التسميات

الأربعاء، 16 أغسطس 2017

محاضرة 6: نظريات التركيب الداخلي للمدن

محاضرة 6: نظريات التركيب الداخلي للمدن
   يعبر مفهوم التركيب الداخلي للمدن The internal structure of cities عن استعمالات الأرض Land use التي تشغل الحيز الحضري للمدينة كالاستعمالات السكنية والتجارية والصناعية والإدارية والدينية والترفيهية والنقل .ويعبر عن هذه الاستعمالات بالوظائف التي تؤديها المدينة ،كان يعبر عن الاستعمال السكني بالوظيفة السكنية وهكذا .

ولا توجد مدينة تنفرد باستعمال واحد معين ،فمدن التعدين التي أقيمت على أساس وجود المعدن -على سبيل المثال لا الحصرفإنها ملزمة على أن تقيم للعاملين في هذا النشاط دورا سكنية تؤويهم ومدارس لأطفالهم ومستشفيات تعالجهم وطرق نقل لتنقلهم وهكذا لتصبح مدينة متكاملة الاستعمالات .
  تجدر الإشارة إلى أن استعمالات ارض المدينة ليست ثابتة المساحات والوظائف ،بل أنها متغيرة باستمرار نتيجة التفاعل والتنافس في ما بينها .فيتوسع بعضها ويتقلص البعض الآخر فاسحاً المجال لوظائف أخرى وهكذا .أي إن هذه الاستعمالات تتسم بالتمرد دائما على المكان الذي تشغله ،وبالتالي فمن الصعوبة بمكان السيطرة عليها وتوجيهها ،لذلك انبرى المهتمين بدراسات المدن من جغرافيين وعلماء اجتماع واقتصاديين للبحث في إيجاد قوانين ونظريات في محاولة لتنظيم سلوكها وتفسير توزيعها المكاني .
ولابد من الإشارة هنا  إلى أن هذه النظريات ليست بالضرورة أن تكون نهاية المطاف لتفسير استعمالات الأرض في المدينة ، فهي ليست إلا محاولات قد تصدق في مدينة ما وقد لا تنطبق على غيرها،خاصة أن لكل مدينة شخصيتها في المكان الذي توجد فيه .
ومن أهم النظريات التي فسرت النمو الحضري والتغير الوظيفي داخل المدن هي :

أولانظرية الدوائر المتراكزة   Concentric Zone Theory
   جاء بهذه النظرية الباحث الاجتماعي الأمريكي ارنست برجس Ernest W.Burgessعام 1925 في دراسته لمدينة شيكاغو الأمريكية (13).ومضمون هذه النظرية ينص على إن المدن تنمو وتتسع على شكل حلقات أو دوائر متداخلة ذات المركز الواحد Concentric Zone، لذلك يطلق عليها أيضا بنظرية النمو الحلقي The Concentric Theory  أي أن توسع المدينة يبدأ نحو الإطراف على شكل دوائر عازيا ذلك إلى الضغط الذي تولده استعمالات الأرض في مركز المدينة مما يدفع ببعضها للنزوع نحو أطرافها .
وميز خمس مناطق دائرية الشكل تحيط الواحدة بالأخرى (الشكل 3)وهي كالآتي :
1- المنطقة التجارية المركزية   Central Business District(C.B.D.)
  تمثل هذه المنطقة قلب المدينة التجاري وتنتهي إليها شوارع المدينة الرئيسة ،وتتركز فيها مختلف الأنشطة التجارية والخدمية كالمحلات التجارية والمؤسسات المالية ومخازن تجارة المفرد ودور السينما والمسارح والفنادق وعيادات الأطباء ومكاتب المحامين .ومن مميزاتها الرئيسة هو ارتفاع سعر الأرض مما يدفع نحو التوسع العمودي لاستغلال امثل للأرض ،وتعد هذه المنطقة من أقدم مناطق المدينة ويطلق عليها بالنواة .
2- المنطقة الانتقالية  Zone of Transition
وهي التي تحيط بنواة المدينة وتجمع بين خصائص المنطقة الأولى والثالثة ، وبسبب قربها من المنطقة الأولى فإنها أصبحت عرضة للغزو من الاستعمال التجاري والصناعات الخفيفة الناتج عن عملية النمو والتطور للمنطقة الأولى .
وتتميز هذه المنطقة بالخصائص الآتية أنها متدهورة عمرانيا (قدم دورها السكنية ومتدهورة اجتماعيا (يسكنها الطبقات الفقيرة ،وان سعر الأرض فيها لازال مرتفعا وتحتوي على العمارات العالية التي تشغلها دوائر حكومية ومؤسسات تجارية واجتماعية .


3-المنطقة الخاصة بالطبقة العاملة
يفضل العمال والموظفون من ذوي الدخل المحدود السكن في هذه المنطقة ليكونوا قريبين من مواقع أعمالهم ،وبذلك يوفرون أجور النقل والوقت .

4- منطقة الدور الجيدة والمتوسطة النوعية    Zone of Bette Residences
يسكن هذه المنطقة خليط من السكان بين الطبقات المتوسطة مثل أصحاب الإعمال التجارية الصغيرة والمهنيون والأغنياء .ودور هذه المنطقة أكثر سعة وتحتوي على حدائق وساحات للعب الأطفال وحدائق عامة ،وتوجد في هذه المنطقة بعض المراكز التجارية المحلية ذات الاستهلاك اليومي .

5- منطقة الذهاب والإياب (الضواحي )  Commuters Zone
يسكن هذه المنطقة الذين يفدون إلى المدينة في رحلة يومية، ويختلف السكان في مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية فمنهم من ذوي الدخول العالية إلى جانب فئات ذات دخول واطئة ،وتتكون هذه المنطقة من عدة نويات مبعثرة تمتد أساسا على امتداد خطوط المواصلات الطولية التي تخترق المدينة.
وبالرغم من إن عمر هذه النظرية قارب 83 عاما وان الكثير من التطورات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية قد تغيرت في المدن الحديثة ،إلا إن هذه النظرية تبقى أهميتها قائمة كأساس نظري ممكن أن تبنى على أساسه أفكار ومفاهيم جديدة تخدم نمو وتطور المدن ،خاصة وان الكثير مما جاءت به يصح على الكثير من المدن من حيث تتابع القطاعات الدائرية وانتظامها (14) .إلا أن هذه النظرية لم تخل من نقاط الضعف نذكر منها :
على الرغم من أن مدينة شيكاغو تمتد فوق سهل فسيح في نطاقات شبه دائرية  إلا أن هذه النظرية لا تنطبق عليها بصرامة وذلك لاعتراض بحيرة مشيكن لها مما أدى إلى أن تظهر الدوائر غير متكاملة.
ليس من الضروري أن تتوسع المدن من جميع إطرافها بنفس معدل النمو،فقد تعترض التوسع عوارض طبيعية كالبحار والبحيرات والجبال .
بنى برجس فرضياته على مدينة واحدة هي شيكاغو رغم إن لكل مدينة خصائصها الطبيعية والاجتماعية والوظيفية ،وبالتالي لا يمكن تطبيق مفاهيم خاصة بمدينة على جميع المدن الأخرى .
لم يأخذ برجس في حسبانه التطورات التي ممكن أن تحصل في مستقبل المدن من حيث طرق النقل والمواصلات وزيادة عدد السكان وارتفاع سرعة الحركة والتغيرات لوظائف المدينة وحيزها المكاني .
لا يمكن بأي حال إطلاق صفة الهندسية أو المنتظمة لاستعمالات الأرض داخل المدينة ،فحتى المنطقة المركزية ممكن أن يكون شكلها مثلثا أو مستطيلا ،فضلا عن تداخل نوعيات الدور بعضها مع البعض الآخر ،وهذا ما لم يتنبه إليه برجس .




الجامعة المستنصرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا