محاضرة 7:– نظرية القطاعات Sectors theory
اقترح هذه النظرية هومر هويت Homer Hoyt(15)،مستندا إلى فكرة طرحها هارد Hard في سنة 1903، في أن المدن تنمو بطريقتين :الأولى تدعى "بالنمو المحوري "أي إن المدن تتوسع من المركز نحو الخارج على طول خطوط المواصلات الرئيسة .أما الطريقة الثانية فقد أطلق عليها ب"النمو المركزي " وهي أن المدن تتوسع حول مركزها أو حول المنطقة التجارية أو المراكز التجارية الثانوية .وفي حال توسع المدينة بهاتين الطريقتين فإنها ستتخذ الشكل النجمي أو الشعاعي Radial (الشكل 4).
مضمون نظرية Homer Hoyt التي نشرها سنة 1939 ترتكز على حقيقتين هما :"سعر الأرض Land price "و "قيمة الإيجار Value rent " للمناطق السكنية في 64 مدينة أمريكية صغيرة ومتوسطة الحجم التي درسها ،فضلا عن انه جمع معلومات أساسية عن خمسة مدن كبرى هي :نيويورك New York ، واشنطن Washington ،شيكاغو Chicago ،دترويت Detroit وفيلادلفياPhiladelphia.وعلى أساس ذلك توصل هويت إلى تعميمات مفيدة عن المناطق السكنية في هذه المدن واتخذها أساسا لنظريته ومن هذه التعميمات هي :
إن الدور houses ذات الإثمان العالية أو الإيجارات المرتفعة تتركز في قطاعات خاصة ،فهنالك تدرج في إثمان وإيجارات الدور والأراضي يبدأ بالتناقص كلما ابتعدنا عن مركز المدينة ذي الإيجار العالي إلى مختلف الاتجاهات .
أما الدور houses التي تأتي بالدرجة الثانية فتنتشر على حواف المنطقة الأولى ذات الأسعار العالية ،أو تنتشر على جهة واحدة منها .
تنتشر الدور houses ذات المستوى المنخفض (النوعية الواطئة )من مركز المدينة وتستمر إلى القطاعات الخارجية شاغلة قطاعا أو أكثر .
تتكتل الطبقات الاجتماعية للسكان في أي مدينة كل منها على انفراد مكونة قطاعات ذات صفة خاصة بها من حيث الرقي أو الانخفاض في مستوى الإيجار وتبقى كل طبقة محافظة على مستواها حتى بعد توسع المدينة .
واستنتج هويت إلى أن المناطق السكنية الراقية أو العالية الإيجار تتجه أو تتبع طرق المواصلات الرئيسة والسريعة ،وتشغل واجهات المناطق المائية والأراضي المرتفعة لاتقاء أخطار الفيضانات ونحو الأراضي المكشوفة والمناطق التجارية والمالية في المدينة.
تجدر الإشارة إلى أن هذه النظرية لم تغفل تأثير المواصلات السريعة في تشكيل بنية المدينة وخاصة المناطق السكنية ،ومع ذلك فإنها تعرضت إلى انتقادات عديدة نذكر منها :
1- ركزت النظرية بشكل رئيس على الاستعمال السكني في ما أهملت استعمالات الأرض الأخرى بشكل شبه كامل .
2- من النادر جدا أن نجد تمايزا واضحا ومنفردا لاستعمالات الأرض السكنية أو لغيرها من الاستعمالات الأخرى ، بل إن التداخل بين نوعية الدور السكنية من جهة وتداخلها مع الاستعمالات الأخرى في القطاع الواحد نفسه من جهة ثانية هو السائد في المدن .
3- بالرغم من أن النظرية أشارت إلى امتداد القطاعات على طول الطرق السريعة لكنه لم يشر إلى دور هذه الطرق في ظهور الضواحي الحضرية .
4- لم تشر النظرية إلى الكيفية التي تتكون بواسطتها القطاعات ،وإنها تبسيط أكثر من المفروض للتركيب الاجتماعي للمناطق السكنية .
ثالثا – نظرية النوى المتعددة
تعود فكرة هذه النظرية إلى مكنزي D.D.Mckenize إذ رأى بان المدن الكبرى غالبا ما تتكون من عدد من النوى أو المراكز الثانوية فضلا عن مركزها الرئيس ممثلا بالمنطقة التجارية المركزية.لكن الباحثان جانسي هرس C.D.Harris وأدور المن E.L.Ullman هما اللذان وسعا من مفهوم النظرية وتطبيقها وذلك في عام 1945 .وأشار الباحثان إلى إن هذه النوى تنشا بإحدى الطريقتين الآتيتين:
1- وجود مراكز استيطان منفصلة بمركز تجاري منفصل أو مركز لفعالية أخرى ثم ما برحت أن امتلأت الفراغات التي تفصل بين هذه المراكز ،إلى أن اتصلت جميعها مكونة منطقة مدنية واحدة ذات بؤر متعددة .
2- نشوء مراكز جديدة في الضواحي ، وهذه المراكز تتميز ببؤر مستقلة إلى حد ما ،ومن مجموع هذه المراكز المختلفة يتكون الحيز الحضري الكبير.
وتوصل هؤلاء إلى إن هذه النوى تختلف في وظائفها داخل المدينة الواحدة أو بين مدينة وأخرى ،فبعضها يختص ببيع المفرد ،أما منطقة البيع بالجملة فتمتد عادة على طول سكك الحديد بالقرب من المنطقة التجارية ،إما البنايات الحكومية أو العامة فإنها غالبا ما تتجمع بالقرب من منطقة مخازن بيع المفرد التجارية .وتحتاج الصناعات الخفيفة إلى نفس متطلبات موقع مؤسسات الجملة كالمكان الواسع وسهولة المواصلات والقرب من السوق والأيدي العاملة في المدينة .
وأشارت النظرية إلى أن بعض النوى أو المراكز تظهر في الأدوار الأولى من نشأة المدن،فمثلا وجدت لندن الكبرى على أساس نواتين هما :مدينة لندن ووسنمستر London and Osnmstr ،الأولى كمركز( سياسي –إداري) والثانية كمركز( تجاري –مالي) .
إما مدينة بغداد فنشأت من نواة واحدة في جانب الكرخ قبل أن تقفز إلى الجانب الشرقي من دجلة مكونة نواتها الثانية في جانب الرصافة بعد إن دعت الضرورة إلى قيامها .
أما العوامل التي تؤدي إلى ظهور النوى في المدن هي :
حاجة بعض الاستعمالات إلى ارض واسعة كالاستعمال الصناعي وهو بهذا ينزع نحو إطراف المدينة ،وما أن يتكامل هيكله ويستقطب قواه العاملة ليكون نواة جديدة عند احد إطراف المدينة لتلتصق فيما بعد مع النوى الأخرى .
تميل بعض النشاطات إلى التقارب مع بعضها بسبب المنفعة المتبادلة بينها مثل ميل مخازن بيع المفرد التجارية إلى التكتل في منطقة واحدة لاستفادة بعضها من زبائن البعض الآخر .
تختار استعمالات الأرض ذات القدرة الضعيفة على دفع الإيجار العالي في مركز المدينة لتختار أرضا لها عند أطراف المدينة لتظهر على شكل نوى جديدة .
إن التنافر وعدم الانسجام بين بعض النشاطات مثل عدم الانسجام بين الصناعات الملوثة للبيئة ودور السكنى ،إن هذا التنافر يؤدي إلى تكتل الصناعات والمناطق السكنية في مراكز ونوى معينة .
ظهر من استعراض هذه النظريات ،إن نظرية الدوائر المتراكزة لErnest. Burgess تعطي فكرة عن بنية المدن الكبيرة ،بينما تختص نظرية القطاعات بتركيب المنطقة السكنية العامة للمدن من مختلف الأحجام .أما نظرية النوى المتعددة فإنها تجمع بين بعض خصائص النظريتين السابقتين ،كما أنها ابسط منهما ،وأخذت بنظر الاعتبار تأثير التطورات الفنية الحالية في تركيب المدن الحديثة.فمثلا نجد أن السيارات ووسائط النقل الحديثة أحدثت تغيرات كبيرة في تركيب المناطق الحضرية وقللت من درجة واقعية نظرية برجس وهويت إلى حد كبير .
وعندما حاول الدكتور حسن الخياط إمكانية تطبيق هذه النظريات على مدينة بغداد وجد أن نظرية النوى المتعددة هي أكثر النظريات تكاد أن تنطبق على بنية مدينة بغداد من النظريتين السابقتين ،فبغداد تضم اليوم عدة نوى بغداد القديمة في الكرخ(النواة الأولى) ثم الرصافة ثم الكاظمية والكرادة والاعظمية ،كما أن شكل المنطقة ليس دائريا بل مستطيلا (16).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق