواع من القمح محل الأنواع التي عرفت في العصر الحجري الحديث، ودخل القمح إلى الصين، وكان قد سبقه الأرز والشعير.
وفي العصور التاريخية المبكرة زرع الزيتون في فلسطين حوالي 3000ق.م،وعرفته سوريا حوالي 1500ق.م ثم انتشرت زراعته في باقي مناطق حوض البحر المتوسط.     ص 180  

    ولم يتوقف التطور الزراعي بل امتد ليشمل الإنتاج الحيواني، فمع استخدام الثور في جر المحراث ازدادت أهمية إناث البقر كمصدر للبن وعرف أهل سومر الضأن ولبسوا فراءه، وظلت الماعز لفترة طويلة في مصر إلى أن عرفت الأغنام في عصر ما قبل الأسرات، إضافة إلى استخدام حيوانات الحمل والجر كالجمال والحمير والبغال.



2- ظهور طبقة متخصصة  في الصناعة 

   تطلب تصنيع المعادن وجود فائض للطعام لدى القائمين بالزراعة، هذا الفائض كان يجد طريقه لسد احتياجات طبقة من الصناع تتوافر لديهم الخبرات والمهارات في التعدين وصهر المعادن أو تشكيلها. 
ومن هنا يلاحظ انه قد تتوافر المعادن في مناطق معينة غير أن استغلالها يأتي متأخرا لعدم وجود إنتاج زراعي يسمح بإعالة الصُناع ، فالإنتاج يسمح بإعالة طبقة المتخصصين والصناع. 
  ومن الخصائص التي ميزت الطبقة المتخصصة في الصناعة في عصر المعدن قدرتها على الحركة والانتقال مع الغزو الحضاري ونقل انجازات الإنسان إلى منطقة أخرى لم تعرف هذه الانجازات.

3- نشأة التجارة:                                          181 

    امتد تأثير تطور وسائل الإنتاج المرتبطة باستخدام المعادن إلى توفر الغذاء ووجود فائض منه، كما أن من أهم سمات حرفة التعدين التوزيع غير العادل للمعادن لاختلاف الظروف الجيولوجية بين مناطق العالم، كل ذلك أدى إلى نشأة التجارة واتساع مجالها بتقدم الزمن والتوسع في استخدام المعادن، فالعصر الحجري الحديث تميز كما اشرنا من قبل بالعزلة، التي بدأت تقل شيئا فشيئا مع نهاية ذلك العصر وبداية عصر المعدن، فقامت تجارة مواد الترف والتي أكدها وجود قواقع جلبت من البحريين الأحمر والمتوسط في مقابر تنسب إلى العصر الحجري الحديث في مصر.
4- تقدم وسائل المواصلات: 

    عندما اتسع نطاق استعمال المعادن، وزادت كميات الفائض من الطعام التي تدخل في التجارة كان لابد من توفير وسيلة نقل سهلة تربط مناطق إنتاج المعادن بمناطق تصنيعها، وبسبب نقص الخبرة الجيولوجية آنذاك كانت مناطق المعادن محدودة، فالنحاس بوجد في إسبانيا والقوقاز، بينما يوجد القصدير في بوهيميا وإنجلترا وإسبانيا، وفى نفس الوقت كانت معظم مراكز الحضارة الرئيسة في الشرق الأوسط تفتقد هذين المعدنيين. 
    وكان اختراع العجلة نقطة تحول في التجارة، وتشير الأدلة إلى أنها عرفت في سوريا حوالي 3500 ق.م، وارتبط بها استخدام العربات التي تأكد معرفتها في عيلام في إيران والعراق وسوريا حوالي 3000 ق.م، وتأخر معرفة العربات والعجلات في كريت واسيا الصغرى، وعرفت في مصر عند دخول الهكسوس حوالي 1730 ق.م كما عرفت في الهند حوالي الألف الثانية قبل الميلاد.

وارتبط باستخدام العجلات والعربات، تربية حيوانات الحمل والجر مثل الحمير والخيول التي لم يتأكد استخدامها في الركوب إلا قبل 1000 ق.م في الهند ومصر. وقد احدث الحصان انقلابا كبيرا في النقل وفنون القتال فهو أداة سريعة، وكان دخوله إيذانا بقدوم شعوب جديد ة من وسط أسيا موطن الحصان الأصلي إلى مناطق أخرى واقعة في غرب أسيا. 

5- قيام المدن: 
   اكتملت بها منظومة خصائص عصر المعدن، ففائض الطعام سمح بظهور طبقتين متخصصتين في الصناعة والتجارة مع تقدم وسائل النقل، وكلها عوامل تسهم في قيام المدن، ويبدو أن المراكز الحضارية قد ظهرت في منطقة الشرق الأدنى خلال القرن الخامس قبل الميلاد، وفيها تجمع الكهنة والتجار والصناع الذين قدّموا خدماتهم لمجتمعات اكبر لديها فائض في الطعام يقدم إليهم في مقابل خدماتهم (تبادل خدمات).

ومن الخصائص المشتركة للمراكز الحضرية القديمة، أنها كانت اكبر حجما وأكثر اتساعا وأعلى كثافة من معظم المحلات العمرانية التي سبقتها، وربما وصل عددها إلى 20 ألف نسمة كما في المدن السومرية ومدن حوض السند. 

أهم ميزات المدن في عصر المعدن: 
أ-  وجود فائض في السلع، كان يجمع من المنتجين ليكون رأس مال فعال للمدينة. 
ب- كان معظم السكان مزارعين، الإضافة إلى وجود طبقات كبيرة من المتخصصين. 
ج- أضف إلى ذلك فقد لجأ كل مركز حضاري ببناء نصب تذكاري أو مبنى عام للتعبير عن ذاته، مثل الأهرامات في مصر، والقلاع 
     في المدن السومرية ومدن السند.

ثانياً: أهم المراكز الحضارية في بداية عصر المعدن: 

   تركزت الحضارات في بداية عصر المعدن في مصر  والعراق وشمال سوريا وفلسطين والأناضول وجزيرة كريت، وسنحاول هنا إلقاء الضوء على المراكز الحضارية في سوريا وفلسطين والمراكز الحضارية في الأناضول. 
         1- المراكز الحضارية في سوريا وفلسطين                 
 2- المراكز الحضارية في الأناضول 
1- المراكز الحضارية في سوريا وفلسطين           ص183 
   في شمال سوريا عاش الحوريون إلى غرب أكاد، وامتد وطنهم من الفرات الأوسط في الشرق إلى سواحل البحر المتوسط في الغرب. واغلب الظن أن موطنهم الأصلي كان في إقليم أرمينيا إلى جانب جيرانهم الحيثيين. 
    وقد فرضت جغرافية شمال سوريا أبعادا مختلفة في حضارات عصر المعدن، فهذه المناطق تجمع بين الأودية النهرية ممثلة في الفرات ووادي الخابور، ومنطقة هضاب في الشمال وأخرى سهلية ممثلة في سهل العمق، ومرتفعات ممثلة في جبال أمانوس، هذا التنوع ارتبط به تنوعا في توزيع السكان والمراكز العمرانية، التي تجمعت عند توافر الماء.


    وبسبب موقع وطن الحوريين، فقد تأثروا بالحضارة السومرية شرقا، ونقلوا حضارتهم إلى الحيثيين في الغرب، كما تعلموا فنون الكتابة من السومريين. 
     أما عن باقي الأراضي السورية والفلسطينية، ففي نهاية عصر النحاس وفدت إليها جماعات الفينيقيين وموطنهم الأصلي بابل أو سواحل الخليج العربي، ويطلق عليهم أيضا اسم الكنعانيين، وكانوا شعبا تجاريا ولهذا أنشأوا مستعمرات ومستوطنات بلغ عددها 50 مستوطنة في حوض البحر المتوسط أشهرها : صور، قبرص، رودس، صقلية، سردينيا وقرطاجنة بتونس وكانت أشهرها.  
     وقد لجا الفينيقيون إلى البحر مدعومين بمجموعة عوامل من أهمها: وجود البحر المتوسط، والكتل الجبلية في الشرق وهى تعوق اتصالهم بمن جاورهم، ووجود خشب الأرز الذي صنعوا منه سفنهم، ونضيف إلى ذلك موقع بلادهم حيث أحاطت بهم دول قوية مثل الحثيين في الشمال، والفلسطينيون من الجنوب، والآراميون من الشرق. 
    وقد استعان الفينيقيون بالنجوم في أسفارهم، وخاصة النجم القطبي.

2- المراكز الحضارية  في الأناضول               ص185 

   ترجع أهمية إقليم الأناضول إلى انه شهد أول مظاهر الاستقرار للإنسان، وأنه المكان الذي عُرف فيه النحاس، ومنذ الفترة التي اكتَشف فيها الإنسان هذا المعدن، اخذ يتاجر في منتجاته مع جيرانه الجنوبيين، ومن هنا ظهرت في أسيا الصغرى حضارة أساسها الصناعة والتجارة، بدلا من الزراعة. 
   ومن أهم حضارات عصر المعدن في منطقة الأناضول حضارة الحثيين (Hittites) في الوسط، ومملكة أوراتو في الشرق، وحضارة أرزاوا في الغرب. 
  وقد حافظ أهل الأناضول على تقاليد اقتصاد الزراعة، وفى نفس الوقت استوعبوا حياة عصر المعدن، وكان تأثرهم بجيرانهم واضحا خاصة من جانب سكان سومر الذي تمثل في معرفة الكتابة وعجلة الفخار.

أسس الحثيون إمبراطوريتهم في عصر البرونز المبكر ( 3000 – 2000 ق.م)، وعاش الحثيون حياة غنية، تكشف عنها تلك الأسوار الضخمة التي أحاطت بعاصمتهم ( قادش القديمة) والقلاع، كما كثر استخدامهم للمعادن، وقد استخدموا النحاس والفضة وبعض الأحجار شبه الكريمة. 

   وفى عصر البرونز الأوسط (1950 – 1700 ق.م) بدأ الاتصال الحضاري للحيثيين بالأشوريين الذين قاموا بالتجارة، واتخذوا من ضواحي قادش مركزاً لتجارتهم، ونقلوا منتجات الأناضول من النحاس مقابل المنسوجات.
    وقد  تأثر اختيار موقع مدن الأناضول  بالظروف الجغرافية للإقليم، فقامت  كل مدينة كمركز دفاعي وسط  منطقة جبلية، كما كان لاستخدام  المعادن أثره في نمو المدن  في منطقة تتميز بغناها بالمعادن،  وكانت تجارة المعادن رائجة،  وقد تطلب ذلك بطبيعة الحال  قيام سلطة مركزية تنظم المصالح  التجارية وتدعمها قوة حربية  ، فقامت المدن بهذه الحركة  كمقار للحكومات المنظمة. 

    وكانت قادش Kadesh أهم مدن الأناضول باعتبارها عاصمة لدولة قوية، كما قامت طروادة على طريق الدردنيل البحري، الذي عن طريقه احضر التجار الصوف من جنوب روسيا والنحاس من الشواطئ الجنوبية للبحر الأسود. 
    خلاصة القول، أن النمو الحضري كان علامة بارزة في الأناضول في القرن الأول من الألف الثاني قبل الميلاد، ورغم قلة الكثافة السكانية فيها، فقد تعدد المدن في هذا الإقليم. 


 ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام


   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا